..[ البســـالة ]..

..[ البســـالة ].. (https://www.albasalh.com/vb/index.php)
-   قســـــــم الهندســـــــة العســـــكرية (https://www.albasalh.com/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   من روسيا إلى كوريا الشمالية.. هل دخل العالم العصر النووي الثالث؟ وما الذي يعنيه ذلك؟ (https://www.albasalh.com/vb/showthread.php?t=10647)

الباسل 28-08-22 08:30 AM

من روسيا إلى كوريا الشمالية.. هل دخل العالم العصر النووي الثالث؟ وما الذي يعنيه ذلك؟
 
من روسيا إلى كوريا الشمالية.. هل دخل العالم العصر النووي الثالث؟ وما الذي يعنيه ذلك؟

https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513
The Atlantic،

كريم محمد


27/8/2022

مقدمة الترجمة:

هل نحن على أعتاب عصر نووي ثالث؟ وهل باتت الحرب النووية تدق أبواب عالمنا فعلا؟ في هذا المقال من مجلة ذا أتلانتيك، يحذر الكاتب "يوري فريدمان" من أن روسيا وكوريا الشمالية تجعلان احتمالية الحرب النووية أكبر من أي وقت مضى، خاصة مع التطور الكبير في الأسلحة النووية التكتيكية التي قد تغري بعض القادة المهووسين باستخدامها باعتبارها أقل تدميرا. ويلفت "فريدمان" الانتباه إلى الحقيقة القاسية للعصر النووي القادم، وهي أن "بعض الدول المُسلَّحة نوويا قد تعتقد فعلا بأن الحرب النووية يمكن الانتصار فيها، ومن ثَم يُمكِن خوض واحدة".

نص الترجمة:

نحن نقف اليوم على حافة الهاوية، أو هكذا نتصور حين نُفكّر في مأزق البشرية أثناء اللحظات الخطرة للحقبة النووية التي نحياها، ولكن كما أشار عرَّاب الإستراتيجية النووية "توماس شِلينغ" ذات مرة، فإن عبارة "نقف على حافة الهاوية" عبارة مُضلِّلة، إذ إن العتبة النووية ليست "حافة حادة لجبل نقف عندها وننظر لأسفل ثمَّ نقرر الانجراف أم لا"، بل هي بالأحرى "منحدر نقف عليه دوما مع وجود قدر من المخاطرة نتيجة احتمالية الانزلاق، فيغدو المنحدر أكثر خيفة وخطورة كلما انجرفنا أكثر نحو الهاوية".

في هذه الأيام، يبدو المنحنى أمام أعيننا وهو يزداد انحدارا، ولا يرجع السبب فحسب إلى إمكانية استعمال الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" السلاح النووي إذا ما قرَّر يائسا في لحظة ما أن يتفادى هزيمة مُحتمَلة (ولو ضئيلة) في أوكرانيا، لكنه أيضا نتيجة التهديد الذي لا تناقشه بالضرورة عناوين الصحف رغم أن الكثير من الخبراء قلقون بشأنه، إنه تطوير كوريا الشمالية لأسلحة نووية تكتيكية، وهي أسلحة مُصمَّمة للاستخدام في ساحة المعركة، ولها قوة انفجار أقل ومدى أقصر من القنبلة النووية (ما يجعل استخدامها مُمكِنا دون التدمير الهائل للقنبلة النووية التقليدية، بل وهو السبب عينه الذي يجعل من استخدامها أمرا هيِّنا لعدد من زعماء العالم الذين يمتلكونها، على عكس القنبلة النووية التي باتت شبه مُحرَّمة منذ إسقاط قنبلتين على مدينتي "هيروشيما" و"ناجازاكي" اليابانيتَين في الحرب العالمية الثانية)*.
https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513

أسقطت الطائرات الأمريكية قنبلتين ذريتين، واحدة على هيروشيما، والأخرى على ناغازاكي (مواقع التواصل)


لقد سَعَت كوريا الشمالية لحيازة الأسلحة النووية التكتيكية على مدار سنوات عدة، بيد أن الفصل الأخير من رحلتها بدأ في يناير/كانون الأول 2021، حينما تعهَّد زعيم البلاد "كيم جونغ أون" علانية ببناء أسلحة نووية من هذا النوع. ومن ثمَّ جاء اختبار "بيونغ يانغ" لصاروخ قصير المدى في أبريل/نيسان 2022، والذي صُمِّم صراحة ليكون سلاحا نوويا تكتيكيّا، وقد تلته بيانات عسكرية غامضة في يونيو/حزيران، فسَّرها بعض المحللين على أنها تشير إلى تخطيط "كيم" لنشر الأسلحة النووية في وحدات المدفعية بالخطوط الأمامية للجيش. هذا وتوقّع المحللون المتابعون لكوريا الشمالية أن تقوم الدولة بإجراء تجربتها النووية السابعة في أي لحظة، وهو أمر يُرجَّح أن يهدف إلى تنشيط المزيد من الرؤوس النووية الصغيرة، التي يمكن أن تقترن بصواريخ قصيرة المدى.

في حال صحّت هذه التوقعات، فإن الاختبار النووي القادم لكوريا الشمالية سيُدشِّن ما أسماه الباحثون بـ"العصر النووي الثالث". فالعصر النووي الأول هو الذي هيمنت عليه الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، أما العصر النووي الثاني فهيمنت عليه شتى القوى الناشئة والطموحة في مجال السلاح النووي (مثل الهند وباكستان وإيران ودول أخرى امتلكت يوما برنامجا نوويّا مثل العراق)*. وقد حدَّد الباحثان "نيكولاس ميلر" و"فيبين نارانغ" في مقالة لهما عام 2019 ثلاثة مكونات أساسية لهذا العصر النووي الثالث: أولها أن "يتجدّد التنافس النووي بين عدد من القوى العظمى" مع فشل اتفاقيات الحدّ من التسلّح، ومن ثمَّ قيام هذه الدول بتحديث ترساناتها النووية، وثانيها "بزوغ قوى نووية جديدة"، وثالثها "التقبُّل الأكبر للتصعيد النووي بين القوى النووية القائمة اليوم". والحال أن جهود كوريا الشمالية في مجال السلاح النووي التكتيكي تثبت حصول الشرطين الأخيرين بالفعل.

تجمع هذه اللحظة الخطيرة بين طياتها تحدي تنافس القوى العظمى بعضها مع بعض، وسعي كل منها لردع الأخرى في المجال النووي (وهي السمة المميزة للعصر النووي الأول)، مع تحدي وقف انتشار الأسلحة النووية (وهي السمة الثانية التي طغت على العصر النووي الثاني)، ثم تُضاف إليهما زعزعة الاستقرار التي تحدثها أنظمة الأسلحة الجديدة وانهيار التعاون الدولي في التحكُّم فيها. ولذا فإن العصر النووي الثالث إيذان بدخول العالم إلى "بقعة مجهولة لم يطأها من قبل"، كما نوَّه الباحث "ديفيد كوبر"، "فكل شيء نظن أننا على دراية به بشأن السلاح النووي، مثل الردع والإكراه وغيرهما، إنما يرتكز إلى تاريخ قصير جدا ومحدود من فترتين تُعدّان من أكثر فترات العالم استقرارا: الوضع المُتجمِّد ثنائي القطب للحرب الباردة، ولحظة القطب الواحد التي جاءت بعدها حين حازت الولايات المتحدة سلطة لا نظير لها".

التكتيكي.. انخفاض "عتبة النووي"

https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513

(وكالة الأنباء الأوروبية)


كثيرا ما توصف الأسلحة النووية التكتيكية بأنها "صغيرة"، بيد أن هذا ضربٌ من التناقض في العبارة، كأن تقول إنه لا داعي للقلق بشأن كويكب "صغير" يتجه نحو مدينتك. فهذا "الصِّغَر" لا يصح إلا إذا قُورن بأنواع الأسلحة النووية "الإستراتيجية" التي هدَّدت بها يوما موسكو أو واشنطن للقضاء على بعضهما بعضا أثناء الحرب الباردة. فالكثير من الأسلحة النووية التكتيكية في الترسانتين الأميركية والروسية تحتوي مُجتَمِعة على إمكانية تفجيرية أكبر من تلك الموجودة في القنبلة الذرية الأميركية التي قتلت حوالي 70 ألف شخص في "هيروشيما"، رغم أن العائد الانفجاري لها يُمكِن ضبطه عند مستويات أقل.

لقد خفَّضت الولايات المتحدة من أسلحتها النووية التكتيكية بعد الحرب الباردة في خضم الانتصار والتهديدات الأمنية المتضائلة لتلك الفترة، بيد أن روسيا أبقت على مخزونها منها إلى حد كبير، وهو مخزون يبلغ الآن حوالي 9 أضعاف نظيره الأميركي. وكما حاجج "أنكيت باندا" من معهد كارنيجي للسلام الدولي، فإن كوريا الشمالية في حال اعتمدت على الأسلحة النووية التكتيكية، فقد "تتلاعب بمنحدر شِلينغ، وتدعو أميركا وكوريا الجنوبية للوقوف عليه".

والحال أن كوريا الشمالية مستعدة بالفعل لاستعمال أسلحتها النووية مبكرا في أي نزاع مع خصومها الأقوى منها. ومن شأن الأسلحة النووية التكتيكية بطبيعتها الأقل تدميرا بالمقارنة مع الأسلحة النووية الإستراتيجية، أن تُرخي كثيرا من القيود المفروضة على استعمال كوريا الشمالية للسلاح النووي. ولربما ينطوي نشر الأسلحة النووية التكتيكية على تفويض "كيم" لبعض من سُلطات التحكّم والسيطرة بهذه الأسلحة إلى قادة الجيش ذوي الرُتَب الأقل، لا سيَّما في وقت الحرب، علاوة على تخزين الأسلحة في عدد أكبر من القواعد العسكرية بشتى أرجاء البلاد؛ وهما أمران قد يزيدان من مخاطر استعمال السلاح النووي بصورة ملحوظة نتيجة حوادث أو تقديرات خاطئة.
مثلا، في حال نشب نزاع غير نووي على إثر عدوان كوري-شمالي، فإن "كيم" أو أحد قادته ممن يعملون داخل البلاد قد يُخطئ في تقييم هجوم انتقامي أميركي أو كوري-جنوبي (أو حتى حدث عادي، مثل اقتراب طائرة مدنية من المجال الجوي الكوري-الشمالي)، فيظنونه هجوما عسكريا ينطوي على تهديد وجودي لتصفية النظام أو ترسانته من الأسلحة النووية، ومن ثَم، قد ترُد "بيونغ يانغ" بإطلاق سلاحها النووي التكتيكي نحو أهداف عسكرية أميركية أو كورية-جنوبية، الأمر الذي سيترك "واشنطن" و"سيول" في حيرة من أمرهما حيال الرد المناسب، لا سيَّما بالنظر إلى المخاوف الأميركية من تجاوز العتبة النووية للمرة الثانية في التاريخ، وإلى المقدرة المحتملة لدى كوريا الشمالية على استهداف أراضي الولايات المتحدة نفسها بأسلحة نووية بعيدة المدى. ويمكن لكوريا الشمالية أيضا أن تتجه عن عمد إلى السلاح النووي التكتيكي خلال أوقات الصراع المتأزم أو المتصاعد في محاولة منها لإخافة أعدائها وإجبارهم على التراجع، وهو ما يُطلق عليه إستراتيجية "التصعيد لوقف التصعيد" التي يُعتقَد أن الجيش الروسي يتبناها.

https://www.aljazeera.net/wp-content...size=770%2C513

المسؤولين الأميركيين وحلفاءهم بحاجة للعمل استباقيا على وضع سياسات وإستراتيجيات جديدة لكيفية ردع كوريا الشمالية عن استعمال السلاح النووي التكتيكي (رويترز)


إن السيناريو الأكثر واقعية (رغم أن احتمال وقوعه ضئيل جدا) باستخدام الجيش الروسي للسلاح النووي في أوكرانيا، يُجبر صناع القرار غير المتمرِّسين في الإستراتيجية والتخطيط النوويَّين على التفكير بشدة في خيارات الردّ على مثل هذا التجاوز الفجّ للعتبة النووية، حتى وإن كان محدودا. وعلى نحو مماثل، فإن المسؤولين الأميركيين وحلفاءهم بحاجة للعمل استباقيا على وضع سياسات وإستراتيجيات جديدة لكيفية ردع كوريا الشمالية عن استعمال السلاح النووي التكتيكي، وكيفية الرد في حال فشل هذا الردع. وقد تشمل تلك السياسات مثلا جعل القواعد العسكرية الأميركية والكورية الجنوبية أهدافا أقل جاذبيةبالنسبة إلى بيونغ يانغ. وقد يستلزم الأمر أيضا أن تقوم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتحويل تركيزهما عن هدفهما طويل الأمد والخيالي الآن بـ"نزع السلاح النووي" لدى كوريا الشمالية، والتركيز بدلا من ذلك على إشراك الأخيرة في محادثات ترمي للتوصّل إلى اتفاقات للحدّ من التسلح النووي؛ ما ينزع فتيل التهديد الذي يتخيَّله كل طرف قادما من الآخر، ومن ثَم تُدار الأزمة قبل أن تخرج عن السيطرة، وتُقلّص فرص نشوب نزاع نووي.

كثيرا ما نتحدَّث عن الاستعمال المحتمَل للأسلحة النووية بمصطلحات توحي وكأنها القيامة، أي باعتباره فعلا من شأنه أن يبيد العالم، بيد أن هذا التوصيف للحرب النووية على أنها مُروِّعة بشكل يفوق الخيال ليس سوى إرث الحرب الباردة. فالاستخدام المحدود للأسلحة النووية الذي ربما يلحق دمارا هائلا ويخرق الأعراف الدولية دون أن يُدمِّر العالم، أمر ممكن الحدوث مع الأسف، ولا بد لصُناع القرار على الأقل أن يفكروا في الأمر على أنه مُمكِن، إذ إن مفهوم الأسلحة النووية التكتيكية بحد ذاته قائم على فكرة أن الحرب النووية المحدودة واردة وقابلة للتنفيذ. ولذا، نحن بحاجة إلى التخطيط استعدادا لسيناريوهات كهذه، في الوقت الذي نبذل فيه ما بوسعنا لمنعها من التحقّق.

ثمَّة مقولة شهيرة صرَّح بها الرئيس الأميركي السابق "رونالد ريغان" والزعيم السوفيتي السابق "ميخائيل غورباتشيف"، وهي أن "الحرب النووية لا يمكن الانتصار فيها، ولا يجب أن تُخاض أبدا". بيد أن المقولة الآن تحتاج إلى إضافة تضع في الحسبان الحقائق القاسية للعصر النووي الثالث، وهي أن "بعض الدول المسلحة نوويا قد تعتقد فعلا بأن الحرب النووية يمكن الانتصار فيها، ومن ثَم يُمكِن خوض واحدة".
—————————————————————————————
ترجمة: كريم محمد.


المصدر : الجزيرة نت


الساعة الآن 10:26 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir