عرض مشاركة واحدة

قديم 07-04-09, 11:02 AM

  رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

«مع استمرار الحرب، تعلمت للأسف الشديد أنه يجب التأكد من الأمور جيدا جدا، ليس من أعلى الى تحت، بل من تحت الى أعلى. هناك أخبار «ميني» [يقصد أخبار صغيرة جدا]، وأنا لا أستخف بها. «انها أخبار جدية للغاية، تنزل الى اللوية ومنها الى الوحدات وهكذا. صحيح ان هناك مصادر. ولكن يجب دائما اعطاء الأفضلية لما يقوله [الجنود في ] خط التماس، الفرق والاحتكاك بالميدان».

118. في الأيام التي سبقت حرب يوم الغفران، منذ ان انتشرت قوات الجيش المصري في تشكيلات طوارئ و[اعلنت فيه] حالة التأهب القصوى، زادت أكثر أهمية المخابرات الميدانية. لقد اصبحت أكثر اهمية بشكل خاص، لسبب الصعوبات في اجراء تصوير جوي: شبكة صواريخ العدو المضادة للطائرات اضطرت طائراتنا الى التصوير من بعيد وبشكل مائل، مما يجعل تحليل الصور أقل سهولة (هذه الصعوبة تجلت في النقاش الذي جرى حول تفسير وضعية الخط الدفاعي الثاني في سورية، وهل تم تحريكه أم لا ـ أنظر البند 12 آنفا). لهذا السبب وللحساسية من رد فعل الصواريخ المصرية المضادة للطائرات، لم تجر عمليات تصوري من الجو في الجبهة المصرية من 24 سبتمبر وحتى 3 أكتوبر (شهادة العميد هارليف، رئيس الاستخبارات في سلاح الجو، صفحة 1299). لقد كان في مقدور المخابرات الميدانية أن تحصل على معلومات دقيقة ومعدلة حتى اللحظة الأخيرة حول تحركات قوات العدو والتغيرات في تشكيلاته وانتشاره واستعداداته على خط الجبهة ومنحها الى القادة والمساهمة بذلك في اعطاء تحذير تقني حول نوايا العدو. 119. يتولى أمر قيادة المخابرات القتالية أولا وقبل كل شيء ضابط الاستخبارات اللواء. توجد له مهمة مثلثة، كقائد دائرة الاستخبارات في اللواء، الضابط المهني لجميع وحدات الاستخبارات في الألوية والوحدات والفرق وكضابط الاستخبارات لقائد اللواء وطاقمه. (حول هذا انظر لاحقا في البند 271). باستطاعته أن يزود قائده القائد بما يطلب من معلومات وفي بعض الحيان يقدم بمبادرته المعلومات التي يخمن أن قائده يحتاج اليها. لكن في شعبة الاستخبارات العسكرية تم تقليص هذا الدور لدى ضابط الاستخبارات في اللواء.

نظريا، كان ضابط الاستخبارات في اللواء حرا ومن حقه أن يتوصل الى تقديرات مستقلة خاصة به وغير متعلقة بدائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، على اساس المعلومات التي جمعت لديه أو التي وصلت اليه من مصادر تجميع أخرى، وأن يعرض هذه المعلومات أمام قائد اللواء وأمام شعبة الاستخبارات العسكرية. لكن الترتيب القائم أثقل عمليا على امكانية التفكير المستقل من هذه الناحية، وكان هذا مريحا لضابط الاستخبارات. فهو لم ير في ذلك تجاهلا لصلاحياته حسب تعليمات القيادة العليا، وبات من السهل عليه أن يقبل بلا جدال تقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، بدعوى انها تملك جميع المعلومات وتستطيع ان تقمع وتزيح جانبا الاستعداد لإعطاء تقدير حول المعلومات والتقديرات المستقلة. وبرزت هذه الظاهرة بشكل خاص عشية الحرب لدى ضابط الاستخبارات فس اللواء الجنوبي، المقدم غداليا، كما فسرنا في البند 26 آنفا من التقرير الجزئي (تفاصيل اخرى في البنود 274 ـ 276).

120. لقد سمعنا كيف ينظر ضباط الاستخبارات باستخفاف الى ما يسمى «طريقة المظلة»، التي بموجبها يحمي ضابط المخابرات نفسه من الانتقاد فيما بعد، بحيث يعرض أمام قادته كل الإمكانيات المفتوحة، وذلك لكي يقرر قائده بنفسه ما هي الإمكانية الأكثر معقولية. وحسب موجهي الانتقاد لـ«طريقة المظلة» لا يتصرف على هذا النحو ضابط الاستخبارات الذي يقوم بواجبه كما يجب، انما هو ملزم بأن يختار بنفسه الامكانية التي يراها ملائمة، ويعرضها وحدها أمام قادته. لقد رأينا ان هذه الطريقة سادت في شعبة الاستخبارات العسكرية وفي هيئة القيادة العامة، وهي التي تسببت في خلق ذلك النهج الذي تم بموجبه عرض «رأي شعبة الاستخبارات العسكرية» أو «رأي دائرة البحوث» فقط على القيادات العليا، وذلك بعد أن تتم بلورة الإمكانيات المختلفة، أولا داخل شعبة الاستخبارات العسكرية. وتفشت هذه الظاهرة ايضا في صفوف ضباط الاستخبارات في الألوية، وخير دليل على ذلك هو تصرف ضابط الاستخبارات في اللواء الجنوبي: فهو أيضا عرض أمام قائد اللواء تقديرا واحدا فقط، وليس تقديره المستقل بالذات، انما تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية بعد أن تبناه من دون نقاش (أنظر البند 274، لاحقا). وبهذه الطريقة ضرب مضمون وأهداف تقديرات الاستخبارات الميدانية وضرب كمالها، وفقدت قيمتها المعلومات التي وصلت الى ضابط الاستخبارات في اللواء. ايضا عندما كان ضابط الاستخبارات في اللواء قادرا على التفسير وعلى التأشير نحو واحدة من الإمكانيات المتوفرة، أراح نفسه من ذلك عندما قبل بتقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (رأي البحوث). وبهذا تعظم الخطر في أن لا تصل العلامات الدالة الى قائد اللواء بواسطة مصفاة ضابط الاستخبارات في اللواء، الذي عرض عليه نفس تقديرات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (حول واجب قائد اللواء في تقدير المعلومات، أنظر الى البند 239 لاحقا).

 

 


   

رد مع اقتباس