عرض مشاركة واحدة

قديم 16-04-09, 03:21 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
السادات
•¦ رقـيـب ¦•

إحصائية العضو





السادات غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي هل حـقـقـت الـولايات المـتحدة مصالحـها فـي الـشرق الأوسـط؟



 

إعداد العميد الركن : إبراهيم بن إسماعيل كاخيا
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
جندى أمريكي يجدر بنا قبيل أن ندخل في شرح حيثيات المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط أن نمر مروراً سريعاً على تعريف «المصلحة القومية» للدولة بصورة عامة تمشياً مع أسلوب البحث العلمي، كي نمهد أنفسنا للدخول في لب الموضوع الأساسي الذي اتخذناه عنواناً ومحوراً لهذا المقال، فقد عرف معجم المصطلحات السياسية «المصالح القومية» بأنها: هي الأهداف السياسية التي يسترشد بها صانع القرار عند تخطيط السياسة الخارجية. وتعتمد هذه المصالح لدولة ما على العناصر التي تشكل الاحتياجات الأكثر حيوية لتلك الدولة مثل: حماية الذات، والاستقلال، والأمن القومي، والرفاهية الاقتصادية.
وعندما تضع الدولة سياستها الخارجية على أساس من مصالحها القومية دون الاهتمام بالمبادئ والقيم الأخلاقية، توصف السياسة الخارجية لهذه الدولة بأنها سياسة خارجية غير أخلاقية، ونلاحظ أن كل دولة من دول العالم تحاول تطوير سياسات خارجية وعلاقات دبلوماسية متوائمة مع تعريفها لمصالحها القومية. وعندما تتسم المصالح القومية للدول في النظام الدولي بالتناسق، ينتج عن ذلك رغبة تلك الدول في العمل المشترك من أجل وضع حلول للمشاكل العالمية، أما في حالة تعارض تلك المصالح، فإن ذلك يؤدي إلى إشاعة حالة من التوتر والتنافس والخوف، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الحرب.
المصالح والأهداف الأمريكية
في منطقة الشرق الأوسط

يستهدف هذا المقال الأهداف والمصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وكيف استطاعت الولايات المتحدة أن توفق بين هذه المصالح التي تبدو متناقضة كما تبلورت - حتى نهاية الثمانينات - فيما أصبح يُعرف بـ «الثالوث المقدس».
? احتواء الشيوعية ومقاومة النفوذ السوفيتي (السابق) في المنطقة.
? المحافظة على المصالح الأمريكية في البترول وضمان تدفقه لها ولحلفائها الغربيين بأسعار معقولة وإحباط أية قوة محلية أو إقليمية أو دولية للتحكم فيه.
? دعم وجود إسرائيل وأمنها والتوصل إلى الاعتراف الغربي بها وإدماجها في محيطها الإقليمي.
وكيف تطورت هذه الأهداف بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث برزت - بعد تفجيرات نيويورك عام 2001م - أهداف جديدة وهي: منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، ومقاومة الحركات الأصولية الإسلامية، ومحاربة ومطاردة الإرهاب.
أولاً:تأمين إمدادات النفط العربي.
تنطوي مصالح الولايات المتحدة النفطية في المنطقة على عناصر وأبعاد مركبة، فهناك أولاً: البعد الاقتصادي الخاص بمصالح شركاتها النفطية التي استثمرت وما تزال أموالاً ضخمة في مجالات استكشاف وإنتاج وتصنيع وتسويق النفط العربي، وتحقق من ورائها أرباحاً ضخمة.
وهناك ثانياً: البعد الأمني الخاص بضمان استمرار تدفق النفط العربي إلى الولايات المتحدة وحلفائها بأسعار معقولة.
وهناك ثالثاً: البعد الاستراتيجي الخاص بالنفط كآلية من آليات التحكم والسيطرة على النظام الدولي، الذي قد يغري في ظروف معينة محددة بمحاولة السيطرة المباشرة عليه، وعدم الاكتفاء بمنع القوة المنافسة أو المعادية من السيطرة عليه أو الاقتراب منه.
لم تواجه الولايات المتحدة حتى عام 1973م عقبات تذكر تحول دون تحقيقها لمصالحها النفطية على كافة المستويات، فقد مارست شركاتها النفطية العاملة في المنطقة نشاطها دون عوائق محققة أرباحاً خيالية، وتغدق نفط المنطقة عليها وعلى حلفائها بأسعار بخسة ونجحت في إبعاد النفوذ السوفيتي عن منطقة الخليج، وبالتالي لم تكن هناك حاجة للتفكير في سيطرة مباشرة على منابع النفط.
غير أن هذا الوضع تغيّر جذرياً بعد اندلاع حرب أكتوبر عام 1973م، بعد أن تمكنت الدول العربية أولَ مرة من استخدام النفط كورقة ضغط سياسي في صراعها مع إسرائيل بتخفيض معدلات تصديره للدول المؤيدة لإسرائيل، كما نجحت في الوقت نفسه في مضاعفة أسعاره محققة فوائض مالية هائلة. ويقدر الباحثون «الثقات» أن هذا التطور الخطير لعب دوراً محورياً في إعادة تشكيل رؤية الولايات المتحدة للمنطقة، فقد اكتشفت -حينذاك- أن تعقيدات الصراع العربي - الإسرائيلي يمكن أن تلحق، إذا توافرت ظروف دولية وإقليمية معينة، ضرراً كبيراً بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وأن التحدي الذي قد تواجهه لا يقتصر على بعض الدول العربية النفطية فقط، ذات التوجه الراديكالي، وكان قرارها ألا تدع ذلك يحدث أبداً مرة أخرى، حتى لو اضطرت إلى احتلال منابع النفط ذاتها.
ورغم أن الولايات المتحدة هددت بذلك علناً، ووضعت خططاً بالفعل لاحتلال منابع النفط عند الضرورة، إلا أنها لم تقدم على ذلك حتى بداية التسعينات؛ لأسباب كثيرة تتعلق بطبيعة النظام الدولي ثنائي القطبية وقتئذ واستمرار وجود حد أدنى من التماسك في النظام العربي الإقليمي.
لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة اتخذت قراراً قاطعاً بعمل كل ما في وسعها للفصل الكامل بين النفط والصراع العربي - الإسرائيلي، وعدم السماح تحت أي ظرف من الظروف باستخدام النفط كورقة ضاغطة في هذا الصراع حتى لو تطلب الأمر احتلال منابع النفط العربي مباشرة إذا ما أتيحت الفرصة، وإلى أن تتهيأ هذه الفرصة قررت العمل على عدة جبهات: تفتيت النظام العربي والحيلولة دون تماسكه في عملية إدارة الصراع العربي - إلاسرائيلي، ثم التوسط لايجاد تسوية للصراع حتى لا تضعها في صدام مع إسرائيل أو جماعات «اللوبي» الموالية في الولايات المتحدة، وتضييق الخناق على النفوذ السوفييتي في المنطقة.
وقد أدى التحول الضخم في سياسة مصر الخارجية التي انتهجها الرئيس الراحل «أنور السادات» إلى التمكين لهذه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة، وعندما سقط الاتحاد السوفيتي وانهار المعسكر الاشتراكي زالت أهم العقبات التي تعترض طريق الولايات المتحدة للتطلع للسيطرة على منابع النفط في المنطقة، ثم جاءت أحداث سبتمبر عام 2001م لتقدم للولايات المتحدة المبرر والغطاء السياسي الضروري تحت شعار «مكافحة الإرهاب» والدول الداعمة له.
ثانياً: ضمان أمن إسرائيل:
يمكن للفاحص المدقق لحركة السياسة الخارجية الأمريكية خلال فترة ما بين الحربين الأولى والثانية من القرن الماضي، أن يلحظ بسهولة أن اهتمام الولايات المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط تركز على موضوعين رئيسيين: الأول المشروع الصهيوني الرامي إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين، والثاني النفط.
وقد تكلمنا آنفاً عن موضوع النفط وتطوراته، وفيما يتعلق بالمشروع الصهيوني كان من الواضح أن الولايات المتحدة قررت منذ اللحظة الأولى ولأسباب كثيرة المراهنة عليه والاستثمار السياسي فيه بأقصى ما تستطيع فأيدت «وعد بلفور» البريطاني وتحمست له أكثر من أي طرف دولي آخر.
وحين خابت آمال الحركة الصهيونية في بريطانيا بعد اضطرار هذه الأخيرة لتعديل سياستها في فلسطين مع هبوب الرياح التي أفضت إلى الحرب العالمية الثانية، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هي المفعّل الرئيسي لنشاط الحركة الصهيونية وأكثر الأطراف الدولية حماسةً وضغطاً لقبول الأعداد المتزايدة من المهاجرين اليهود إلى فلسطين، وحين اضطرت بريطانيا لعرض المسألة الفلسطينية على الأمم المتحدة لعبت الولايات المتحدة الدور الأكثر حسماً لحمل الجمعية العامة على تبني مشروع التقسيم عام 1947م وكانت أول دولة في العالم تعترف بإسرائيل فور إعلان قيامها عام 1948م.
في هذا السياق يبدو واضحاً أنه كان لدى الولايات المتحدة حين بدأت تتهيأ للمنافسة على قيادة النظام العالمي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية أداتين جاهزتين للنفاذ إلى قلب المنطقة: إسرائيل والنفط. غير أن هذا الوضع بدا وكأنه ينطوي على معضلة ينبغي على السياسة الخارجية الأمريكية حلها، فمصالحها النفطية تدفعها للتقارب مع العرب في الوقت الذي ترى فيه أن مصالحها السياسية والاستراتيجية مرتبطة بقدرتها على المحافظة ليس فقط على أمن إسرائيل وإنما على تفوقها أيضاً.
قد لا يتسع المجال في هذا المقال لسرد تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ولكن يمكن القول أنه لا يختلف أحد على وجود التزام أمريكي ليس فقط بالمحافظة على أمن إسرائيل في المنطقة وإنما بمدها بكل أسباب ووسائل التفوق على الدول العربية مجتمعة. وبالتالي يوجد إجماع على أن إسرائيل هي مصلحة أمريكية غير أن التحليلات العربية تتباين كثيراً حول حدود ونطاق هذه المصلحة وأسبابها ووسائل وآليات تحقيقها، وحول ما إذا كانت مصالح إسرائيل ورؤيتها للمنطقة تتطابق تماماً مع مصالح ورؤى الولايات المتحدة، فمن قائل بأن إسرائيل مجرد أداة وظيفية تستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها، وأهدافها الاستراتيجية، فالصراع الأساسي هو مع الولايات المتحدة وليس مع إسرائيل. ومن قائل آخر، بأن السياسة الأمريكية الموالية لإسرائيل هي نتاج نفوذ اللوبي الصهيوني وجماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة، وبالتالي فإنه بواسطة سياسة عربية رشيدة يمكن تحييد موقف الولايات المتحدة من الصراع.

 

 


 

   

رد مع اقتباس