احتمالات احتواء الأزمة وتفاقمها
هل قامت عناصر من حزب الله فعلاً بتخطيط وإعداد عملية اغتيال الرئيس الحريري، وإن فعلت فلحساب من، وبالتعاون مع من، وإن لم تكن فعلت، فمن قام بالعملية؟ هل سورية هي المسئول عن حادث الاغتيال أم أن الدولة العبرية هي من خطط وأعطى الأمر بالعملية، لإدخال لبنان وسورية والعرب في دوامة ما بعد الاغتيال؟
هذه أسئلة لا يمكن الإجابة عليها بشكل حاسم، خاصة بعد أن قال نصر الله أن لديه معلومات مؤكدة على أن قرار لجنة التحقيق الدولية سيوجه الاتهام لعناصر من حزب الله. إذن لم يعد من المهم، ربما على الأقل في المدى المنظور، البحث عن إجابات لهذه الأسئلة. المهم الآن هو البحث عن مخرج للأزمة. فقد أعلن حزب الله صراحة أنه يرى في صدور مثل هذا القرار تهديداً مباشراً له، وأنه لن يرفض التعامل مع المحكمة وحسب، بل وسيأخذ خطوات لمواجهة اتهاماتها لأعضائه. والدولة اللبنانية في وضعها الحالي غير قادرة على مواجهة الحزب.
من جهة أخرى، ليس من السهل على رئيس الحكومة الحريري الابن وحلفائه أن يتخلوا عن المحكمة بعد سنوات من إصرارهم على دعمها وتأكيدهم الدائم على حياديتها وقدرتها على إحقاق الحق، حتى أصبح القبول بالمحكمة ودعمها جزءا لا يتجزأ من برامج الحكومات الائتلافية اللبنانية منذ صدور قراري مجلس الأمن بتأسيسها. وحتى إذا سحب الحريري الابن دعمه للمحكمة، فربما لم يعد من السهل إيقاف عجلة إجراءاتها، نظراً لطابعها الدولي واستنادها إلى قرار من مجلس الأمن وليس من الحكومة أو السلطات القضائية اللبنانية، وارتباط أي قرار مستقبلي للمجلس في هذا الشأن بإرادة القوى الرئيسية فيه، لاسيما الولايات المتحدة.
وقد كانت الزيارة المشتركة التي قام بها الملك السعودي عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد لبيروت في 30 يوليو/ تموز، بعد مباحثات ثنائية بينهما في دمشق، محاولة لاحتواء أجواء الأزمة ومنع تفاقمها. ولكن الواضح أن الرئيس الأسد والملك عبد الله، ورغم عدد من اللقاءات الجانبية التي أجراها مسئولون سوريون وسعوديون مع حزب الله وتيار المستقبل الذي يقوده الحريري الابن، لم يستطيعا التوصل إلى صيغة خروج آمنة من الأزمة.
ويعتقد أن الأسد دعا الملك عبد الله إلى تفهم مخاوف حزب الله، وطالبه بالعمل على إلغاء المحكمة الدولية نهائياً، بعد أن أصبحت مصدر قلق وعدم استقرار في لبنان والمنطقة. ولكن عبد الله لم يعد إلا بالسعي إلى تأجيل إصدار قرار الاتهام المقرر له سبتمبر/ أيلول المقبل. والواقع أن الملك السعودي ربما لا يستطيع إلغاء المحكمة، أولاً لأن مثل هذه الخطوة تتطلب موافقة مجلس الأمن، وتتطلب قبل ذلك موافقة الرئيس الحريري الابن، ولي الدم كما سماه نصر الله.