عرض مشاركة واحدة

قديم 03-07-09, 07:26 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 





الأسرى :
استشار الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة في أمر الأسرى. فأشار أبوبكر بأخذ الفدية منهم بحجة أن في ذلك قوة للمسلمين على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم للإسلام. ورأى عمر قتلهم ، لأنهم أئمة الكفر. ومال الرسول صلى الله عليه وسلم لرأي أبي بكر. فنزل القرآن موافقا لرأي عمر ، وهو قوله تعالى : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ، تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة ، والله عزيز حكيم ، لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} إلى قوله تعالى : {فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا}.

وكان أخذ الفداء حلالا في أول الإسلام، ثم جعل فيما بعد الخيار للإمام بين القتل أو الفداء أو المنّ ما عدا الأطفال والنساء ، إذ لا يجوز قتلهم ، ما داموا غير محاربين. قال تعالى : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها}.

وقد تباين فداء الأسرى. فمن كان ذا مال أخذ فداؤه أربعة آلاف درهم. وممن أخذ منه أربعة آلاف درهم أبو وداعة. وأخذوا من العباس مائة أوقية. ومن عقيل بن أبي طالب ثمانين أوقية ، ودفعها عنه العباس ، وأخذوا من آخرين أربعين أوقية فقط.
وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم سراح عمرو بن أبي سفيان مقابل أن يطلقوا سراح سعد بن النعمان بن أكال ، الذي أسره أبو سفيان وهو يعتمر.

ومن لم يكن لديهم مقدرة على الفداء ، وكانوا يعرفون الكتابة ، جعل فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة. فقد روى أحمد عن ابن عباس ، قال : { كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة ، فجاء غلام يوما يبكي إلى أبيه ، فقال : ما شأنك ؟ قال: ضربني معلمي ، قال : الخبيث ! يطلب بذحل بدر ! – أي بالثأر والعداوة - والله لا تأتيه أبدا} .

وكانوا يقبلون من بعض الأسارى ما عندهم إذا تعذر المفروض ، فقد أرسلت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلادة لها لتفدي زوجها أبا العاص بن الربيع ، فردوها لها ، وأطلقوا لها أسيرها لمكانتها عند والدها محمد صلى الله عليه وسلم ، وبهذا كان ابن الربيع ممن أطلق بدون فداء ، وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم من لم يقدر على الفداء بأي شكل من الأشكال ، منهم : المطلب بن حنطب المخزومي وصيفي بن أبي رفاعة وأبو عزة الشاعر.
ومما يدل على أنه كان بالإمكان إطلاق سراحهم جميعا بدون فداء ، قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
{ لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له}. وذلك لما قام به من حماية للرسول صلى الله عليه وسلم عندما عاد من هجرته إلى الطائف ، ودوره في تمزيق صحيفة المقاطعة.


وعندما استأذن رجال من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم في ترك فداء العباس قال : { والله لا تذرون منه درهما } وذلك على الرغم من أن العباس ذكر أنه كان مسلما وأنه خرج مستكرها.
وفي طريق العودة إلى المدينة ، قتل النضر بن الحارث بمنطقة الصفراء – قتله علي – وقتل عقبة بن أبي معيط بمنطقة عرق الظبية – قتله عاصم بن ثابت ، ويقال : قتله علي. وذلك لعدواتهما الشديدة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وتلك نهاية الجبروت والشجاعة الزائفة. فقد رأينا عقبة ، لصيق قريش ، واليهودي الأصل ، يعود إلى حقيقته عندما قال للرسول صلى الله عليه وسلم مسترحما : { من للصبية يا رسول الله ؟ فأجابه : النار} .

أما بقية الأسرى فقد استوصى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم خيراً ، فقد حكى أبو عزيز – شقيق مصعب بن عمير – وهو بين رهط من آسريه الأنصار – أن آسريه كانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوه بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأسرى ، حتى ما تقع في يد أحد هم خبزة إلا ناوله إياها ، فيستحي فيردها على أحدهم ، فيردها عليه ما يمسها.

وأسلم كثير من هؤلاء الأسرى على فترات مختلفة قبل فتح مكة وبعدها ، منهم : العباس ، عقيل بن أبي طالب ، نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، خالد بن هشام ، عبد الله بن السائب ، المطلب بن حنطب بن الحارث ، أو وداعة الحارث بن صبيرة ، الحجاج بن الحارث بن قيس ، عبد الله بن أبي خلف ، وهب بن عمير ، سهيل بن عمرو ، عبد بن زمعة ، قيس بين السائب ، نسطاس مولى أمية بن خلف ...

كانت موقعة بدر ذات أثر كبير في إعلاء شأن الإسلام ، ولذا سميت في القرآن بيوم الفرقان. وأوضحت الأحاديث فضل البدريين وعلو مقامهم في الجنة. فقد عقد البخاري بابا في فضل من شهدها. وفيه قصة حارثة بن سراقة الذي أصابه سهم طائش يوم بدر ، وهو غلام ، وجاءت أمه تسأل عن مصيره يوم القيامة ، فبشرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأن له جنانا كثيرة وأنه في جنة الفردوس.

وفيه قصة حاطب بن أبي بلتعة الذي أرسل إلى قريش يخبرهم بنية الرسول صلى الله عليه وسلم فتح مكة ، فكشفه الوحي ، وعفا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال لعمر حين طالب بقتله : { لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة ، أو فقد غفرت لكم}. ولما قال عبد من عبيد حاطب : { يا رسول الله ، ليدخلن حاطب النار} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كذبت ، ولا يدخلها ، فإنه شهيد بدرا والحديبية }.
وكان لبدر الأثر العميق في المدينة وبقية حواضر وبوادي الجزيرة العربية ، وكان لبدر الأثر العميق في المدينة على اليهود وبقايا المشركين. فانخذل اليهود ، وجاهروا بالعداوة مما كان سببا في إجلاء بني قينقاع عن المدينة.

وأسلم من زالت الغشاوة عن عينيه ، ونافق من أضله الله حفاظا على مصالحة الخاصة ، وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول ، الذي قال حينذاك : { هذا أمر قد توجه – أي استقر- فلا مطمع في إزالته }.

أحكام وحكم من غزوة بدر :
لقد تضمنت أحداث عزوة بدر أحكاماً وحكما كثيرة ، من أهمها :
* جواز النكاية بالعدو ، بقتل رجالهم وأخذ أموالهم وإخافة طرقهم التي يسلكونها ، لما في ذلك من إضعافهم معنويا واقتصاديا.
* جواز استخدام العيون لكشف أحوال العدو وإفشال خططه.
* تأكيد الرسول صلى الله عليه وسلم على مبدأ الشورى لأهل الحل والعقد وعامة المسلمين ، وقد وردت أدلة على حجية الشورى في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وسنة الخلفاء الراشدين.
* جواز المبارزة بإذن الأمير ، وهذا قول عامة أهل العلم.
* المساواة بين الجندي وقائده في السلم والحرب سواء ، وقد اتضح ذلك من قصة سواد مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ كشف الرسول صلى الله عليه وسلم عن بطنه ليقتاد منه سواد.
* جواز فداء الأسارى أو المن عليهم.
* لا حرج من قتل الأسير قبل أن يصل إلى يد الإمام ، كما فعل بلال ومن معه من الأنصار عندما قتلوا أمية بن خلف وهو في أسر عبد الرحمن بن عوف.
* أحلت الغنيمة لهذه الأمة ، وقسمتها على المقاتلين بعد تخميسها.
* من قتل قتيلا فله سلبه ، على شرط : أن يكون المقتول من المقائلة وليس ممن نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتلهم ، وهم النساء والصبيان والشيوخ الفانون … إلخ ، وأن يكون في المقتول منفعة وغير مثخن بالجراح ، أن يقتله أو يثخنه بجراح تجعله في حكم المقتول ، وأن يقرر بنفسه في قتله فأما إن رماه بسهم من صف المسلمين فقتله فلا سلب له.
* دلت واقعة قضية الأسرى على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له أن يجتهد ، والذين ذهبوا إلى هذا استدلوا على ذلك بمسألة أسرى بدر. وإذا صح للرسول صلى الله عليه وسلم أن يجتهد ، صح منه بناء على ذلك أن يخطئ في الاجتهاد ويصيب. غير أن الخطأ لا يستمر ، بل لا بد من أن تنزل آية من القرآن تصحح له اجتهاده ، فإذا لم تنزل آية فهو دليل على صحة اجتهاده صلى الله عليه وسلم.

* الأصل أن يبذل المسلمون كافة جهودهم في الإعداد للمعركة وفي مجابهة العدو ، قال تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل …} ومع ذلك فان الله يؤيد جنده بخوارق لتعينهم على النصر ، إذا كانوا أهلاً له ، كما حصل بإمداد الملائكة في بدر ، وبأن غشى النعاس عيون المؤمنين ، وأنزل عليهم المطر.
* نبه الله المؤمنين إلى حقيقة هامة وهي أن لا يجعلوا حب المال يسيطر عليهم عند النظر في قضاياهم الكبرى التي قامت على أساس النظرة الدينية وحدها ، مهما كانت الحال والظروف ، ولذا عالج الله تجربة رؤية الغنائم مع الحاجة والفقر واختلافهم فيها ، ومسألة الأسرى ، بوسائل تربوية دقيقة ، كما في قوله تعالى :
{يسألونك عن الأنفال ، قل الأنفال لله والرسول ، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم …}،و { ما كان لنبي أن يكون له أسرى … تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة…}.


* إن أهل بدر مغفور لهم يوم القيامة ، أما أحكام الدنيا فإنها تؤخذ منهم ، ويعاقبون عليها إن أتوها كما وقع لقدامة بن مظعون ، عندما حد في الخمر.
* إن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء المعركة أن يقيم في العرصة – مكانها – ثلاثة أيام.
* السنة في الشهداء أن يدفنوا في مضاجعهم ، كما حدث لشهداء بدر وأحد ولا يصلي عليهم كما ثبت بالنسبة لشهدا أحد ، ولم يذكر أنه صلى على شهداء بدر.

* لقد تجلت في بدر بطولات إيمانية كثيرة : على سبيل المثال ما روي من أن أبا عبيدة عامر بن الجراح قتل والده الجراح يوم بدر. فقد جعل والد أبي عبيدة يتصدى لابنه أبي عبيدة يومذاك فيحيد عنه الابن ، فلما أكثر قصده قتله ، فنزلت الآية : {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله…}.
وروى ابن إسحاق من حديث أبي عزيز بن عمير ، قال : مر بي أخي معصب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني ، فقال : شد يديك به فإن أمه ذات متاع ، لعلها تفديه منك ! … وزاد ابن هشام على هذه الرواية فقال : فلما قال أخوه مصعب بن عمير لأبي اليسر ، وهو الذي أسره ، ما قال ، قال له أبو عزيز : يا أخي ، هذه وصاتك بي ! فقال له مصعب : إنه أخي دونك.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس