عرض مشاركة واحدة

قديم 25-02-09, 03:08 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

قراءة في وثائق 1971 البريطانية 7 ـ الإسرائيليون أسوأ أعداء لأنفسهم هم الآن في حقبة العجزة والأحداث الجديدة
* علقوا نقاط روجرز على صاري سفينتهم فأضاعوا الفرصة * يحاصرون أنفسهم فيجعلون الطريق إلى طاولة المفاوضات صعبا عليهم وعلى غيرهم * تشككوا في خلع السادات لثياب الناصرية
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لندن: حسن ساتي
ملف صغير حمل اسم شخصية وطبيعة اسرائيل برقم 1554 ـ 17 ـ Fco اتسم بالجرأة في التناول من دون ملفات اخرى كثيرة تناولت الدولة الاسرائيلية بكل الجرأة هو السفير البريطاني في تل ابيب E. J. W. BARNES. واسباب الجرأة انه خاطب وزير خارجيته دوجلاس هيوم بمذكرة اختار لعنوانها «اسرائيل العنيدة المتشددة» ووصل فيها الى حد التقرير بأن الاسرائيليين هم اسوأ اعداء لأنفسهم لأنهم كثيرا ما يضعون معارضهم في ركن يكون فيه التراجع اكثر صعوبة، مثلما عمم رسالته او ورقته عن اسرائيل على معظم السفارات والجهات المعنية بالصراع العربي ـ الاسرائيلي.
التقرير يرقى الى الوصف بالأطروحة الرفيعة في فكر العلوم السياسية، فهو يحلل دوافع التعنت والتحجر، لكنه يجد لها بعض المبررات، وحين يتشعب الطرح يسأل السفير وزير خارجيته بذكاء «ماذا أنت فاعل اذا كنت في مكانهم؟»، ومع ان السفير يقر بأن الاسرائيليين مثيرون للجنون ويتصرفون كمجانين، الا انه يعزو ذلك الى تعرض مصالحهم القومية للخطر، ليقول بصعوبة توجيه اللوم لهم حين يراوغون او يماطلون او ينتقمون.
الفائدة العامة للتقرير لا تكمن في تقديمه لحلول، فلم يكلف السفير نفسه عناء ذلك، ولكنها تكمن في التشخيص شبه الدقيق للحالة الاسرائيلية وللحقبة الاسرائيلية كونها حقبة العجزة من الرجال والنساء والاحداث الجديدة، وان لجأ السفير، وربما باحساس منه بتجاوز خطوط حمراء معروفة الى الصاق احكام بالجانب العربي تبقى محل جدال.
وثيقة رقم 1 التاريخ: اسرائيل في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1971 الى: وزير الخارجية سيدي:
1 ـ اذا كان لوفانتين حياً في هذه الساعة، فانه سيكتب، وبلا شك، قصة خرافية من تلك الشاكلة التي تتخاطب فيها الحيوانات، وستكون مادته العرب المحبين للسلام، واسرائيل العنيدة المتشددة. ورغم انه ليس بوسع احد يكتب من هذا المكان او الموقع ان يقيم قوة حب العرب للسلام، وما اذا كان ذلك الحب غريزياً وطبيعياً او مجرد احتفاء، وما اذا كان عاطفة عارمة او اخرى هادئة. ولكن بوسع المرء ان يقدم بعض الافكار حول مسألة التصلب والتشدد الاسرائيلي.
2 ـ الاسرائيليون بالطبع اسوأ اعداء لأنفسهم، فقليلاً، وفي الغالب، ان يقتنع المرء بقوة حجتهم الى ان يسمعهم المرء وهم يقدمونها، وهم كثيرا ما يشطحون، وبلا شك فان ممارسة تعليم الآخر هي تكرار بلا نهاية. وفوق ذلك، والجدير بالملاحظة، انهم وبتكرار خطهم السياسي، خاصة مع حالات السلام، فانهم يحاصرون انفسهم، ويجعلون الطريق الى طاولة المفاوضات صعباً عليهم، مثلما هو للآخرين. وهم كذلك، متجهون طوعاً الى تقديم الدوافع للبلاد الاخرى علناً، وهم، وباذاعتهم لوجهات نظرهم بصوت عال وبصورة مستمرة حول اي شيء يحدث، يعطون احداثاً بلا اهمية زخماً اعلامياً ليس ضرورياً، حتى من وجهة نظرهم انفسهم، ويضعون معارضهم في ركن يكون فيه التراجع اكثر صعوبة. فقد كان من الممكن لقرارات دقيقة كثيرة للأمم المتحدة ان تمر من دون ملاحظة اذا لم يفجرها الاسرائيليون بتحويلها الى مآس عالمية، وعلى ذلك قس، فنقاط روجرز الست كان من الممكن ان تكون من عجائب الايام التسعة اذا لم يعلقها الاسرائيليون على صاري سفينتهم ليقرأها الجميع.
3 ـ وكل ذلك مثير للغضب، والى حد ما، فهو ناتج ظروف خاصة، شخص ما، اظنه اللورد كرو، قال مرة ان القرن التاسع عشر في السياسة البريطانية كان حقبة الرجال العظام والاحداث الصغيرة. والحقيقة الحالية في اسرائيل هي حقبة العجزة من الرجال والنساء والاحداث الجديدة.
فالعالم اصبح اكثر تعقيداً لهؤلاء المهاجرين من وسط وشرق اوروبا. ومعادلة الصهيونية الرائدة والقديمة لم يعد من الممكن تطبيقها، فالمستقبل لا يمكن ترجمته بسهولة بمفردات الماضي، وكما هي الشرايين حين تتصلب، فالمرونة ايضا صعبة التحقيق.
4 ـ والمرونة كذلك تكون دائماً سهلة لطاغية يكون بوسعه ان يغير نبراته بين يوم وليلة، اكثر منها لدى ائتلاف منتخب ديموقراطيا. والانقسامات في ماضي الصهيونية تنعكس بصعوبة في البنية الحزبية داخل اسرائيل اليوم. فحينما يتأسس خط ائتلافي، ومعارض لخط حزبي، وذلك كثيرا ما يكون سهلاً، فان ذلك الحال يتجه الى ان يصبح نفاقاً من خلال التكرار الممل. لأن كل عضو في الائتلاف ينظر بشغف الى الانحرافات التي تحدث من الآخرين في الخط الائتلافي. وبالتالي فان الاتفاق على المحافظة على الوضع القائم يكون اسهل من الاتفاق على تغييره. ولذلك، فليس مستغرباً ان مغادرة السياسات او الاقلاع عنها يأخذ غالباً زمناً طويلاً قبل ان يحدث الحمل. وقد حدث ذلك، وعلى وجه التحديد في فترة وقف اطلاق النار في اغسطس (آب) 1970 حينما انقسم الائتلاف السابق.
5 ـ ولكن، وفي المقابل، حينما نتحسس جمود اسرائيل الظاهر، او حين نتجه للاعتقاد بأنها، وانها وحدها، التي تعرقل جهود التقدم، او حين نحكم بأن عنصر الوقت الذي استهلكته يعمل ضدها، فهناك عوامل اخرى تستحق التفكير. ففي الموضوع الاساسي، اولاً، ليست هي اسرائيل التي تنكر حق العرب في الوجود، وليست هي اسرائيل التي هاجمت العرب اولاً حين سحب التفويض البريطاني، او ان تهديداته الدموية هي التي قادت الى الحرب مرتين. وليست هي اسرائيل التي ابقت، قبل وبعد 1967، تهديداتها على جيرانها، فأجبرتهم على ان يحاربوا في ثلاث جبهات فوراً. ربما تكون هذه ملاحظات هامة، ولكن الحقيقة البديهية تقود للقول ان اسرائيل اذا خسرت حرباً، فانها لن تعيش لتحارب اخرى، على عكس الآخرين.
6 ـ فتوجهاتها تنبع من جذور تاريخية عميقة. فالناس الذين ظلوا يدفعون حول العالم لألفي عام لا يريدون ان يدفعوا مرة اخرى. وليس هو التاريخ القديم وحده الذي انتج عقدة المقاومة المطلقة بلغة الموت افضل من الهوان، وذكريات الاعدام، وفوق كل شيء محرقة هتلر قريبة من السطح. فهؤلاء الناس، وفي ازمنة حياتهم قد ساحوا في العالم، وفي الغالب لخطوة او خطوتين للأمام من مطارديهم. وربما ليس هناك تحقق في الغالب، كون اليهودية، ورغم انها كانت دين القساوسة الملوك، قد اصبحت عبر القرون ديناً للمضطهدين اجتماعياً، الى المستخدمين للهجة حديثة، او الباحثين عن حياة فتات في الفيتو. فهي صرخة بعيدة عن تطور المسيحية وفي الاتجاه المعاكس، ومن مزارعي العهد الجلانوسي الى مواكب البابا الكبيرة في روما، والى حاملي المعازف في كنيسة انجلترا. مع ذلك الحال، والذي قد يكون كذلك، فثمة اسرائيليون كثيرون يشعرون بالقهر في داخل عظامهم وبالقدر هم نادمون، ومقاومون لأي شيء يبدو لهم ابدياً او متعالياً. وبالتالي لم يعودوا مستعدين لأن يلمسوا مقدمة رأسهم او لفات شعرهم.
7 ـ ولكن مثل قولي هذا يبدو كما لو انه اعتذار عن التعنت والتشدد وليس اثباتاً للتهمة. واقول انه واذا كانت هناك اسباب عدة لديهم لاظهار التعنت، فالسؤال هو ما اذا كانوا في الحقيقة متعنتين جداً، فهم في الغالب، وهذه حقيقة، يستخدمون معادلة سلبية. فالرد الشهير على مذكرة د. يارنج في 8 فبراير (شباط) من هذا العام مثال رئيسي. ولكنهم، كانوا بعد حرب الايام الستة مستعدين ومتوقعين للسلام. وقد قدموا في اغسطس 1970 تنازلاً حيوياً، واعني القبول بمفاوضات غير مباشرة، ووقف مؤقت لاطلاق النار، ووجود عنصر لمسؤولية خارجية من اجل الحل. وحتى مع الوضع الحالي، فهم على استعداد للقيام بانسحاب من غير سلام. فهم، كما ترى، قد ابتلعوا الكثير من كلماتهم ومواقفهم، ولم يعودوا مثل شايلوك اليهودي الذي اصر على رطل اللحم كاملاً.. واقرأ هنا الاصرار من الطرف الآخر على الانسحاب من الاراضي المحتلة كشرط مسبق للتفاوض. أليس ذلك عناداً ايضاً..؟ ام انه عناد لاعطاء نقاش حر لكل النقاط موضوع القضية في مفاوضات مباشرة وان يكون ذلك العناد مستعداً للقبول بأحكام وفق اتفاقية مشتركة في ما بعد.
(المحرر: شايلوك اليهودي شخصية في مسرحية تاجر البندقية لشكسبير وقد اشترط على رجل استدان منه مالاً ان يأخذ ماله رطلاً من لحم الرجل اذا فشل في تسديد الدين وفعل ذلك..).
8 ـ وحتى الاحتلال، الذي يعتبر كعلامة للتعنت في الغالب، فله وجه آخر، بعد ان تم قبوله من المراقبين الدوليين سلفاً، مثل الهلال الاحمر، على انه اخف احتلال في التاريخ. فالاسرائيليون تحققوا الآن بأن المواطنين في الأراضي المحتلة لا يمكن ان يتركوا والى الابد في السجن. ولا بد من توافق مع الحقائق ومن اتخاذ قرارات على المدى الزمني البعيد. ولهذا بعض الآثار القاسية والموقوتة في قطاع غزة، ولكن من الممكن ان يقود هناك الى ظروف افضل من تلك التي عرفها اللاجئون سيئو الحظ على مدى عشرين عاماً. اما في الضفة الغربية، حيث الظروف المادية افضل، فالاتجاه الحاضر يقود الى تطوير اكثر. وهذا ايضاً قد يكون فقط المرحلة الاولى لعملية اكبر بعيدة الوصول.
9 ـ يوحي كل ذلك بأن التعنت يبدو في الغالب قولاً اكثر من كونه حقيقياً. وعلى كل، فأياً ما كنا نجد الاسرائيليين في الغالب مثيرين للغضب، فعلينا ألا نتوقع الكثير منهم، لمجرد انهم يبدون اكثر تعقلاً، او اكثر في اوروبيتهم من العرب، مثلما ننزع نحن لاضفاء صفة المفاهيم العالية عليهم. وليس هناك ضرر من هذا، وهذا لا يتعارض بالمستوى الفلسفي، ولكن علينا ألا نمضي بذلك لشوط بعيد، فليس بوسعنا ان نتوقع ان تقدم اسرائيل كل التنازلات وان تكسر كل الطرق المسدودة.
10 ـ الاسرائىليون يعرفون العرب، على كل، وعلى الاقل، كما نعرفهم نحن، ولديهم سبب ضعيف في ان يتوقعوا، وقد بنوا الموقف عبر السنين، يد صداقة من العرب اذا اداروا خدهم الآخر. ولديهم سبب جيد في الأشهر الاخيرة، في ان يتشككوا في ماذا اذا كان السادات، وبعد وعده السابق، قد تخلص من ثوب الناصرية القديم. ولديهم دليل كاف بالرمال المتحركة في السياسات العربية، والتي من المتوقع ان يتكيفوا معها، وبعنف الطرق العربية، ومن المفترض ان يضعوا ثقتهم فيها، في مثل هذه الظروف، فمن المؤكد ان يصب في صالحهم الاستعداد الذي ابدوه للعمل من اجل اتفاقية لقناة السويس، والتي تقدم بدءاً الكثير لمصر والقليل لهم، كونها خطوة نحو المزيد من الانسحاب. والمثير للدهشة هنا، ليس انهم طلبوا ضمانات، ولكن، وفي ضوء انتهاك المصريين لوقف اطلاق اللنار، والتوعد الروسي، واللاقرار الاميركي، والفتور من الآخرين، انهم لم يطلبوا اكثر من ذلك.
11 ـ ومرة اخرى، وبالعودة للاسرائيليين، اعود للفكرة، واتساءل .. ماذا كنت ستفعل اذا كنت في مكانهم. فهم في الغالب مثيرون للجنون او يتصرفون كمجانين، ولكن مصالحهم القومية عرضة للخطر اكثر منا. ولا شك ان الشرق الاوسط يبدو مختلفاً بالنظر اليه من جانبي التلسكوب. ولكنهم وحين يراوغون، او يماطلون، او ينتقمون، يكون في العادة من السهل ان تفهمهم، ومن الصعب غالباً ان تلومهم. فماذا كنت ستفعل لو كنت في مكانهم؟ 12 ـ ارسلت نسخاً من هذه الرسالة لممثلي الملكة في واشنطن، باريس، موسكو، القاهرة، عمان، بيروت، ممثل المملكة المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، قائد القوات البريطانية للشرق الأدنى ولقنصل الملكة في القدس.

 

 


   

رد مع اقتباس