عرض مشاركة واحدة

قديم 07-08-09, 07:11 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البواسل
مشرف قسم العقيدة / والإستراتيجية العسكرية

الصورة الرمزية البواسل

إحصائية العضو





البواسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الحملة البريطانية الفرنسية على قناة السويس (عملية موسكيتر) (1).
أ. في الساعة الربعة من بعد ظهر يوم 30 تشرين الأول عام 1956 استقبل وكيل وزارة الخارجية البريطانية ومعه وزير خارجية فرنسا سفيري إسرائيل ومصر ، وأبلغهما صيغة الإنذار البريطاني الفرنسي والذي ينص على وقف إطلاق النار من قبل الطرفين وأن يسحبا قواتهما عشرة أميال عن طرفي القناة خلال 12 ساعة ، وان يوافق الطرفين على نزول القوات البريطانية والفرنسية في بـورسعيد والإسماعيلية والسويس لضمان حريـة الملاحة في القناة ، وإذا لم توافق إحدى الدولتين أو كلاهما فأن بريطانيا وفرنسا ستتخذ ما تراه مناسبا من الإجراءات العسكرية لضمان تنفيذه ، والغريب أنه عند تسلم الإنذار كانت القوات الإسرائيلية الموجودة في عمق سيناء كتيبة مظليين التي نزلت في ممرات متلا وتبعد حوالي 45 ميل عن القناة وكانت القوات الإسرائيلية تقاتل القوات المصرية في أبو عقيلة والقسيمة وأم قطف بالقرب من الحدود المصرية الإسرائيلية ، فكيف يطلب منها الإنذار أن تبعد 10 أميال غربي القناة ، وما علاقة إسرائيل في بور سعيد والإسماعيلية والسويس حتى توافق على نزول القوات البريطانية والفرنسية فجميعها مدن مصرية ولم تكن إسرائيل قد احتلتها ، وهذا كله من أجل احتلال القناة دون قتال مع القوات المصرية ، وان إسرائيل شريكة لهم في العدوان ولكن كان ذلك من أجل إيهام الرأي العام العالمي بحسن نوايا بريطانيا وفرنسا ، ولذلك وافقت إسرائيل على الإنذار ولم ترد مصر .

ب. قامت بريطانيا وفرنسا بحشد قواتهما من أجل القيام بالعملية(2) فحشدت بريطانيا فرقة المشاة الثالثة ، لواء المظلات 16 ، اللواء الثالث فدائيين بحريين ، اللواء المدرع السادس، أما فرنسا فحشدت الفرقة العاشرة المحمولة جوا ، الفرقة السبعة الخفيفة ، الفرقة الثانية (إجمالي القوات 12 لواء مشاة ومظليين ،500 دبابة ،1500 مدفع وهاون بالإضافة إلى القوات الجوية).

جـ. إن الرئيس عبد الناصر لم يكن يتوقع إن تقوم بريطانيا بغزو مصر والمخاطرة بمصالحها الموجودة في مصر والعالم العربي ، واحتمالية المجازفة في الصدام مع الدول العظمى مثل روسيا وبالتالي قيام حرب عالمية ثالثة ، وعلى عكس التوقعات وقبل ساعتين من انتهاء الإنذار كانت الطائرات البريطانية والفرنسية تقصف القواعد والمطارات المصرية وبالتالي تم إخراج سلاح الجو المصري من المعارك البرية في سيناء ، وأخذ سلاح الجو الفرنسي والإسرائيلي يفتك بالقوات البرية المصرية بلا هوادة .
د. وفي هذه الأثناء قامت مصر بإغلاق قناة السويس بواسطة إغراق سفن خاصة مجهزة سلفا ، وعلى مدار أسبوع تم إغلاقها نهائيا ، وتم نسف أنابيب البترول العراقية المارة في الأراضي السورية من قبل القوات السورية ، واستمر القصف على القوات المصرية لمدة خمسة أيام وذلك من اجل تدمير البنية الأساسية للقوات المصرية تمهيدا لإنزال قوات الغزو ، وكانت بريطانيا تهدف من خلال الزحف الإسرائيلي والقصف الجوي قيام حركات معادية للرئيس عبد الناصر وبالتالي إسقاط نظام حكمه ، وقيام حكومة موالية للغرب واتضح ذلك من خلال المناشير التي ألقيت ومن خلال الإذاعة التي كانت تبث من قبرص والموجهة إلى الشعب المصري والتي تهدف إلى إقناع الشعب المصري إن الحرب هي ضد الرئيس عبد الناصر وليس من أجل تدمير الشعب المصري واحتلاله ، وتحذيره من الدمار الذي سوف يلحق به إذا استمر على المقاومة مع عبد الناصر .
هـ. ولكن كانت النتيجة عكسية فكلما زاد القصف والدمار ازداد عناد الشعب المصري على المقاومة واشتد تأييده لعبد الناصر ، وبذلك بروز عبد الناصر كزعيم عربي وأصبح يلقى التأييد من الدول العربية والأسيوية والاتحاد السوفيتي ، وفي نفس الوقت كانت تتدهور سمعة بريطانيا وفرنسا وبذلك فشلت هذه المرحلة وبدأت المرحلة الثانية وهي القيام بإنزال قوات المظليين عند بورسعيد لاحتلالها وبمساندة القوات الرئيسية من البحر .
و. بدأت قوات المظليين بالهبوط في ساعات الصباح الباكر يوم 5 تشرين الثاني ، حيث هبط بالموجة الأولى(1) 600 مظلي بريطاني على مطار الجميل في الطرف الجنوبي لمدينة بور سعيد ، و500 مظلي فرنسي على المدخل الجنوبي لمدينة بور سعيد لاحتلال الجسور الموجودة في المنطقة ، وكتيبة مظليين( 450 مظلي ) على الطرف الجنوبي من بور فؤاد لاحتلال جسر الحديد لإغلاق الطريق باتجاه بور سعيد ، فبدأت معركة بين حامية بور سعيد وقوات المظليين فور هبوطها وتكبد الطرفان خسائر كبيرة .
ز. وفي هذه الأثناء حدثت واقعة غريبة حيث بادر الحاكم العسكري لمدينة بور سعيد بالدخول بمفاوضات للتوصل إلى اتفاق نهائي ، وكانت هذه البادرة مناسبة لقائد قوات المظليين بسبب تأخر القوات الرئيسية لإسنادها وكذلك استلام المدينة دون قتال ، ولقد كانت وجهة نظر الحاكم العسكري ( الذي عزله الرئيس عبد الناصر فيما بعـد بسبب دخوله فـي مفاوضات دون إذن الحكومة المصرية) أنه يريد تجنيب المدينة المزيد من الدمار والضحايا ولذلك كان موقف الحاكم العسكري مشبوها ، وقام مدير المخابرات في بور سعيد بنقل خبر التفاوض الذي حصل ما بين الحاكم العسكري والبريطانيين إلى الرئيس عبد الناصر وطلب منه التدخل لمنع ذلك ، فقام الرئيس المصري بترفيع مدير المخابرات من رتبة عقيد إلى رتبة لواء مع إعطاءه الأقدمية على الحاكم العسكري وذلك حتى لا يتم تسليم المدينة ، لأن الرئيس عبد الناصر في هذه الأثناء كان يتفاوض مع الروس للتدخل في الموقف ، وأثناء قيام مدير المخابرات بتعبئة الرأي العام وتنظيم الشباب للمقاومة المسلحة كان الحاكم العسكري يتفاوض مع البريطانيين لتسليم المدينة وتم الاتفاق بينهما بتمام الساعة السابعة مساء" إلا إن مدير المخابرات رفض الاتفاق واستأنف القتال من جديد قبيل منتصف الليل أي بعد توقف دام ثمانية ساعات استطاع فيها الجانب المصري كسب الوقت وضاع الوقت بالنسبة للجانب البريطاني ، وبذلك فشلت هذه المحاولة لاحتلال المدينة.
ح. وفي نفس الليلة التي كان يتفاوض فيها الحاكم العسكري مع القوات البريطانية قام وزير الخارجية الروسي بتسليم مذكرة إنذار إلى السفير البريطاني في موسكو ، وكما تم الإعلان عنه في مؤتمر صحفي عقد في موسكو ، وهذه ترجمة للإنذار الروسي الشهير الذي لعب دورا أساسيا في إنهاء الحرب(1) ( إن حكومة الاتحاد السوفيتي تجد انه من الضروري لفت الانتباه إلى الحرب العدوانية التي تشنها بريطانيا وفرنسا ضد مصر والتي تنطوي على أشد المخاطر على قضية السلام ، فبأي موقف ستجد بريطانيا نفسها لو أنها هي التي كانت قد تعرضت لهجوم من دول أعظم منها قوة تمتلك كافة أسلحة الدمار الحديثة ، وهناك الآن بلدانا ليست مضطرة أن ترسل أسطولا أو قوات جوية إلى سواحل بريطانيا لأنها تملك وسائل أخرى مثل الصواريخ ، نحن مصممون تصميما كاملا على سحق المعتدين واستعادة السلام للشرق الأوسط بواسطة استعمال القوة، ونحن نأمل بهذه اللحظة الحرجة بأن تستعملوا الحكمة وأن تستخلصوا الاستنتاجات المناسبة من هذا ؟؟) ، وهكذا فقد وضع الإنذار العالم على أبواب حرب عالمية ثالثة جديدة .

ط. في صباح اليوم التالي أعلن الرئيس الأمريكي آيزنهاور رفضه التام للإنذار الروسي واقترح أن تقوم أمريكيا وروسيا بالتعاون والتدخل سوية لإيقاف القتال ، وأوضح إن أي قصف بالصواريخ للمدن البريطانية والفرنسية سوف يقابل برد صاروخي أمريكي مدمر، وفي نفس الوقت أصدر القائد العام لحلف شمال الأطلسي تحذيرا موجها إلى القوات الروسية ، وبدأت حاملات الطائرات والقطع الأمريكية بالتحرك نحو البحر الأبيض المتوسط ، وبذلك بدأت أعظم دولتين تقتربان من الصدام المسلح مع العلم انه بتاريخ 2 تشرين الثاني صدر قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فوافقت عليه مصر في نفس اليوم ، وإسرائيل وافقت عليه في 4 تشرين الثاني .

ك. وبالرغم من الإنذار السوفيتي إلا إن القوات البريطانية والفرنسية استمرت في عدوانها فقامت بعملية قصف شديد للسواحل المصرية ، ثم قامت بعملية إنزال بحري في بور سعيد ، وكانت الموجة الأولى تتألف من كتيبتين كوماندو لتأمين منطقة إنزال لباقي القوات ، ورافق هذه العملية قصف شديد ودارت معارك عنيفة قتل فيها آلاف السكان المدنيين ودمرت أحياء بكاملها ، وفي النهاية تمكنت قوات الحلفاء من احتلالها ، وفي هذه الأثناء أعلن الاتحاد السوفيتي بأنه سمح للمتطوعين السوفيت بالسفر إلى مصر للاشتراك في القتال ضد القوات المعتدية ، ثم أخذ الخلاف يظهر بين أمريكيا وبريطانيا علنا بسبب عملية الإنزال ، وادعت بريطانيا وفرنسا إن هذه الجيوش موجودة من اجل الفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية مع إن القتال بينهما كان متوقف منذ أربعة أيام ، وكان رئيس الوزراء البريطاني يطمع في احتلال السويس والإسماعيلية إلا انه شعر انه بقي وحيدا في الساحة بسبب معارضة المجتمع الدولي ووجود معارضة من داخل الحكومة نفسها ، وتحت هذه الضغوط السياسية أعلن ايدن مساء يوم 6 تشرين الثاني أنه تسلم رسالة من السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة يعلمه فيها بأن مصر وإسرائيل وافقتا على وقف إطلاق النار ولذلك أصدر تعليماته بوقف العمليات الحـربية ضد مصر اعتبارا مـن 6/ 7 تشرين الثاني 1956 ، وبذلك قد فشلت هذه الحرب ولم تحقق شيء إلا في الدمار الذي أوقعته في بور سعيد وباقي المدن المصرية وتدمير المراكز الحيوية والقوات الجوية المصرية وأعداد كبيرة من القتلى والجرحى .

ل. لقد ظل ايدن يتلكأ في مسألة انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من منطقة القناة من أجل وضع الشروط التي يريدها على مصر ، مثل وضع قوات طوارئ دولية مكانها وإزالة العوائق من القناة وفتحها للملاحة الدولية ووضعها تحت إشراف دولي وبعد التوصل إلى معاهدة سلام بين العرب وإسرائيل ، فلم توافق مصر ولا هيئة الأمم المتحدة ولا روسيا ولا أمريكيا على هذه الشروط ، وبعد ضغط أمريكي انسحبت بريطانيا وفرنسا يوم الاثنين تاريخ 3 كانون الأول ، وبعدها انسحبت إسرائيل تحت ضغط أمريكي ، فكانت أخر مرحلة لها شرم الشيخ في 6/7 آذار 1957 ، وبالتالي كانت إسرائيل هي الرابح الوحيد من الحرب وعلى حساب سمعة بريطانيا وفرنسا .

. العمليات البحرية (1). رغم إن التسليح البحري المصري كان متواضعا (بعض المدمرات والفرقاطات ) ، إلا إن إسرائيل كانت تعتبره يشكل تهديدا لأراضيها ، ولذلك قامت فرنسا بدعم القوات البحرية الإسرائيلية وزودتها بأسطول خفيف من المدمرات .
أ. في عصر يوم 30 تشرين الأول وعندما كانت المدمرة المصرية (إبراهيم) تتسلل وسط دورية من الأسطول الأمريكي وبعد إن قصفت ميناء حيفا بحوالي 220 قذيفة قامت المدمرة الفرنسية بالرماية عليها والاشتباك معها حتى الفجر ، ثم أسرها بمساعدة الفرقاطات وسفن المراقبة الإسرائيلية والطائرات الفرنسية.
ب. بينما كانت السفينة التدريب (دمياط) في طريقها إلى شرم الشيخ اعترضتها ثلاث قطع من الأسطول البريطاني وأمرتها بالتسليم فرفض قائدها وقاتلت حتى غرقت.
جـ. في 3 تشرين الثاني حاولت قوة بحرية بريطانية النزول إلى البر بالقرب من ميناء السويس وقامت الزوارق المصرية بإصابة إحدى السفن وبمساعدة مدفعية السواحل ففشل الإنزال.
د. في يوم 4 تشرين الثاني أغرقت الزوارق المصرية طرادا فرنسيا ثم تعقبت الطائرات الفرنسية الزوارق وأغرقتها.



(1) حروبنا مع إسرائيل للواء الركن المتقاعد صادق الشرع ، من ص 416 - 431 .
(2) الموسوعة العسكرية،الجزء الأول ص 209 .
(1) تأملات في ثورات مصر،محمد عبد الفتاح أبو الفضل ص 253 .
(1) حروبنا مع إسرائيل للواء الركن المتقاعد صادق الشرع ، ص 426 .
(1) تأملات في ثورات مصر،محمد عبد الفتاح أبو الفضل ص 246 .

 

 


البواسل

ليس القوي من يكسب الحرب دائما
وإنما الضعيف من يخسر السلام دائما

   

رد مع اقتباس