عرض مشاركة واحدة

قديم 25-09-09, 09:01 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الصين في إفريقيا






الصين وإفريقيا.. فرص وتحديات.
تناول الجزء الأول من هذه الدراسة أسباب وأهداف الاهتمام الصيني بإفريقيا، والمبادئ الصينية الحاكمة للعلاقة مع إفريقيا، والإستراتيجيات التي تتبعها بكين لتحقيق أهدافها السياسة والاقتصادية بالقارة السمراء، والتي جعلت الصين في فترة وجيزة تقفز إلى المركز الثالث في التبادل التجاري مع إفريقيا.
ويتعرض هذا الجزء لكل من مناطق الانتشار الصيني في القارة، ومقارنة الدور الصيني بالقارة مع أدوار دول أخرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وأخيرا الفرص والتحديات أمام العلاقات الصينية ـ الإفريقية.

مناطق الانتشار الصيني في إفريقيا.

تمكنت الصين من التمدد والتواجد في مربع هام ممتد في القارة الإفريقية؛ فهي تحكم سيطرتها الآن على منطقة مربعة واسعة تمتد من نيجيريا شمالا، إلى غينيا الاستوائية والجابون وأنجولا غربا ثم السودان وتشاد شرقا، فزامبيا ثم زيمبابوي وموزمبيق جنوبا؛ وهو ما دفع القيادة الرسمية في الصين إلى التخطيط لكي تكون بكين أقوى قوة في هذه المنطقة لمدة طويلة.


ويلاحظ أن هذه المنطقة المربعة تضم الدول الغنية بالموارد الطبيعية من ناحية (نيجيريا، غينيا، وأنجولا، والسودان، وزيمبابوي)، كما تضم الدول الغنية بالموارد الطبيعية الأخرى التي تحتاج إليها الصين مثل البلوتونيوم (جنوب إفريقيا)، علاوة على أنها تضم بعض الدول التي تعاني من اضطهاد غربي أمريكي مثل زيمبابوي والسودان.

ولذلك فلا غرابة في أن نجد الدول التي تقع في نطاق هذا المربع تحتل الصدارة الأولى في حجم التبادل التجاري مع بكين، حيث تأتي أنجولا في المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري بمقدار 1.334.682 مليار دولار، تليها جنوب إفريقيا 863.664 مليون دولار، فالسودان 438.542 مليون دولار، فنيجيريا 316 مليون دولار.

حجم الصادرات والواردات الصينية مع بعض الدول الإفريقية يناير- أكتوبر 2008

انجولا
116.816 مليون
130.3%
1.217.866

مليار
137.8%
1.334.682 مليار
137.1%

جنوب أفريقيا
407.185
26%
456.479
50%
863.664 مليون
38%

السودان
95.901مليون
40%
342.642مليون
101.4%


438.542مليون
84%

نيجيريا
279.978مليون
77.6%
36.067 مليون
49%
316 مليون
73.8%

ويلاحظ من بيانات الجدول زيادة حجم التبادل التجاري بصفة عامة بين الجانبين خلال الفترة الأخيرة (137% في حالة أنجولا)، كما أن الميزان التجاري يميل بصفة عامة لصالح الدول الإفريقية، باستثناء نيجيريا، وهو ما يرجع إلى زيادة تصدير هذه الدول للمواد الأولية.

وإذا انتقلنا من هذا الجانب التجاري الضيق إلى نطاق أشمل على نطاق القارة ككل، يمكن القول إن هناك انتشارا صينيا كبيرا خلال الآونة الأخيرة بسبب الإستراتيجية السابق الإشارة إليها، وهذا الانتشار يمكن تلمسه من خلال مجموعة من المؤشرات التي صرح بها وزير التجارة الصينى، تشن ده مينج، خلال مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا الصينية يوم 19 يناير2009، حيث أشار إلى أن بلاده قامت خلال السنوات الثلاث الماضية بالآتي:ـ

1ـ التوقيع على اتفاقات مساعدات ثنائية مع 48 دولة إفريقية واتفاقات قروض بشروط ميسرة مع 22 دولة إفريقية، مع زيادة قيمة هذه المساعدات بنسبة 200 % مقارنة بعام 2006.

2ـ قيام الحكومة الصينية بإلغاء 168 دينا استحقت الدفع من جانب 33 دولة إفريقية بحلول نهاية عام 2005.

3ـ التوقيع على اتفاقيات تجارية مع 41 بلدا إفريقيا، واتفاقيات ثنائية لدفع وحماية الاستثمار مع 29 بلدا، واتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي والوقاية من التهرب الضريبي مع 9 بلدان، بينما يتم الترتيب لتوقيع اتفاقات مماثلة مع دول أخرى، الأمر الذي سيهيئ بيئة سياسية وقانونية أفضل للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين.

ويشير هذا الحجم من اتفاقات التعاون إلى أن التغلغل الصيني كبير في إفريقيا إذا ما قورن بالدول الأخرى سواء الأوربية أو الأمريكية أو حتى الآسيوية.

منافسو الصين في إفريقيا.

إن هذا التغلغل الصيني يطرح تساؤلا عن موقع الصين من الدول الأخرى المنافسة، وهل هناك تنافس يصل إلى حد التعارض خاصة مع الولايات المتحدة، ولأي الفريقين يميل الأفارقة، ثم ماذا عن الدول الأخرى الآسيوية خاصة اليابان والهند.

وقد لخص أحد الدبلوماسيين المخضرمين إجابة الأسئلة السابقة، بقوله: "إن الصين أسهل في التعامل وعقد الصفقات مع الأفارقة مقارنة بالغرب لأنها لا تهتم بملف حقوق الإنسان، تماما مثلما هو الحال في الصين ذاتها؛ فكل الذي يهم الصينيون هو المال". هذه الكلمات تشير بوضوح إلى تباين في إستراتيجية كل من الصين والولايات المتحدة بشأن التعامل مع الأفارقة، والتي تجعل المستقبل للصين بالرغم من أن واشنطن وفرنسا الآن في مقدمة الصدارة بشأن التبادل التجاري مع إفريقيا.

ويمكن إيجاز أهم نقاط التباين بين الدولتين فيما يلي:ـ

1 ـ أدى التركيز الأمريكي على ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو الملف الذي يتعامل معه الغرب وفق معايير مزدوجة، إلى استفادة الصين من ذلك جيدا، وهي التي لا يحظى لديها هذا الملف بأولوية، ولهذا وطدت بكين علاقتها مع دول إفريقية على خلفية التوتر العلاقات الإفريقية الغربية، كما حدث مع أنجولا والسودان وزيمبابوي.

2 ـ تضع أمريكا مشروطيات سياسية واقتصادية بشأن فتح الأسواق أمام المنتجات الإفريقية في أمريكا مثل (قانون التجارة والنمو)، في حين لا تضع بكين هذه الشروط المعقدة.

3 ـ يتسم التعامل الأمريكي والأوروبي مع الأفارقة عموما بالتعالي، في حين تقدم بكين نفسها للأفارقة على أنها دولة جنوبية نامية؛ مما يجعلها خيارا مفضلا لديهم.

4 ـ تركز أمريكا على المشروعات النفطية، في حين تركز الصين على ذلك وعلى مشروعات البنية التحتية والخدماتية.

وربما لهذه الأسباب باتت بكين تشكل تحدياً كبيراً للولايات المتحدة ليس في إفريقيا فحسب، وإنما في أمريكا اللاتينية أيضا، خاصة فيما يتعلق بعلاقاتها الوطيدة مع الأنظمة المارقة من وجهة النظر الأمريكية لاسيما فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب. ولقد أكد على هذا الأمر مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة جون ماكين في مقال له نشر بدورية فورين أفيرز-نوفمبر/ديسمبر 2007، حيث وصف زيادة النفوذ الصيني بأنه سيشكل التحدي الرئيسي للرئيس الأمريكي الجديد، كما حذر من تزايد العلاقات الصينية الدبلوماسية مع كل من السودان وزيمبابوي، وهو نفس ما أشار إليه نائب وزير الدفاع للشئون السياسية في حينها إيريك إيدلمان، حين أشار في كلمته أمام لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس بأن الاهتمام والتأثير الصيني المتزايد بإفريقيا وأمريكا اللاتينية سيؤثر على المصالح الأمريكية المستقبلية بهما.

ويعني ما سبق أن الصين تشكل تهديدا للولايات المتحدة في المجال السياسي، وإلى حد ما في المجال الاقتصادي، وإن كان الأمر لم يصل بعد إلى درجة الصدام نظراً لكبر مساحة القارة من ناحية، فضلا عن حجم العلاقات التجارية الوطيدة بينهما من ناحية ثانية، إلا أن ذلك لم يمنع بعض الباحثين من تقديم بعض النصائح هي أشبه بملامح إستراتيجية أمريكية جديدة في إفريقيا لمواجهة النفوذ الصيني، تركز على عدد من النقاط أبرزها ما يلي:ـ

1 ـ تطوير إستراتيجية موضوعية لإفريقيا قائمة على مراجعة تحديات كل دولة، وكذلك الموارد الأمريكية المتاحة لمواجهة القوى غير الشرعية.

2 ـ زيادة الدور الدبلوماسي الأمريكي في إفريقيا خاصة فيما يتعلق بالدبلوماسية الشعبية عن طريق تقديم المساعدات أيضا للمؤسسات الشعبية، لأن هذا من شأنه إزالة الانطباع السائد سابقا بأن الولايات المتحدة لا تبد سوى اهتمام قليل بالقارة.

3 ـ زيادة الروابط الاقتصادية مع الدول الإفريقية عن طريق توقيع اتفاقيات دائمة بشأن التجارة الحرة للسلع والخدمات، والتأكيد على حقوق الملكية، واعتبار كل من هذه الاتفاقيات والإصلاح الاقتصادي، وليس تقديم المساعدات، هما الأساس لتحسن الأوضاع الاقتصادية في القارة.

4 ـ الضغط على الدول الإفريقية لفتح قطاعاتها النفطية والغاز للاستثمارات الأجنبية، وخاصة الأمريكية، لا سيما في ظل توقع زيادة الاستهلاك الأمريكي من النفط الإفريقي من 15% إلى 25% خلال العقد القادم.

5 ـ زيادة المساعدات الأمنية للدول الإفريقية خاصة في مجال التدريب، وذلك في إطار البرنامج الدولي للتعليم والتدريب العسكري the International Military Education and Training program (IMET)

6 ـ التركيز على الاستثمار في مجال البنية التحتية والاستفادة من التجربة الصينية في هذا الشأن، حيث إن الاستثمارات الصينية تتركز في مجالات البنية التحتية، في حين تركز الولايات المتحدة على مجالي التعليم والصحة، ومن ثم سيكون مفيدا توجيه استثمارات أمريكية في المجال الزراعي الذي قد يزيد شعبية أمريكا لدى الأفارقة، فضلا عن استثمارات طويلة الأجل في مجال البنية التحتية.

7 ـ أهمية فتح الأسواق الأمريكية للمنتجات الزراعية الإفريقية على اعتبار أن هذه جزئية هامة لجذب المزيد من التأييد الأمريكي.

أما بالنسبة للدول الأسيوية وخاصة الهند واليابان، فهما يشكلان تحديا ومزاحمة للصين في إفريقيا، خاصة وأنهما تدخلان لإفريقيا من نفس المدخل الصيني، أي "التركيز على الجوانب الاقتصادية والمنافع المتبادلة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية لهذه الدول".

وفي هذا الإطار تبرز المنافسة الشرسة بين الصين واليابان على وجه خاص، وذلك بعد أن رفضت الصين حصول اليابان على مقعد دائم في مجلس الأمن، وفي المقابل عملت طوكيو على زيادة المساعدات المقدمة للدول الإفريقية سواء من خلال مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى، أو من خلال منتدى "مؤتمر طوكيو الدولي لتنمية إفريقيا "تيكاد"Tokyo International Conference on African Development (TICAD) الخاص بالتعاون الياباني الأفريقي.

يذكر أن اليابان كانت سباقة في التعامل مع إفريقيا من خلال فكرة المنتديات، وقامت في عام 1993 بإنشاء هذا المنتدى، والذي كان يستهدف بالأساس تقديم المساعدة المالية والتقنية. ويعقد المؤتمر كل خمس سنوات كان آخرها في اليابان في يوليو 2008، وتستهدف اليابان من ذلك زيادة الصداقة مع إفريقيا من ناحية وزيادة عدد الشركاء على مستوى العالم من ناحية ثانية. ويتم هذا عن طريق المساعدات التنموية والتقنية، لكن وفق مبدأ عام هو قيام اليابان بتنفيذ هذه المشروعات التنموية وعدم إعطاء هذه الأموال للحكومات خشية تعرضها للسلب والنهب، على عكس ما تفعله الصين. كما عملت اليابان مؤخرا على أن يكون لها دور في عمليات حفظ السلام على مستوى القارة، وذلك من خلال تقديم المساعدة لمراكز التدريب على عمليات حفظ السلام المنتشرة في القارة.

أما الهند فقد دخلت حلبة المنافسة أيضا خلال الفترة الأخيرة حيث استضافت في إبريل 2008 أول قمة هندية ـ إفريقية على غرار ما تقوم به الصين واليابان، كما أنها تقدم نفسها بذات الصورة التي تقدم بها الصين نفسها لإفريقيا، وإن ظل فارق الإمكانيات يميل كثيرا لصالح بكين.

التحديات الأساسية التي تواجه الدور الصيني.

تبدو الصين دولة جذابة بالنسبة للكثير من الأفارقة، وقد خلق واقع الانتشار الصيني في القارة مجموعة من الفرص التي تساعد الصين على زيادة تعاونها مع القارة الإفريقية، وساعد على ذلك عدم وجود شروط سياسية والتأييد الإفريقي للصين في المحافل الدولية، علاوة على ملائمة المنتجات الصينية ذات الجودة العالية والسعر المناسب للمواطن الإفريقي، ومنها منتجات كان يتعذر الحصول عليها من الدول الأوروبية.

ومع ذلك ثمة تحديات عديدة تواجه تنامي الدور الصيني في إفريقيا، ومن أبرزها:

1 ـ الأزمة المالية العالمية وإمكانية تأثيرها على حجم المساعدات الصينية المقدمة لإفريقيا، وإن كان الرئيس الصيني حرص خلال زيارته الأخيرة للقارة على التأكيد على أن الأزمة لن تؤثر على حجم المساعدات.

2 ـ الآثار السلبية التي يتركها هذا الغزو التجاري الصيني على بعض المنتجات الإفريقية مثل المنسوجات. فعلى سبيل المثال ازدادت صادرات المنسوجات الصينية لجنوب إفريقيا من 40% إلى 80% في عام 2004، الأمر الذي أدى إلى تدهور قطاع النسيج في جنوب إفريقيا أمام المنتجات الصينية، ما نتج عنه تسريح ما يقرب من 75 ألف عامل.

3 ـ أن الدعم الصيني مرهون بعلاقة الصين مع الدول الأخرى خاصة الدول الكبرى، فالصين لن تضحي بسهولة بهذه العلاقة، وإنما تعمل على إحداث نوع من التوازن بين علاقاتها بالدول الأفريقية من ناحية، وبين هذه الدول الكبرى من ناحية ثانية. وأبرز مثال على ذلك امتناع الصين عن التصويت ضد قرار مجلس الأمن رقم 1593، الصادر في 31 مارس 2005، بشأن تحويل ملف دارفور للمحكمة الجنائية الدولية استنادا للفصل السابع من الميثاق. وساهم هذا القرار في إحداث الأزمة الراهنة بين السودان والمجتمع الدولي، خاصة بعد صدور قرار اعتقال البشير (مارس 2009)، بالرغم من أنه كان من الممكن أن تستخدم الصين حق الفيتو.

4 ـ المنافسة من قبل الدول الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وكذلك بعض القوى الآسيوية الهامة مثل اليابان، والهند، وماليزيا، وإيران وغيرها، خاصة وأن هذه الدول تدخل لإفريقيا من نفس المدخل.

5 ـ توظيف الصين، ولو بدرجة أقل، للعلاقات الاقتصادية مع إفريقيا لتحقيق أهداف سياسية، كما حدث في الفترة من الخمسينات وحتى السبعينات، وذلك إما للحصول على الاعتراف بها كممثل للشعب الصيني بدلا من حكومة فرموزا في الجمعية العامة ومجلس الأمن، أو لتحقيق أهداف سياسية في بعض الحالات الأخرى (حالة تشاد). هذا الابتزاز الصيني المحدود قد لا يحظى بقبول بعض النظم الأفريقية التي قد تبحث في هذه الحالة عن بديل ثالث للدول الكبرى والصين.

6 ـ عدم وجود خطوط اتصال مباشرة سواء جوية أو بحرية بين الصين وبعض الدول الإفريقية.

وأخيرا يمكن القول إن سياسة الصين في إفريقيا تتسم بثلاث خصائص رئيسية؛ الأولى: أنها تسير وفق إستراتيجية مدروسة بدقة، تسعى لتحقيق الأهداف الصينية خلال ثلاث سنوات (تنتهي هذا العام 2009)، وهو ما أكد عليه الرئيس الصيني خلال زيارته الأخيرة لإفريقيا. ولا شك أن هذا سيضفي المزيد من المصداقية على السعي الصيني ويدفع الأفارقة للهرولة. وربما يظهر هذا الأمر بوضوح خلال الدورة الرابعة للمنتدى التي ستستضيفها القاهرة في نوفمبر القادم.

أما الخاصية الثانية: فهي حرص الصين على الجمع بين القول والعمل، أو بمعنى آخر تفادي الوعود البراقة التي تقدمها الدول الغربية لهذه الدول منذ حصولها على الاستقلال أوائل الستينات. لذل فهي حريصة على تنفيذ إستراتيجية الشراكة مع إفريقيا بكل جد واجتهاد بالرغم من عدم وجود ضغوط عليها. وتدرك بكين أن هذا الالتزام هو الذي سيوفر لها كل ما تحتاجه من إفريقيا، سواء من النفط أو غيره من الموارد، بأفضل شروط في ظل المنافسة الشرسة السابق الإشارة إليها.

وتتمثل الخاصية الثالثة: في أن السياسة الصينية لا تقتصر فقط على الأبعاد الاقتصادية أو السياسية، بل يتعداها ليشمل أبعادا أخرى، وتصب في هذا الاتجاه زيارة الرئيس الصيني الأخيرة لأربع دول ليست قوية اقتصادية، بل ربما تكون هذه الزيارة متعمدة للتأكيد على الأبعاد الأخرى للعلاقة مع دول القارة الإفريقية بخلاف الأبعاد السياسية، وإن كانت زيارة السنغال تحديدا لها مغزى خاص بسبب رئاسة السنغال لمنظمة المؤتمر الإسلامي من ناحية، ولكون السنغال حتى وقت قريب من ضمن الدول الإفريقية التي كانت تعترف بتايوان.

الخلاصة.
إذن أن الصين تعد بديلا مقبولا للأفارقة مقارنة بالدول الاستعمارية الكبرى، ومن المتوقع أن تنمو العلاقات بين البلدين نتيجة لتراجع العلاقات بين إفريقيا وهذه الدول الكبرى من ناحية، وسعي الأفارقة لتفعيل مبادرة الشراكة من أجل التنمية (نيباد)، التي تستهدف البحث عن قوى بديلة للقوى الاستعمارية السابقة من ناحية ثانية، والبحث عن موارد لتمويل المشروعات الإفريقية وكذلك الأسواق اللازمة لتصريف هذه المنتجات من ناحية ثالثة (14). ومع ذلك يبدو أن العقبة الرئيسية أمام الصين ستتمثل في الدول الآسيوية الصاعدة بسرعة كبيرة والراغبة في التغلغل داخل أفريقيا، والتي من أبرزها الهند. ويمكن أن يكون هذا التنافس في صالح الأفارقة اللهم إلا إذا حدث اتفاق بين هذه الدول وبعضها البعض على استغلال القارة.

وفي ظل هذا التنافس المحموم على إفريقيا يتساءل الكثيرون، ونحن منهم، أين الدول العربية؟ ولماذا عجلة الساعة متوقفة عند عام 1977، وهو العام الذي شهد أول وآخر قمة عربية إفريقية.. أليس بإمكان العرب أن يكونوا بديلا مفضلا للأفارقة مقارنة بالبديل الأوروبي أو حتى الآسيوي الأصفر؟!

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس