مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2415 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 65 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســـــم الكـتب العســــكريــة والسياســــــــية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


أوقفو الحرب"

قســـــم الكـتب العســــكريــة والسياســــــــية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 17-07-09, 08:24 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي أوقفو الحرب"



 

أوقفو الحرب"

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كتاب أوقفو الحرب

تأليف :روبرت هنرى وجوزيف رتبلات
ربما تكون الدعوة إلى (وقف الحرب) في هذا العصر الذي يشهد عشرات، بل مئات الحروب على مستوى العالم درباً من الخيال الجانح أو المثالية المفرطة، ولكننا إذا اقتنعنا بأنه لا يوجد دليل علمي على أن الحرب هي بالضرورة جزء من السلوك البشري، وأنها تخضع كغيرها من الظواهر لقانون السببية الذي يحكم الكون، أدركنا أن القضاء على أسباب الحرب ودوافعها، سوف يؤدي حتماً إلى وقف الحرب، ومن ثم التخلُّص من آثارها المروّعة على الحرث والنسل.


وإذا كانت البشرية في حقبها الزمنية السابقة لم تستجب لمثل هذه الدعوة، وانطلقت خلف أهوائها تشعل الحروب وتخوض غمارها لأسباب واهية أو كاذبة ، وتعتبرها أسهل السبل وأسرعها إلى حل نزاعات المصالح، والموارد، والحقوق، والحدود، والدين، والعرق .. إلى غير ذلك من الأسباب؛ فإنها مطالبة اليوم بإعادة النظر وإجالة الفكر في شأن الحرب، في ظل ما ابتدعه الإنسان واخترعه من أسلحة تدمير شامل (نووية، وكيميائية، وبيولوجية)، وفي ظل تطويره المتلاحق للأسلحة التقليدية وتحسينه لقدراتها التدميرية لتصل إلى حدود غير مسبوقة من الخراب والتدمير؛ وفي ظل إقدام بعض الدول وخصوصاً ذات القدرة العسكرية العالية منها على تبديل مذاهبها العسكرية، أو توسيع دائرتها بما يجعل استخدام أسلحة التدمير الشامل فضلاً عما دونها من الأسلحة التقليدية شديدة التدمير أمراً محتملاً، بل وعادياً، في الحروب التي تخوضها ضد خصومها، وذلك لإحداث (الصدمة والرعب)، وتحقيق النصر في أقل مدى زمني ممكن، بغض النظر عما يحدثه هذا الاستخدام من آثار مروّعة، وتدمير هائل، وخسائر بشرية كبيرة بين المدنيين كما حدث في الحرب الأمريكية ضد العراق.

وفي ضوء هذه المقدمة تتضح لنا أهمية الكتاب الذي بين أيدينا: "أوقفوا الحرب" لمؤلفيْه: (روبرت هنري) و (جوزيف رتبلات)، تعريب: أمل محمود، الصادر في طبعته الدولية الأولى عن: شركة الحوار الثقافي، بيروت لبنان، عام 2005م، في (365) صفحة من القطع المتوسط.

عرض الكتاب:

يشتمل الكتاب على: (مقدمة) بقلم وزير الدفاع الأمريكي الأسبق (روبرت مكنمارا)، تليها (توطئة) بقلم المؤلفيْن يوضحان فيها ضرورة الحاجة إلى وقف الحرب، لما سببته في الماضي والحاضر من مآسي بشرية، ولما سوف تحدثه في المستقبل من أهوال تفوق قدرة البشر وتحملهم.
وما أن انتهى المؤلفان من توطئتهما حتى شرعا في عرض موضوعات الكتاب؛ وقد قسّماه إلى ثلاثة أجزاء رئيسة، تناولا في كل جزء منها عدداً من الموضوعات التي جاءت على النحو التالي:

الجزء الأول: (عن الحرب وأسلحتها)

وفيه تناول المؤلفان عبر أربعة فصول تصنيف الحرب وفقاً لاعتبارات عديدة، وأنواع الأسلحة التي استخدمت في الحروب السابقة، والأسلحة المتوقع استخدامها في حروب المستقبل.
ففي (الفصل الأول) : من هذا الجزء : (تنوُّع الحرب) أشار المؤلفان إلى التصنيفات المتبعة في تحديد المراد بالحرب، وانتهيا إلى أن وضع تعريف أو حدود ضيقة لما يمكن توصيفه ب (الحرب) يُعدّ أمراً غير مفيد، وذلك لتنوّع الحروب، وتعدُّد أسبابها، وتداخل أعمالها ونتائجها مع غيرها من الأنشطة التي يستخدم فيها العنف كالإرهاب وأكّدا في هذا الصدد على أنه بالرغم من تنوّع الحروب لتعدد أشكالها وأسبابها، إلاّ أن نتائجها تكاد تكون واحدة، وهي أنها تسفر دائماً عن ضحايا وإصابات بشرية عالية وخسائر مادية مدنية وعسكرية كبيرة.

في ( الفصل الثاني): ( الخطر النووي) يتعرَّض المؤلفان إلى (الأسلحة النووية) التي جرى استخدامها في مدينتي (هيروشيما ونجازاكي) اليابانيتين في شهر أغسطس من عام 1945م. ويلفت المؤلفان النظر إلى افتراض وهمي ساد لدى الكثير بأنه لم يعد هناك ما يدعو للقلق من الأسلحة النووية، وخصوصاً بعد أن انتهت الحرب الباردة، وذلك لكونها أسلحة للردع وليست للاستخدام الفعلي في الحروب.

وينقض المؤلفان هذا الافتراض، ويؤكدان على أن تلك الأسلحة "سوف تستخدم عاجلاً أو آجلاً، عمداً أو بدون عمد"، ويؤسسان رأيهما على عدة اعتبارات موضوعية أيّداها بشواهد تاريخية كادت أن تستخدم فيها الأسلحة النووية لحسم النزاع بين الدول التي تمتلك تلك الأسلحة. بيد أن أخطر ما أشار إليه المؤلفان في هذا الصدد هو أن الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس (جورج بوش) قد أعلنت صراحة عن مذهب عسكري جديد يعتبر الأسلحة النووية جزءاً قياسياً من الاستراتيجية العسكرية، وأنها يمكن أن "تُستعمل في النزاعات تماماً كأي مادة متفجرة أخرى، كما يمكن استخدام الأسلحة النووية في هجوم وقائي مانع"!.

تابع المؤلفان حديثهما عن مخاطر الأسلحة النووية، ثم تتبعا في هذا الفصل سباق التسلح النووي العالمي منذ البدايات أثناء الحرب العالمية الثانية من قِبل الحلفاء لمنع (هتلر) من استخدامه، والذي أدى إلى تكديس عشرات الآلاف من هذه الأسلحة لدى القوتين العظميين أثناء الحرب الباردة والتي انتهت عام 1989م، مما قلَّص من مخاطر استخدام ذلك السلاح ووقوع محرقة نووية تهدد الجنس البشري بأسره؛ وإن كان شبح استخدام ذلك السلاح مازال جاثماً لكون الرؤوس النووية في كلتا الدولتين وغيرهما مكدّسة بالآلاف، ولأن سياسات الدولة العظمى المهيمنة على العالم الآن (الولايات المتحدة الأمريكية) لا تمنع، بل تسمح باستخدام السلاح النووي في ضربة وقائية مانعة.

في (الفصل الثالث) من هذا القسم تعرَّض المؤلفان ل : (أسلحة الدمار الشامل الأخرى) التي تشمل : الأسلحة الكيميائية، والبيولوجية، والإشعاعية، وهي تسبب الدمار والوفاة والمرض للمجتمع البشري، إلى حدٍ يتعذّر معه البقاء على قيد الحياة.
ويستعرض المؤلفان الاستخدامات الأولى للحرب الكيميائية التي تعود إلى الحرب العالمية الأولى حيث استخدمها الألمان ضد البلجيك في أبريل من عام 1915م، كما أشارا إلى استخدام السلاح البيولوجي في الولايات المتحدة عام 2001م بعد هجمات 11 سبتمبر، حيث تسلَّم ساسة بارزون رسائل بريدية تحتوي على بذور (الجمرة الخبيثة)، ما أدى إلى إصابة (22) من المستلمين بالمرض، ووفاة أربعة منهم، وتم تعطيل الخدمات البريدية لفترة طويلة خوفاً من انتشار الميكروب.

أما الأسلحة الإشعاعية أو (القنابل القذرة) كما تسمّى، والتي تسبب الإصابة أو الوفاة نتيجة التعرُّض للإشعاع المنبعث منها، فلم يجر استخدامها حسب قول المؤلفين حتى الآن *وأن أول تفكير في استخدامها كان عام 1942م، وتم العدول عنه لأسباب فنية تكنولوجية لا لأسباب أخلاقية.

ويشير المؤلفان في سياق حديثهما عن الحرب الإشعاعية إلى صنف خاص من هذه الحرب يسمى (حرب تكنولوجية المعلومات) تستعمل فيها إشعاعات خاصة تسمّى: (الإشعاعات السيبيرية)، وهي إشعاعات لا تستهدف البشر، وإنما تستهدف أجهزة الحاسب الآلي في الدولة، حيث تصيبها بالشلل التام، وتعطلها عن العمل؛ ومعلوم مدى أهمية تلك الحاسبات في تنظيم شؤون الدولة الحديثة والاعتماد عليها في كافة الأنشطة. وتبقى الخطورة المضاعفة لهذا السلاح في أنه لا يوجد أي نظام مضاد قادر على تأمين الحماية الكاملة ضد اعتداء كهذا يمكن أن تقوم به جماعة إرهابية داخل أي دولة من الدول، ما يؤدي إلى أضرار واسعة الانتشار.

في (الفصل الرابع): (الأسلحة التقليدية) يتناول المؤلفان كافة الأسلحة التي استخدمها الإنسان في حروبه الطويلة بدءاً بالقوس والنشاب ومروراً بالبندقية والمدفع والقذائف، وصولاً إلى الطائرات المقاتلة والصواريخ. ويشيران إلى أن تلك الأسلحة التي قد يستهين بها البعض مقارنة بأسلحة الدمار الشامل قد تسببت في قتلى الحروب عبر التاريخ، واستدلا على ذلك بأن قتلى الحروب منذ العام 1939م وحتى عام 1994م قد بلغو مئة ألف قتيل وأكثر حصدت أرواحهم الأسلحة التقليدية، وأن خطورة تلك الأسلحة لم تعد تقتصر على المقاتلين في ساحات القتال فحسب، بل انتقلت مخاطرها إلى المدنيين في الجبهة الداخلية.
الجزء الثاني: (ما الذي يجعل اندلاع الحرب أكثر احتمالاً؟)

يتناول المؤلفان في هذا الجزء من كتابهما عبر ستة فصول الأسباب الدافعة إلى خوض الحرب، وهي كثيرة ومتعددة ومتداخلة مع بعضها البعض؛ ويخصص المؤلفان (الفصل الأول) للحديث عن: (أسباب الحروب ودور الأسلحة)، فيشيران إلى أن البحث في هذا الموضوع من الأمور المعقّدة التي تتطلب طرائق عدة لمعالجتها، فقد تكون هناك عوامل حاسمة وهامة لاندلاع حرب ما، ولكنها لا تكون كذلك بالنسبة لحرب أخرى؛ وقد تندلع الحروب لأسباب حديثة آنية، وقد تعود إلى أسباب تاريخية قديمة.
ويأتي (دور الأسلحة) على رأس قائمة عوامل اشتعال الحرب، فوفقاً لرؤية المؤلفيْن "أن الشرطين الوحيدين الضرورين لوقوع الحرب هما: توفّر الأسلحة، والأفراد الراغبون في استعمالها"، وهنالك علاقة تبادلية بين الحروب والأسلحة، حيث يؤدي امتلاك الأسلحة غالباً إلى وقوع حروب كان يمكن ألاّ تقع قبل امتلاك أحد طرفي الحرب لتلك الأسلحة، كما تؤدي اشتعال الحرب إلى كثرة الطلب على الأسلحة والسعي إلى امتلاكها.

وعلى الرغم من أن استخدام أبسط الأسلحة يتسبب في سقوط القتلى والمصابين، إلاّ أن الدول تحرص على اقتناء الأسلحة التي تكون أكثر فتكاً بالخصم. ونظراً لأن الدول المصنّعة للأسلحة قليلة، فإن أغلب دول العالم تلجأ إلى استيراد الأسلحة من الخارج لتمنح جيوشها الهيبة والقدرة على صيانة أمن البلاد، وهو ما يضفي على قادة تلك الدول مصداقية وتأييداً من شعوبها الحريصة على أمنها واستقرارها.

وقد تستغل الدول الصانعة للأسلحة ورقة تزويد غيرها من الدول بالأسلحة للضغط عليها سياسياً واقتصادياً. وقد تلجأ الدول المصنِّعة أو تجار الأسلحة إلى إشعال فتيل الحرب واستمرارها لتتضاعف مكاسبهم من توريد السلاح لأحد طرفي الصراع أو كليهما معاً.

في (الفصل الثاني) طرح المؤلفان سبباً ثانياً رئيساً من أسباب الحرب، وهو: (الأنظمة السياسية والقادة)، فمعظم أسباب الحروب سياسية تقريباً، وغالباً ما تشتعل إما بسبب النظام السائد، أو وفقاً لأداء القادة أنفسهم، ويذهب المؤلفان إلى أن أغلب الحروب الماضية ارتبطت بمسألة الهوية الوطنية للأمة أو للدولة القومية، التي تطلَّب وجودها الحفاظ على سيادتها من خلال المؤسسة العسكرية التي تحمي أمن الدولة ضد الاعتداءات التي قد تشنها دولة أخرى عليها، ولهذا، أصبحت لدول العالم أجمع جيوش على استعداد تام لخوض الحرب باستثناء ايسلندا وكوستاريكا . وقد أصبح هذا العامل في الوقت الحاضر ضعيف التأثير في ظل العلاقات الدولية السلمية بين كثير من دول العالم؛ وفي ظل انتشار العولمة وتداخل المصالح الاقتصادية بين دول العالم، وفي ظل ضعف الدولة القومية الحديثة عن خوض حرب ضد دولة أخرى لما قد يجرّه ذلك عليها من تحديات كبرى تتعدى حدود الدولة المُعتَدى عليها.

وعلى العكس من انخفاض معدل الحروب بين الدول، ارتفع معدل الحروب داخل الدولة الواحدة، وذلك بهدف انفصال بعض الجماعات العرقية أو الدينية عن الدولة القومية، لشعورها بالتمييز ضدها من قِبل النظام السياسي للدولة وعجزه عن تلبية مطامح تلك الجماعات ومطالبها. كذلك يؤدي انهيار الأنظمة الاستبدادية، وضعف الحكومة، وانتشار الفساد والبيروقراطية في النظام الحاكم إلى اشتعال الحروب داخل الدولة؛ ويتوقع المؤلفان أن تكون هذه الأسباب الثلاثة هي الأكثر أهمية بالنسبة للحروب المستقبلية.
أما عن دور القادة في إشعال الحروب، فيستشهد المؤلفان بشخصية (هتلر) وممارساته السياسية التي كانت سبباً لاندلاع الحرب العالمية الثانية.

ويشير المؤلفان في هذا الصدد إلى أهمية الدور الذي يؤديه المستشارون المحيطون بالقادة، وتقديراتهم السياسية والعسكرية، فضلاً عن حنكتهم وحكمتهم وطباعهم الشخصية التي تؤثر حتماً فيما يشيرون به على قادتهم.

وبمثل ما تكون أهداف القادة من خوض الحرب أهدافاً وطنية أو قومية، فإنها قد تكون أهدافاً شخصية مصلحية. وكما يبرز (دور القادة السياسيين) في خوض الحروب واستمراريتها، كذلك يبرز دور الحكماء والعقلاء منهم في تلاشي تلك الحروب وحقن الدماء المُراقة فيها عندما يمارسون أدوارهم القيادية بمزيد من الحكمة والوعي السياسي، ومن ثم يستطيعون تحقيق أهدافهم المشروعة سلمياً.

في (الفصل الثالث) : (الثقافة والعرف)، ودورهما في إشعال الحروب، يشير المؤلفان إلى أن الاختلافات الثقافية، والعرقية والدينية والأيديولوجية بين الشعوب والجماعات، تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في اندلاع الحروب واستمراريتها، فكلما كانت المواريث والتقاليد التي تكوّن ثقافة شعب أو أمة ما تحضّ على الشجاعة والبطولة والقتال، كان سلوك ذلك الشعب أكثر ميلاً للعنف.
أما الاختلافات العرقية ودورها في اندلاع الحرب، فتعود إلى الشعور بالتميّز على الآخر بسبب اللون، أو الدين، أو الثقافة، أو السياسة، أو اللغة، وهو لا يكوِّن شعوراً عدائياً أو إرادة شريرة كما يقول المؤلفان ضد الآخر إلاّ عندما يقترن بحرمان أفراد مجموعة من المجموعات العرقية من حقوقها، بالمقارنة مع المجموعات الأخرى، كشعور الأقليات غير البيضاء في المجتمعات الأوروبية والمجتمع الأمريكي.

ويعدّد المؤلفان العوامل التي رسّخت العداء بين العرقيات المختلفة في القرن العشرين، ومن أبرزها أن الاستعمار قد رسم حدوداً دولية للدول دون أن يأخذ في الاعتبار اختلاف الثقافات والقبائل في تلك المناطق، ومن أمثلة ذلك ما حدث من تقسيم دولي في القارة الأفريقية، وما حدث من تقسيم في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، بما نشأ عنه من أوروبا الشرقية والغربية، والذي تجسّد في التقسيم الاعتباطي لألمانيا.

وتُعدّ الاختلافات الدينية مظهراً من مظاهر العرقية، ويعتمد عليه أحياناً كوقود يغذّي مؤسسة الحرب، كالحروب الصليبية التي اعتمدت على الدين كمحرّك رئيس وقوي للجيوش النصرانية من أجل السيطرة على الأماكن المقدسة، واستمرت لأكثر من (300) سنة مخلِّفة وراءها رصيداً ثرياً من المآسي والأهوال البشرية؛ وبدافع من الدين أيضاً اشتعلت الحروب في إسبانيا لتنصير المسلمين واليهود أو إخراجهم أو قتلهم.

ويشير المؤلفان إلى أن النظم العلمانية واللادينية المعاصرة تلجأ إلى الدين عندما تتعرّض حكوماتها إلى خوض الحرب، نظراً لما للدين من تأثير كبير على المقاتلين وقبولهم للتضحية، وأوردا نماذج ذلك في بريطانيا وألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية.
كذلك تلجأ الأنظمة والحكومات إلى الأهداف الأيديولوجية السياسية للدولة لاستغلالها في إشعال الحروب وإقناع الشعوب بخوضها، كتحريض الشعوب على الحرب من أجل نيل الاستقلال؛ أو مواجهة خصوم أيديولوجيين كالصراع بين الشيوعية والرأسمالية خلال مرحلة الحرب الباردة أو تحقيق الكبرياء الوطنية؛ أو الرغبة في الانتقام والأخذ بالثأر حفاظاً على هيبة الدولة، أو ترابط الجماعة؛ أو رفع الشعور بالظلم والاضطهاد.

في (الفصل الرابع) يتناول المؤلفان سبباً آخر من أسباب الحروب وهو: (الموارد: الأرض والبيئة)، حيث تؤكد المصادر التاريخية على أن أكثر الحروب التي اشتعل أوارها في القرون الماضية كانت بسبب السيطرة على أراضي الغير وسلب ممتلكاتهم؛ وكذلك كانت الحروب الاستعمارية في القرن (19) تهدف إلى الحصول على المواد الخام الأولية كالذهب والتوابل والأيدي العاملة من أجل التصنيع، والبحث عن أسواق خارجية لتصريف منتجاتها الصناعية.

وكما كانت الأرض سبباً لاشتعال الحروب في الماضي، فإنها ماتزال كذلك في الحاضر، وظلت المواد الخام أيضاً وخصوصاً النفط من العوامل الرئيسة لاشتعال الحروب المعاصرة.
من طرف آخر، تقف المياه والمحاصيل الزراعية والموارد الطبيعية وتلوث البيئة كعوامل هامة لإشعال الحروب تضاف إلى ما سبق؛ وسوف تزداد أهميتها في المستقبل المنظور نظراً لتدهور البيئة ونضوب الموارد الطبيعية وكثرة عدد السكان، وخصوصاً في الدول الفقيرة.

ويحذّر المؤلفان من أن هذه الخلافات قد تتحول في المستقبل المنظور إلى حروب ضروس في ظل تلوث البيئة وتدهورها الواسع الانتشار.
ينتقل المؤلفان في (الفصل السادس) إلى الحديث عن: (العوامل الاقتصادية: العولمة والفقر) ودورهما في إشعال الحروب، فيشيران إلى أن العولمة قد ساهمت في ازدياد العوامل التي تقود إلى الحرب.

ويخلص المؤلفان إلى القول: "إنه برغم انعدام احتمال أن تشكّل العولمة سبباً مباشراً للحرب، فقد تؤدي التغييرات التي تحملها معها إلى استفحال كثير من العوامل التي تجعل النزاع العنيف داخل الدول وبينها أكثر احتمالاً".

أما عن علاقة الفقر بالحرب واعتباره سبباً من أسبابها، فهناك اتجاهان مختلفان أوردهما المؤلفان لهذا الأمر، الأول: يرى أن الإحباطات الناتجة عن الفقر، والتي تكون حادة خصوصاً عندما تُقام مقارنة مع الآخرين بإمكانها أن تحفّز العدوانية وتسهل على القادة تحريض أتباعهم على الحرب وإقناعهم بأنها سوف تكون لصالحهم حتماً. الثاني: يرى أن زيادة الفقر والحرمان يجعل الأشخاص عرضة للاستسلام وعدم القدرة على المقاومة، ومن ثم يزيد الفقر من احتمال عدم حدوث الحرب.

ويلفت المؤلفان إلى أن الطرح السابق قد لا ينطبق على الحروب الدولية، حيث يتطلب خوض الحرب إمكانات مالية عالية يصعب على الدول الفقيرة توفيرها، ولكنه لا يمنع من حدوث الحروب الداخلية بين أبناء الدولة الواحدة، خصوصاً عندما تستأثر فئة من المجتمع بالثروة، أو يتداخل مع الفقر عامل الاختلاف العرقي أو الديني، أو اللغوي.

ويتناول (الفصل السادس والأخير) من هذا الجزء : (الحرب والطبيعة البشرية) سبباً متداولاً من أسباب اندلاع الحرب، هو (نزعة العدوانية داخل الإنسان)،، حيث يرى البعض أن هذه النزعة هي التي تدفع الإنسان إلى حيازة الأسلحة للدفاع عن نفسه، وهو افتراض يرفضه المؤلفان.

ويفرّق المؤلفان في هذا الصدد بين عدوانية الأفراد وعدوانية الأمم، فالأولى لا تؤثر بشكل مباشر إلاّ في الحروب الداخلية فقط، أما تأثيرها في الحروب الخارجية فيكون معدوماً، حيث يكون التأثير الكامل لعدوانية الأمم. وتلعب (مؤسسة الحرب) دوراً بارزاً في تكوين النزعة العدوانية وتأجيجها لدى المنتسبين إليها، حيث تجعل من ممارسة العنف ضد الآخرين واجباً وطنياً، وتصور الحرب كمسرح للفضائل الرجولية من شجاعة وثبات من خلال إبراز المنتصرين في صورة الأبطال في الوقت الذي تخفي فيه الآثار السلبية للحرب من قتل وإصابة وإعاقة. وتعتمد المؤسسة العسكرية في أداء دورها على (المجتمع العسكري الصناعي العلمي)، وهو مجموعة المؤسسات الصناعية والعلمية التي تدعم الجيش، لما له من نفوذ اقتصادي وسياسي وروحي على العاملين فيه، ولما للقواعد الضابطة للمجتمع العسكري من تأثير على سلوك منسوبيه.

ويختتم المؤلفان هذا الفصل بالحديث عن دور العلماء النظريين والتطبيقيين في اندلاع الحرب، وذلك لما بين العلم والمجتمع من علاقة وطيدة.

 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 17-07-09, 08:25 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الجزء الثالث: (كيف ينبغي التحرّك لإزالة الحرب؟)

يطرح المؤلفان عبر ستة فصول اشتمل عليها هذا الجزء من الكتاب رؤيتهما الخاصة لكيفية التخلّص من الحرب والقضاء على الأسباب المؤدية إليها؛

فيأتي (الفصل الأول) من هذا الجزء في صيغة سؤال نصّه: (ما الذي يمنع الدول من خوض غمادر الحروب)؟ وإجابة على هذا السؤال يذكر المؤلفان عوامل رئيسة يعتقدان أنها قد تضعف إمكانية ظهور العنف وخصوصاً عندما تعضدها عوامل أخرى إضافية؛ وهذه العوامل هي:

الديمقراطية : حيث تتمتع بالعديد من الخصائص التي تجعلها أفضل النظم القادرة على تضييق مجال الحرب ووقف العنف على المستويين الداخلي والخارجي. ويشير المؤلفان في هذا الصدد إلى أن الديمقراطيات السائدة في العالم ليست على مستوى واحد من الانضباط، حيث يجري اختراقها وتغيب ضوابطها بين الحين والآخر في الدول المطبقة لها، بما فيها الدول الكبرى.

تخطّي الاختلافات الثقافية : اقتناعاً بأنه من الصعوبة بمكان أن يتم القضاء على الثقافات المختلفة وتجميع البشر تحت ثقافة موحدة، فإن الحل لتلك المعضلة كما يرى المؤلفان هو أن يتم التوافق والتفاهم بين الثقافات المختلفة، وأن يتقبل كل شعب أو جماعة الثقافة الخاصة للآخرين ويحترمها، وأن يوفّق بينها وبين ثقافته الخاصة، وذلك من خلال البحث عن المبادئ الأساسية التي توجّه سلوك الأفراد في كل الثقافات كالتعامل مع الآخرين بلطف، وعدم الأنانية وحب الذات، والتعاون مع الأهل والجيران والزملاء وتغليبها على المبادئ المختلف عليها، وأن ينطلق الجميع من قاعدة: "عَامِل كما تودُّ أن تُعامَل" باعتبارها القاعدة (الذهبية) المؤيدة لجميع الثقافات.

العولمة : على الرغم مما للعولمة من آثار سلبية تسهم في انتشار العنف، فإن لها آثاراً إيجابية يمكن توظيفها في رأي المؤلفين لوقف الحرب وتجنبها، فتبادل المعلومات الكثيفة عبر وسائل الاتصال المفتوحة على العالم والتي تُعدّ ثمرة من ثمار العولمة يمكن توظيفها لدعم التعارف بين الشعوب وتعميق التفاهم والحوار بين القادة بعضهم البعض؛ كما يُعدّ النقل المباشر عبر الأقمار الاصطناعية لما تخلفه الحروب من أهوال ومآسٍ بشرية ومادية، من قتلى ومصابين ومشردين وتهديم للمباني وتخريب للبنى التحتية للدولة دافعاً إلى وقف الحرب لتجنّب ويلاتها.

الردع : يُعد الردع أحد العوامل القوية لتجنّب الحرب، ولكنه حسب رأي المؤلفين تحول خلال الحرب الباردة إلى وسيلة أو سياسة (لا أخلاقية)، حيث بالغت الدول النووية وخصوصاً الدولتين العظميين في إنتاج وتخزين الأسلحة النووية وبكميات تكفي لتدمير العالم عدة مرات!! وفي المقابل يقترح المؤلفان أن تعتمد الدول على رادع أكثر موثوقية وموضوعية، فضلاً عن إمكانية الدفاع عنه من الناحية الأخلاقية، وهو تشكيل تحالفات بين الدول تتولى أولاً منع نشوب الحروب بين الدول المتحالفة بعضها البعض، وتردع ثانياً أي خصم يفكر في الاعتداء على أي دولة عضو في تلك التحالفات.

العقوبات : يمكن أن تشكِّل العقوبات الدولية وسيلة مناسبة لمنع الحرب، أو وقفها عند اشتعالها، وذلك على اعتبار أن أغلب بلدان العالم تعتمد على التجارة الدولية، وتوقُّف هذه التجارة نتيجة قطع الاتصال بالعالم الخارجي سيؤدي إلى انهيار اقتصاد الدولة المعاقَبة؛ وكلما كانت العقوبات متعددة الأشكال كلما كانت أقوى أثراً. ولكن العقوبات كوسيلة لها سلبيات متعددة تجعلها في رأي المؤلفين غير ناجعة في وقف الحرب ما لم تدعمها وسائل أخرى.
القانون الدولي: يتضمن القانون الدولي عديداً من النصوص التي تقيّد العمل العسكري وتمنعه إلاّ في حالة الدفاع عن النفس، وبعد الحصول على موافقة الأمم المتحدة ؛ وعلى الرغم من أهمية هذه القوانين وجدواها في منع الحرب وتجنُّب حدوثها، فإن التطبيق العملي لها على أرض الواقع يواجه صعوبات عديدة، ومن ثم يجب القضاء على تلك الصعوبات حتى يحقق القانون الدولي دوره في وقف الحرب أو منع اندلاعها.

في (الفصل الثاني) : (منع اندلاع الحرب: مراقبة الأسلحة) يتناول المؤلفان إحدى الآليات الداعمة لمنع اندلاع الحرب، ممثلة في مراقبة التسلح ومكافحة الإرهاب؛ ففي مجال مراقبة التسلح استعرض المؤلفان الجهود الدولية التي بُذلت في هذا الصدد، وأشارا إلى أن الاتفاقيات الدولية التي أُبرمت بشأن الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل؛ وانتهيا إلى أن تلك الاتفاقات لم توقف سياق التسلّح المحموم بين الدولتين العظميين حث لجأت الولايات المتحدة إلى إحياء مشروع (حرب النجوم)، وتم البدء في تنفيذه تحت مسمى (البرنامج الدفاعي ضد الصواريخ)، وهو يسير الآن بسرعة قصوى، رغم تنافره مع معاهدة الصواريخ البالستية (abm) .

ويشير المؤلفان إلى أن إلغاء معاهدة الصواريخ البالستية وتنفيذ برنامج الدفاع الصاروخي سيؤدي إلى فتح الباب أمام انتشار الأسلحة في الفضاء الخارجي، الذي سبق توقيع معاهدة دولية بشأنه عام 1967م، وتم التوقيع عليها من قِبل (124) دولة عام 2002م، ولكنها لم تمنع من استخدام الفضاء الخارجي لغايات عسكرية، الأمر الذي أتاح للولايات المتحدة الأمريكية إطلاق (110) أقماراً اصطناعية فضائية مرتبطة بالعمليات العسكرية، ولروسيا (40) قمراً، ولباقي العالم (20) قمراً.

وفي مجال الحدّ من الأسلحة النووية تعرّض المؤلفان إلى المناطق المجردة من الأسلحة النووية والاتفاقات الدولية التي عقدتها دول تلك المناطق لتقي نفسها مخاطر الحروب النووية، كما تعرّضا لنشاط الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية التي تطالب بإزالة أسلحة الدمار الشامل، مثل حركة (بوجواش)، ولجنة (كانبيرّا)، ومؤسسة (كارنجي) وغيرها من المنظمات التي تتولى مهمة إعلام الناس بمخاطر تلك الأسلحة.
وبعد استعراضهما للجهود المبذولة لمراقبة وإزالة الأسلحة النووية، تناول المؤلفان الجهود المبذولة لإزالة الأسلحة البيولوجية والكيميائية، والتي أسفرت عن توقيع اتفاقتين دوليتين بخصوصهما عام 1993م، ويرى المؤلفان أن الاتفاقيتين لن تمنعا أية جماعة إرهابية صغيرة من اقتناء كمية ولو محدودة من الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية، كما أنهما لن تمنعا أي بلد عن تصنيع تلك الأسلحة بصورة سريّة.

أما بخصوص الحدّ من انتشار الأسلحة التقليدية فيشير المؤلفان إلى القيود التي تفرضها الأمم المتحدة، وحلف شمال الأطلسي، وبعض الدول المنتجة للسلاح على الأسلحة كاشتراط ألا تكون في تلك الدول حروب أهلية، أو انتهاكات لحقوق الإنسان، أو حالات شديدة من الفقر إلاّ أنَّ هذه القيود تحظى بالفشل لعدة أسباب ذكرها المؤلفان باستفاضة.

ويختتم المؤلفان هذا الفصل بمكافحة الإرهاب كوسيلة من وسائل وقف الحرب، فيؤكدان على دور الاستخبارات الدولية ومشاركتها في هذا الأمر.

في (الفصل الثالث) يطرح المؤلفان آلية أخرى لمنع الحرب تحت عنوان: (منع اندلاع الحرب: تعزيز الرفاهية الدولية ونشر ثقافة السلام) وينطلق المؤلفان في تناول هذا الموضوع من قناعتهما بأن إجراءات إزالة الفقر وتحقيق مساواة أكبر من حيث الدخول، والفرص، والحريات، تعتبر عناصر أساسية في محاولات إلغاء الحرب؛ ولتحقيق تلك الغاية يلفت المؤلفان إلى التدابير الداخلية والدولية التي يتعين على قادة الدول اتخاذها لوقف الحرب.

أما (الفصل الرابع) فقد خصصه المؤلفان للحديث عن: (المنظمات المعنية بالوقاية والتدخل وحلّ النزاعات)، وفيه يبادران إلى بيان خطورة أن تتولى دولة واحدة إدارة العالم وتوجيهه والتدخل في شؤونه مثلما تفعل الولايات المتحدة في الوقت الحالي مؤكِّديْن على أحقية الأمم المتحدة وحدها وصلاحيتها للقيام بهذا الدور، فقد تم إنشاؤها وصياغة ميثاقها لتحقيق هذا الهدف، وعليه فإن دعم هذه المنظمة الدولية للقيام بدورها سيؤدي إلى منع الحرب. ووفقاً للمؤلفين، فإن المنظمات غير الحكومية (ngo) التي تعمل عبر الحدود الوطنية يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً في منع الحرب؛ كما يمكن أن تقوم التنظيمات الدينية والشعبية بتحريك الرأي العام ضد الحرب وضد تجارة الأسلحة.

في (الفصل الخامس) : (التدخل وحلّ النزاع) يتناول المؤلفان التدخُّل الخارجي كوسيلة لوقف الحرب فيؤكدان على أنه يجب أن يتسم بالحذر الشديد، وأن يباشر من قِبل الأمم المتحدة أو بموافقتها، وأن تكون أهدافه واضحة، واحتمالات نجاحه كبيرة، وألاّ يتم عبر استخدام القوة إلاّ في حالة عدم وجود أي خيار عملي آخر، أو عند وقوع ضرر رئيس على المدنيين، أو عندما تعجز الرقابة الداخلية عن إنهاء العنف.

وعلى مدى صفحات هذا الفصل يتناول المؤلفان التفاصيل الهامة التي ترتبط بآلية التدخُّل.
في(الفصل السادس) يختتم المؤلفان كتابهما بالحديث عن (إزالة الصراع في العصر النووي)، وهو موضوع عالجاه في أكثر من موضع من الكتاب لأهميته وخطورته على البشرية، وتعود أهميته إلى أن خطر المحرقة النووية الوشيك لم يختفِ على الرغم من انتهاء الحرب الباردة بين القطبين الدوليين وانتهاء سباق التسلح النووي. ويعود تجدد هذا الخطر حسب رأي المؤلفين إلى السياسة التي تنتهجها القوة العظمى الوحيدة في العالم والتي اعتمدتها إدارة الرئيس الأمريكي الحالي (جورج بوش) منفذاً رؤية مجموعة من المتشددين (المحافظين الجدد) الساعين إلى تمكين الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على الشرق الأوسط سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، وقد اتبعت القيادة الأمريكية مدعومة من أولئك المتشددين مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة)، فسعت إلى الإطاحة بالرئيس العراقي (صدام حسين) واحتلال العراق بدعوى تهديد النظام العراقي السابق للعالم بأسلحة الدمار الشامل، وإقامة علاقات واتصالات بتنظيم القاعدة، وهما مبرران لم تثبت صحتهما حتى تأليف المؤلفين لكتابهما.

ولتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية للسياسة الأمريكية، قامت الإدارة الحالية بتغيير المذهب العسكري للولايات المتحدة، حيث إنها أدمجت القدرة النووية التي كانت تعتبر في المذهب السابق سلاح الملاذ الأخير ضمن مخطط الحرب التقليدية، بحيث يمكن استخدامها في أي نزاع كأي مادة متفجرة أخري، وهو على حد تعبير المؤلفين : "تحوّل رئيسي وخطير في التعليل المنطقي لاستخدام الأسلحة النووية".

ويعلن المؤلفان تخوُّفهما الصريح من أن هذه السياسة التي اتبعتها الولايات المتحدة "قد تتبعها بلدان أخرى قريباً"؛ فقد تجد الهند في هذه السياسة مبرراً شرعياً لتوجيه ضربة مانعة ضد باكستان، وثمة احتمال أكبر في أن توجّه باكستان ضربتها أولاً، وتمثل (تايوان) (سيناريو) آخر في هذا الصدد، وكوريا الشمالية (سيناريو) ثالث ... ويخلص المؤلفان إلى القول: "بالإجمال، أوجدت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية العدوانية في ظل إدارة (بوش) حالة من التقلقل في الشؤون العالمية، وازدياد خطر استخدام الأسلحة النووية في القتال ازدياداً كبيراً. والطريق الوحيد لتفادي هذا الخطر يمكن في إزالة الأسلحة النووية بموجب المادة السادسة من معاهدة حظر انتشار الأسلحة الأسلحة النووية (npt) التي تم التوقيع عليها والتصديق عليها من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أصبحت بالتالي ملزمة بها قانونياً".
تقويم الكتاب:

أزعم أن الكتاب الذي عرضناه على هذه الصفحات بعد قراءتي له أكثر من مرة يعدّ سفراً أو موسوعة مصغّرة حوت جلّ ما يتعلق بالحرب: أنواعها، وأسلحتها، وأسباب اشتعالها، وآليات ووسائل منع اندلاعها أو وقفها. وقد يتصور البعض كما بدا لي في بعض المواضع أن هنالك تكراراً لبعض موضوعات الكتاب، وهو تصوّر يعود في ظني إلى المنهج التأليفي الذي اتبعه المؤلفان، حيث كانا يعرضان الموضوع الواحد كالحرب البيولوجية مثلاً ثلاث أو أربع مرات في مواضع متفرقة، أحدها عند الحديث عن أنواع الحرب، والآخر في الجزء الخاص بالحديث عن أسباب الحرب باعتبارها إحدى الوسائل المستخدمة في النزاع المسلح، والثالث في الجزء الخاص بإزالة الحرب؛ ولكن مع إعادة القراءة والتأنّي في فهم الفكرة سوف يتلاشيى يهذا الشعور بالتكرار.

وأبرز ما يميّز هذا الكتاب في رأيي ما يلي:
أن ما طُرح فيه من أفكار نظرية جاءت مصحوبة بنماذج عملية تاريخية وواقعية مما جعل أفكاره ورؤاه تتسم بالموضوعية والمصداقية.
شمولية الطرح؛ فلم يترك المؤلفان شاردة أو واردة تتعلق بموضوع الكتاب الكلي أو موضوعاته التفصيلية إلاّ وتناولاها عليها بحثاً ودراسة.

دقة التحليل وعمقه، وهو ما يتجلّى في التتبع الدقيق لكل جزئية تم طرحها في الكتاب، بدءاً بنشأتها الأولى وانتهاءً بوضعها الذي كانت عليه عند تأليف الكتاب؛ وهو ما يتجسد في متابعتهما للسلاح النووي على سبيل المثال منذ أن كان فكرة إلى أن أصبح عنصراً من منظومة السلاح الأمريكي المستخدمة في حروب اليوم.
قوة الربط بين الجزئيات والكشف عما بينها من علاقة قد تخفى على كثيرين، وهو ما يظهر بوضوح في القسم الثاني من الكتاب، الخاص بأسباب اشتعال الحروب، حيث وفّق المؤلفان في بيان علاقة الحرب بالثقافة والعرف والدين والأنظمة السياسية الحاكمة ... إلى آخره.

بناء النتائج التي يتم التوصّل إليها على المقدمات العلمية والتاريخية، وعدم الانطلاق من أحكام أو قناعات مسبقة، ويتجلى هذا الأمر في تقويم المؤلفين للسياسة الأمريكية الحالية ودورها في إشعال الحروب، وكذلك في تناولهما لموضوع الإرهاب ودوره في إشعال الحروب ووقفها.

الاعتماد على الإحصاءات والجداول والتقارير الدولية لدعم الآراء والأفكار المطروحة في الكتاب وتوثيقها، ما يجعل من الكتاب عملاً أكاديمياً رصيناً ومرجعاً علمياً دقيقاً في موضوعه.
ولا أجد ما أختتم به هذا العرض سوى أن أوصي القارئ أو المثقف العربي أياً كان تخصصه واهتمامه بقراءة هذا الكتاب برويّة وتأنٍ، فإنه لاشك واجد فيه من الأفكار والرؤى: السياسة، والعسكرية، والعلمية، والاقتصادية، والتكنولوجية محلية كانت أم إقليمية أم دولية الجديد والمفيد

*تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من المصادر أوردت أن الولايات المتحدة الأمريكية قد استخدمت (اليورانيوم المنضّب) في حربها الأولى على العراق عام 1991م، الأمر الذي تسبب في إصابة آلاف من الجنود الأمريكيين والبريطانيين بالأمراض التي أدت إلى وفاة الكثيرين منهم، فضلاً عن انتشار الأمراض السرطانية بين العراقيين القريبن من المناطق التي استخدم فيها اليورانيوم المنضب. والمقذوفات المعاملة باليورانيوم المنضّب هي في جوهرها (قنابل قذرة) بحسب تعبير (تشارلز جونسن) مؤلف كتاب: (الضربة المرتجعة .. تكاليف وعواقب الامبراطورية الأمريكية) (الكاتب).

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أوقفو, الحرب"

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع