عرض مشاركة واحدة

قديم 25-08-10, 09:27 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مفاهيم أساسية

هنالك ثلاثة مفاهيم أساسية ترتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة القتالية ، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند إجراء التخطيط العملياتي ، توخيا لتحقيق الهدف الذي تسعى إليه القوات المقاتلة وهي :
* مركز الثقل . وقد سبق أن بحثت هذا الموضوع بصورة موسعة في العدد ( ) من مجلة جند عمان ويمكن الجوع إليه لمن يرغب بمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع . وبينت من خلال ذلك المقال أن مركز الثقل هو مصدر القوة الذي إذا ما تم تدميره أو تهديده فإن نصر الطرف المقابل يصبح مؤكدا .

* خطوط العمليات . هي الاتجاهات أو الطرق التي تربط القوات الميدانية بقواعدها العملياتية من ناحية ، وبأهد1فها العملياتية من ناحية أخرى . تختلف خطوط العمليات عن خطوط المواصلات في المصطلحات الدارجة بأن الأخيرة يقصد بها الطرق التي تربط القوات بقواعد تزويدها في المناطق الخلفية .

تعمل القوات في ظروف الحرب بإحدى مناورتين : المناورة على الخطوط الداخلية ، أو المناورة على الخطوط الخارجية . وإذا ما تبنت القوات المبادرة بالتعرض أحد الإسلوبين المذكورين سابقا ، فإن القوات المدافعة ستتبنى الأسلوب المعاكس . والقرار على إتباع أي من الإسلوبين يعتمد على عوامل عديدة من أهمها : توفر المصادر ، تعدد الجبهات ، وموقع قواتنا نسبة إلى العدو ، وفيما يلي توضيح موجز لكلا المناورتين :


ــ المناورة على الخطوط الداخلية . تنطلق القوات الصديقة في هذه المناورة من موقع متوسط باتجاه الخارج على محورين أو أكثر . وبعبارة أخرى عندما تتباعد القات الصديقة عن النقطة المركزية كما في الشكل ( 1 ).




تناسب هذه المناورة القوات الأضعف أو التي تواجه التهديد من عدة اتجاهات . ومن فوائدها أنها تسهل تحويل الجهد الرئيسي من محور إلى آخر ، كما تسهل القيادة والسيطرة . ورغم أن العمل بهذا الأسلوب يجبر العدو على تجزئة قواته ، إلا أنه يحتوي على مخاطر كبيرة تتمثل في إمكانية إحاطة العدو بها استراتيجيا إذا توفرت لديه المصادر الكافية . وهذا الأسلوب من المناورة طبقته القوات الإسرائيلية في حربها مع الدول العربية عام 1967 ، حيث قاتلت على ثلاث جبهات في الجنوب والشمال والشرق . كما قاتلت أيضا في حرب أكتوبر عام 1973 على جبهتين إحداهما في الجنوب والثانية في الشمال .

ــ المناورة على الخطوط الخارجية . تعني هذه المناورة العمل من اتجاهين أو أكثر ضد قوات معادية في موقع متوسط كما في الشكل ( 2 ) . وإذا ما توفرت المصادر الكافية ، فإن المناورة على الخطوط الخارجية لها ميزة إجبار العدو على تشتيت جهده . ولكنها من الناحية الأخرى تتضمن صعوبة التزامن وإمكانية الهزيمة التدريجية إذا كان العدو قادرا على التعامل مع القوات الصديقة بأولويات مدروسة . ويحتمل أن تؤدي هذه العملية إلى النجاح إذا كان العدو ضعيفا ومترددا أو يفتقر إلى حرية المناورة . ومن الأمثلة على ذلك فقد دمر نابليون جيوش الحلفاء في بلجيكا عام 1815 بمثل هذه المناورة ، ولكنه هزم في معركة واترلو بمناورة مماثلة نتيجة لتجزئة قواته .وهذا الأسلوب إتبعته الدول العربية في حربها ضد إسرائيل عام 1967 حيث قامت بالتعرض من الجبهات الثلاث الغربية والشمالية والشرقية في وقت متزامن تقريبا .

ورغم أنه يؤخذ اعتبار هام لخطوط العمليات في التخطيط العملياتي إلا أنه يجب أن لا يبالغ بها أكثر من اللزوم . فهنالك أمثلة كثيرة في التاريخ تمكنت بها الجيوش من التغلب على السيئات المحلية نتيجة للجرأة ، والمبادرة ، وسرعة البديهة ، وتماسك القطعات . وعلى القائد العملياتي أن يختار خطوط عملياته بحذر شديد على أن لا يتردد في تغييرها إذا ما واجهته ظروف غير مواتية .

ــ نقطة الذروة . إذا لم تحسم العمليات التعرضية استراتيجيا ، فإنها ستصل عاجلا أو آجلا إلى نقطة لا تزيد بها قوة المهاجم كثيرا عن قوة المدافع ، ويصبح استمرار التعرض عرضة لخطر التمدد والهجوم المعاكس من قبل العدو ومن تلقي الهزيمة . وهذه النقطة تسمى في نظرية الحرب ب " نقطة الذروة " .

ومن الجدير بالذكر أن نبين هنا أن فن الهجوم على مختلف المستويات يتمثل في تحقيق الأهداف الحاسمة قبل الوصول إلى نقطة الذروة. وبعكس ذلك فإن المدافع يحاول أن يحد من قدرة المهاجم وجلبه إلى نقطة الذروة بأسرع وقت ممكن ، والتعرف عليها عند حدوثها واستغلالها للقيام بهجوم معاكس يدمر به قوات العدو قبل أن تستعيد قواها .

يمكن أن يصل التعرض الإستراتيجي أو العملياتي إلى نقطة الذروة لأسباب عديدة . فقد ينفذ التكديس من المواد المختلفة أو يدمر في وقت مبكر ، أو قد تكون حركة الإمدادات غير منظمة بصورة صحيحة ، أو تحتاج إلى مزيد من وسائط النقل . كما أن خطوط المواصلات قد تتطلب حماية ضد الهجمات الجوية أو عمليات العصابات إذا كان تهديدها محتملا ، مما يؤثر على الجهد الرئيسي ويضعف عدد القطعات المخصصة لأغراض العمليات . ويحتمل أيضا أن تعاني القوة المهاجمة من الخسائر الكبيرة خلال العمليات القتالية ، فينقلب بذلك ميزان القوى لصالح المدافع . أما في ظروف العمليات المتواصلة فقد تصبح القطعات المهاجمة منهكة وأقل استعدادا لإدامة زخم الهجوم . وفي هذه الحالة يجب تبديلها بقطعات جديدة إذا ما أريد مواصلة العمليات .

هذا ومن الممكن أن تصل الهجمات التكتيكية أيضا إلى نقطة ذروة مماثلة ، ولكن لأسباب تقل في نطاقها عن الهجمات العملياتية والإستراتيجية . فالهجمات التكتيكية تفقد الزخم عادة عندما تواجه مناطق مدافع عنها بقوة لا يمكن تجاوزها، أو عندما ترتفع نسبة الإصابات وخسائر المعدات، بحيث لا تتمكن أنظمة الإخلاء والتزويد والتصليح من مجاراة تلك العمليات. وفي هذه الحالة فإن الهجمات التكتيكية تنهار إذا تتوفر لدى المهاجم قوات احتياطية لإدامة زخم الهجوم . وبالمقابل فإن المدافع سيحاول تعزيز مواقعه بقطعات جديدة أو القيام بهجوم معاكس لاستعادة السيطرة على المنطقة الدفاعية المفقودة أو حماية المنطقة المهددة .
هنالك العديد من الأمثلة على الهجمات الإستراتيجية والعملياتية والتكتيكية التي وصلت إلى نقاط الذروة قبل أن تحقق أهدافها . وقد حدث ذلك لأن المخططين كانوا غير قادرين على التنبؤ بطبيعة وطول فترة العمليات أو بعدل استهلاكها من المواد والمعدات.

ومن الأمثلة على الوصول إلى نقطة الذروة قبل تحقيق الهدف ، الغزو الألماني لروسيا عام 1941 ، حيث كان لطول فترة العمليات وقدوم فصل الشتاء تأثير كبير على فشل الحملة بكاملها . ومن الأمثلة العملياتية ، اندفاع رومل إلى مصر والذي وصل إلى نقطة ذروته في معركة العلمين عام 1942 عندما عانت قواته من نقص كبير في الإمدادات الضرورية .

أما الأمثلة التكتيكية فهي عديدة في التاريخ العسكري ولكنها نادرا ما دونت. ومن الواضح أن معظمها ناتج عن الطموحات الزائدة أو تجاوز مبادئ العمليات التعرضية ( الحشد ، المفاجأة ، السرعة ، المرونة ، والجرأة ) . وتأثرت بدرجة أقل لعدم كفاية الإمدادات .

إن تحول المهاجم بعد وصوله إلى نقطة الذروة خلال عملياته التعرضية لكي يقاتل في معركة دفاعية هو عمل صعب للغاية ، لأن الدفاع يتطلب تحضيرات كثيرة ، بالإضافة إلى أن إعادة تنظيم القطعات المنتشرة على المساحة الواسعة والممتدة بالعمق تتطلب وقتا أكثر مما يسمح به العدو . والأهم من ذلك ، أن التحول من الهجوم إلى الدفاع يتطلب تغييرات سيكولوجية هامة لدى القطعات . فالجنود الذين اعتادوا على التقدم والانتصار، يجدون الآن أنفسهم في أوضاع جديدة تختلف عما اعتادوا عليه في الماضي. فبدلا من الحركة وضرب العدو ، عليهم الآن التخندق وتلقي ضربات العدو ، في ظروف غير ملائمة لهم مما يؤثر عليهم نفسيا ومعنويا . ويجب أن نتذكر أنه نادرا ما يصل الهجوم إلى نقطة الذروة على أرض صالحة للدفاع .

ونقطة الذروة تحظى بأهمية متساوية لكل من المهاجم والمدافع. فالمهاجم يسعى بكل طاقاته لمسك أهدافه العملياتية الحاسمة قبل أن تصل قواته إلى نقطة الذروة . وإذا لم يكن قادرا على التنبؤ بذلك ، فعليه أن يخطط لوقفات يعيد بها تزويد قواته ويحدد مراحل لعملياته بناء على ذلك لكي يحافظ على توازن قواته والسيطرة عليها . وعلى القائد أن يحس عندما تصل قواته إلى نقطة الذروة أو قريبا منها سواء قصد ذلك أو رغما عنه ، ويتحول عندها إلى الدفاع في مكان وزمان من اختياره وليس من اختيار العدو .

أما المدافع ، فعليه أن يسعى لجلب المهاجم إلى نقطة الذروة قبل أن يحقق عملياتيا الهدف الحاسم . ولهذا عليه أن يعرف متى يصبح خصمه ضعيفا لكي يشن الهجوم المعاكس عليه في الوقت المناسب. إنه لأمر جوهري أن يوجه القائد اهتمامه ليس إلى شل قوات العدو المقاتلة فحسب ، بل وعلى نظام إدامتها واستمرارية بقائها ومواصلتها للقتال .

الخلاصة
يعتبر التخطيط العملياتي عنصرا أساسيا في ترجمة نوايا القائد إلى أفكار مدروسة ، تظهر على شكل خطط متكاملة ، تحقق عند تنفيذها الأهداف المقررة . ولكي يتحقق ذلك يجب أن ترتكز الخطط العملياتية على مفاهيم أساسية ، تساعد في توفير أكبر الفرص لاحتمالات النجاح .

تقوم القيادات وهيئات الركن على مختلف المستويات بتحديد أهدافها بعد استكمال تقديرات الموقف ، ومعرفة نقاط الضعف والقوة لدى العدو ، وتحليل الواجبات المناطة بها ، ثم تضع تصورات متكاملة لعملياتها المستقبلية ، تنفذها القطعات المرؤوسة عند الطلب من أجل تحقيق الأهداف المقررة للحملة .

ولا شك بأن التوضيحات التي تبينها القيادات العليا للقيادات الدنيا حول مقاصدها وتصوراتها لطبيعة العمليات المستقبلية ، ستساعد القيادات المرؤوسة في تجديد مهامها الخاصة ، وتصميم عملياتها بحيث تنسجم مع الخطة العامة للحملة وتسهم في نجاحها بصورة فعلية .

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس