عرض مشاركة واحدة

قديم 20-06-10, 07:07 AM

  رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الديناميكيات الإقليميـة.
المناخ الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط يؤثر على انتشار أسلحة الدمار الشامل ، ويتأثر به . كذلك ، فإن المديات المتنامية لمنظومات الحمل تثير مسألة على جانب من الأهمية هي مسألة تحديد حدود المنطقة . إذ من الواضح أن منطقة الشرق الأوسط ، عند طرحها للمناقشة كمنطقة انتشار ، لايمكن تحديدها ببساطة بالمشرق والخليج . فشمال أفريقيا والبحر المتوسط تعدان أيضاً جزءاً من المعادلة ، وكذلك تركيا ، والتداخل الحاصل بين الشمال والجنوب عند الإطراف الجنوبية لأوروبا ، والتطورات الجارية في جنوب آسيا . كذلك فأن للجغرافيا واحصائيات السكان دور أيضاً في تحديد دوافع الانتشار وتبعاته .
أمور تتعلق بالجغرافيا.
عند مقارنة منطقة الشرق الأوسط بمناطق التنافس عبر القارات في زمن الحرب الباردة ، أو بالبيئة الاستراتيجية في آسيا ، فإنها تبدو منطقة صغيرة متقاربة الأجزاء للغاية . وهي علاوة على ذلك عامرة بالمدن المكتظة بالسكان . وكلا هذين العاملين له انعكاساته على حيازة واستخدام أسلحة الدمار الشامل . فقصر المسافات بين المراكز المأهولة للخصوم المحتملين يعني أنه سيكون بالإمكان استخدام طائفة واسعة من المنظومات لحمل أسلحة الدمار الشامل إلى أهدافها داخل المنطقة ، بما في ذلك الطائرات التكيتيكة ، وصواريخ كروز ، والمدفعية ، وحتى السفن الحربية والطوربيدات . أما في حالة الصواريخ البالستية فإن قصر المسافات سوف يترجم إلى تكاثف القدرة على " بلوغ الأهداف " مع فترات إنذار قصيرة للغاية . فالصاروخ البالستي العابر للقارات المنطلق من روسيا يعطي الولايات المتحدة زمن إنذار قد يصل إلى 20 دقيقة لدى استخدام أشد طرق الإلتقاط والكشف تقدماً ، ويكون الزمن أطول من هذا بكثير في حالة القاذفات التي يقودها طيارون ، وأقل في حالة المنظومات المنصوبة داخل غواصات . ولكن في حالة الصواريخ التي تطلق من منطقة الخليج ضد إسرائيل فإن زمن الإنذار سوف يقاس بالدقائق لا غير . ونظراً لافتقار المنطقة إلى منظومات كشف دقيقة منصوبة في الفضاء ( من الممكن اعتبار إسرائيل استثناءاً محتملاً من هذا وكذلك تركيا بفضل صلتها بحلف شمال الأطلسي ) فإن هناك إمكانية لتحقيق المباغتة الكاملة . وجميع الدول المتخاصمة الرئيسية في المنطقة في إمكانها أصابة أهداف ذات قيمة داخل أراضي بعضها البعض بأسلحة الدمار الشامل وبدرجة معقولة من النجاح . وهي من الآن قادرة على الوصول إلى حواشي منطقة الشرق الأوسط ، وإلى تركيا وأوروبا وأوراسيا بما يترك انعكاساته على حرية القوى من خارج المنطقة في اتخاذ إجراءاتها . وفي النهاية سوف تتمكن بعض هذه الدول على الأقل من بلوغ مناطق أبعد بكثير ، مثل شمال أوروبا ، وحتى أميركا الشمالية في آخر المطاف . عندئذ تكون النتيجة درجة أعلى من الإنكشاف للخطر ومن الإعتماد المتبادل ما بين البيئات الأمنية الشرق أوسطية والأوراسية والأطلسية . أما في داخل منطقة الشرق الأوسط فإن قرب المسافات والتركز المدني والإفتقار إلى العمق الاستراتيجي سوف تؤدي جميعاً إلى قيام وضع " عالي التوتر متبادل التعرض لخطر الهجوم " تشيع فيه النذر المهددة لوجود تلك الأمم . فاستخدام الأسلحة النووية ضد أي هدف من الأهداف المدنية الحساسة المحدودة العدد ( مثل تل أبيب أو عمان أو القاهرة أو بغداد أو طهران ، ... الخ ) قد يرقى إلى مستوى دمار تلك الأمة . الدفاع التقليدي عن الحدود ، والاستخدام المستقبلي المحتمل لأسلحة الدمارالشامل ، تمثلان مشكلتين وثيقتي الصلة ببعضهما في ترتيبات الأوضاع في الشرق الأوسط ، التي غالباً ما كان بقاء الأمم فيها مهدداً بالغزو . ضمن هذا السياق تكون مشكلة استخدام أسلحة الدمار الشامل قريبة الشبه جداً بالدور الذي كانت تمثله القوات النووية والصاروخية في الدفاعات الأوروبية خلال فترة الحرب الباردة . ولكن على خلاف الموقف في أوروبا الحرب الباردة ، لن يكون في الإمكان تصور أن تخاض حرب في الشرق الأوسط تستخدم فيها القوى العظمى أسلحة الدمار الشامل من فوق رؤوس الدول المتقاتلة الأخرى . ففي الشرق الأوسط ستكون أراضي المتقاتلين الإقليميين هي ساحة المعركة . كما أن قصر الزمن المتاح للإنذار يجعل القدرة على تسديد ضربة ضمان ثانية ( أو حتى تطوير ونشر منظومات أسلحة الدمار من دون التعرض لهجوم إجهاضي ) أكثر صعوبة في منطقة الشرق الأوسط ، ما لم تبذل جهود حثيثة من أجل تطوير قدرات التصلب والحركة . فالجغرافيا والطبيعة القلقة التي تتصف بها البيئة الأمنية تجعل من الحجج التي تساق بصدد ما للانتشار النووي من أثر فاعل على ترسيخ الاستقرار ادعاءات غير مقنعة . كذلك تفرض أوضاع السكان في الشرق الأوسط بعض القيود على استعمال أسلحة الدمار الشامل . فالتقارب المكاني بين التجمعات البشرية الإسرائيلية والعربية داخل إسرائيل ، وفي الضفة الغربية وغزة ، قد تؤدي إلى تعقيد الحسابات على الخصوم الذين يتطلعون إلى استخدام الأسلحة النووية أو البايولوجية ضد اسرائيل . وقد يمكن استخدام الرؤوس الحربية التقليدية أو حتى الكيمياوية بمجازفة أقل ، خصوصاً إذا ما استخدمت منظومات حمل أكثر دقة .
ولو استخدمت سوريا صواريخ مسلحة بأسلحة الدمار الشامل في مواجهة مع تركيا ، فإن مدينة الاسكندرونة قد تكون الهدف المختار في الجنوب ، ولكن هذه المدينة معظم سكانها من العرب . كذلك فأن أنماط الطقس الموسمية فوق هذه المنطقة المتقاربة الأجزاء ، الكثيفة السكان ، قد تسفر عن حدوث إصابات في مناطق بعيدة عن الهدف المقصود ، بل أن من الممكن أن يتجاوز التأثير حدود الدولة ، ولاسيما في حالة الأسلحة النووية .
الاحتكاكات بين الشمال والجنوب والموازنات الإقليمية.
يفترض عموماً أن ديناميكيات نشر الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط وحولها تتأثر بالتوترات بين الجنوب والجنوب أكثر من تأثرها بالتوترات بين الشمال والجنوب . فاهتمام ليبيا بهذه الأسلحة مثلاً له علاقة كبيرة برغبة النظام في اكتساب ثقل إقليمي في المغرب وافريقيا والشرق الأوسط ، ولو أن المسعى الليبي لنشر الأسلحة مثار قلق لدى الغرب أيضاً . أما مصر فمن الواضح أنها تنظر إلى قدراتها على أساس علاقاتها الاستراتيجية مع اسرائيل وهيبتها في العالم العربي . كذلك ينشغل كل من العراق وإيران في احراز وسيلة تمكنه من تسليط الضغط على الطرف الآخر ، وعلى إسرائيل والأنظمة الملكية في الخليج . وغالباً ما يكون ردع أوروبا والولايات المتحدة جزءً إضافياً في الحساب ، ولو أنه قد يطغى كاعتبار رئيسي في خضم أية مواجهة تحدث مع الغرب . أما قدرات إسرائيل في مجال أسلحة الدمار فإنها معدة للإستخدام الإقليمي أولاً وقبل كل شيء ، ولو أن قدرتها على الوصول إلى روسيا وباكستان قد لا تخلو من فائدة . وتشير أنماط الحروب في المنطقة وتكرار وقوعها إلى أن الدول الواقعة في " الجنوب " ضمن المنطقة هي الأهداف الأرجح لأسلحة الدمار الشامل . التصور الآخر الأقل منطقية هو أن يكتسي نشر أسلحة الدمار الشامل ، والتهديد باستخدامها ، بنكهة نزاع شمالجنوبية أكثر بروزاً وصراحة . ففكرة " صدام الحضارات " الاستفزازية المثيرة التي يطرحها صامويل هاننكتون ( المسرفة في الحتمية من وجهة نظر هذا المؤلف ) تفترض إمكانية قيام تعاون مستقبلي في مجال أسلحة الدمار الشامل وفق خطوط دينية - مثل " القنبلة الإسلامية " . وقد بعثت أحداث 11 أيلول وما أعقبها المخاوف من وقوع مصادمة على أساس خطوط حضارية من هذا القبيل على الرغم من فشل بن لادن في إذكاء نار مجابهة أوسع بين العالم الإسلامي والغرب . وطرح فكرة الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية على اعتبارها " نووية الرجل الفقير " تشير بشكل غير مباشر إلى وسائل الردع بين من يملكون ومن لا يملكون . ولكن بنظرة أكثر واقعية يتضح أن تدهور العلاقات بين الجنوب وبعضه ( مثلاً بين اسرائيل وجيرانها ) قد يكون له آثاره على العلاقات بين العالم العربي والغرب . بل أن هذا مشهود منذ الآن في الواقع متمثلاً في المبادرات الأمنية المتوسطية العديدة . ولكن من المستبعد أن يؤدي ذلك إلى إعطاء قوة دفع لانتشار الأسلحة التي تستهدف الشمال ككل استهدافاً صريحاً . وبطبيعة الحال ، من الممكن أن يتأثر أمن المناطق الواقعة عند حواشي الشرق الأوسط بنمو ترسانات أسلحة الدمار الشامل في المنطقة . وزيادة مديات الصواريخ البالستية ، في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص ، لها انعكاسات على أمن أوروبا وعلى التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة في إطار الأزمات التي قد تنشأ في الشرق الأوسط . فجنوب أوروبا يقع من الآن ضمن مدى بعض المنظومات الموجودة فعلياً ، وفي ظرف عقد من الزمن قد تصبح جميع عواصم أوروبا الغربية معرضة للعواقب الثأرية رداً على أي تورط لها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط . وهذا قد تكون له انعكاساته المهمة على حصول الأميركيين على منافذ إلى القواعد الأوروبية كلما طرأ طارئ في الشرق الأوسط . وقد سبق للقذافي في الماضي أن هدد بضرب الأراضي الإيطالية والإسبانية واليونانية أذا ما قدمت هذه البلدان تسهيلات للهجوم الأميركي على ليبيا . ولو كان في وسع العراق أن يبلغ أوروبا بصواريخه البالستية في حرب الخليج عام 1991 لربما كان فعل . وعلى مثل هذه الخلفية قد تأخذ كلفة التعاون مع الولايات المتحدة بالتصاعد ، وهي قد تشمل أيضاً المطالبة بتوفير وسائل دفاعية سريعة النشر والإستخدام . كذلك يمكن للانتشار الإقليمي أن يؤثر على المناطق المجاورة بطرق أخرى أيضاً . فامتلاك إيران للقدرة النووية ، على سبيل المثال ، قد يشجع تركيا على التفكير في تطوير رادعها الوطني ، خصوصاً إذا فقدت أنقرة ثقتها في الضمانات الأمنية التي يمنحها إياها حلف شمال الأطلسي . وهنالك منذ الآن نقاش يدور داخل دوائر الدفاع التركية حول كيفية الرد على ترسانات الصواريخ المتواجدة على الحدود التركية . و تركيا عاكفة الآن على دراسة إمكانية انتاج صواريخ قصيرة المدى . ولكن مسألة حصول تركيا على منظومات ردع سوف تؤثر بالتأكيد على المفاهيم الاستراتيجية وعلى الموازنات في مناطق البلقان وبحر إيجه والمناطق المحيطة بالبحر الأسود . كما أن نشر الأسلحة عند الأطراف الجنوبية لروسيا لابد أن يؤثر في النتيجة على الحسابات الاستراتيجية لذلك البلد ( وهي حقيقة حاولت الإدارات الأميركية المتعاقبة أن تغرسها في تصورات موسكو ) . وباختصار ، فإن انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ستكون له تأثيرات على الأمن في رقعة تتجاوز سعتها تلك المنطقة بكثير .

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس