عرض مشاركة واحدة

قديم 07-04-09, 10:54 AM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي الوثائق الإسرائيلية



 

الوثائق الإسرائيلية (الحلقة الأولى) ـ «الشرق الأوسط» تفتح ملفات الحروب الإسرائيلية إثر إطلاق سراحها بعد تكتم دام 40 عاما
.. ويسأل الضابط الاسرائيلي «مازحا»: ماذا نفعل بعد احتلال القاهرة، في المساء؟!!

تل أبيب : نظير مجلي
حالما قررت الحكومة الإسرائيلية الرضوخ للضغوط الشعبية والقانونية ووافقت قبل عدة شهور على كشف التقرير السري للجنة «أغرنات»، التي حققت في إخفاقات حرب أكتوبر 1973، توقعت «الشرق الأوسط» أن يكون ذلك التقرير وثيقة بالغة الأهمية للقارئ العربي. وعندما راجع مراسلنا نظير مجلي هذه الوثيقة، في مخدعها في الأرشيف الإسرائيلي، وجدناها فضلا عما تضمنته من معلومات لفهم طبيعة تلك الحرب وخباياها من الجهة الاسرائيلية، تكشف جوانب مثيرة من أسلوب الحكم في اسرائيل والتناقضات فيه، وما هو دور قيادة الجيش في الحياة الإسرائيلية السياسية والاقتصادية، والمفاهيم الإسرائيلية عن العرب وكيف يقيمون القدرات العربية وما هو نوع العلاقات بين اسرائيل ومختلف دول العالم والدور الأميركي في هذه الحرب وما تعكسه من علاقات مميزة وحدود هذه العلاقة وتكشف الكثير من الأسرار المثيرة، التي يوجد فيها شركاء عرب أيضا، وفي بعض الأحيان يمكن اعتبارها أسرارا خطيرة. وتنفرد «الشرق الأوسط» ابتداء من اليوم في نشر استعراض للتقرير ومقاطع كاملة لأهم أجزائه ولأول مرة في الصحافة العربية، بعد الحصول على الوثائق الإسرائيلية، ونستهله بحلقتين عن الحرب التي عرفت في اسرائيل والعالم بـ«حرب الأيام الستة» وأسماها العرب «نكسة 1967»، كونها المنعطف الذي قاد الى حرب 1973.

ثلاث مقولات، اثنتان منها قيلتا كنكتتين والثالثة قيلت في لحظة اعتراف غير عادية، تلخص ثلاث مراحل أساسية من التاريخ الاسرائيلي، وتكشف عن جوانب مثيرة في طريقة التفكير في المجتمع الاسرائيلي، هي:

ـ «آخر من يغادر مطار اللد يطفئ نور الكهرباء»، وقد قيلت قبيل حرب 1967 بدافع الخوف من هجوم عربي حربي يؤدي الى هرب الاسرائيليين من إسرائيل ذاتها. وقد راجت هذه المقولة في تلك الفترة بشكل ساخر، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في اسرائيل والشعور بأن اسرائيل باتت في خطر الانهيار، ولم يبق للإسرائيليين سوى أن يشدوا الرحال ويتجهوا نحو مطار اللد مغادرين. والمطلوب فقط أن يفطن آخر من يغادر، أن يطفئ نور الكهرباء. ـ بعد حرب 1967، التي تمكنت فيها اسرائيل خلال ستة أيام من احتلال شبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان السورية، سادت أجواء انتصار في الدولة العبرية تحولت نشوته الى عنجهية وغرور بالغين، اثارا انتقادات داخل اسرائيل نفسها. وقد انتشرت آنذاك النكتة التالية تعبيرا عن مدى ذلك الغرور: «ضابطان اسرائيليان مصابان بالملل، قال أحدهما للآخر: أنا أقترح لكسر الملل، ان نحتل القاهرة. فأجاب الآخر: نعم، ولكن هذا لا يكفي لكسر الملل. فماذا سنفعل بعد الظهر؟».

ـ حرب أكتوبر 1973، صدمت الإسرائيليين عدة مرات. أولا لأنها فاجأت الشعب (وليس القيادة، كما سيتضح لاحقا)، الذي كان مطمئنا بأن العرب لن تقوم لهم قائمة بعد هزيمة 1967، وثانيا لأن العرب قاتلوا وحققوا الانجازات العسكرية، وثالثا لأنهم اكتشفوا أن وسائل الاعلام الاسرائيلية كذبت عليهم ولم تقل لهم الحقيقة عن مجريات الحرب ونتائجها الحقيقية. فكما هو معروف، فقد داهمت جيوش مصر وسورية الجيش الاسرائيلي في أراضيهما المحتلة، ودارت المعارك لمدة تزيد على عشرين يوما، وتدخلت الدول العظمى وأجبرت اسرائيل في مرحلة معينة على وقف القتال. حينذاك، وفي لحظة اعتراف نادرة، سمع البعض رئيسة الحكومة الاسرائيلية، غولدا مئير، وهي تقول يصوت خافت: «كم نحن صغار أمام الكبار». بعد أربعين سنة من الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية الشاسعة، يبدو ان هذه المقولات الثلاث وإنْ امّحت من الخطاب الجماهيري أو القيادي في اسرائيل في السنوات الأخيرة، لكنها لم تمح من الذاكرة. وما زالت تترك أثرها على المجتمع الاسرائيلي. ولكي يفهم أثرها المستقبلي، لا بد من عودة الى الماضي ونبش الوثائق التي سمح بفتحها.

ما قبل حرب 1967

* في الثالث والعشرين من مايو (أيار) 1967، قام رئيس أركان الجيش الاسرائيلي، الجنرال اسحق رابين، بدعوة رئيس الوزراء، ليفي اشكول، الى مقر رئاسة أركان الجيش في تل أبيب ليجتمع بالجنرالات أعضاء رئاسة الأركان وتقويم الموقف العسكري الجديد، الناجم عن قرار الرئيس المصري جمال عبد الناصر اغلاق مضائق تيران في وجه السفن الاسرائيلية التي تستخدمها للدخول من البحر الأحمر الى خليج العقبة (في اسرائيل يسمونه خليج ايلات).

لقد كانت هذه محاولة من رابين للضغط على اشكول حتى يغير موقفه الرافض لاعلان الحرب على مصر. ووجد اشكول نفسه محاطا بعاصفة من الضغوط العسكرية التي لم تخل من محاولات تخويف وتهديد، كما يقول المؤرخ الاسرائيلي، توم سيغف، في كتابه «1967، وقد غرت البلاد وجهها» (دار النشر «كيتر» ـ2005). وتولى عملية الضغط كل من رابين نفسه وقائد هيئة الأركان العامة، عيزر فايتسمان (الذي اصبح وزيرا للدفاع في حكومة مناحم بيغن وساهم بإقناعه في قبول اتفاقيات كامب ديفيد مع الرئيس المصري، انور السادات، ثم انتخب رئيسا للدولة العبرية)، وقائد سلاح الجو، مردخاي هود، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أهرون ياريف، قائد لواء جيش الاحتياط في الجنوب، أرييل شارون.

المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، زئيف شيف، الذي كان يومها مراسلا عسكريا، كتب عن موقف شارون من هذه الجلسة في ما بعد (هآرتس – 1 يونيو/حزيران1967)، قائلا بأن اشكول حضر اللقاء برفقة بعض الوزراء والجنرالات الذين حاولوا حثه على اعلان الحرب فورا وبلا أي تأجيل. وأضاف ان شارون كان حادا في طرحه. ثم اقتبس ما قاله له شارون نفسه عن تلك الجلسة، والذي يفهم منه ان فكرة الانقلاب العسكري خطرت بباله وربما ببال جنرالات آخرين غيره، بسبب رفض اشكول: «تصور لو كانت هناك امكانية تنفيذ انقلاب عسكري ضد الحكومة. فقد كان بإمكاننا أن نطلب (أي الجنرالات) فرصة للتشاور. وخرج الجنرالات من الغرفة التي أبقينا فيها رئيس الوزراء والوزراء المرافقين له. لم يكن علينا أن نعمل الكثير. كنا نغلق الباب عليهم ونأخذ المفتاح معنا ونتخذ القرارات المناسبة فلا يعرفن أحد بأن الأحداث اللاحقة تمت بقرار من الجنرالات».

بعد الحرب، تم ذكر هذه الأقوال بأنها قيلت بجدية عن امكانية تنفيذ انقلاب عسكري، مع أن شارون أنكر ذلك وادعى انه قالها بالمزاح. ولكن معظم الباحثين والمؤرخين الاسرائيليين الذين كتبوا عن هذه الفكرة، اشاروا الى أن الجنرالات الاسرائيليين كانوا سيجدون طريقة لإلزام الحكومة بالخروج الى الحرب، حتى لو بانقلاب عسكري.

والسبب في ذلك أن الجيش كان قد خطط الحرب واستعد لها سنينا طويلة. فمنذ انتهاء حرب 1956 (العدوان الثلاثي، الاسرائيلي ـ البريطاني ـ الفرنسي على مصر)، وقادة الجيش، مسنودين بالمعارضة السياسية اليمينية، غاضبون على الحكومة لأنها وافقت على الانسحاب من سيناء «من دون مقابل جدي». ورئيس الحكومة الاسرائيلية الأول، دافيد بن غوريون، الذي كان يحلم بأن تمتد حدود اسرائيل الى سيناء جنوبا ونهر الأردن شرقا وكان يطمع بالسيطرة على الجنوب اللبناني أيضا، حتى نهر الليطاني، كان يقول: «ليس كل الأحلام ممكن تحقيقها». بيد ان العسكريين لم يتنازلوا عن تلك الأحلام، كما دلت التطورات المستقبلية. المؤرخ توم سيغف يقول ان رئيس اركان الجيش، تسفي تسور، قال في اجتماعه الأول مع رئيس الحكومة الجديد، اشكول (يونيو/ حزيران 1963)، ان مصلحة اسرائيل تقتضي توسيع حدودها. وذكر أن الحدود المفضلة هي: قناة السويس جنوبا ونهر الليطاني شمالا ونهر الأردن شرقا. وبعد بضعة أشهر من ذلك الاجتماع كانت بأيدي الجيش خطة باسم «فرغول» ترمي الى احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية.

 

 


   

رد مع اقتباس