عرض مشاركة واحدة

قديم 07-04-09, 11:46 AM

  رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

وليس هذا فحسب، ففي شهادته أمام اللجنة، قال الجنرال زعيرا، انه كـ«الحكيم بعد فوات الفرصة»، أدرك بأن «السادات غيّر من وجهة نظره في وقت ما في ربيع أو صيف 1973». واضاف: «متى غيّر؟ ولأي سبب؟ لا أعرف حتى اليوم» ( صفحة 79 من البروتوكول). ولكن، من نفس المادة الاخبارية المذكورة (وثيقة البينات رقم 3)، يمكن الاستنتاج بأنه منذ بداية 1973 بدأت تظهر علامات انعطاف في موقف السلطات المصرية، (وذلك) عندما توصلت الى القناعة بأن قواتها العسكرية ستحارب اسرائيل بنفس الوسائل القتالية المتاحة لها، حتى ولو لم يتوفر شرط الحصول على طائرات قتالية تفجيرية تضمن التفوق الجوي، وهو الأمر الذي يتناقض مع الفرضية (الاسرائيلية).

ب. ينبغي الاشارة الى نقطة ضعف أخرى، مهمة جدا، بنفس أهمية الفرضية. كما تمت الاشارة آنفا، فإن السادات رأى في الحرب ضد اسرائيل وسيلة لا مفر منها لكسر الجمود السياسي المتعاظم ولدفع المسارات السياسية بالاتجاه الذي تريده مصر (أنظر وثيقة البينات رقم 3). كان في صلب تفكيره ان وضعية وقف اطلاق النار هي أسوأ وضعية وانه لا يوجد أمام مصر أي خيار سوى القتال، حتى في شروط عدم التفوق العسكري. وها نحن نجد هنا ان معلومات كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية يفهم منها انه في موضوع الخيار العسكري، كان حاكم مصر مستعدا للاكتفاء ـ في المرحلة الأولى ـ بخطة عبور القناة بهدف السيطرة على مقطع شرقي قناة السويس في منطقة المتلي والجدي، وهي الخطة المختلفة عن خطة احتلال سيناء واستعادة الأراضي التي فقدتها مصر في حرب الأيام الستة (أنظر الأنباء التي وصلت من مصدر جيد في أبريل وفي نهاية سبتمبر 1973 ـ وثيقة البينات رقم 98 الوثيقتان 11 و56). ويتبين ان شعبة الاستخبارات العسكرية كانت على علم بالخطة المحدودة المذكورة أعلاه. وها هو الجنرال زعيرا يقول خلال اعطائه تقريرا عاديا لهيئة رئاسة الأركان في يوم 14 مايو 1973: «السادات يريد الحرب. انه معني باحتلال كامل سيناء. وفي الحد الأدنى يريد الوصول الى المعابر (المتلي والجدي). لكنه لا يفعل لأنه يخشى من هزيمة» (أنظر التسجيلات في وثيقة البينات رقم 211 الصفحة الخامسة. والتأكيد جاء منا). بهذه الروح جاءت أيضا شهادته أمام اللجنة: «ما عرفناه عنهم هو ان خطة الحد الأدنى لديهم هي في الوصول الى المضائق (مضائق تيران)» (بروتوكولات اللجنة صفحة 1052).

ما كان بارزا لدرجة فقء العين، هو ان المصريين كانوا على مقدرة وادراك بأنه في سبيل تحقيق هذا الانجاز يمكنهم الاعتماد على «المظلة» الكثيفة لشبكة الصواريخ المضادة للطائرات (sa-2, sa-3,sa-6) التي أقاموها قرب القناة والتي هدفت الى التسبب (مع المدفعية المضادة للطائرات) في خسائر لسلاح الجو الاسرائيلي ولإضعاف قدراته في ضرب العمق المصري ولمساندة الدبابات المصرية، وهذا كله كان على الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ان تعرفه. نريد القول انه كان من المفروض ان يتم الانتباه الى الشعور (المصري) بأنهم قادرون على عبور القناة والإمساك بمناطق في الضفة الشرقية، طالما ان شبكة صواريخهم عاملة كليا أو جزئيا، وحقيقة ان صواريخ «sa-6» المتنقلة تتيح دفع شبكة الصواريخ هذه على الأقل لمرحلة السيطرة على معابر المتلى والجدي (مثل هذا التميز كان لدى السوريين، حيث ان شبكة الصواريخ لديهم كانت تغطي كل هضبة الجولان). وارتباطا بهذا، يجب التذكير بصواريخ أرض ـ أرض ذات مدى 300 كيلومتر (سكاد) وجو أرض (كيلت) التي كانت بحوزة مصر بهدف ضرب مراكز السكن المدنية، والتي ما من شك في انهم رأوا بها وسائل ردع في مواجهة ضرب العمق المصري يردون بها على مثل هذا القصف (ومثلها صواريخ «فروج» التي كانت بأيدي السوريين بهدف ضرب العمق في الدولة (الاسرائيلية).

ان هذه الأقوال قادرة على تفنيد الفرضية المذكورة أعلاه بشكل حاد، إذ لو نظرنا اليها حتى من منظار «الرؤية ما قبل الحدث»، فلا بد من الاستنتاج بأنه في الأيام التي سبقت الحرب لم يكن هناك مكان للاعتماد على التقدير بأن المصريين رأوا في امتلاك طائرات قتالية تفجيرية تضمن لهم التفوق الجوي وأن هذه الطائرات تشكل شرطا لا تنازل عنه في الحرب ضد اسرائيل. يشار هنا الى ان الجنرال زعيرا، عندما سئل في اللجنة، إذا لم تخطر بباله امكانية أن يكون المصريون يرون في شبكة الصواريخ ما يكفي لتحقيق هدفهم العسكري المحدود، الذي كان ذكره هو بنفسه، وبغض النظر عن قضية السيطرة الكاملة في الجو. وقد رد في البداية قائلا: «ما عرفناه عنهم أن خطة الحد الأدنى لديهم هي الوصول الى المعابر. والوصول الى المعابر غير ممكن من دون وضعية جيدة في الجو« (بروتوكول اللجنة، صفحة 1052).

ولكن، عندما أضاف أحد أعضاء اللجنة سؤالا قائلا: هذا هو الغرض من (الصاروخ) سام ـ 6» ـ أجاب: «نعم. وسؤالي هو: هل من أحد خطر بباله؟ والجواب هو: لا.. أنا لم التقِ أحدا لا في شعبة الاستخبارات العسكرية ولا في هيئة الأركان العامة، ولا في القيادة السياسية ولا في القيادة العسكرية، يتمتع بحكمة ما قبل العمل» (صفحة 1052 ـ 1053).

 

 


   

رد مع اقتباس