فورين بوليسي: بعد عام من الحرب في أوكرانيا.. أين أخطأ بوتين وأين أصاب؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توقع أن العقوبات وحدها لن تحسم نتيجة الصراع وأن الانتكاسات العسكرية في أوكرانيا لن تؤدي إلى الإطاحة به (غيتي)
16/2/2023
قال أكاديمي متخصص في العلاقات الدولية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ارتكب خطأ جسيما عندما قرر شن حرب على أوكرانيا، لكن قراراته وتوقعاته ليست كلها مجانبة للصواب.
وأشار ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد الأميركية إلى أن بوتين بالغ في تقدير بسالة وقوة جيشه، واستخف في الوقت ذاته بطغيان النزعة القومية الأوكرانية وقدرة قواتها المسلحة -رغم قلة عددها وعدتها- على الدفاع عن أراضيها.
ورأى والت في مقال له بمجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية أن بوتين أساء أيضا تقدير وحدة الدول الغربية ومدى استعداد حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) ودول أخرى لمد يد العون على جناح السرعة لكييف وقدرة الدول المستوردة للطاقة على فرض عقوبات على روسيا والكف عن الاعتماد على صادرات الطاقة الروسية.
ومن ضمن الأخطاء التي ارتكبها الرئيس الروسي أيضا -وفق مقال المجلة- مبالغته في تقدير رغبة الصين في دعمه خلال الحرب، وهي التي تشتري النفط والغاز الروسيين بكميات كبيرة، ومع ذلك فإنها لا تقدم لموسكو دعما دبلوماسيا صريحا أو مساعدة عسكرية ذات قيمة.
لكن الأكاديمي الأميركي يرى أن تلك الأخطاء لا تعني أن كل ما قام به بوتين كان خاطئا، ويقر بأن الرئيس الروسي حالفه الصواب في العديد من الأمور التي قام بها.
أين أصاب بوتين؟
يقول والت إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت تأمل في أن التلويح بفرض "عقوبات غير مسبوقة" على روسيا سيردع بوتين عن الحرب، وكانت تعتقد أن تلك العقوبات ستفلح في خنق آلته الحربية وإثارة السخط الشعبي عليه وإجباره على التراجع، لكن الرئيس الروسي كان مقتنعا عندما أقدم على الحرب بأن بمقدور بلاده تجاوز تلك العقوبات بأمان، وقد ثبت أنه على حق حتى الآن.
ويشير إلى أنه على الرغم من أن تداعيات العقوبات على المدى البعيد قد تكون أشد قسوة على روسيا فإن بوتين كان محقا في تقديره أن العقوبات وحدها لن تحسم نتيجة الصراع على المدى المنظور.
كما أصاب الرئيس الروسي في توقعاته بأن الشعب الروسي سيتحمل تكاليف الحرب الباهظة، وأن الانتكاسات العسكرية في أوكرانيا لن تؤدي إلى الإطاحة به، وفق المقال.
ورغم أن الكاتب يرى أن تعبئة مزيد من القوات الروسية كانت أمرا "مخزيا" وفق المعايير الغربية فإنه يرى أيضا أن موسكو تمكنت من الاحتفاظ بقوات كبيرة في ميادين القتال على الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدتها، ودون أن يؤثر ذلك على إحكام بوتين قبضته على السلطة.
ويضيف أن هذا الوضع قد يتغير بطبيعة الحال، لكن ثبت حتى الآن أن بوتين كان على صواب في ما أقدم عليه من تعبئة للقوات.
أما الأمر الثالث -وفق والت- فهو إدراك بوتين أن الدول الأخرى ستسعى لتحقيق مصالحها الخاصة، وأنه لن يتعرض لإدانة واسعة على أفعاله، والأهم من ذلك كله -في نظر أستاذ العلاقات الدولية- أن الرئيس الروسي على دراية بأن مصير أوكرانيا يهم روسيا أكثر من الغرب.
ولعل هذا التباين الأساسي في الاهتمام والدافع هو سبب اضطرار الولايات المتحدة وألمانيا ومعظم الدول الأخرى الأعضاء في حلف الناتو إلى ضبط ردود أفعالها بعناية شديدة، وهو ما جعل الرئيس جو بايدن يستبعد إرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب.
ويعتقد الكاتب أن إدراك هذا التباين يفسر أيضا أن التلويح باستخدام السلاح النووي محدود الجدوى، وأن المخاوف من "الابتزاز النووي" ليست في محلها، ورغم ذلك فإنه لا يستبعد تماما احتمال أن تلجأ روسيا إلى النووي إذا كانت على وشك التعرض لهزيمة ماحقة.
ويتساءل الكاتب "هل هذا يعني أن نستسلم للابتزاز النووي"؟ يجيب بالنفي، زاعما أن بوتين لا يستطيع استخدام مثل هذه التهديدات للظفر بتنازلات إضافية في مكان آخر.
المصدر : فورين بوليسي