عرض مشاركة واحدة

قديم 20-06-10, 06:56 AM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

شمال أفريقيـا.
انتشار اسلحة الدمار في منطقة شمال أفريقيا يبدو أشد تواضعاً مما تصوره وتنبأ به العديد من المحللين قبل عشر سنين . فالبرنامج الليبي يمضي على نحو غير منتظم ، ومجمل الشعور بالتهديد القادم من أسلحة الدمار الليبية قد أخذ بالتضاؤل منذ جنح النظام إلى الإعتدال في نبرته الخطابية وسلوكه . وعلى قدر ما ستبقى مطامح ليبيا لحيازة أسلحة الدمار الشامل مرتبطة ذلك الارتباط المباشر القوي بالإسلوب الشخصي الذي يتبعه القذافي مع المنطقة والعالم ، يرجح أن يظل مستقبل النظرة إلى البرامج الليبية معتمداً بشكل حساس وحرج على احتمالات تبدل القيادة مستقبلاً في طرابلس . كذلك لو نشبت أزمات جديدة مع الجيران ، وخصوصاً مع مصر ، فإن ذلك قد يبعث النشاط من جديد في محاولات ليبيا لحيازة أسلحة الدمار . أما الجزائر فأنها تعاود نشاطها في ميدان السياسة الخارجية بعد عقد من الإضطراب والفوضى . ولحد الآن كان هذا التأكيد على الدور الإقليمي للجزائر يتخذ صورة المبادرات الدبلوماسية والمحادثات الأمنية الوجلة مع أوروبا والولايات المتحدة . وهذه التوجهات من شأنها أن تثني الجزائر عن إحياء اهتماماتها النووية والصاروخية . ومن الواضح أن إمكانية ظهور نظام حكم إسلامي متطرف في الجزائر - وهو تطور كان من الممكن أن يثير قلقاً جدياً بصدد احتمالات مستقبل هذا البلد النووية - قد تراجعت ولا يتوقع لها أن تعود إلى الظهور . إلا أن التنافس الجيوسياسي مع المغرب ، بالإضافة إلى اهتمام الجزائر باستعادة موقع القيادة في العالم الثالث قد يعطيها دافعاً مستمراً ، ولكنه ضعيف ، للسعي وراء اكتساب الثقل الاستراتيجي من خلال البرامج التكنولوجية المعززة للهيبة . وإمكانيات الجزائر المستقبلية الكامنة في مجال أسلحة الدمار الشامل لها أهميتها لأنها ، لو طُوِّرَت ، ستحفز على الأرجح حدوث ردة فعل قوية في فرنسا وأماكن أخرى من أوروبا . وهذا بدوره قد يلهب الاهتمام الأوروبي بمسألة الدفاعات الصاروخية .

ديناميكيات خارج المنطقة.
في مقدور الدول من خارج الشرق الأوسط أن تؤثر في ديناميكيات الانتشار داخل المنطقة بأكثر من طريقة . فهي تستطيع أن تفعل هذا من خلال السياسات الخارجية ، أو من خلال الاستراتيجيات الأمنية ، أو من خلال نقل تقنيات أسلحة الدمار الشامل والخبرات المتعلقة بها ، وهذه الأخيرة لا تقل شأناً عن سابقتيها . ومن المفيد أيضاً أن يؤخذ في الإعتبار اختلاف النظرة إلى موضوع الانتشار ، وكذلك تأثير أساليب الردع والدفاع الصاروخي الغربية الآخذة في التطور على بيئة الشرق الأوسط . وليس هنالك حتى الآن ما يوحي بأن تعاون الروس والصينيين مع واشنطن في الصراع ضد الإرهاب في أعقاب 11 أيلول سوف يترجم إلى تحسن في التعاون في مجال الحد من نقل متعلقات أسلحة الدمار الشامل إلى الشرق الأوسط . فموسكو وبيجنك ، والعديد من حلفاء أميركا ، ينظرون إلى الإرهاب وانتشار الأسلحة على أنهما مشكلتان منفصلتان عن بعضهما . وهذا هو بالضبط ما أفصح عنه الاحتكاك الدبلوماسي خلال فترة الإعداد لحرب العراق في عام 2003 .
العامل الروسي لا يلاحظ المراقبون أدلة تذكر على وجود استراتيجية روسية متماسكة تجاه الشرق الأوسط في أعقاب الحرب الباردة . إذ يبدو أن أسلوب موسكو في التعامل مع الأمر بات قائماً على القلق التقليدي المتعلق باختلال الأمن عند الأطراف الجنوبية لروسيا ، ومع تركيا بالدرجة الأساس . ففي أعقاب الحرب الباردة ورثت روسيا مجموعة من العلاقات شبه المهملة تمتد من المشرق إلى شمال أفريقيا كان من بينها صلات تجهيز بالسلاح مع الجزائر وليبيا وسوريا والعراق . ولكن روسيا طورت مع إيران علاقة أعمق خلال السنوات الأخيرة ، على الرغم من تباعد اهتمامات الطرفين ، وهي علاقة تنطوي على عناصر شراكة استراتيجية . كذلك يبدي التعاون الروسي - الليبي إمارات التجدد والانتعاش . وتواصل موسكو مع منطقة الشرق الأوسط يلوح عليه الافتقار إلى التماسك نتيجة للتنافس القائم بين المصالح التجارية والمصالح السياسية ، وفي بعض الأحيان نتيجة لعجز الدولة عن فرض سيطرتها التامة على اللاعبين البيروقراطيين اللذين وضعوا رهانهم على نقل الأسلحة والتقنيات . إلا أن السلوك الروسي يبدي ، رغم هذا ، دلائل تثير القلق من المحتمل لها أن تتعمق إذا ما استمرت العلاقة بين روسيا والغرب ماضية صوب مزيد من التنافس . لقد برزت روسيا كمجهز رئيسي لأسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة بما فيها الأسلحة الكيمياوية والنووية وتكنولوجيا الصواريخ . فروسيا هي المساهم الأجنبي الرئيسي في برنامج إيران النووي المدني ، ويكاد يكون من المحقق أنها تساهم أيضاً ، ولو بشكل غير مباشر ، في برنامج إيران السري للأسلحة النووية . كما أن الشركات الروسية دعمت برنامج صواريخ شهاب - 3 الإيراني ، وهي المزوِّد الرئيسي بمنظومات الصواريخ والخبرة لدول أخرى بما فيها سوريا وليبيا . وخلال السنوات الأخيرة نشطت روسيا في تسويق الصواريخ البالستية ( وأبرزها إسكندر - ي ) الذي يقع مداه وحجم حمولته ضمن المدى الذي حددته ضوابط السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ . وقد ساعدت الخبرة الطويلة التي يمتلكها هذا البلد في مجال الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية على تطوير هذه القدرات لدى دول أخرى مثل إيران والعراق ومصر وسوريا . ومشكلة المهندسين الروس المتخصصين في المجالات النووية وغيرها من المجالات ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل الذين يبحثون عن وظائف ، والمتوفرين في السوق العالمية ، تسهم هي الأخرى في زيادة إمكانيات انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط . فمنذ تفكك الاتحاد السوفيتي صار يصرف اهتمام خاص لمشكلة " الإمكانيات النووية السائبة " ، وهي الأسلحة النووية وتوابعها التي من الممكن أن ينتهي بها المطاف إلى الأسواق العالمية . وناشرو السلاح في الشرق الأوسط ، المحدودو القدرة على الوصول إلى المواد القابلة للإنشطار ، قد يلجأون إلى هذا السبيل السري لتحقيق الحالة النووية .
ويبدو أن دور روسيا كمجهز رئيسي لأسلحة الدمار الشامل وتكنولوجيا الصواريخ إنما يمثل انتصار كفة الكسب التجاري قصير النظر على كفة المصالح الاستراتيجية الأبعد أمد . وعند أخذ النقاط الساخنة العديدة على امتداد الحواف الجنوبية لروسيا واحتمالات حدوث احتكاك مستقبلي مع الدول الإسلامية القريبة منها ، فأن روسيا نفسها قد تصبح في وقت من الأوقات هدفاً محتملاً لصواريخ مسلحة بأسلحة الدمار الشامل رابضة في قواعد في الشرق الأوسط . وقد حاول صناع السياسة الأميركيون أن يدخلوا المسؤولين الروس في محادثات حول هذا الخطر المشترك الذي يمكن أن يتعرض له الطرفان من دون أن يحققوا سوى نجاح محدود . وفي حالة اشتداد التنافس بين روسيا والغرب ، فإن مشكلة نقل الأسلحة الروسية إلى الشرق الأوسط قد تتعمق . وهذا الأمر مثير للقلق بشكل خاص عندما نأخذ في الإعتبار ضعف الفرص المتاحة لروسيا في أوروبا ، ربما باستثناء البلقان . فمن المحتمل جداً أن يأخذ تجدد الاحتكاك مع الولايات المتحدة وحلفائها صيغة التنافس في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة على الأطراف ، مثل منطقة الخليج العربي وشرق البحر الأبيض المتوسط ، حيث يمكن أن يكون للأسلحة الروسية ونقل التكنولوجيا تأثير بالغ على الموازنات العسكرية وعلى حرية أميركا في التحرك . لذا فإن مشهد العلاقات الروسية - الغربية يبرز كمتغير رئيسي في معادلة نشر أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط . بل أن سياسات نقل أسلحة الدمار الروسية في المنطقة بحد ذاتها تمثل ، في واقع الحال ، مصدراً رئيسياً من مصادر الاحتكاك بين الولايات المتحدة وروسيا . الصين وكوريا الشمالية وعلى غرار ما سبق فإن مجهزي أسلحة الدمار الشامل الآسيويين هم أيضاً مساهمون مهمون في نشر السلاح في المنطقة . فكلا الصين وكوريا الشمالية تواصلان القيام بدور له أهميته الخاصة في نشر الصواريخ البالستية الأبعد مدى وتقديم الدعم لتطوير القدرات المحلية لصناعتها وتحويرها . والصين و كوريا الشمالية ليستا أعضاء في نظام ضوابط السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ ، ولو أن الصين تؤكد بأنها لن تعمل على نقل منظومات من مستوى الطبقة التي تحضرها تلك الضوابط . ومن أمثلة نقل الصواريخ الصينية إلى المنطقة يشمل بيع صواريخ سي أس أس - 8 إلى إيران ، والاشتراك مع باكستان في صاروخها شاهين ( البالغ مداه 2000 كيلومتراً ) ومنظومات حتف الأقصر مدى ، بالإضافة إلى تقديم المساعدة لليبيا . كذلك قامت الصين بمساهمة متواضعة في برنامج إيران النووي ، وكانت ضالعة بشدة في برنامج الجزائر النووي حتى مطلع التسعينيات عندما وضع العنف ضد الفنيين الصينيين والأجانب تحت تهديد لا يمكن التوقي منه . ومن المحتمل أن الباعث وراء نقل أسلحة الدمار الشامل الصينية إلى الشرق الأوسط ، حتى الآن ، لا يعدو أن يكون المصلحة التجارية والرغبة العامة في ترسيخ علاقات سياسية في أرجاء المنطقة .
أما كوريا الشمالية فإن لها سجلاً ملفتاً للنظر في مجال نقل متعلقات أسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة ، وهي الآلة المحركة الرئيسية في عملية نشر الصواريخ . فعلى مدى العقد الماضي نقلت هذه الدولة نسخاً محسنة من صواريخ سكود إلى مصر وسوريا وأنواع مختلفة من صواريخ نودونغ
متوسطة المدى إلى إيران وباكستان .
وقد عبرت الجزائر وليبيا عن رغبتهما في الحصول على منظومات نودونغ الكورية الشمالية أو منظومات أبعد مدى . وإن سعة مدى ما لدى كوريا الشمالية من الصواريخ وبرامج إطلاق مركبات الفضاء التابعة لها وشدة تكثيفها على هذه الجوانب ، ونمط نقلها إلى المنطقة يوحي بأن من المرجح أن تكون كوريا الشمالية هي مصدر تكنولوجيا المنظومات المتوسطة المدى والعابرة للقارات التي ستواصل الظهور في الشرق الأوسط على مدى العقد القادم . وفي استطاعة باكستان وإيران بدورهما أن تنقلا منظومات الصواريخ الكورية الشمالية إلى أماكن أخرى من المنطقة . كما يكشف إعلان كوريا الشمالية في شهر تشرين الأول عن مواصلة العمل ببرنامجها النووي عن الدور المساعد الذي تضطلع به باكستان ، وهذا من المحتمل أن يكون تم لقاء حصول الأخيرة على منفذ إلى تكنولوجيا الصواريخ ، أي أنها قد تكون مبادلة باتجاهين تتعلق كلها بأسلحة الدمار الشامل . إن زج الآسيويين بأنفسهم في نشاط نقل الأسلحة على مختلف أنواعها إلى منطقة الشرق الأوسط قد يكتسب أهمية جيوستراتيجية أعظم كنتيجة للتطورات الحادثة في أسواق الطاقة . فالعديد من المحللين يحاولون لفت الأنظار إلى تعاظم الاحتياجات الآسيوية إلى الطاقة ، ولاسيما الصينية . ومن المرجح أن تسد هذه الاحتياجات من خلال الاستيرادات من منطقة الخليج العربي وبحر قزوين ، كما سبق مناقشته في الفصل السادس . وهذا سوف يخلق ظروفاً تسمح بعلاقات أعمق يقايض فيها السلاح بالنفط بين آسيا والشرق الأوسط ، على نمط الترتيبات التي كانت قائمة بين أوروبا ومنتجي النفط العرب في الستينيات والسبعينيات .
و قد يشجع ارتفاع أسعار النفط على مثل هذه الترتيبات .
إن ترافق وفرة العائدات المالية الضخمة المتأتية من بيع النفط مع حضور مجهزين متلهفين ومستعدين لتقديم أسلحة الدمار الشامل وتقنيات أخرى على أساس التنازل قد يطرح على مسرح انتشار الأسلحة ديناميكيات جديدة خطرة . وهذه الاعتبارات قد تكون أرجح قبولاً من فكرة " التحالف الإسلامي - الكونفوشي " ضد الغرب التي طرحها صامويل هانتنغتون كقوى محركة للتعاون في مجال أسلحة الدمار.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس