عرض مشاركة واحدة

قديم 01-08-11, 09:57 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المقاتل
مشرف قسم التدريب

الصورة الرمزية المقاتل

إحصائية العضو





المقاتل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

طوال فترة عمله، في قلب إسرائيل، لحساب المخابرات المصرية، لم يتقدّم (رفعت الجمّال) بمطلب واحد للمسؤولين..
حتى كان مطلبه هذا..
أن يعود إلى (مصر)، ويدفن إلى الأبد شخصية (جاك بيتون)..

حدث هذا في يونيو1963م، قبل لقائه الأوَّل بزوجته فيما بعد (فلتراود)، أي أن رغبته هذه كانت تعكس حالة الإجهاد التي وصل إليها، ورغبته الحقيقية في استعادة (رفعت الجمَّال)، بهويته، وجنسيته..
وديانته أيضاً..

ولكن العودة لم تكن بالبساطة التي توقَّعها (رفعت)؛ إذ لم يكن من السهل بالتأكيد، أن يختفي (جاك بيتون) هكذا فجأة، من قلب (إسرائيل)، ليظهر (رفعت الجمَّال) مرة أخرى في (القاهرة)؛ فهذا كفيل بكشف كل ما فعله طوال حياته..

ليس هذا فحسب، ولكن ستكشف -أيضا- شبكات التجسُّس التي تركها خلفه أيضاً..

وفي عالم المخابرات تعتبر هذه كارثة..
وبكل المقاييس..

كان عليه -إذن- أن يحتفظ بشخصية (جاك بيتون) لبعض الوقت، وإن كان باستطاعته أن يغادر (إسرائيل)، ويرحل إلى بلد ثالث، بحجة العمل أو الارتباط، حتى يفقد (الموساد) اهتمامه به، بعد فترة من الوقت، مما يسمح له بالعودة إلى (مصر)..

وعند هذا الحد، تمتزج، على نحو ما، مذكرات (جاك بيتون) بمذكرات زوجته (فلتراود)، فيروي هو نفس ما روته هي من قبل، حول لقائهما، في أكتوبر 1963م، ووقوع كل منهما في حب الآخر، وزواجهما.

ولكن هناك فقرة مهمة جداً، في المذكرات التي تركها (رفعت) لزوجته بعد وفاته، تستحق حتماً أن نتوقَّف عندها، وأن ننقلها هنا نصاً؛ لأنها تؤكِّد نجاحه البالغ:

(وعدنا إلى إسرائيل في أوائل يناير1964م، قدمتك إلى "جولدا مائير"، وأحبتك كثيراً، ثم اصطحبتك في زيارة إلى "بن جوريون"، في الكيبوتز الخاص به. رافقنا "ديان" في هذه الزيارة، وبعد أن استقبلك "بن جوريون" العجوز مرحباً، طلبت منك التجول في الكيبوتز إلى أن نفرغ من حديثنا أنا و"بن جوريون" و"ديان". لم يتناول نقاشنا شيئاً له أهمية كبيرة، ولكن كان لابد وأن أكون متابعاً لمسرح الأحداث)..
إلى هذا الحد إذن كان (رفعت الجمّال) متوغّلاً، في قلب عالم الكبار
في (إسرائيل)!!!
أي نجاح يمكن أن يفوق هذا!!

والنقطة المهمة جداً، التي ينبغي التوقف عندها، في هذه المذكرات أيضاً، هي إصرار (رفعت) الشديد، على ألا يولد ابنه في (إسرائيل)، وعلى أن تسافر زوجته لتنجبه في (ألمانيا)، حتى لا يحمل إلى الأبد الجنسية الإسرائيلية..

ورويداً رويداً، راح (رفعت) يتحلَّل من أعماله والتزاماته في (إسرائيل)، ويقوي روابطه وأعماله في (ألمانيا)، وبدأ في دراسة كل ما يتعلَّق بالنفط، الذي قرَّر أن يجعل من تجارته مصدر رزقه الأساسي؛ خاصة وأنه قد تقدَّم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية، التي ستتيح له السفر بيسر أكثر، ودون تعقيدات أمنية عديدة، إلى (مصر)، في أي وقت يشاء، كرجل أعمال ألماني، وتاجر نفط عالمي..

وفي فقرة مؤسفة، يؤكِّد (رفعت) أنه، باتصالاته التي لم تكن قد انقطعت بعد، بالمسؤولين الإسرائيليين، أمكنه معرفة أن (إسرائيل) تستعد للهجوم على (مصر)، في يونيو1967م، وأنه أبلغ المسؤولين في (مصر) بهذا، إلا أن أحداً لم يأخذ معلوماته مأخذ الجد، نظراً لوجود معلومات أخرى، تشير إلى أن الضربة ستنصب على (سوريا) وحدها!!..

ووقعت نكسة 1967..
وانهزمنا هزيمة منكرة..

وعلى الرغم من حالة الإحباط وخيبة الأمل، التي أصابته بسبب هذا، واصل (رفعت) ارتباطه بالمخابرات المصرية، وظلّ يرسل إليها كل ما يقع تحت يديه من معلومات، من خلال صداقته مع رجل المخابرات الإسرائيلي (سام شواب)، حتى توافرت لديه فجأة بعض المعلومات بالغة الخطورة، (لم يفصح عنها أيضاً في مذكراته)، والتي أرسلها فوراً إلى (مصر)، وصدقها المصريون، وكان لها تأثير واضح، في حرب 1973م..


وبعد الحرب والانتصار، عاد (رفعت) يطلب العودة إلى (مصر)، ولكن المخابرات المصرية أخبرته أنه لا يستطيع العودة مع أسرته؛ إذ يستحيل أن تتم حماية الأسرة كلها طوال الوقت، من أية محاولات انتقامية إسرائيلية، إذا ما انكشف أمره..

كان على الطير أن يواصل التحليق إذن، بعيداً عن وطنه، وأن يحمل حتى آخر العمر جنسية (جاك بيتون)، اليهودي الإسرائيلي السابق، ورجل الأعمال الألماني المحترم، الذي نجح في إقامة مشروع نفطي كبير في (مصر)، ظلّ يزهو به، حتى آخر لحظة في حياته، ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عن البترول المصري، في عام 1977م، ليعود أخيراً إلى (مصر)، التي عشق ترابها، وفعل من أجلها كل ما فعله..
وفي نهاية مذكراته، يتحدَّث (رفعت الجمَّال) عن إصابته بمرض خبيث، وتلقيه العلاج الكيمائي، في أكتوبر1981م، وتفاقم حالته، ثم يبدي ارتياحه، لأن العمر قد أمهله، حتى أكمل مذكراته، وأن زوجته وابنه (دانيال)، وابنته بالتبني (أندريا) سيعرفون يوماً ما حقيقته، وهويته، وطبيعة الدور البطولي الذي عاش فيه عمره كله، من أجل وطنه..
من أجل (مصر)..

 

 


المقاتل

القائد في منظور الإسلام صاحب مدرسة ورسالة يضع على رأس اهتماماته إعداد معاونيه ومرؤوسيه وتأهليهم ليكونوا قادة في المستقبل ويتعهدهم بالرعاية والتوجيه والتدريب بكل أمانة وإخلاص، وتقوم نظرية الاسلام في إعداد القادة وتأهيلهم على أساليب عديدة وهي أن يكتسب القائد صفات المقاتل وأن يتحلى بصفات القيادة وأن يشارك في التخطيط للمعارك ويتولى القيادة الفعلية لبعض المهام المحددة كما لو كان في ميدان معركة حقيقي

   

رد مع اقتباس