عرض مشاركة واحدة

قديم 04-09-09, 11:35 AM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعد الدين الشاذلي
مشرف قسم القوات البرية

الصورة الرمزية سعد الدين الشاذلي

إحصائية العضو





سعد الدين الشاذلي غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي المشهد السياسي في اليمن وسياق المواجهات المسلحة



 

المشهد السياسي في اليمن وسياق المواجهات المسلحة


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بدأت الحرب بين الحكومة اليمنية والحوثييين الذين ظهروا أواسط الثمانينات كحركة فكرية، حربا عبثية لا تخدم سوى أصحاب المشروعات الخاصة. وبدخولها دورتها السادسة تبدو الحكومة غير قادرة على حسم الأمر لصالحها.

وتصنف الحركة أنها شيعية اثناعشرية، وهو ما ينفيه الحوثيون. ومن بين مطالبها الاعتراف بها حزبا سياسيا وضمان حق التعليم لأبناء المذهب الزيدي والاعتراف به مذهبا رسميا إلى جانب المذهب الشافعي. أما الحكومة فتتهمها بأنها جماعة مخربة مدعومة من إيران، في حين يستخدم الجيش الحكومي سياسة الأرض المحروقة وتدمير البنى التحية.

ويخشى أن تأخذ الحرب ضد الحوثيين صبغة دولية في ظل الاصطفاف اليمني مع أمريكا وفي ظل التوجس السعودي من أن تكون إيران داعمة للحوثيين، فضلا عن أن الحكومة ما فتئت تردد أن الحوثيين أتباع حزب الله وإيران، وأن إيران وليبيا تمولانهم.

إلى جانب الحرب المشتعلة مع الحوثيين في الشمال فإن الأوضاع في الجنوب غير مطمئنة. فمنذ حرب الوحدة عام 1994 والجنوبيون يشعرون بالقهر السياسي والتهميش، ويطالبون بتحسين أوضاعهم المعيشية. وما فتئت أعداد الأفراد المنخرطين في الاحتجاجات المطلبية في ازدياد. وازداد الأمر سوءا في ضوء فقدان الحكومة اليمنية لرؤية سياسية ناضجة تقوم على المواطنة والمساواة، ولجوئها إلى الإفراط في القمع. لكن تبقى الاحتجاجات في الجنوب ذات منشأ داخلي وهي تعبير عن أزمة النظام في تعاملاته السيئة مع مواطنيه.

واليمن بحاجة اليوم لحل مشكلتي الحوثيين والجنوب إلى دولة مدنية بلوازمها الدستورية والقانونية التي تضمن حرية المواطنين وتخلق علاقة انتماء وفق مبدأ المواطنة، فهي وحدها الكفيلة بتعميق الاندماج الاجتماعي والوطني والشعور بالهوية المشتركة.

من الثابت أن اليمن يعيش أزمة بنيوية شاملة أصابت الدولة والمجتمع بل وجعلت من الدولة ذات مصير مشكوك في استمرارية وجوده أصلا، إذ إن اليمن وفق توصيفات معهد كارنيجي يتجه إلى الانهيار بعد فشله في أداء دوره الإنمائي والوظيفي حتى بالأسلوب التقليدي.

وتأسيسا على ذلك يشهد اليمن حالة من الاضطراب السياسي والأمني بالغ الخطورة، ففي الشمال حرب بين الحكومة والحوثيين (المتمردين الحوثيين بلغة الحكومة) تستخدم في هذه الحرب جميع الأسلحة خاصة من الجانب الحكومي، وهذه الحرب من أول وهلة يمكن الجزم بأنها حرب عبثية لا تخدم اليمن مجتمعا وحكومة، بل تخدم أصحاب مشروعات خاصة ذات طبيعة طائفية من جانب، وتجار الحروب من جانب آخر. خاصة إذا ما علمنا أن هذه الحرب هي في دورتها السادسة وليست الأولى من نوعها.

ومعنى ذلك أن الدولة في اليمن غير قادرة –ولم تستطع-خلال خمس سنوات سابقة وخمس دورات من المعارك أن تحسم الأمر لصالحها ولم تستطع أن تخلق تحالفا مجتمعيا مناهضا للحوثيين يقطع الطريق عليهم من خلال غياب الغطاء الشعبي وتضييق الخناق عليهم لتقليل الأنصار والمؤيدين والمحازبين، لكن الأمر الواقع يعكس غير ذلك فالحوثيون تتزايد أعدادهم وتتزايد مصادر تمويلهم وتسليحهم وهو الأمر الذي يضع تساؤلات هامة يجب الإجابة عنها. كيف تشكلت الجماعة الحوثية سياسيا وعسكريا؟ ما مصادر سندها محليا وخارجيا؟ أين دور الأجهزة الأمنية والاستخبارات طوال السنوات الماضية؟

لا شك أن مشهد الحرب المدمرة والأرض المحروقة يضاعف من التكلفة الاقتصادية للحرب ولما بعد الحرب خاصة الأبعاد الاجتماعية والبشرية وما ستولده الحرب من شرخ عميق في نفوس وثقافة أبناء محافظة صعدة وخصوصا المتضررين من الحرب بشكل مباشر.

وفي دولة تقول إنها فقيرة في الموارد يتساءل البعض عن تمويل الحرب وكلفتها الاقتصادية وكيف يتأتى للدولة تدبير الموارد اللازمة للحرب، في حين تعلن عجزها عن توفير الموارد اللازمة لشراء القمح والعلاج والتعليم والضمان الاجتماعي. إن الحرب بدورتها السادسة بين الحكومة والمتمردين الحوثيين تضع تساؤلات هامة عن دور الدولة ووظيفتها في المجتمع اليمني وعن مدى مشروعية الحرب وفق نصوص الدستور والقانون إضافة إلى المشروعية الشعبية.

وللعلم فإن البدايات الأولى لجماعة الحوثي تم دعمها من قبل الحكومة والحزب الحاكم في إطار التكتيكات السياسية الآنية لمقتضيات اللعبة السياسية، وهذه المسألة أضرت باليمن على المستويين الآني والبعيد، من خلال دور الدولة عبر أجهزتها السياسية والأمنية في تمويل ودعم الجماعات السلفية والزيدية المتطرفة كل ضد الآخر.

 

 


 

   

رد مع اقتباس