عرض مشاركة واحدة

قديم 11-04-09, 04:57 PM

  رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

بين مركز الحدود اللبنانية والحدود السورية أرض لبنانية «سليبة» (الحلقة الثالثة)
«الشرق الأوسط» على الحدود اللبنانية ـ السورية: أهل البقاع يعتبرون أنفسهم «عدة شغل لقوى الأمر الواقع»
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةوادي خالد.. مركز تهريب رئيسينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةالمياه.. هي أيضا عرضة «للمصادرة»
بيروت: سناء الجاك
قرية البويضة «السورية ـ اللبنانية»
* 60% من سكان قرية البويضة الحدودية يعيشون في سورية... ولكنهم يأتون الى لبنان لينتخبوا. وتأتي معهم كلمة السر. اما في بلدة القصر فهناك خمسة آلاف ناخب يأتون من سورية. يدخلون ويضعون في صناديق الانتخاب اللوائح المعدة سلفا. اما اذا لم تكن السيطرة كاملة بسبب وجود عدد ناخبين مقيمن في لبنان ولهم توجه يختلف عن مضمون كلمة السر، يبقى الامر سهلا. بعد عملية الانتخاب يأتي من يبدل الصناديق. لا يتدخلون مع الافراد ولكن عملهم يقتصر على الفعاليات. أمر المهمة موجود على الجهة البقاعية من الحدود. الا أنه يحمل تسمية «تسهيل علاقات»، بحيث يتم التهريب من بيت إلى بيت. لا وسيلة ثانية في هذه المنطقة.
يعود أبو علي لينتقد الحزب والدولة على حد سواء. يقول: «الحزب يعوّد الناس على التسوّل لمعرفته ان الدولة تهملهم. اما الدولة الغائبة فهي لا توفر للمواطنين هنا مهناً يعتاشون منها او تهتم بمشاريع إنمائية تساهم في تشغيلهم. هنا المهن والوظائف للمحسوبين على الاحزاب وتحديدا حركة أمل. وازاء هذا الواقع لا يبقى لدى الناس الا التهريب. لو كانت هناك مصانع او مهن لما عرّض أحد حياته للخطر مقابل ثلاثة آلاف ليرة (أي دولارين هي ربح صفيحة المازوت). المطلوب دولة قوية ونظام قوي يكسح الاحزاب. لكن المحاصصة قضت علينا. فالبقاع مهمش كليا، وكأن أهله قطع غيار او عدة شغل لقوى الامر الواقع. كل الاحزاب لا تبني أوطانا. حزب الله يريد نفسه وهدفه. لماذا يعطون الناس إعاشة بدلا من إنشاء مصنع؟ يعرفون ان العمل ينمي عقل الانسان. وهم لا يريدون لعقلنا ان ينمو. يريدون ان نبقى أسرى الاعاشات والتهريب. العلة في غياب الدولة. نحن نريد مظلة الدولة. حتى من تعسكر مع حزب الله يريد الدولة».
المفارقة في حديث ابو علي هي انه يضع صورة الامين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في صدر صالونه. سألته: «تنتقد الحزب وتضع صورة أمينه العام. لماذا؟». أجاب مبتسماً: «لأنه شيعي وانا شيعي. وضعتها عندما تعزز حضور السيد عندنا بعد حرب تموز».
* هل يعني هذا أنك تشعر بالنصر الإلهي؟
ـ عاد الى الابتسام وأجاب: «أنا تضررت من حرب تموز. خسرت أملاكي وتعطل تعليم أولادي. ومثلي كثيرون. نحن انكسرنا. لكن في الإعلام انتصرنا. لا تركزي كثيرا على الصورة. نحن مرغمون على وضعها لتسيير أمورنا. ولا خوف في أن تؤدي مع الوقت الى غسل دماغ وتعطيل في التفكير. لا شيء يغسل الدماغ الا هذا». وأخرج أبو علي من جيبه بضعة آلاف من الليرات. وأضاف: «المال وحده هو ما يسيطر. بفعله يتم تسييس الدين والقبول بصواريخهم. وبواسطته يصبح ارتداء الحجاب شبه إلزامي من دون إعلان بذلك، كما هي قوانين إيران».
يتنهد ابو علي ويضيف: «الهرمل مقبوض عليها». ثم يطلب رقم هاتفي ليضيف ان هاتفه المحمول هو سوري المنشأ. وهو أرخص. يكلف شهريا حوالي ثمانية دولارات في حين ان الخط اللبناني يكلف اربعين دولارا وما فوق وارساله ليس جيدا بقدر الخط السوري.
القاع: التهريب شرعي وDelivery
* في بلدة القاع الصورة تختلف كلياً عما هي عليه في مدينة الهرمل ومحيطها. المرافق ايضا يختلف. لا يتجنب ذكر اسمه، كما هي الحال في «المنطقة القبوض عليها». يقول جورج خوري: «نسبة كبيرة من الأراضي الحدودية بين سورية ولبنان مختلف عليها». ويشير الى كوخ للهجانة مرفوع عليه العلم السوري، ليضيف: «هذا الحاجز السوري يقع على الاراضي اللبنانية. اذا رسمت الحدود تعود إلينا نسبة كبيرة من هذه الأراضي. الأمل في تبادل السفارات كخطوة أولى».
بعد ذلك يشير جورج الى عمق الجرد فيقول: «هناك تنشط زراعة حشيشة الكيف والأفيون». هناك حيث يشير لا وجود لدولة تضبط الوضع، كما أصبحت الحال في المناطق التي نتجول فيها. قبل فترة كانت زراعة الممنوعات رائجة. أخبرنا شادي البالغ من العمل 22 عاما انه وخلال الحرب الاهلية في منتصف الثمانينات، كان أستاذ المدرسة يقفل الصفوف في موسمين من خارج جدول العطل الرسمية. «مرة لجني ثمار الاشجار المثمرة ومرة لتشطيب الافيونة». يقول: «كان أهلنا يعطوننا سكينا خاصا يشترونه من سورية لنجرّح زهرة الافيون حتى تتفتح». ويصر انه لم ير زهرة أجمل منها. ثم يتابع: «لم نكن نعرف ان المخدرات مدمرة. لم نكن نملك جهاز تلفزيون. الراديو لم يكن يلتقط الا الاذاعة السورية. كنا معزولين عن العالم. كان الاهل يبيعون كيلو الخشخاش بستين ليرة لبنانية (أربعين دولارا). يعني تقريبا لا شيء. من احتفظ بكمية من الانتاج ثم باعها بالسعر الغالي ربح الجائزة الكبرى. اما الاحوال في تلك المرحلة فليست سوى سلسلة من القهر والحرمان، مع أفيون او بدونه. مع انتهاء الحرب واتلاف الزراعات الممنوعة توقعنا ان تنفذ الوعود بالزراعات البديلة. لكن لا شيء حصل».
نعود الى جورج. يأخذنا الى بيت يقع على مسافة 12 كيلومتر تقريبا من «الامانة»، اي نقطة الحدود الجمركية في القاع. نقف عند بوابة كبيرة سوداء داخل سور يرتفع عدة امتار ليخفي الملكية عن الانظار. نصور على راحتنا. يقول جورج: «هنا دار عرنوس. حيث تتم عملية تهريب شرعية. هذا المنزل المسور تقع نصف مساحته في الأراضي اللبنانية ونصفها الآخر في الأراضي السورية. أصحابه أخوة يعملون ظاهريا في التجارة. اما فعليا فالجميع يعرف ان الشاحنات تدخله وتخرج منه محملة ببضائع لا أحد يعرف ما هي. لتلاقيها شاحنة من الأراضي السورية، حيث توجد بوابة أخرى في الجهة المقابلة. لا عبور للحدود بين الشاحنتين. وبالتالي في دار عرنوس تتم عمليات التهريب الشرعية وفي الاتجاهين. وعندما تغادر الشاحنة الى الأراضي اللبنانية نادرا ما يستوقفها حاجز، لأنه عمليا لا داعي لذلك فهي لم تغادر لبنان. ولا أحد يستطيع ان يعرف ما تحتويه».
هذه الحالة تتكرر في أكثر من موقع على الحدود. يقول جورج: «كلها هكذا. نقاط الجمارك اللبنانية بعيدة عن مكان الحدث. والهجانة الموجودون عند كل مفرق يعملون على حسابهم. المشكلة ان لا حرس حدود في لبنان. وكل طريق ترابية متروكة من السلطات اللبنانية تقود الى مركز للهجانة. هناك أكثر من 180 نقطة حدود في المنطقة من الجهة السورية».
يدخل جورج الى همه المحلي فيقول: «القاع ظلمت ولا تزال تتظلم. هذه الطريق لم تكن لتفتح لولا الحاجة السورية اليها. وقد فتحت على حساب أحد كبار التجار الذين يرتبطون بمصالح مباشرة مع المسؤولين السوريين. مشكلة أخرى تعاني منها القاع بسبب امتداد الأراضي الزراعية بالقرب من الحدود. ويوضح: «معظم هذه الأراضي اما مشاع للبلدية او غير ممسوحة. لذا وخلال الحرب الاهلية وغياب الدولة وضعت اليد عليها من قبل جماعات مدعومة من السوريين. وبدأ كل من يحصل على قطعة أرض يحولها الى مشروع زراعي ويجني الارباح منها من دون أي معاملات او مستندات او عمليات بيع وشراء او استئجار. واذا اراد يبيعها الى غيره كأنها ملك ابيه. هكذا وبكل بساطة يأتي أحد المدعومين ويضع يده على الارض. وكلهم من خارج القاع وبعضهم من السوريين. وقد خلف هذا الامر قضية شائكة، تضاف إلى فوضى الحدود ولا نعرف من سيحلها».
عبدو وهو صاحب دكان في القاع له حكايته عن الحدود. يقول: «هنا التهريب يأخذ طابع الـDelivery . اللبنانيون يطلبون كل ما يريدون من المتاجر في الاراضي السورية. فيتولى تسليمها راكبو دراجات يعبرون الطريق الرسمي محملين بالبضاعة المطلوبة. يدخلون علناً بدراجاتهم بطريقة غير شرعية ونحن محرّم علينا إدخال أي بضاعة الا ضمن شروطهم. لماذا نرضى بهذه المعاملة؟ السبب بسيط. وهو ان البضائع السورية أرخص من البضائع اللبنانية. وبالتالي ما يتهرب من سورية الى لبنان هو لفائدتنا».
ماذا عن التهريب الآخر؟ يجيب عبدو: «نحن لا نرى السلاح والامور الأخرى. نسمع عنها. ففي الهرمل حيث المنطقة الشيعية يحكى عن طريق خاص ممنوع الاقتراب منه. في سهل الهرمل معسكر تدريب لحزب الله. هناك معلومات عن طرق سرية الى سورية. مرة أخبرني قريب لي ان عند طرف البساتين في قرية ربلة في المنطقة المواجهة كان أحد المزارعين يروي أرضه، أمرته عناصر المخابرات بالابتعاد عن الأرض، فاختبأ ليعرف السبب، شاهد الشاحنات المحملة بالسلاح تعبر إلى السهل. كذلك ضبط مرة صهريج مياه محملا بالبشر. كادوا يختنقون فتم إخراجهم وشاهد عدداً كبيراً من الناس. لكن المعلومات تقف عند هذا الحد. المشكلة ان لا تشديد من جهتنا. اما من جهتهم فالتشديد يخضع للمخابرات من جهة وللمال من جهة ثانية».
يشير عبدو الى ان معامل الاجبان والالبان في الهرمل ليست سوى واجهة. فهي في الحقيقة مستودعات للبضائع السورية التي تدخل بالتهريب. يعاد تعليبها تحت اسم هذه المعامل، ليصبح تصريفها أسهل.
أهالي القاع يعانون من عقبات ربما لا يعرفها اهالي المناطق الشيعية في الهرمل. يقول جورج: «موضوع التشديد يرتبط بالاشخاص. في القاع نسبة كبيرة من السكان محسوبة على القوات اللبنانية التي يرأسها سمير جعجع. ومن يعرف انه مشتبه به لا يمر. المنتمون الى القوات اللبنانية لا يخاطرون بعبور الحدود. اما الاشخاص الذين لا علاقة لهم بالاحزاب فهم يدخلون بشكل عادي. مخابراتهم ذكية تعرف كل شخص في القاع. احيانا يحصل تشابه أسماء، يتم على أساسها توقيف بعض الاشخاص. من كانت علاقاته قوية تنقضي قضيته ببعض الاسئلة. ومن يكون غير مسنود قد يتعرض لمتاعب كبيرة».
تجربة القاع مع السلطة السورية لم تكن دائما سهلة. يقول أحد السكان «انه في خضم الحرب الاهلية تعرض الاهالي الى ملاحقات وعمليات تصفية. بعضهم غادر البلدة حفاظا على حياته. وأصعب مرحلة كانت عندما تعرضت البلدة إلى مذبحة. قيل حينها أن المردة التابعين لسليمان فرنجية ارتكبوها انتقاما لقتل طوني فرنجية وعائلته. نجوت منها بمعجزة. لم تكن فقط صنيعة المردة كان معهم سوريون. سمعت لهجتهم ولا أستطيع ان أنساها».
وفي حين يتم الترويج عن ان السلطات السورية «اكتشفت» ثغرات أمنية في بلدة القاع، يعلّق شادي فيقول: «ربما لأن أهل القاع ليسوا على خاطر جيرانهم كما هي الحال في بقية مناطق الهرمل. هناك ثغرات سياسية وليس أمنية. فالحدود كلها منخورة بالثغرات. لماذا تزعجهم القاع بهذا الشكل؟».
سلسلة جبال لبنان الشرقية: الارض السليبة
* من نقطة المصنع الحدودية تبدأ حكايات قضم الاراضي اللبنانية من قبل السلطات السورية. فالمسافة الفاصلة بين مركز الجمارك اللبناني والحدود الدولية السورية والمعروفة بـ«جديدة يابوس» طارت كلها. يقول الاهالي: «حتى الزفت أخذوه» واصحاب الاراضي لم يعد يسمح لهم بالوصول الى ارزاقهم.
الحكايات المشابهة تتكرر في الطريق الى عمق سلسلة جبال لبنان الشرقية. يبدو ان معظم القرى والبلدات تعرضت الى القضم. يقول احمد من ينطا: «قد تجد أحياناً أراضي تابعة للبنان داخل سورية او أراضي تابعة لسورية داخل لبنان، وهو ما يؤدي إلى نشوء الكثير من المشكلات ومن المهم جداً أن يتم وضع علامات على الحدود حتى يكون الجميع على علم بها». ويضيف ان «الاراضي التي قضمت تقدر بـ37 الف دونم من الأراضي في السلسة الشرقية. وهذا الوضع أدى الى عزلة أهالي المنطقة وألحق بهم أضرارا فادحة. فالأهالي كانوا يعتبرون ان لا حدود تفصل بينهم وبين السوريين. كانوا يذهبون الى سورية اكثر مما يتوجهون الى المناطق اللبنانية».
تقدمت الحكومة اللبنانية عام 2005 بشكوى الى الأمم المتحدة بشأن الخروقات السورية داخل الأراضي اللبنانية بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في أبريل (نيسان) من العام 2005، ما دفع مجلس الأمن الدولي في حينه الى تشكيل فريق من الفنيين الدوليين الخبراء بعلم الخرائط ونقاط الاستعلام الحدودية. وهذا الوفد زار لبنان واطلع ميدانيا على النقاط الحدودية، التي تعتبر موضع خلاف بين الدولة اللبنانية والدولة السورية. كان يترأس الوفد ضابط سنغالي برتبة عقيد، وكان قد قام بعد فترة قصيرة من الانسحاب السوري من لبنان، بجولة في منطقة دير العشاير اللبنانية، وزار منطقة «قبية» وسط السهل الغربي لبلدة الدير، والتقى قيادة الموقع العسكري السوري، وتم الكشف على نقاط الاستعلام الحدودية، وأجرى الفريقان السوري واللبناني مطابقة بين الخرائط التي يتزود بها الطرفان، كما تم تصوير بعض المعالم الحدودية والنقاط الجغرافية.
وكان الضابط المسؤول عن هذا الوفد قد أوضح للصحافيين الذين رافقوه خلال جولته في هذه المنطقة، أن مهمته تقتصر على الإطلاع ميدانياً على وقائع تمركز القوات العسكرية السورية، وتسجيل الملاحظات وتدوين المعلومات ومطابقة خرائط الجغرافيا الحدودية التي كانت بحوزته مع نقاط الاستعلام الحدودية، تمهيداً لرفع تقرير مفصل حول هذه الوقائع لمجلس الأمن الدولي. وأوضح أن مهمة الوفد ليس الفصل بين الطرفين وتحديد الحدود وتعيين الخروقات لأن ذلك من شأن لجان مختصة تتشكل من الدولتين لترسيم الحدود، تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويتخوف لبنان من أن الطرف السوري يقوم بعمليات قضم جزئي لبعض الأراضي اللبنانية الحدودية في خطة مدروسة للاستيلاء التدريجي على خط القمم والأراضي المتاخمة له لجهة بلدة دير العشاير وغيرها من القرى في ذلك القطاع قبل البدء الفعلي بترسيم الحدود بين البلدين. وبهذا القضم تكون الدولة السورية قد وضعت يدها على قسم لا يستهان به من ثروة لبنان المائية، على أن تستكمل خطتها لاحقا ً بتغيير طبيعة تلك المنطقة، وتقديم خرائط مغايرة لتلك التي يملكها أهالي الدير والمسجلة بالدوائر العقارية اللبنانية ما قد يخلق أزمة حدود بين لبنان وسورية في تلك المنطقة وغيرها من المناطق الحدودية.

 

 


   

رد مع اقتباس