عرض مشاركة واحدة

قديم 20-04-21, 02:21 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

ومن أقدم نماذج ذلك تاريخيا ما ذكره الرحالة المقدسي من أن أهل شيراز "يصلون التراويح… ‏ويقدّمون فيها الصبيان"، وما قاله ابن الجوزي (ت 595هـ/1199م) -في ‘المنتظم‘- عن اختيار سلطان البويهيين ببغداد في ‏سنة 395هـ/1006م كلا من أبي الحسين بن الرَّفَّاء وأبي عبد الله بن الزجاجي وأبي عبد الله بن البهلول ‏‏-وكانوا "من أحسن الناس قراءة"- ليكونوا أئمة رسميين "لصلاة التراويح.. وهم أحداث (= ‏غير بالغين)، وكانوا يتناوبون الصلاة.. ورغب [الناسُ] لأجلهم في صلاة التراويح".‏
وقد أصبح عادةً في الحجاز ومصر أن يَؤُمَّ الطفلُ الناسَ في التراويح إذا أكمل حفظ القرآن وأتم ‏اثنتيْ عشرة سنة من عمره، ولذلك نجد في ‘رحلة ابن جبير‘ معلومات وافرة عن إمامة ‏الصبيان في التراويح بالحرم المكي والاحتفالات المصاحبة لها، والتي جعلت بعضهم يقرّر أن من "محاسن الإسلام: يوم الجمعة ببغداد وصلاة التراويح بمكة"؛ وفقا للقاضي أبي علي التنوخي (ت 384هـ/995م) في ‘نشوار المحاضرة‘.
فقد ذكر ابن جبير أن "ليلة إحدى وعشرين خَتم فيها أحد أبناء أهل مكة…؛ فلما فرغوا منها قام الصبي ‏فيهم خطيبا، ثم استدعاهم أبو الصبي المذكور إلى [وليمة في] منزله.. ثم بعد ذلك ليلة ثلاث ‏وعشرين، وكان المختتِم فيها أحد أبناء المكيين ذوي اليسار غلاما لم يبلغ سنه الخمس عشرة ‏سنة…، وحضر الإمامُ الطفلُ فصلى التراويح وختم، وقد انحشد أهل المسجد الحرام إليه رجالا ‏ونساء، وهو في محرابه".‏
وامتدت عادة إمامة الأطفال في تراويح الحرم إلى عصر الرحالة ابن بطوطة (ت 779هـ/1377م) وما بعده؛ ‏إذ يخبرنا -في رحلته- أن لكل مذهب فقهي محرابا خاصا بأصحابه، وأنهم ‏‏"في كل ليلة وتر من ليالي العشر الأواخر من رمضان يختمون القرآن، ويحضر الختم ‏القاضي والفقهاء والكبراء، ويكون الذي يختم بهم أحد أبناء كبراء أهل مكة؛ فإذا ختم نُصب له ‏منبر مزين بالحرير وأوقد الشمع وخطب، فإذا فرغ من خطبته استدعى أبوه الناس إلى منزله ‏فأطعمهم الأطعمة الكثيرة والحلاوات".‏


وورد في ترجمة القاضي الشافعي جلال الدين البُلْقِيني (ت 824هـ/1421م) أنه "حفظ القرآن وصلى به ‏التراويح وهو صغير"؛ حسبما في ‘رفع الإصْر عن قضاة مصر‘ لابن حجر. كما أن الإمام ابن حجر نفسه أمَّ الناس في التراويح بالحرم المكي وعمره اثنتا عشرة سنة عام 785هـ/1383م ‏‏"على جاري العادة" في مَن يُكمل حفظ القرآن من الأطفال؛ طبقا للسخاوي في ‏‘الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر‘.

ويذكر السخاوي أن شيخه ابن حجر بعد أن صار إماما عظيما "حضر ليلةً من ليالي رمضان بجامع الحاكم للصلاة ‏خلف ابن الكُويز، إذ صلّى للناس التراويح عقب ختمه القرآن على جاري عادة الأولاد". بل إن الفاسي يفيدنا -في ‘العقد الثمين‘- بأن قاضي مكة ومفتيها محب الدين ‏بن ظهيرة (ت 827هـ/1424م) "حفظ القرآن الكريم… وصلى التراويح في سنة تسع وتسعين ‏وسبعمئة (799هـ/1397م)"، وعمره حينها عشر سنوات فقط لكونه وُلد عام 789هـ/1387م.‏نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


مقادير ومؤلفات
أما مقادير ركعات التراويح تاريخيا فإنها اختلفت وفقا لاختيارات المذاهب الفقهية؛ وإذا أخذنا بما استقر عليه الأمر في الحرمين الشريفين فسنجد أن عدد ركعاتها ظل مختلفا فيهما طوال أكثر من ألف سنة، ولم يتّحد الأمر فيهما حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري في ظل الحكم السعودي.
فقد كان المكيون -وفقا لابن ‏بطوطة- يصلون "التراويح ‏المعتادة وهي عشرون ركعة" ثم يتبعونها بركعات الوتر الثلاث، ‏وأما المدنيون فقد عزا النووي -حسبما ينقله عنه السمهودي في ‘وفاء الوفاء‘- إلى الإمام ‏الشافعي قوله: "رأيت أهل ‏المدينة يقومون بتسع وثلاثين ركعة، منها ثلاث للوتر".‏
ويفيدنا السخاوي -في ‘التحفة اللطيفة‘- بأنه في أواخر القرن الثامن الهجري/الـ14 الميلادي كان المحدّث الحافظ ‏زين الدين عبد الرحيم ‏العراقي الكردي (ت 806هـ/1403م) من ‏مدرسي الحرم النبوي في المدينة، وعلى يديه تغير عُرف المدنيين في عدد ركعات التراويح؛ إذ كان "يصلي التراويح ‏بالناس عقب صلاة العشاء عشرين ركعة ويوتر بثلاث، فإذا كان ‏آخر الليل صلى بالناس ست ‏عشرة ركعة. واقتدى به في ذلك الأئمة بالحرم النبوي".‏
أما مقدار التراويح في مساجد مصر فقد تراوح بين الاختيار الفقهي المذهبي الحرّ والتحديد الحكومي الرسمي الملزِم؛ وفي ذلك يقول المقريزي في ‘المواعظ والاعتبار‘: "ولم يزل أهل مصر يصلونها ستًّا (= 6 ترويحات: 12 ركعة) إلى شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين (253هـ/867م)"، ففي هذه السنة عينت السلطات العباسية ببغداد أرجوز (أو: أزجور بن أولغ التركي ت بعد 254هـ/868م) واليا على مصر فـ"أمَرَ أن تُصلَّى التراويحُ في رمضان خمس تراويح (= 10 ركعات)".
هذا وقد بينت كتب الفقه العامة وشروح الحديث النبوي أحكام صلاة التراويح ومقاديرها، كما أفردها بعض ‏العلماء بمؤلفات خاصة بها يبدو أن أغلبها لم يصلنا منه إلا عنوانه. ومن تلك المصنفات: كتاب "فضل التراويح" للحافظ أبي بكر محمد بن الحسن النقاش (ت 351هـ/962م)؛ و"كتاب التراويح" للإمام حسام الدين الشهيد ‏‏(ت 536هـ/1141م)؛ و"كتاب التراويح" لمفتي خوارزم أبي العباس أَحْمد بن إِسْمَعِيل التُّمُرْتَاشِيّ ‏الحنفي (ت قرابة 600هـ/1203م).
ومن هذه المؤلفات أيضا: كتاب "صلاة التراويح" للمحدّث ابن عبد الهادي الجمّاعيلي ‏الحنبلي (ت 744هـ/1343م)؛ و"ضوء المصابيح في صلاة التراويح" و"إشراق المصابيح في صلاة ‏التراويح" كلاهما لقاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي (ت 756هـ/1355م)؛ و"إقامة البرهان ‏على كميّة التراويح في رمضان" لأبي الضياء الغيثي الشافعي (ت 975هـ/1567م).‏
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


احتفاء واسع

هكذا إذن على مدى التاريخ الإسلامي؛ ظل اهتمام المسلمين بصلاة التراويح عظيما وشاملا باعتبارها أبرز ملامح احتفائهم برمضان، إذ أقبلت على تفيُّؤ ظلال إيمانياتها كافة الفئات والشرائح في المجتمعات المسلمة رجالا ونساء وأطفالا، حتى إن الرحالة ابن بطوطة يحدثنا عن "سوق المغنين" في الهند فيقول إن فيه مساجد، وإن "النساء المغنيات الساكنات هناك يصلين التراويح في شهر رمضان بتلك المساجد مجتمعات، ويَؤُمُّ بهن الأئمة وعددُهن كثير، وكذلك ‏الرجال المغنّون"!!
وفي كتابه ‘المواعظ والاعتبار‘ يصف المقريزي "سوق الشمّاعين" بالقاهرة المملوكية، وما كان يشهده من رواجٍ كبير لمعروضات بضائعه من الشموع والقناديل في ليالي رمضان؛ فيذكر أنه "كان به في شهر رمضان موسم عظيم لكثرة ما يُشْتَرَى ويُكْتَرَى من الشموع الموكبية…. برسم ركوب الصبيان لصلاة التراويح، فيمرّ في ليالي شهر رمضان من ذلك ما يعجز البليغ عن حكاية وصفه"!
كما يروي لنا أبو البركات السويدي البغدادي (ت 1174هـ/1760م) -في ‘النفحة المسكية فى الرحلة المكية‘- ذكرياته الرمضانية في دمشق حين زارها؛ فيقول واصفا صلاة التراويح بالجامع الأموي وما كان يرافقها من حفاوة اجتماعية تصل حد الضجيج: "ومن عجيب أمرهم أن النساء يختلطن بالرجال… وقتَ التراويح، ومرةً صليتُ التراويح في [الجامع] الأموي فرأيت الناس جلوسا بين الصفوف يتحدثون، والأولاد لهم صياح وعياط ولعب بحيث يشوشون على المصلين"!!
على أن إقامة التراويح لم تخلُ أحيانا من منغِّصات أدهى وأمرّ من صخب الأطفال وصراخهم في فضائها الروحاني المهيب؛ فمؤرخ يوميات دمشق شهاب الدين البديري (ت 1175هـ/1761م) يسجّل -في كتابه ‘حوادث دمشق اليومية‘- أنه في يوم "الاثنين [من سنة 1173هـ/1759م] ثبت رمضان المبارك، وثالث ليلة منه -والناس في صلاة التراويح- صارت زلزلةٌ مزعجِةٌ، فقطعت الناس صلاة التراويح، وتهاربت الناس وداست بعضها بعضا، وانذهلت عقولهم"!!
ولئن كان للفواجع نصيبها من تعكير صفو الجموع المحتشدة للتراويح؛ فقد أخذ الشعراء قسطهم من التوظيف الأدبي الظريف في تلك المناسبات، ومن ذلك ما يحكيه المحدِّث قطب الدين اليُونِيني (ت 726هـ/1326م) -في ‘ذيل مرآة الزمان‘- من أن الشاعر جمال الدين المصري المعروف بابن الجزّار (ت 679هـ/1278م) "بات ليلة في شهر رمضان عند الصاحب بهاء الدين أحمد بن حنّا (الوزير المملوكي ت 677هـ/1278م)..، فصلى عنده التراويح وقرأ الإمام في تلك الليلة سورة الأنعام في ركعة واحدة! فقال [ابنُ الجزار]:
ما لي على "الأنعام" من قدرة ** لا سيما في ركــعة واحــدة
فلا تسوموني حضــوراً سوى ** في ليلة "الأنفال" و"المائدة"!

المصدر : الجزيرة نت -
محمد المختار ولد أحمد




 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس