عرض مشاركة واحدة

قديم 17-07-09, 07:37 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

قوات الإبرار الجوي وقوات الإنزال الجوي

يشترك هذان النوعان من القوات المحمولة جواً فى شيء واحد أساسي وهو أن كليهما محول جواً، فالصنف الثانى هو عبارة عن قوات منقولة جواً، سواء في طائرات المواصلات أو حتى الشراعيات وكذا فى العموديات التي لا يشترط أن تكون ذات تسليح هجومي، أو ما يطلق عليها بعموديات الخدمة العامة، وهذا النوع من القوات المنقولة أو المحمولة جواً، ليس بالضرورة أن يكون من قوات المشاة أو المشاة الميكانيكية أو المدرعة، ولكنه يشمل أي نوع من القوات، سواء أكانت أنساقاً ثانية أم احتياطيات أم أنساقاً أولى أم أجزاء مختلفة من القوات التى تقاتل ضد العدو فى الأقسام؛ فهذه القوات جميعاً لا تستخدم على هذا النحو الآمن إلا عندما تكون الأنساق الأولى للجيوش الميدانية أو الفيالق قد نجحت في الاستيلاء على أجزاء كبيرة من مسرح العمليات يقع بها مطارات مدنية أو عسكرية أو قواعد عسكرية كبرى أو غيرها، بحيث تكون مؤمنة من نيران مدفعيات العدو بعيدة المدى وصواريخ ميدانية، أي أن هذا الإنزال أو الإبرار لا يتم إلا بعد تحقيق نجاح جزئي كبير في الاستيلاء على أجزاء مهمة من المسرح سواء أكانت من أراضي العدو أم أراضينا، وهذا ما يفسر قلة إجراءات الأمن والأمان المتبعة نسبياً فى تأمين تلك الطائرات، وهذا يعني بطبيعة الحال وبلا استنتاج ذكي، أن قواتنا الجوية قد نجحت أيضاً فى تحقيق السيطرة الجوية بأي درجة من الدرجات ولو حتى فقط على مسرح العمليات الجوي أو البري والبحري معاً، ولعل هذا قد وضح فى الحرب العالمية الثانية، عندما نجح الحلفاء في حشد أكبر قوة بحرية في التاريخ ضد الحائط الغربي لأوروبا، حيث ثم حشد (13) ألف طائرة لتحقيق كافة المهام في تلك الحرب، وقد استهلك منها عدد ضخم للغاية لنقل ثلاثة فيالق من رجال المظلات ورجال الاقتحام الجوي والإنزال الجوي - الذي نتناوله الآن - ولعل الفارق الوحيد بين ما أوردناه فى مقالتنا وماحدث في تلك الحرب هو أن عمليات النقل الجوي تمت كلها في وقف واحد أو متزامن، بحيث تُسقط أولاً رجال المظلات ثم يتلوها بعد ذلك عمليات الإنزال في المطارات وعلى الطرق بالطائرات والشراعيات وذلك بعد تأمينها بواسطة قوات المظلات التي أسقطت أولاً، والتى عملت جميعاً كما ذكرنا على تعطيل وتدمير فرق البانزر الألمانية الشهيرة التي كانت تتمركز في وسط أوروبا لإمكان دفعها إلى أي اتجاه غرباً أو شرقاً أو شمالاً أو جنوباً، ولعلنا نؤكد هنا مرة أخرى أهمية عدم إنزال هذه القوات إلا بعد تحقيق كافة الشروط المذكورة آنفاً.

أما فيما يتعلق بقوات الإبرار الجوى، وهو الموضوع الرئيس والنوع الرئيس الحديث في عمليات القوات المحمولة جواً، فهي التي سوف نتوسع فيها قليلاً حتى نحقق من خلالها أكبر استفادة ممكنة، وذلك دون محاولة تبويب هذا الموضوع بشكل أكاديمي كما يأتي فى مراجع المعاهد والكليات العسكرية، حتى يسهل تقبّله من المستويات العسكرية المختلفة في كافة أنواع القوات العسكرية، فقوات الإبرار الجوي هي أفضل آلية حديثة تساعد القائد على تحقيق نصر مضمون وسريع، فيما لو تم استخدامها طبقاً للمعايير السابقة، والتي أهمها التقيد بفترة بقائها خلف خطوط العدو تقاتل منفردة، مع ملاحظة أن هذه الفترة يمكن زيادتها من خلال زيادة المستويات المادية المقدرة معها من ذخيرة ومياه وطعام وخلافه، فضلاً عن إمكان إمدادها جواً في حالة تعرضها للحصار سواء أكان هذا الإمداد بالإسقاط الحر للمواد المطلوبه أم بالإبرار داخل منطقة القتال بالعموديات الهجومية التي سبقت الإشارة إليها، وبطبيعة الحال فإن قوات الإبرار هنا هي إما قوات تكتيكية (تتراوح ما بين سرية وكتيبة) أو قوات تعبوية أو استراتيجية تبدأ من لواء فما فوق طبقاً للمهام، والقائد التكتيكي هنا - أي من تعاونه قوات إبرار تكتيكية - هو إما قائد الفيلق أو الفرقة بأنواعها مدرعة أو ميكانيكية. ونظراً إلى أن الإبرار الجوي التعبوي والاستراتيجي غير ذي موضوع لعدم وجود إمكانات في أي دولة من دول المنطقة لتنفيذه، فسوف نركز على الإبرار الجوى التكتيكي فقط لأهميته الفائقة.

تستخدم قوات الإبرار الجوي التكتيكي فى الهجوم سواء من جانب قواتنا أو من جانب العدو فى حالة اتخاذ أوضاع الدفاع من جانب قواتنا، وعادة ما تستخدم هذه القوات (من سرية إلى كتيبة) بالتعاون التام مع المفارز المتقدمة أو مفارز التطويق، بحيث يتم الإبرار لهذه القوات إمّا للتمسك بمنقطة أو خط أو هدف حيوي يقع في نهاية يوم القتال للفرقة أو خلال المهمه المباشره للفيلق التى تستغرق عاده من (2-4) أيام بحسب عمقها، بحيث يخدم تمسكها بهذا الخط على سبيل المثال الوصول الآمن نسبياً للمفرزة المتقدمه أو مفرزة التطويق المدفوعة من الفرقة أو الفيلق، والتي عادة ما تكون بحجم لواء أو أقل قليلاً - أي لواء عدا كتيبة مثلاً - ولكن عادة ما تكون هذه المفرزة مدعومة بعناصر كافية من القوات المسلحة حتى يمكنها القتال منفردة حتى الوصول إلى خط الإبرار الجوي وحتى وصول القوة الرئيسية للفرقة أو الفيلق، مثل المدفعيات وعناصر الدفاع الجوي والمهندسين والكيمياء والحرب الإلكترونية وغيرها طبقاً للمهمة. وبطبيعة الحال فإن نجاح المفرزة في الوصول إلى الخط المحدد لها فى مكان المهمة ليوم القتال، سوف يساعد بالتأكيد على الوصول الآمن بقتال خفيف من جانب القوة الرئيسية لهذا الخط أو نهاية يوم القتال، حيث سيقوم العدو بالقتال السريع والانسحاب بسبب وجود المفرزة في ظهره، وهذا سوف يسهل تماماً من سرعة وصول الفرقة أو الفيلق إلى الخط المحدد، الأمر الذي سوف يساعد القوات المجاورة أيضاً على النجاح على أساس أن فرقة المنتصف مثلاً بوصولها المبكر للخط سوف تؤمن الجانب الأيسر للجار الأيمن وكذا الجانب الأيمن للجار الأيسر، وهكذا، مما يضمن نجاح الفيلق في هذه الحالة في تحقيق مهامه بنجاح وبسرعة وبأقل خسائر ممكنة، ولعل هناك بعض المدارس العسكرية التي تقوم بتأمين إبرار قوة الإبرار الجوي التكتيكي في البداية من خلال دفع عناصر من الصاعقة أو القوات الخاصة للتأمين المسبق للمكان من خلال قيامها بأعمال الكمائن التى تجيدها تماماً تلك الوحدات وتحقق فيها إنجازات عظيمة.

أي أن النجاح المنتظر في العملية الهجومية للفيلق أو المعركة للفرقة تعتمد على مجموعة من العمليات المتتابعة تبدأ بالصغير منها فالكبير فالأكبر وهكذا حتى تحقق المهمة النهائية لها بنجاح تام، مؤكدين هنا بأن لكل نسق من هذه الأنساق المذكورة مدة قتال محددة لا يجب تجاوزها بأي حال بدءاً بعناصر الصاعقة ثم قوة الإبرار الجوي التكتيكي فالمفرزة ومن النهاية الفرقة أو الفيلق.

وجدير بالذكر هنا أن كل نسق كبير يمكن أن يحمل للنسق الأصغر الذى قبله بعضاً من الإمداد المادي الذي يناسبه في قتاله، فقوة الإبرار الجوي التكتيكية يمكنها أن تحمل لعناصر الصاعقة، كما أن المفرزة تحمل لقوة الإبرار وهكذا تقوم الفرقة في النهاية أو الفيلق بتأمين المفرزة ومن ثم الجميع، وكما تتم هذه السلسلة في الهجوم يمكن أن يقوم بها العدو ضد قواتنا في الدفاع ومن ثم فإنه من خلال فهمنا لهذا التسلسل يمكن أن نتدخل ضد العدو في المرحلة التي تناسبنا وهكذا.

وفي نهاية هذا الجزء المتعلق بقوات الإبرار الجوي، سواء أكانت تكتيكية أم تعبوية، فإن هناك العشرات من الطرق والأساليب المستحدثة في استخدام هذه القوات، مما يؤكد أن الفن العسكري مهم جداً وقد يتغلب على العلم العسكري، أي أن الابتكار قد يتفوق على التقليد وهذا يعود بطبيعة الحال على مدى تأهيل وثقافة القادة وتنوعهم من قائد لآخر وهكذا، وعلى سبيل المثال يمكن أن تستخدم هذه العموديات مثلاً في دفع النسق الثاني كله للقتال في عمق دفاعات العدو متزامنا مع النسق الأول الذى يقاتل في الأمام وعلى اتصال بالعدو، مما يقلل من زمن العملية أو المعركة للنصف تقريباً، وهو أهم مباديء الحرب الحديثة نتيجة تعقد العمليات الحديثة وأهمية الحسم والسرعة في تحقيق الأهداف، وهذا سوف يتضح لنا - إن شاء الله - حينما نناقش معاً موضوع المعركة البر-جوية أحدث نظرية غربية هجومية ودفاعية حتى الآن وهي ما يطلق عليها The Air Land Battle وهي التى استبقها الغرب وطورها عقب حرب أكتوبر (73م) ولاشك أنه أدخل عليها أيضاً دروس حرب الخليج الثانية، حتى أنها دخلت قانون قتال الفيلق الأمريكي وهذا موضوع آخر.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس