عرض مشاركة واحدة

قديم 10-06-09, 09:36 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

المفاجأة، والمفاجأة المضادّة



المفأجاة وعلاقتها بالدفاع الجوى.
المفاجأة هي المبدأ الوحيد المشترك، في جميع قوائم مبادئ الحرب. ويضعها المفكر العسكري البريطاني الشهير، ليدل هارت Liddell Hart ، في مقدمة هذه المبادئ.

الهجوم اليابانى على(بيرل هاربر).

وتؤدي مفاجأة الدفاع الجوي، من قِبل العـدو الجـوي، إلى نتائج خطيرة. ففي بيرل هاربر Pearl Harbor، وإثر الهجوم الياباني، في صباح 7 ديسمبر 1941، بلغت الخسائر الأمريكية 2403 قتلى و1300 جريح، و1000 مفقود، وتدمير وإصابة 347 طائرة قتال، وإغراق أربع سفن حربية كبيرة، ومجموعة من القطع البحرية الصغيرة. بينما كانت خسائر اليابان طفيفة.
ونظراً إلى أن الدفاع الجوي ذو طبيعة دفاعية، فقد يبدو أنه حُرِم من ميزات تحقيق المفاجأة، ولم يبقَ له إلاّ أن "يكون رد فعل لأعمال العدو". أي أن تكون أنشطته مجرد ردود أفعال لِما يقوم به الطيران المهاجِم. ولكن خبرة الحرب في فيتنام، وعلى جبهة قناة السويس، خلال حربَي الاستنزاف وأكتوبر 1973، أوضحت أن المفاجأة موضوع ذو شقّين:

- الشق الأول، يهدف إلى حرمان العدو المهاجِم من تحقيق المفاجأة، وهذا أمر ممكِن.
- أمّا الشق الثاني، فهو "المفاجأة المضادّة". بمعنى أن يفاجئ الدفاع الجوي عدوّه المهاجِم، بأعمال لم يكُن يتوقعها. وهو أمر يمكن تحقيقه.

منع المفاجأة الجوية.

في تعريفه المفاجأة، يقول كارل فون كلاوزفيتز Karl Von Clausewitz : "إنها تتحقق بالأعمال غير المتوقَّعة". فإذا كانت المفاجأة هي رد الفعل التلقائي، أمام موقف غير منتظر، فإن كلمة "توقُّع"، تعني "لا مفاجأة". أي إذا عُرِف أن أمراً ما سيحدث، في توقيت محدَّد، وفي زمان معروف، فلن يفاجأ أحد بحدوثه. ومن ثَمّ، فإن المعرفة ـ أي المعلومات ـ هي كلمة السِّر، لمنع المفاجأة، لأنها الأساس المتين، الواقعي، لتجهيز القوات، واستعدادها لاكتشاف العدو الجوي، وصدّه، بكفاءة. ولن تكون المعلومات ذات فائدة، إذا لم تصل في الوقت الملائم، وإذا لم تترجم، نظرياً وعملياً، ترجمة صحيحة. نظرياً، بمعنى معرفة دلالة هذه المعلومات. وعملياً، باتخاذ الإجراءات الملائمة لمواجَهة ما تعنيه.

تحقيق المفاجأة المضادّة.

يستطيع الدفاع الجوي، على الرغم من طبيعته الدفاعية، أن ينتزع المفاجأة من العدو الجوي، في حالات كثيرة. ويتضح ذلك من الأمثلة التالية:

- إذا تبيّن للطيار المهاجِم، عندما يقترب من أهدافه، أن الدفاع الجوي المضادّ، قد اكتشف موجات الهجوم مبكراً، وأنه جاهز
لمواجَهتها.
- إذا اتضح للطيار المهاجم، أن أسلحة الدفاع الجوي أكثر فاعلية مما كان يظن.
- إذا فُتِحَت عليه نيران مؤثّرة، من حيث لا يتوقع.
- إذا اكتشف الطيارُ المهاجم أنه هاجم موقعاً هيكلياً، بدلاً من الهدف الحقيقي، الذي كُلِّف بتدميره.
- إذا تبيّن له أن الإعاقة الإلكترونية، التي استخدمها ضدّ الدفاع الجوي، لم تكُن مؤثرة.
- إذا لاحظ أن صواريخه "الذكية" Smart ، قد فقدت ذكاءها، وسقطت بعيداً عن الهدف.
في جميع هذه الحالات، وما شابهها، سوف ينتزع الدفاع الجوي المفاجأة من العدوّ، ويحقق المفاجأة المضادّة. ومن ثَمّ، يفقد الطيار المهاجم اتّزانه، في معركة، يحتاج فيها إلى منتهى الثبات. وبذلك، يصبح فشله أمراً كبير الاحتمال.
وقد أفرد أحد الكتب الغربية، التي عالجت حرب أكتوبر 1973، فصلاً للحديث مع الطيارين الإسرائيليين. واللافت، أن أكثر عبارة تردّدت على ألسنتهم كانت: "لقد فوجئت". قال أحدهم: لقد سمعت "أغنية سام". ومن الفور، نفَّذت كل الإجراءات، التي تُحقِّق الهروب من الصاروخ المضادّ. ومع ذلك، فقد أصيبت طائرتي، وتمكَّنت من القفز بالمظلة. وكان طيارو الفانتوم Phantom يُسَمُّون الإشارة، التي يطلقها جهاز الإنذار من انطلاق الصواريخ العربية، باسم "أغنية سام ـ "Sam Song".
وقال آخر : لقد فوجئت بصاروخ سام ـ 6، ينطلق نحوي، بينما كنت أُحلِّق فوق منطقة، أعرف أنها خالية تماماً من الدفاع الجوي.
وإضافة إلى المهارة في تنفيذ القواعد، التي تناقشها هذه الدراسة، يوجد بعض الإجراءات، التي تسهم، بفاعلية، في تحقيق المفاجأة المضادّة، مثل:

الكمائن.
لتنفيذ الكمائن الجوية، تُدفع المقاتلات الاعتراضية، في سِرِّية تامة، إلى احتلال مناطق معيّنة، على ارتفاعات منخفضة، بهدف اعتراض الطائرات المعادية، على طرق الاقتراب البعيدة، خارج مدى أسلحة الدفاع الجوي الأرضية. ويتوقف نجاح الكمائن الجوية على عِدَّة عوامل، من أهمها: اختيار المكان والتوقيت الملائمين، واستمرار إمداد المقاتلات بالمعلومات عن الطائرات المعادية. ومن المؤكد، أن استخدام طائرات القيادة والسيطرة والإنذار المبكر، في توجيه هذه المقاتلات، يسهم، إلى حدّ كبير، في نجاح مهمتها.
وتنجح أسلحة الدفاع الجوي المساندة للقوات البرية، بصفة عامة، في تنفيذ مهام الكمائن. ولكن صواريخ أرض/ جو، التي تُطلق من الكتف، تُعدّ من أكثر الأسلحة الملائمة لهذه المهمة. إذ يمكِن دفعها إلى المَوقع الملائم بسرعة، ويسهل إخفاؤها في الأراضي الصحراوية. كما يمكِن إسقاطها خلْف خطوط العدوّ، ضمن وحدات المظلات والصاعقة. ومن هذه المَواقع المخفاة، وغير المتوقَّعة، يمكنها أن تُفاجئ طائرات العدوّ، أثناء اقترابها، بنيران مؤثرة، وتُلحق بها خسائر ملموسة، وتُجبرها على تجنّب الطيران على ارتفاعات منخفضة. ومن ثَمّ، تستطيع أجهزة الرادار اكتشافها، من مسافات بعيدة، وتدخل في مناطق نيران الصواريخ متوسطة المدى.
ومن أهم شروط نجاح الكمين، اختيار التوقيت والمكان، والسلاح، والقوة الملائمة، والتدريب العالي، والإخفاء الجيّد لمَوقعه. ويجب أن يتميز الجنود، المكلَّفين بتنفيذ الكمين، بالمرونة وخفة الحركة، وسرعة التصرف في المواقف الحرِجة، إضافة إلى الإلمام بتكتيكات المشاة، خاصة ما يتعلق بالاستخدام الجيّد للأرض.
ويجب أن يُغيَّر مَوقع الكمين، بعد كل اشتباك، فتتحقق له الوقاية، وتُستنزف نيران الطائرات المعادية في قصف الموقع الأول، أو على الأقل، تُجبر قيادة العدوّ على تخصيص مجهود جوي، أو دوريات برية، للبحث عن مواقع الكمائن التي أطلقت النيران.

الإخفاء والخداع.
مع وجود وسائل الاستطلاع الحديثة، التي سلَّحها العلم بأعيُن حادّة، وآذان مرهفة، ترى بعض المدارس العسكرية اللجوء إلى وسائل الإخفاء، لتعمية المهاجِم عن تشكيل القتال وحجم القوات، بات أمراً غير ممكن. وهذا الرأي ليس صحيحاً، في جميع الأحوال. لأن الإخفاء، في الحروب الحديثة، أمسى غير قاصر على تلوين المعدات بلون الأرض الخلفية، وتغطية الأسلحة بشباك التمويه، وإنما اتّسع مداه، ليشمل الخصائص الفنية للأسلحة والمعدات، وتكتيكات القتال. والأهَم من ذلك كله، هو إخفاء مستوى المقاتل، وكفاءته في استخدام سلاحه.
وفي هذا الصدد، قال الجنرال موشى ديانMoshe Dayan، وزير الدفاع الإسرائيلي، إبان حرب أكتوبر 1973، تعليقاً على الخسائر الفادحة في القوات الجوية الإسرائيلية: "لقد كنّا نعلَم كل التفاصيل عن أسلحة الدفاع الجوي المصري ومَواقعه. ولكن الأمر، الذي كنّا نجهله، هو كفاءة المصريين في استخدام هذه الأسلحة".

ستائر الدخان.
بوساطة ستائر الدخان، يمكن إخفاء تشكيل القتال، وتفاصيل المَواقع، والأهداف الحيوية الصغيرة، وما يجري في داخلها. وتُعاوِن ستائر الدخان، إلى حدّ كبير، على إجراءات الخداع، بتصوير مواقف تختلف عن الواقع. ويمكن بوساطتها استنزاف جهود العدو الجوية، في قصف مساحات من الأرض، خالية من أي هدف حيوي.
ويؤدي استخدام الدخان إلى تضليل الأسلحة، الموجَّهة بالرؤية المباشرة. كما يشل فاعلية الأسلحة، الموجَّهة بالليزر، لأن الليزر لا يستطيع اختراق الدخان أو الغبار.
غير أن الدخان سلاح ذو حدَّين، لأن استخدامه بطريقة غير مدروسة بدِقة، أو غير مُنَفَّذة بإتقان، يؤدي إلى كشف المواقع، وتحديدها للعدوّ، بدلاً من إخفائها.

المواقع الهيكلية.
تؤدي المواقع الهيكلية دوراً مهمّاً في تضليل الطيار المهاجِم. فعندما يدخل في منطقة الهدف، ويستعد للقصف، يجد أمامه هدفين، بدلاً من واحد، لا يدري أيهما الحقيقي؟ ويتردد الطيار لحظة، ثم يقصف أحدهما، ويمضي. وبذلك يكون احتمال قصْف الهدف الحقيقي، قد نقص من 100% إلى 50% فقط. وليس هذا فحسب، فالواقع، أن لحظة التردد هذه، تجعل الطيار المهاجم أكثر عُرضة للإصابة بأسلحة الدفاع الجوي، كما تُقلِّل، كذلك، من قدرته على الإطلاق في اللحظة الملائمة. ولكن نجاح هذا الأمر، يتوقف على مدى إلمامه بأحدث المعلومات عن هدفه وعن الموقف الذي يواجهه. ولهذا، يجب أن يتوسع الدفاع الجوي في تنفيذ المناورة بوحداته، خاصة بعد تنفيذ العدوّ استطلاعه الجوي.
ومن الممكِن، كذلك، استخدام بعض المعدات الهيكلية، داخل المواقع الحقيقية. ومثالاً لذلك، مَواقع الرادار والصواريخ الموجَّهة رادارياً، إذ تكون الهوائيات أكثر معدات المَوقع تعرضاً للقصف، لكبر حجمها، ولاستحالة وضْعها داخل خنادق محصنة . ومع ذلك، فإن إصابة هذه الهوائيات، تؤدي إلى توقّف المَوقع كله عن العمل. ولهذا، يمكِن وضْع مجموعة هوائيات هيكلية، أو أكثر، داخل الموقع الواحد، مما يقلّل من احتمال قصْف الهوائيات الحقيقية. ويمكِن، بمساعدة أفكار الخداع الإلكتروني، أن تمتص هذه الهوائيات الهيكلية بعض الهجمات الموجهة بالصواريخ المضادّة للإشعاع.
ويجب أن يوخذ في الحسبان، عند إعداد خطة إنشاء المواقع الهيكلية وتنفيذها، أن العدوّ على درجة عالية من الذكاء والخبرة، ولا يسهل خداعه. لهذا، فإن إضفاء مظاهر الحياة الحقيقية على شبكة المَواقع الهيكلية، يحتاج إلى تخطيط واعٍ، وتنفيذ صارم، يشمل مداومة إصلاح هذه المَواقع، وما فيها من معدات، وبث الحياة فيها، واستمرار حركة الشاحنات منها وإليها، وتجهيزها بمصادر الإشعاع، الكهرومغناطيسي والحراري. ومن الممكِن مركزة بعض الأسلحة القديمة، الموجودة في المخازن (التي أُخرجت من واجب العمليات)، لتؤدي دور مصادر النيران الحقيقية (حتى لو كانت غير مُصوَّبة). كما يجب أن تدخل هذه المَواقع الهيكلية في إطار خطة الإخفاء بستائر الدخان، أثناء القتال. ولا بد من اندماج شبكة المَواقع الهيكلية في شبكة المَواقع البديلة، وبذلك يتم احتلالها بمعدات حقيقية، من آن إلى آخر. وأخيراً، فلِكي ينجح الإخفاء والخداع، يجب أن يُخطَّط لهما مركزياً، وأن تتعاون جميع المستويات على تنفيذ الخطة. إذ إن أي خلل بسيط في وضْعها أو تنفيذها، قد يؤدي إلى كشْفها.

يتبع...

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس