أدب النضال ضد الاستعمار الأوروبي لأفريقيا
انتعش أدب المقاومة في غرب وشمال القارة السمراء في حقبة النضال ضد الاستعمار الأوروبي.

الأديب المناضل أميلكار كابرال زعيم الحزب الأفريقي لاستقلال غينيا والرأس الأخضر (PAIGC) عام 1971 (الفرنسية)
22/7/2021
ما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حتى برزت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كقوتين عظميين متنافستين على الساحة الدولية؛ أسهمتا في تقويض الاحتلال الأوروبي للقارة الإفريقية، ففي خضم الحرب الباردة، وما صاحبها من استقطابات، ولدت حركات تحررية من رحم العبودية والمعاناة.
وكان لا بد لهذه الحركات الثورية من أن تلجأ إلى كل الوسائل لتحرير أرضها من مخالب المحتل، فاتخذ النضال مختلف الأشكال، فكان سلميا تارة وعنيفا طورا آخر. وانتشرت هذه الثورات كسريان النار في الهشيم، لتعمّ جلّ البلاد الأفريقية، خصوصا أواخر الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
ويحاول هذا التقرير تقديم رصد سريع لظاهرة أدب المقاومة الأفريقي، في الدول الناطقة بالبرتغالية، من خلال رسم ملاحم شخصية الأديب الثائر أميلكار كابرال الذي قاد الحركة القومية لغينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر، محاولا مقارنته بنماذج أدبية من المغرب، ناضلت ونافحت عن حياض الوطن بالقلم والكلم، من أجل بثّ الحماسة في نفوس الثوار ضد المحتل الأوروبي.
قدّم الأدب الأفريقي اللوزوفوني (المكتوب باللغة البرتغالية) كتّابا وشعراء لامعين، بعد معاناة كبيرة تحت نير الاستعمار البرتغالي الذي طال أمده إلى منتصف السبعينيات، ومن بين هؤلاء نذكر جيرمانو دي ألمايدا، وبالتزار لوبيش دا سيلفا وكلاهما من الرأس الأخضر.
ثائر ملهم
في 12 من ديسمبر/كانون الأول من عام 1924م أطلق أميلكار كابرال صرخته الأولى بمدينة يافانا، في غينيا بيساو.
وكابرال دبلوماسي، ومهندس زراعي، وكاتب وشاعر من أبوين يتحدران من جزر الرأس الأخضر، وتتلمذ على يد عمالقة الثقافة البرتغالية. واستقبله بابا الفاتيكان بولس السادس عام 1970، بمعية كل من مارسيلينو دوش سانتوش، وأغوسطينيو نيطو.
وفي 20 من يناير/كانون الثاني من عام 1973 اغتيل كابرال بمدينة كوناكري الغينية. وبعد مقتله مباشرة اشتعل فتيل الثورة في البلاد، مما أدى إلى إعلان استقلال غينيا بيساو عن البرتغال من جانب واحد. وفي غضون ذلك، نُصّب شقيقه لويش ألمايدا كابرال أول رئيس للبلاد.
حركات تحررية
وفي أعقاب تنامي الدكتاتورية الاستعمارية، منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، ولد الحزب الأفريقي لتحرير غينيا بيساو والرأس الأخضر (PAIGC)، الذي تزعمه المناضل أميلكار كابرال. كما أُنشئت (الحركة الشعبية لتحرير أنغولا) في أنغولا، بزعامة الشاعر أغوستينو نيتو الذي زار مدينة وجدة المغربية عام 1961 والتقى فيها عددا من الزعماء الثوريين الأفارقة والمغاربة، من أمثال كابرال، وبن بلة، ونيلسون مانديلا، ومحمد بوضياف، وسمورة ماشيل قائد حرب التحرير في الموزمبيق، وأول رئيس للبلاد.
وبعد عام من بداية حرب الاستقلال في أنغولا، أُسست عام 1962 "فريليمو" (جبهة التحرير الوطنية الموزمبيقية) في الموزمبيق، بقيادة إدواردو موندلان.
تأثير لينيني
وقد تبنّى الزعيم كابرال نهج الزعيم السوفياتي لينين في غينيا بيساو التي تعرف ثقافة لغوية معقدة، نظرا لوجود مجموعة من اللهجات المحلية للمجتمعات متعددة الأعراق التي تتقاسم فضاء مشتركا؛ إذ يبلغ عددها نحو 36 عرقا في مساحة ضيقة، و20 لغة أصلية، فضلا عن البرتغالية والكريولو.
وفي مقابلة مع موقع دويتشه فيله الناطق بالبرتغالية، وبمناسبة عيد استقلال الموزمبيق الذي يصادف يوم 25 من أبريل/نيسان، يرى دلمار غونسالفيش، عضو رابطة الكتاب الموزمبيقيين في المهجر أن "الأدب قد أتى أكله، إذ اضطلع بدور أساسي، وأسهم بشكل إيجابي في نضال التحرر السياسي".
ويشير دلمار غونسالفيش إلى أنه "في أثناء الستينيات، كانت كثير من النصوص التي ظهرت بعد الاستقلال قد كتبت بالفعل وقتئذ، وتداولها سرًّا في المدن المثقفون الموزمبيقيون أو أولئك الذين شعروا بحسّ الموزمبيقانية (القومية الموزمبيقية) قبل الاستقلال". وبذلك، جاز لنا أن ندرج كابرال في خانة "المثقف العضوي"، حسب تعبير الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي.