عرض مشاركة واحدة

قديم 07-04-09, 11:05 AM

  رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

على خلفية تلك الأوضاع، الانطلاق من سكرة النصر في تقويم الأمور والاستخفاف الاسرائيلي بالعرب والتعامل معهم بعنجهية وغرور ومحاولة استثمار النصر العسكري بأقصى سبل الابتزاز، وفشل المبادرات للتسوية، نشبت حرب أكتوبر 1973. وقد صدمت هذه الحرب الإسرائيليين وأحدثت لديهم زلزالا سياسيا وعسكريا كبيرين، ما زال محور نقاش ودراسات وأبحاث حتى اليوم. هناك من يرى ان اسرائيل تعلمت الدرس منه وهناك من يرى انها لم تتعلم الدرس. وعلى اثر اخفاقات الحرب الأخيرة في لبنان، والنتائج الأولية للتحقيق الذي أجرته لجنة فينوغراد الحكومية، عاد الكثيرون الى تقرير لجنة تحقيق أخرى هي «لجنة أغرنات»، التي حققت خلال سنة 1973 – 1974 في اخفاقات حرب أكتوبر، وخلصت الى استنتاجات كثيرة ومهمة حول تلك الحرب.

تقرير لجنة أغرنات محفوظ بمنتهى السرية في أرشيف الجيش الاسرائيلي. ولكن بعد الحرب في لبنان تقرر الافراج عنه بشكل جزئي. ولكي نفهم ما جاء في تقرير لجنة أغرنات جيدا، لا بد من اعطاء فكرة عن الأجواء التي أحاطت به، منذ نشوب حرب أكتوبر 1973. ولا بد من التذكير بالأحداث التي سبقت الحرب ومراجعة بعض ما نشر في اسرائيل حول هذه الحرب واسرارها، خلال الـ33 عاما الماضية. وسنفعل ذلك جنبا الى جنب مع نشر مقاطع واسعة من التقرير نفسه حرفيا كوثيقة.

لجنة أغرنات

* حرب أكتوبر جاءت بمبادرة عربية ـ مصرية ـ سورية مشتركة، حيث قامت القوات البرية المصرية بهجوم على القوات الاسرائيلية التي تحتل سيناء وفي الوقت نفسه، الساعة الثانية من ظهر يوم السبت 6 اكتوبر (تشرين الأول) 1973، قامت القوات السورية البرية بمهاجمة القوات الاسرائيلية التي تحتل هضبة الجولان السورية المحتلة. وفي الأيام الأولى من الحرب تمكن الجيش المصري من كسر خط بارليف الحصين على طول قناة السويس ووصل الى عمق 15 – 20 كيلومترا في سيناء، وتمكن الجيش السوري من تحرير كامل هضبة الجولان، بما في ذلك جبل الشيخ والقلاع الحصينة التي بناها الجيش الاسرائيلي فيه. واستمرت الحرب حتى نهاية الشهر تقريبا وأقامت الولايات المتحدة جسرا جويا لنقل العتاد والأسلحة بما في ذلك طائرات يقودها طيارون أميركيون. وتمكنت اسرائيل من استعادة السيطرة على الجولان وتقدمت مسافة ما في الجزء الذي بقي منه في سورية بعد حرب 1967 وراحت تهدد دمشق، مما دفع بقوات عراقية للتقدم نحو العاصمة السورية لحمايتها، وتمكنت قوة اسرائيلية بقيادة الجنرال أرئيل شارون، (الذي أصبح رئيسا للوزراء في ما بعد ويرقد حاليا في المستشفى بلا وعي)، من إحداث ثغرة كبيرة والالتفاف وراء القوات المصرية غرب قناة السويس وتطويق الجيش الثالث المصري. وهدد الاتحاد السوفياتي بالتدخل العسكري لفك الحصار عن الجيش المصري. وكادت الدولتان العظميان تصلان الى مواجهة مباشرة على الأرض المصرية. وانتهت الحرب في 28 أكتوبر بعد قبول جميع الأطراف بقرار مجلس الأمن رقم 338، وعقد اتفاقان لفصل القوات عادت بموجبه القوات الاسرائيلية الى الخلف لتنتهي الحرب بنجاح مصر وسورية في تحرير جزء مهم من أراضيهما المحتلة عام 1967. في اسرائيل، وبنفس طريقة التبجح المألوفة، رفضوا رؤية هذه الحرب دليلا على قدرات قتالية عربية. وأصروا على اعتبار الأمر «إهمالا إسرائيليا خطيرا»، لا بد أن يدفع ثمنه المسؤولون عن الاهمال. وراحوا يطالبون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية ذات صلاحيات تنفيذية لفحص ما جرى ومعاقبة المسؤولين عن الفشل. وعندما تجاهلت الحكومة هذا المطلب، انطلقت حملة جماهيرية واسعة تطالب باستقالة الحكومة كلها، وفي المقدمة رئيستها، غولدا مئير، ووزير الدفاع، موشيه ديان. وقاد هذه الحملة أحد ضباط جيش الاحتياط، موطي اشكنازي، الذي عاد لتوه من الجبهة ليعلن الاعتصام أمام بيت رئيسة الحكومة الى حين تقدم استقالتها. وانضم الى الحملة، بطريقته الخاصة، أرئيل شارون، الذي ادعى في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» (10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1973)، بأنه كان في مقدوره أن يجبر الجيش المصري على العودة من سيناء والاستسلام أمامه وتحقيق انتصار إسرائيلي كاسح في هذه الحرب لكن قادة الجيش ومعهم القيادة السياسية، منعوه من ذلك وحجبوا عنه ما طلبه من تعزيزات وفرضوا عليه التقدم ببطء شديد.

وكانت تلك اشارة منه لتصعيد الهجوم على القيادة السياسية والعسكرية، حيث ان الشعب رأى في شارون بطل هذه الحرب، في حين حاول قادته معاقبته على رفض الامتثال للأوامر التي أرادت منعه من تنفيذ تلك الثغرة لأنها تشكل خطرا على الوف الجنود والضباط. وكانت الحكومة قد فرضت على المواطنين ضريبة حرب، تعطى كقرض طويل الأمد للدولة. ومع انتهاء الحرب كشف ان عدد القتلى فيها بلغ 2222 شخصا، ثم عاد الجرحى الى بيوتهم، وعددهم 7251 جنديا وضابطا، وراحوا يروون العجائب عن فظائع الحرب. ويكشفون أنهم خدعوا عندما قال لهم قادتهم السياسيون والعسكريون بأن العرب يهربون أمام جنود اسرائيل ولا يجيدون القتال. كل هذه الأمور وغيرها شكلت ضغطا شديدا على الحكومة، وفي 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973 رضخت الى هذه الحملة وقررت تشكيل لجنة تحقيق قضائية رسمية للتحقيق في الحرب. ومع ان نص القرار الحكومي بدا ضبابيا وحدد صلاحيات اللجنة للتحقيق فقط في أمرين هما: معرفة المعلومات عن الاستعداد للحرب (في الطرف المصري والسوري) واستعداد الجيش الاسرائيلي للحرب، إلا ان اللجنة وسعت نطاق تحقيقها وأصدرت توصيات قاسية أدت الى الاطاحة برئيس الأركان وبرئيس الاستخبارات العسكرية وغيرهما.

وتشكلت لجنة التحقيق من القاضي المتقاعد في المحكمة العليا، د. شمعون أغرنات (رئيسا)، وقد عرفت اللجنة باسمه، والقاضي المتقاعد في المحكمة العليا، موشيه لانداو، ومراقب الدولة القاضي د. يتسحاق يبتسئيل، ورئيس الأركان الأول للجيش الاسرائيلي الجنرال في الاحتياط يغئال يدين، ورئيس الأركان الثاني، حايم لسكوف.

وكان من دوافع هذا الرضوخ أن اسرائيل استعدت لخوض انتخابات عامة للكنيست في اليوم الأخير من السنة، وهي الانتخابات التي كانت مقررة لأحد ايام الحرب. وتأجلت بسبب الحرب. وقد رفع الحزب الحاكم (المعراخ ـ وهو تجمع حزب العمل وأحزاب يسارية ولبرالية صغيرة أخرى)، شعارا يأخذ بالاعتبار الغضب العارم على الحكومة بسبب الفشل في الحرب، هو «المعراخ، رغم كل شيء». ونجح هذا الشعار في ابقاء حزب العمل في الحكم. تدحرج قرارات اللجنة

 

 


   

رد مع اقتباس