![]() |
بعد الانسحاب الأميركي.. هل ينجح بوتين في إعادة أفغانستان إلى زمان السوفييت؟
بعد الانسحاب الأميركي.. هل ينجح بوتين في إعادة أفغانستان إلى زمان السوفييت؟
https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513 4/10/2021 ترك الانسحاب الأميركي السريع من أفغانستان كلًّا من الروس والصينيين والإيرانيين وغيرهم في موقع مُواتٍ للتأثير على مجريات الأمور في البلاد، وبعد سنوات من الحرب بين واشنطن وطالبان، تجد هذه القوى، المناوئة للولايات المتحدة في المقام الأول، نفسها في موقع جيد للتفاوض مع حركة طالبان، الحاكم الجديد للبلاد، للحفاظ على مصالحها. من جانبها، تمتلك موسكو إرثا متشابكا من المصالح والمخاوف في أفغانستان. وفي الوقت الراهن، تتصدَّر مسألة إمكانية تصدير التطرُّف من الأراضي الأفغانية إلى الفضاء السوفيتي السابق في آسيا الوسطى ومنه إلى روسيا جدول أعمال روسيا، لا سيما مع عدم وضوح الشبكات الإسلامية المسلحة التي تتحالف معها طالبان، ناهيك بالشكوك حول قدرة الحركة على وقف تمدُّد تنظيم الدولة الإسلامية والقضاء عليه. أضف إلى ذلك خطورة تدفُّق أعداد كبيرة من اللاجئين بطول آسيا الوسطى وعرضها بُغية الوصول إلى موسكو، وتفشي تجارة المخدرات من أفغانستان، لا سيما أن سياسة طالبان تجاه زراعة الأفيون وتجارته غير واضحة حتى الآن، وهي تجارة ترغب شتى الأطراف الإقليمية في دحرها بكفاءة على غرار ما فعلته طالبان نفسها خلال فترة حكمها الأولى قبل 20 عاما. إرث التدخل السوفيتي في أفغانستان https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513 مع مرور الوقت، ارتفع توتر العلاقات بين الغرب وروسيا مجددا، وتراجع التهديد من شمال القوقاز، وترسَّخ بقاء الخصم الأميركي بعتاده وقواته على الأرض الأفغانية، ما دفع بالروس إلى تركيز اهتمامهم على التواصل مع مختلف الأطراف المحلية الأفغانية واحتوائها، ولم تكن طالبان استثناء من ذلك، حيث أجرى الروس مع الحركة "اتصالات مهمة" بدأت عام 2007 وارتفعت وتيرتها عام 2011، حين عيَّن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" مبعوثا خاصا لأفغانستان تفاوض مباشرة مع زعيم طالبان "الملا عمر". https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) يصافح الرئيس الأفغاني السابق أشرف غنيلقد بقي حضور روسيا في أفغانستان وآسيا الوسطى مُركَّزا بالأساس على التفاعل مع الأحداث عن بُعد منذ سقوط السوفييت، بداية من الحرب في طاجيكستان بين عامَيْ 1992-1997، وصعود طالبان عامَيْ 1994-1995، ولاحقا أثناء الاحتلال الأميركي لأفغانستان عام 2001. أما في السنوات الأخيرة، فأبت موسكو إلا أن تكون لها بصمة مباشرة في مفاوضات السلام التي رعتها عدة أطراف دولية، فاستقبلت كبار قادة طالبان التي لا تزال تُصنِّفها "جماعة إرهابية"، وعملت على تنمية علاقاتها بها لدرجة أنها تبادلت معها المعلومات الاستخبارية حول تنظيم الدولة حين بدأ في الظهور إلى الوجود في أفغانستان منذ بضع سنوات. روسيا تحارب الهيروين الأفغاني "تجارة المخدرات المتفشية في أفغانستان تُغذِّي الإرهاب في وسط آسيا وجنوبها، وعلى الغرب إنهاء المعايير المزدوجة التي تُقوِّض سياسات منظمة حلف شمال الأطلسي لمكافحة المخدرات في أفغانستان"، هكذا تحدَّث وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" أمام الحاضرين في مؤتمر صحفي عُقِد بالعاصمة الهندية نيودلهي في ديسمبر/كانون الأول 2017، مُعبِّرا عن معاناة بلاده في وقف تدفُّق المخدرات من أكبر من مصدر للهيروين في العالم، وهو الملمح الوحيد الذي لا يتغيَّر أبدا في سياسة موسكو تجاه أفغانستان، أكثر حتى من حرصها على استئصال الإرهاب والتطرُّف. https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513 زراعة الأفيون في أفغانستانرغم الجهود الصارمة التي انتهجتها الحكومة الروسية في مكافحة المخدرات، فإن تلك الجهود لم تؤتِ ثمارها بسبب الفساد المستشري، فيما استمرَّت معاناة الروس من انفجار تعاطي المخدرات والاتجار بها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينيات، حتى أضحت روسيا دولة رائدة في تعاطي مواطنيها للهيروين الأفغاني، الذي قتل على مدى العقدين الماضيين أكثر من مليون شخص في أوراسيا، بينهم نصف مليون مواطن روسي يصلهم ما يقرب من ثلث الهيروين الأفغاني عبر ما يُسمى "الطريق الشمالي" نحو روسيا. يمكن للروس الذين تصل غالبية الأفيون والهيروين إلى أراضيهم من أفغانستان عبر آسيا الوسطى لعب دور رئيسي في تلك المعركة ضد المخدرات، وذلك عبر العمل على توسيع مبادرات مكافحة المخدرات الثنائية بقيادة منظمة معاهدة الأمن الجماعي مع دول آسيا الوسطى، وربما إنشاء تحالف إقليمي جديد للحد من تهريب الهيروين والأفيون إلى روسيا، وهو تحالف قد يُعزِّز بالفعل من جهود مكافحة المخدرات، لكنه بالطبع سيُعزِّز أيضا من الحضور الأمني لموسكو في فضائها السابق، ويعوق الحضور الغربي الآخذ في الانكماش، كما أن الوجود الروسي سيُحدِث توازنا مطلوبا في موسكو وواشنطن وبروكسل على السواء ضد النفوذ الصيني المتصاعد. https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513 في الأخير، ستجد روسيا قادة متلهفين وضعافا في آسيا الوسطى يسعون للخلاص من الأفيون، ولربما يستخدمون مظلة الحضور الأمني الروسي لقمع المعارضة السياسية في بلدانهم في الوقت نفسه، وهو قمع لن تُمانع موسكو في حدوثه أبدا بوصفها راعية للعديد من النظم الاستبدادية، خاصة أنه سيُعقِّد من علاقة تلك العواصم مع واشنطن بطبيعة الحال. الروس ومواجهة المخاطر الجديدة كانت روسيا دوما في حالة تناقض بشأن الوجود الأميركي في أفغانستان. ففي أثناء العشرين عاما الماضية، وفَّر الحضور الأميركي قدرا من الأمن والاستقرار لحلفاء روسيا في آسيا الوسطى عبر تقييد الجماعات المُتشدِّدة، بعدما أرَّق وصول طالبان إلى السلطة في التسعينيات دولا عدة مثل طاجيكستان وقرغزستان أوزبكستان، بل إن واشنطن وحلفاءها منحوا تلك الدول فرصة لتطوير مؤسساتها العسكرية والأمنية بوصفها ظهيرا لحربها على طالبان في أفغانستان، دون أن يؤثر ذلك بالضرورة على تحالفها مع موسكو. https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513 لقد أراد بوتين دوما دفع دول آسيا الوسطى للحد من التعاون مع الغرب، حتى إنْ تطلَّب ذلك ممارسة ضغوط على حُكامها. بيد أن موسكو في الحقيقة حازت بفضل الأميركيين فوائد عدة، ليس أقلها رفع كفاءة جيوش وقوات تلك الدول مجانا، وحيازتها لأحدث ما توصَّل إليه الأميركيون من تقنيات في عالم الحرب على الإرهاب، وهي تقنيات يمكن أن يشاركوها بسهولة مع نظرائهم الروس. لا تُمانِع موسكو أيضا في الاستقواء بالصين والتحالف معها في الملف الأفغاني، نظرا لاشتراك البلدين في قلقهما بشأن انتشار العنف والتطرُّف من أفغانستان إلى محافظاتهما الحدودية، فالصين، الشريك التجاري الأكبر لأفغانستان والمستثمر بكثافة في مشاريع البنية التحتية في آسيا الوسطى باعتبارها جزءا من مبادرة الحزام والطريق، قلقة هي الأخرى من توجُّهات حزب تركستان الإسلامي الانفصالي (TIP) الذي عمل في السابق من أراضي أفغانستان لدعم أقلية الإيغور المسلمة التي تعاني من القمع الصيني في مقاطعة "شينجيانغ" الصينية. وترى بكين في حصول الجماعات الإسلامية الانفصالية المسلحة على موطئ قدم على أعتابها مساسا كبيرا بمصالحها، لذا فإنها مهتمة بالبحث عن مساحة مشتركة مع طالبان لدرء هذه المخاطر. المصدر : الجزيرة نت - ميرفت عوف |
الساعة الآن 07:05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir