عرض مشاركة واحدة

قديم 09-10-09, 07:31 PM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ثعلب الصحراء
مشرف قسم الدراسـات

الصورة الرمزية ثعلب الصحراء

إحصائية العضو





ثعلب الصحراء غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

6/6

فيما يلي نستكمل نشر المقدمة، الوثيقة التي سجلها اللواء محمود شيت خطاب:

انصافا للتاريخ ولأقدار الرجال العرب المسلمين المجاهدين الذين كثيرا ما يغمط العرب والمسلمون حقوقهم تطمينا لرغبات اعداء العرب والمسلمين. وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا، فإني اذكر ان البطل عبدالقادر الحسيني كان حسنة من حسنات مفتي فلسطين الاكبر الحاج امين الحسيني، فقد كان الحسيني الكبير يرعى الحسيني الصغير رعاية لا حدود لها، ويعتبره اقرب المقربين الى قلبه ونفسه معا، لا لأنه قريب القرابة منه، ولكنه كان صديقه الروحي الذي يعتمد عليه ويثق به. والقرابة دم والصداقة روح. وشتان ما بين صلة الدم وصلة الروح، فكيف اذا اجتمعت الصلتان القرابة والصداقة؟!

لقد عرفت الحاج امين الحسيني عن كثب حين كنت ضابطا صغيرا في ثورة رشيد عالي الكيلاني. ولمست صلته العارضة بالفرسان الاربعة وبرشيد عالي الكيلاني. واستطيع ان اؤكد بأن الحسيني الكبير كان روح الثورة العراقية، ودماغها المفكر، وكان قادتها يأخذون بتوجيهاته وينفذونها فورا، ويحتفلون بها ايما احتفال..وبعد اخفاق تلك الثورة هاجر الحسيني الكبير مع قادتها الى ايران، ولجأ الى المانيا لا حبا بالالمان ولكن كرها للانجليز الذين احتلوا فلسطين وباعوها بثمن بخس للصهاينة، ولم يتركوها الا على انقاض اهلها العرب بعد ان اصبح للصهاينة في الارض المقدسة كيان ودولة وعلم!

ولم يباغت الحسيني الكبير بما حل بالارض المقدسة فقد كان عليه رحمة الله يتوقع كل ما حدث وكأنه يقرأ عن ظهر قلب في كتاب مفتوح.

ودار الزمن دورته حتى جاءت سنة 1385هـ (1965) فعرفت الحسيني الكبير زميلا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة وفي المؤتمرات الاسلامية شرقا وغربا، كما عرفته صديقا صدوقا اسعى اليه في لبنان وفي كل مكان يستقر فيه، وأشهد أنني لم أر بحياتي شخصية عربية إسلامية كشخصية الحسيني الكبير في إخلاصه وحبه لوطنه فلسطين وللبلاد العربية كافة وللمسلمين جميعا، واستعداده للتضحية بروحه وبما يملك في هذه الحياة الفانية دفاعا عن أرضه وعقيدته وأمته.

وقد سمعت أن خلافا بين الحسيني الكبير وبين المرحوم رشيد عالي الكيلاني نشب لما كانا في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية فسألت كل واحد منهما على انفراد: ما أسباب هذا الخلاف؟، فأثنى كل واحد منهما على أخيه ثناء عاطرا، بما هو أهله، وفهمت منهما أن الخلاف لم يكن على المبدأ، ولكن كان على الأسلوب، ولكل واحد منهما اجتهاده، فلا يعرف أحد بما لا يعرف بعد اليوم، فمن المستحيل ان يختلف بطلان من ألمع أبطال الأمة العربية المسلمة على أمور تافهة، بل كان اختلافهما لمصلحة العرب والمسلمين واختلاف أمتي رحمة، كما قال عليه الصلاة والسلام، وهو اختلاف الرأي الذي يُراد به البناء، لا اختلاف المبادئ الذي يراد به الهدم.

ولما سقطت القدس بيد الصهاينة يوم 6 يونيو من سنة 1967 عزيت نفسي سلفا بالحسيني الكبير، فهرعت إلى المنصورية بلبنان، ويومها كان مريضا، فعلمت أن أهله كتموا عنه الفاجعة القاصمة، ولكن الأمر أكبر من أن يُكتم، فمازال يردد: سقطت القدس، في صوت هو حشرجة الموت، وتنهمر عيونه بالدموع السخان حتى فارق الحياة شهيدا من شهداء القدس التي كانت أعز عليه من روحه ومن أهله وماله وكل عزيز، وما هجر فلسطين وعاش بعيدا عن أحب أرض الله إلى نفسه، وما لجأ إلى العراق وكان الحاضر لثورة رشيد عالي الكيلاني، وما لجأ إلى إيران وإلى ألمانيا وايطاليا والى مصر والسعودية ولبنان ثم مات غريبا مثقلا بالهموم الا كرها للانجليز وحبا لوطنه واخلاصا لعقيدته وايمانا بقضية فلسطين. وأشهد انه لو اراد ان ينصب ملكا على فلسطين على ان يلين ولو قليلا للمستعمر لأصبح ملكا من اعظم ملوك العرب فقد عرض عليه الانجليز هذا المنصب الرفيع وعرضوا عليه الاموال الطائلة فما خضع ولا استكان بل اصر على مبادئه حتى ذهب الى جوار ربه!

وعشنا حتى رأينا اشباه الرجال من اصحاب البيوت الزجاجية والماضي الاسود يتطاولون على الحسيني الكبير ليغطوا عيوبهم بالتطاول عليه وليشاركوا في تحطيم الشخصيات العربية الاسلامية خدمة للمستعمر ولكنهم لم يغطوا عيوبهم بما قالوا ولا قدروا على تحطيم شخصية الحسيني الكبير المجاهدة المخلصة بل كشفوا عمالتهم لاعداء العرب والمسلمين فماتوا وهم على قيد الحياة
انهم عملاء اغبياء ولو كانوا على شيء من الذكاء لما تطاولوا الى القمم السامقة وبقوا بواديهم السحيق والمستعمر يستغل الخيانة ولكنه لا يشرف الخونة.
-7-
ونعود الى المؤلف الذي زارني شابا في مصر قبل سنوات فوجدته في قطر قد اصبح رجلا والحمد لله
وليس كتابه عن الشهيد البطل عبد القادر الحسيني عليه رحمة الله الا دليلا على صدقه مجاهدا بالاضافة الى صدقة مؤلفا.
ولست أشك في أنه بدأ بالشهيد الحسيني ويثني بالشهيد عز الدين القسام، ويثلث بالشهيد حسن سلامة، ويربع بالشهيد عبد الرحيم محمود ويخمس ويسدس حتى يأذن الله بالانطلاق لإنقاذ فلسطين وحينذاك سيطلق القلم الى الابد ليعود الى البندقية ما بقي حيا حتى يحكم الله بالحق وهو خير الحاكمين..وبكلمات معدودات فإن نبيل خالد الاغا هو العربي الاصيل، المسلم الحق المجاهد الصادق، يعيش لخدمة هذه المثل العليا، ولولاها لما كان لحياته قيمة ولا معنى.

والذين قرأوا كتابه: الشهيد الحي عبدالقادر الحسيني قد يحسبون انه ألفه في بضعة ايام او بضعة شهور كما يفعل المؤلفون المرتزقة الذين يهمهم أن يضعوا اسماءهم الكريمة على الكتب وكفى....
انه أمضى أكثر من عشر سنين في اعداد مواد الكتاب واتصل بكثير من الشخصيات وسافر الى كثير من البلاد وأذاب نفسه حسرات في كل كلمة وكل جملة وصفحة وفصل من محتويات الكتاب

وعاش يفكر به قبل إعداد كتابه وفي خلال اعداده وبعد إكماله ولا يزال يفكر بأنه مقصر في تقييم الحسيني الشهيد، وكأنه يكلمه معتذرا: معذرة اليك ايها الشهيد، فما وفيتك حقك!.
ان نبيلا يعرف قدر نفسه ويعرف مسؤوليته تجاه عقيدته وأمته ووطنه ويعرف قيمة الشهيد الذي اذا نساه الناس فلن ينساه رب الناس، لهذا فهو يحاسب نفسه قبل ان يحاسبه غيره وقد اشتدّ على نفسه، وعنّف كثيرا.

وأقول له عن الصديق الشهيد وعن عائلته الصغيرة الصديقة وعن آل الحسيني الاصدقاء انك احسنت صنعا، فجزاك الله عن الشهيد البطل أعظم الجزاء
وأمل الجميع فيك بغير حدود أن تؤلف عن الشهداء الآخرين وعن ابي الشهداء الحاج أمين الحسيني، والله معك يرعاك وأنت في القلب كاتبا ومجاهدا، وحسبنا الله ونعم الوكيل
اللواء الركن محمود شيت خطّاب (توقيع).
***
لماذا بكى اللواء خطاب؟!

تتضمن السيرة الذاتية المضمخة بعبير الرجولة والنخوة للواء محمود شيت خطاب - طيب الله ذكراه - انه التحق بالجيش العراقي عام 1937 وهو في الثامنة عشرة من عمره، وتدرج في ترقياته العسكرية حتى وصل إلى رتبة "لواء ركن". وهذا يدل على أنه كان من الرواد الأوائل الذين ساهموا في تأسيس وبناء الجيش العراقي وبث روح البطولة والبسالة في أفراده.

والمقربون من شخصية هذا العملاق يعرفون مدى رهافة حسه، ورقيق شعوره، ودماثة خلقه، ولذلك فلا عجب ان تعتري الدهشة وجوه القراء اذا علموا بأنه كان يبكي حينما تفيض مشاعره، وتغلي مراجل الغضب في قلبه وكيانه، وجدت ذلك مرات عديدة من ضمنها يوم أن ضاقت به السبل، وسدت في وجهه الأبواب، فاضطر أن يعرض مكتبته الثمينة للبيع بأبخس الاثمان، وكذلك عندما تسلم من شخص ما شيكا بمبلغ عشرة آلاف دولار أميركي بعثها اليه جواد قطري شهم عندما بلغه تردي حالته المادية حسب ما رواه لي أخي الداعية الكريم الشيخ طايس الجميلي، جزاه الله وأمثاله خير الجزاء.

اما المرة الثالثة التي أبكت اللواء خطاب فقد رواها الأستاذ المؤرخ عبد الله الطنطاوي وذلك في صلب كتابه عن محمود شيت خطاب ويقول انه التقى باللواء الركن في منزله ببغداد بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 التي ادت يومها الى تدمير الجيش العراقي، واذلال اميركا واليهود للنظام وللشعب العراقي.

ويقول المؤرخ الطنطاوي: قال لي ودموعه السخينة تحرق وجنتيه هل رأيت أشلاء جيشنا يا عبدالله؟ هل سمعت بالانسحاب الكيفي أمام لؤم اميركا المتوحشة؟ وطيرانها المتغول؟ هل هذا هو المصير الذي كنا نعدّ جيش العراق له؟ هل خلق جيش العراق ليكون طعاما لجنازير الدبابات والصواريخ؟

:ثم أنشد باكيا والله بنشيج يقطع القلوب
لم يبقَ شيءُ من الدُّنيا بأيدينا: إلاَّ بقيّة دَمْعٍ في مآقينا
لقد اكرم الله تبارك وتعالى اللواء خطاب فقبضه اليه عام 1998 قبل ان ترمد عيناه برؤية القوات الاميركية الباغية تدنس بغداد في التاسع من ابريل 2003 وتدمر جحافل الجيش العراقي الذي اسسه اللواء خطاب وإخوانه من الاماجد ليكون ذخرا للعراق وسندا للأمة العربية والاسلامية.

هذا هو محمود شيت خطاب الذي ارتقى بخلقه وعبقريته الى مصاف الابطال الافذاذ المتوجين بغار المجد والخلود، وسلام الله عليك يامحمود يوم ولدت ويوم مت، ويوم يبعثك الحي القيوم
.

 

 


ثعلب الصحراء

يقول ليدل هارت، المفكر العسكري والإستراتيجي الإنجليزي عن رومل : "إن القدرة على القيام بتحركات غير متوقعة، والإحساس الجاد بعامل الوقت والقدرة على إيجاد درجة من خفة الحركة تؤدي كلها إلى شل حركة المقاومة ، ولذلك فمن الصعب إيجاد شبيهاً حديثاً لرومل ، فيما عدا جوديريان، أستاذ الحرب الخاطفة".
لُقّب رومل بثعلب الصحراء لبراعته في التكتيك الحربي. وقامت شهرته على قيادته للجيش الألماني في الصحراء الغربية، وقد لعب دوراً مهماً في بروز هتلر.

   

رد مع اقتباس