عرض مشاركة واحدة

قديم 10-08-09, 12:50 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مأزق الاستراتيجية العسكرية العراقية في حرب(حرية العراق) عام 2003




بعد إن وضعت الحرب السابقة (حرب الخليج الثانية) أوزارها في الثامن والعشرين من شباط 1991 أتضح عدم اكتمال نتائجها السياسية لاستمرار النظام السياسي العراقي بزعامة الرئيس صدام حسين في الحياة بقوة وقادرا على التواصل مع محيطه الإقليمي وقد اكتسب قدره معنوية عالية واحترام لصموده تجاه اكبر قدره عسكريه عالميه بقيادة الولايات المتحدة الاميركية بعد الحرب الكورية ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها حاله الإحباط العام التي يعيشها الشعب العربي من المحيط إلى الخليج لنجاح المشروع الصهيوني في دعم (إسرائيل) على حساب الحقوق العربية والمسند بقوة من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية. فصمود العراق كان بارقة الأمل التي أضاءت أفقهم المظلم وظنوا إن هناك قدره على التحدي وإشارة قويه تجلب انتباه الغرب إليهم عسى إن يعدل في سياسته لصالحهم وكانت الحرب في نظرهم أيضا إثبات لذاتهم المغيبة منذ تاريخ طويل. فهذا يفسر ظاهره هيجان عواصف العاطفة العربية المؤيدة للعراق مع نجاح القيادة العراقية بصدق نواياها أو كذبها بربط قضيه الحرب بالموضوع الفلسطيني.

إن الحريق السياسي والأمني الذي نشب في أربعة عشره محافظه عراقية من اصل ثمانية عشره في اليوم التالي لانتهاء الحرب قد تم إطفاءه بسرعة وخلال ستة أسابيع متواصلة تمكن النظام السياسي العراقي بعدها إعادة سيطرته وسطوته على جميع المناطق التي خرجت عن السيطرة مخيبا بذلك ظن الدوائر المعادية له والتي توقعت سقوطه كثمره ناضجة تسقط تلقائيا من غصنها. إن سوء التقدير للسياسة الاميركية حملت الرئيس (جورج بوش) مسؤولية أخلاقية تجاه المنتفظين الذين قمعوا بشده سواء في شمال العراق وجنوبه لأنه كان المحرض الأساسي لاندلاع انتفاضتهم الواسعة من خلال خطابه السياسي والإعلامي الموجه للشعب العراقي للانتفاض على حكومته عند نهاية الحرب وبغض النظر عن التخطيط والدعم والتدخل المباشر الإيراني لتلك الانتفاضة في المناطق الوسطية والجنوبية للعراق إلا أن المسؤولية وقعت بكاملها على الرئيس الاميركي مما دعاه ذلك لإعادة تدخله بالموضوع العراقي بإعلان المنطقة الشمالية من العراق ذي الأغلبية الكردية ملاذا آمنا لمن خرج عن السلطة العراقية مع منع الطيران العراقي من الحوم فوقها أي فوق خط العرض 36 ْ فما فوق ثم أضاف منطقه أخرى لحظر الطيران العراقي دون خط عرض 32 ْ فما دون أي فوق المنطقة الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية والموالية بغالبيتها للسياسة الإيرانية

كان الطرف الآخر (الرئيس صدام حسين) قد وقع في فخ أوهام القوة مرة أخرى حينما جلس على كرسيه مطمئنا ظاناً أن تلك الإجراءات لن تدوم طويلا فأصدر أوامره بسحب القوات العراقية المسلحة من المنطقة الشمالية ومنع قواته الجوية من الطيران فوق مناطق الحظر الجوي ومعتقدا إن ما خسره يمكن إعادته مادام العراق يملك مخزونا هائلا من النفط وعمليا نجح في إعادة الكثير مما دمرته الحرب في المجالات الاقتصادية والخدمية إلى سابق عهدها وكان الأخطر في معتقداته إن الله قد خصه بعنايته المباشرة دون غيره وقد أعده لمهام اكبر فأظهر نفسه كمسيح مسلح ليخلص هذه الأمة من شرور الشيطان الصهيوني الذي امتطى القدرات الاميركية لنيل غاياته في المنطقة العربية. فكان خطابه السياسي يشير دائما إلى النصر الذي حققه في تلك الحرب التي هي بداية لمشروع كبير يحتاج إلى الكثير من الصبر والتضحية لتحقيق كل أهداف الأمة في الوقت نفسه بدى رافضا لأية دراسات معمقه على المستويات الاستراتيجية للمعضلات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تواجه العراق في المستقبل القريب معتبرا إن تلك الدراسات ستسبب إحباطا شديدا لأمل ضمن هو تحقيقه فحرم المستحيلات إلا في موضوع إعادة الحياة للذي فارقها.

لقد فعل التوجيه الخطير بعدم ذكر أية معضلات لا تتوفر الإمكانيات لتجاوزها إلى طمر الحقائق الموضوعية التي تبنى عليها كل الدراسات المعمقة وخاصة في مجال الدراسات الاستراتيجية العسكرية وأطلق العنان للمنافقين والمنتفعين الذين لاتهمهم إلا مصالحهم الشخصية فزينوا له كل طموحاته جاعلين المستحيل ممكنا وبسطوا كل عظيم فقالوا تبا للمستحيل. لقد سعى النظام العراقي لاستعادة سيادته التي فقد الكثير منها بفعل سلسله طويلة من قرارات مجلس الأمن الدولي فوظف قدراته الاقتصادية الكامنة (النفط) لفتح ثغرات في جدار الحصار الاقتصادي وكانت البداية الموافقة على المقترح الفرنسي(مشروع النفط مقابل الغذاء والدواء) بعد تأني طويل وعمل على تنشيط تجاره تهريب النفط عبر البحار والصحاري الواسعة ليكسب موردا ذاتيا حرم منه لتطوير مشروعاته السيادية.
لقد بذلت جهود حثيثة في تقليص التأثير السلبي المباشر وغير المباشر للحصار التسليحي والعلمي الضار بالقوات المسلحة عموما وسلاح الدفاع الجوي والصواريخ والقوه الجوية بشكل خاص ولعبت دوائر التصنيع العسكري دورا مهما في توفير الحدود الدنيا من الاحتياجات لمعظم الأسلحة والصنوف وبرعاية واسعة كبيرة فلاقت كل تشجيع ودعم معنوي ومادي مما جعلها تطمع بالكثير فزادت ضغوط القيادة العراقية عليها لتحقيق الأفضل مع مرور الوقت وظن الرئيس إن كل شيء سيكون ممكنا بفتح ميزانيه الدولة لتلك الدوائر دون رقيب وخارج السياقات المالية للدولة فأدى ذلك فيما بعد وبشكل مطرد إلى تفشي الفساد الإداري في دوائر التصنيع العسكري والجهات ذات العلاقة من القوات المسلحة وغيرها في ظل انخفاض حاد بالرواتب ومستويات المعيشة لموظفي الدولة بشكل عام . ورغم كل ذلك كانت النتائج العملية محدودة جدا لتعاظم الفجوة العلمية والتقنية مابين أسلحتنا وأسلحه الخصم.

لقد تعرض العراق إلى العديد من الضربات الجوية والصاروخية خلال المدة المحصورة مابين حرب 1991 والحرب الأخيرة على ضوء عدد من الأزمات السياسية وبعض المخالفات للشروط الاميركية والبريطانية وكانت عمليه(ثعلب الصحراء) في منتصف كانون الأول 1998 اشد تلك الضربات مع فشل وسائل الدفاع الجوي العراقي في إسقاط أية طائره معاديه فوق الأراضي العراقية واقتصر النجاح في إصابة عدد محدود من الصواريخ الجوالة المعادية طيلة تلك الفترة. ثم جاءت الأحداث الدامية والمرعبة للحادي عشر من أيلول 2001 التي دعمت بشكل مباشر وغير مباشر الرئيس الاميركي الجديد (جورج وكر بوش) في مشروع واسع وغامض في الحرب على الإرهاب خارج حدود الولايات المتحدة فانظم العالم تحت جناحيه لأشهر عديدة ((من لم يكن معنا فهو ضدنا)) كما قالها الرئيس بوش. فكانت الحرب الأولى ضد أفغانستان بنظام طالبان المتحالف مع تنظيم القاعدة بزعامة (أسامة بن لادن) المسؤول عن تلك الأحداث وغيرها فنجحت الولايات المتحدة بإسقاط ذلك النظام بالتعاون مع تحالف الشمال (المعارضة الأفغانية) إلا إن تلك الحرب كانت باستخدام أضيق القياسات الحربية الاميركية حيث اقتصرت على الضربات الجوية والصاروخية والقوات الخاصة. ثم أعلن الرئيس الاميركي عن أهدافه المقبلة لهذه الحرب ضمن محور(شر) شمل العراق وإيران وكوريا الشمالية فبدأت حمله إعلامية ودبلوماسيه شديدتين لتهيئه الرأي العام الداخلي والدولي للحرب على العراق إلا إن الولايات المتحدة عجزت من خلال مواردها التجسسية وفرق التفتيش الدولية من إيجاد ذريعة قانونيه لشن الحرب حين اتهمت العراق بسعيه لامتلاك أسلحة دمار شامل علاوة على ما يملكه من أسلحة كيماوية سابقة. عندها رفض المجتمع الدولي بشده نظريه الحرب. إلا إن الولايات المتحدة الاميركية مضت قدما لشن الحرب على العراق بتأييد محدود من قبل بعض الدول ذات المصلحة بالحرب كبريطانيا وأسبانيا وبلغاريا واستراليا.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس