![]() |
آفـاق الأمن الإسرائيلي..الواقع والمسـتقبل
آفـاق الأمن الإسرائيلي..الواقع والمسـتقبل ثمة عوامل كثيرة ساهمت في خلق المناخ الأمني المعقد المحيط بإسرائيل، من بينها: التاريخ الطويل المشحون بالحروب والمنازعات، والصعوبات المختلفة التي واجهتها إسرائيل لتأمين بيئة تحفظ لها أمنها ووجودها ومستقبلها.الباحث:خالد وليد محمود الإشراف:الدكتور ذياب مخادمه الجامعة:كلية الدراسات العليا الجامعة الأردنية السنة:2007 فمسألة الأمن بالنسبة لإسرائيل تعتبر في غاية الأهمية، وتتصدر قائمة مكونات الأهداف الإستراتيجية العليا لها، ويجري تصوير الأوضاع والمتطلبات الخاصة بهذه المسألة على أنها تشكل مرادفا لوجود دولة إسرائيل. والحفاظ على الأمن الإسرائيلي إزاء المخاطر والمهددات الداخلية والخارجية يتم من خلال التشديد على تجنيد مختلف الطاقات الذاتية والتحالفية في اتجاه يهدف للحفاظ على هذه المسألة التي راحت ترتبط بظروف البيئة الإستراتيجية، وتتحكم بها متغيرات داخلية وأخرى خارجية تخضع لمعطيات الواقع الراهن وتحولات السياسة الدولية. منذ قيامها عام 1948 واعتراف العالم بها، وضعت إسرائيل مسألة الأمن في قمة أولوياتها، وبلورت إستراتيجية متكاملة لمفهوم أمنها وسبل تحقيقه، ووظفت إمكانات مالية واقتصادية وتعليمية وثقافية كبيرة لخدمة إستراتيجيتها الأمنية. ويسجل للقيادات الإسرائيلية أنها أجادت صياغة روايتها التاريخية لجذور الصراع ومسبباته، وأقنعت جمهورها وأقسام واسعة من الرأي العام الأمريكي والأوروبي بروايتها فترة زمنية طويلة. إن التطورات والتحولات الإستراتيجية في المنطقة، وإن قلصت أو حدت من مستويات التهديد الموجه للأمن الإسرائيلي مثل معاهدة السلام مع مصر ومعاهدة أوسلو مع الفلسطينيين واتفاقية السلام مع الأردن والنتائج المترتبة على حرب الخليج عام 1991 من تدمير البنية العسكرية العراقية التي كانت تشكل خطرا على الوجود الإسرائيلي، إلا أن إسرائيل لا زالت ترى أن هناك تهديدات متزايدة لأمنها. وعلى الرغم من بدء عملية التسوية السلمية في الشرق الأوسط، وتوقيع إسرائيل معاهدات سلام مع عدد من الدول العربية، إلا أن القيادات السياسية الإسرائيلية لم تتحول عن اعتبار قضية الأمن هي القضية المركزية. وقد ظهر ذلك جليا من خلال ورود مفهوم الأمن والترتيبات الأمنية عددا قياسيا من المرات في معاهدة السلام التي وقعتها إسرائيل مع الفلسطينيين ومع الأردن. وفي تلك الاتفاقيات والمعاهدات لجأت إسرائيل للاعتماد على المقولات والاعتبارات الأمنية لتبرير المصلحة في فرض شروطها، واستخدمت حكومات إسرائيل المتعاقبة المقولات والحجج الأمنية لتجنب التنازل عن أية أراض للفلسطينيين. وتهدف هذه الأطروحة إلى رصد وتحليل العوامل والمحددات التي ساهمت بصورة أو بأخرى في خلق المناخ الأمني المعقد المحيط بإسرائيل، تحديدا الفترة الزمنية بين سنوات 1991-2006، وإبراز مصادر التهديد التي لحظتها الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية في تلك الفترة، سواء المهددات الداخلية التي تتمثل (بالمقاومة الفلسطينية والخطر الديمغرافي)، أو الخارجية المتمثلة بـ (إيران وبرنامجها النووي، الصواريخ البالستية، الإرهاب والأصولية الإسلامية، الجبهة الشمالية: سوريا وحزب الله ). وكذلك إعطاء تصور مستقبلي لمعالم استراتيجية إسرائيل الأمنية واستشراف مستقبلها، وبالتالي فإن ما تم طرحه في هذه الدراسة على بساط البحث والتقويم هو رد على تساؤلات مثل:
وتسعى الدراسة إلى تحقيق عدد من الأهداف يمكن إجمالها فيما يلي:
أفضت المستجدات التي طرأت على ركائز النظرية الأمنية الإسرائيلية في العقد الأخير من القرن العشرين، إلى جعل الأمن الإسرائيلي أكثر تهديدا من ذي قبل. ويتفرع عن هذه الفرضية عدة فرضيات:
أولا: المنهج التاريخي يتضمن هذا المنهج استخدام المعلومات التاريخية والوثائق والسجلات كمصادر أساسية لبياناته، وبالتالي فإن اعتماد البحث على المنهج التاريخي يأتي من قبيل التتبع لتفهم المؤثرات التاريخية في تطور مفهوم الأمن الإسرائيلي، وذلك على أساس أن هذا المفهوم له امتدادات وجذور تاريخية سابقة، وأن العودة إلى تتبع الظروف والمؤشرات التاريخية المحيطة بهذه الجذور والامتدادات يلقى بمزيد من الضوء على الكثير من الجوانب الإشكالية المعاصرة له، والتطرق إلى تطور مفهوم الأمن الإسرائيلي تاريخيا يمنحه تكاملا من خلال التعريف بالظروف التي أدت إلى بلورة مفهوم الأمن الإسرائيلي وأخرجته إلى أرض الواقع. ثانيا: المنهج التحليلي لأن طبيعة الدراسة تسعى لاستعراض التطورات والتغيرات التي طرأت على مفهوم الأمن الإسرائيلي بين سنوات1991-2006 تدفع إلى استخدام المنهج التحليلي لمعرفة أثر التغيرات والمهددات الجديدة التي أصبحت تواجه هذا المفهوم. فاعتمدت الدراسة على هذا المنهج لكونه يقوم على تجميع الحقائق والمعلومات من مصادر متعددة تشخص الواقع ثم تحلله لتصل إلى نتائج مقبولة، وهذا المنهج يصف الظاهرة كما هي في الواقع وصفا دقيقا، مما يساعد على معرفة الحقيقة بصورة أكثر دقة وشمولية وبالتالي استخلاص نتائج تساهم في تكوين رؤية مستقبلية. لقد تناولت هذه الدراسة ركائز المنهج الإسرائيلي فيما يتعلق بقضية الأمن، تحديدا منذ عام 1991 حتى عام 2006. وتبنت مفهوما للأمن الإسرائيلي يمكن تخليصه بـ " الوسائل والأساليب الإسرائيلية المتاحة للدفاع وحماية القيم الأساسية لإسرائيل، وذلك من خلال ارتباط هذا المفهوم بالكتلة الحيوية، وبباقي القدرات الشاملة لها (اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وعسكريا). وتأسيسا على هذا المفهوم اتضح ما يلي:
وكشفت الدراسة من خلال البحث في جذور الأمن في الفكر الصهيوني، عن سيطرة اللغة الأمنية على طريقة تفكير القيادات السياسية الإسرائيلية، منذ مؤسس دولة إسرائيل (دافيد بن غوريون) والذي سار على نهجه قادة الحكومات الإسرائيلية لغاية اليوم، رغم ظهور بعض الشخصيات القيادية في إسرائيل والتي تعتبر من النخب السياسية وتنتهج الواقعية في تفكيرها، (شمعون بيرس) مثالا. ورغم التحولات الجيو- سياسية التي شهدها العالم والمنطقة بشكل خاص خلال العقد الأخير من القرن العشرين، والتي عززت من أمن إسرائيل، وأتاحت لها فرصا ملائمة لحرية العمل السياسي وتمتين مكانتها في معادلة التوازن العسكري في المنطقة، سيما بعد انهيار القوة العسكرية العراقية، إلا أن إسرائيل باتت تواجه تحديات من نوع جديد، تفرض عليها التفاعل مع هذه البيئة الإستراتيجية المتغيرة بكل ما تحمله ليس فقط من فرص ومكاسب، والأهم من ذلك ما تحمله من تحديات ومخاطر وقيود، وما تركته من مفاعيل على درجة كبيرة من الأهمية فيما يتصل بنظريتها الأمنية. أمام هذا الواقع الجديد، ظهرت مطالبات من كتاب وقادة عسكريين ورجال إعلام وساسة في إسرائيل بضرورة إعادة قراءة التحديات الداخلية والخارجية التي تقف أمام النظرية الأمنية الإسرائيلية، مع بلورة الخطط وإعادة صياغتها على وجه يتناسب مع تلك المتغيرات، وقد لمست مراكز صنع القرار الإستراتيجي في إسرائيل ظهور التهديدات الأكثر خطورة على أمن إسرائيل منذ أوائل التسعينيات. ورأوا أن ثلاثية "الردع والإنذار والحسم" كدعامات أساسية في المفهوم الأمني الإسرائيلي، صارت تعكس رؤية قديمة. حيث فقدت إسرائيل الردع عام 1973 وفي حرب لبنان عام 1982 لم تنفع بشيء،ولم يرتدع أبناء الانتفاضة الفلسطينية،وجاءت حرب الخليج الثانية لتكشف بصورة واضحة عن ضعف صمود المؤخرة الإسرائيلية، وعزز ذلك الضعف اندلاع انتفاضة الأقصى، والمواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله (تموز 2006) التي كان أحد تداعياتها – بشهادة الإسرائيليين أنفسهم- ضرب بعض أسس وركائز النظرية الأمنية الإسرائيلية، وذلك من خلال إطلاق الصواريخ والتسلل واختطاف جنود إسرائيليين. إن تغير البيئة السياسية والأمنية والإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، أصبحت في الوقت الراهن تصب في غير صالح إسرائيل، ما يطرح على أمنها تحديات ومخاطر كبيرة، خصوصا على خلفية التحولات السياسية الإستراتيجية التالية: أولا: تراجع مكانة الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة التي باتت تشهد توترات واضطرابات أمنية لم تشهد لها مثيلا من قبل، كما باتت تشهد مزيدا من العداء للسياسات الأميركية، والتي تؤثر مباشرة على أمن إسرائيل واستقرارها. ثانيا: تزايد نفوذ حركات المقاومة المسلحة في المنطقة، خصوصا ذات الخلفية الأيديولوجية أو ما تسمى ب (الأصولية الإسلامية)، وهي تقف من إسرائيل موقفا معاديا، على أساس من عقيدتها الأيديولوجية- الدينية. ثالثا: بروز إيران كدولة قوية منافسة، تحظى بنفوذ إقليمي قوي من قبل حزب الله وسوريا، وهي أطراف معادية لإسرائيل. رابعا:خطر الصواريخ البالستية ذات المديات المختلفة والتي اختصرت جغرافية المكان والزمان، وقللت من الأهمية الإستراتيجية للأرض. وخلص الباحث في نهاية هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها:
المصدر:مركز الجزيرة للدراسات |
الساعة الآن 01:04 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir