عرض مشاركة واحدة

قديم 20-04-09, 10:42 AM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي البرنامج النووي الخليجي



 

في الوقت الذي تشير فيه كافة التقارير والمؤشرات الدولية إلى أن المستقبل سينتقل شيئاً فشيئاً من النفط إلى الطاقة النووية أعلنت دول (مجلس التعاون الخليجي) من خلال القمة التي عقدت في ديسمبر من العام الماضى بمدينة الرياض عن عزمها دخول النادي النووي الدولي بامتلاك التكنولوجيا النووية من أجل استخدامها في الأغراض السلمية، وبخاصة في مجالي إنتاج الطاقة الكهربائية، وتحلية المياه، بالإضافة إلى الاستخدامات الأخرى . وكانت دول عربية أخرى قد سبقتها إلى هذا الخيار فى ظل تصالح دول العالم مع الطاقة النووية والاتجاه بقوة إلى علومها باعتبارها هي البديل الوحيد للنفط كمصدر اقتصادي مهم للتنمية بميادينها المختلفة ، فهل يكتب للبرنامج النووي الخليجي النجاح ؛ ويتحول من نطاق التمنيات إلى أرض الواقع ؟ هذا ما نحاول الإجابة عليه في هذه المقالة من خلال استعراض الأجندة العربية، ومسألة الطاقة النووية، ورصد الموقف الإسرائيلي من المشروعات النووية العربية ، وبيان الأبعاد الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية لهذه البرامج.


الأجندة العربية والطاقة النووية


تغيرت الأجندة العربية كثيراً في الآونة الأخيرة، فقد أعلنت عدة دول عن عزمها امتلاك الطاقة النووية للاستخدامات السلمية خصوصاً وأن هذه التقنية أصبحت تمثل طموحاً دوليا، فقد أعلنت مصر عام 2002م عن مشروع إنشاء محطة للطاقة النووية السلمية في غضون ثمانية أعوام، مما يعنى توفير محطة حقيقية وليست تجريبية مثل المفاعلين الموجودين لديها، وهو ما تم وصفه بأنه نقلة نوعية هامة في طريق البرنامج النووي المصري، وعقب انتهاء أعمال المؤتمر السنوي الرابع للحزب الوطني الديمقراطي تم الإعلان عن استئناف مصر جهودها لاستثمار الطاقة النووية في الأغراض السلمية(1).
كما أن الأردن يرنو إلى إمتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، حيث لمّح العاهل الأردني الملك( عبدالله الثاني) إلى هذا الاتجاه، على رغم تحذيره من مغبة حدوث سباق تسلح في المنطقة . إضافة إلى رغبة الرئيس اليمني( علي عبدالله صالح) في ذلك عبر إشارات تأييد لقرار القمة الخليجية التي عقدت في ديسمبر 2006م والداعي إلى إقامة برنامج خليجي مشترك بين دول المجلس في مجال الطاقة النووية(2).
وفي مطلع العام الماضي تحدث وزير الطاقة الجزائري لأول مرة عن الإعداد لمشروع قانون نووي بشأن استخدام الطاقة النووية لأغراض مدنية،

وعلى الصعيد العملي وقعت الجزائر اتفاقاً مع روسيا في يناير 2007م، بشأن التعاون النووي المحتمل. وفي ظل التحسن في العلاقات الليبية الأمريكية أعلنت مصادر رسمية في طرابلس أن ليبيا ستوقع مع الولايات المتحدة إتفاقية تعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية تهدف إلى إنشاء محطة نووية في ليبيا لإنتاج الكهرباء ، ويعتبر المغرب ضمن (24) دولة أبرمت تعاون نووي مدني مع واشنطن، حيث من المنتظر تشغيل مفاعل المعمورة (إحدى ضواحي مدينة الرباط)، والذي صنعته شركة أمريكية في إطار إتفاق أُبرم سنة 1980م بين المغرب والولايات المتحدة .
بالإضافة إلى الحالات سالفة الذكر، فقد أعربت العديد من الدول العربية الأخرى عن اهتمامها بالتكنولوجيا النووية، مثل تونس والسودان، فقد أعلنت تونس في العام الماضي عن خططٍ لبناء أول محطة للطاقة النووية بحلول عام 2020م، وفيما يتعلق بسوريا فقد حاولت الحصول على مزيد من المفاعلات البحثية من روسيا إلا أن هذه المحاولات فشلت بسبب الملاحقة الأمريكية لكل الاتفاقات التي أبرمتها مع دول أخرى في هذا الشأن(3).
ومما يدعم هذا الاتجاه ما أكدته القمة العربية في ختام أعمالها بمدينة الرياض في 2007/3/29 المجتمع ، عن أن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية هو حق أصيل للدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي، وغيرها من المعاهدات والأنظمة ذات الصلة ، وبصفة خاصة النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ودعت القمة الدول العربية إلى الشروع في التوسع باستخدام التقنيات النووية السلمية في كافة المجالات التي تخدم التنمية المستدامة، ,والأخذ في الاعتبار الحاجات المتنوعة لمختلف الدول العربية ، مع الالتزام بكافة المعاهدات والاتفاقيات والأنظمة الدولية التي وقعتها هذه الدول ، ومن أجل ذلك دعت إلى إتخاذ كافة الإجراءات التنفيذية، ومن بينها إنشاء هيئات ومؤسسات تعنى بالاستخدام السلمي للطاقة النووية في كل دولة عربية، وإنشاء هيئات رقابية وطنية مستقلة تعنى بمراقبة استخدام الطاقة النووية في الدولة، كما تعنى بواردات وصادرات الدولة من المواد والأجهزة المشعة؛ وذلك بهدف تأمين السلامة النووية في الدولة، ولمزيدٍ من الشفافية أمام المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، وتدريس العلوم والتقنيات النووية في الجامعات العربية بغية تأمين الخبرات المتخصصة في هذا الميدان الحيوي، وإنشاء المفاعلات النووية لأغراض البحث العلمي والتوسع في استخدامها في عملية التدريس، والبحث العلمي، والأنشطة الاقتصادية، والصحية، وإنشاء شبكات للرصد المبكر للتلوث الإشعاعي، ووضع خطط الطوارئ الوطنية لمواجهة الحوادث الإشعاعية والنووية، ودعم المنظمة العربية للطاقة الذرية كأداة للعمل العربي المشترك في هذا الميدان، ودعوة الدول العربية التي لم تنه إجراءات الانضمام إلى عضويتها إلى إنهاء هذه الإجراءات بالسرعة المطلوبة، لما في ذلك من دعم لهذه الدول، وللعمل العربي المشترك في هذا الميدان، وكذلك الطلب من الهيئة الدولية للطاقة الذرية وضع إستراتيجية خاصة لامتلاك العلوم والتقنيات النووية للأغراض السلمية حتى عام 2020م (4).
وفي سباق التوجه العربي لاستغلال الطاقة النووية في الأغراض

وفي سباق التوجه العربي لاستغلال الطاقة النووية في الأغراض السلمية، دعا الخبراء العرب الذين يمثلون الوزارات المعنية بشؤون الكهرباء ، وهيئات الطاقة النووية في ختام اجتماعاتهم في تونس 2007/7/5 المجتمع بمقر الهيئة العربية للطاقة النووية، دعوا الدول العربية التي لم تنشئ المؤسسات الوطنية المعنية بالطاقة الذرية إلى الشروع في اتخاذ الخطوات الضرورية لإنشائها، لما في ذلك من تأثير في تنمية الموارد البشرية القادرة على القيام بالتطبيقات النووية السلمية في شتى الميادين الاقتصادية ، وإلى استصدار القوانين الوطنية للأمان النووى والوقاية الإشعاعية، وتضمنت توصياتهم ضرورة توظيف التقنية النووية في مشاريع وطنية إنطلاقاً من المنافع الاقتصادية لكل دولة وحاجة التنمية فيها. ودرس الخبراء إنشاء محطات توليد الكهرباء بالطاقة النووية، ودعم الجهود العربية المتعلقة بهذا الخيار(5).
وهكذا تغيرت الأجندة العربية بعد أن توقف مسار البرامج النووية في المنطقة عن حدود إمتلاك البرامج البحثية المحدودة التي تستند على مفاعلات صغيرة، وأغراض طبية وصناعية وزراعية معتادة بعيداً عن توليد الكهرباء وتحلية المياه، حيث لم يوجد في المنطقة سوى مفاعلات نووية تتراوح طاقاتها بين (2) ميجاوات، و (22) ميجاوات، وهي: مفاعلات إنشاص الأول في مصر، وناحاك سوريك في إسرائيل، وأصفهان في إيران، وتاجور في ليبيا، وعين وزار في الجزائر، وأنشاص الثاني في مصر، ومرافق محدودة في دول أخرى ، فإن هذه التطورات المعلنة تشكل انطلاقة واسعة في اتجاه إمتلاك عدة دول في المنطقة برامج نووية مدنية قوية قد يحدث تحولاً حقيقاً في شكل الإقليم، سواء فيما يتعلق بإعادة تعريف القوى المحورية فيه ، أو هياكلها الاقتصادية، أو تطورها التكنولوجي، وربما علاقاتها البيْنيّة . والأهم هو تلك التطورات التي ستكون لها آثار إستراتيجية هامة قد تفتح الباب للتفكير بصورة مختلفة في كيفية التعامل مع القضايا النووية المعلقة، ليس عبر ما تتضمنه تلك التطورات من احتمالات عسكرية، وإنما ما تضغط في إتجاهه بشأن إعادة ترتيب الأوضاع النووية بين الدول على نحو يضمن استقراراً إقليمياً من نوع ما(6).

 

 


   

رد مع اقتباس