عرض مشاركة واحدة

قديم 19-05-09, 10:56 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المقاتل
مشرف قسم التدريب

الصورة الرمزية المقاتل

إحصائية العضو





المقاتل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الشبكة المركزية لإدارة العمليات العسكرية



 

الشبكة المركزية لإدارة العمليات العسكرية

لم تكن فكرة "الحرب مركزية الشبكات Network-Centric Warfare"، أو بعبارة أكثر بساطة الشبكة المركزية لإدارة العمليات العسكرية، قد تبلورت بدقة على المستوى الحكومي في ذلك الوقت.

فعندما وصلت إدارة الرئيس بوش إلى البيت الأبيض في نهاية عام 2000، كانت لديها مبادئ عامة لما تريد أن تكون عليه أو تفعله القوات المسلحة، كعدم قيام الجيش بأي مهام غير قتالية، وحفظ السلام أو مهام معقّـدة طويلة المدى "كبناء الأمة"، مع تحويل القوات المسلحة نحو أنظمة تكنولوجيا المعلومات، فيما بدا وكأنه ميل انسحابي أمريكي من مسارح العمليات الدولية، مع العودة إليها وقت الضرورة لتنفيذ مهام سريعة محددة.

بدت المسألة كلها وكأنه سيتم بناء أحد جيوش أفلام حرب الفضاء التي يُـمكن أن تخوض حربا متطورة من بعد، استنادا إلى ضربات دقيقة مكثفة بعيدة المدى، مع تحويل القوات البرية إلى ما يُـشبه "قوات خاصة" تعمل بشكل مباغت على نحو يحدث "الصدمة والرعب"، محققة أهدافها بسرعة قبل أن تعود لأراضيها.

وقد أدّت حرب أفغانستان إلى تعميق تلك التوجهات، إذ أشار الرئيس بوش في شهر ديسمبر 2001 إلى "أن العقيدة الابتكارية والأسلحة عالية التقنية تستطيع أن تشكّـل، ومن ثم تُـسيطر، على صراع غير تقليدي. فعندما تستطيع كل قواتنا المسلحة الاستمرار في اكتشاف وتعقب الأهداف المعادية المتحركة، مع الإشراف على الفضاء والجو، فإن ثورة ستحدث في عالم الحروب".

كانت وزارة الدفاع الأمريكية قد بدأت تتحرك في هذا الاتجاه بالفعل في أكتوبر 2001، وذلك من خلال إنشاء مكتب يديره الأميرال المتقاعد أرثر سيبروسكي، للإشراف على إحداث ذلك التحول الكبير للقوات الأمريكية.

وقد طور هذا الأخير رؤية خاصة لإدارة حروب المستقبل على أساس ما بدأ يُـعرف باسم الشبكة العسكرية المركزية كفكرة نموذجية، يمكن قياس مدى التحول بمدى الاقتراب من تحقيقها.

لم تكن الفكرة جديدة تماما، إذ كان ثمة كتاب قد صدر قبل ذلك بثلاث سنوات تحت ذلك العنوان بالضبط، ألّـفه ثلاثة من ضباط هيئة الأركان، بمشاركة "سيبروسكي"، يُـعرّف تلك الحرب على بأنها مفهوم لعمليات تقوم على التفوق المعلوماتي المستند على شبكة معلومات مركزية شديدة التطور، تعتمد على الأقمار الصناعية، والطائرات المقاتلة، وطائرات الإنذار المبكر، والطائرات بدون طيار، وأجهزة الاستشعار الأخرى، بما يُـتيح بيانات تفصيلية حول مسرح العمليات، تمكّـن من التعرف على الأهداف وتدميرها بشكل فوري.

"الأخ الأكبر"

كانت الفكرة تُـشبه ما تقوم به الشركات التجارية الكبرى التي تتابع عبر شبكاتها المركزية حركة السوق، على نحو يُـمكّـنها من التوقع الدقيق بمخاطرة محدودة لاتجاهات الطلب، والتكيف بسرعة مع الظروف المتغيرة، وإنتاج السلع بالمواصفات المطلوبة لكل عميل في الوقت الذي يريدها فيه.

وكان الهدف عسكريا وفقا لذلك، توفير معلومات للقوات الأمريكية عن أوضاع الخصم بأكثر مما يعرفه الخصم عن نفسه، في الوقت الذي لا تتوافر له كذلك معرفة مماثلة بأوضاع القوات الأمريكية، بما يتيح خيارات هائلة في إدارة العمليات الحربية.

كانت المسألة بتلك الصورة تتجاوز مجرّد توفير المعلومات إلى ربط كل وحدات القوات المسلحة، إليكترونيا عبر شبكة مركزية، وبطريقة شبكية، بداية بالأقمار الصناعية، مرورا بمراكز القيادة، وصولا إلى الوحدات الميدانية والجنود، لتزويد الجميع في نفس الوقت بصورة لما يجري في كل مكان من ساحة القتال، وعلى نحو يُـفترض أن يغيّـر، في حال إتمامه، من مبادئ الحرب ذاتها وطريقة اتخاذ القرارات وتنظيم القوات المسلحة، ويتيح تغيير الاستراتيجيات خلال العمليات ذاتها، من دفاع متحرك في منطقة، إلى التفاف سريع في أخرى، ثم إلى هجوم مفاجئ في ثالثة، على غرار ألعاب الفيديو متعددة الأطراف.

لقد تمكّـنت القوات الأمريكية خلال حروبها الأخيرة كلها ابتداءا من عام 1991 من السيطرة الجوية على فضاء المعركة، على نحو مكّـنها من شن حملات جوية كاملة بدون مشكلات تُـذكر من الطيران الخصم.

وأدّى ذلك بالفعل، إلى قيام القاذفات الأمريكية بتنفيذ مهامها في قصف أي هدف في أرض الخصم بدون عقبات. وما يتم التفكير فيه في ظل الشبكة المركزية، هو تحقيق نفس الشيء على الأرض بالنسبة للقوات البرية العاملة في مسرح العمليات، بحيث تتمكّـن من الرؤية والحركة والإصابة، في وقت تبدو فيه القوات المناوئة وكأنها في حالة ظلام.

ولكي تصل المسألة إلى أقصاها، فإن "الأخ الأكبر" الذي يراقب كل شيء، يُـمكن أن يعمل كما تمّـت الإشارة من خلال القوات الجوية والصواريخ الموجهة والوحدات البحرية، انطلاقا من الأراضي الأمريكية وقواعد قليلة في الخارج، أو دون الإنزال في ساحة المعارك.

وفي حالات الضرورة، يُـمكن إرسال قوة محدودة العدد أو "صغيرة" تتحرك بسرعة في مسرح العمليات نحو الهدف مباشرة لضربه أو إسقاط نظامه خلال وقت قصير وبخسائر محدودة، كما حدث بالفعل في أفغانستان والعراق خلال تلك الفترات الأولى التي اعتبرت أنها "الحرب". لكن، ما هي الحرب؟

 

 


 

   

رد مع اقتباس