عرض مشاركة واحدة

قديم 20-04-09, 08:55 AM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

وإذن، فليس أمراً مباغتاً أن تتصاعد صيحات الغضب من كل أرجاء العراق فرادى وجماعات، لتضع المسؤولية كاملة على كاهل الاحتلال. ونموذج ذلك - على سبيل المثال - ذاك البيان الذي أصدره (الحزب الإسلامي العراقي) و (هيئة علماء المسلمين) يوم 9 نيسان - أبريل 2006م بمناسبة مرور ثلاث سنوات على دخول قوات الغزو مدينة بغداد، والذي جاء فيه: " إن العراق منكوب بكل المقاييس بعد مرور ثلاث سنوات على الاحتلال الأمريكي، وهو يقف اليوم على أعتاب تداعيات كارثية".

وصرح زعيم الحزب الإسلامي (طارق الهاشمي) بما يلي: " إن قوات الاحتلال هي المسؤوله عن تدهور الأوضاع الأمنية في العراق، وحالة الفوضى التي أدت إلى انتشار ثقافة الكراهية والانتقام". فيما تضمن بيان هيئة علماء المسلمين ما يلي: "يتزايد الوضع في العراق سوءاً في شتى مجالات الحياة، فقد جاء الاحتلال بالدمار الشامل، واعتدى على المقدسات، وانتهك الحرمات". أما (جبهة الحوار العراقية) - التي يرأسها (صالح المطلك) - فقد أصدرت بياناً بهذه المناسبة - مناسبة مرور ثلاث سنوات على الاحتلال الأمريكي للعراق - جاء فيه: "يستطيع أبناء العراق تحويل ذكرى يوم الاحتلال إلى يوم للمقاومة الوطنية، فقد دخل العراق في ذلك اليوم مرحلة مظلمة من تاريخه، تمثلت بالاحتلال الأمريكي الذي استباح بلادنا ودماءنا. ولم يحصد العراقيون خلال السنوات الثلاث الماضية إلا الهشيم والدمار والوعود الكاذبة".

وإذا كانت خسائر القوات الأمريكية على أرض العراق - بحسب ما تم الإعلان عنه رسمياً - بعد ثلاث سنوات من الحرب هو (2347) جندياً، فإن شهداء العراق قد تجاوز عددهم المائة ألف عراقي، معظمهم من غير المقاتلين من المدنيين العزل، أطفالاً وشيوخاً ونساء.

والمهم في الأمر هو ملاحظة تزايد أعداد الشهداء العراقيين مع استمرار الأعمال القتالية واستطالة أمدها؛ ففي بحث أو دراسة قامت بها منظمة مدنية عراقية، أخذت على عاتقها مهمة إحصاء القتلى العراقيين، أعلنت ما يلي: "بلغ عدد القتلى من العراقيين في السنة الأولى من الحرب (2003م) حوالي 6331 شهيداً؛ وفي السنة التالية (2004م) ارتفع العدد إلى 312ر11قتيلاً. أما في السنة الثالثة (2005م) فأصبح عدد قتلي العراقيين (617ر12) قتيلاً، وارتفعت حصيلة القتلي اليومية (معدل وسطي) من 20 قتيلاً في اليوم - للعام الأول - إلى 31 قتيلاً في اليوم - للعام الثاني - ولتصل حتى 36 قتيلاً في كل يوم من أيام العام 2005م".

ولئن كانت هذه الخلاصة لإحدى نتائج الحرب طويلة الأمد على أرض العراق، تمثل حقيقة ثابتة من حقائق الحرب. فإن نتائج الحروب المماثلة تتطابق مع هذه الخلاصة، ولعل من أكثر الأمثولات وضوحاً هي نتائج الحرب الصاعقة (الألمانية) عند اجتياح القوات النازية للغرب (بلجيكا والبلاد المنخفضة وفرنسا)، حيث كانت الخسائر محدودة جداً - مادياً ومعنوياً - على جانبي جبهات القتال، فيما كانت الخسائر الألمانية مذهلة في حربها ضد الجبهات المقاومة للألمان في بلاد البلقان (بقيادة جوزيف بروزتيتو 1942-1944م) وكذلك فإن اجتياح القوات النازية - الألمانية لروسيا والوصول إلى أبواب موسكو ولينينغراد وحدود القوقاز لم يصطدم إلا بمقاومات محدودة، فكانت الحسائر الألمانية والروسية محدودة. ولكن عندما بدأت المقاومة الروسية (السوفيتية) للاحتلال الألماني، جاءت المأساة الحقيقية للطرفين المتحاربين بما يشبه حرب إباده وحرب تدمير، مما أدى إلى ظهور تحولات الحرب الحاسمة. وهنا في العراق - وكما في أفغانستان - تكررت الظواهر الملازمة لكل حرب طويلة الأمد وبعيدة عن الحسم، مع مراعاة خصوصية الحرب لكل بلد، ففي العراق انعكست النتائج السلبية لعدم الحسم بظهور انحرافات لعل من أبرزها: "تعاظم خطورة الاقتتال الطائفي، وتزايد أعداد الشهداء من الأبرياء المدنيين، حتى تجاوز عددهم بعد سنوات الحرب الثلاثمائة ألف شهيد". وتشكل تنظيمات من محترفي الحرب (أو الجريمة المنظمة التي تتغذى وتنمو كالنبات الطفيلي على هامش الحرب) والتي تمثلت بعمليات الاختطاف للأطفال والأبرياء للحصول على فدية مناسبة. وهذا مما أدى إلى انتشار التسلح وزيادة الضحايا، حيث الخيار الأفضل هو أن تكون قاتلاً أو مقتولاً". وكما هو متوقع فعادة ما تحدث هجرات جماعية للهروب من أخطار الحرب، وهذا مما يزيد من حجم مأساة الحرب، ومما يمارس دوره السلبي أيضاً في إطالة أمد الحرب، واستمرار الاحتكام للسلاح.

 

 


   

رد مع اقتباس