![]() |
الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية من منظار محلي وإقليمي
الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية من منظار محلي وإقليمي
ملخص عام البحث في الإستراتيجية الدفاعيّة للبنان لا يمكن أن يتم إلا من منظار إقليمي، وآخر دولي أوسع ، ولا يمكن ذلك إلا بدراسة الجيوبوليتيك اللبنانيّ، حيث لا يتم إهمال العامل الجغرافي، فللجغرافيا معناها السياسي الذي لا يمكن إغفاله. فلبنان كان ولا يزال ساحة تصفية للحسابات، وهو يشكل نقطة تلاقي خطي الاندفاع والتمدد في الوقت ذاته من جهة إسرائيل أو من جهة سوريا. بالنسبة لإسرائيل فإن الجبهة الشمالية –أي لبنان- هي التي تشكل خطرا مصيريا عليها، خصوصا بوجود قوة مسلحة في هذه الجبهة تتمتع بامتداد إقليمي إيراني-سوري ، وحتى دولي في حال تدخل روسيا كما هو حال حزب الله. أما فيما يتعلق بسوريا فيعد لبنان الدولة العازلة لها، فسوريا دون لبنان دولة عادية في المنطقة، ومع لبنان هي دولة إقليمية ذات قدرات عالية. والجغرافيا السياسية للبنان تفرض عليه ثقافة إستراتيجية، ومسلمات جيوبوليتيكية على رأسها كيفية حماية أمنه القومي، وبالتالي بناء إستراتيجية الأمن القومي الخاص به. انقسم الفرقاء اللبنانيون حول طاولة الحوار قبل حرب يوليو/ تموز 2006 إزاء المحاور الإقليمية، ومن ثم الدولية، ولكل فريق مقاربته الخاصة لروحية الإستراتيجية الدفاعية وهي المواقف التي يمكن أن نلخصها على النحو الآتي:
وإذا اعتبرنا الإستراتيجية الدفاعيّة اللبنانيّة مرتبطة بالإقليم، فإن هذا الإقليم مرتبط بدوره بما قد يأتي به الرئيس الأميركي المُنتخب باراك أوباما من إستراتيجيات جديدة للمنطقة، إذ تظل أميركا هي القوّة الموجهة الوحيدة في المنطقة. وهناك مقاربتين محتملتين لسياسة الرئيس أوباما الخارجيّة، التي هي بدروها ستؤثّر على الإستراتيجية الدفاعيّة اللبنانيّة، وهما: حلّ من فوق، وحلّ من تحت.
وفي المقاربة الأولى ستضعف سوريا، وفي الثانية ستصبح معزولة، ومع كلتا المقاربتين ستذهب سوريا بوتيرة أسرع إلى الصلح مع إسرائيل. ويمكن القول أخيرا في ظلّ عدم وضوح الصورة الإقليمية والدوليّة إن أيّة إستراتيجية مرتقبة للبنان، وفي كل المقاربات الممكنة يجب أن تكون مقبولة من كلّ الفرقاء في لبنان، ومناسبة للبنان، كما يجب أن تكون ممكنة التطبيق على الأرض. لا يمكن النظر إلى الإستراتيجية الدفاعية في لبنان إلا من منظار إقليمي، وكذلك بالطبع ضمن المنظار الدولي الأوسع. فوضع لبنان الحالي، وما حتم فتح باب النقاش حول سلاح حزب الله هو بامتياز دولي وإقليمي، وإلا فما معنى القرارات الدولية الصادرة حول لبنان، مثل القرار 1559 والقرار 1701؟ وما معنى تكليف تيري رود لارسون مبعوث الأمم المتحدة إلى لبنان متابعة تطور ومراحل تطبيق هذين القرارين؟ وعلى الجهة الأخرى، ما معنى تبني الرئيس بشار الأسد "المقاومة وسيلة لتحرير الأرض"؟ وما معنى انتقاد بعض الدول العربية لخطف حزب الله الجنود الإسرائيليين عشية حرب تموز 2006؟ وما معنى تبني إيران لحزب الله؟ لكل ذلك كان من الطبيعي أن ينقسم الفرقاء حول طاولة الحوار إزاء المحاور الإقليمية، ومن ثم الدولية. مع الأخذ بعين الاعتبار بالطبع أنه وفي البعد الدولي، وحتى الآن، لا يوجد لاعب يوازي في ثقله الولايات المتحدة الأميركية. فهي تعد القوة الموجهة (Driving Force) وحتى إشعار آخر سواء في لبنان أو في عموم المنطقة. |
لماذا لا يزال لبنان الساحة أو الدولة العازلة؟ لا يمكن البحث في الإستراتيجية الدفاعية جديا إلا إذا نظرنا وتعمقنا في دراسة الجيوبوليتيك اللبناني، فما الذي يمكن قوله على هذا الصعيد؟ يمكن القول إن لبنان يشكل نقطة تلاقي خطي الاندفاع والتمدد في وقت واحد (Axis of Expansion)، إن كان ذلك من جهة إسرائيل، أو من جهة سوريا، وهذا الأمر يعود بدوره لخصوصية جيوبوليتيك كل دولة على حدة. وهنا لا يجب إهمال العامل الجغرافي في أي مقاربة، فللجغرافيا معناها السياسي –الموقع والحجم والطوبوغرافيا وكذا عامل الطقس، وهي تفرض مسلمات جيوبوليتيكية (Imperatives) لا يمكن تجاهلها. وإلا فما معنى سعي الفرقاء اللبنانيين لوضع إستراتيجية تعالج أزمة لبنان -الساحة- فقط للخروج من الحتمية التاريخية التي تقول وحتى اليوم إن لبنان هو ساحة تصفية الحسابات بالواسطة؟ وإذا أخذنا الصورة العكسية، أي لبنان من ضمن الجيوبوليتيك الإسرائيلي، كما السوري. فقد يمكن التوصل إلى نفس الاستنتاج، فماذا عنهما؟ إسرائيل!!! يحيط إسرائيل من الجنوب، والغرب كما الشرق عوازل جغرافية (Buffer Zone) قد يمكن الاعتماد عليها عاملا مساعدا للدفاع -سيناء، وادي الأردن، ومن ثم البحر-. أما فيما خص هضبة الجولان فهي عسكريا غير مناسبة للهجوم من فوق إلى تحت، هذا إذا كانت تحت السيطرة السورية. أما غزة فهي تاريخيا من الهم المصري، خاصة أن نواة الدولة الإسرائيلية (Core) تقوم على الضفة الغربية، تضاف إليها المصادر المائية، طبريا وغيرها. تبقى بعدها الجبهة الشمالية، أي لبنان، وهي تشكل خطرا مصيريا على إسرائيل، بمقدار ما يتواجد فيها من تهديدات. وقد علمتنا التجربة أن إسرائيل كانت تقبل على هذه الجبهة، بمستوى محدد ومسموح به من المخاطر. لكن تجاوز هذا المستوى، كان يعد خطا أحمرا إسرائيليا، لتعمد بعدها إلى خوض الحروب الحاسمة، منها اجتياح العام 1982، كما المحاولة في حرب تموز 2006. لكن الخطر المصيري لإسرائيل هو عندما تتواجد قوة مهمة في الشمال الإسرائيلي، ويكون لها امتداد إقليمي -إيران وسوريا- أو حتى دولي -في حال دخول روسيا إلى اللعبة لإزعاج أميركا- وتكون هذه القوة منظمة موحدة، وتملك أسلحة تهدد العمق الإستراتيجي الإسرائيلي. والأخطر حينما تكون هذه القوة مقيمة في أرضها، وطنية، ولا إمكانية لترحيلها كما هو حال حزب الله بعكس منظمة التحرير، إذ إن الحزب محلي لبناني. سوريا!!! تملك سوريا أيضا مناطقها العازلة، إن كان من الجهة العراقية أو من الجهة التركية وحتى الإسرائيلية، ويبقى إذا محور الاندفاع السوري عبر لبنان. وهنا قد يستنتج المعادلة التالية، "سوريا دون لبنان، هي دولة عادية في المنطقة، ومع لبنان هي دولة إقليمية ذات قدرات عالية". ضمن هذه الثوابت، يعد لبنان الدولة العازلة دائما (Buffer State) ويدخل ضمن هذا السياق مشروع كيسنجر الذي اعتمد تقسيم لبنان مناطق نفوذ بين سوريا وإسرائيل في الحرب الأهلية الأخيرة عام 1975. وعندما نقول دولة عازلة فهذا مفهوم موجود في قاموس العلاقات الدولية، فأفغانستان مثلا كانت دولة عازلة في اللعبة الكبرى بين روسيا وبريطانيا، وهي لا تزال تمارس الدور نفسه اليوم حتى ولو تغير اللاعبون. وهكذا لبنان كان الدولة العازلة ولا يزال، لكن الدور-المهمة تبدل بعامل الوقت. فبعد العام 1975 كان الدور الموكول للبنان أن يكون ساحة تصفية للقضية الفلسطينية ضمن عدة أدوار أخرى بالطبع. وبعد اغتيال الرئيس الحريري، والتعثر الأميركي في العراق أصبح دور لبنان تطويق سوريا ومن ثم نزع ورقة حزب الله من اليد الإيرانية. إذا دور لبنان يختلف باختلاف ديناميات اللعبة الدولية كما الإقليمية، ويبقى الثابت في أنه ساحة تصفية للحسابات. وعليه لا يمكن لأي إستراتيجية دفاعية أن تقوم وتنجح إذا لم تأخذ هذه المسلمات بعين الاعتبار. كيف يجب مقاربة الإستراتيجية الدفاعية، انطلاقا من الجيوبوليتيك أعلاه –الإطار العام؟ إن عملية بناء إستراتيجية معينة -هنا الإستراتيجية الدفاعية- إنما يكون عادة محصلة العوامل التالية:
ولهذه العوامل معنى سياسي خاص بكل بلد يسمى الجغرافيا السياسية (Political Geography)، إذ لا يمكن أن تكون سياسة لبنان الخارجيّة مثلا كما سياسة قبرص الخارجية. لماذا؟ الجواب على ذلك والاختلاف في العوامل المذكورة أعلاه التي لا بد من أن تترك آثارها على السياسات الداخلية والخارجية.
مقاربة الفرقاء اللبنانيين للإستراتيجية الدفاعية!!! لكل فريق لبناني مقاربته الخاصة لروحية الإستراتيجية الدفاعية، فلم يكن مثلا لفريق 14 آذار، طرح واحد موحد، وضمن ورقة واحدة في جلسات الحوار، فكل عضو من هذا الفريق كانت له مقاربته الخاصة، حتى ولو كان الجوهر واحدا. أما تركيبة فريق المعارضة -8 آذار- فهي مختلفة تماما عن 14 آذار، لأن حزب الله يشكل مركز الثقل فيها، إضافة إلى حركة أمل، حيث لا توجد خلافات بينهما. وفيما يخص التيار الوطني الحر -الجنرال ميشال عون- فيمكن القول، وبعد أن قدم ورقته مؤخرا لطاولة الحوار، إن نظرته قد أصبحت مشابهة تقريبا لنظرتي حركة أمل وحزب الله. فماذا عن الفريقين؟http://www.aljazeera.net/Studies/KEn...s/top-page.gif فريق 8 آذار
إلا أن هذا الطرح قد لا يكون متجانسا مع ما قاله السيد نصر الله مؤخرا –خطاب يوم الشهيد لحزب الله- إذ أكد دعمه لطرح العماد ميشال عون فيما خص ضرورة شراء شبكة صواريخ متطورة، وكما سبق، من أين المال؟ ومن سيبيع؟ من جهة أخرى لا يطرح السيد الأبعاد المتبقية للإستراتيجية، فماذا عن البحر؟ وماذا عن العمق اللبناني؟ وهل يقوم طرحه فقط على المنطقة الحدودية الجنوبية؟ وأخيرا وليس آخرا، يعتمد طرح السيد فقط على الساحة اللبنانية، ودون تجميع عوامل قوة أخرى، كالدعم العربي والدولي، وكذلك القانون الدولي.
قدمها مؤخرا وهي تقوم على المرتكزات التالية:
وبهذا هناك تناقض عضوي في هذه الورقة، فهي تخلط كل المستويات، الإستراتيجي، والتكتيكي ومن ثم العملياتي. كذلك الأمر، تتحدث الورقة عن ضرورة توفر شبكة دفاع جوي متطورة، وفي الوقت نفسه تقول بضرورة اعتماد طريقة حرب العصابات. فكيف يتم التوفيق بين القتال التقليدي وغير التقليدي؟ وكذلك الأمر تركز الورقة على قدرة العدو على إنزال قواه في كل العمق اللبناني، أفلا يتطلب هذا توفر صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، خاصة أن الإنزال يتم عبر الطوافات؟ إذا لماذا تطلب قواعد صواريخ متطورة، وهي الهدف الأسهل للطيران الإسرائيلي الأحدث في المنطقة؟ كما تتجاهل الورقة مفهوم الاقتصاد بالقوى، وتطلب تعميم التنظيم المقاوم على كل شبر من الأرض اللبنانية، فهل هذه هي المقاربة؟http://www.aljazeera.net/Studies/KEn...s/top-page.gif فريق 14 آذار
قد يكون تحقق بعض ما طرحته الورقة فيما خص القوات الدولية لأنها كانت قد طرحت قبل حرب تموز وصدور القرار 1701. لكن توفر هذه القوى الدولية مع مهمة الردع قد لا يؤدي إلى حماية لبنان، فالقوات الدولية موجودة في الجنوب اللبناني منذ العام 1978 ولم يحم القرار 425 لبنان، وتم الاعتداء عليه رغم هذا القرار في الأعوام: 1983 و1993 و1996 وفي 2006. أما مهمة الردع فهي أمر معقد جدا، فقط لأن الردع ومفاهيمه تقوم على ما يلي:
هذا وتتجاهل الورقة الواقع الذي خلقته المقاومة، وهي التي بلغت الثلاثين من عمرها، فالدمج والإلحاق هو من الأمور المستحيلة في الواقع السياسيّ اليوم في لبنان. كذلك الأمر، لا تطرح الورقة آلية الدمج والإلحاق-المدى الزمني. كما لا تأخذ الورقة التحولات الجذرية في المنطقة ومن ذلك -صعود إيران- كما في لبنان، خاصة أن أدوار اللاعبين من خارج إطار الدولة قد أصبحت أساسية من العراق حتى غزة مرورا بلبنان.
ويكرر رئيس حزب الكتائب أمين الجميل فيما خص الإستراتيجية الدفاعية، والصراع العربي– الإسرائيلي، مقولة "الحياد الإيجابي". ويتهم البعض هذا الطرح بأنه يعيد لبنان إلى ما طرحه بيار الجميل الأب، الذي يقول إن "قوة لبنان في ضعفه". على كل، إن هذا الطرح يكون مثاليا للبنان، فقط لأنه يبعده عن كل الصراعات، كما يخلق حلا سحريا فوريا لموضوع الإستراتيجية الدفاعية، لكنه من جهة ثانية يتطلب الأمور التالية:
أما تيار المستقبل فلم يطرح حتى الآن أي ورقة تتعلق بالإستراتيجية الدفاعية |
القوى الإقليمية والإستراتيجية الدفاعية عند الحديث عن الفرقاء الإقليميين يجب التمييز وكما ورد أعلاه بين المحاور الإقليمية. لكل من الدول العربية مقاربتها ومصالحها الخاصة تجاه هذه الإستراتيجية. ففي ظل غياب الحلول الإقليمية وبسبب أهمية لبنان لهذه القوى (لبنان الساحة)، فإنه يتم النظر إلى شكل ومضمون هذه الإستراتيجية بمقدار ما تخدم مصالح هذه القوى. وإذا كانت هذه الإستراتيجية تقوم على لبننة الساحة اللبنانية، وبالتالي لبننة قراري السلم والحرب، فهذا أمر قد لا تقبل به كل من إيران وسوريا، في حين قد تقبل به كل من السعودية ومصر ومجلس الأمن كما الولايات المتحدة الأميركية. فإيران لديها مشروعها الإقليمي وهذا حق لها ضمن منظارها الخاص وضمن مشروعها الكبير في المنطقة، وهي التي كانت تقف خلف تشكل حزب الله وكانت سبب وجوده أصلا، وهي التي تموله بالسلاح كما بالمال، وهو المرتبط بها أيديولوجيا، وهو الذي شكل أهم قوة لديها على تماس مباشر مع إسرائيل. وأخيرا هي على خلاف أساسي مع أميركا التي تجاورها في العراق حيث لا يوجد أفق للحل حتى الآن. أما سوريا فهي تعد نقطة الوصل بين إيران وحزب الله في لبنان، وكان قرار إنشاء الحزب بموافقة الرئيس الراحل حافظ الأسد نفسه، ومن دون هذه الموافقة، لما كان لدينا الحزب على النحو الذي نعرفه اليوم، وهي التي كانت ترعاه أثناء وجودها في لبنان. وهي فضلا عن ذلك كانت ضابط الإيقاع الأساسي في كل ديناميات الصراع، إن كان ذلك مع إسرائيل أو حتى فيما يتصل بالعلاقة بين الحزب وإيران. وكذلك هي ممر الأسلحة له والعمق الآمن له، كما يشكل هو العمق الإستراتيجي لها في المنطقة. فالحزب بمنزلة اليد الطولى لها عند الحاجة، حتى ولو كان للحزب أجندته الداخلية، خاصة بعد أن تطور ووصل إلى قمة نضوجه. ويشار إلى أنه بعد أن صدر القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري خرجت سوريا فجأة من لبنان، فأصبح الحزب أكثر حرية، كما أصبح مسار وطبيعة علاقته بإيران يتجاوز الممر السوري، وإن كانت لا تزال سوريا حيوية له ولإيران، بيد أن الواقع اختلف، كما الساحة اللبنانية اختلفت، وكذا هو الأمر بالنسبة لموازين القوى فيها. فقد وقعت حرب يوليو/ تموز 2006، وأثبت الحزب قدرته على التصدي لإسرائيل، كما اختبرت كل من سوريا وإيران عمليا، صحة ما رسم في السر من مخططات عسكرية كان مسرحها جنوب لبنان. بعد حرب يوليو/ تموز، وبعد النصر الإلهي -حسب وصف السيد نصر الله- كان من المفترض الانتقال لترجمة النصر العسكري إلى نصر سياسي، إن كان داخليا في لبنان أم خارجيا في الإقليم. وكانت الترجمة السياسية للنصر كارثية على صعيد لبنان، وكانت مميزة على الصعيد الإيراني بعد أن عرف الطرف الأميركي حدود قوته – كما إسرائيل، في حين استغلت سوريا هذا النصر لأنها هي من أسهم فيه حسب السياق التاريخي لنشأة حزب الله وبناء قدراته العسكرية. لكن المفاجأة أتت، بعد أن سرب خبر التفاوض السوري-الإسرائيلي عبر البوابة التركية. هذا عن إيران وسوريا، أما بقية الدول العربية -مصر والسعودية على رأسها- فقد تركز الحديث خاصة بعد حرب تموز على الاعتراف بالمقاومة شريطة لبننتها، وعلى أن تتولى الدولة ومؤسساتها الأمنية مسؤولية الدفاع عن لبنان. ويدخل هذا الطلب، ضمن دائرة الصراع الإقليمي-الإقليمي بين القوى الإقليمية المذكورة أعلاه، ومن هنا صعوبة التوصل إلى حل قريب للإستراتيجية الموعودة. إذ إن الإستراتيجية الدفاعية وكما سبق بيانه ترتبط أكثر ما ترتبط بالإقليم، حتى ولو كان لها بعد محلي. الإستراتيجية الدفاعية، من منظار دولي- خاصة بعد الانتخابات الأميركية إذا اعتبرنا الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية مرتبطة بالإقليم فإن هذا الإقليم مرتبط بدوره بما قد يأتي به الرئيس المنتخب باراك أوباما من إستراتيجيات جديدة للمنطقة، فالنظرة الأميركية للبنان وإستراتيجيته -كما تسليحه- تنطلق أصلا من النظرة الأميركية الكبرى لكل منطقة الشرق الأوسط، وهي نظرة واقعية، وليست حتما عاطفية. من هنا يتأتى الحديث-الجدال الداخلي حول تسليح الجيش اللبناني من أميركا. ولأن أميركا هي القوّة المديرة الوحيدة في المنطقة، كما قلنا أعلاه وحتى إشعار آخر، فسوف تكون المقاربة هنا حول الإستراتيجية الدفاعية، من منظار ما قد يأتي به أوباما – سيناريوهات متعددة وممكنة الحصول حول سياسته الخارجية. يقول المحللون إن أولويات الرئيس المنتخب أوباما هي الآتية:
ويعتقد البعض الآخر أن البند الثاني من الأولويات (أي الحرب على الإرهاب) يرتبط حله -الأفضل- مباشرة بالبند الثالث، أي روسيا. وإن أي حل ممكن سوف يكون له تأثير مباشر على شكل الإستراتيجية الدفاعية في لبنان. فما السيناريوهات الممكنة لأوباما؟ يعمل الرئيس أوباما في ظروف صعبة وفريدة من نوعها، فقط لأن هذه الظروف ذات طابع محلي أميركي، وعالمي في الوقت نفسه، أي المال والحروب، وهو لا يملك نعمة الوقت. فهو مضطر للعمل على كل الجبهات دفعة واحدة وفي وقت واحد، ومضطر للإعطاء في مكان، والأخذ في مكان آخر، وهذا ما يسمى في العلم العسكري بالمناورة في الخطوط الداخلية. فحسب ما يفرضه المنطق، سيبحث أوباما عما يمكن أن يعطيه ولا يحظى بأولوية مطلقة لأميركا، ولكنه بنفس الوقت مهم لمن يريد أن يأخذه. وذلك مقابل أن يأخذ أي أوباما ما يمكن أن يقاس نجاحه فيه بسرعة، ويظهره على أنه يفي بوعوده الانتخابية. وبما أن لبنان، مرتبط بالإقليم وبما سيأتي إليه من حلول أوباما، سنعمد هنا إلى طرح إمكانيتين، أو مقاربتين ممكنتين لسياسة الرئيس أوباما الخارجية، التي هي بدورها ستؤثر على الإستراتيجية الدفاعية اللبنانية، وهما: حل من فوق، وحل من تحت. فماذا يمكن أن نقول عنهما؟
في الختام، وفي ظل عدم وضوح الصورة الإقليمية والدولية، قد يُمكن القول إن أي إستراتيجية مرتقبة للبنان، وفي كل المقاربات الممكنة، يجب أن تتوفّر فيها صفات معينة، كما يجب أن ترتكز على منظومة تقوم على الأسس التالية: في الصفات الإسترتيجيّة:
في أسس الإستراتيجية:
_______________ أستاذ مادة الجيوبوليتيك في جامعة سيدة اللويزة، لبنان، باحث وكاتب إستراتيجي- عميد ركن متقاعد. المصدر: مركز الجزيرة للدراسات |
الساعة الآن 12:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir