عرض مشاركة واحدة

قديم 07-04-09, 11:07 AM

  رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

ويتابع ايبن وصف الصورة الدولية في تلك الفترة فيقول ان العرب استطاعوا عادة «الفوز بانتصارات في التصويت في مؤسسات الأمم المتحدة والتصويت والخطابات التي سبقته روفقت عادة بصخب كبير، لكنها لم تستطع تحريك جندي اسرائيلي من مكانه. وهكذا بات الطرفان في وضع يحصل فيه العرب على قرارات واسرائيل تكرس وجودها على الأرض. وقد تعزز هذا النوع من الاستقرار أكثر مع انتقال الدولتين العظميين الى حالة «الديتانت» (وتعني بالفرنسية والانجليزية «ازالة العداء والتوتر» واصطلح العرب على وصفها في ذلك الوقت بـ«الانفراج»). فلم يكن من المعقول أن يثير الاتحاد السوفياتي غضب الولايات المتحدة بواسطة دفع العرب الى سباق تسلح، خصوصا ان السوفيات ليسوا معنيين بأن يروا أسلحتهم تهزم بشكل مهين بأيدي العرب (كما حصل في حرب 1967)».

ويخرج ايبن من هذا المشهد استثناء واحدا هو عمليات التفجير وخطف الطائرات الفلسطينية، التي كانت تخرج العالم من حالة الاستقرار المذكورة أعلاه، ولكنه يلفت النظر الى ان هذه العمليات لم تنفذ ضد اسرائيل مباشرة بمعظمها وكانت مثيرة لقلق الغرب أكثر مما هي مثيرة لقلق الاسرائيليين. ويعود وزير الخارجية الاسرائيلي الى وصف الغطرسة العسكرية للقيادة الاسرائيلية فيشير الى ان موشيه ديان، وزير الدفاع، كان يقود التيار المتعصب وذي التأثير الهائل في الحكومة ويقول انه «لم يكن ديان رئيس حكومة ولكنه كان أقوى أعضاء الحكومة». وفي حين كان ديان يطرح، مع بداية الاحتلال، اعادة غالبية الأراضي العربية للعرب مقابل اتفاق سلام، أصبح يعتقد بأن الوضع الحالي هو أفضل حالة استقرار ممكنة. «فلن تنشب حرب جديدة في القريب ولن يأتي السلام بسرعة. الجيوش العربية ـ حسب رأي ديان كما ينقله أبا ايبن ـ تدرك بأن لدى اسرائيل قوة عسكرية ضخمة لدرجة انهم لا يخاطرون بمهاجمتها. المخربون يستطيعون قتل وجرح بعض الاسرائيليين ولكن اعتداءاتهم لن تدمر دولة اسرائيل ولن تستطيع تغيير حدودها، ولذلك فإن تأثيرها السياسي هامشي. لهذا فإن ديان رأى أن على اسرائيل ان لا تصرف جهودها على احتمالات سلاح ضحلة، بل على بلورة خريطة جديدة لها، بواسطة فرض الأمر الواقع بالاستيطان في الضفة الغربية. وقد أظهر استخفافا بفكرة إبقاء خيارات التفاوض للسلام مفتوحة. وفي مقابلة تلفزيونية مع «بي. بي. سي» قال في 14 مايو (ايار) 1973 ان على اسرائيل أن تبقى في الضفة الغربية الى أبد الآبدين. فإذا لم يعجب الأمر الفلسطينيين فإن بإمكانهم أن يرحلوا الى الأردن أو سورية أو العراق أو أية دولة عربية أخرى. وفي 30 يوليو (تموز) قال لأسبوعية «تايمز» انه «لم تعد هناك فلسطين.. خلاص». وكان قد أعلن في خطاب احتفالي من على تلة «مسادا» في أبريل (نيسان) رؤياه لـ«دولة اسرائيل الجديدة ذات الحدود المترامية الأطراف والقوية والثابتة، حيث تفرض حكومة اسرائيل سلطتها على المنطقة الممتدة من قناة السويس وحتى نهر الأردن». ويتابع ايبن ان «سياسة المؤسسة الاسرائيلية الاستراتيجية الأمنية نصت طول تلك الفترة وبكل وضوح على اتباع سياسة استنزاف للعرب. فإن لم يستطع العرب استعادة أراضيهم بحرب أو بضغط الدول العظمى فسيكون عليهم أن يطلبوا المفاوضات ويستجيبوا لبعض المصالح الأمنية الاسرائيلية. ولم تأخذ هذه المؤسسة بالاعتبار وجود خيار عربي ثالث هو: لا استسلام ولا مفاوضات، بل التوجه اليائس الى حرب على أمل أنه حتى لو كان الهجوم غير ناجح فإنه أفضل من القبول بخط وقف اطلاق النار». ويشير ايبن الى قدوم جنرالين اضافيين الى عالم السياسة الاسرائيلية ليضيفا قوة الى أولئك المتعصبين الحاكمين، هما رئيس اركان الجيش، اسحق رابين، والجنرال أرييل شارون. الأول كتب مقالا في «معريب» في 13 يوليو (تموز) يقول فيه: «لقد ضعفت قوة الدول العربية على تنسيق نشاطاتها السياسية والعسكرية ولم تنجح حتى اليوم في جعل النفط عنصر تأثير سياسيا. امكانية استئناف الحرب قائمة ولكن قوة اسرائيل العسكرية كافية لمنع الطرف الآخر من تحقيق أي انجاز عسكري». أما شارون فقال في مقابلة صحافية مع صحيفة «هآرتس» (1973. 9. 20) ان «على الاسرائيليين أن يفهموا انه لا يوجد هدف ما بين بغداد والخرطوم، بما فيه ليبيا، يصعب على الجيش الاسرائيلي احتلاله».

ويقول ايبن ان هناك من وقفوا مثله ضد هذه العنجهية في اسرائيل، لكن هؤلاء أخرسوا خصوصا ان جميع امتحانات القوة التي خاضتها اسرائيل في تلك الفترة انتهت بنجاح. فقد حررت اسرائيل الرهائن من طائرة «سابينا»، وتمكنت من الدخول الى مصر والعودة مع دبابة سوفياتية حديثة أو جهاز رادار سوفياتي حديث، ودخلت قوة كوماندوز منها الى بيروت في أبريل (نيسان) 1973 وتتنقل من شارع الى آخر بحثا عن قادة المخربين (يقصد الفدائيين الفلسطينيين) وتنفيذ عمليات تخريب في طائرات ركاب تابعة لشركات خطوط جوية عربية جاثمة في مطار بيروت. في كل مكان وصل الجيش أو سلاح الجو الاسرائيلي، ساد الشعور بالسيادة والسطوة. الهدوء خيم على قناة السويس والسادات لم يجدد حرب الاستنزاف التي أدارها عبد الناصر. الملك حسين، الذي عمل من خلال مصالحه، وأفاد عمله اسرائيل، اغلق الطريق أمام الفلسطينيين على طول نهر الأردن

 

 


   

رد مع اقتباس