عرض مشاركة واحدة

قديم 20-08-10, 12:47 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

4. ولكن لماذا الحروب الأهلية؟

صرَّح الرئيس السوداني ( عمر حسن أحمد البشير) يوم 14 آيار-مايو 2009م بما يلي: "لقد تسبب القتال بين القبائل في (دارفور) طوال ست سنوات من الحرب، بسقوط حوالي (300) ألف مواطن، وليس لحكومة السودان وجيشها علاقة بما وقع من مجازر وأعمال قتل وإبادة، وقد اقتصرت الأوامر التي نفّذها الجيش على إيقاف الاقتتال بين القبائل"، وقد يتجاوز عدد القتلى وبخاصة من لا علاقة لهم بالحرب من شيوخ ونساء وأطفال ما تذكره المصادر السودانية أو حتى المصادر الدولية؛ ولكن، كم وصل عدد المواطنين الذين شرّدتهم حرب السودان في الجنوب منذ أيام الرئيس السابق (جعفر النميري) في العام 1970م وحتى اليوم؟ وهل يمكن وصف قسوة المعاناة التي عرفها أبناء (دارفور) عبر التشرد والجوع وضياع الأمن والتعرُّض لكل أنواع أهوال الحرب الأهلية؟ وكم هو عدد الشهداء في الحرب الأهلية في الجزائر؟ وفي العراق هل كانت أهوال الحرب الأهلية وخسائرها في الأرواح أقل من تلك التي تعرّض لها أبناء العراق خلال أشهر الحرب الأولى لغزو بلادهم في العام 2003م؟

لقد خسر الوطن العربي عبر الحروب الأهلية الحديثة يقيناً ملايين الشهداء، وليس مليوناً واحداً، وخسر الشعب العربي في غمرة الاقتتال كل مكونات بناء مستقبله سواء المادية منها أو المعنوية وحتى الشعب الفلسطيني صاحب القضية والذي رفع راية طهر البندقية الفلسطينية، والتي يجب عدم توجيهها إلاّ لصدر العدو، قد أصبحت مصدر خوف لكل إنسان عربي، إذ أصبح كل سلاح تحمله منظمات التحرير رمزاً للحرب الأهلية القائمة والمستمرة.

ويبقى السؤال المطروح: ولكن لماذا الحروب الأهلية؟ وهل من هدف لهذه الحروب الأهلية غير هدف تقويض أركان النظام العربي الذي بشّر بسقوطه الرئيس الإيراني (محمود أحمدي نجاد) في عدد من المناسبات، وما هو النظام البديل للنظام العربي القائم؟ هل هو الاستعمار الجديد الذي قد يضع على رأسه عصمة الفقيه؟ وهل سيكون الشعب الإيراني أسعد حالاً إذا ما أمكن له استعمار الوطن العربي على طريقة (سابور ذو الأكتاف)؟ وكذلك هل يصنع اختراق إيران للجبهة العربية وضعاً يكون فيه الشعب العربي أمام مستقبل يتناسب مع طموحاته ومع ما يستحقه؟
لقد شكَّلت القضية الفلسطينية في تطوراتها وتعقيداتها وأحداثها قصة مأساة كبرى لم يعرف العالم لها مثيلاً في الأزمنة الحديثة، وربما في الأزمنة القديمة أيضاً، ومعروف ما بذلته إسرائيل والصهيونية والدول صاحبة المشروع الصهيوني والمستثمرة له من جهود كبيرة لتمزيق الجبهة الفلسطينية، وبالتالي تمزيق الجبهة العربية التي يجب لها أن تبقى واحدة وموحدة لتحفاظ على قوّتها ومنعتها وصلابتها، ومن أجل ذلك حاولت قيادات عربية كثيرة في طليعتها المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، واليمن، والأردن بذل كل جهد مستطاع للتعامل مع تقسيم القضية الفلسطينية إلى مشروعين متصارعين على أرض فلسطين منذ مطلع العالم 2007م، وكانت الجهود المبذولة في كل مرة تصل إلى حالة الاتفاق والتفاهم للسير على الطريق المضاد للانقسام والتجزئة والتفتيت بين القيادة الفلسطينية والسلطة الشرعية في (رام الله) وبين (حماس) في قطاع غزة، ولكن وفي كل مرة أيضاً كان يتم نقض الاتفاق قبل أن يجف المداد الذي كتب حروف الاتفاق.

وجاءت حرب إسرائيل على غزة مع مطلع العام 2009م، لتضع فصلاً جديداً في قصة المأساة الفلسطينية، واستمرالصراع على السلطة، لإقامة مشروعين للتعامل مع قضية واحدة تماماً كما حدث في فصول وتطورات الحرب الأهلية الأمريكية، ومن بعدها الحرب الأهلية الأسبانية، فهل يمكن الافتراض أن مشروع غزة رغم البيانات الحماسية هو الذي سيعيد قصة الحروب الأهلية المدمرة والتي لا يمكن حسمها إلاّ بحد السيف؟ وهل يعتبر فشل كل المحاولات العربية لتجاوز مأساة الانقسام هو البرهان على قوة الاختراق للجبهة العربية، والتي سيكون ضعفها سبباً مباشراً لوقوع حرب أهلية عربية على أكثر من جبهة؟

على كل حال، فقد يكون من المناسب أيضاً وضع مأساة القضية الفلسطينية إلى جانب المأساة اللبنانية وإلى جانب المأساة العراقية أيضاً؛ ففي لبنان بات هناك مشروعان واضحان لقيام دولتين متصارعتين لهما نهجان متباعدان، بل متضادان، وبالتالي فإن تجربة حسم الحرب الأهلية بحد السيف سيبقى خياراً مفتوحاً على لبنان كما هو في العراق، وذلك على الرغم من التظاهر بالحرص على وحدة العراق أرضاً وشعباً، وتجاوز احتمالات تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات مذهبية وعرقية. فهل جاء تشكيل هذه المشاريع ومعها مشروع (دارفور) من فراغ، أو بصورة مباغتة وفي غفلة من الزمن؟ أم جاء في إطار اتفاقات دولية في غفلة من قادة المجتمع العربي والوطن العربي، أو بعضهم على الأقل؟.

ويصل البحث نهايته، وللخروج من المأزق الصعب الذي يجابهه المشروع العربي يبقى هناك مجال واسع للعمل من أجل إعادة بناء الجبهة الداخلية العربية بلا استثناء، إذ ما من أمة دمّرت قدراتها وانتكست في حروبها إلاّ بسبب اختراق جبهتها الداخلية من قِبل من يتم تعريفهم بأعداء الداخل، وأول ما يجب عمله الاتفاق على ميثاق ملزم بالخضوع لإرادة الجماعة، والانطلاق في ذلك من إعادة تنظيم الجبهات الداخلية لكل إقليم حتى تعود لأقاليم الوطن فضائلها الوطنية والتي يجب لها أن تبقى خاضعة للمرجعية القومية، والمحافظة على قيم المجتمع العربي وفضائله، وموروثه الفكري (الديني العقائدي).

وتبقى قضية الحروب الأهلية السيف الذي يتهدد رقاب كل العرب، كما أكّدته تجارب الحروب الحديثة في أقاليم الوطن العربي، فهل يستطيع الشعب العربي مواجهة تجارب جديدة لجمع المزيد من الدروس المستخلصة من تاريخ الحروب الأهلية؟

مراجع البحث

1. The 2006 Lebanon Campaign and the future of warefare, Stephen Biddle and jeffrey A. Friedman, s.s.i, U.S Army War College., 122 Forbes .Ave. Carlisle, PA-17013, September 2008, U.S.A.
2. Hamas and Israel, Sherifa Zuhur, December, 2008, s.s.i.
3. Regional Spillover Effect of the Iraq War, W.Andrew Terrill, s.s.i.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس