الموضوع: حرب العصابات
عرض مشاركة واحدة

قديم 30-04-09, 08:38 AM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
جيفارا
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

المعركة هي أكثر الأحداث إثارة للاهتمام، إبان حياة القتال. وهي ما يحمل فرح الجميع إلى أوجه ويجعلهم يغِذّون السير بحماس متجدد. تشن المعركة – ذروة حياة الغوار – في اللحظة المؤاتية حيث تم تحديد موضع مخيم عدو ضعيف بكفاية للقضاء عليه، وتم التعرف إليه، أو عندما يتقدم رتل عدو حتى الأرض التي تشرف عليها القوى التحررية مباشرة. الحالتان مختلفتان. يتم العمل ضد المخيم بشكل جماهيري، ويرمي في الأساس إلى طرد الأرتال الآتية لفك الطوق. فالعدو المختبىء ليس أبداً هدفاً مفضلاً لدى المغاور.
إن العدو الجائل، النزق، الجاهل بأوصاف المنطقة، المرتاع، المفتقر إلى حماية طبيعية، هو العدو الأمثل. مهما ساء وضع عدو معتصم، فإن لديه أسلحة قوية يصد بها الهجوم، ولن يجد نفسه أبداً في ذات الظروف التي يقع فيها رتل كبير يفاجأ بالهجوم في نقطتين مختلفتين أو ثلاث، وتقطَّع أوصاله، وينسحب مهاجموه قبل صدور أي رد ضدهم إذا ما تعذر عليهم تطويق الرتل أو إبادته.
وإذا تعذر قهر المعتصمين بالجوع أو بالعطش أو بهجوم مباشر، ينبغي الانسحاب متى أتاح التطويق إنزال الخسائر بالرتل العدو. وإذا كان رتل المغاوير أضعف مما ينبغي، أو رتل الغزاة أقوى مما ينبغي، يتم تركيز الهجوم على المقدمة. فمتى تم ضرب المقدمة عدداً من المرات واقتنع الجنود بحتمية موت الذين يحتلون الصفوف الأمامية، يمكن لخشيتهم من الانخراط فيها أن تُحدث تمردات حقيقية، لذا ينبغي توجيه الضرب إليها دائماً. ولا يمنع ذلك من توجيه الضربات إلى نواح سواها أيضاً.
تتوقف طلاقة المغاور في العمل وإمكانات تكيفه بالبيئة على تجهيزه. فالمغاور وإن كان مندمجاً في زمر عاملة صغيرة، يحتفظ بموائز فردية. ينبغي أن يحوز في حقيبته كل ما يلزمه للعيش، حتى مأواه الفردي، لأنه قد يضطر للبقاء وحيداً لمدة من الزمن. وعندما نورد مساقاً بالتجهيز، نشير بصورة جوهرية إلى ما يستطيع الفرد أن يحمله وهو خاضع لظروف حرب في طورها الأول، يطارده العدو، في أرض وعرة ممطرة باردة نسبياً، أي أننا نضعه في مثل الوضع الذي حصل لدى بدء حرب التحرر الكوبية.
ينبغي التمييز في هذا التجهيز، بين ما هو جوهري وما هو متمم. نصنَّف في ما هو جوهري شبكة النوم التي تسمح بالراحة على نحو ملائم. يجد المرء دوماً شجرتين لمد الشبكة بينهما، ويمكن اتخاذها بساطاً إذا نام على اليابسة. لا بديل عن الشبكة عند هطول المطر أو عندما يوجد المرء في أرض رطبة، وهي حالة متواترة في المناطق المدارية. تتم الشبكة بقطعة من رق النايلون الكتيم للماء. يكون النايلون كبيراً بكفاية لتغطية الشبكة ويربط بأربعة أمراس مثبتة بزواياه الأربع. ويشد مرس من مركز الرق إلى الأشجار التي تحمل الشبكة فيفيد في تحديد مسال المياه ويربط الرق من زواياه بشجيرة قريبة، مشكَّلاً على هذا النحو خيمة صغيرة.
لا غنى عن البطانية، لأن البرد شديد جداً، في الجبل، متى سجا الليل. ومن الضروري أيضاً توفر قطعة لباس دافئة تسمح بمواجهة تغيرات الحرارة القصوى. يشتمل اللباس على بنطال وقميص من كتان سميك، موحد أو غير موحد. ينبغي أن تكون الأحذية على أحسن ما يمكن من الجودة، وهي من أولى الأصناف التي ينبغي حيازة احتياط منها؛ إذ بدونها يصبح السير شاقاً جداً.
ولما كان المغاور يحمل مأواه في حقيبته، فهذه الأخيرة ذاتها هامة جداً. يمكن صنع أبسط الحقائب من جيب ما، يركب له سيران من الحبل، إلاَّ أن الحقائب المصنوعة من الكتان الغليظ والمتوفرة في السوق أو تلك التي يصنعها السراَّجون، تفضلها. ينبغي أن يحمل المغاور دائماً مؤونة فردية بالإضافة إلى تموين الفرقة كلها. المواد التي لا غنى عنها هي: أولاً الزبدة أو الزيت، الضروريان لاستهلاك الجسم من الدسم، وعلب المحفوظات التي لا يجوز استعمالها إلاَّ عندما يتعذر الحصول على غذاء للطبخ، أو عندما تتوفر كثرة من العلب فيعيق ثقلها السير، ومحفوظات السمك ذات القدرة الغذائية العظيمة، والحليب المكثف وهو غذاء ممتاز سيما لكمية السكر العظيمة التي يحويها، وهو ايضاً تفكهة حقيقية. يمكن حيازة حليب مسحوق أيضاً. ثمة عنصر أساسي آخر هو السكر ومثله الملح الذي تغدو الحياة بدونه عذاباً. ولنختم فصل المواد الأساسية ببعض التوابل التي أكثرها شيوعاً البصل والثوم، ويمكن أن يوجد غيرهما، حسب المناطق. هذا هو الجوهري.
ينبغي أن يحمل المغاور في حقيبته صحناً وملعقة وسكيناً متعدد النصال. يمكن أن يكون الصحن قصعة أو كَفتاً أو علبة محفوظات. تتيح طهي قطعة لحم أو مالانغا[38] أو رأس بطاطا أو شاي أو قهوة.
يلزم لصيانة البندقية شحوم خاصة ينبغي استعمالها بعناية فائقة. وإذا لم يتوفر الزيت الخاص، فزيت آلة الخياطة. يلزم أيضاً خِرقَ لتلميع السلاح باستمرار، وقضيب لتنظيف داخله، وهو عمل ينبغي إتيانه بتواتر كافٍ. تكون جعبة الفشك من صنع نظامي أو محلي حسب الإمكان، لكنه ينبغي أن تكون جيدة بكفاية لعدم فقدان أي رصاصة. الرصاص هو أساس النضال. كل شيء سواه عبث بدونه. إنه ثمين كالذهب.
يجب أن يحمل المرء معه مَطَرة أو صفيحة ماء، إذ لا غنى عن الشرب الوافر ولا يستطيع دوماً أن يحصل على الماء في اللحظة المرغوبة. ينبغي حيازة الأدوية ذات الاستعمال العام أيضاً كالبنسلين أو أي دواء آخر مضاد للحيوية، وبصورة رئيسية ما يؤخذ منها بالفم، وكذلك مسكنات للحمى، واسبرين، وأدوية مضادة للأمراض المستوطنة الخاصة بالمنطقة. كما يمكن توفر حبوب ضد البرداء وأدوية ضد الإسهال وضد الطفيليات من كل نوع. وفي المناطق التي تعيش فيها حيوانات سامة، يسوغ وجود المصل الموافق لها. ويكون باقي التجهيز جراحياً. وينبغي بالإضافة وجود حقائب للإسعاف الأوَّلي لإجراء المعالجات الأقل أهمية.
التبغ متمم عادي، ذو أهمية خاصة في حياة المغاور. ينبغي توفر اللفائف والسيكار وتبغ الغليون، لأن التبغ رفيق عظيم للجندي المنفرد في حالة الراحة. الغليون مفيد جداً لأنه يسمح زمن العوز بالإفادة القصوى من كل التبغ وأعقاب اللفائف والسيكار. ليس الثقاب هاماً لإشعال السيكار فقط، بل لقدح النار أيضاً. فهذه من أصعب المعضلات في الجبل وقت المطر. ويستحسن بالإضافة إلى القدَّاحة توفر الثقاب الذي ينوب عنها إذا فقد وقود القداحة.
يلزم توفر الصابون ليس لنظافة الجسم بقدر ما هو لتنظيف الأواني. إذ متى بقيت هذه وسخة، لوحظ توافر في التعفنات المعوية وحدثت التهابات تسببها بقايا الطعام المتخمرة التي تستهلك مع الطعام الجديد. يستطيع المغاور، بهذا التجهيز، أن يأمن الحياة في الجبل في أي ظرف مجافٍ له، وللمدة اللازمة حتى يسيطر على الموقف مهما بلغ من السوء.
ثمة متممات قد تكون مربكة أحياناً، إلاَّ أنها ذات فائدة عظمى على وجه العموم. الحُقَّة[39] هي من هذا القبيل. تستخدم كثيراً في البدء لإحكام التوجيه، لكن معرفة الأرض تجعل هذه الأداة، شيئاً فشيئاً، غير ذات جدوى. ثم إنها صعبة الاستعمال جداً في الأرض الجبلية لأن الطريق التي تشير إليها ليست هي الفضلى بالضرورة، إذ أن الخط المستقيم تعترضه عادة عقبات لا تُجاز. قطعة إضافية من رق النايلون هي شيء مفيد آخر، لتغطية التجهيز كله وقت المطر. ينبغي التذكر أن المطر في البلدان المدارية شبه مستمر في بعض الشهور، وأن الماء عدو لكل تجهيز المغاور، من طعام وتسليح وأدوية وأوراق وملابس داخلية

 

 


   

رد مع اقتباس