البنتاغون يعلن بدء بناء رصيف غزة البحري والاحتلال يتولى حمايته (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          وكالة الأونروا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 3 - عددالزوار : 41 )           »          ما هي السنة الضوئية ؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          ليز غراندي ... سياسية أميركية (مبعوثة للشؤون الإنسانية بالشرق الأوسط) (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          رشاد العليمي - سياسي يمني (رئيس مجلس الرئاسة اليمني) (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 1747 )           »          مراسم استقبال حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق لدى وصوله لأبوظبي في زيارة "دولة" بتاريخ 22 إبريل 2024م (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          الولايات المتحدة تناقش بدء انسحاب قواتها من النيجر (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 37 )           »          كتيبة طولكرم .. تنظيم فلسطيني مسلح (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          تدابير مهمة لحماية الهوية من السرقة على الإنترنت (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          سفينة يونانية تعترض طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          فيديو غراف.. 200 يوم من المظاهرات المنددة بالعدوان على غزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          جمهورية بولندا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          جمهورية ليتوانيا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          كالينينغراد.. مقاطعة روسية وسط أوروبا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          بولندا تفتح الباب لنشر أسلحة نووية على أراضيها وروسيا ترد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جناح المواضــــيع العســـــــــكرية العامة > قســـــم الحــركات والأحزاب والمليشـــيات العســـــــكرية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم مشاركات اليوم
 


قوات الجنجويد

قســـــم الحــركات والأحزاب والمليشـــيات العســـــــكرية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 20-05-23, 08:21 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي قوات الجنجويد



 

قوات الجنجويد.. عفريت الحرب الذي خرج من قمقم السودان

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

Published On



أخطر من الانقلابات العسكرية المتسلسلة على مدى عقود طويلة، وأخطر من الحروب الإقليمية والداخلية، وحركات الانفصال المتناسلة، وأكثر تهديدا للأمن القومي والاستقرار الإقليمي والتوازنات الدولية، فقد عاشت السودان منتصف شهر أبريل/نيسان 2023 تمردا عسكريا غير مسبوق لقوات الدعم السريع التي تعتبر قوات رديفة، قبل أن تحاول قلب السحر على الساحر وإزاحة الجيش النظامي من مواقعه في قلب العاصمة السودانية الخرطوم.

وإلى جانب عوامل الصراع الداخلي حول السلطة، وحسابات الفاعلين الإقليميين والدوليين، توجد كلمة سرّ أساسية لفهم ما وقع في السودان هي: الجنجويد. وهي اللقب الذي عرفت به النواة الأولى لما سيصبح بعد أقل من عقدين من الزمن جيشا موازيا ودولة داخل الدولة، خرجت من جبال إقليم دارفور المضطرب لتحاول ابتلاع السلطة في إحدى أكبر الدول الأفريقية، وآخر البلاد العربية قبل الوصول إلى أرض الحبشة.

لا يوجد تفسير متفق عليه لكلمة الجنجويد، وقد جعلها بعض الناس اسما منحوتا من عبارة “جن على جواد”، وجعلها آخرون من ثلاث كلمات تبدأ كلها بحرف الجيم وهي: جن وجواد وجيم ثلاثة (G3) السلاح المعروف.
وإلى جانب معناها الواقعي الذي يحيل على تلك القوات القبلية التي ساهمت سلطات السودان المركزية في تشكيلها بإقليم دارفور للقضاء على تمرد مسلّح في الإقليم، تحيل كلمة “الجنجويد” على معنى عام يفيد القوة المسلحة المنفلتة من الرقابة والقادرة على البطش مستفيدة من تسامح أو تواطؤ السلطات المركزية.


جيوش دارفور.. قوات انبثقت من كبرى أزمات السودان

تكمن خطورة المواجهة العسكرية التي استيقظت على وقعها الخرطوم أواسط أبريل/ نيسان 2023، في استئثارها باهتمام الرأي العام العالمي، لدرجة باتت معها هذه الأحداث تحجب تطورات الحرب الروسية الأوكرانية في كبريات القنوات الفضائية ووكالات الأنباء. كما أدت هذه المواجهات إلى أكبر عملية إجلاء للرعايا الأجانب تشهدها السودان، رغم توالي الأحداث الاجتماعية والعسكرية على هذا البلد شاسع المساحة.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الجنجويد ترفع علم انتصارها في أحد المواقعورغم أن الجيش النظامي ظل ثابتا في مواقعه معلنا إفشال ما اعتبره محاولة انقلابية، فإن تأخر الحسم الميداني والحجم الكبير لقوات الدعم السريع (تقدرها بعض المصادر بنحو 100 ألف مقاتل) جعل العالم يحبس أنفاسه في انتظار تسوية محتملة بين ما يبدو من الناحية العددية بمثابة جيشين داخل البلد الواحد.
وإذا كانت الجنجويد بإجماع المراقبين والدارسين، الرحم التي خرج منها جيش الدعم السريع، فإن هذه القوات لا تتبنى أي توجه فكري أو سياسي. فهي تنظيم مسلح وظيفي يعمل لصالح القبائل العربية والحكومة السودانية، وفق أقوال المعارضة السودانية.
وينقسم الجنجويد إلى قسمين: قسم أصغر بشمال دارفور يتكون من عدة أجهزة تابعة للقبائل العربية أو “الأبالة”، وهي التي تمتهن تربية الإبل. بينما يتركز القسم الأكبر من الجنجويد بجنوب دارفور، وهم من أبناء القبائل العربية المعروفة بالبقارة أي التي تغلب عليها تربية البقر.
وتصنف الوثائق الرسمية للأمم المتحدة مكونات قوات الجنجويد إلى ثلاث مجموعات رئيسة: الأولى تتكون من قوات موازية مدعومة مباشرة من السلطات السودانية في الخرطوم، والثانية عبارة عن قوة أكثر تنظيما من خلال وحدات شبه عسكرية، والثالثة تتمثل في ما يسمى “قوات الدفاع الشعبي” التي تضمن مكونات متعددة، منها قوات نخبة شبيهة بالحرس الثوري الإيراني، وجهاز خاص بحماية الحدود.
ومن الخطأ إصباغ مسحة عربية محضة على جماعة الجنجويد، لأن بعض القبائل العربية في إقليم دارفور تحالفت مع المتمردين في مواجهة هذه القوة المدعومة من الخرطوم. كما أن بعض القبائل غير العربية انضمت إلى صفوف قوات الجنجويد. فنحن في النهاية أمام قوات مختلطة وغير متجانسة، تفتقد للتراتبية والهيكلة التي تتسم بها الجيوش النظامية.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تعريب الساحل.. بصمات القذافي في حربه على تشاد

يؤدي البحث عن أصول الجنجويد وبدايات نشأتهم بالضرورة إلى فتح ملفات إقليم دارفور السوداني المضطرب منذ عقود. ويتطلّب الأمر العودة قرابة أربع عقود إلى الماضي، وتحديدا عام 1987، حين عقد تحالف موسع يشمل كل القبائل ذات الأصول العربية في الإقليم، أطلق عليه اسم “التجمع العربي” ويضم 27 قبيلة، ثم توسع التنظيم ليشمل بعض قبائل كردفان ذات الأصول العربية.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

خريطة توضح توزيع المليشيات السودانية في الأقاليم ويربط بعض المراقبين نشأة الجنجويد بالحرب التشادية في الثمانينيات، حين واجه الرئيس التشادي إدريس دبي خصمه حسين حبري، فجند كل طرف جيشا من أبناء القبائل العربية القاطنة بشرق تشاد، فبرزت مليشيا الجنجويد.
وتعود جذور الصراع في إقليم دارفور إلى عقد الثمانينيات، حين اجتاحت موجة من الجفاف دارفور ودولتي تشاد وأفريقيا الوسطى المجاورتين له، واللتين يتقاسم معهما الإقليم روابط قبلية وعرقية عدة، إلى جانب العادات الرعوية في المجال الاقتصادي. وبعد اضطرابات محدودة في بداية الثمانينيات، سرعان ما استقرت الأوضاع وخف الاحتقان مع انحسار الجفاف وعادت القبائل العربية (الرعوية) والأفريقية (الزراعية) إلى التساكن والتعايش بسلام مرة أخرى.


لكن الأجندات الإقليمية عادت لتستثمر في التعقيدات المناخية والاقتصادية التي يشهدها إقليم دارفور، فقد كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي يشن سلسلة من الحروب ضد تشاد، وقام في هذا السياق بتأسيس “الفيلق الإسلامي” في دارفور، وهو فصيل مسلح كان هدفه تعريب منطقة الساحل، واحتضنته قبيلة أم جلول وزعيم قبلي هو أبو الرجل الذي سيصبح زعيم الجنجويد في المستقبل، أي موسى هلال.
وتؤكد معطيات استخباراتية أمريكية المساهمة المباشرة للقذافي في إنشاء هذه القوات، إذ تكشف مثلا برقية للمخابرات الأمريكية “سي آي إيه” مؤرخة في عام 1986، أن ليبيا أرسلت قافلة عسكرية وأسلحة وفنيين وقوات خاصة وأشخاصا لديهم خبرة عسكرية، مما أجج التوتر بين المجتمعات القبلية العربية وبين قومية الفورة ذات الأصول الأفريقية، وهو ما انتهى بظهور ما يسمى “التجمع العربي”، الذي يعتبر الحاضنة التي ستنبث فيها الجنجويد، بدعم ورعاية من سلطات الخرطوم المركزية.[8]
وقد ظل هذا النزاع قائما طوال سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، ولم تفعل الحكومة السودانية الكثير للتدخل، بل إنها استفادت من النزاع، وستقوم الحكومة لاحقا بالاعتماد على التجمعات العربية لإنشاء الجنجويد.

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


جفاف الشمال.. وقود الحرب بين قبائل العرب والأفارقة

إلى جانب السياق الإقليمي الذي ساهم في ظهور قوات الجنجويد، يتطلب فهم ما يحصل في السودان خلال العقدين الماضيين تجاوز مستوى الروابط السطحية المباشرة بين الحكم المركزي في الخرطوم وبين قوات الجنجويد التي استعان بها لفرض سيطرته على إقليم دارفور، والنفاذ إلى الجذور الثقافية والاجتماعية لهذه القوة العسكرية الفتاكة. فالأمر أكثر من مجرد تحالف قائم على التقاء المصالح، انفرط عقده نهاية أبريل/نيسان 2023 باندلاع المواجهة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

فالجنجويد ستخرج إلى الوجود في سياق صراع داخلي في إقليم دارفور، لكن أصل هذا النزاع يعود إلى صدع عميق أصاب العلاقة بين الفلاحين المستقرين في أراض زراعية، خاصة جنوب وغرب الإقليم، وبين رعاة متنقلين قادمين من شمال وشرق الإقليم. وقد اعتاد الطرفان تاريخيا تسوية خلافاتهم بطرق تقليدية ترتبط بالتوافق وميزان القوة، لكن التقلبات المناخية الحادة في السنوات الماضية جعلت هذه المنظومة التقليدية في تسوية النزاعات عاجزة عن تدبير الموقف، في ظل زحف الرعاة المتنقلين من الشمال في اتجاه أراضي الجنوب الزراعية.


وإذا كان الصراع الداخلي يبدو النزاع للوهلة الأولى اقتصاديا محضا ومرتبطا بملكية الأرض واستغلالها، مع رفض القبائل الزراعية المستقرة في غرب الإقليم تقاسم أراضيها مع القبائل الرعوية المتنقلة الهاربة من الجفاف الذي أصاب مناطقها التاريخية ؛ فإن التنقيب أكثر في جذور النزاع، يحيل على بُعد آخر يرتبط بخلافات عرقية.
فالساكنة المحلية لإقليم دارفور، تعتنق غالبيتها الدين الإسلامي، وتتحدث اللغة العربية، لكن بعض المكونات القبلية تعتبر نفسها أفريقية فقط، بينما ترى أخرى أن أصولها العربية تمنحها وضعا أسمى من غيرها من القبائل. ونشأت تدريجيا في المنطقة تقاطبات بين المكونين العربي والأفريقي، ودخلت أطراف إقليمية ودولية على خط هذا الصدع العرقي في الإقليم.
هذا التفاعل بين العناصر الاقتصادية والعرقية، أدى في بداية الألفية الثالثة إلى بروز تحركات وأفكار متمردة لدى بعض القبائل المزارعة التي تتهم السلطات المركزية في الخرطوم بدعم “الاستيطان” المتزايد للقبائل الرعوية العربية في مناطقها التاريخية، وهو ما أدى بالمقابل إلى تأسيس القبائل الرعوية لقوات الجنجويد، لقمع التطلعات المتمردة لدى القبائل الزراعية المستقرة في غرب إقليم دارفور.

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


تمرد دارفور.. حين خذل جيش السودان عاصمته

كانت الضربات الأولى للمتمردين في دارفور سببا مباشرة دفع نظام عمر البشير إلى تشكيل قوات الجنجويد، لكون الجيش النظامي بدا عاجزا عن صد تلك الهجمات، لاختلاف نمط المواجهة من جهة، ولتحدر عدد كبير من قادة الجيش من إقليم دارفور، مما يجعلهم يترددون في خوض الحرب في الإقليم، ليكون اللعب على الوتر القبلي الحلي خيار البشير الأول. وكانت الخطوة الأولى بدمج نحو 17 ألفا من مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان، و20 ألفا من مقاتلي الجنجويد، في قوات خاصة مهمتها مواجهة المتمردين.

وتزامن هذا الاضطراب الأمني في إقليم دارفور مع اضطراب آخر على الصعيد المركزي، فبعد زهاء 11 عاما على انقلاب البشير/الترابي الذي أطاح بالحكومة الديمقراطية التي كان يرأسها الصادق المهدي، انقلب البشير على عرّابه الترابي، فيما عرف بمفاصلة الإسلاميين 1999، وأقصاه عن السلطة، مما أحدث شرخا حادا في ما يُسمى الحركة الإسلامية السودانية، فانقسمت إلى حزبي “المؤتمر الوطني” بقيادة البشير، و”المؤتمر الشعبي” بقيادة الترابي.
اندلعت إثر ذلك لعبة كسر العظام بين الطرفين، وقد دعم معظم أبناء دارفور المنتسبين إلى الحركة الإسلامية جناح الترابي. ووضعهم ذلك في مواجهة الأجهزة الأمنية الموالية للبشير، فقرروا مقاومتها، وأسسوا حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم، أحد أهم الكوادر القتالية في الحركة الإسلامية، وأمير ما كان يعرف بالمجاهدين، إبان الحرب التي شنها البشير والترابي على جنوب السودان.


موسى هلال.. قاطع الطرق الذي قاد حرب الإبادة

أسس الرئيس السابق عمر البشير قوات الجنجويد بإشراف مباشر من نائبه الأول حينها علي عثمان طه، على خلفية ظهور حركات مسلحة متمردة على الدولة المركزية بالخرطوم بين عامي 2002-2003، تطالب بإعادة هيكلة الدول السودانية، وبالعدالة في توزيع الثروة والسلطة بين أقاليم السودان.


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

البشير يطلق سراح موسى هلال الذي كان معتقلا بتهمة قطع الطرق وقتل جنود نظاميين في شمال دارفوروأطلقت حكومة البشير سراح أحد السجناء من أبناء دارفور، واسمه موسى هلال، وكان معتقلا لديها بتهمة قطع الطرق وقتل جنود نظاميين في شمال دارفور. وكانت تلك هي اللحظة الأولى لتشكيل قوات “الجنجويد” ذات السمعة السيئة، وقد تأسست -بحسب الحكومة- لمساندة القوات المسلحة السودانية في دحر التمرد وهزيمته.
ووضعت الحكومة موسى هلال بعدما دعمته بالمال والسلاح والعتاد، في مواجهة حركات دارفور المسلحة المناوئة لها، وطلبت منه تجنيد أبناء القبائل العربية وخاصة أبناء قبيلته، بذريعة أن الحركات المسلحة المكونة من أفارقة دارفور تخطط لإبادة العرق العربي والقضاء عليه.
وقد تعاونت قوات الجنجويد مع القوات العسكرية النظامية، فنفذ الجيش النظامي غارات جوية، يتبعها هجوم بري بقوات مشتركة وتنسيق بين القوات الحكومية والجنجويد، فارتكبت فظائع وانتهاكات شديدة العنف ضد المدنيين، تشمل حرق القرى والقتل والاغتصاب.
وتحولت المواجهة إلى حرب إبادة شاملة وتطهير عرقي بحسب الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، حتى أن المحكمة الجنائية الدولية وضعت زعيم الجنجويد موسى هلال ضمن لائحة المطلوبين للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، مما أجبر الحكومة إلى وضع قواته (شكليا فقط) تحت قيادة حرس الحدود، لكنها ظلت تمارس عملها باستقلالية كاملة عنه.
وبحلول عام 2007، لقي ما يصل إلى 450 ألف شخص في دارفور حتفهم بسبب العنف والمرض، ونزح 2,5 مليون شخص، مما أجبر البشير تحت ضغط الأمم المتحدة على الموافقة على نشر قوات مشتركة تابعة للمنظمة والاتحاد الأفريقي، مهمتها حماية المدنيين وحفظ السلام.


اتفاق السلام.. صدع مبكر بين أمراء الحرب والنظام

رغم العناصر المتعددة التي تفسّر التقاء مصالح نظام الخرطوم وقوات الجنجويد، فإن مؤشرات تصدع هذه العلاقة قديمة، ويمكن تلمسها بشكل خاص في خطوة إقدام الخرطوم على توقيع اتفاقية السلام في دارفور، وذلك في 5 مايو/ أيار 2006 بالعاصمة النيجيرية أبوجا، بين حكومة السودان من جهة وأحد فصائل المتمردين في إقليم دارفور.


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

توقيع اتفاقية السلام في دارفور في 5 مايو/ أيار 2006 بالعاصمة النيجيرية أبوجاوقد أدى الاتفاق إلى قيام الحكومة السودانية بجمع أسلحة الجنجويد في إقليم دارفور، كما منح أحد أشد خصوم الجنجويد -وهو رئيس حركة تحرير السودان المتمردة- منصبا استشاريا رفيعا بجانب الرئيس السابق عمر البشير، وبات يصدّر تجربته هذه في إدماج المتمردين في السلطة، خاصة بعد اندلاع المواجهات الداخلية في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي. لكن الخطوة أثارت حفيظة الجنجويد، فشرعوا في إظهار مؤشرات التمرد والانفلات من رقابة الخرطوم تدريجيا.
وبعد عقدين من حملة القذافي على تشاد، ظهرت حركة تمرد أخرى من دارفور عام 2008، وأدت إلى تقوية علاقة حميدتي مع البشير، حين كانت جماعات الجنجويد الأخرى تتشرذم، بل تتمرد على الحكومة، نظرا لتراجع الحملة في دارفور.
وقد انتهى هذا المسار بتحويل قوات الجنجويد إلى “قوات دعم سريع” بدءا من العام 2013، وذلك في سياق تداعيات سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011، وما تلاه من انقسام البلاد ورفع الغطاء عن فائض في الأسلحة التي وجدت طريقها إلى الجنوب.


دمج الجنجويد.. قوة أمنية لتحقيق مآرب الرئيس

في العام 2013 أعيدت هيكلة وتشكيل قوات الجنجويد بوساطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني بقيادة حميدتي، بعد أن رفض رئيس الأركان السوداني آنذاك نقل تبعيتها من جهاز الأمن إلى هياكل القوات المسلحة، فاعتبرت قوة نظامية منفصلة تتبع الرئيس البشير مباشرة، ثم أنتجت قوة نظامية جديدة من رحم الجنجويد سُميت قوات الدعم السريع، وتوسع نشاطها ليتعدى ولايات دارفور ويمتد إلى النيل الأزرق وجنوب كردفان، ولاحقا إلى جميع ربوع السودان.

وبعد تشكيلها واعتمادها قوة منظمة، خاضت قوات الدعم السريع عددا من المعارك الحاسمة بتوجيه من الحكومة ضد حركات التمرد في دارفور، فلاقت استحسانا لدى حكومة المركز في الخرطوم، ورافق تلك الانتصارات عدد من الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، شملت اجتياح القرى التي تقع في محور تقدم القوات وتدمير الممتلكات.
وقد ذهب عدد من المحللين إلى وصف قوات الدعم السريع بأنها قوة سياسية حرص من خلالها البشير على تأمين موقعه، وذلك في إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة في عام 2012، مما نتجت عنه ثقة كبيرة ودعم غير محدود لهذه القوات.
وكان من تداعيات اكتشاف الذهب في هذه المنطقة عام 2012، قتل قوات موسى هلال وحميدتي أكثر من 800 شخص وتشريد نحو 150 ألف شخص، للسيطرة على الجبل، وذلك قبل أن يشتد التنافس بينهما. وإضافة إلى جبل عامر، تسيطر قوات الدعم السريع على ثلاثة مناجم أخرى على الأقل في جنوب كردفان، وهو ما حقق استقلالية مالية كبيرة لهذه القوات.
وبحسب ما أعلنته مصادر غربية وإعلامية في صيف عام 2014، كصحيفة “نيويورك تايمز”، فقد عادت قوات الجنجويد السودانية لنشاطها في دارفور، بعدما أعادت الحكومة السودانية تنظيمها. ودافع عنها الرئيس عمر البشير في مايو/ أيار 2014، وتحدى معارضيه أن يثبتوا ما يفيد أن تلك القوات ارتكبت تجاوزات ضد المتمردين.
وهكذا اكتملت القوة الخشنة لقوات حميدتي، فكانت تجارة الذهب والمشاركة في حرب اليمن وحراسة الحدود ومنع الهجرة غير الشرعية مصدرا لجلب العملة الصعبة التي استُثمرت في مضاعفة القوة العسكرية لهذه القوات.


محمد حمدان دقلو.. راعي الإبل وقائد الجيوش وحليف البشير

ارتبط ظهور ميليشيا الجنجويد في البداية باسم الشيخ موسى هلال، ناظر قبيلة المحاميد العربية بدارفور بوصفه زعيم الجنجويد، وقد جعل متمردو دارفور اسمه على رأس قائمة قالوا إنهم من قاموا بالتطهير العرقي من الجنجويد.‏
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

\حميدتي.. صناعة النظام السوداني البشيريوكان الفريق أول محمد حمدان دقلو أحد الذين جندهم هلال ضمن قوات الجنجويد عام 2003، لكن سرعان ما سطع نجمه وذاع صيته، وأصبح من كبار قادة القوات، بعدما وضع تحت إمرته عشرات آلاف المقاتلين من أبناء القبائل العربية الذين لم يتلقوا تدريبا عسكريا نظاميا، ويدينون بالولاء المُطلق له.
حاول عمر البشير التمكين لحميدتي في دارفور، من خلال استقدامه موسى هلال إلى الخرطوم وتعيينه مستشارا له، لكن موسى انتبه إلى الأمر، فعاد إلى دارفور وأعلن تمرده على البشير، وأسس ما سمي لاحقا “مجلس الصحوة”، بينما ضاعفت الحكومة دعمها لرجلها حميدتي الذي خاضت قواته حربا ضد الحركات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان، وحققت كثيرا من الانتصارات، وأما موسى هلال فلم يزل يضعف شيئا فشيئا، إلى أن قررت الحكومة القضاء عليه، فسلطت عليه الزعيم الجديد للجنجويد وتلميذه حميدتي.


ينحدر محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” من قبيلة الرزيقات الواقعة في الحدود السودانية التشادية، وقد ولد في كنفها عام 1975، وهي من أكبر القبائل العربية المنتشرة في السودان، خاصة في إقليمي دارفور وكردفان. وفي مطلع الألفية، كان مجرّد زعيم لقوات صغيرة في غرب السودان الملاصق للحدود التشادية.
ولم يلتحق هذا الرجل المثير للجدل قط بالمؤسسة العسكرية، فقد انقطع عن الدراسة وهو ابن 15 عاما، وبدأ بممارسة تجارة الإبل والقماش وحماية القوافل، كما تنقّل خارج إقليم دارفور بين تشاد وليبيا ومصر بائعا للإبل وحاميا للقوافل إلى أن كوّن ثروة كبيرة. وحين فكّرت الخرطوم في تشكيل قوة عسكرية محلة لمواجهة متمردي إقليم دافور، كان جاهزا لهذه المهمة، فكان قائد هذه القوات منذ البداية.
تسلق قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) سُلَّم السلطة في السودان، إلى أن أصبح الرجل الثاني في النظام السياسي، بوصفه نائب رئيس المجلس العسكري السوداني، وهو ما جعله يعبّر عن طموحات كبيرة، خاصة بعدما أكسبه موقفه المتمرد على عمر البشير قبيل سقوطه شعبية كبيرة. فقد أعلن عصيانه على الرئيس البشير بالانحياز للمتظاهرين، قبل قرابة 100 يوم من سقوط البشير.
وإضافة إلى تحوّله لرقم صعب في المعادلة الداخلية للسودان، لعب حميدتي أدوارا إقليمية ودولية كبيرة، إذ بات دائم التواصل مع المسؤوليين الغربيين من الأمريكيين والأوروبيين[34]. كما تولى الإشراف على مشاركة قوات سودانية في التحالف العربي في اليمن، بل إن بعض المراقبين يعتبره صاحب الفضل في تعيين “صديقه” العميد البرهان، على رأس المجلس العسكري.


حماية المجرمين.. تقاليد حلفاء الحرب في السودان

استفادت قوات الجنجويد من تقاليد راسخة لدى النظام السوداني تعود إلى فترة الثمانينيات، وهي تشرعن عمل القوات الموازية وتمنحها الحصانة ضد الملاحقات القضائية، إذ صدرت قوانين تعترف بهذا النوع من القوات وتمنحها تراتبية تصل إلى قمة هرم الدولة. وبرز ذلك بوضوح سنة 2005 حين رفضت الخرطوم الاستجابة للمطالب الدولية بتسليم المسؤولين عن جرائم الحرب في إقليم دارفور للعدالة الدولية.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قوات الجنجويد بعد إحراقها قرية غرب دارفورويتجاوز الحلف الذي جمع السلطات السودانية بقوات الجنجويد مستوى حسابات الربح والخسارة، ويجد تفسيراته أكثر في الأبعاد التاريخية والثقافية والاجتماعية. كما تعتبر بعض الأحداث شرارة أولى لهذا التحالف، من خلال الهجمات التي تعرض لها الجيش السوداني في دارفور عام 2003، وكبّدته خسائر فادحة في مواجهة المتمردين المحليين، مما شكّل صدمة نفسية كبيرة للجيش السوداني.
وقد كانت اتفاقية السلام الموقعة في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان في 31 آب/ أغسطس 2020، بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية تحت تحالف مدني-عسكري باسم الجبهة الثورية، فرصة كبيرة ليكون دمج قوات الدعم السريع من ضمن الترتيبات الأمنية الشاملة لتلك القوات بعد سقوط نظام البشر.
لكن طموحات حميدتي المحمول فوق أمواج تحالفاته الإقليمية والدولية المعقدة، تجاوزت سقف التوافق والتعايش الداخليين، ليصبح هدفه الأسمى: احتلال القصر الجمهوري.

المصدر : الجزيرة نت - يونس مسكين





 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع