الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2398 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أوكرانيا: روسيا تجهّز 100 ألف جندي لهجوم محتمل في الصيف (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حل "المسألة الشرقية".. دور الكيان الاستيطاني ومصير السيطرة الاستعمارية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 47 )           »          بلينكن يلتقي مجلس الحرب الإسرائيلي ويحذر من الهجوم على رفح (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســــم البـــــحوث باللغة العربية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


دراسة الملف النووي الإيراني وأثاره الإقليمية والدولية

قســــم البـــــحوث باللغة العربية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 31-10-09, 01:33 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي دراسة الملف النووي الإيراني وأثاره الإقليمية والدولية



 

دراسة الملف النووي الإيراني وأثاره الإقليمية والدولية



المقدمة.
لم يثر ملف أو قضية دولية جدلاً مثلما أثارته قضية ملف إيران النووي... ففي الوقت الذي يندد الغرب بنووي إيران ويعقد المؤتمرات تلو الأخرى لبحث القضية، فإن محصلة القرارات تكاد تكون معدومة إلا من بعض أشكال المقاطعة الاقتصادية، وفي الوقت الذي يشعر به المحيط الإقليمي من الدول العربية بخطر إيران النووي على مستقبل المنطقة ككل، يظهر من يؤيد طهران في مساعيها ويدعم حصولها على نووي بحجة أن موجه نحو إسرائيل..ومع تقدم طهران في برنامجها النووي يومًا بعد يوم فإن خطر النووي الإيراني يلقي بآثاره على المنطقة بأكملها.

القصد. أن القصد من هذه الدراسة هل هناك استفادت من الدرس الايرانى فئ المجال النوؤى أو انتظار النتيجة .

نشأة وتاريخ النووي الإيراني.
بعد سقوط نظام الشاه في إيران توقف البرنامج النووي الإيراني ـ الذي كان قد بدأه الشاة في أواخر خمسينات القرن الماضي ـ من عام 1979 إلى عام 1984 نتيجة للحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988).

وكان من أول أولويات الدولة الإيرانية بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية البحث عن العقود السابقة مع الدول الأوربية لبناء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية.

وكانت حكومة رفسنجاني ترى أن توليد الطاقة الكهربائية يعد أساساً في إعادة تشغيل المعامل التي أغلقت منذ زمن الشاه بعد تحسينها لإعادة بناء إيران.

ومع بدء الشعور بأن قدرات العراق النووية كانت آخذة في التصاعد حينها وبروز حلفاء لإيران كالصين وكوريا الشمالية وليبيا وسوريا كلاعبين مهمين في تزويد إيران بالأسلحة والإمدادات المؤثرة والنوعية، شجعت هذه الأمور إيران على العودة إلى ملفها النووي، فكانت المبادرة الأولى في إعادة تصليح وتأهيل مفاعلي بوشهر تلاها في أواخر الثمانينات ظهور العديد من المصدرين والمتعاونين في المجال النووي مع إيران .

ولعل أكثر اتفاقيات التعاون النووي أثراً هما الاتفاقيتان اللتان أبرمتهما إيران مع كل من الصين وباكستان (1987و1990) واشتملتا على تدريب العاملين وتبادل الخبرات . وفي إطار اتفاقية الصين اشتمل العقد على تزويد إيران بمفاعل نيوترون (mnsr) بقدرة 27 كيلوواط ومفاعلين نوع 'كونيشان' قدرة 300 كيلوواط . لقد اعتقدت دوائر المخابرات الغربية أن باكستان التي امتلكت السلاح النووي سنة 1986 زودت إيران بمساعدات نووية قيمة منها تدريب العلماء الإيرانيين في مجال استخلاص البلوتونيوم وفي أبحاث التخصيب باستخدام الليزرات وأن التدريب جرى في مختبرات الدكتور عبدالقدير خان في (كاهوتا) حيث جرت أبحاث التخصيب وتركيب القنبلة.

خلال هذه الفترة أظهر الاتحاد السوفياتي ، رغبة في التعاون نووياً مع إيران . وفي سنة 1990 بدأ مباحثات معها لإكمال مفاعلي بوشهر وتزويدها بمزيد من المفاعلات .

وقد أذاعت الحكومة الروسية في يناير 1995 رسميًا أنها ستكمل بناء وتأهيل مفاعلي بوشهر وبناء ثلاثة مفاعلات أخرى في الموقع نفسه . ومنذ هذا التاريخ والولايات المتحدة تبدي الاعتراض تلو الآخر حول الصفقة الروسية وبإنها ستزود الإيرانيين بالمعرفة التقنية لتعضيد المشروع التسليحي . وعلى الرغم من بروز عدة إشكالات تقنية سببها عدم موائمة المعدات الألمانية مع مثيلاتها الروسية

وفي عام 1995 بدا واضحاً ، من وجهة نظر أمريكية ، إن إيران ستحاول الحصول على أسلحة نووية بطريقة أخرى وذلك من خلال شراء مواد مزدوجة الاستخدام من جهات ومصادر غربية . وازداد الخوف من احتمال تصنيع وسائل محلية (كالتخصيب بالطرد المركزي) لإنتاج وقود القنبلة .

مرحلة بدء الشكوك الدولية.

في أواسط عام 2002 كشفت مجموعة معارضة تقيم في فرنسا (المجلس الوطني للمعارضة الإيرانية ncri) عن وجود منشأتين سريتين لتخصيب اليورانيوم في موقع 'ناتانز' ومصنع للماء الثقيل في 'آراك'وبعد اكتشاف خزين من خامة اليورانيوم في ساجاد (مقاطعة يزد) أعلنت إيران أنها تطور استخدام مفاعل نووي صغير يعتمد على المصادر والقدرات الذاتية . لقد قرع هذان الحدثان جرس الإنذار في أوساط السياسة والمخابرات الغربية ، فالتخصيب وإنتاج الماء الثقيل ، واستخراج الوقود النووي من مصادر محلية يعني بمفهومهم إن ذلك سيساهم بشكل فاعل في تطوير دورة وقود محلية ومن ثم سلاح نووي في وقت لاحق.

وبعد توقيع البروتوكول الذي أعطى للوكالة حق التفتيش الاستثنائي اعتبرت إيران متعاونة بحسب الوكالة ولكن ليس بالمطلق.

وفي 18 يونيو 2004 صوت أعضاء مجلس أمناء الوكالة الدولية، بوجوب إشعار إيران بأنها لا تقدم دعماً كاملاً للبروتوكول لاسيما بعد تأجيلها لزيارة وفد من الوكالة لعدد من مواقع أجهزة الطرد المركزي p2 وعدم تسليمها مخططات وتصاميم هذه الأجهزة وكذلك نتائج أبحاث أجرتها حول تحويل واختبار مواد نووية .

نتيجة لذلك ، طلبت الوكالة من إيران أن تكون 'متعاونة' في تنفيذ بنود البروتوكول وحل المشاكل القائمة بينهما ومن ضمنها قضية تلوث أجهزة الطرد المركزي بيورانيوم عالي التخصيب (الذي بررته إيران بأن سبب التلوث أجزاء من الأجهزة المستوردة) ، وتحديد إنتاج البلوتونيوم 210 .

وفي ديسمبر 2004 تمكن مفتشو الوكالة الدولية من الوصول إلى موقعين عسكريين إيرانيين هما بارجين ولافيزان . وقد تبين أن الموقعين معدان لاختبار المتفجرات التقليدية وخزن عدد ومواد نقلت إليهما من مواقع أخرى كانت قد صنفت بأنها ذات طبيعة نووية .

وفي مارس 2005 رفضت إيران الزيارة الثانية لموقع بارجين من قبل مفتشي الوكالة على أساس أنها غير مسوغة .

وهذا ما دعا الوكالة إلى القول بأن هذا الرفض عطل جهد المنظمة الدولية في التحري عن أجهزة الطرد ومصدر التلوث باليورانيوم عالي التخصيب الذي كشفته في أحد المواقع فيما لم تظهر تحاليلهم في مواقع خمسة أخرى أي شيء يدعو للشك .

في أغسطس 2005 قامت السلطات الإيرانية بفك أختام الوكالة ووسائل مراقبتها على منشآت نووية يعتقد بأنها تعمل بأجهزة التخصيب بالطرد المركزي في محاولة سياسية لقطع دابر أي تدخل أجنبي متواصل لا حدود له في مشروع لا يخلو من طموح ولكنه لا يزال وليداً ، وفي مراحل نشأته الأولى .

تحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.
في أوائل العام 2006 رفضت إيران المقترح الروسي بنقل عمليات التخصيب إلى الأراضي الروسية ضماناً لعدم لجوء الإيرانيين لاستخدامه في أغراض تصنيع سلاح نووي وقوبل الرفض الإيراني باتفاق في وجهات النظر الأوروبية والأمريكية ودعم روسيا والصين على ضرورة أن توقف إيران برنامجها النووي بشكل كامل ، ومن ثم توحدت المواقف الدولية وصدر قرار مجلس محافظي الوكالة ليقضي بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن من دون اتخاذ إجراءات عقابية في هذه المرحلة ، حيث لا يزال الأمر متعلقاً بالشك في طبيعة هذا البرنامج ، وبذلك أصبحت إيران في مرمى فرض عقوبات عليها ما لم تمتثل لقائمة الطلبات التي احتواها قرار مجلس محافظي الوكالة .

خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من 2006 ظلت إيران تلعب على عنصر كسب الوقت مع الترديد الرسمي المستمر من قبل قادة إيران على أن البرنامج النووي الإيراني لن يتوقف تحت أي ظرف ومهما كانت العقوبات وأنه موجه لخدمة الأغراض السلمية للطاقة.

الخطر النووي الإيراني والخطر النووي الصهيوني.
شكل إعلان إيران عن دخولها مرحلة متقدمة في سعيها للحصول على الطاقة النووية للاستخدامات السلمية، والتي يتشكك الغرب أنها خطوة لامتلاك السلاح النووي، شكل إرباكاً لرد الفعل العربي، سواءً على المستوى الشعبي أو على المستوى الرسمي.

فهناك قطاع شعبي كبير في العالم العربي، ومعه كتاب ومثقفون، يرى أن من حق إيران أن تمتلك السلاح النووي، لأن في هذا إضافة لقوة المسلمين، التي عن طريقها يمكن تحييد إمكانات وقدرات الأعداء، وعلى رأسهم إمكانات العدو الصهيوني.

ويساند هؤلاء الموقف الإيراني على اعتبار أن إيران دولة إسلامية، فلماذا لا يسمح لها بامتلاك السلاح النووي، في الوقت الذي يتم السماح لدولة الكيان الصهيوني بامتلاك ترسانة نووية تهدد العرب والمسلمين.

ويعتقد هؤلاء أن القنبلة النووية الإيرانية سترعب الصهاينة، وستعيد توازن القوى في المنطقة العربية، وستجعل الصهاينة يفكرون جيداً قبل استهداف الداخل الفلسطيني واللبناني أو أية دولة عربية.

ويقول هؤلاء إن إيران لها مواقف مسبقة في دعم الجهاد الفلسطيني بالمال والسلاح، وكذلك دعم حزب الله في صراعه مع الصهاينة، فلماذا نستكثر عليها أن تكون قنبلتها النووية في صالح القضايا العربية والإسلامية.

وقد بنى هؤلاء موقفهم على أساس أن كل ما هو ضد الكيان الصهيوني فإنهم يؤيدونه ويدعمونه ويقفون بجانبه، لأن أي نجاح لإيران سيعتبر خصماً من إمكانات بني صهيون ومن يواليهم ويدعمهم بكل أشكال الدعم.

ولهؤلاء نقول إنه ليس بمجرد صخب الشعارات وجزالة الجمل الإنشائية، لا نلتفت إلى من يهدد أمننا ومن يدخل مع الأميركيين في صفقة تاريخية على حسابنا وعلى حساب قضايانا الأمنية. ونهدي لهؤلاء الموقف الإيراني مما يحدث في العراق، حيث لم يعد خافياً الدعم اللا محدود الذي يقدمه الإيرانيون لشيعة العراق في مواجهة السنة.

فغالبية، إن لم يكن كل، المليشيات العراقية الشيعية التي ذبحت من أهل السنة حتى الآن أكثر من مائة ألف كلها تأسست في إيران، ودربها إيرانيون، وتسلحت بأسلحة إيرانية، وتمول بتمويل إيراني.

كما نهدي لهؤلاء التحليلات الموثقة المنشورة في كبريات الصحف العالمية والتي تؤكد أن الجنوب العراقي، الذي يسكنه الشيعة، قد بات مرتعاً خصباً ومأوي لعشرات الآلاف من عناصر المخابرات الإيرانية.

ونهدي هؤلاء أيضاً التحليلات الرصينة التي فضحت أهداف إيران وشيعة العراق في إقامة الهلال الشيعي، الذي يبدأ من إيران، ويمر بالعراق، ولبنان، ويتصل بشكل أو آخر بالشيعة في دول الخليج.

ونقول لهؤلاء أيضاً إن الدور الخطير الذي تلعبه إيران في العراق الآن بات نموذجاً لما يمكن أن يكون بالنسبة للعديد من الدول العربية المجاورة والبعيدة.

ونقول لهم كذلك إن إيران- لو نجحت نووياً- فلن تقبل بأقل من أن تكون رقماً رئيسياً في القضية الفلسطينية وفي العراق ولبنان ولاعباً أساسياً في معادلات المنطقة كلها من تطوان في الغرب وحتى البصرة في الشرق.

إن هدف الإيرانيين النووي ليس إسرائيل، وإنما فرض أنفسهم على هذه المنطقة بالقوة، وهو أيضاً تحويل الدول العربية إلى مجرد أجرام صغيرة تدور بحركة منضبطة حول الفلك الإيراني الذي مـن المستبعد أن يتخذ مساراً تصادمياً مع الفلك الإسرائيلي.

وفي هذا الاتجاه فإن هناك من الكتاب والمحللين من يعتقد أن الخطر النووي الإيراني ربما أصبح أكبر من الخطر النووي الصهيوني على الأمن القومي العربي، لأسباب قد يكون من بينها الاعتقاد السائد بأن الصراع مع إسرائيل قد رسم إطاره وإن لم يحسم في الواقع، كما أن المعادلة السياسية مستقرة في تل أبيب، في حين لم تجد الملفات الإيرانية ـ العربية المعقدة طريقها للحل، أي مشكلة الجزر الإماراتية الثلاث والمشاكل المتولدة عن الوضع العراقي الجديد.

 

 


 

المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 31-10-09, 01:37 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

تغير الموقف العربي من السلاح النووي.
ويرى الغالبية العظمى في الشارع العربي أن العرب يجب أن يمتلكوا مشروعاً نووياً يردع المشروع النووي الصهيوني، ويغل يده في استباحة الأرض العربية والدم العربي الذي سال أنهاراً على يد هؤلاء الصهاينة.

إلا أن هناك قطاعاً آخر لا يستهان به يرى أن المشروع النووي العربي المنتظر يجب أن يكون في الأساس لردع التحدي النووي الإيراني الجديد، بعد أن أكدت إيران بسلوكها في العراق أن لها أطماعاً كبيرة في البلاد العربية، لا تقل عن الأطماع الصهيونية، إن لم تتفوق عليها.

ومسألة امتلاك العرب للسلاح المتقدم، ومنه طبعاً السلاح النووي، مسألة بشر بها كثير من المثقفين العرب بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية، ومع الانفتاح على الغرب، والاحتكاك بالثقافة الغربية. وقد قرر هؤلاء أن المسافة الفاصلة بين المسلمين والغرب تفسر بالتفاوت في حجم ونوعية القدرات التقنية الحربية وليس بالتفاوت الثقافي أو العقدي، ومن ثم فإن الإصلاح المطلوب يتمثل في السعي لامتلاك هذه الصناعات المتطورة.

وبعد احتلال فلسطين واندلاع الصراع العربي الإسرائيلي، ظهرت نظرية الأمن القومي التي بلورتها الأنظمة القومية الثورية على هذا المفهوم ذاته.

لكن مع تغير إستراتيجية إدارة الصراع مع إسرائيل التي أصبحت تراهن على مسار التسوية السلمية مع الدولة العبرية لانتزاع جزء من الحقوق المسلوبة في إطار صفقة "الأرض مقابل السلام" التي تحولت إلى صفقة "التطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل"، فإن هذه النظرية التقليدية المطالبة بامتلاك التقنيات العسكرية المتطورة بدأت تضعف في مواجهة نظريات لا تحبذ ذلك. كما بدأ الحديث عن أن الخوف من البرنامج النووي الإيراني أكبر من الخوف من البرنامج النووي الإسرائيلي.

البعض لا يحبذ النووي.
لكن بعض المثقفين والمحللين لا يحبذ التكالب على السلاح المتقدم، ومنه السلاح النووي، لاعتبارات عديدة منها أن الصناعة العسكرية تظل هشة ومحدودة الأثر إذا لم تستند لبنية صناعية تقنية كاملة قائمة على منظومة إنتاج علمي وتقني صلب. فبدون هذه البنية، تتحول الصناعة الحربية إلى مجرد أدوات منتزعة من سياقها الموضوعي، فهي في الغالب مجرد تطوير هش لأسلحة مستوردة، بتكاليف باهظة ترهق الاقتصاديات الوطنية الضعيفة، وتعزز موقع المؤسسة العسكرية في الحقل السياسي، مما يؤدي إلى غلق منافذ الانفتاح السياسي بذريعة الدفاع عن الأمن القومي.

ومن هذه الاعتبارات أيضاً أنه لا يمكن اختزال مقتضيات الأمن القومي في التقنيات العسكرية، بل إن هذه الأدوات لا تشكل سوى جانب محدود من متطلبات هذا الأمن التي تشمل مرتكزات محورية من قبيل فاعلية النظام السياسي وصلابة شرعيته، ومستوى النمو الاجتماعي والاقتصادي، ومنظومة الإنتاج العلمي والتقني.

إيران كدولة إقليمية.

وقد أدى امتلاك طهران التقنية اللازمة لإنتاج طاقة نووية إلي انتقال إيران من شريحة الدول الإقليمية المتوسطة القوة إلي ما يمكن تسميته الدول الإقليمية فائقة القوة، الأمر الذي يستلزم البحث في وجهة النظر العربية تجاه هذا الوضع الجديد في المنطقة، وكيفية التعامل مع هذه الدولة الإقليمية الكبرى في المنطقة.

ويجب الإقرار بأن الرؤية العربية للجار الإيراني يشوبها غموض وضبابية إلي حد بعيد، نتيجة لاعتبارات متعددة، أبرزها التباين الواضح بين الحسابات القطرية والقومية، ليس في التعامل العربي مع إيران وحسب، لكن في التعامل العربي مع قضايا وموضوعات وأطراف ذات أهمية قصوى للدول العربية، فرادي وجماعة.

إن الإدارة العربية للعلاقة مع إيران تنطلق بالأساس من رؤية وحسابات كل دولة لمصالحها وأهدافها وتوازناتها مع إيران بشكل منفرد، وليس من منطلق جماعي قومي يعتمد الإطار العربي مرجعية وخطا حاكما لتلك العلاقة.

دعوة عمرو موسى.
إن الدعوة التي وجهها عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية أثناء القمة الثامنة عشرة بالخرطوم إلى العرب لدخول النادي النووي لأغراض سلمية جاءت في وقتها وتعبر عن ضرورة ملحة ومطلب جوهري, لكن لابد أيضا على العرب العمل على امتلاك السلاح النووي مثل كوريا الشمالية و"إسرائيل" وغيرهما من الدول حيث أنه لا قيمة ولا وزن للعرب بدون السلاح النووي.

العرب الآن ليس لهم كلمة و لا أحد يسمع كلمتهم أو يضع في الحسبان مواقفهم ولا أحد يهتم إن رضوا أو سخطوا فالأمر سيان ولا فرق بين هذا وذاك لأنهم لابد في النهاية أن يرضخوا وينفذوا ما يملى عليهم وأن يخضعوا في كل الأحوال ليطبقوا وبصورة مطلقة كل ما يتم تقريره بدلا من أن يكونوا طرفا في صناعة القرار في المنظمات والمحافل الدولية.

ورغم كون العرب يشكلون قوة عددية بالنظر إلى كونهم يتوزعون على 22 دولة ويشكلون 280 مليون نسمة، إلا أن كل هذا العدد الكبير لم يشفع لهم ولم يضعهم في مكانة معتبرة تسمح لهم بالتحدي والمواجهة والرفض واتخاذ مواقف ساخنة وقرارات عملية جريئة والخروج من دائرة الشجب والتنديد والاستنكار وما شابه ذلك.

ولننظر إلى كوريا الشمالية التي تملك السلاح النووي لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها أو استفزازها وحتى إن تجرأ أحدهم وفتح باب الحوار معها فإنه يكون باحترام وتكون فيه كوريا الشمالية في مركز قوة تتحدث بلغة الند للند وتفرض شروطها وترفض كل ما تراه غير ملائم لها. وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية مرارا أن تجبر كوريا على التخلي عن برنامجها النووي لكن ذلك لم يجد نفعا ولم تستطع أمريكا أن تفعل شيئا لتظل كوريا الشمالية تطبق سياساتها الداخلية بكل حرية وتواصل برنامجها النووي دون اكتراث أو خوف.

ولننظر أيضاً إلى إسرائيل وكيف تتعامل مع العالم كله والعرب خصوصا بكل عنجهية وتكبر واستعلاء وهي تدوس على كل القرارات الأممية وتضرب بالقوانين عرض الحائط، مطبقة ما تراه مناسبا لها، ولا أحد يجرؤ على جرح مشاعرها أو تأنيبها ولو كانت على خطأ, لماذا كل هذا؟ لأنها وبكل بساطة تملك السلاح النووي الذي منحها القوة خاصة أنه لا أحد من جيرانها في الشرق الأوسط عموما يملك مثل هذا السلاح .

إذن من هنا ندرك أن امتلاك السلاح النووي أصبح ضرورة ملحة بالنسبة للعرب وأمرا لابد منه اليوم قبل الغد حتى يواكبوا المتغيرات الدولية الخطيرة خاصة أن العرب يملكون كل الإمكانيات التي تسمح لهم بذلك أهمها المال والعقل ولاشيء يقف في وجه العرب لدخول النادي النووي إلا اتخاذ خطوات عملية والتخلي عن الخوف والتردد لكي يرفع المواطن العربي رأسه ويشعر بالثقة في النفس والاعتزاز بالانتماء إلى الصف العربي.


أثر البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج العربي.
تختلف المواقف العربية حول أفضل السبل في التعامل مع الملف النووي الإيراني بين من يؤيد التوجه الأمريكي أكان ظاهرًا أم باطنًا، وبين من يميل إلى الاكتفاء بالسكوت والمراقبة، وبين من يرى حق الإيرانيين في تطوير برنامجهم، وفي العموم فقد وقف الوضع العربي الرسمي عند حدود موقف لا يتعداه يقول بضرورة جعل (منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل)؟

وربما بدا الوضع في نظر البعض مطمئنًا إلى أن نتائج المطاردة الأمريكية ستفضي إلى شطب البرنامج النووي الإيراني ولو بالقوة العسكرية، ما يعني أن الموقف العربي لن يكون مؤثرا في النزاع والنتيجة هي انتفاء الحاجة إلى تبني موقف عدائي منه مادام الموقف الأمريكي والدولي على هذه الحال.

ويرجع اختلاف المواقف العربية إلى التباين في تصور مدى الأخطار التي من الممكن أن يحققها البرنامج النووي الإيراني وتأثيره على المحيط العربي ككل والخليج بالأخص، حيث ستمتد الآثار التي يمكن أن يحدثها البرنامج النووي الإيراني على منطقة الخليج بشكل أكبر من باقي الدول العربية من تلك الأخطار:

أ- تهديد الاستقرار الإقليمي في منطقة الخليج:

مما لاشك فيه أن امتلاك إيران لأسلحة نووية من شأنه التأثير على استقرار منطقة الخليج من زاويتين:

الأولى: تكريس الخلل القائم في موازين القوى، حيث أن حقائق الجغرافيا السياسية تشير إلى أن القوة الإيرانية الحالية إذا ما أرادت أن تتجه فإن مسارها لن يكون الشمال أو الشرق، ففي الشرق هناك القوى النووية الآسيوية الكبرى "الهند وباكستان والصين"، وفي الشمال هناك روسيا، وبالتالي فإن إمكانية التمدد المتاحة لإيران هي في الغرب، ويوضح الجدول التالي مدى الخلل في القدرات التسليحية للدول الخليجية الست مقارنة بالتسلح الإيراني.

جدول يوضح الخلل في ميزان القوى العسكري بين إيران والدول الخليجية الست:

الدولة عدد القوات الدبابات صواريخ أرض جو طائرات مقاتلة وحدات بحرية باتريوت ميزانية الدفاع بالمليار وحدات سطحية غواصات

السعودية
201 آلاف منهم 75 ألفا حرس وطني
900 من بينها 315 أم – إيه 2 ابرامز
33 بطارية نحو نصفها 1 – هوك
294 منها 174 أف – 15
34
--
20
27.2

الإمارات
50500
516 من بينها 360 من طراز ليكيوك
8 منها 3 بطاريات هوك
106
18
--
--


عمان
41700
153
50
40
13
--
--
2.4

الكويت
15500
290 منها 218 م -1 إيه 2 ابرامز
10 بطاريات منها 4 هوك
81 منها 40 أف إيه 18
10
--
5
3.3

قطر
12.300
30
75 سام أرض جو منها 12 ستنجر
18
7
--
--
1.5

البحرين
11.000
140
بطاريتان
34 منها 22 أف – 16
11 بينها قرقاطة
--
--
0.315

العراق
تعاني القوات العراقية التقليدية والتسليح بعد صدام من الإهمال، وهناك خطط لإقامة جيش من 30 ألف جندي، القوات الحالية هي نحو 10 آلاف جندي تركز على الأمن الداخلي

إيران
540.600
1565
76 بطارية منها واحد هوك وبعضها ستنجر
306
59 منها 10 هودونج و 40 بوجامر
3 من طراز كليو
--
9.1



ويضاف إلى هذا التباين معاناة الجيوش الخليجية من نقص الأفراد المستعدين للخدمة في القوات المسلحة أو الالتزام بالحياة العسكرية، كما أنهم يفتقرون بصفة عامة للخبرة القتالية، في الوقت الذي أعلنت فيه إيران عن إجرائها لتجربة صاروخية متطورة (شهاب 3) في يوليو 2005، فضلا عن إعلان وزارة الدفاع الإيرانية عن اعتزامها تطوير نوعين آخرين من الصواريخ ذات التقنية العالية وهما شهاب 4 (3000 كم) وشهاب 5 (5000كم)، بالإضافة إلى ما تشير إليه الدراسات العسكرية الحديثة من أن إيران تقوم حاليا بإنتاج أكثر من 80 بالمائة من أسلحتها الثقيلة.

أما الثانية فهي: إمكانية نشوب صراع عسكري بين إيران والأطراف المعنية بالقضية النووية تنعكس آثاره على المنطقة، خاصة أن هذا البديل ليس مستبعدا من استراتيجيات الولايات المتحدة تجاه الملف النووي الإيراني، حيث أكد على ذلك الرئيس بوش بالقول "لا نستبعد الخيار العسكري لتسوية الملف النووي الإيراني"، ومن ثم فإن الرد الإيراني قد يأخذ أشكالا عديدة منها أن تقوم إيران عن طريق حزب الله بقصف عشوائي لإسرائيل مما قد يؤدي إلى تصاعد العنف من إسرائيل والدول المجاورة (سوريا ولبنان). ومن ناحية أخرى، قد تقوم إيران بضرب القواعد الجوية والقطع البحرية الأمريكية في دول الخليج العربية من خلال استخدام صواريخ أرض- أرض، وهو الأمر الذي ينذر باحتمال أن تتحول المواجهة المباشرة المتوقعة بين إيران والولايات المتحدة إلى حرب إقليمية عواقبها عديدة منها إمكانية قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز مما يعوق تدفق النفط الخليجي إلى الدول الغربية والولايات المتحدة، وهو ما أكده شكر الله عطا زاده نائب رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني أنه "إذا فرضت عقوبات على إيران بطريقة تهدد مصالحها الوطنية فإنها لن تسمح بتصدير نفط من المنطقة، فضلا عن أنها قد تستهدف السفن الأجنبية الأمر الذي من شأنه التأثير على حركة الملاحة في الخليج، ومن ثم على استقرار الأسواق النفطية وهو ما سوف يؤثر سلبا على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر مهم للدخل القومي. ومن ناحية ثالثة، قد تستهدف إيران المصالح الأمريكية في المنطقة سواء كانت شركات أو مصانع أو حتى أفراد.

ب- صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج:

مز الآثار المهمة بالنسبة لامتلاك إيران سلاحا نوويا صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لأمن الخليج، حيث تعد تلك القضية من القضايا الخلافية في العلاقات الإيرانية- الخليجية، فإيران تطالب دوما بأن يكون لها دور في الترتيبات الأمنية الخاصة بالمنطقة انطلاقا من أن أمن الخليج هو مسئولية دوله، الأمر الذي يتعارض مع رؤية دول المجلس الست لتلك القضية التي ترى في الوجود الأجنبي عاملا مهما لضمان أمنها، وفي ظل هذا الاختلاف طرحت عدة صيغ لأمن الخليج من جانب إيران، فضلا عما أوردته مراكز الدراسات المتخصصة في هذا الشأن، ألا أن إصرار إيران على امتلاك السلاح النووي من شأنه أن يعوق إمكانية التوصل إلى صيغة أمنية مستقبلية لأمن الخليج وذلك لعدة اعتبارات:

أولها: إمكانية قيام سباق نووي ليس في منطقة الخليج فحسب وإنما في المنطقة العربية كلها، حيث ستعمل الدول العربية جاهدة من أجل دخول النادي النووي وهو الأمر الذي أكد عليه يوشكافيشر وزير الخارجية الألماني بالقول "من أن تسلح إيران بأسلحة نووية سيكون بمنزلة (كابوس) لدول الشرق الأوسط التي تعاني بالفعل من انعدام الأمن والاستقرار"، وهو المعنى نفسه الذي أكد عليه أمير دولة قطر بالقول "إن منطقتنا مشمولة بالخطر إذا أخذنا بالاعتبار وجود دولتين نوويتين على أطراف المنطقة هما الهند وباكستان اللتان أصبحتا متساويتين في القوة النووية، بالإضافة إلى وجود البرنامج النووي الإيراني، ومن ثم لن تقف الأطراف الأخرى موقف المتفرج مما يحدث".

وثانيها: أن دول مجلس التعاون الخليجي في سعيها لإقامة صيغة أمنية مشتركة في الخليج لا بد وأن تحصل على ضمانات دولية ملزمة من المجتمع الدولي بشأن إجراءات بناء الثقة مع الأطراف الإقليمية ومنها إيران، وأول هذه المتطلبات عدم تهديد أمن تلك الدول سواء بامتلاك الأسلحة النووية أو غيرها.

وثالثها: امتلاك إيران للسلاح النووي من شأنه أن يقوض كافة الخطوات التي بذلها الجانبان الخليجي والإيراني واستهدفت حسن الجوار وتعزيز الثقة والمنافع المتبادلة، وصولا إلى إيجاد منظومة أمنية وإقليمية تقوم على أسس عدة يأتي في مقدمتها نبذ اللجوء إلى القوة وحل كافة القضايا العالقة بالحوار والتفاوض، وبالتالي فإن امتلاك إيران للسلاح النووي يمثل "ردة" في العلاقات التي يشوبها توتر بالفعل نتيجة الإصرار الإيراني على احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، واعتبار القضية شأنا إيرانيا داخليا بالرغم من كونها إحدى أهم القضايا الثابتة على جدول أعمال القمم الخليجية السنوية.

ج- الآثار البيئية المباشرة:

تعد دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة التي سوف تصاب بالضرر المباشر ن جراء الأسلحة النووية الإيرانية، حيث يقع مفاعل بوشهر الذي يمد أحد أهم مرافق المشروع النووي الإيراني على بعد 280 كم من مدينة الكويت ويعتمد هذا المفاعل بصفة أساسية على تقنيات مستوردة من روسيا التي لا تملك عناصر الأمان النووي المضمونة. وبالتالي فإنه في ظل الحظر الغربي على الآلات والمعدات التي تستخدم في الصناعة النووية فإن إيران قد تسعى لإنجاز وإتمام تسلحها النووي اعتمادا على آلات نووية أقل ضمانا، ومن ثم تصبح دول الخليج في مرمى الخطر إذا ما حدث تسرب. وثمة شواهد تاريخية على مثل هذه الأخطار ومنها حادث تشرنوبل عام 1986. ومن ناحية أخرى، فإن إيران في محاولتها التخلص من النفايات النووية قد تتجه إلى التخلص من الماء الثقيل في الخليج الأمر الذي من شأنه أن يخلق أزمة تلوث لكل دول المنطقة تنتج عن تسرب المواد النووية المشعة في مياه الخليج وتستمر آثارها عشرات السنين.

د- مأزق الدول الخليجية في حالة نشوب حرب:

ويعد هذا الأثر أحد أهم تداعيات امتلاك إيران للسلاح النووي، حيث تؤكد كافة المؤشرات أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن استخدام القوة ضد أي قوة نووية محتملة، وفي هذا الصدد أشار تقرير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الصادر مع تولي الرئيس بوش فترة رئاسته الثانية "أنه إذا استطاعت دولة معادية للولايات المتحدة أن تحصل على أسلحة دمار شامل، خاصة الأسلحة النووية فإن الخطر سيكون كبيرا ومحوريا، وشدد التقرير على أن الولايات المتحدة لا بد أن تكون أشد قلقا فيما يتعلق بإيران وامتلاكها أسلحة نووية، ولعل هذا ما يفسر التحول في خطاب الإدارة الأمريكية خلال شهر أغسطس عام 2004 الذي أكد فيه بوش أنه لا يستبعد الخيار العسكري ضد إيران في حال عدم توقفها عن تخصيب، اليورانيوم، وفي ظل إمكانية نشوب حرب ضد إيران فإن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تواجه مأزقا حقيقيا. حيث إنه إذا كان للدول الخليجية مصلحة أكيدة في التخلص من النظام العراقي السابق سواء أعلنت بعضها ذلك أو لم يعلن البعض الآخر، إلا أن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة للحالة الإيرانية التي يصعب معها التكهن بنتائج هذا العمل سواء كان ضربة استباقية أو عمليات عسكرية متصلة، حيث لن تكون الدول الخليجية الست بمنأى عن تداعيات مثل هذه الأعمال، كما أنه على الرغم من أن تلك الدول تعد حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة بموجب اتفاقيات أمنيه ثنائية (باستثناء المملكة العربية السعودية)، فإنه من المستبعد أن تقدم هذه الدول تسهيلات لوجيستية للعمليات العسكرية ضد إيران، بل إنها قد تدفع في سبيل الحل الدبلوماسي السلمي، حيث أن الدول الخليجية بها نسبة كبيرة من الشيعة، ومن ثم فإن الدول التي تسمح باستخدام أراضيها لضرب إيران قد تتعرض لعمليات إرهابية كما حدث خلال الحرب العراقية - الإيرانية.

وينبغي التأكيد على أن المواقف الخليجية تجاه إيران تنطلق من اعتبارات عدة ليس أقلها المصالح المتبادلة مع إيران على الصعد الاقتصادية والسياسية والثقافية.

فعلى الصعيد الاقتصادي: على الرغم من التباينات السياسية بين إيران والدول الخليجية إلا أن التعاون الاقتصادي كان أحد أهم عوامل التقارب بين الجانبين، حيث تعد تلك الدول أكبر الشركاء التجاريين لإيران. وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين إيران ودولة الكويت قد بلغ 180 مليون دولار في عام 2003، في حين كان لا يتعدى 40 مليون دولار، كما ارتفع حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وإيران من 1218 مليون ريال خلال عام 2003 إلى بليوني ريال خلال عام 2004، أما حجم التبادل التجاري بين مملكة البحرين وإيران فقد بلغ في عام 2003 حوالي 68 مليون و250 ألف دولار، أما بالنسبة لدولة الإمارات فعلى الرغم من وجود النزاع الإماراتي- الإيراني حول قضية الجزر الإماراتية الثلاث، إلا أن الإحصاءات الإيرانية تشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة تعد ثالث أهم الأسواق بالنسبة لإيران، في الوقت الراهن، كما أنها خامس أهم دولة في تزويد إيران بالبضائع، ففي عام 2003 سجل التبادل التجاري بين البلدين أعلى المعدلات، إذ بلغ 16.10 مليار درهم (4.4 مليار دولار) بما يعادل 13.5% من مجموع التبادل بين إيران ودول العالم والبالغ 118.95 درهم (32.5 مليار دولار)، كما تعد إيران أهم الأسواق على الإطلاق بالنسبة للإمارات في مجالي الاستيراد وإعادة التصدير.

ولم تقتصر العلاقات الاقتصادية بين الجانبين على التبادل التجاري، حيث بدأت كل من الكويت وإيران بحث مشروع نقل المياه الإيرانية إلى دولة الكويت وذلك من خلال ضخ 210 بليون- جالون من المياه العذبة الصالحة للشرب يوميا عن طريق مد أنبوب يمتد من سد كرنة الإيراني إلى منطقة الفور في الكويت عبر مياه الخليج، ومن شأن هذا المشروع أن يحقق العديد من المزايا الاقتصادية للبلدين حيث يوفر للكويت مصادر جديدة من مياه الشرب لتلبية الطلب المتزايد عليها، كما أن المشروع يتيح لإيران استثمار مصادر المياه بشكل أمثل كما يتيح جذب الاستثمارات لإيران، فضلا عن تخفيف الاعتماد على النفط والغاز لزيادة العائدات.

وعلى الصعيد السياسي: على الرغم من أن العلاقات الإيرانية- الخليجية قد شابها بعض التوتر منذ قيام الثورة الإيرانية وما تبعها من تداعيات، حيث كان التوتر هو السمة السائدة في العلاقات بين الجانبين، إلا أن بعض الدول الخليجية (قطر وعمان) قد حافظت على علاقة قوية مع إيران، خاصة وأن مضيق هرمز فرض بعضا من خصوصية التعاون العسكري والأمني بين إيران وعمان تحديدا ثم انضمت إليها لاحقا دولة الكويت وإن كان بدرجة أقل، مع استمرار العلاقات متوترة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وبدرجة أقل مع البحرين.

ثم شهدت العلاقات الإيرانية- الخليجية تحسنا ملحوظا خلال العامين الأخيرين لحكم هاشمي رفسنجاني الذي انتهج سياسة براجماتية قائمة على أساس تحقيق مصالح إيران القومية، وصولا إلى فترتي حكم الرئيس خاتمي التي شهدت تحولا حقيقيا في علاقات إيران بالدول الخليجية وشهدت كثافة للتفاعلات السياسية والاقتصادية، ومع تولي الرئيس الإيراني المنتخب أحمدي نجاد فقد أكد على ضرورة "تحسين العلاقات مع دول الجوار وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي".

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 31-10-09, 01:40 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

العلاقات الأمريكية الإيرانية.. محاولة للفهم.
تملأ أمريكا الدنيا ضجيجًا حول خطر المشروع النووي الإيراني، وضرورة إيقاف ذلك البرنامج قبل تمكن طهران من صنع القنبلة النووية، ومن قريب كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق (بوش) قد وضعت إيران ضمن محور الشر. في الوقت نفسه نلحظ تعاونًا كبيرًا بين الإدارة الإيرانية والإدارة الأمريكية في كثير من الملفات، فكان التعاون بينهما في الحرب على العراق وأفغانستان باعتراف الجانبين.

ولا شك أن إحدى أهم معضلات في المنطقة هي سبر أغوار العلاقة الإيرانية الأمريكية ومنشأ الغموض في هذه العلاقة هو المقاربات التي تحاول الغوص في أعماق تلك العلاقة لتفسرها و تستنبط القوانين و السنن التي تتحكم في هذه العلاقة هناك مؤشرات عديدة على أن ثمة هناك توافقًا بين إيران وأمريكا.

ـ ومن ناحية الخلفية الفكرية التي تحرك كلاً الطرفين الإيراني والأمريكي في كلّ ما يتعلّق بالمنطقة العربيّة، لا نجد تضاداً أو تبايناً في وجهتي النظر، فكلتيهما تكنّان حقداً على الأمة العربية بشكل أو بآخر، وكلتيهما لهما أطماع في العراق والأقطار العربيّة الأخرى، حتى وإن اختلفت مشاربهما، فالصفة الغالبة على الأطماع الإيرانية هي الصفة الفكرية ورغبتها في فرض التشيع الصفوي، الذي هو مزيج من القومي الفارسي والديني المجوسي.

أما الولايات المتّحدة فهي الأخرى تمتلك مشروعاً فكرياً جاءت بـه إلى المنطقة يتمثل في فرض هيمنتها الثقافية والاقتصاديّة والعسكرية على ما اصطلح تسميته بالشرق الأوسط الكبير.

إذن هناك نقاط التقاء بين إيران والولايات المتّحدة في كلّ ما يتعلّق بالمنطقة، وهذا الالتقاء ليس هدفاً مرحلياً، بل لأهداف حيوية بعيدة المدى لكليهما مبنية على أسس وتفاهمات واضحة.

ولكن إذا كان هناك توافق إيراني كما تقول في هذه الفرضية فبماذا نفسر التحركات الأمريكية ضد النووي الإيراني؟

نجيب بأن هذه التحركات الأمريكية تفيد في خداع أطراف إقليمية ودولية للحصول على مكاسب للطرفين.

1ـ فإظهار حالة من العداء بين إيران وأمريكا يخدع بعض الدول العربية خاصة دول الخليج ومصر ويجعلها أكثر حرصًا على استمرار التحالف مع الولايات المتحدة وبقاء القواعد العسكرية في منطقة الشرق الأوسط.

2ـ كما أن استمرار العداء المعلن بين إيران وأمريكا يجعل المنطقة ملتهبة ويرفع درجة التوتر ويجعل الدول الصناعية الكبرى كألمانيا و فرنسا و اليابان والصين أكثر التصاقا بأمريكا لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة و ضمان تدفق النفط إلى مصانعهم و اقتصادهم .

3ـ ولا نحتاج إلى كبير جدل لنتوصل إلى أن إيران دولة ذات طموح إقليمي تحاول في سبيله بذل ما تستطيع, فهي تعاونت، وتجدد استعدادها لمزيد منه، مع الدول الفاعلة, ولاسيما أمريكا، حتى تحرز الاعتراف الدولي بدورها الإقليمي الذي تريد.

4ـ كما تسعى إيران من إظهار عدواتها لأمريكا وتلويحها بنصرة قضايا المستضعفين ومنهم بالطبع الفلسطينين إلى إخراج الدول العربية كقوة أقليمية مؤثرة من دائرة القضية الفلسطينية؛ لتوفير مناخ آمن للصهيونية في فلسطين، وهو هدف إستراتيجي أيضًا لكل من الولايات التمحدة الأمريكية وإسرائيل.

5 ـ كما أن الولايات المتّحدة الأمريكيّة ترى في عقدها لتحالف مع إيران ضمانًا لولاء معظم شيعة العالم، وهؤلاء على استعداد تام لخدمة المصالح القومية العليا للولايات المتحدة، مقابل رعاية أمريكية ودور عملي في سيطرة شيعية على المنطقة الحيوية، وترى الولايات المحتحدة أنّ الشيعة ينتشرون في أنحاء العالم، وإنّ التحالف مع هذه الملايين يعني التخفيف من دور الفكر الوهابي السلفي المناهض والمعادي للمصالح الأمريكية، وأن على الإدارة الأمريكية أن تستثمر صبغة العداء التاريخي بين الفكر الوهابي والفكر الشيعي، وإنّ الغالبية الساحقة من هذه الملايين الشيعية يتبعون رجلاً واحداً، وإنّ ضمان موقف هذا الرجل (أي المرجع الأعلى لشيعة العالم) يعني في النهاية ضمان موقف شيعة العالم، وبكلام آخر فإنّ ضمان موقف الحوزة العلمية ومرجعيتها في النجف يعني في النهاية ضمان موقف أغلبية شيعة العالم إلى جانب الموقف الأمريكي.

ورغم حالة التوافق بين الأمريكيين والإيرانيين والتي أوجزناها في النقاط السابقة إلا أنه ومن الطبيعي أن يشتد بعد ذلك الصراع بين الطرفين على اقتسام الهيمنة، والتنافس على حصة أكبر من الغنيمة والعمل على إضعاف نفوذ كل منهما للآخر في مناطق النفوذ.

وخلاصة القول: إن إيران ماضية في تطوير برنامجها النووي من خلال إستراتيجية حياكة السجادة ـ على حد تعبير محمد صادق الحسيني ـ أي إطالة أمد المفاوضات وإبقاء الباب مفتوحا للاستفادة من الوقت عبر تلويحات وهمية من قبل الولايات المتحدة بإعاقة هذا البرنامج.

ويتوقع الكثير من المراقبين أن تستمر هذه القضية فترة ربما تمتد لسنتين أو ثلاثة لحين تمكن طهران من تحقيق مبتغاها.

وبتلك المعادلة يتضح أن على دول المنطقة العربية الاعتماد على قدراتها وتنقية أجواء الخلافات بينها والتصالح مع شعوبها؛ لأن لا الركون على الطرف الأمريكي كحيلف في مواجهة إيران سيجدي نفعًا، ولا الدول التي تدعم إيران أيضًا سيشفع لها ذلك، إذا ما وصل المشروع الايرانى إلى ذروته وتمكنت إيران ذات صباح من إجراء أول تجربة نووية في المنطقة.


أسطورة ضربة إسرائيلية لإيران.
تثير إسرائيل عبر وسائل إعلامها بين الحين والآخر إمكانية توجيه ضربة جوية إلى المفاعلات النووية الإيرانية، وتتناول الصحف تفاصيل خطط وضعها سلاح الجو الإسرائيلي لتمكن من قصف نووي إيران بضربة خاطفة والعودة سريعًا.

وإن فحصا حذرا للوسائل والإمكانات العملية واللوجستيكية المختلفة بالإضافة إلى الأبعاد والنتائج الإقليمية والجغرافية السياسية لهذا السيناريو، يقودنا إلى خاتمة معاكسة، بمعنى الطبيعة الفاشلة وغير العملية لما يسمى بخيار "Osirak”، وقد أُطلق هذا الوصف في أعقاب قصف إسرائيل الناجح الجوي لمفاعل العراق النووي في 1981.

وحتى لا ننسى، فإنه ورغم أن التفاصيل الكاملة لعمليات Osirakلم تكشف لحدّ الآن، فإن المؤكد أن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية عبرت على الأقل مجالا جويا واحدا لدول الجوار للوصول إلى العراق لتنفيذ ضربتهم.

ولمهاجمة مواقع إيران النووية المتعددة، والمبثوثة في كافة أنحاء البلاد، خصوصا في وسط إيران، يتطلب هذا رحلة طويلة عبر الحدود، وخيار إسرائيل الأفضل سيكون ضربة متشعبة آنية تستعمل طرقا مختلفة، فمثلا قد تتخذ مسلكا عبر الأردن والعراق بالإضافة إلى طريق البحر الأبيض المتوسط من خلال تركيا أو آذربيجان، وبدون الحاجة لذكر "الكابوس" اللوجستيكي للمسافة الطويلة، فإن هذا يستلزم إما تزويدا بالوقود الجوي أو إنزالا في المنتصف.

وفي الوقت الحاضر، فإنه لا خيار متوفر لدى إسرائيل، وليس هناك أي فرصة فورية لتوفرها في المستقبل القريب، حيث إن علاقات إيران الودية مع جيرانها ومخاوفهم من رد فعل إيراني حاد في حال سماحهم باستعمال مجالهم الجوي لشن هجوم إسرائيلي على إيران، تمنع من حصول هذا السيناريو.

تركيا، هي "الشريك الإستراتيجي" لإسرائيل في المنطقة، ولديه علاقات اقتصادية ودبلوماسية ممتازة مع إيران، بينما يستفيد الاثنان كثيرا من تجارة الطاقة الضخمة، وكذا تعاون إقليمي من خلال منظمة التعاون الاقتصادية، وسياسة عامة متقاربة نحو العراق و"القضية الكردية". لذلك، وبصرف النظر عن توجهاتهم السياسية المتباعدة، فإن إيران وتركيا "تنعمان" في الوقت الحاضر بعلاقات ودية مستقرة من غير المحتمل أن تُنسف بهجوم إسرائيلي داخل إيران عبر الأرضي التركية.

بالتأكيد، تبقى تركيا قلقة بشأن طبيعة برامج إيران النووية، ورغم ذلك فإن زعماءه لا يشتركون في جرس إنذار إسرائيل المذعور حول "إيران النووية" في غياب أي معلومات استخبارية موثوقة تثبت هذا الخوف، وقد صرح مؤخرا، الجنرال الإسرائيلي أهارون زايفي، أن: "إيران في الحقيقة ليست قادرة على إغناء اليورانيومِ لبناء قنبلة نووية. . .".

ولكن الاحتمال الراجح بعدم حصول ضربة إسرائيلية ضد إيران عبر تركيا "هرب" من انتباه أجهزة الإعلام الغربية وجيش مثقّفي الأمن والشئون العسكرية الذين يكتبون عن خيار"Osirak”. مثال ذلك، في كتابه الأخير، اللغز الفارسي، أحجم كينيث بولوك عن تقدير موقف تركيا في حال طلب إسرائيل عندما ناقش "خيارOsirik "، وبنفس الطريقة، تعامل المحقق الصحفي سيمور هيرش، في مقالته في مجلة "النيويوركر" حول موضوع مماثل، واعتبر أنه من الطبيعي، بسبب صلات تركيا الوثيقة بكل من إسرائيل والولايات المتّحدة، أن تتحول تركيا إلى منصة إطلاق للهجمات العسكرية ضد تجهيزات إيران النووية!.

وما يؤكد ضعف احتمال هذا السيناريو "تواطؤ تركيا في هجوم إسرائيل ضد المواقع النووية الإيرانية"، النكسة الأخيرة في العلاقات التركية الإسرائيلية بسبب التسريبات الإعلامية التي أشارت إلى أن إسرائيل تدرب مجموعات كردية بشكل نشيط في المنطقة، وقد رفضت تل أبيب التهمة بشكل قاطع عندما واجهتها أنقرة بقسوة منذ عهد قريب. ثم إن علاقات تركيا بالإتحاد الأوربي يمكن أن تتضرر أيضاً، وفرصته للإدراج في عضوية الاتحاد الأوروبي قد تتبخر في حال وضعت تركيا نفسها في خدمة الولايات المتّحدة وإسرائيل في أي عمل عسكري غير مدعوم من قبل أوروبا.

وعليه، فإن "سيناريو" الاستعمال الإسرائيلي لمجال تركيا الجوي ضد إيران، من غير المحتمل أن يتحقق في بيئة ما بعد احتلال العراق

نفس الحجة تنطبق، مع بعض الفوارق، على جيران إيران الآخرين، آذربيجان، التي زار زعيمها الجديد إيران مؤخرا وطمأن طهران بأنه مهما كانت الظروف لن يسمح بهجوم أجنبي ضد إيران عبر آذربيجان. في الحقيقة، ومقارنة مع تركيا، فإن لدى آذربيجان مخاوف أكبر من رد فعل إيراني قاسي حالة هجوم إسرائيلي عبر دول بحر قزوين، كما أنها تتطلع إلى دعم إيران في دعواها لاستعادة الأرض التي فقدتها في حربها مع أرمينيا أثناء التسعينيات.

كما هو الحال مع آذربيجان، تبدو حاليا كل الأبواب الآسيوية القوقازية الأخرى موصدة أمام هجوم إسرائيلي على إيران، مدعومة من الجيش الروسي في المنطقة ومعارضة موسكو المتأصلة لأي خطة إسرائيلية أمريكية لإضعاف حليف "موثوق"، إيران. أما بالنسبة إلى باكستان، مثل تركيا وآذربيجان، له مصلحة شخصية أكثر من اللازم مع إيران، حيث تغطي —إيران- أفغانستان وكذا ميزان القوى الهندي الباكستاني، من بين أمور أخرى، تحول دون السماح لنفسها بأداء دور مساند لضربة إسرائيلية موجهة لإيران. وإن تسربت معلومات بسماح باكستان لقوات أمريكية خاصة بالتدرب في بيشاور استعدادا لأي تدخل ضد إيران، إلا أن هذا التدريبات ليست موجهة ضد إيران بالضرورة، فالاعتبارات الإستراتيجية تتغلب على حالة الشك المتبادل بين طهران وإسلام آباد.

يبقى أمام "خيار Osirik" مسارا واحدا، بأن تعبر الضربة الإسرائيلية المجال الجوي الأردني وبعد ذلك العراق قبل وصولها إلى إيران، ولكنه من غير المحتمل حدوثه في ظل حكومة عراقية ذات الغالبية الشيعية المهينة.


موقف الاتحاد الأوروبي من الملف النووي الإيراني.
عملت أوروبا بعد انتهاء الحرب الباردة على استعادة نفوذها السابق في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار طرحت في عام 1994 فكرة إنشاء بنك أوروبي بالشرق الأوسط ليساهم في تنمية العلاقات الاقتصادية الأوروبية مع هذه المنطقة ؛ إلا أن هذه الفكرة لم تنفذ مطلقًا ، كما لم تصل سائر مساعي الاتحاد الأوروبي للحصول على نصيب في إدارة الشرق الأوسط إلى نتيجة.

وكان الطريق الوحيد أمام الدول الأوروبية هو: أن تعمل على تنمية علاقاتها الثنائية مع أية دولة من دول الشرق الأوسط، لكن الولايات المتحدة لما لها من نفوذ على نظم المنطقة تستطيع بسهولة سد هذا الطريق .

ويبدو أن الدولة المستقلة الوحيدة التي يمكن أن يعتمد عليها الأوروبيون هي: إيران، خاصة أن ظهور "محمد خاتمي" على الساحة السياسية في عام 1997، وإجراء إصلاحات عديدة في السياسة الخارجية من بينها مشروع حوار الحضارات قد قوبل بترحاب شديد من جانب الدول الأوروبية، وتحول الحوار النقدي الذي كانت أوروبا قد بدأته مع إيران منذ عام 1992 م إلى حوار بنّاء، وكانت زيارة "خاتمي" لعدد من الدول الأوروبية ، وتوقيع عدد من الاتفاقيات المهمة مع الشركات الفرنسية المخالفة للمقاطعات الأمريكية – دليلاً على حرارة العلاقات الثنائية ، وبالنظر إلى ما قد قيل فإن أوروبا في إطار أن يكون لها مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط والتحول إلى قوة ذات نفوذ دولي قد تبنت أحيانًا سياسات منفصلة عن السياسات الأمريكية في المنطقة وخاصة حيال إيران .

وبالنظر إلى المواقف الأمريكية والإيرانية؛ فإن أوروبا تسعى لاستغلال هذه الفرصة كي يكون لها نفوذ في المنطقة، وما هي هذه الفرصة أكثر من أي شيء آخر سوى الملف النووي الإيراني . فقد عملت أوروبا التي كان طرفًا أساسيًّا مع إيران في الحوارات النووية في ألا يصل هذا الملف إلى نهاية؛ إلا أنها في هذا الصدد وقعت أكثر من ذي قبل تحت الضغوط الأمريكية لاتخاذ قرار بخصوص الملف النووي الإيراني في مجلس الأمن .

كما أن دول الاتحاد الأوروبي لا ترغب في تصعيد الموقف مع طهران للعلاقات الاقتصادية بين أوروبا وطهران، ورغم أنه ليس هناك موقف أوروبي موحد في السياسة الخارجية بين أوروبا القديمة والجديدة، حسب تصنيف "رامسفيلد" وزير الدفاع الأمريكي، فإن الموقف الألماني والفرنسي متميزان بشأن إيران، ولقد أعلنت باريس أنّ توقف التخصيب شرط مسبق للمفاوضات، فإن التجربة الإيرانية مع فرنسا وألمانيا توحي بقرب فتح باب المفاوضات بسبب الدور الإيراني في المنطقة وخاصة في لبنان، وعلاقات فرنسا الاقتصادية مع طهران وابتعاد فرنسا عن الموقف الأمريكي.

و يقول "يحي أبو زكريا" لم تعد العواصم الغربيّة تخفي إمتعاضها الشديد وانزعاجها المتواصل من المشروع النووي الإيراني الذي بات يؤرقها، وخصوصًا مع إصرار العهد الجديد في إيران بالمضيّ قدمًا في تفعيل المشروع النووي الإيراني؛ رغم الاعتراضات الدولية وعلى رأسها الاعتراض الأمريكي ثمّ الأوروبي .

و قد حاولت العواصم الأوروبية في تعاملها مع الملف النووي الإيراني أن تنأى بنفسها عن وجهة النظر الأمريكية في كيفيّة التعاطي مع الملف النووي الإيراني؛ إلاّ أنّه سرعان ما تطابقت وجهة النظر الأمريكية مع وجهة النظر الأوروبية، وتحديدًا مع بداية الرئيس الإيراني الجديد "محمود أحمدي نجاد" الحديث عن إسرائيل، و ضرورة إزالتها من الخارطة, وقد انعكس الإصرار الإيراني على تفعيل المشروع النووي وعدم إقفال مصنع بوشهر النووي على الرسميين الأوروبيين الذين باتت تصريحاتهم نووية أيضًا من قبيل التصريح النووي الذي أطلقه الرئيس الفرنسي "جاك شيراك"، والذي هددّ بقصف أية دولة ينطلق منها عمل إرهابي ضدّ فرنسا بالقنابل النووية .

وكانت العواصم الغربية المكلفة بمتابعة الملف النووي الإيراني (وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا ) تعمل على تطويق هذه المعضلة ذات الأبعاد النووية عن طريق الدبلوماسية في محاولة لتجنب تكرار ما جرى في العراق,

وسعت هذه الدول الثلاث التي كانت مفوّضة من قبل المجموعة الأوروبية لإقناع طهران بالتخلي عن استئناف أبحاثها النووية , وقد حققّت بعض التقدّم في عهد محمد خاتمي الذي كان متجاوبًا مع مطالب المجموعة الأوروبيّة .

ومع وصول "محمود أحمدي نجاد" إلى سدّة الرئاسة في إيران؛ تغيرّت الحسابات الأوروبية إلى أبعد مدى، إلى درجة أنّ المسئولين الأوروبيين يتحدثون باستمرار عن قلقهم الشديد من استئناف إيران لأبحاثها النووية, وقد تزامن هذا الاستئناف مع كمّ هائل من التصريحات التي أطلقها الرئيس الجديد "نجاد" ضدّ إسرائيل التي تحظى بكثير من القدسية لدى العواصم الغربية، والتي تشعر بعقدة الذنب اتجاهها بسبب المحرقة الكبرى أو ما يعرف بالهولوكست..

و بسبب هذه التصريحات؛ فإنّ معظم العواصم الغربية استدعت السفراء الإيرانيين المعتمدين لديها وقد سمع معظم هؤلاء السفراء من وزراء الخارجية الأوروبيين احتجاجات شديدة اللهجة, و حتى الدول الأوروبية المحسوبة على خطّ الحياد كالسويد والنرويج انزعجت من تصريحات "نجّاد"، وأبلغت احتجاجها للدبلوماسيين الإيرانيين المعتمدين لديها ..

وقد نجح الإعلام الغربي ـ والذي يسيطر اليهود على تفاصيله ـ في الربط بين المشروع النووي الإيراني والرغبة في تدمير إسرائيل, كما أنّ هذا الإعلام نجح إلى أبعد مدى في إيجاد كافة المبررات للدولة العبرية فيما لو أقدمت على تدمير المفاعل النووي الإيراني في بوشهر تمامًا كما دمرّت المفاعل النووي العراقي "مفاعل تموز العراقي" .

و إذا كان الأوروبيون مقتنعين بأنّهم يتحركو نفي سياق واحد مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ فإنّهم يعلمون أنّ الإيرانيين يحاولون الاستقواء بالصين وروسيا، ولذلك يجرى التحرك الأوروبي باتجاه المحوريْن الصيني و الروسي لحمل إيران على الانصياع للإرادة الدولية التي تجسّدها أمريكا, وبات الأوروبيون يتخوفون من أن تلجأ إيران إلى الصين ودفعها لاستعمال حق النقض داخل مجلس الأمن فيما لو ناقش هذا المجلس تداعيات الملف النووي الإيراني .

وفي ذات الوقت فإنّ الأوروبيين متخوفون إلى أبعد مدى أن يجرى عسكرة حلّ التعاطي مع ملف إيران النووي لأنها ستكون المتضرر المباشر من هذه العسكرة؛ ولذلك حتى وإن كانت أوروبا متوافقة مع أمريكا؛ إلاّ أنها ما زالت تفضّل الخيار السياسي؛ لأنّها اتعظت كثيرًا من الحدَث العراقي الذي ما زالت فصوله تتوالى.

الموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني.
ليس من شك في أن البرنامج النووي الإيراني المتنامي، لا يزال يثير الكثير من الإشكالات ليس على الصعيد الدولي وحسب وإنما على الصعيد الإقليمي كذلك. وكما هو معروف فإن الاهتمام بهذا البرنامج قد بدأ بعد إعلان الحكومة الإيرانية منذ أوائل أيلول 2000 نجاح كوادرها الفنية في إطلاق نوع جديد من الصواريخ، وهي صواريخ شهاب 3 التي يصل مداها إلى 1500كم. ومع أن وزير الدفاع آنذاك السيد علي شمخاني قال: إن الصاروخ مصمم لإطلاق الأقمار الاصطناعية، لكن خبراء عسكريين معرفين قالوا بأن الصاروخ يمكن استخدامه لأغراض عسكرية وأن بمقدوره حمل رؤوس نووية ... وسنحاول في هذا المقال الوقوف أولا عند أبعاد البرنامج النووي الإيراني ثم نبين موقف تركيا منه.

أولاً : أبعاد البرنامج النووي الإيراني:
تتفق معظم المصادر المتداولة على أن الحكومة الإيرانية فكرت في أن تبدأ برنامجاً نووياً منذ أواسط السبعينات في القرن الماضي، فلقد وقعت إيران على اتفاقية للتعاون النووي مع فرنسا وبموجب هذا الاتفاق تعهدت فرنسا بالبدء بعمليات تركيز اليورانيوم. ولم تتوقف المجهودات الإيرانية عند هذا الحد بل اتسعت لتشمل التوقيع على اتفاقية تعاون نووية أخرى مع شركة سيمنز الألمانية تعهدت بموجبها هذه الشركة بإنشاء مفاعلين نوويين بمدينة بوشهر جنوب إيران .. ويبدو أن ظروف قيام الثورة الإسلامية وإسقاط نظام الشاه سنة 1979 حالت دون استكمال هذا المشروع، إذ توقف البرنامج أو كاد ولكن الحكومة الإيرانية استطاعت منذ بين سنتي 1992 و 1995 مفاتحة الصين وروسيا في البدء بتطوير القدرات النووية الإيرانية، وهكذا فإن إيران أصبحت منذ ذلك الوقت تمتلك عدة محطات نووية أبرزها محطة بوشهر النووية ومركز التكنولوجيا النووية في أصفهان ومركز طهران للدراسات النووية وادارة البحوث النووية بمدينة يزد . وتبرر الحكومة الإيرانية أسباب إقدامها على تطوير برنامجها النووي برغبتها في تعزيز مكانتها الإقليمية والحفاظ على أمنها القومي خاصة بعد تفاقم أخبار إقدام العراق على بناء قدرات نووية فضلا عن أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية ضخمة.

واجه المشروع النووي الإيراني الكثير من العقبات لعل من أبرزها الموقف الأمريكي مع أن إيران، وقعت على معاهدة انتشار الأسلحة النووية ( NPT ) منذ سنة 1968 كما أن معظم تقارير الوكالة الدولية النووية للطاقة الذرية تؤكد التزام إيران بالمعاهدة وكما هو معروف فإن الولايات المتحدة حتى كتابة هذه السطور لا تزال تسعى من اجل الحيلولة دون وصول البرنامج النووي الإيراني إلى أهدافه الحثيثة وتقوم الإدارة الأمريكية بين وقت وأخر بمساع دبلوماسية لإقناع أعضاء مجلس الأمن بالوقوف ضد استكمال إيران لمشروعها النووي وخاصة في مجال تخصيب اليورانيوم والوصول الى تكنولوجيا تصنيع القنابل النووية. وتتحدث الأوساط الأمريكية، وخاصة وكالة المخابرات الامريكية منذ اواسط سنة 2002 عن إن إيران تمتلك منشأتين نوويتين الاولى لتخصيب اليوارنيوم في مدينة نطنز والثانية مصنع لإنتاج المياه الثقيلة بالقرب من مدينة آراك وكلا المنشاتين يقعان وسط إيران .. ويؤكد الامريكان أن إيران تستطيع إكمال دورة الوقود النووية وبالتالي فهي قادرة على صنع اسلحة نووية.

ثانياً : موقف تركيا من البرنامج النووي الإيراني:
يثير البرنامج النووي الإيراني ردود فعل ومواقف عربية وإقليمية ودولية متباينة، والذي يهمنا هنا هو معرفة الموقف التركي من هذا البرنامج، ومما يؤسف له اننا لا نمتلك الكثير من المعلومات عن هذا الموقف، خاصة وأن تركيا، ومنذ حدوث التغييرات في الاتحاد السوفيتي السابق ومنظومة الدول الاشتراكية، بدأت تسعى من أجل إقامة مفاعل نووي في خليج اكويو جنوب تركيا، وهو من ضمن عشرة مفاعلات نووية تنوي بناءها بحلول سنة 2020 .. وقد أشارت جريدة الحياة التي تصدر في لندن بعددها الصادر في 11 من مايو سنة 1998 إلى أن منظمة السلام الاخضر تتحرك منذ ثماني سنوات لمنع تركيا من اقامة ذلك المفاعل وقد نشرت المنظمة تقريراً تضمن احتمالات الخطر من بناء هذا المفاعل على الدول المحيطة بتركيا .. وقد نشرت جريدة تركش ديلي نيوز ( Turkish Daily News ) مقالا قالت فيه كاتبته فيولا اوزيركان Fulya Ozerkan إن وزير البنية التحتية الاسرائيلية بن اليعاز حذر من أن اتفاقاً بشأن الطاقة بين تركيا وإيران سيعمل على تشجيع إيران في الإقدام على تطوير برنامجها النووي .. وقد انتقد الوزير الاسرائيلي وبشدة اتفاقاً للتعاون التركي _ الإيراني حول الغاز الطبيعي قائلاً : ((إن إحراز التقدم في مثل هذه المشاريع يعمل على تشجيع طهران المتهمة من قبل الغرب بالسعي لامتلاك السلاح النووي!!))

وأضاف الوزير الإسرائيلي يقول: ((إن إيران باتت تشكل خطراً على الاستقرار في الشرق الاوسط بل هي خطر على العالم كله، هذا فضلا عن كونها تشكل تهديداً للاستقرار في العالم الاسلامي ))..

كما أن الولايات المتحدة انتقدت الخطوة التركية اتجاه التوقيع على اتفاق التعاون التركي _ الإيراني الذي جرى في العام الماضي ( 2007 ) وقالت ان الخطوة التركية جاءت في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن الى فرض عقوبات اشد ضد إيران بسبب برنامجها النووي .. وقد ردت الحكومة التركية على ذلك قائلة انها تهدف من خلال علاقاتها الودية مع دول المنظمة والمجتمع الدولي الى إشاعة اسلوب دبلوماسي مكثف سوف يساعد، بدون شك، على نزع فتيل التوتر النووي .. وقال أحد المسئولين الأتراك المعنيين بالبرنامج النووي الإيراني: ((إننا على استعداد لدفع الثمن مقابل السلام)) وقد علق الوزير الإسرائيلي بن اليعازر على ذلك بقوله: إن تركيا، كما يبدو، تريد أن تنهمك في الدفع بجهود ترمي إلى تخفيف الضجة المتنامية بخصوص نشاطات طهران النووية.

الخلاصة.
ليس من شك في أن إيران مصرة على إكمال برنامجها النووي بالرغم من اعتراضات الولايات المتحدة الأمريكية، وترى في ذلك وسيلة من وسائل تأكيد مكانتها الإقليمية، وفي أطر سيادتها القومية .. وفيما يتعلق بتركيا، فمع أنها تدعو إلى إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط إلا أنها تسعى من أجل إبعاد البرنامج النووي الإيراني عن طبيعته العسكرية وتحاول تشجيع إيران على الاستفادة من هذا البرنامج لأغراض سلمية لأن البرنامج النووي الإيراني إذا ما كان ذا طبيعة سلمية فعلى الأرجح، كما يقول الدكتور رياض الراوي. أن لا يكون له تأثير على هذه المنطقة، بل على العكس من ذلك، فربما يشكل في هذه الحالة، لاسيما إذا كان الهدف من هذا البرنامج هو حقاً لتوليد الطاقة الكهربائية، على وفق وجهة النظر الإيرانية، عاملاً يفضي إلى بناء نوع من علاقات التعاون بين دول المنطقة عندما يصدر الفائض في هذه الطاقة إلى الدول المجاورة، التي تعاني نقصًا منها، أو عن طريق الاشتراك بمنظومة ربط للطاقة الكهربائية مع دول من منطقة الشرق الأوسط. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن عدم وضوح الصورة الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني، وعدم اكتماله في جوانبه الفنية، فضلاً عن استمرار الشكوك حول أهدافه يجعل من أي آثار يمكن أن يخلفها أمرًا مستقبلياً غير محدد الملامح، مما يبقي الاحتمالات مفتوحة على نهايتها، بالرغم من أن هذه الاحتمالات ستكون مرتبطة بالمتغيرات الإيرانية الداخلية والمتغيرات التي يمكن أن تحصل في بيئة إيران الخارجية، إقليميًا ودوليًا.

إن إسرائيل، التي ترتبط مع تركيا في تحالف استراتيجي، لا تزال ترى أن تركيا يمكن أن تعلب دورًا كابحاً للتهديدات الإيرانية، وقد أكدت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية في 28 مايو 2006 ذلك، عندما ناقشت في مستهل زيارتها لأنقرة البرنامج النووي الإيراني .. ولم يخف الأتراك حقيقة أنهم لا يمكن أن يكونوا في موقف منعزل عن موقف دول الاتحاد الأوروبي، خاصة وإنهم يسعون من أجل الانضمام إلى هذا الاتحاد منذ زمن بعيد وكما يقول احد المراقبين فإن الموقف التركي سيكون، على الأرجح، منسجماً ومتناغماً مع موقف الاتحاد الأوربي من امتلاك إيران للسلاح النووي، ويحرص الأتراك على الابتعاد عن أي تعارض أو تقاطع عن أي قرارات قد يتخذها الأوربيون حيال هذا البرنامج، مثل فرض عقوبات اقتصادية وسياسية من خلال مجلس الامن على تركيا، وكما أن تركيا، مقارنة بموقفها من الحرب على العراق في ربيع عام 2003، قد لا تبني أو تعدم رد الفعل الأمريكي، لاسيما إذا ما قررت الولايات المتحدة استخدام القوة ضد إيران، إلا ربما في حالة حصول تحالف عسكري دولي تشترك في صنعه دول الاتحاد الأوروبي أو تعدم قيماه ويحظى بالشرعية الدولية .. ولعل الأرجح فإن تركيا كذلك سوف لن تبدي أية تسهيلات أو دعم لعمل عسكري ربما تقوم به إسرائيل ضد المنشآت النووية الإيرانية أو مرتكزات البنى التحتية الإيرانية، تجنباً لردود الفعل الشعبية التركية والرأي العام العربي والإسلامي .. وربما من المهم أن تنظر تركيا إلى السلاح النووي الإيراني بوصفه نوعاً من التهديد لأمنها القومي، ولذلك فإنها سوف تؤازر الدعوات التي تهدف إلى جعل منطقة الشرق برمتها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

المراجع:

1- المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية – لندن (التوازن العسكري 2003 – 2004)
2- الواشنطن بوست.
3- مفكرة الاسلام.
4- الجزيرة نت.
5- جرو سلام بوست.
6- مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية.
7- منتديات البسالة ( البحوث والدراسات) . dad1961
8- منتديات البسالة للدراسات الاستراتيجية.الباسل.
9- سى ان ان عربى.
10- تقرير واشنطن انجليزى.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع