عرض مشاركة واحدة

قديم 03-11-20, 05:35 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الحروب الصليبية تدفع الفقهاء لتحريم "الجبن الرومي" والبابوات لحظر تجارة المسلمين.. المقاطعات الاقتصادية من مكة إلى باريس



 

الحروب الصليبية تدفع الفقهاء لتحريم "الجبن الرومي" والبابوات لحظر تجارة المسلمين.. المقاطعات الاقتصادية من مكة إلى باريس

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الجزيرة نت - إبراهيم الدويري

3/11/2020

يقول الإمام القرافي المالكي (ت 684هـ/1285م) في ’الذخيرة’: "صنّف الطرطوشي (المالكي ت 520هـ/1126م).. في تحريم جبن الروم كتابا، وهو الذي عليه المحقِّقون؛ فلا ينبغي لمسلم أن يشتري من حانوت فيها شيء منه لأنه يُنجِّس الميزانَ والبائعَ والآنيةَ". وحتى نفهم لماذا قرر هذا الإمام الكبير الإفتاءَ بحرمة هذا النوع من الجبن؛ ينبغي تذكُّر أن الطرطوشي كان أحد شهود الحروب الصليبية وصراعاتها المريرة التي دامت قرونا في مركز العالم الإسلامي.
إن قصة تحريم "الجبن الرومي" هذه تعود جذورها إلى أيام الإمام مالك بن أنس (ت 179هـ/796م) الذي تردد في الإفتاء بحرمته؛ ففي ’البيان والتحصيل’ لابن رشد الجد المالكي (ت 520هـ/1126م) أن مالكاً سُئل "عن جبن الروم الذي يوجد في بيوتهم، [فـ]ـقال: ما أحب أن أحرِّم حلالا، وأما أن يكرهه رجل في خاصة نفسه فلا بأس بذلك، وأما أن أحرّمه على الناس فلا أدري"!!
ولا تغيب هنا عن الأذهان أجواءُ التدافع الحضاري بين الروم والمسلمين وانعكاس ذلك في مواقف الفقهاء وفي مقدمتهم إمام دار الهجرة مالك، وهو ما يمكن لحظه اليوم في مسلك قادة الرأي الديني والسياسي والثقافي الذين يُشْهِرون سلاح المقاطعة السلمي المدني في وجه البضائع الفرنسية، احتجاجا منهم على دفاع الرئاسة الفرنسية عن إساءة بعض وسائل الإعلام الفرنسية إلى جناب النبي محمد ﷺ، تلك المقاطعة الذي دفعت الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون -وقد أحس بحرارتها تحرق قطاعات واسعة من اقتصاد بلاده- إلى أن يتكلم ويخاطب العالم الإسلامي عبر شاشة "الجزيرة".
وما بين القديم والجديد في شأن الحروب الاقتصادية؛ نجد بعض التقاطعات والمفارقات التي نحاول أن نبرزها في هذا المقال الذي نفتح فيه ملف ظاهرة المقاطعة الاقتصادية للخصوم عبر التاريخ، ذاكرين أبرز وقائع توظيفها أداة سلمية للتأثير السياسي على الأنظمة الحاكمة، وسلاحا فعالا في كسب جولات المعارك والحروب بين الدول، ومكوِّناً بالغ الأهمية في إدارة العلاقات بين أمم الشرق والغرب، بل وحتى في الفضاء الحضاري الواحد؛ وراصدين دور فقهاء الإسلام ورجال الدين المسيحيين ومفكري السياسة في هذه المعارك الاقتصادية، التي تقوم عبرها دول وتسقط أنظمة وتُنصر قضايا وتُخذل أخرى.


وعيٌ مبكّر

يقول الفقيه المالكي أبو بكر الطرطوشي -في كتابه ’سراج الملوك’- مخاطبا وزير الفاطميين بمصر المأمون البطائحي (ت 519هـ/1125م): "أيها الملك من طال عدوانه زال سلطانه، واعلم أن المال قوة السلطان وعمارة المملكة، ولقاحُه الأمنُ ونتاجه العدل، وهو حُسن السلطان ومادة المُلك، والمال أقوى العُدَد على العدو، وهو ذخيرة الملك وحياة الأرض، فمن حقه أن يُؤخَذ من حقه ويوضع في حقه ويمنع من السرف، ولا يؤخذ من الرعية إلا ما فضل عن معاشها ومصالحها، ثم ينفق ذلك في الوجوه التي يعود نفعها عليها، فيا أيها الملك احرص كل الحرص على عمارة الأرضين؛ والسلام".
ينبئنا الطرطوشي في هذه النصيحة عن فلسلفة المال ودوره -لدى منظري الفكر السياسي الإسلامي ومدوني الآداب السلطانية في حضارتنا- في إقامة الدول وعمران البلدان، كما يشير إلى خطورة استخدام سلاح المال كـ"أقوى العُدَد على العدو"! وقبل ذلك بقرون؛ تكشف لنا المراسلات التي دارات بين الخليفة الراشد عمر الفاروق (ت 23هـ/645م) ووُلاته على الأمصار في أزمة مجاعة الرمادة سنة 18هـ/640م مدى وعي الخلفاء الراشدين وأعوانهم بقيمة الجغرافيا الاقتصادية لتنمية الدول، وأهمية خطوط المواصلات البرية والبحرية في رفاه الناس وازدهار التجارة، وخطورة إهمال الاهتمام بذلك على مصائر الأمم.


فالإمام الطبري (ت 310هـ/922م) يروي -في تاريخه- أنه حين كتب عمر "إلى أمراء الأمصار [قائلا]: أغيثوا أهل المدينة ومَنْ حولها، فإنه قد بلغ جهدهم"؛ كان من الردود التي جاءته رسالةُ واليه على مصر عمرو بن العاص (ت 43هـ/664م)، وقد ضمنها رؤيته الاقتصادية وبعضا من تاريخ بحار المنطقة، وهو التاجر المكي القرشي الذي خبر الأسواق وارتاد الشام واليمن -قبل الإسلام- في رحلات الصيف والشتاء التجارية.
ووفقا للطبري؛ فقد قال عَمْرو في "جواب كتاب عُمَر في الاستغاثة: إن البحر الشامي (= الأبيض المتوسط) حُفِر لمبعث (= أيام مبعث) رسول الله ﷺ حفيرا، فصَبَّ في بحر العرب (= البحر الأحمر) فسدَّه الروم والقبط؛ فإن أحببت أن يُقوَّم سعر الطعام بالمدينة كسعره بمصر، حَفرتُ له نهرا وبنيت له قناطير؛ فكتب إليه عمر: أن افعل وعجِّل ذلك"!

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس