عرض مشاركة واحدة

قديم 07-04-09, 12:04 PM

  رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الوثائق الإسرائيلية (الحلقة الحادية والعشرون) ـ البحرية الإسرائيلية استشعرت الخطر لكن الاستخبارات هدأت من روعها

إبحار بارجتين مصريتين إلى بورتسودان واستعدادات أخريين في عدن أعطت انطباعا بإمكانية الحرب



تل أبيب: نظير مجلي
نواصل في هذه الحلقة من تقرير «لجنة أغرنات» للتحقيق في إخفاقات اسرائيل في حرب أكتوبر 1973، نشر الفصول التي تتركز على الأفكار المستهترة في قيادة الجيش الاسرائيلي بالقدرات العربية، وخصوصا لدى شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش.
وبعد أن كانت لجنة التحقيق قد أشادت بالقدرات المصرية ـ السورية على خداع وتضليل اسرائيل بمعلومات مدسوسة بشكل مقصود وأوقعتها في الفخ عدة مرات وعلى مدى فترة طويلة، تحاول اللجنة في هذه الحلقة الادعاء بأن النجاحات العربية في تضليل اسرائيل، كانت عن شطارة، ولكن ليس عن عبقرية. فالأحداث تطورت بطريقة كان يجب على الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ان ترصدها وتكتشف معالمها. ولكن اهمالها واستهتارها حتى بالمعلومات المؤكدة التي وصلت اليها، جعلاها تضيع البوصلة وتستنتج ان السوريين كانوا في حالة طوارئ دفاعية فقط والمصريين كانوا في تدريبات عسكرية شاملة، لكنهم لن يحاربوا اسرائيل لأنهم يخافون من الهزيمة والفشل.

71. على أية حال، كانت مطلوبة يقظة خاصة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية في فترة التدريبات الشاملة [في مصر]، لأن شعبة الاستخبارات العسكرية عرفت جيدا ان من هذه التدريبات التي جرت تحت عنوان عبور القناة، كان في مقدور العدو أن ينتقل الى هجوم فعلي وأن التدريبات يمكن أن تتحول دائما الى غطاء للنوايا الهجومية.

وسنرى لاحقا (البند 106)، انه في سنة 1972 أعربت شعبة الاستخبارات العسكرية عن تقديرها بأن خطرا كهذا غير قائم، وأضافت في مجال الحديث عن قدراتها في اعطاء التقديرات انها «في كل حالة سيكون واضحا لنا ما هي العملية العينية [التي يريد المصريون أو السوريون تنفيذها]، وفي الأساس في حالة تنفيذ العملية على خلفية توتر عام.. أو على خلفية تدريبات شاملة في الجيش المصري تشمل تحركات لقوات على نطاق واسع». لقد كانت قناعة شامل سائدة في صفوف ضباط شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه عندما يقيم العدو تدريبات على نطاق واسع فإن ذلك يشكل علامة واضحة على وضع قد يتطور الى حرب. الجنرال الذي قاد شعبة الاستخبارات العسكرية قبل الجنرال زعيرا، أهرون يريف، عمم في ديسمبر [كانون الأول] سنة 1971 أمرا على ضباط الشعبة، جاء فيه انه من ناحية استخبارية يجب النظر الى كل تدريبات على نطاق واسع على انها أمر يحتوي في طياته على احتمالات الحرب، مما يوجب تعزيز شبكة الردع (شهادة يريف، البروتوكول، صفحة 3258). وفي الاستخبارات التابعة للواء الجنوبي تم في 18 أبريل [نيسان] 1972 اعداد مسودة لوثيقة (موجودة في ملف ـ«وثيقة العلامة الجيدة» الذي جمعه العقيد في الاحتياط، نابو)، تم فيها تحديد العلامات الدالة [على خطر الحرب]. وفي البند الثاني منها ذكرت عدة علامات دالة، منها: «العمليات الهجومية التي تتم وسط غطاء تدريبات تكون [في حالة]: 1. ابقاء العملية سرية حتى تنفيذها (التغطية عليها بالتدريبات). 2. استغلال الحشودات وتنظيم القوات» (شهادة المقدم غداليا، البروتوكول، صفحة 6028 فصاعدا، تفاصيل أخرى عن هذه الوثيقة أنظر في الجزء الثالث من الفصل السادس). كذلك، من رد الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي على استفسارات عناصر المخابرات الأجنبية، لاحظنا ان شعبة الاستخبارات مدركة الخطر في تدريبات تحمل في طياتها خطر الهجوم (أنظر البند 59، آنفا: «المصريون يقيمون الآن تدريبات على نطاق واسع تشمل القوات البرية والجوية والبحرية، وهذه تستطيع بالطبع أن تشكل غطاء للنوايا الهجومية»).

كان محظورا على شعبة الاستخبارات العسكرية أن تتراخى في شكوكها المطلوبة ازاء كل تدريب كبير، مهما زادت أعداد الأخبار القائلة انه [مجرد] تدريب (وبالفعل كانت هناك أعداد كبيرة من الأخبار)، إلا انه كان من واجبها ان تزن بحذر شديد ما إذا كانت هذه الأخبار متقاطعة مع عملية خداع محسوبة.

إن الفرق بين المظهر العرضي للمناورة، التي كانت في مضمونها «التدرب على عبور السويس»، وبين «المناورة» التي كانت في مضمونها استكمال حقيقي للاستعدادات للعبور حتى ما قبل موعده الدقيق يوم/ساعة، هو في «العلامات الدالة» التي ترافق الاستعدادات الحقيقية. وهذه «العلامات الدالة» بالذات هي التي اعتبرتها شعبة الاستخبارات العسكرية "استثناءات" وليس "علامات دالة" (أنظر البند 73 لاحقا)، والسبب في ذلك يعود لأنها رأت فيها استثناء للفرضية [القائلة] بأنه بسبب توازن القوى في الجو [لصالح اسرائيل]، فإن مصر لن تخرج الى الحرب. لهذا السبب وليس بسبب «العبقرية» المصرية بلعت شعبة الاستخبارات العسكرية «الطعم» بأن الحديث جار عن تدريب.

لو تعاملت قيادة شعبة الاستخبارات العسكرية في قيادة هيئة الأركان بانفتاح تجاه «العلامات الدالة»، لكانت استطاعت أن تحدد تفكير وأحاسيس رجال الاستخبارات وتجبرهم بذلك على اعطاء جواب موزون ومسنود للسؤال: ما هي نوايا مصر أن تفعل، حينما تكون قواتها – سوية مع قوات الجيش السوري – في حالة تأهب بكامل قوتها وفي حالة استعداد تامة واتجاه معركتهم اسرائيل.

 

 


   

رد مع اقتباس