عرض مشاركة واحدة

قديم 27-09-09, 06:28 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي بأي ذهنية ستحكم الصين العالم عام 2020؟



 

ثمة من يتوقع أن تحكم الصين العالم بحلول عام 2020. فهذا البلد الضخم بعدد سكانه الذي يقارب ملياراً وخمسمائة مليون نسمة، والشاسع بمساحته التي تقارب العشرة ملايين كليومتر مربع، يقفز قفزات اقتصادية هائلة، ويسجل وثبات تدهش الصينيين أنفسهم لكن ما يشغل المهتمين بالصين ليس فقط هذه التطورات التي تهدد بابتلاع العالم، وإنما تلك الذهنية الصينية التي تبدو للبعض ملغّزة وللبعض الآخر غريبة الأطوار.
فكيف يفكر الصينيون؟
وما هي العقلية الجديدة التي يمكن أن تهيمن بعد ذبول النجم الأميركي المتوقع؟
يقظة التنين الصيني تثير الخوف والقلق لدى القوى الكبرى في العالم. والتنين هذا الكائن الخرافي، الذي تعود جذور ولادته إلى أساطير قديمة جدا، ان كان يثير الرعب في الغرب، فهو لا يحمل الدلالات نفسها في الصين.
انه يجسد روح الصين وفلسفتها ونظرتها إلى الحياة، وعليه فإن تفكيك رمزيته يساهم في فهم الذهنية الصينية التي تقوم على فلسفة الوئام وليس الخصام. الصينيون يقولون إنهم من سلالة التنين.
وهذه الخرافة الصينية في شجرة الأنساب لا أساس لها، علمياً، من الصحة لأن ليس للتنين كيان حقيقي وفعلي وإنما هو مخلوق مركّب يعود تاريخ ولادة التنين الرمز إلى ولادة الصين نفسها، هذه الحضارة المعمّرة والأقدم في العالم التي لم تنقرض شأن الحضارة الفرعونية أو الفينيقية أو الرومانية وغيرها من الحضارات القديمة.
ولعلّ بعض سحر الصين مستمدّ من هذا الامتداد الزمني الذي لا يمكن لأي حضارة راهنة أن تدّعيه. ويقول علماء الأنتروبولوجيا في الصين إنّ التنين هذا الكائن الخرافي ليس إلاّ عملية تسوية تاريخية توحيدية، قامت بها القبائل الصينية القديمة التي كان لكل منها طوطمها الخاص، فالبعض كانت الأفعى طوطمه أو السمكة أو السلحفاة أو الأيّل. ومن بين هذه القبائل خرج قائد كبير ووحّدها كلها تحت سلطانه، ولكنه لم يتخذ من طوطم قبيلته الخاص رمزا مفروضاً على سائر القبائل ولم يترك، بالمقابل، للقبائل الأخرى حرية الاحتفاظ بطوطمها الخاص، فقام بعملية توحيد كل هذه الحيوانات الطوطمية في كائن خرافيّ افتراضي أخذ شكل التنين، ومن يتأمل رسومات التنين يدرك أن أعضاءه مأخوذة من عدة حيوانات.فالتنين الراهن له قرون غزال وجلد أفعى ومخالب نسر ...الخ. والتنين لا يرمز إلى الأمة الصينية فقط وإنما إلى روحها ووحدتها القائمة على التعددية المتناغمة.
تحرير التنين الصيني
تسعى الصين حاليا إلى فصل سيرة حياة التنين الصيني عن التنانين الغربية الغريبة، والتي ترمز إلى الرذيلة بخلاف ما ترمز اليه التنانين الصينية.
من هنا اقترح المفكر الصيني كوان شيه دْجْيِه Guan Shi jie الاحتفاظ بالكلمة الصينية "لونغ" للتنين، وإدخالها إلى معاجم الغرب حتى لا يتلوّث معناه بالمعنى الغربي، معتبرا ان تشويه صورة التنين الصيني تعود إلى عامل مطابقته بمدلول مفردة التنين الغربيdragon) ) الذي ينطوي على دلالات سلبية.
فالتنين الغربي يرمز إلى الهيمنة والسيطرة والاقتحام، وعليه فإن تحرير التنين الصيني من معناه الغربيّ يعيده إلى طبيعته الصينية المسالمة الموحدة، التي تنشد التناغم وان اتخذت العولمة مسارها بما ينسجم مع طبيعة التنين الصينيّ المركبة فهذا يعني ان العولمة سيشارك فيها الجميع، وتكون ملامحها مأخوذة من كل الحضارات الراهنة على شاكلة ملامح التنين الرمزية.
والصين بلد الوسط والتسامح والتناغم، وفلسفتها الأخلاقية والروحية تقوم على فكرة الانسجام، والذين يرعبهم النهوض الصيني إنما يجهلون الأسس الفكرية والروحية التي تقوم عليها ثقافة الصين الأعرق في التاريخ الراهن. وثمة أمور كثيرة مثيرة للاهتمام في الفكر الصيني، ولقد أدرك العالم الغربي أهمية أشياء كثيرة في هذا الفكر منها مثلا مفهوم "الفانغ شوي" (الريح والماء)، أي علاقة العمران بالمكان وأثره على السكّان. والمكتبات الغربية مليئة بالكتب التي تتناول الأبعاد الروحية لممارسة الـ"فانغ شوي" الصينية.
ثمة مفاتن وأمور كثيرة تسترعي التأمل والنظر في بلاد الوسط أو بلاد "الهارد وير" كما سماها بعض الدارسين الغربيين، مستلهما تركيب الكومبيوتر المؤلّف من "سوفت وير" و"هارد وير"، معتبرا ان القرن الحادي والعشرين سيكون على شاكلة الكومبيوتر، "الهارد وير" من نصيب الصين بينما "السوفت وير" من نصيب الهند.

 

 


 

   

رد مع اقتباس