عرض مشاركة واحدة

قديم 19-05-09, 10:59 AM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المقاتل
مشرف قسم التدريب

الصورة الرمزية المقاتل

إحصائية العضو





المقاتل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

"مقاولي الدفاع الكبار"

إن مشكلة مثل تلك الأفكار الكبرى، واضحة تماما. فتطور التكنولوجيا العسكرية يُـلهم عادة خيال المخططين الاستراتيجيين، ويؤدي إلى ظهور مثل تلك المشروعات المكلّـفة التي لا تنفصل كثيرا عن مصالح "مقاولي الدفاع الكبار"، الذين حذر الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور من نفوذهم في إشارته الشهيرة للمجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة، وهو المجمع الذي أفرز تصورات مثيرة لحروب مستقبلية تمّ على أساسها تُـبنى أنظمة دفاعية معقّـدة، بينما جاءت الحرب في معظم الأحوال بشكل مختلف تماما.

لقد كانت مبادرة الدفاع الاستراتيجي التي أثارت ضجّـة منذ ظهورها في أوائل الثمانينات، واحدة من تلك المشروعات التي بدا وكأنها يمكن أن تؤدي إلى حل نهائي لمشكلة الحروب النووية التي استندت قبل ذلك على مبدإ الرّدع القائم على مفاهيم الضربة الأولى والضربة الثانية، قبل أن يظهر أنها مكلفة بشدة وغير فـعّـالة تماما في مواجهة أطراف ستفكّـر بالضرورة في استراتيجيات مُـضادّة، كالإغراق، ولن تهدأ، كما توحي تصريحات الرئيس الروسي بوتين مؤخرا حول السلاح النووي الفريد، قبل أن تجد حلاّ لها، ولو كان متصورا أيضا.

إن مشكلة مثل تلك الأفكار الكبرى، واضحة تماما. فتطور التكنولوجيا العسكرية، يُـلهم عادة خيال المخططين الاستراتيجيين، ويؤدي إلى ظهور مثل تلك المشروعات المكلّـفة التي لا تنفصل كثيرا عن مصالح "مقاولي الدفاع الكبار"، الذين حذر الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور من نفوذهم في إشارته الشهيرة للمجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة، وهو المجمع الذي أفرز تصورات مثيرة لحروب مستقبلية تمّ على أساسها تبني أنظمة دفاعية معقّـدة، بينما جاءت الحرب في معظم الأحوال بشكل مختلف تماما.

كما تشير كل المشروعات التي استندت على منجزات الثورة في الشؤون العسكرية، والتي تتضمّـن أسلحة الليزر عالي الطاقة، وأسلحة الموجات الصوتية، وتكنولوجيات الحرب المعلوماتية بتطبيقاتها العسكرية المثيرة، إلى تصورات لحروب شديدة التطور تشنّـها دول أو جيوش باستخدام أسلحة متقدّمة، في حين وضح في الفترة التالية، أن نمط حروب المدن والشوارع، وحروب العصابات والاستنزاف، وهجمات الإرهابيين، وحروب الكهوف في الصحراء، هي التي عادت لتمثل المشكلة، وأن الطائرات المدنية قد تُـستخدم لإحداث خسائر فادحة، وأن الأسلحة النووية ذاتها قد تُـستخدم بطريقة مختلفة من خلال جماعات إرهابية، وأن أنظمة التسليح المتقدم تكون غالبا مُـحايدة خارج مسرح العمليات.

لقد أشارت موجة من التحليلات الأمريكية بشأن حرب الشبكات المركزية إلى وجود نقطة ضعف هامة يُـمكن أن تنفذ إليها العناصر المعادية، وهي استخدام كل أساليب "حرب المعلومات" ضد شبكة البنتاغون لتخريبها وإيقاف عملها، بما قد يُـسبب ارتباكا هائلا لقوات يُـفترض أنها عـولت على الاعتماد عليها في حالة حرب فعلية، وهناك أمثله لا حصر لها على محاولات ناجحة لاختراق شبكات البنتاغون العسكرية، خاصة وأن الأمر لن يتوقف في تلك الحالة على "هاكرز" هواه، وإنما جيوش إليكترونية مضادة.

لكن الأهم، هو أن هذا المنطق برُمّـته يتجاهل ما حدث بالفعل في حالتي أفغانستان والعراق، فلم يتكرر نموذج الكوسوفو التي قامت القوات بقيادة الولايات المتحدة بالمُهمّـة العسكرية، ثم تركت المسرح للحلف الأطلسي، إذ ظهرت في الحالتين مشكلة حقيقية تتعلّـق بما سمي حالة "ما بعد الحرب"، والتي تحوّلت في الواقع إلى حرب أخرى بمنطق مختلف يكاد يُـماثل الحرب الحقيقية. فانهيار الجيوش لم يكن نهاية المطاف ووضح أن "بناء الأمة" قد أصبح هو القضية.

كانت الولايات المتحدة قد بدأت فعليا تحت تأثير مثل تلك الأفكار في وضع خطط لسحب قواتها من الخارج، وكأن ثمة توجّـه لخفض حجم الجيش العامل والاحتياطي بنسبة 20%، وتدعمت التوجهات الخاصة بحروب المستقبل المتصورة نسبيا بعد عمليات أفغانستان، وتم التخطيط لحرب العراق 2003 بالفعل على أساس التوجهات الجديدة، وحـقق كل ذلك نتائج هامة في مرحلة المواجهات النظامية، لكن ما حدث بعد ذلك، أثبت أن الحرب أكبر من أن تُـترك لهيئات الأركان أو معامل الأبحاث العسكرية.

 

 


   

رد مع اقتباس