عرض مشاركة واحدة

قديم 28-03-09, 04:16 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أفغانستان من الداخل (الحلقة التاسعة) ـ الحجاب يحل محل البرقع في كابل و11 محطة تلفزيونية وبوتيكات في مول المجاهدين
مظاهر كثيرة تغيرت مع انتشار مقاهي الكابتشينو والايس كريم .. والمولات
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةأفغانيات بالقرب من حديقة شهرانو وسط المدينة («الشرق الأوسط»)نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةواجهة بنك كابل بشارع شهرانو وسط العاصمة كابل
كابل: محمد الشافعي
اختفى البرقع من العاصمة كابل وحل محله الحجاب، وأدمنت البنات الافغانيات نزهة العصاري، سافرات الوجوه، وفي الاغلب محجبات يمشين الى المحلات والبوتيكات الجديدة بشارع شهرانو وسط العاصمة كابل، ويعني «المدينة الجديدة»، حيث توجد المقاهي التي تقدم الاكسبريسو والكابتشينو والايس كريم في مول جديد اسمه «صافي لاند مارك»، وبداخله فندق من فئة الاربعة نجوم على احدث طراز، وبه 130 حجرة وحمام تركي وساونا في الدور الثامن، ومطعم فخم في الدور السابع ، وفي المول عشرات المتاجر الصغيرة في الدور الارضي والاول، تبيع الروائح والعطور النسائية والباشمينا والبلوزات الملونة، لمالكه الحاج عبد القدوس، وهو من قدامى المجاهدين الافغان من هراة. أما العمامة السوداء التي سادت في كابل ايام الحركة الاصولية، فقد حل محلها «الباكول» الأقرب الى الطاقية أو «البيريه» الذي أصبح يغطي تقريبا كل الرؤوس، مستعيدا مكانته التي ازاحته عنها حركة طالبان، اما اللحية التي كانت طالبان تشترط ان يكون طولها قبضتين، فقد بات الشباب يتفنون اليوم في موضات قص شعرهم، والبعض يترك شعره يتدلى فوق الكتفين، واغلب صغار السن اليوم بدون لحية، ومازلت اتذكر محمد طيب اغا مدير مكتب الملا عمر المطلوب اميركيا، الذي كان يتحدث العربية بطلاقة عندما طلبت لقاءه في قندهار قبل الهجمات بستة أشهر تقريبا لاجراء مقابلة مع الملا عمر، قال لي بالحرف الواحد كيف تدخل على أمير المؤمنين ولحيتك اقل من قبضتين، هذا عيب وليس من تقاليدنا، ابق معنا حتى يدبر الله امر لحيتك.
أما «البرقع» او ما يعرف باسم «البروكا» الذي يغطى وجوه النساء واجسامهن، فلا يزال خارج كابل، في باميان ولاشكارجار وهلمند وقندهار وارزوجان واسعد اباد وهراة اي في الولايات الخارجية بعيدا عن العاصمة، لكنه لم يعد الزي الوحيد في الشارع، وانما سارت الى جانبه أزياء أخرى تراوحت بين الاعتدال والتطرف في الاتجاه المعاكس. وتقول شميم احمد زاي وهي بشتونية الاصل غير متزوجة مديرة مدرسة اقرأ لعلوم الرياضيات والكومبيوتر في شارع ماكرويان بوسط العاصمة كابل، وهي ترتدي حجابا اسود رقيقا: «البرقع ليس تقليدا افغانيا بل جاء الينا من الهند»، وتشير الى ان البرقع اليوم يأتي الينا من الصين اي يصنع هناك. وتوضح ان اغلب الجيل الجديد من فتيات الثانوية العامة او طالبات الجامعة حاسرات وكاشفات الوجوه. وبعد 6 سنوات من الاطاحة بحركة طالبان الاصولية من الحكم في افغانستان، تغيرت الكثير من المظاهر الاجتماعية والثقافية، ومن ابرز الحقوق التي نالتها النساء في افغانستان بعد الاطاحة بنظام طالبان، حرية الخروج الى الشارع والأماكن العامة بدون مرافقة ولي الامر او احد رجال الاسرة، مثل الأخ او الأب او الزوج، ولم يعد البرقع اليوم لبسا اجباريا كما كان في عهد طالبان. وصورة طالبان السياسية لا تختلف كثيراً عن صورة طالبان الاجتماعية في الإعلام العالمي والعربي، والمرأة في ظل طالبان مجرد شيء من الأشياء، محرومة من أدنى حقوقها. ان ما يحدث اليوم في الشارع الافغاني ردة عنيفة على ما عانى منه المواطنون عهد الحركة الاصولية التي تريد اليوم في هلمند وارزوجان، وموسى قلعة، وزابل، وورداك، اعادة عقارب الساعة الى الوراء، فالموسيقى والرقص والغناء والتلفزيون والتدخين، في المدن الافغانية كان حراما بينا فجميعها محظورة، ومنذ وصول طالبان الى الحكم عام 1996 تم اغلاق دور السينما وتحويلها الى مساجد، كذلك تم اغلاق مراكز الفيديو، ومنع البث التلفزيوني، اما المصورون الفوتوغرافيون واسمهم «عكاسي» فقد انقرضوا تقريبا، وتخصص الباقي منهم في التقاط صور جوازات السفر فقط، المسموح بها طبقا لـ«فقه الضرورات» المستمد من قواعد الشريعة الاسلامية، ويمنع طبقا لفتاوى رسمية ايام الحركة الاصولية تصوير ذوات الروح، لانه يخالف العقيدة والسنة، ولا يسمح لسائقي التاكسيات او عربات الركشا، وهي عبارة عن دراجة نارية، بها صندوق يحمل شخصين من الخلف، حمل سيدات مكشوفات الوجه، والا تعرض للعقاب من قيل مسؤولي وزارة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. واعتبارا من العاشرة مساء كان الجميع يلزمون بيوتهم باستثناء مسلحي طالبان، الذين كانوا يجوبون الشوارع المظلمة وفي ايديهم الكلاشينكوف والجرينوف الخفيف، ولكن يتم السماح للمرضى بالمرور، وكذلك حالات الولادة المتعسرة بالتوجه في اي وقت من الليل الى المستشفيات، وتنتهي ساعات الحظر الليلي مع صوت الاذان لصلاة الفجر اي في الرابعة صباحا. وما كان يسمح للنساء بمغادرة المنزل من دون ارتداء البرقع، كما لم يكن يسمح لهن بالضحك او التحدث بصوت مرتفع في الاماكن العامة. وتسببت هذه القوانين في انتشار البطالة والعوز بين النساء. وتوجد في كابل اكثر من 30 الف ارملة، بسبب حروب استمرت عقدين ولجأت كثيرات للتسول لاطعام اسرهن.
وغالبية البراقع في افغانستان زرقاء اللون، ولا احد يعرف على وجه الدقة لماذا اللون الازرق بالذات، لكن في مدينة مزار الشريف بشمال افغانستان يوجد البرقع الابيض، وفي بعض محلات كابل توجد براقع خضراء اللون، وصفراء وحمراء لكن غالبيتها يباع كهدايا تذكارية للاجانب، في شارع تشيكن ستريت الذي يرتاده السياح ورجال الاعلام. وعلى خلاف البرقع الطويل الذي كانت الافغانيات يرتدينه، بات البرقع الذي تريديه النساء الافغانيات اليوم، اقصر في الطول وألوانه اكثر تنوعا، وغالبيته يغطي الرأس والرقبة والكتفين والصدر، مما يجعله عمليا ومريحا، كما يعطي علامة على التحرر النسبي، الذي باتت الافغانيات يتمتعن به في المجتمع. وتتمسك الكثير من الافغانيات بارتداء البرقع ويشعرن انهن لا يستطعن المشي في الشارع من دونه، لأنهن تعودن عليه، كما ترتديه بعض النساء لاظهار معارضتهن للتشبه بالغرب في تقاليده وثقافته، وداخل صالون نسائي لتزيين الشعر واضفاء لمسات من الماكياج في شارع شهرانو شاهدت سيدات يرتدين البرقع يخضعن لعمليات التزيين قبل ان ينتفضن في غضب عندما هممت بالتقاط صور لهن. اما سائقو سيارات الاجرة الذين لديهم اجهزة تسجيل في سياراتهم فيستمعون اليوم الى اغاني باكستانية وهندية لاول مرة منذ عام 1996 عندما استولت حركة طالبان على السلطة، وحظرت الموسيقى والتلفزيون والسينما حظرا تاما. واليوم هناك 11 محطة تلفزيونية بينها محطة حكومية واحدة، والباقي محطات خاصة ابرزها قنوات تولو، واريانا، ونور، ونورينو وفردا وتعني محطة «الغد»، وافغان، وقناة شمشات. من جهته يقول الملا قاسم حليمي مدير تشريفات الملا عمر سابقا، واليوم يشغل منصب كبير خبراء ومفتشي المحكمة العليا «سترة محكمة» لـ«الشرق الاوسط» ان المرأة نصف المجتمع، ولها حقوق على الدولة وعلى المجتمع، كما أن عليها واجبات تجاه أمتها وبيتها وزوجها وأولادها.
واليوم في كابل تنتشر ظاهرة «بيوت الضيافة» لايواء الصحافيين ورجال الاعلام ومسؤولي المنظمات غير الحكومية والدولية، واغلب بيوت الضيافة تتناثر بين حي وزير اكبر خان مقر السفارات الغربية الذي كان يسكنه الافغان العرب بالقرب من مبنى محطة تلفزيون تولو، وهي محطة خاصة جديدة تقدم برامجها بالبشتو والداري، وشارع شهرانو اي «المدينة الجديدة»، حيث تنتشر البوتيكات ومحلات بيع الروائح والعطور النسائية والرجالية والازياء الحديثة، المتقاطع مع الشارع السياحي الذي يعرف باسم «تشيكن ستريت» واغلب بيوت الضيافة او الفنادق الصغيرة اليوم تحت حراسة مشددة، ويقف الحراس واغلبهم من وادي بانشير مثل شيرزاد ولي الدين حارس فندق صافي لاند، وايديهم على الكلاشينكوف، وكان شيرزاد ينصحني كلما اوقفت سيارة تاكسي الا أتأخر حتى حلول الليل خوفا من عمليات الاختطاف من قبل عصابات خارجة على القانون او عناصر طالبان، وكان يثير الخوف في قلبي وهو يسلم علي قبل ان استقل التاكسي ويقول «يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة»، ويأخذ رقم سيارة التاكسي كنوع من الاطمئنان. وتعرض العام الحالي فندقان بارزان في العاصمة كابل الى هجوم من عناصر طالبان، اولهما فندق سيرين الفخم الذي يرتاده موظفو المنظمات الدولية وغير الحكومية والصحافيون ورجال الاعلام، والاخر فندق اريانا وكلاهما على بعد امتار من القصر الجمهوري. وايام طالبان لم يكن هناك سوى فندق الانتركونتنتال فوق هضبة عالية بداخل غرفه تكثر سجاجيد الصلاة والشموع لكثرة انقطاع التيار الكهربائي، وكانت نسبة الاشغال فيه لا تتعدى 15 في المائة، ولم يكن به ماء ساخن، او ستائر في الغرف، ولكن تم تحديثه اليوم على احدث طراز، وكان ابرز سكانه ايام طالبان العرب العاملون في المنظمات الاغاثية، وكان يعتبر تجسيدا للحالة البائسة التي آلت اليها كابل منذ تولى أمرها المجاهدون عام 1992، ثم آلت الى حركة طالبان منذ عام 1996 وحتى سقوط الحركة نهاية 2001. وبعد ست سنوات تقريبا اصبحت العاصمة كابل حافلة بالمفاجآت، فيلات فخمة ومكاتب عالية بواجهات زجاجية زرقاء اللون جديدة مسورة بواجهات تحاكي مراكز لندن التجارية. وهناك اسواق مليئة بالبضائع، ومقاهي انترنت، وصالونات تجميل، ومطاعم بيتزا وبيرغر وكباب واخرى تقليدية منذ ايام طالبان مثل مطعم هراة، وبوتيكات تبيع «الدي في دي» من بوليوود، اضافة الى افلام اباحية. وفي زحامات كابل الشديدة التي يسببها وجود سيارات اللاند كروز في منتصف النهار تسمع موسيقى صاخبة من محطات اذاعات كابل الجديدة وهتافات الاطفال وهم يبيعون الصحف والعلكة ومناديل الورق. كنت اشعر بأنني في زحمة القاهرة بين شعب يزدهر في ظل اقتصاد العولمة. وفي حي وزير اكبر خان هناك فيلات فخمة تحت حراسة مشددة وبعض الشوارع مغلقة اي لا يمكن المرور منها الا بعد اذن خاص، والفيلل في شوارع ضيقة للغاية غير مرصوفة ممتلئة بمياه الامطار الاسنة والحفر، وقال مرافقو الكولونيل سلام حياة ابرز معاوني القائد احمد شاه مسعود الذي اغتالته «القاعدة» قبل يومين من هجمات سبتمبر (ايلول) هنا حي الاغنياء الجدد من مسؤولي المنظمات الدولية. وهناك الان طريق معبد من كابل الى قندهار في الجنوب بطول ثلاثمائة ميل، ويتم بناء وترميم المزيد من الطرق التي تربط المدن الافغانية الرئيسية ببعضها. اما الفرق المدنية والعسكرية الصغيرة لاعادة الاعمار، التي تشرف عليها المملكة المتحدة والمانيا وهولندا، لاصلاح المدارس والطرقات فهي تعمل الان في المقاطعات الشمالية ويتوقع ان تغطي البلاد. ولكن بعد ست سنوات من تجميع الولايات المتحدة عدة دول لاعادة اعمار افغانستان، يميل الكثير من الافغان للتنديد بالمجتمع الدولي بدلا من مدحه. وهناك كثير من الافغان غير راضين عن طرق صرف المعونات الدولية، انهم يتساءلون: اين تذهب معظم اموال اعادة الاعمار وهم يشيرون الى سيارات اللاند كروز والمنازل والمكاتب الفاخرة للسكان القادمين من الخارج. وفي المكاتب المجهزة بالاضاءة البراقة والتدفئة، كان الدبلوماسيون والعاملون في المنظمات غير الحكومية ومسؤولو الحكومة متفائلين وهم يقدمون حقائق وارقاما عن الانجازات التقدم في افغانستان. وكما يقول السفير الاميركي ويليام وود الذي التقته «الشرق الاوسط»، ان الانجازات على الارض في افغانستان لا تتوقف منذ ست سنوات، فالجوال، الذي لم يعرف في عهد طالبان، هناك اليوم نحو 3.5 مليون مستخدم واربع شركات اتصالات، تتنافس فيما بينها، من بينها شركتا اريبا واتصالات الاماراتية لتقديم افضل الخدمات بارخص الاسعار، اما عدد السيارات فحدث ولا حرج، فهناك حالة اختناق في شوارع وسط المدينة في الصباح الباكر وبعد الثانية ظهرا موعد خروج موظفي الدوائر الحكومية. ويقول الكولونيل مسلم حياة ان العاصمة كابل خططت شوارعها لاستضافة 400 الف نسمة، واليوم تستضيف 4 ملايين نسمة.

 

 


   

رد مع اقتباس