مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2404 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جناح المواضــــيع العســـــــــكرية العامة > قســــــم الجيوش والقوات المســــلحة
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


تاريخ البحرين العسكرى

قســــــم الجيوش والقوات المســــلحة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 01-03-09, 04:53 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي تاريخ البحرين العسكرى



 

الفصل الاول
(أ) نبذ ة تاريخية منذ دخول البحرين في الاسلام حتى الغزو البرتغالي.
(ب) الغزو البرتغالي ، والدروس المستفادة.
(ج) البريطانيون في الخليج.


نبذة تاريخية
لقد أطلق العرب أسم (البحرين) على الاقليم الساحلي الممتد من رأس الخليج العربي شمالا بما فيها (كاظمه) الى عُمان جنوبا، كما تشمل الجزر المجاورة لساحل الخليج العربي والمعروفة وقتئد بجزر (أوال) . وظل هذا المفهوم حتى قبيل منتصف القرن الثالث عشر الميلادى حيث اصبح لفظ البحرين يطلق على مجموعة جزر البحرين فقط وإن أستمر أطلاق الكل على الجزء الا أنه بقى يطلق لفظ البحرين على الساحل والجزر معا. ثم أصبح يطلق لفظ البحرين على الجزر وأكبرها جزيرة (أوال) والتي تنسب الى صنم كانت تعبده قبيلة وائل العدنانيه تلم القبيلة التي حلت في البحرين مع القبائل العربية الاخرى حوالي القرن الرابع الميلادى.
كانت البحرين أبال ظهور الاسلام غنية بثرواتها الزراعية لخصوبة تربتها ووفرة مياهها ووقوعها على ساحل البحر لذلك فقد كانت مأهولة بالسكان من قبائل عبدالقيس وتميم وبكر وبن وائل والازد، ويذكر البلاذرى أنه كان في البحرين قبل الاسلام خلق كثير من العرب وكان عليهم والٍ هو ( المنذر بن ساوى التميمي ) وهو الذي كتب اليه رسول الله (ص) كتابا يدعوه فيه للاسلام أو الجزية وأرسله بيد العلاء بن الحضرمي 8هـ/630 م فأسلم المنذر ومعه جميع العرب هناك وبعض العجم أما البعض الآخر من المجوس واليهود والنصارى فأختاروا دفع الجزية فقبلها منهم.
وذكر أن نص رسالة النبي (ص) الى المنذر بن ساوى هو:

بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله الى المنذر بن ساوى .
سلام عليك فإني أحمد اليك الذى لا اله غيره وأشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإني أذكرك الله عز وجل فانه من ينصح فانما ينصح لنفسه وأنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني. ومن نصح لهم فقد نصح لي وأن رسلي قد أثنوا عليك خيرا، وأني قد شفعتك في قومك، فأترك للمسلين ما أسلموا عليه وعفوت عن أهل الذنوب فأقبل منهم وأنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهوديته أو مجوسيه فعليه الجزية.


وبعث رسول الله علية الصلاة والسلام العلاء بن الحضرمي الى المنذر بن ساوى العبدى بالبحرين وكتب كتابا قال فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله الى المنذر بن ساوى، سلام على من أتبع الهدى، أما بعد:
فأني أدعوك الى الاسلام فاسلم تسلم، أسلم يجعل الله لك ماتحت يديك وأعلم أن ديني سيظهر الى منتهى الخف والحافر- (وقد أجاب المنذر بن ساوى الرسول باسلامه وتصديقه)- وأني قرأت كتابك على أهل هجر فمنهم من أحب الاسلام وأعجبه ودخل فيه ومنهم من كرهه، وبأرضي مجوس ويهود فأحدث الى في ذلك أمرك.

ثم كتب الرسول (ص) الى المنذر بن ساوى كتابا آخر هذا نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله الى المنذر بن ساوى : سلام الله عليك فإني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو أما بعد : فمن أستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذى له ما لنا وعليه، ومن لم يفعل فعليه دينار من قيمة المعافرى والسلام ورحمة الله يغفر الله لك.

وهكذا أنضمت البحرين الى الاسلام في زمن رسول الله (ص) دون قتال وقد بعث رسول الله (ص) مع العلاء بن الحضرمي ابا هريرة. وأرسل العلاء الى رسول الله (ص) مالا من البحرين يكون ثمانين الفا ما اتاه أكثر منه قبله ولا بعده ثم نقل الرسول (ص) العلاء الى ناحية من البحرين منها ( القطيف) وعين (أبان بن سعيد بن العاصي بن أميه) على ناحية أخرى فيها (الخط) ، وقيل أن رسول (ص) عزل العلاء وعين مكانه أبان فأن رسول الله (ص) لما توفي خرج أبان من البحرين الى المدينه المنورة فسأل أهل البحرين أبابكرأن يرد عليهم العلاء ففعل وبقى واليا حتى سنة وفاته فيها 20هـ وقبره معروف في (راس علي) على الساحل الغربي من الخليج العربي، وعلى أثر وفاة الرسول (ص) حدثت الردة في أنحاء الجزيرة فلما توفي المنذر بن ساوي في السنة التي توفي فيها الرسول (ص)وهي السنه الحادية عشر للهجرة أرتد من في البحرين من ولد قيس بن ثعلبة مع (الحطم) ثم رجعت بنو عبدالقيس الى الاسلام وكان العلاء قد ترك البحرين الى المدينة المنورة فعاد على رأس جيش فقتل كبير المرتدين (الحطم) وأن قيل إن خالد بن الوليد هو الذى قتل الحطلم سنة 11هـ وهنا طلب أهل البحرين أن يظل العلاء واليا عليهم وتم القضاء على المرتدين على يديه .
وفي خلافة عمر ولى ابا هريرة على الصلاة والقضاء في البحرين وحدث في سنة17هـ أن قام العلاء الحضرمي بغزو فارس وكان قد نهاه الخليفة عمر عن الغزو بحرا خوفا من ركوب البحر الا أنه قاد ثلاث فرق في أسطول كبير من السفن فعبر البحر من البحرين الى الساحل الفارسي ونزل في (اصطخر) فقابلهم الفرس بقيادة (الهربذا) فحاصروهم وحالوا بينهم وبين سفنهم فكان العدو أمامهم والبحرمن ورائهم فحاربوهم وقتل أفضل قادة المسلمين ومنهم (السوار بن همام) و(الجارود بن المعلى) ثم غرقت سفنهم فتوجهوا برا صوب البصرة الا أن الفرس بقيادة (شهرك) قطع عليهم الطريق. ولما علم الخليفه عمر كتب الى (عتبه بن غفران) أن ينجدَ جند المسلمين بعد أن عزل العلاء وطلب منه أن يلتحق بسعد بن أبي وقاص، وكان أن أنجدهم عمر في اثنى عشر الفا أرسلهم عتبه بن غزوان فحاربوا الفرس وأنتصروا عليهم وعادوا بالغنائم وهكذا كانت البحرين قاعدة أنطلاق لأول عملية غزو بحرى يقوم بها المسلمون.
ثم فتح عثمان بن أبي العاص الثقفي والي البحرين أصطخر بفارس وأرسل جيشا توغل فيها شرقا الى الهند وسرنديب في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وفي عهد عثمان بن عفان أنتقضت (أصطخر) ثانية فأرسل والي البحرين أخاه تميم أبن أبي العاص وفتحها وقتل ملكها (شهرك) ثم فتحت سابور وكازرونوجنابه.
اما البحرين فقد ظلت قاعدة لفتوح الشرق في عهد الراشدين، وفي العهد الاموى حدثت حركة الخوارج في البحرين، فقد تقدم نجدة بن عمر الحنفى سنة 67هـ نحو البحرين فقاومه اهل البحرين الا ان الخوارج اخضعوهم بالقوة.أما اسباب مقاومة اهل البحرين (بنو عبدالقيس) للخوارج فهي :
أ‌. العصبية القبلية : فأن الخوارج اعتمدوا على بني حنيفة وبني بكر بن وائل فقاومهم بنو عبدالقيس.
ب‌. الروح المعنوية : اذ ان البحرين قاومتهم للحفاظ على استقلالها ولكن الانقسامات المحلية في البحرين وكثرة مشاكل الدولة الاموية وقتئد ادت الى انتصار الخوارج في البحرين.
ولما ارسل عبدالملك بن مروان جيشا الى ابي فديك الخارجي سنة73 و74هـ تغلب عليه وقتله، الا ان حركة الخوارج ظهرت ثانية في سنة 86هـ وسيطروا على البحرين تسعة عشر عاما. الا انها فشلت فيما بعد امام قوة الدولة الاموية .
وفي العصر العباسي تعرضت البحرين لحركات منها حركة الزنج حيث ان صاحب الزنج اخذ يجبي الخراج ويدين له سكانها بالولاء والطاعة حتى قتل سنة270هـ فعادت البحرين لبني العباس.
ثم تعرضت البحرين لحركة القرامطه في سنة 287هـ وعظم امرهم بعد ان اخضعوا البحرين وما حولها حتى استطاع الامير (عبدالله بن علي العيوني) ان يستأصلهم فدخلت البحرين تحت ظل العيونيين.
وقامت دوله العيونيين في البحرين (الاحساء والقطيف والبحرين) ابتداء من عام 468هجرية /1074م وحتى 636هـ /1238م اسسها في البحرين عبدالله بن علي بن محمد بن ابراهيم العيوني والعيونيون من قبيلة عبدالقيس.
وقد حكمت البحرين بعد العيونيين دولتان استمرت كل منهما حوالي150عاما.
الاولى:هي امارة العصافرة او دولة بني عصفور.
الثانية:هي امارة الجبور او دولة الجبور.
والعصافرة والجبور اسم يطلق احيانا على بطن بني عامر فهم ينتسبون الى عقيل بن عامر
وقد ظهرت دولة الجبور في البحرين في اواخر القرن الثامن الهجري ومن ملوكهم (اجود بن زامل) (ومقرن بن اجود بن زامل) الذي دوخ البرتغاليين وقد توفي متأثراً بجراحه في معركة حاسمة مع البرتغاليين واستمرت دولة الجبور في الاحساء حتى تسلم العثمانيون الحكم في القرن العاشر الهجرى.

البرتغاليون
تميز القرن الخامس عشر الميلادى بأحداث عظيمة احدثت تحولات كبيرة في تاريخ العالم، ففي الشرق سجل العثمانيون انتصارات كاسحة في بر الاناضول واستولى السلطان محمد الفاتح على القسطنطينية عام 1453م فتفرق علماؤها في اوروبا. وفي الغرب انتهى حكم العرب في اسبانيا وقد اثرى العرب العلوم في اوروبا واستمر تأثيرهم العلمي عليها الى مابعد خروجهم من الاندلس بعشرات السنين. وفي عام 1492 تم اكتشاف امريكا على يد كريستوفركولوميس، وقد اعتبر هذا القرن بالنسبة لاوروبا عصر الاكتشافات الجغرافية.
بعد فشل الحملات الصليبية المتعاقبة ، بقيت ديار الاسلام تشكل سدا في وجه اوروبا للوصول الى الشرق، فاتجه كريستوفر كولومبس الى الغرب ليكتشف طريقا جديدا الى الهند، وبعده بست سنوات قام فاسكودى غاما البرتغالي عام 1498 بالابحار ازاء الشواطىء الغربية لافريقيا، وحول راس الرجاء الصالح باتجاه الهند وكانت رحلة فاسكو دى غاما هذه بداية دخول الاوروبيين المياه الاسلامية في شرقي افريقيا ليصبح المحيط الهندى والبحر الأحمر والخليج العربي تحت تهديد الاوروبيين الطامعين بالسيطرة على طرق التجارة الاسلامية ومصادر الشرق الغنية فكان البرتغاليون هم رأس الرمح لهذا الطوفان الاستعمارى الجديد.
وقد اعتبر البرتغاليون انفسهم في تعرضهم على ديار الاسلام جنود للصليب بدلاله تحريضهم لنجاشي الحبشة لقتال المسلمين، وتثبيت شاره الصليب على الابنية الرسمية في جزيرة هرمز. ورسائل قادتهم الى ملك البرتغال التي يفاخرون فيها بذكر حرق بلاد الكفار (المسلمين)، وعمليات التنكيل بالسكان، بالاضافة الى عمليات السلب والنهب، واساليب الشدة والبطش والقوة القاهرة وفوق ذلك ماظهر من مخططاتهم للهجوم على المقدسات الاسلامية في الحجاز.
ركز البرتغاليون هدفهم الاول على انشاء المستعمرات في الهند لتكون قواعد ينطلقون منها الى الاهداف الاخرى، وتمكنوا من تأسيس هذه القواعد خلال سبع سنوات في جهات من الهند مثل (جوا)و(كوش)، ومنهما بدأوا يستعدون لتنفيذ مهام لاحقة لتأمين مراكز في اماكن مسيطرة تتحكم بمضائق البحار، مثل ملقا في الشرق، وهرمز على مدخل الخليج العربي، وعدن على مدخل البحرالأحمر.

عمليات غزو الخليج
في مستعمرة جوا في الهندقام البرتغاليون بالاستعدادات اللازمة لغزو الخليج وجرى تعيين الفونسو دى البوكيرك لهذه المهمة عام 1506م، وهو من اشرس رجالاتهم اقواهم نفوذا، كانت تعليمات ملك البرتغال الى البوكيرك تحددالواجب الرئيسى بضرورة اغلاق مدخل البحر الاحمر لحرمان تجار مصر من تجارة الشرق الاقصى وسيطرة على هرمز عند مدخل الخليج وتكليفها بمهمة مراقبة الملاحة العربية حيث تتحكم بموقعها في تجارة الشرق الاقصى والهند من جهة، وفي تجارة البحر الاحمر وشرق افريقيا المتجهة الى الخليج من جهة اخرى وكانت هرمز اهم موقع من الناحية الاستراتيجية والسياسية والتجارية في شرق الجزيرة العربية.
بدأ البوكيرك الهجوم على سواحل عمان عام1507م مستهدفا تدمير السفن العمانية اينما صادفها، وتحت قيادته قوة بحرية منظمة تتفوق بالتسليح وخاصة مدفعية السفن. وفي هجمات مرعبة اتسمت بالحرق والنهب وتنكيل بالاحياء تمكن االبرتغاليون من احتلال قلهات ومسقط وصحار وخورفكان، الى ان وصلوا الى رأس مسندم لينقضوا من هناك على هرمز. ومن بداية القرن السادس عشر الميلادى كان عرب الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية. والخليج ينضوون تحت لواءآت عدة دول محلية غير متماسكة، وفي حالة متدهورة من حيث بناء القوة لمجابهة قوة خارجية منظمة حديثة التسليح، وعلى وجه العموم جاء الغزو البرتغالي الى البلاد الاسلامية في فترة من الضعف والانفسام،حتى ان كل منطقة واحيانا كل مدينة اصبحت في يد ملك او حاكم يكيد للآخر، ويتحفز للتوسع على حساب من جاوره.
ولم تكن الدولة العثمانية قد وصلت الى منطقة الخليج، وقد تم بسط السيادة العثمانية على سوريا ومصر عام1517 وبذلك تمت سيطرة هذه الولة المسلمة الفتية على طرق القوافل التقليدية في المشرق العربى، وقد واصل العثمانيون التقدم لاحتلال العراق والتوسع جنوبا الى مناطق الخلافة الاسلامية السابقة ولمجابهة هذه القوة الجديدة واحتمالات الصدام بينها وبين بلاد فارس، اخذ الغربيون في التفكير واعداد الخطط لاستمالة فارس الى صفهم.
اخذ مملكة هرمز تدابير دفاعية كبيرة لمواجهة الغزو البرتغالي المتوقع ووصلها اسطول بحريني للمساهمة في القتال، ومن رأس مسندم تقدم الاسطول البرتغالي وهاجم هرمز، وسجل البوكيرك نجاحا بعد قتال ضار، واتفق على ان تدفع ضريبة للبرتغاليين، كما فرض عليها الاعتراف بسلطة التاج البرتغالي.
كان المدد الذي ارسلته البحرين لهرمز مشحونا بالرجال والمؤمن، وقد عمل البرتغاليون كمينا في مياه جزيرة قشم، ودار بينهم وبين البحرينيين قتال مرير كانت نتيجته لصالح البرتغاليين الذين اغرقوا السفن البحرينية، وعاد البوكيرك بعد هذه العمليات الى جوا بالهند، بعد ان رتب اتفاقا ثلاثيا بينه وبين الدولة الصفوية في ايران ومملكة هرمز، وفي الهند سمه نائبا لملك البرتغال بدلا من دى الميدا، واخذ يتهيأ لعمليات بحرية أخرى في الخليج وبحر العرب.
كان القسم الجنوبي من العراق تحت سيطرة الدولة الصفوية، وفي عام 920هـ 1514م انتصر العثمانيون على الفرس في معركة جاليران، واصبح القسم الشمالي من العراق حتى مدينة بغداد تابعا للاتراك العثمانيين، مما جعل الدولة الصفوية تسير بتعاون اوثق في ركاب البرتغاليين، وكان عرب الخليج ومسلمو الهند ينظرون الى العثمانيين كمنقذين من بطش التهديد الصليبى الذى يمثله البرتغاليون واشتدت مقاومة البرتغاليين في الهند والخليج، وبدأت الدولة العثمانية تهيء اساطيل بحرية لمنازلة البرتغاليين فظهر اسطول عثماني على غير توقع في مياه الهند لمعاونة الامراء المسلمين، وبدأت آثار غزو البرتغاليين لجنوب الخليج تزول، مما اقض مضجع البوكيرك الذى استأذن ملكه في البرتغال للتقدم هذه المرة باتجاه عدن والبحر الاحمر لقطع الطريق على الاساطيل العثمانية.
وفي عام 1513م تقدم البوكيرك بأسطوله الى عدن على ان يندفع بعدها عبر مضيق باب المندب الى البحر الاحمر حسب توجيهات ملك البرتغال وقد فشلت هذه الحملة فشلا ذريعا بالرغم من تكرار الهجوم على عدن، ثم عاد البوكيرك الى جوا، وارسل حملة بقيادة ابن اخيه بيرو الى مدخل الخليج قامت بنهب بعض المراكب التجارية العربية، وفي نهاية الفشل هذه الحملة عند هرمز زعاد بيرو الى جوا عام 1513م.

 

 


 

   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 04:54 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

غزو البحرين 1521م
كانت البحرين موضع اهتمام البرتغاليين نظرا لموقعها الاستراتيجي الهام وتحكمها بين الشمال الخليج وجنوبه وكثرة بساتينها ووفرة تمورها ومغاصات اللؤلؤ وقد سماها البرتغاليون خزان سلع الشام والجزيرة العربية، وكانت تدين بالولاء الاسمى لملك هرمز وتدفع له ضريبة سنوية وكان اهم تجمع سكني في البحرين حسب شهادة البرتغاليين يطلق عليه مدينة البحرين، ويحيط بالمدينة سور من الحجارة والجير وفيها قلعة كبيرة ومنيعة.
بعد فشل حملة البوكيرك على عدن ومضيق باب المندب اتجه تفكيره ثانيه الى الخليج، وكانت اول محاولة للتعرض على البحرين هي الهجوم الذى قام به (حواجه عطار) عم ملك هرمز سنة 917هـ / 1511م. وكان توران شاه ملك هرمز الذي عينه البرتغاليون قد تذرع برفض الامير مقرن- امير دولة الجبور في البحرين دفع عائدات البساتين المتفق عليها لهرمز، وان مقرن يتعرض للسفن التي تبحر بين هرمز والبصرة. بالاضافة الى طمع ملك هرمز في ثروات البحرين الزراعية ومغاصات اللؤلؤ. وقد بدأ البرتغاليون بنهب السفن البحرينية وتبع ذلك هجوم خواجه عطار، وقد صادف مقاومة شديدة من الجبور، فأضطر للعودة الى هرمز دون تحقيق اى نجاح، وفشلت محاولة برتغالية اخرى بقيادة بيرو قريب البوكيرك وتكونت من اربع سفن، وبعد هذا الفشل اخذ البرتغاليون يستعدون لمعركة فاصلة بينهم وبين الامير مقرن.


الموقف العام
اخذ البرتغاليون وحلفاؤهم في هرمز يعدون العدة من الرجال والسفن لانهاء امر البحرين بأحتلالها والقضاء على دولة الجبور التي صارت تشكل عامل تهديد لنفوذهم نتيجة للسمعة التي يتمتع بها الامير مقرن، وتم حشد قوات الغزو في هرمز وعين انطونيو كوريا البرتغالي قائدا لها.وقد تألفت من ثلاثة آلاف مقاتل من مرتزقة الفرس والعرب تقلهم مائتا سفينة، ويقود هؤلاء(رئيس شرف الدين) من هرمز وتتكون قوة البرتغاليين من اربعمائة برتغالي في سبع سفن مجهزة بالمدافع الثقيلة.
اخذ الامير مقرن الجبرى يحكم استعدادته وينظم مواقع قواته. فبنى حاجزا عرضه عشرة أشبار مشيدا بالحجارة والجير، وجعل واجهته من جذوع النخل فشكل بذلك سورا منيعا، ثم ركز المدفعية على الاسوار وفي فتحات الابراج وحفر الخنادق العميقة في الاماكن اللازمة على امتداد الساحل حيث شكل تصميما دفاعيا يتمثل في نقاط دفاع اماميه على الساحل يليها مركز الدفاع الرئيسى في القلعة وماجاورها خلف الاسوار على واجهة الغزو المتوقع، واخيرا قسم المواجهة الدفاعية الى قيادات رتب لها وسائط السيطرة بشكل منظم، وتدل هذه التدابير على عمل قائد عسكرى يعرف مايريد. وكان المكان الوحيد الملائم لانزال الجنود هو ميناء مدينة البحرين (يعتقد ان القلعة كانت في طرف الامامي من المدينه المحاذى للبحر وتسيطر على الميناء) وتمكن مقرن من حشد اثنى عشر الفا من المقاتلين العرب واربعمائه من الرماه، وثلاثمائه فارس عربي، وعشرين جنديا تركيا مسلحين بالبنادق كانوا يقومون بأعمال التدريب، وانفتحتهذه القوات لملاقاة الاعداء في الاماكن المعينة وخاصة بمحاذاة سور القلعة.


الموقف الخاص
يوم15 يونيو1521م تقربت قوات الغزو البرتغالي من البحرين وانفتحت في تشكيل القتال مقابل القلعة، وانتظر انطونيو كوريا ستة ايام ليصل المدد وتتكامل القوات التي كانت قد تفرقت نتيجة سوء الاحوال الجوية، وكانت مدفعية السفن البرتغالية حديثة وثقيلة العيار وتعطى تفوقا ساحقا بالنيران على اسلحة المدافعين، ولكن مقرن وقواته كانوا على استعداد للقتال بثقة وعزيمة ومعنويات عالية، واشغل القسم الاكبر من هذه القوات المواقع بالقرب من سور القلعة وداخل القلعة نفسها وهي التي تشكل الهدف الرئيسي للمهاجمين،واشغلوا نقاط الدفاع الامامية في الاماكن اللازمة الى الساحل.


سير القتال
في المرحلة الاولى انزل انطونيو قسما من قواته الى البر لتأسيس موطىء قدم على الشاطئ وفشلت هذه المحاولة امام المقاومة العنيدة من المدافعين واضطر البرتغاليون الى التراجع يخوضون البحر على الاقدام باتجاه السفن عندما اصبح البحر في حالة جزر.
وفي المرحلة الثانية قامت المدفعية البرتغاليه الثقيلة بتوجيه النيران كثيفه الى القلعه نفسها والمواقع الدفاعية المحاذية لها، وانزل البرتغاليون جنودهم بعيدا عن التحصينات وابقوا جنود مملكة هرمز في المراكب حتى صدور الامر بالنزول، ودار قتال عنيف بالاشتباك المباشر بين الغزواة والمدافعين الذين صمدوا بروح قتالية جيدة وتحصنوا داخل اسوار القلعة، بينما كان انطونيو يحث جنده ويشجعهم على الصمود واقتحام القلعة، وفشلت محاولاتهم لاقتحامها وكان مقرن في مقدمة رجاله يتصدى للقتال بجرأة وشجاعة الهبت الحماسة في نفوسهم حتى اصيب بجرح بليغ في ساقه، كما جرح القائد البرتغالي كوريا في ذراعه، واستمر القتال اياما اخرى واصاب جند البرتغاليين الارهاق ولم يصلوا الى نتيجة حاسمة. وشاءت الاقدار ان توفي مقرن بعد بضعة ايام متأثرا بجراحه فهبطت معنويات رجاله بوفاة قائدهم وارتفعت معنويات المهاجمين ونزل باقي جنود هرمز للقيام بعملية الاجهاز على باقي المدافعين ومطاردتهم. تولي قيادة جند البحرين (حميد) ابن اخت مقرن، فأمر قواته بالانسحاب الى القطيف ومعهم جثمان الامير مقرن ليدفن في الاحساء، كانت خسائر الطرفين في الارواح عاليه نتيجة شدة القتال لايام متتالية وزادت خسائر المدافعين خاصة بعد اصابة القائد مقرن حيث اثر ذلك على معنوياتهم وصمودهم فإستسلم قسم منهم، وتم احتلال الجزيرة ونهبها واحراق مراكبهما.


الدروس المستفادة
1) التعرض والمبادأة : حافظ البرتغاليون في عملياتهم في منطقة الخليج على مبدأي التعرض والمبادأة، فكانوا المهاجمين دوما مع ان اعدادهم اقل من المدافعين في غزو البحرين، ولكن اعتمادهم على قوة حديثة متفرقة في مجالات اخرى جعلتهم قادرين على تطبيق ذلك،وقد قدموا من بلادهم بهدف التعرض للحصول على ثروات الشرق، وهم متمرسون في القتال البحرى، فكان انقضاضهم على الجزر والمعاقل الساحلية اشبه بعمليات القراصنة للحصول على الهدف بالارهاب والعمليات السريعة، والقائد الذى يتمسك بالمبادأةويواصل العمل بها يفرض ارادته على عدوه، وتكون ردود فعل عدوه محسوبة سلفا كما خطط لمجابهتها.
2) التفوق بالتسليح : كانت قوات تتفوق بالتسليح وخاصة السفن البرتغالية وبحارتها، من حيث النوعية وحداثة الاسلحة، وكان البرتغاليون يرتدون الدروع الواقية وهذا لم يتيسر للمدافعين الذين لم تكن لديهم خبرة سابقة في حرب مع قوة بحرية اوروبية حديثة،والتفوق بسلاح حاسم يعطى ميزة كبرى للجانب الذى يمتلكه مقابل الكثرة العددية المقابلة، ويضعف مقاومتها وارادتها القتالية. كما حدث مثلا في الحرب بين ايطاليا والحبشة عام 1936م استعملت ايطاليا الغازات السامة ضد تصميم الاحباش وعنادهم فوضعت نهاية سريعة لتلك الحرب. ومثل ذلك ايضا استعمال الذرى ضد اليابان في عام 1945م ووضع للحرب العالمية الثانية.
3) القيادة : توفرت للطرفين قيادة جيدة، والقيادة هي اهم عامل للوصول الى النتائج الحاسمة وكسب الحرب، ولو لم يسقط القائد مقرن في المعركة فربما كانت النتائج غير ماآلت اليه، ولم يقم قائد بكفاءته ليحل محله في الظرف الحرج، وهذه النقطة تقود الى استنتاج منطقى انه يجب تهيئة بديل او اثنين لكل قائد من مستوى جيد على استعداد لتسلم المسئولية الفورية في الظروف العصيبة.
4) المعنويات : عامل مهم في الحروب ويأتي على راس عناصر المعنوية القيادة الجيدة والعقيدة. وفي بداية القتال كانت معنويات المدافعين ممتازة واستمرت كذلك تستمد العزم من قائدهم مقرن، ولكنها اهتزت بعد ذلك نتيجة اصابته وخروجه من المعركة، فدب اليأس في نفوس المدافعين، واصيبوا بخسائر كبيرة واستسلم قسم منهم.
5) عوامل اخرى : ساعدت حالة التفرقة والضعف التي كانت سائدة على الساحل الشرقي للجزيرة العربية الغزاة على الاستفراد بكل بلد على حدة دون ان يهب بلد آخر لنجدته، ولو حدث تكتل جماعي لدرء الخطر البرتغالي لسارت الاحداث في اتجاه اخر ومن ذلك تنسيق الجهد والقيام بغارات مفاجئة وكمائن بحرية للقوات البرتغالية كلما لاحت الفرصة المواتية لذلك.

لم تعتمد قوة الغزو البرتغالية في هجومها على البحرين عنصر المفاجأة ولم يعمل بهذا المبدأ. كما ان وصول القوة متفرقة الى شواطئ البحرين نتيجه العواصف البحرية الغى تطبيق مبدأ حشد القوة فلو كانلدى المدافعين وسائل مثل المدفعية البعيدة او عناصر قوة بحرية تتعامل مع العدو عندما بدأ يقترب في وضعية تفرق لا وقعت في صفوفه اصابات قبل الوصول الى الشاطئ، وقد يربك ذلك من خططه ويفشل مقاصده.

الثورة على البرتغاليين :
قاوم ابناء الخليج السيطرة البرتغالية ولم يستكينوا لها، وكانت اول آنتفاضة عارمة عنيفة سنة 928هـ / 1521م، بزعامة ملك هرمز شاه بندر، واجتاحت مراكز التجارة في الخليج في ليلة واحده في كل من هرمز والبحرين ومسقط وصحار يوم30نوفمبر1521م. وسجلت الثورة اكثر نجاح لها في البحرين، وتولى قيادتها المتولى على البحرين، فأقتحم القلعة على البرتغاليين، وقبض على حاكم الجزيرة البرتغالي وشنقه على الفور على شجرة نخل وطرد باقي جنوده وبذلك قضى على النفوذ البرتغالي المباشر في البحرين، وفي هرمز احرقت المراكب البرتغالية في الميناء وتم قتل الحمية البرتغالية المتواجدة في الجزيرة وقامت السفن العربية بمهاجمة مواقع برتغالية كثيرة في الخليج، وتم اسر كثيرين منهم.
توالت النجدات البرتغاليه في الهند لاخماد الثورة فكانت النجدة الاولى وتبعتها نجدة ثانية سنة929هـ /1522م بقيادة دوم لويزى فنريس، وقد اخضع مسقط ودمر صحار وقضى على انتفاضة هرمز. اما في البحرين فقد اتبع البرتغاليون اسلوب الملاينة الدبلوماسية، وجرى اتفاق بينهم وبين المتولى فيها حيث اقروه حاكما على البحرين مقابل موافقته على وجود مساعد ومستشار برتغالي في حكومته.
وفي سنة 933هـ /1526م قامت انتفاضة جديدة في هرمز ومسقط وقلهات ولكن تم اخضاعها. وفي عام 936هـ /1529م، قام اهالي البحرين بثورة عنيفة يجدر ان نقف عندها بتفاصيل اكثر. لقد كان التدمير والقتل والقسوة الطابع المتميز لسلوك البرتغاليين في جميع عملياتهم في الخليج منذ البداية، وهدفهم الرئيسي نهب خيرات البلاد والكيد لعقيدة الاسلام لذلك كانت الثورات تتجدد ضدهم حتى وصلوا اخيرا الى درجة الانهاك، وكان السبب المباشر لثورة البحرين عام1529م ضعط البرتغاليين على سكان هرمز للحصول على ضرائب اكثر وحاولت هرمز ان تتحمل البحرين بعض هذه المطالب ولكنها رفضت فجهز نائب ملك البرتغال في الهند نونو دى كونها-حملة بحرية للهجوم على البحرين، واسند قيادتها الى اخيه سيمون دى كونها على ان تعززبنجدات من البرتغال فتوجه سيمون اولا الى هرمز، وفي سبتمبر عام 1529م توجه الى البحرين في خمس سفن كبيرة على ظهرها اربعمائة مقاتل برتغالي. تتبعها بعض السفن المحلية، وعندما اقترت القوة من قلعة البحرين اطلقت نيرانا كثيفة من مدافعها لمدة ثلاثة ايام متتالية، وصمد حاكم البحرين ورجاله المدافعون على الشاطئ وفي داخل القلعة حتى شحت ذخيرة المهاجمين ولم يستطع البرتغاليون الحاق اى ضرر يذكر بأسوار المدينة ودام الحصار وقذف النيران حتى نفذت ذخيرة المهاجمين واخيرا عرض عليهم حاكم البحرين العربيصلحا مشروطا رفضه البرتغاليون طمعا في النهب والغنائم، وانتظروا اربعة عشر يوما حتى وصلتهم سفينة كانت قد ذهبت لاحضار الذخيرة من هرمز وفي تلك الاثناء تفشى مرض الحمى في صفوف المهاجمين، وتوقفت قدرتهم على القتال، ونفذت مؤونتهم فصاروا يستنجدون السكان العرب الذين لم يبخلوا عليهم بالطعام بروح التسامح الاسلامي والأخلاق العربية، واخيرا قرر المهاجمون الانسحاب دون تحقيق اي هدف. وفي طريق العودة مات اكثر البرتغاليينالباقين بما فيهم قائد الحملة سيمون دى كونها، وربما كان موته ناتجا عن فشله المريع.

دخول العثمانيين المجابهة ضد البرتغاليي :
اخذت ردود الفعل العربية والعثمانية تزداد عنفا ضد البرتغاليين في البحر الاحمر والخليج والمحيط الهندى، وفي الداخل اكتسبت التعبئة طابعا شعبيا واضحا لتنبية شعوب المناطق لخطورة المخططات البرتغالية، ولم تحصل على نتائج فورية مؤثرة في البداية نظرا لتفوق البرتغاليين في الاسلحة النارية والافتقارالى قوة سياسية قادرة عل مواجهة التحدى البرتغالي، وللعجز في تجهيز قوة بحرية توازى القوة المعادية، وظل البرتغاليون سادة البحر دون منازع في العقود الثلاثة الاولى في القرن السادس عشر، انغمس بعدها حكام المستعمرات البرتغاليه في الرفاهية وحياة البذخ والنعيم، وقد توافرت لهم في البداية عناصر القيادة الجيدة ذات العزم، والتفوق الكبير في التسلح والتنظيم واستبسال جنودهم، وبدأت هذه العوامل تنخفض تدريجيا وخاصة عندما تحول القادة وكبار المسئولين من حكام الى تجار، والاهم من ذلك كله ظهور عدو جديد قوى امام البرتغاليين متمثلا في الدولة العثمانية التي بسطت نفوذها على مصر عام1517، ثم ضمت اليمن، وفي عام1534 احتل العثمانيون مدينة بغداد واخذوايتقدمون جنوبا باتجاه الخليج.
قامت دولة المماليك في مصر بعمليات بحرية مجيدة وفعاله لصيانة البحر الاحمر من خطر البرتغاليين قبل دخول العثمانيين الى مصر، ولكن سيطرة العثمانيين على مصر وامتداد سلطانهم الى اقطار عربية اخرى جعل الدولة العثمانية هي الملتزمة بالدفاع عن الاسلام كقوة سياسية وعسكرية واحدة في مجابهة البرتغاليين. وتشير المصادر البرتغالية ان ملك الاحساء وحاكم البحرين في عهد كان كل منهما مستقلا قد بعثا عام سقوط بغداد 1534 بوفد ليقدم التهانى والمودة لولي العهد العثمانى، وان لم يلتزم بأية تعبية للدولة العثمانية وكان ذلك اول اتصال بين البحرين والدولة العثمانية، ويرجع الاتراك ادعاءهم بالسيادة على البحرين الى هذا الحادث كأقدم اساس قانوني لذلك الادعاء.
اصبحت الدولة العثمانية في القرن السادس عشر الميلادى دولة عظمى لها اساطيلها في البحر الابيض المتوسط، وتستطيع انزال اسطول بحرى عن طريق السويس في طريق طويل مع البحر الاحمر وبحر العرب حتى الخليج، وبعد سقوط البصرة عام 1546 بأيدى العثمانيين اصبحت مياه الخليج في متناول ايديهم للعمليات البحرية، ولكن اول صدام بحرى كبير بين العثمانيين والبرتغاليين جرى عن طريق اسطول قادم من البحر الاحمر ارسله السلطان سليمان القانوني بقيادة القبطان بيرى محي الدين رئيس، ويسمى قبطان مصر وسار باتجاه الخليج سنة 958هـ - 1551م مع عدد كبير من الجند وثلاثين سفينة، وكان ظهور هذا الاسطول مفاجأة للبرتغاليين، فهاجم بيرى مسقط واستولى عليها واسر حاكمها البرتغالى وحاميتها البرتغالية، ثم هاجم هرمز واستولى عليها وبقيت القلعة بيد العثمانيين وسار الى قشم واقتحمها وبعدئذ توجه الى البصرة وغنم منها الكثير، ثم عاد مسرعا بعد ان علم ان البرتغاليين يحشدون جميع قواتهم البحرية لمهاجمته، فعاد بثلاث سفن تحمل الغنائم والاسلوب التي ظفر بها من البرتغاليين في عمان، وغرقت احدى سفنه قبالة البحرين، واخيرا حكم عليه السلطان بالاعدام نتيجة لتصرفاته.
بعد احتلال العثمانيين لمدينة البصرة(1546) تقدموا الى ساحل الخليج عن طريق شط العرب وعن طريق الاحساء التي استنجدت بهم ضد عسف البرتغاليين فأرسلوا حامية عسكرية الى القطيف، وكانت هناك اتصالات مستمرة بين عرب الاحساء وعرب البحرين وبين العثمانيين.
وخلال الثلث الثاني من القرن السادس عشر جرت مصادمات بحرية بين العثمانين والبرتغالين وقد فشل العثمانيون في بعض هذه المعارك لعدم اعداد اسطول كبير وعدم تنسيق جهود الثغور الاسلامية لضربة كبيرة ضد البرتغاليين.
وفي الفترةمن عام 1550- 1562م توالت الحملات البحرية التركية لمنازلة البرتغاليين وتمكن الاتراك من الحصول على انتصارات عديدة، فقد دمروا البرتغاليين في قشم، ودخلوا مسقط ظافرين مرتين، كما نزلوا بهرمز وضربوها.وفي عام1559م وصل اسطول تركي الى البحرين مؤلف من بارجتين وسبعين سفينة شراعية، وقد الحقت هذه القوة الخسائر بالبرتغاليين في القتال البحرى ولكن فشلت في تحقيق اهدافها. وتشير الوثائق العثمانية ان مراد حاكم جزيرة البحرين كان قد اعلن ولاءه للدولة العثمانية وعين حاكما على البحرين، ولكن والي الاحساء مصطفى باشا قام بالعدوان على البحرين عام 966هـ/ 1559م بتصرف شخصي منه لذلك قام السلطان سليمان القانونيبعزل والي الاحساء المذكور وعين محله مراد بك، كما قدم السلطان سليمان تأكيد علاقات الود والصداقة بين الدولة العثمانية والبحرين وتأمين سواحلها ضد الغزو البرتغالي. كما أشارت الوثائق العثمانية الى فشل تلك القوة التي ارسلها والي الاحساء وتطويقها من قبل البرتغاليين ونزع سلاحها ثم اخلائها الى الاحساء بموجب اتفاق مصالحة بين الطرفين ودفع ضريبة كبيرة للبرتغاليين.
بدأت قوة البرتغاليين في الخليج تذوي اعتبارا من عام 1580 حينما ضمت اسبانيا البرتغال اليها لمدة سنتين، وتم توجيه ضربات ساحقة للقوة البرتغالية في المغرب العربي، فكانت معركة (وادى المخازن) على مقربة من مدينة القصر الكبير بشمالي المغرب 986هـ / 1578م، حيث لقى ملك البرتغال دون سباستيان مصرعه ودمر الجيش المغربي الجيش البرتغالي تدميرا تاما، وقد شهدت نهاية القرن السادس عشر فتورا شديدا في علاقات فارس بالبرتغاليين .وفي عام 1581م وجهت تركيا حملة الى مسقط بقيادة (علي بك) فأكتسح القلعة البرتغالية بهجوم مفاجئ من البر والبحر وفر الباقون من الحماية البرتغالية الى داخل عمان، وهاجم العرب البرتغاليين في (نخيلوه) عام 1585 بعملية كمين بارعة ومفاجئة فقتل اكثر من 250 رجلا من البرتغاليين، وفر الاحياء منهم هاربين الى السفن، وكانت هذه اكبر ضربةموجعة توجه الى الغزاة البرتغاليين.

طرد البرتغاليين من البحرين :
ذاق سكان بلدان الخليج التي ابتليت بالبرتغاليين الاهوال من شدة تعسف هؤلاء وارهابهم ونهبهم لخيرات البلاد والسيطرة على تجارتها، وكانوا يتحينون الفرص للثورة عليهم، وفي عام 1602م قتل احد البحريين حاكم الجزيرة البرتغالي بخنجر واعلن نفسه حاكما للبحرين، وهب سكان البحرين واقتحموا القلعة وتغلبوا على الحامية البرتغالية واحتلوها. وكانت تلك الحادثة آخر عهد البرتغاليين بالبحرين، وقد حاول البرتغاليون استرجاع البحرين بحشد قوات برتغالية وهرمزية كما استقدموا قوات من الهند ولم يكتب لهذه المحاولة النجاح حيث انتشر المرض فى افراد القوة، وارسل شاه ايران عباس قوة من خمسة آلاف رجل الى بندر عباس لتحويل انتباه البرتغاليين ، ووقعت حادثة تمرد ضد الحامية البرتغالية هناك وهذه الاسباب ادت الى عدم تمكن البرتغاليين من التقدم الى شواطئ البحرين.



الدروس المستفادة من الغزو البرتغالي
لقد استهدف الغزو السيطرة على مراكز التجارة في الخليج العربي، وجاء يفرض نفسه بالبطش والارهاب وروح الحقد الصليبي على كل مايمت للاسلام بصلة. وقد مارس البرتغاليون سياسة القرصنة البحرية، فكانوا يتعرضون لكل سفينة تمخر عباب الخليج للاستيلاء عليها ونهب حمولتها، ويمكن استخلاص الدروس التالية من مجمل عمليات التواجد البرتغالي في الخليج خلال نحو قرن من الزمان.
1) تعطيل القدرة على الحركة :
كان اهتمام البرتغاليين الاول منع العرب من المتاجرة مع الهند والشرق الاقصى لذلك كان الهدف مهاجمة السفن العربية اينما وجدت وتعطيل القدرة على الحركة وبذلك يتم تأمين هدف تجارى وعسكرى،وقد يكون الهدف العسكرى ذا اسبقية اولى بعد استقروا في الخليج، وذلك لتعطيل القدرات التعرضية ضدهم سواء على صعيد دولة منفردة او مجموعة من الدول الخليجية. لقد قام البوكيرك منذ دخوله الخليج 913هـ / 1507م بتدمير كل مركب خليجى التقى به في طريقه. وكان يحرق السفن الراسية في المؤانى حتى التى لا دور لها في القتال. وماتبقى من السفن التجارية كان يحصل على اذن رسمي للملاحة من البرتغاليين بعد ان سيطروا على الطريق البحرى بايجاد حاميات عسكرية في الحصون والمراكز.
2) المقاومة المحلية :
اخذت ردود الفعل ضد التسلط البرتغالي تبرز هنا وهناك بين سكان الخليج وصارت تزداد عنفا بالرغم من حالة الفرقة التى كانت سائدة، وقد شهدنا بع الحكام واهل البلاد يقومون بالانتفاضات العرمة وصارت المقاومة شعبية مع مرور الوقت، وكانت ثورة عام 1522 بزعامة ملك هرمز اول عملية متماسكة ضد البرتغاليين في هرمز والبحرين ومسقط وصحار، وكانت عملية الكمين في نخيلوه ومقتل 250 برتغاليا مثلا رائعا على المقاومة الشعبية، وكان للانتفاضات والمقاومة تأثير كبير على البرتغاليين ومعنوياتهم.

3)قوة الدولة وتوخي الهدف :

كانت قوة البرتغاليين وتفوقهم بالتسليح نابعين من قوة الدولة التى كانت تعمل بصورة دائبة على ارسال النجدات وقوات منظمة الى مسح العمليات وتواصل توخي الهدف بالرغم من خسارة بعض المعارك وكانت قوة البرتغاليين بالمقارنة مع القوى المحلية التى تجابهها فى الخليج تشكل عامل تفوق. وبالمقابل عندما دخلت الدولة العثمانية الصراع اصيب ببعض الانتكاسات وخسارة بعض المعارك ايضا ولكن قوة الدولة الفتية كانت تتحمل ذلك وتديم اعداد الحملات الجديدة، وتوخي الهدف حتى صارت مصدر رعب مقيم للبرتغاليينوبدأت تسجل انتصاراتها عليهم وقد نظر سكان الخليج الى الدولة العثمانية على اعتبارها دولة الاسلام وحامية الحرمين فتعاونوا معها. ومن اهم اسباب نجاح البتغاليين في بداية الغزو عدم وجود دولة قوية موحدة فى مواجهتهم، والدولة التى يمكن ان تقوم بذلك هي الدولة العثمانية التى كانت خلال النصف الاول من القرن السادس عشر مشغولة في توطيد اركانها وبسط سلطانها على المناطق العربية فى مصر والهلال الخصيب والجزيرة العربية، وكانت لديها قوات بحرية قوية في البحر الابيض المتوسط، وبعد احتلال مصر عام1517 واحتلال البصرة عام 1546 بدأت القوات البحرية للدولة العثمانية تعمل بقوة في البحر الاحمر وبحر العرب والخليج العربي من قاعدتين لتزويد السفن، فكانت القاعدة الاولى في السويس والثانية في البصرة، لذلك صارت العمليات البحرية العثمانية تظهر ضد البرتغاليين من اتجاهين، واخذت الصدامات تزداد عنفا وضراوة.
3) التحالف مع الدولة الصفوية :
في فترات معينة تواطأ بعض الحكام المحليين مع البرتغاليين، ولكنمحاولات البرتغاليين لاستغلال الدولة الصفوية بسبب النزاع بينها وبين العثمانيين وبين اقاليم الخليج جعل الاتفاق بينهما قائما، وهذا ماتحاوله الدول الاجنبية في الماضى واحاضر للوقيعة بين ايران والدول العربية والاسلامية، ولو وقفت ايرانفي وجه البرتغاليين اثناء الثورات العربية في الخليج او اثناء التعرض العثماني على البرتغاليين لاصبح الوضع سيئا بالنسبةللقوات الغازية ولما كتب لها البقاء للمدة التي اقامت فيها فى الخليج.


الدور البريطاني فى الخليج
اشتدت المواجهة بين العثمانيين والبرتغاليين فى النصف الثاني من القرن السادس عشر بينما يستمر الصراع بين العثمانيين والايرانيين من جهة ثانية، مع ان بعض الحملات البحرية العثمانية ضد البرتغاليين لم تكن ناجحة فى البداية الا انها اخذت تسجل نجاحا فيما بعد. والقيمة الحقيقية للعمليات العثمانية ضد البرتغاليين تتمثل فى انها اعمال تعرضية مع المحافظة على المبادأة، وكان السابق يتم من جانب البرتغاليين، وقد شهد النصف الثاني من القرن السادس عشر ايضا محاولات انجليزية وهولندية لمزاحنة البرتغاليين فى الهند والشرق الاقصى.
فى عام 1598 ظهرت اول طليعة انجليزية فى بلاط شاه ايران عباس تعرض اعادة تشكيل الجيش الايراني على اسس عصرية واقامة علاقات مع الغرب المسيحي والهدف من وراء ذلك توسيع الهوة بين العثمانيين والايرانيين للوصول الى مآربهم الاستعمارية فى المستقبل، ثم العمل ضد البرتغاليين الذين اخذت سطوتهم ونفوذهم بالانحسار. وفي عام 1608 بدأت شركة الهند الشرقية البريطانية وتءسس اول مركز لها في(سورات) بالهند، واخذ النفوذ الانجليزى يأخذ دوره فى التوسع هناك ثم باتجاه الخليج العربي، وكان تحالف الانجليز مع ايران موحها ضد الاتراك والبرتغاليين، وصار الانجليز يحصلون على تسهيلات تجارية خاصة، وكانت كراهية الناس للبرتغاليين سببا فى تشجيع اقامة علاقات مع الانجليز وتنظيم هذه العلاقات وتوجيهها. وفى الفترة من عام1602 عندما تم طرد البرتغاليين من البحرين من فبل سكان البحرين وتابع ذلك سكان الخليج خاصة يعاربة عمان وحتى عام 1622 خسر البرتغاليون هرمز وقشم وصاروا يطاردون فى كل مكان فى الخليج، واخيرا تم طرد البرتغاليين من قلعتهم فى قشم بعملية مشتركة اشتراك فيها جيش كبير لشاه عباس تدعمه السفن البريطانية التى قامت بضرب الاسطول البرتغالي والقلعة فى هرمز حتى سقطت فى ابريل عام 1622 وطوى عن قلعتها علم البوكيرك بعد ان بقى عليها مائة واربع عشرة سنة ووقع باقى البرتغاليين في هرمز وعددهم ثلاثة آلاف نسمة فى الاسر. وكان التحالف وثيقا بين الانجليز والفرس، وتحمل الفرس العبء الاكبر فى معركة هرمز حيث خسروا حوالي الف قتيل ولم تزد خسائر الانجليز على العشرين اصابة.وقبل هذه المعركة كان الانجليز قد تغلغلوا بمصالحهم فى بلاد فارس فأسسوا وكالة فى شيراز واخرى فى اصفهان مع تعدد بعثاتهم ووكالاتهم.
كانت آخر مراكز البرتغاليين فى مسقط وعمان، وحاولوا التحالف مع الاتراك ضد التحالف الانجليزى الفارسي، فتم تأسيس مركز تجارى وجالية برتغالية فى مدينة البصرة لتحويل التجارة البرتغالية الى هذه المدينة، وجرى تعاون عسكري تركي برتغالي محدود بشن هجمات متلاحقة على شواطئ الايرانى ومحاولة منع عرب شمال الخليج من التعامل مع سلطات الجنوب الفارسية البريطانية ولم تكن القوة البحرية التركية والبرتغالية فى شمال الخليج كافية للتغلب على قوة الحلف الفارسي الانكليزى، واخيرا جاءت الضربة ضد البرتغاليين فى عمان بقيام دولة اليعاربة حيث تم طرد البرتغاليين نهائيا بسقوط حصن مسقط عام 1650 وتحول من بقى منهم فى البصرة الى مرتزقة.


الفصل الثاني
معركة الزبارة والتحول الكبير قى البحرين
أ‌) البحرين فى القرن الثامن عشر :
آل مذكور
العتوب
ب)الزبارة
ج) معركة الزباره والدروس المستفادة
د‌) معركة البحرين والدروس المستفادة

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 04:56 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

البحرين في القرن الثامن عشر
- آل مذكور
- العتوب


بعد خروج البرتغاليين نهائيا من البحرين فى بداية العقد الثالث من القرن السابع عشر الميلادى مرت البلاد فى فترة كان يحكمها بعض القبائل العربية التى كانت مساكنها في الساحل الشرقي للخليج العربي وكانت احيانا تدفع أتاوة لإيران. من أواسط القرن الثامن عشر الى الحصار وهروب ( الشيخ نصر آل مذكور) الى بوشهر سنة 1783م/1197هـ فدخول العتوب للبحرين.



آل مذكــــــور
ينتسب آل مذكور الى (النصور) وهم من عرب الهوله من (مطاريش) عُمان ومن قائل أنهم من (البومهير) من أعراب نجد أستوطنوا (بوشهر) منذ 1646م /1056هـ وأنتشروا فى نحو عشر قرى فى السواحل الشرقية للخليج العربي وخاصة في (القابنديه) و(كنكون). وممن أشتهر من (النصور) الشيخ (جباره) الذى حكم البلاد (كنكون) و(كنك) شرقي ميناء (لنجه) وأمتد حكمه الى مناطق أخرى مثل طاهرى وهى الميناء العربي المعروف (بسيراف) ذي الأهمية التجارية لموقعه على طريق الملاحه فى وسط الخليج للسفن الذاهبة والقادمة من الهند وسرنديب (سيلان) والشرق الاقصى. وكانت البحرين تحت نفوذ إمام مسقط حتى سنة 1718م /1131هـ حيث تآمر الشيخ (جباره) بمساعدة الإيرانيين ضد إمام مسقط الذى أنسحب من البحرين فأخذت البحرين تدفع أتاوة الى أيران الا أن الشيخ (جباره) إستقل في البحرين فى وقت ما بعد سنة 1721م /1134هـ كما أورد (لوكهارت). وتذكر الوثائق الهولنديه أن الشيخ (جباره) أصبح حاكما للبحرين فى فترة ماقبل 1730م /1134هـ كان الشيخ (جباره) يعاصر الشيخ (راشد بن مطر القاسمي) حاكم (باسيدو) ويتعاون معه. وبقى الشيخ (جباره) الى سنة 1737م /1150هـ حيث سيطر نادر شاه على البحرين لأنه طلب من الشيخ (جباره) ومن الشيخ(راشد) أن يقمعا حركة قام بها (احمد المدنى) فى جنوب إيران فلم يتحمسا لطلب نادر شاه فاستولى نادر شاه على البحرين. الا أن الشيخ(جباره) حاصر قلعة البحرين سنة1738م /1151هـ وأستعادها وبقى حاكما في البحرين حتىتوفى (نادر شاه)1747م/1160هـ وعلى إثر وفاة ( نادر شاه) فقدت أيران أى نفوذ على البحرين. وفى قول للنبهاني أن الشيخ (جباره) ذهب للحج فخلعه (نادر شاه) وعين مكانه (غيث) وأخاه (نصر) عل البحرين وذلك سنة 1739م /1152هـ وبقى الحكم فى البحرين (لغيث وناصر) آل مذكور الى أن توفيا فخلفهما أخوهما الشخ (نصر بن ناصر) وكانا قد عاصرا (على مراد خان) وقد ورد ذكر الشيخ (مذكور) وكان شاهبندر لميناء (بوشهر) فى 1737م/1150هـ. وكان(نصر آل مذكور) يعاصروالده (مذكور) فى سنة 1740م /1153هـ.
وعلى أثر (نادر شاه) 1747م /1160هـ كان الشيخ (نصر آل مذكور) على البحرين وبفى الى عهد (كريم خان الزندى) على أن يدفع الى كريم خان أتاوة سنوية مقدارها أربعة آلاف تومان مقابل حكمه بها.
وفي وقت ما أحتلت قبيلة(الحرم) البحرين وهى قبيلة من عرب الهوله (الحوله) وكانت تحكم (عسالوه) وشيخها (قاس بن جبر) ثم أبنه (محمد بن قاسم) ولكن تحالف شيخ (بوشهر) وهو الشيخ (ناصر آل مذكور) مع الشيخ (مير ناصر) شيخ (بندريق) سنة1751م /1165هـ الحرميين فاحتلا البحرين وجدير بالذكر أن مير ناصر الزعابي تزوج بنت الشيخ مذكور فى بوشهر.
ثم سيطر الشيخ (مير ناصر) على البحرين لوحده مما أضطر الشيخ (ناصر المذكور) لمغادرة البحرين الى (بوشهر) دون أن يحصل على أى نصيب من الضرائب ولكن تعرضت (بندريق) لخطر حاكم (غنورا) وأسمه (قائد حيدر) فاضطر (مير ناصر) لمغادرة البحرين فدخلها (الحرميون) فى سنة1751م /1175هـ حسب تقرير هولندى يشير لهذا العام فرجع الشيخ (ناصر المذكور) الى البحرين بعد أن تحالف مع (العتوب).
ولكن فشل هجوم (ناصر آل مذكور) أمام مقاومة (الحرميين) وبقية الهوله فى البحرين فأتجه الشيخ(ناصر) الى (النصور) فى ميناء (طاهرى) وهم قبيلة الشيخ (جباره) فاحتل الشيخ (ناصرآل مذكور) البحرين سنة1753م /1167هـ بينما أنسحب (الحرميون) الى (عسالوه) فى نفس السنه.
وبقى الشيخ (نصر)وأخوه (سعدون) آل مذكور على البحرين ونرى (سعدون) هذا وقد ورد أسمه كحاكم فى البحرين سنة 1761م /1175هـ وذلك في الوثائق الهولنديه المعاصرة وفي سنة 1777م /1191هـ أمر (كريم خان الزندى) الشيخ (ناصر آل مذكور) حاكم بوشهر والبحرين بأخضاع الزباره وأحتلالها فحاول الشيخ (نصر) ولم ينجح فقد فشل فى مهمته نتيجة ظروف تمر بها إيران للتنافس على العرش مما ادى الى أضعافها خاصة وأن الشيخ (نصر) أشترك فى أحداثها. ومع ذلك حاول الشيخ (نصر) عدة مرات أخضاع الزباره في الفترة مابين 1779م /1193هـ الى 1781م/1193هـ الى 1781م /1195هـ ولم يفلح أيضاوتوفى الشيخ (ناصر) فى 11 أبريل 1789م الموافق 14رجب 1203هـ وعلى أثر وفاة الشيخ ناصر خليفة أبنه الشيخ (نصر) آل مذكور وهو الذى كان يشارك أباه في الحكم كما أنه هو حاصر مدينة الزباره سنة 1783م /1197هـ وفشل فى حصاره اذ حدثت وقعة أنكسر فيها وهرب الى بوشهر وسميت (وقعة نصور) أو (تدويل نصور) ونصور تصغير (نصر) وذلك فى 18جمادى الثانيه1197هـ ونجد ذكر الشيخ (نصر بن ناصر) حتى 1798م/1213هـ.
وكان الشيخ نصر آل مذكور ذا نفوذ وثورة ويملك سفنا تجارية تبحر الى مسقط والهند وله فرقة عسكرية خاصة تحافظ على سفنه وأملاكه. ولما توفى خلف ثروة عظيمة ورثها من بعده أبنه والذى اسماه بأسمه (نصر) وطبقا لوصية والده فقد أمر أبنه يتآزر مع لطف علي خان (لطفعلي خان) لايصاله الى الحكم، وقد تولى الشيخ (نصر) بوشهر والبحرين مدة حوالي36سنه وفى قول 40سنة بتفويض من نادر شاه 1152هـ بعد أحتلاله البحرين ثم من كريم خان الزندى من بعده حيث حكم الشيخ (غيث) والشيخ ناصر فى عهد كريم خان فالشيخ ناصر الثاني ثم الشيخ عبدالرسول بن الشيخ ناصر الثاني حفيد نصر آل مذكور وبقى غيث وأخوه الى 1197/1783م والذى يبدو من دفاتر المستوفيات كان ضمن ماليات بلاد فارس ماتستوفى من البحرين من أتاوة وهذا مما يدل على أن النفوذ ينحصر فقط فى دفع الضريبة أو الأتاوة وأحيانا لاتدفع الأتاوة فى الاحوال المضطربه فى إيران كما حدث على أثر وفاة كريم خان فى 1193هـ اذ مرت إيران فى حروب داخلية حتى عام 1203هـ فأنقسمت الى ما يشبه دويلات الطوائف.وقد عاصر الشيخ (نصر)(على مراد خان) حاكم أصفهان الذى كان له جميع الخراج فى بلاد إيران من 1195-1200هـ بينما كان يحكم أيران (جعفر خان) دون أن يرد ذكر البحرين فى أيامه، كما أن برسي سايكس الذى جعل حكم(علي مراد) بين 1196-1199هـ الموافق 1782-1785م ولم يذكر هو الآخر خراج البحرين فى عهده. وقد دارت بين (علي مراد) و(صادق خان) حرب أنتهت بهزيمة (علي مراد خان) أمام جيش (علي قلي خان بن صادق خان) سنة 1196هـ وفى هذه الفترة التي مرت بها إيران فى حروب داخلية لم يذكر فيها عن البحرين شيء سوى أن آل خليفة ومن والاهم هزموا جيش (نصر آل مذكور) الذى جاء محاصرا (الزبارة) ففشل حصاره وهرب الى بوشهر تاركا فلول جيشه وشفنه غنيمة للشيخ (أحمد بن محمد آل خليفة) ومن والاه من القبائل فى قطر ثم توجه الشيخ أحمد الى البحرين ففتحها سنة 1197هـ الموافق 1783م ولقب بالشيخ احمد الفاتح.

العتوب
نستطيع أن نحدد الفترة التاريخيه التى تمت فيها هجرة العتوب من الهدّار بناء على الوثائق والحوادث التاريخيه بالعقد التاسع من القرن الحادى ععشر الهجرى أى ما بين 1082-1091 هجريه الموافق 1671-1680ميلاديه وأستقروا في قطر حوالي 33سنة مكنتهم هذه المدة أن يتفاعلوا مع بيئتهم الجديدة ويرضوا أنفسهم على ركوب البحر والغوص للؤلؤ ومشاركة غيرهم من أبناء الخليج في عمل النقل البحرى (القطاعه) والغوص ونافسوهم على ذلك مما أثار عليهم حسد الآخرين فنشبت بينهم الخلافات والمعارك.

وبعد معارك ضارية خاضوها ضد أعدائهم في تلك السواحل هاجروا الى البصره سنة 1113 هجريه 1701ميلاديه ثم بعد سنوات من هذا التاريخ سكنوا الكويت.
والعتوب هاجروا من نجد وهم عشيرة مترابطة يحملون هذا الاسم وكونوا قراهم على ساحل قطر وعندما يشار اليهم يقال قبيلة العتوب، ولاننكر أن هناك أقواما انضموا لهم بعد وشملتهم العتبيه ولكن الأساس كانوا هم.
ومن نجد طلعت عدة هجرات لأفراد وأفخاذ سكنوا وأسسوا قرى ومدنا ولكنهم لم يكونوا مترابطين كالعتوب، خذ مثلا (الزبير) أكثر سكانها من أهل نجد ولكنهم ليسوا عشيرة واحدة بل أفخاذ وبيوت. أما العتوب فهم منصهرون فى بعضهم البعض بالمصاهرة والنسب منذ هجرتهم ويشار اليهم فى التاريخ باسم قبيلة العتوب وكان إمضاء الواحد منهم:فلان بن فلان العتبي وكانت عزوتهم واحدةهى قولهم (آلاد سالم)
وفي بداية هجرتهم لم يكن العتوب من الكثرة والقوة على ماهم عليه فيما بعد ولكن عندما أنضم اليهم غيرهم من الأفراد والأفخاذ والعشائر وتكاثر نسلهم عزوا وزادت قوتهم.
وتذكر لنا الوثيقة العثمانية عام 1113 هجريه أن العتوب ومن معهم عندما هاجروا الى البصرة كان عددهم الفي بيت تحملهم 150سفينة في كل سفينة نحو اربعين رجلا يحملون البنادق وبها مدافع. فاذن نستطيع أن نقدر عدد المهاجرين مع ذراريهم ونسائهم بعشرة آلاف نسمه، وهذه قوة لايستهان بها في ذلك الوقت.
ونعود لكلمة العتوب جمع عَتبي من أين أشتقت، االمتواتر عند اهلنا أن العتوب فرع من جُميلة وايل وجميلة وايل معروفة فى نجد ومساكنهم الأفراج والهدار قرب وادى الدواسر وبقاياهم لايزالون يسكنون تلك النواحي وعندما هاجروا الى سواحل الخليج انضم اليهم غيرهم فتحالف معهم وشملته العتبية وأصبح حلفا يضم أفخاذا كثيرة لعدة قبائل تحالفت معهم وشملته العتبية، وأقدم وثيقة أوضحت ذلك عن العتوب ماكتبه الشيخ عثمان بن سند المتوفى سنة 1242هـ الموافق 1826م.
وفي رواية 1250هـ /1834م ، حيث قال عندما تكلم عن الكويت (سكنها بنوعتبة ولهم في عنزه بن أسد نسبة، والذى يظهر أنهم متباينو النسب لم تجمعهم في شجرة أم وأب ولكن تقاربوا فنسب بعضهم لبعض وماقارب الشئ يعطي حكمه على الفرض أما أقدم ذكر للعتوب في التاريخ عثرنا عليه حتى الآن فهو في عام 1112هـ /1700م أذ ورد في مخطوط لؤلؤتي البحرين ليوسف بن أحمد الدرازي المتوفى سنة 1186هـ /1772م وهو يترجم لنفسه فيذكر وقعة في البحرين كان العتوب طرفا فيها ويؤرخ هذه الوقعة ببيت من الشعر يقول : وقد أرخ والدى هذه الوقعه بقوله :
قضية القبيلة المعتدية وعام تلك (شتتوها) فأحسبه
وبحساب كلمة (شتتوها) بحساب الجمل تكون :
ش=300+ت=400+ت=400+و=6+هـ=5+أ=1فالمجموع (1112هـ) الموافق 1700م وهو تاريخ الوقعة.
أما الدليل التاريخي الآخر على تواجد العتوب فى الخليج عامة والبحرين بصورة خاصة فهو الوثيقة العثمانية التي حصلنا عليها من أرشيف رئاسة الوزراء العثماني في دفتر المهمة رقم11صفحة 713في حوادث 21رجب سنة1113هـ /ديسمبر1701م حيث جاء العتوب الى والي البصره، وقد أشرنا اليها في بحثنا هذا سابقا.
وفي وقت مابعد سنة 1113هـ / 1701م يمموا صوب (القرين) وكان فيها كوت أو حصن قد جعله حاكم الأحساء والقطيف (أبن عريعر الخالدي) مستودعا أو مخفرا لحفظ حدود دولته الشمالية فوهبه للعتوب ثم نزلوا حوله في اوائل القرن الثاني عشر الهجري أو الثامن عشر الميلادى، وبنى الشيخ (خليفة بن محمد) الكبير جد آل خليفة المسجد المشهور في الكويت(بمسجد آل خليفة) واوقف عليه قسما من غلة النخل الذي يملكه في القطيف.
وفي حوالي سنة 1120هـ/1708م أنتقل الشيخ (خليفة بن محمد) الى جوار ربه ودفن في الكويت فخلفه أبنه الشيخ (محمد بن خليفة) وكان يافعا فبقى في كنف عمه الشيخ(صباح بن جابر) الذى زوجه بإبنته فأنجبت له ابنه البكر (خليفة) وهذاما نستدل به على أن الشيخ خليفة قد توفى قبل أن يتزوج أبنه محمد بن خليفة وبعد ان تزوج وأنجب أبنه البكر سماه بأسم والده خليفة كما جرت العادة. وهذا مما يؤيد قول المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح بأن أل صباح وآل خليفة في بدء سكناهم الكويت كانقدرهم للطبخ واحدة وذلك لصلة القربى بينهم.
ونحن لانؤيد الأقوال التي تقول أن تأسيس الكويت سنة 1125هـ / 1713م أو قول (واردن) أن العتوب سكنوا الكويت سنة 1128هـ/1716م.
مع مرور الزمن اتسعت الكويت وتزايد عمرانها وزاد عدد سكانها نظرا لما تتميز به من مميزات هى ميناؤها الممتاز لرسو السفن وموقعها التجارى وقربها من مغاصات اللؤلؤ فأجتمعت كلمة العتوب على أختيار الشيخ (صباح بن جابر) حاكما عليهم.
وهناك وثيقة تثبت أن أول قاض فى الكويت هو الشيخ (محمد بن فيروز) المتوفى سنة1135هـ/1722م فلابد وأن المدينه قد تأسست منذ مدة من الزمان. ونحن نرى أن تأسسيها كان قبل التأسيس كان (القرين) ثم غلب عليها أسم الكويت.
وتحدثنا الوثائق الهولندية حسب التقرير الذى كتب بواسطة (نيفهاوزن) مدير شركة الهند الشرقيه الهولنديه في (خارج) ومساعده (جان فاندرهولست) في سنة 1170هـ/1756م وقد وصفا في هذا التقرير المنطقة الساحلية للخليج وسكانها ورفعا التقرير الى (جيكوب موسيل) الحاكم العام لشركة الهند الشرقية الهولندية وجاء فى هذا التقرير عن العتوب مايلى:
لجأ الشيخ ناصر آل مذكور الى العتوب وأستنجدهم في فتح البحرين على أن يعفيهم في مقابل ذلك من دفع أية ضريبة على ممارسة الغوص في مغاصات البحرين وكان العتوب يتقنون عملية الغوص. هذا أول ذكر للعتوب في هذا التقرير ثم يستمر التقرير فى وصف بنادر ومشايخ الخليج حتى يصل الى البصره ثم يقول : وبعد الفرات (الفاو) تأتي جزيرة (فيلكه) على الشاطئ العربي وتقع القرين مقابل فيلكه تسكن هذه الأماكن قبيلة العتوب العربية وهم ينتمون الى شيخ قبيلة بنى خالد ويدفعون له مبلغا صغيرا من المال ولديهم 300سفينة معظمها صغير ويستخدمونها للغوص على اللؤلؤ وهو المصدر الوحيد لمعيشتهم اذا شحت الأمطار ويبلغ عددهم 4000نسمه وهم مزودون بالسيوف والدروع والرماح. وليس لديهم المام بأدوات النار وأنهم دائما مشغولون بالحرب مع عرب الساحل وفي خصام دائم معهم، ولكن صغر حجم مراكبهم لا يسمح لهم بالأبحار لمسافات طويله، والمغاصات التى يرتادونها لصيد اللؤلؤ بين البحرين من جهة ورأس بردستان قرب كنكون من جهة ثانية ومع أن عندهم عدة شيخوج الا انهم يعيشون فى وئام وأهمهم هو الشيخ مبارك بم صباح والشيخ محمد بن خليفه.
وفي تقرير معاصر دُوّنَ عام 1798م/1213هـ ان كلا من القرين (الكويت) والزبارة والبحرين يسكنها العرب من بني عتبه وتم توحيد تلك الاماكن تحت حكومة موحده على رأسها كل من الشيخ احمد آل خليفة شيخ البحرين.(والزبارة) والشيخ عبدالله بن صباح شيخ القرين ويتمتع كل منهما بسيرة حميدة ويتفانى كل منهما ببذل قصارى جهودهما لاجل رقي القبيلة التي ينتميان اليها حتى اصبح الناس عامه في منطقة الخليج يحترمونهما ويخشونهما وصار العتوب من اقوى القبائل العربيه التى تمارس الملاحة فيها، كما ان عدد المراكب لديها لايستهان به وانهم يسيطرون على تجارة شحن البضائع التى تمر بين مسقط والبصره. وان الحكومة في كل من (القرين) و (الزبارة) و (البحرين) جديرة بالاحترام لاتصادفها بالعدالة والشدة في تطبيقها ومن هذه الناحية يمكن مقارنتها حقا بحكومة مسقط. ويتمتع الاجانب الذين يزورون هذه الموانئ وكذلك التجار المقيمون فيها يتمتعونبحماية تامة.
ومما لاشك فيه أن العتوب كانوا يرتادون مؤانئ الخليج بسفنهم للغوص والتجاره والنقل، وقد هاجر آل بنعلي وهم قسم من العتوب من الكتوب الى (الفريحه) في قطر وسكنوها حوالي عام 1145هـ /1732م . وآل بنعلي هم أخوال الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة الملقب بالفاتح.
كما هاجر بعض العتوب ومنهم آل خليفة الى قطر فأسس الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة (الزباره) عام 1762م وانجب خمسة ابناء هم (خليفة ، احمد ، مقرن ، ابراهيم وعلي)
وفي ذلك الوقت لم تكن توجد جوازات ولا رخص نزول وكل الموانئ مفتوحه للقادمين والمسافرين ولا توجد جمارك ولكن هناك عشورا ومكان آخذ العشور يسمى (المعشر) والذى يقدر العشور على التجار ويستلمها يسمى (المُعَشِرْ).


الزبارة
مدينة تقع على ساحل شبة جزيرة قطر الشمالي الغربي. ومعنى الزبارة في لسان العرب من الزبر وهو وضع البنيان أو الحجارة بعضها فوق بعض. وعند أهل الخليج العربي تعني أكمة أو تلة صغيره ترتفع عن الأرض وسمى المكان الذى بنيت فيه هذه المدينة بالزبارة لوجود تلة صغيرة فيه وهناك محل آخر في قطر يدعى أبا الزبار.
أما تسمية الأماكن فالعرب يسمون كل قطعه من صحرائهم بإسم ليستدلوا به في معرفتها وقد إختاروا وقد وفد إختاروا سكنى الزبارة لما تتميز به من ميناء مجاور للسفن ولقربها من الماء والمرعى والحطب ولم يرد أي ذكر للزبارة في التاريخ قبل تأسيس الشيخ محمد بن خليفة لها ولقلعته المشهورة فيها بعد نزوحه من الكويت الى قطر.
وإن الرحالة (نيبور) لم يذكر الزبارة ولم يضعها في خريطته التى رسمها عام 1179هـ /1765م حيث لم يمض على تأسيس الزبارة سوى ثلاث سنوات وام تشتهر بعد وقد رسم نيبور خريطته قبيل بناء الشيخ (محمد بن خليفة) القلعة في موضع الزبارة بسنة على الأرجح، بينما ذكر(نيبور) أماكن أخرى في الخليج منها (القرين) و (قطر) كما أشار في خريطته الى قرية (فريحه) الواقعه بقرب (الزبارة).
وإن الذى أسس الزبارةوأدخلها التاريخ هو الشيخ محمد بن خليفة ثم نمت واتسعت بعد ذلك وراح كثير من الناس يفدون اليها وذلك لما أتصف به مؤسسها وأميرها الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة وأبناؤه من بعده من أخلاق فاضلة وكرم وعدل وشجاعة وحنكة في القيادة مكنتهم من هزيمة منافسيهم حتى أصبحت الزبارة حاضرة شبة جزيرة قطر والبحرين دون منازع.
وقد رجحنا أن تأسيس الزبارة عام 1176هـ / 1762م وليس عام 1180هـ /1766م وذلك لأن الشيخ محمد بن خليفة بعد هجرته الى الزبارة تزوج من آل بوكواره وأنجب من زوجته هذه ولديه (علي) و (إبراهيم) وكان علي من أبطال معركة الزبارة ومعركة البحرين فى سنة 1197هـ /1783م مما يدل على أن عمره وقتئذ كان زهاء عشرين عاما فلابد والحالة هذه أنه ولد في وقت ما حوالي سنة 1177هـ /1763م ولو كان زواج الشيخ محمد بن خليفة 1180هـ/1766م لكان عمر علي هذا لا يتجاوز ستة عشر عاما وهذا مما لا يساعد على أشتراكه اشتراكا فعالا في المعارك. هذا دليلنا على أن أرجح عام لنزوح الشيخ محمد بن خليفة الى الزبارة كان في سنة 1176هـ/1762م.
وهكذا أصبح للشيخ محمد بن خليفة إمرة بلدة الزبارة ومن سكنها وقام ببناء قلعة على الماء الذي يستقون منه وسماها (صبحا) على اسم قلعتهم في الهدار وتسمى أيضا قلعة (مرير) نسبة الى الماء الذى بنيت حوله ولا زالت صور آثارها معروفة. وكانت قلعة حصينه. وأتم بناءها فأرخت بجملة :
(تمت 840 + بعز 79 + وعون 132 + الله 66 + حاميها65).
وذلك سنة 1182هـ الموافق سنة 1768م. وقد ساعدت الظروف السياسية والإقتصادية على أزدهار الزبارة وعمرانها وإتساعها حتى أصبحت أكبر مدينة في قطر.
وفي حوالي سنة 1186هـ /1772م توفي(الشيخ محمد بن خليفة) وخلفه أبنه (الشيخ خليفة) وكان الشيخ خليفة بن محمد ورعا تقيا وأديبا شاعرا ينظم الشعر وله المام بفقه الإمام مالك وفي عهده إتسعت الزبارة وذلك لأسباب منها :
هجوم الزنديين على البصرة في عهد كريم خان الزندى ومحاصرتها حوالي سنة ونصف 1888هـ وقيل سنة 1889هـ وقيل دام الحصار 14 شهراً حتى سنة 1190هـ الموافق سنة 1775م – 1776م ودافع أهل البصرة عن مدينتهم ببسالة نادرة رغم نقص الطعام وقلة الذخيرة عندهم ونهب العجم البصرة وفعلوا بها الأفاعيل وكان متسلمها يومئذ (سليمان بك الكبير) ومعه فيها مشايخ المنتفك، فلما كانت سنة 1190هـ أستولى العجم على البصرة صلحا ثم غدروا بأهلها ونهبوها وساروا الى بلد الزبير ونهبوه ودمروه وتركوه خاليا وأهله مابين منهزم طالب النجاة وقتيل وهذا أدى الى أنتقال كثير من أصحاب رؤوس الأموال والعلماء من البصرة والكويت الى (الزبارة) و (الأحساء) ومناطق الجنوب لبعدها عن الأحداث خاصة وإن البصرة وقتئذ كانت مركزا تجاريا وفيها حركة أقتصادية نشيطة كما أن الرفاه الأقتصادى أدى الى التقدم في العلوم والعمران فيها فلما أنتقل بعض التجار بخبرتهم وأموالهم الى الزبارة أنتعشت المدينة. ثم أن تحول طائفة من فحول العلماء والأدباء والشعراء اليها ساعد التقدم العلمي حيث فتحوا المدارس فيها شأن ما الفوه في البصرة. فعمرت الزبارة أقتصاديا وثقافيا. وممن هاجر اليها بسبب هذه الأحداث علماء وتجار كثيرون.
وتعرضت البصرة لمرض الطاعون. حيث كتب شاهد عيان في حوادث سنة 1186هـ / 1772م وهو(عبدالرحمن بن عبدالله السويدى)المؤرخ المعاصر لإنتشار وباء الطاعون في العراق والذى إنتقل من بغداد الى البصرة مع أهله ثم الى الزبير وبعدها الى الكويت ووصف الكويت فأقام بها شهرا فقال أن فيها أربعة عشر مسجدا وجامعين.
وأرخ لوريمر هذا الحدث في سنة 1773م /1186هـ فقال : أن وباء الطاعون فتك بحوالي 200الف نسمة من أصل ثلاثمائة الف من سكان البصرة وفي رواية ولم يبق من أهل البصرة الا القليل فقد أحصى من مات من أهلها فبلغوا ثلاثمائة وخمسين الفا، ومن أهل الزبير ستة آلاف نفس. وهذا الوباء دفع بالكثير من سكان البصرة الى النزوح الى الزبارة حتى قيل- خراب البصرة عمار الزبارة- أن كثيرا من العلماء الذين عاشوا في الزبارة كانوا في فترة من حياتهم في البصرة مثل بكر بن أحمد البصرى الزبارى المتوفي سنة 1202هـ ومعاصره أحمد بن درويش العباسي ومحمد بن عبداللطيف الشافعي الأحسائى وأبنه عبدالله ومحمد بن فيروز والبيتوشي والعتيقي والهجرى والطباطبائي وأبن جامع وآخرين غيرهم ممن كان لهم دور كبير في تقديم الزبارة الحضارى.
كذلك ظهر آل سعود وحركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الأصلاحية بينما ضعف سلطان آل عريعر نتيجة الخلافات الأسريه بين آل عريعر وهم من بني خالد فتغلب الأمير عبدالعزيز بن محمد بن سعود على نجد والبادية. هذا النزاع الأسرى أدى الى نمو الزبارة والى التقدم الأقتصادى عند العتوب في ظل ذلك النزاع الذى كان له كبير الأثر في عدم الأستقرار وأضطراب الأمن مما دفع بعض سكان الأحساء ونجد الى الرحيل عنها وسكنى الزبارة والكويت، وتاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد وعند أبن بشر وأبن غنام مما يؤكد
أنه حصل في سنة1187هـ /1773م قتال عظيم ووقائع عديدة أذ خرج (دهام بن دواس بن عبدالله بن شعلان) من الرياض وقصد الأحساء.
وفي سنة 1188هـ /1774م سار (عريعر بن دجين آل حميد الخالدى) رئيس الأحساء والقطيف بالجنود العظيمة من الحاضرة والبادية وأتجه نحو نجد وقصد بريده وعنيزه وحاصرها وأجلى بعض أهلها ومات وهو في الطريق وخلفه أبنه (بطين) ولم يستقم له حال اذ قتله أخوه (سعدون) خنقا فلما تولى سعدون حارب قبيلة مطير وحالفته الدهامشه من عنزه ضذ مطير وأستمرت الحال حتى 1195هـ الموافق 1780م. هذه الأحوال المظطربة في الأحساء ونجد أدت إلى جلاء بعض أهاليها الى الزبارة وخاصة التجار والعلماء منهم.
أن الفترة التى عاصرت نشوء وأزدهار الزبارة قد شهدت حدوث قحط وغلاء. ففى سنة 1181هـ /1767م إرتفعت الأثمان ونفق الزاد في جميع البلدان وأستمر الغلاء في السنة التى تليها وسمى ذلك القحط والغلاء العظيم (سوقه) مات فيه خلائق كثيرة جوعا وجلا كثير من أهل نجد الى البصرة والزبير الإحساء، ومن قحط الى وباء وطواعين وحروب حتى سنة 1197هـ / 1782م حيث بدأ القحط والغلا العظيم المسمى (دولاب) وأستمر ثلاث سنوات.
وقد ساعد نزول آل خليفة ومن والاهم للزبارة على نمو الثروة لسكناهم بقرب المصدر الأساسي لثروة الخليج وهو اللؤلؤ، وتمتعت الزبارة بنوع من حرية التجارة فأن عدم فرض ضرائب على السلع التجارية فيها شجع التجار على الدخول اليها بتجارتهم فأصبحت وقتئذ منطقة جذب إذ ترد اليها البضائع للاستهلاك ثم يصدر الفائض منها الى نجد والأحساء وغيرها.
كما أن إزدهار الزبارة أدى الى جذب كثير من تجارة البحرين التى كانت وقتئذ تحت حكم آل مذكور وجاء في وثائق (منتخبات سالدنها) أن حكومة الزبارة كانت تعفي السلع من المكوس ولاتجمع أى نوع من الرسوم الجمركية على البضائع التجارية خاصة اذا علمنا أن الزبارة تشتهر حينئذ بتجارة اللؤلؤ فهي قريبة من المصائد الغنية بصيده. كل ذلك مما هيأ للزبارة أن تتبوأ مكانتها في التجارة والملاحة قدرت عليها موانئ العتوب في الزبارة والكويت لمشاركتهم الفعالة في الغوص على اللؤلؤ والمتاجرة به (الطواشة) والنقل البحري أثار حسد عرب الساحل وأحسوا بمزاحمتهم فتعرضوا لهم ولسفنهم فأزدادت المنافسة بينهم وكان علي مراد خان في أصفهان يحرض عرب الساحل في جميع السواحل الفارسية بالقضاء على قوة العتوب الناشئة في الكويت والزبارة.
وحدثت معركة (الرقه) في هذه الظروف بعد معركة الرقه هاجم العتوب – وهم مجتمعون من الزبارة والكويت – البحرين. وكتب بذلك لاتوش تقريره المؤرخ 4 نوفمبر 1782 الموافق 27 ذى القعده 1196هـ والموجه الى ديوان الأدارة بلندن والذي جاء فيه:
أن بعض سكان (الزبارة) و (قرين) قاموا أخيراً بغزو البحرين كما أستولوا على عدة قوارب لبوشهر وبندر ريق عند مدخل هذا النهر (شط العرب) وكان رد الفعل أن جمع الشيخ نصر قوة من بوشهر وبندر ريق والموانئ الفارسية الأخرى وتظاهر بأنه ينوى أخذ الثأر لهذه الأعتداءات بشن هجوم على الزبارة فأرسل خطابا الى (علي مراد خان) في أصفهان يطالب فيه أن يمده بالأموال لتحقيق هذا الغرض.
كما وجه الشيخ نصر البوشهري نداء الى شيخ القرين يعرض عليه أحلال السلام بينهما فرفض شيخ القرين هذه المبادرة الا أذا وافق الشيخ نصر على دفع نصف أيرادات البحرين له مع نسبة كبيرة من مدخول بوشهر.
ومع ذلك لم تمض سنوات كثيرة على الوقت الذي كانت فيه القرين مضطرة لدفع أتاوة كبيرة لبنى كعب وكان أسم الزبارة قلما يعرف.
وعند هجوم الفرس على البصرة تحول أحد شيوخ (القرين) الى (الزبارة
) ومعه عدد كبير من الشخصيات الكبيرة وعدد من التجار من البصرة الى هناك فأصبحت (الزبارة) مركزا لتجارة اللؤلؤ والسلع الهندية وكذلك زادت أهمية (القرين) التجارية الى حد ما. وفي وقت لاحق استطاعت هذه المشيخات (الزبارة والقرين) أن تتحدى (بني كعب) وتكسب منها أمتيازات عديدة كما أنها لم تعد تخشى تهديدات الشيخ نصر. وبتحليل وثيقة (لاتوش) الوارد ذكرها نرى أن:
في أواخر 1782/1196هـ دب خلاف شديد بين العتوب من جهة ومشايخ الساحل الفارسي من جهة أخرى بتحريض من (علي مراد خان). والسبب في ذلك يرجع للمنافسة على مصادر الرزق كالغوص والملاحة والقطاعة فأدت الى نشوب غارات بين الطرفين.
وأهم مصدر لدينا عن ذلك ما كتبه (لاتوش) في رسالته المؤرخه في 4 نوفمبر 1782م الموافق 27 ذى القعدة 1196هـ والتي ورد فيها أنه قبل تاريخ رسالته هذه حدث أن غار أهل القرين وأهل الزبارة على البحرين وأورد لوريمر أنهم أحدثوا خسائر في المنامة وساقوا معهم سفينة كانت قادمة من بوشهر. كما ذكر لاتوش عن أغراق بعض السفن في وجه النهر (شط العرب) من قبل العتوب، تلك السفن التابعه لبندر ريق وبوشهر وبنى كعب، مما نستدل منه على أن هذه السفن التي ذكر غرقها (لاتوش) هي المعركة التي حدثت في (الرقه) قرب فيلكا بين عتوب الكويت (القرين) في عهد الشيخ (عبدالله بن صباح) الذي حكم من 1171هـ/1757م الى 1229هـ وبين بني كعب و حلفائهم، ثم ذكر لاتوش أن بعد هذه الغارة وهذا الأنتصار في وجه النهر أصبح العتوب في قوة لا يخشون معها بني كعب أو تهديدات الشيخ نصر بن مذكور. مع أنه لم يمض وقت طويل على الوقت الذي كانت فيه القرين مجبرة أن تدفع أتاوة لبنى كعب والذي كانت فيه الزبارة وقتئذ لم تشتهر بعد، والعتوب الآن في (الزبارة والقرين) لايخشون من التهديدات كما ذكر لاتوش أن الشيخ نصر بن مذكور تظاهر بأنه سيغزو الزبارة وقد كتب رسالة الى (علي مراد خان) في أصفهان وفيها يطالب المساعده منه على غزو الزبارة.
وفي نفس الوقت كتب الى شيخ (القرين) يطلب منه عقد صلح معه لكن شيخ القرين طلب منه نصف أيراد البحرين وقسما كبيرا من دخل بوشهر. ونحن نعتقد أن طلبه للصلح كان خدعه أو أنه يريد أن يفصل بين الحليفتين (الزبارة والكويت) ليتفرغ لغزو الزبارة والتى فعلا ينوى غزوها وقد أتم أستعداداته فغزاها عام 1197هـ /1783م.
ويقول لوريمر ولاتوش : نتيجة لرد الفعل للاحداث التى ذكرناها فقد أمر حاكم أصفهان (علي مراد خان) فى أواخر سنة 1196هـ الموافق ديسمبر عام 1782م بأن يقوم الشيخ نصر آل مذكور بمحاصرة الزبارة بعد أن يعد حملة قوية ضد عتوب الزبارة مستعينا بحكام (ريق) و (جنابه) ودشستان وسواها، وكان قوام هذه الحملة (الفي رجل) والمشهور أن الذي أدار المعركة هو الشيخ نصر آل مذكور وقد وقعه سيفه بيد سلامه بن سيف البنعلي بعد أن كسر جيشه وهزمت قواته وتراجعت الى سفنها متكبدة خسائر جسيمه كما قتله الشيخ محمد أبن أخي الشيخ نصر آل مذكور.

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 04:58 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

قلعة مرير
وهى القلعة التى بناها االشيخ محمد بن خليفة فى الزبارة فأتم بناءها عام 1182هـ /1768م على أرض جبلية مرتفعة بينما بنى الزبارة على أرض بحرية. وتبعد القلعة عن الزبارة بعُد الرفاعين عن بعضهما – حوالي كيلو متر واحد- ويشرف على القلعة ثلاثة أبراج من جهة الشمال والشرق والغرب. وفى قول آخر لشاهد عيان أنه رأى للقلعة أربعة أبراج مزودة بالمدافع وقد قاس أحدهم طول المدفع فوجده نحو عشرين ذراعا قال : وجبلوا المدافع من سواحل زنجبار لأن لهم صحبة مع الأمير العُماني هناك. وفى الأبراج مزاغيل للرماية من جهات مختلفة وفتحات للمدافع.

وتحوى القلعة فى داخلها بعض البيوت للحكام كما تحوى بيوتا كثيرة لأتباعهم وعددها نحو خمسين بيتا. وللقلعة باب كبير يقع في شماليها وباب صغير يسمى (خادعه) يقع فى الجهة الجنوبية للقلعة. وبقرب الباب الكبير مجلس وبجانب المجلس مسجد سقفه مطوى بالقباب. وفى داخل القلعة عين ماء عذبة تقع بقرب المسجد بينما توجد ثلاث عيون ماء خارج القلعة. وفى تسجيل لشاهد عيان يقول : أن آخر زيارتي للقلعة كان عام 1350هـ /1930م رأيتها دون أن يتهدم منها شئ سوى سقوفها التي أنهدمت ورأيت المدافع عند بابها وفى داخلها نخل وسدرة فى الجهة الجنوبية منها ويحيط بالقلعة من الداخل دهاليز تحيطها المجالس.
والطريق بين القلعة والزبارة محمى بسورين واحد الجنوب مستطيل ويمتد من باب الزبارة شرقا الى القلعة والثاني يمتد من الشمال من باب القلعة الى باب البلد من الغرب. وقد حفروا فى جنوب البلد خليجا للسفن كالحلقوم طوله حوالي ميلين لتجرى فيه السفن الصغيرة وقد أحيط هذا الخليج بسورين يمتدان من البلد حتى القلعة. وتحمى السفن الداخلة والخارجةفيه أبراج جانبية حتى تصل فهى تشرف على مدخلها وأن (الشيخ أحمد بن محمد الخليفة) هو الذى فتح الخليج وبنى حوله السورين والأبراج حول السورين، وأساس وجدران القلعة عريضة فقد قاس أحدهم ساسها فوجده خمسة أذرع (نحو أحد عشر قدما) وجدرانها مرتفعة وسميت قلعة(مرير) بهذا الأسم لان ماء العين التى فى داخلها عذب وربما كان به مرارة قليلة فإن فى قطر عين حلوة يسمونها (المالحة). كما أطلق على القلعة أسم (صبحا) أو صبيحة بسبب نظارتها أى انها نظرة أو لها منظر لانها مطلية بالجص ومرتفعة فتبدو بيضاء. وقيل لان جد العتوب (فيصل الجميلي) بنى فى الهدار بأرض نجد قلعة سماها (صبحا) فلما بنى (الشيخ محمد بن خليفة الخليفة) هذه القلعة فى الزبارة سماها بأسم قلعة أجدادهم التى بنوها فى نجد وقال الشاعر لحدان:
أشوف (صبحا) عن مغانى عموقها
شطت بها النيات عما يشوقها
وبعد أن اتم الشيخ محمد بن خليفة بناء القلعة أصبحت له قوة بحيث لا يعطى أى رسم ضريبة لأحد .


(معركة الزبارة)
أزدهرت الزبارة تحت حكم الشيخ محمد آل خليفة وصارت مركزا لتجارة اللؤلؤ والسلع الهندية، وزادت كذلك أهمية القرين (الكويت) التجارية، وأستطاعت كل من الزبارة والقرين أن تتحديا بنى كعب وبذلك أصبح العتوب قوة يحسب حسابها وذات تأثير على مسرح الأحداث فى منطقة الخليج، فدب بينهم وبين مشايخ الساحل الفارسي خلاف شديد بسبب المنافسة على مصادر الرزق كالغوص والملاحة والقطاعة من جهة ، وبسبب تنامى نفوذ العتوب ومن والاهم فى الزبارة من جهة اخرى.
بدأ الاحتكاك وأعمال الغارات بين الطرفين، فقد أستولى العتوب من الزبارة والقرين على بعض القوارب التابعة لبندريق وبوشهر وبنى كعب فى مدخل شط العرب كما أغار العتوب من الزبارة على جزيرة البحرين فى 9سبتمبر 1782 وغزوا المنامة بعد أن التجأ حاكمها الشيخ نصر الى القلعة مع قواته وتستطرد وثيقة فى تفصيل هذه الحادثة على النحو التالي:
(فى9سبتمبر نزل عرب العتوب من الزبارة على الشاطئ العربي- نزلوا على جزيرة البحرين، وبعد معركة قصيرة فقد فيها الطرفان عدة قتلى، وأجبروا حاكمها الشيخ نصر على التراجع الى القلعة، قام المهاجمون فورا بغزو الجزيرة ثم عادوا الى الزبارة ثانية فى اليوم الثالث ومعهم سفينة غاليوت تابعة لبوشهر كان قد بعث بها الشيخ نصر لاحضار الأتاوة السنوية من الجزيرة.
وصل هذا النبأ يوم 13 سيتمبر وبناء على اوامر من علي مراد خان يقوم الشيخ نصر بالاستعداد لمهاجمة الزبارة بمساعدة كل من شيوخ بندريق وجنابة. ودشستان الواقعة على الساحل الشرقي للخليج العربي.
وفى 28 فبراير 1783م أوردت وثيقة موجهة من بوشهر الى بومباى النصر التالي حول أستعدادات الشيخ نصر آل مذكور للتوجه نحو الزبارة : ( سبق أن أخبرتكم فى 5 أكتوبر 1782م عن غزو البحرين من قبل عرب الزبارة فى شهر سبتمبر، والآن يستعد الشيخ نصر للتوجه ضد الزبارة بناء على اوامر اصفهان وقد استمر فى جمع قوات كافية لهذه الحملة حتى 12 ديسمبرن وقد تألف اسطوله من :
4 سفن غاليوت(+) و13أو14سفينة داو (++) مع مالديه من القوارب،و2000رجل من دشستان.
تحركت هذه القوات نحو البحرين تحت قيادة ابن اخيه الشيخ محمد وذلك بهدف حمل العرب لقبول شروطه بواسطة حصار مينائهم مما يترتب عليه وقف تجارتهم وكان الاسطول الايرانى يجوب المياه بين البحرين والزبارة، وليس لدى العرب قوة كافية للتصدي لهم، فعرضوا بواسطة (ميرغني)حاكم بندريق أستعدادهم ليردوا للشيخ نصر جميع الغنائم التى أخذت من البحرين اذا كان على أستعداد للمصالحة والسلام معهم. ولما لم تنجح وساطة ميرغني تم تفويض الشيخ (راشد) حاكم جلفار بمهمة الوساطة وأعطوه صلاحيات أوسع لتسوية كل شئ يرضي الطرفين.
وصل أبن الشيخ راشد الى هنا (بوشهر) يوم 23ديسمبر 1782 ومعه رسالة من أبيه حول هذه الموضوع، ومن المنتظر أن يصل الشيخ نصر الى البحرين خلال بضعة أيام ويعتقد أن السلام سيحل خلال الشهر القادم.
لم تتغير الظروف في المناطق الداخلية في أيران منذ رسالتي الأخيرة ويسود الهدوء فى أصفهان ويبدو أن تصرفات علي مراد خان حصلت على تأييد البلاط الملكي. بعث السيد مراد خان حاكم شيراز برسالة الى تجار بوشهر تضمن لهم كل الأمان. وعدم فرض أية ضرائب اضافية على بضائعهم)) أنتهى نص الوثيقة.
تم تدهور الموقف وزادت الأمور سوءاً لتلك الاسباب وغيرها.
وكان رد الفعل فى الطرف الآخر هو قيام الشيخ نصر بتجهيز القوات والسفن وأتخاذ التدابير اللازمة لتوجيه ضربة الى الزبارة، فجمع قوة من بوشهر وبندريق والموانئ الفارسية، وطلب من علي مراد خان فى أصفهان أن يمده بالأموال.

الموقف العام
نشكل سلسلة الحوادث الآنفة الذكر الموقف العام الذى ساد بين الزبارة من جهة وبين الشيخ نصر (+) آل مذكور من جهة اخرى فى الفترة مابين سبتمبر 1782م الى النصف الاول من مايو 1783، وكانت القرين تقف الى جانب الزبارة. وبعد أن أتم الشيخ نصر استعداداته فى ديسمبر 1782م توجهت الحملة الى البحرين بقيادة ابن اخيه الشيخ محمد، كمنطقة حشد تتكامل فيها القوات وقاعدة انطلاق للعمليات وقد وجه الشيخ نصر آل مذكور نداء الى شيخ القرين – الكويت – يعرض فيها احلال السلام بينهم فرفض شيخ القرين هذه المبادرة الا اذا وافق الشيخ نصر على دفع نصف ايرادات البحرين له مع نسبة كبيرة من مدخول بوشهر. وهذا الموقف يدل على الشعور بالثقة للمركز القوى الذى اصبحت فيه كل من الزبارة والقرين كحليفين. والمرجع ان الشيخ نصر كان يستهدف ان يفصل بين الحليفتين بطلبه الصلح من القرين ليتفرغ لغزو الزبارة.

الموقف الخاص
ومع أواخر ديسمبر 1782م أخذت حملة الشيخ نصر طريقها الى البحرين والقوات تتوارد تباعا الى هناك من أماكن شتى على الشاطئ الايراني مثل جنابه ودشستان وبندريق وهرمز وأخذت تجوب المياه بين البحرين وشبه الجزيرة قطر فى حصار بحرى على الزبارة وعملية اظهار القوة، وفى اوائل مارس 1783م وصل الشيخ نصر آل مذكور الى البحرين ليشرف بنفسه على العمليات.
اما الموقف فى الزبارة فان تحركات الشيخ نصر وحشوده لم تكن بخافية عليهم منذ بدأ التوتر فى نهاية عام 1782م، فقام الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بالتعبئة للقتال وأتخاذ التدابير الدفاعية لمجابهة الحصار والغزو المتوقع، فتمت تدابير التموين من سلاح وذخيرة وطعام وماء لقبول الحصار فترة طويلة، وكانت طريق الصحراء خلف الزبارة مفتوحة، ثم حشد جميع الرجال القادرين على القتال ووزعهم على القلعة والأسوار، ووضع النساء والأطفال فى مكان فى القلعة عين عليهم كبار السن من آل خليفة ليحرسوهم وأوكل لهم مهمة قتل النساء والأطفال اذاما خسر آل خليفة المعركة لئلا يقع النسوة والأطفال سبايا في ايدى اعدائهم، فقد أظهر هذا الإجراء مدى تصميم القيادة على القتال حتى النصر او الشهادة.
وأثناء عملية الحصار توسط (ميرغني) حاكم بندريق بين الشيخ نصر والشيخ احمد حقنا للدماء. وقدم الشيخ نصر شروطا قاسية للصلح فلم تنجح هذه الوساطة، وتبع ذلك توسط الشيخ راشد بن الشيخ رحمة القاسمي شيخ جلفار (رأس الخيمة) وباءت محاولته بالفشل أيضا امام تعنت الشيخ نصر وغطرسته. وقد مثل الزبارة فى هذه المفاوضات الشيخ عبدالله بن خليفة بن أحمد آل خليفة، ووافق آل خليفة على اعادة الغنائم التى اخذت من البحرين خلال غارتهم عليها فى سبتمبر 1782م، الا ان الشيخ نصر آل مذكور طالب باستسلام اهل الزبارة بدون قيد أو شرط وان يكون له الحق فى التحكم برقابهم.
وهذا الموقف جعل آل خليفة واهل الزبارة أشد صلابة فى القتال حيث لم يبق لهم سوى خيار النصر ودحر المعتدين أو الشهادة.
وقد أستغل الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة فترة الحصار الطويلة وفترة المفاوضات لاحكام دفاعاته وزيادة قواته من القبائل الموالية لآل خليفة ووصلت جاهزية قواته القتالية الى اعلى درجة، بينما أخذت قوات الشيخ نصر تعاني من طول الحصار وابتعادها عن موطنها واخذ الملل يتسرب الى نفوس بعض أفرادها.
خطة الطرفين:
كانت خطة الشيخ نصر تتلخص في فرض حصار بحري على الزبارة ومنع تجارتها حتى تخضع لشروطه، واذا لم يتم ذلك فان أقتحام مدينة الزبارة يصبح أمرا لابد منه.
اما خطة الشيخ أحمد آل خليفة فكانت قبول الحصار مهما طال أجله والدفاع والصمود في الزبارة حتى النهاية، والقيام بهجمات مضادة على الغزاة خارج المدينة كلما كانت الظروف مواتية الى ان يتم دحرهم.
سير المعركة
بعد أن اخفق الحصار في اخضاع الزبارة نزلت قوات الشيخ نصر يوم 17 مايو 1783م، 13 جمادى الآخرة1197هـ بين الزبارة وفريحة في مكان ويدعى (عشيرج) على الساحل القطري جنوبي الزبارة ومن هناك أخذوا في التقدم راجلين باتجاه الزبارة، وجرت اشتباكات بضعة أيام وما أن حل يوم الجمعة 22 جمادى الثانية 1197هـ، 26 مايو 1783م حتى تمكن الغزاة من حصار الزبارة وقت صلاة الجمعة، وتم أختيار هذا الوقت بالذات لضمان المفاجأة بانشغال الناس بالصلاة وتجمعهم بالمساجد، وما أن سرى خبر نزول قوات الشيخ نصر حتى هب الناس للقتال، فتوجهت جموع المصلين من (فريحه) لنجدة أخوانهم في الزبارة بينما أشتبك المدافعون عن الزبارة بقتال مواجهة مع الغزاة ثم وصلت قوات النجدة القادمة من فريحة وأشتبكو فى قتال عنيف وقد جرت بعض الاشتباكات على الشاطئ فور نزول القوات من السفن وثبت عتوب الزبارة ومن والاهم في المواقع القتالية خارج اسوار الزبارة واستحر القتل فى القوات الغازية التى لم تحرز أي تقدم يذكر وبدأ الخلل يظهر في صفوفهم وبذلك اصبح الموقف مهئيا لضربة نهائية فوجه الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة تلك الضربة على كل هجوم مضاد كاسح من القوات المتمركزة على التلال في المواجهة مدعمة بقوات اضافية من الزبارة والنجدات، وكانت النجدة القادمة من فريحه قد أخذت تضرب الغزاة من الخلف وجرت عملية احاطة من الجناح لقوات الغزو. وحدثت ملحمة رهيبة اخذت قوات الغزو تفر الى السفن على شكل فوضى تاركين قتلاهم وجرحاهم في ميدان المعركة واخيرا تحولت قوات الشيخ نصر بكاملها الى الهزيمة، وقتل في المعركة الشيخ محمد ان اخي الشيخ نصر، كما قتل ابن اخي الشيخ راشد حاكم جلفار وبعض الرجال البارزين من جماعة شيخ هرمز.
وبنفس اليوم وصلت قوة بحرية من القرين مؤلفة من ست سفن غاليوت وعدد من المراكب لنجدتهم وهاجمت البحرين واضطرت قوات الحركة التابعة للشيخ نصر هناك الى الانسحاب الى داخل القلعة، وعادت هذه القوة الى القرين وقد تلقى الشيخ نصر هذا الخبر في ظرف بضع ساعات بعد غزوه الفاشل للزبارة، فقرر اخلاء الساحل العربي على الفور وعاد الشيخ نصر الى بوشهر فى 12 يونيو 1783.


الدروس المستفادة

1) القيادة والمعنويات:
اتسمت قيادة الشيخ أحمد آل خليفة في الزبارة بالعزم و التصميم فى وجه التهديد و قد طلب الأعداء استسلام وسبي نسائهم واطفالهم وخدمهم جميعا، والا وضعو السيوف في رقابهم حتى يفنوهم عن آخرهم. فعظمت المحنة لديهم واستكبروا هذه الشروط فهان عليهم الموت لحفظ عرضهم نسائهم واطفالهم فقدمو ارواحهم عن طيب خاطر دفاعا عن كرامتهم، و قد انعكس هذا التصميم على جميع المقاتلين فغرس في نفوسهم ارادة الصمود و تحمل وطأة القتال ومواجهة الأخطار. و كان تأييد القبائل المجاورة عاملاً ايجابياً في رفع المعنويات لدى المدافعين.
وفي جانب المهاجمين، فقد كان مقتل قائد الحملة محمد ابن اخي الشيخ نصر آل مذكور، و كذلك مقتل ابن أخي الشيخ راشد بن مطر القاسمي شيخ رأس الخيمة و غيرهما من وجهاء هرمز الذين صحبوالحملة قد ادى الى تخلخل معنوياتهم ودب الوهن في الجند المقاتلين، وهناك حديث مشهور وهو ان الشيخ نصر اشترك في المعركة وسقط سيفه فى يد سلامه البنعلي وهرب اليخ نصر الى بوشهر تاركا سيفه في ميدان المعركة و هذا يدل على مدى الخذلان الذى سرى في نفوس افراد الحملة قادة و جندا.
2) التدابير الدفاعية:
استعد الشيخ أحمد آل خليفة لقبول القتال فى الزبارة لفترة غير محدودة باتخاذ مايلزم من تدابير الدفاع والتموين، و تدل نتيجة المعركة على دراية جيدة في توزيع القوات و الواجبات في الاماكن اللازمة و معرفة الوقت المناسب لتوجيه الهجوم المضاد. و قد انتصر الدفاع على الهجوم في هذه المعركة بسبب تصميم الدفاع حيث كان تعرضيا ايجابيا وليس مستكنا.
و التعرض احد مبادئ الدفاع الهامة وهو يعني للجانب الذي يلتزم الدفاع بسبب تفوق العدو، ان عليه اتباع الدفاع التعرضي بتوجيه ضربات للعدو بين فترة واخرى لانهاكه على شكل توجيه النيران الى مواقعه، و توجيه مجموعات للاغارة عليه و الدوريات القتالية، و اخيرا القيام بالضربات المضادة كلما لاحت الفرصة المناسبة.
3) المعلومات
تسربت اسرارحشد حملة نصر آل مذكور و أنباء تقربه الى الزبارة حيث وصلت الى الشيخ أحمد آل خليفة قبل وصول الحملة نفسها مما هيأ لهم الوقت الكافي لاتخاذ التدابير و الاستعداد لمقابلة الغزاة، و لاشك ان ذلك كان يعتمد على ترتيبات معينة للحصول على المعلومات الاستخبارية عن طريق عيون و ارصاد لتحركات العدو، بينما فشلت قوات حملة الغزو في الحفاظ على اسرار تحركاتها ولم تقم بتدابير مخادعة لاخفاء ذلك، و ربما كان هذا ناتجا عن غرور القوة لدى الشيخ نصر و ابن اخيه.
4) التعاون و المبادأة:
كان تعاون سكان الزبارة وما جاورها عاملا ادى الى تماسك فى وجه الخطر القادم وكانت نجدة اهالي فريحه وهبوطهم بحركة تطويق خلف قوات الغزو عاملا هاما سبب كثيرا من الارتباك للغزاة مما هيأ الموقف لتثبيت الاعداء وتهيئة الجو للقيام بالهجوم المضاد الذي دفعه اهل الزبارة وحالما نزل الغزاة الى الشاطئ استمرت عملية ضربهم والاشتباك معهم من قبل المدافعين في التلال حول الزبارة ومن النجدات القادمة، و بذلك ظل عتوب الزبارة ومن معهم متمسكين بالمبادأة، و بالمبادأة يتم فرض الأرادة على العدو، و قد اتسمت قيادة الغزاة بالتردد و تعليق الآمال على مجرد اطالة الحصار للحصول على الهدف.
5) ارادة القتال:
الحرب و السياسة هما وسيلتان لغاية واحدة و مظهران لنشاط واحد هو الكفاح الذى يجب أن تتوفر له الارادة في كل من رجل السياسة و رجل الحرب، و يبدو ان ارادة القتال لدى أهل الزبارة كانت أقوى من خصومهم بدرجة كبيرة على مستوى القيادة السياسية و الرجال المقاتلين حيث كان رائدهم الدفاع عن عرضهم و كرامتهم، بينما كان رائد الغزاة الأسلاب و الغنائم. و تنمو ارادة القتال بوجود القادة الأكفاء و التوعية و المعنويات و التدريب و قد قدمت الجزيرة العربية خيرة المحاربين في العالم منذ بداية القرن السابع الميلادى و كانت ارادة القتال و حب الفروسية متأصلين في ابناء الجزيرة منذ ما قبل الأسلام، و كانت الشجاعة و الأقدام على رأس مفاخرهم، فلما وحدتهم العقيدة الاسلامية تزودت هذه الارادة بالطاقة المعنوية و الروحية فصاروا كالسيل الجارف لا يقف امامه شئ.
6) الخدعة و المفاجأة:
جرى استعمال الخدعة بايهام الغزاة عن وصول امدادات لاهل الزبارة عنن طريق تحميل الجمال حملات وهمية وكذلك اجراء تحركات مخادعة. وكان توقيت هجوم اهالي فريحه والهجوم المضاد قد حققا المفاجأة على الغزاة، فأختل توازنهم النفسي والمادى مما احدث االاضطراب فى صفوفهم والارتباك فى قيادتهم فتحولوا الى الهزيمة.
7) التدابير الادارية
اتخذ عتوب الزبارة التدابير الادارية لادامة القتال وقبول الحصار لفترة غير محدودة وكان من السهل عليهم تموين القوات المقاتلة بالزاد والماء وهم فى ارض بلادهم، وخطوط مواصلاتهم قصيرة، بينما تبعد مراكز تموين اعدائهم فى بوشهر مئات الأميال عبر البحر او فى البحرين عشرات الأميال. وهي خطوط طويلة وممتدة وتحتاج الى جهود كبيرة لتأمين اعداد القوة الغازية بعد أن طال امد الحصار دون الحصول على نتيجة حاسمة وكان هذا العامل مؤثرا على ارادة الصمود والقتال.

8) المجتمع المقاتل
تحول جميع الرجال فى الزبارة الى جند مقاتلين وبذلك تم استثمار مبدأ حشد الجهود وتوجيهه لغاية محددة واضحة وهي إما النصر او الشهادة دفاعا عن بلدهم وظهر لهم بوضوح شبح الكارثة التى كانت ستحل بنسائهم واطفالهم فيما لوترددوا فى مواجهة الأعداء ولذلك قدموا اقصى مالديهم من صبر واحتمال ولم ترهبهم جموع العدو، فانتصروا كمجتمع مقاتل هب متماسكا فى وجه الخطر.

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 04:58 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

معركة البحرين
الموقف العام :
كان المتولى على البحرين حاكما عربيا يدفع ضريبة لايران ايام تعاظمنفوذها اثناء نمو المجتمع السياسى والتجارى فى الزبارة فى عهد آل خليفة ومن والاهم من القبائل العربية. وكان يسكن البحرين قسم من العتوب ومن والاهم مثل آل فاضل وغيرهم. ولما تنامت قوة العتوب على امتداد الساحل الغربىللخليج من الكويت الى قطر وحصلت موانئهم على التقدم والازدهار والثروة وخاصه في الكويت والزبارة ، أثار ذلك عليهم مشايخ عرب الساحل الشرقي للخليج وأحسوا بمزاحتهم فتعرضوا لهم ولسفنهم فازادادت المنافسة بينهم ونظرا لضعف النفوذ الايرانى على الساحل الشرقى للخليج فقد تمتع عرب ذلك الساحل بشئ من الاستقلال عن النفوذ الايرانى بدلالة ان حاكم بوشهر قام فى 1777م بمحاولات ضد الزبارة كما اعتدى بنوكعب على سفن العتوب فى الزبارة والقرين (الكويت) وكان علي مراد خان فى اصفهان يحرض شيوخ الساحل الشرقى فى جميع السواحل الفارسية للقضاء على قوة العتوب، وقام بنوكعب من عربستان بحوادث قرصنة وتحرش بالعتوب مما جعل الحرب تنشب بين بنى كعب والعتوب ممتدة من الكويت الى الزبارة واخيرا قام العتوب وهم مجتمعون من الزبارة والكويت بهجوم انتقامى على البحرين اتسم بالسرعة والمفاجأة عام 1782م فاحدثوا خسائر كبيرة فى المنامة واسروا السفينة التى كانت قادمة من بوشهر تطلب الضريبة السنوية التى تدفعها البحرين ثم كانت معركة الزبارة المشهورة للقضاء على الخطر العسكرى والاقتصادى الذى صارت تمثله الزبارة على المتولى فى البحرين.
كان النجاح الذى حققه العتوب الآنف الذكر على البحرين قد هيأ المعلومات عن مدى الفرصة المتاحة لتخليص البحرين نهائيا من النفوذ الاجنبي وامكانية التغلب على حاميتها التابعة للشيخ نصر آل مذكور، وكان فشل الشيخ نصر فى الزبارة وتراجعه الى بوشهر قد ادى سوء الاحوال فى البحرين فحدثت فيها فتنة اهلية فى البحرين كما حاول الشيخ نصر اعداد حملة اخرى ضد الزبارة مع بعض مشايخ الساحل، ولكن هذه المحاولة لم تكتب لها النجاح مما زاد فى اضعاف موقف الشيخ نصر فى البحرين. ووصلت اخبار الفتنة الجارية فيها واضطراب الامن الى الشيخ احمد بن محمد آل خليفة مما جعله يتخذ القرار للهجوم الحاسم على البحرين ويخلصها، وكانت البحرين مهيأة لمن يخلصها من النفوذ الاجنبى.

الموقف الخاص
خلال الاسابيع القليلة التى تلت معركة الزبارة كانت المعلومات ترد تباعا للشيخ احمد بن محمد آل خليفة عن اضطراب الامن فى البحرين وانشقاق اهلها على انفسهم ووجود بعض الموالين له واعوانهم من العتوب هناك فوجد ان الفرصة سانحة لحسم الموقف فى البحرين واخذ يقوم باستعدادات سريعة وحشد القوات اللازمة. اما من جهة الشيخ نصر فقد فشل فى محاولاته لتجميع قوة يسترد بها هيبته فى الخليج بعد معركة الزبارة وتوفرت معلومات مفادها ان ليس لديه قوة يستطيع بها حماية الجزيرة او محاولة استردادها بعون قوة خارجية قادرة على ذلك، كما ان ايران كانت تواجه حربا عائلية بيت افراد الاسرة الحاكمة فيها آنذاك.
سير المعركة
استكمل الشيخ احمد حشد قواته وتقدم الى البحرين فى شهر شعبان 1197هـ واواسط شهر يوليو 1783م وحالما نزلت قواته الى البر التجأت حامية البحرين وعائلة الشيخ نصر ومن والاهم الى قلعة الديوان بالمنامة وقلعة البحرين فى الجابور واطبقت قوات الشيخ احمد على القلعتين وفرضت عليهما حصارا.
(لم نجد من الوثائق المتوفرة حاليا اى دليل يشير الى عدد قوة حامية البحرين أوعدد القوات او السفن التى استعملها الشيخ احمد للنزول على ارض الجزيرة، وجرى بحث ايضا بين الوثائق البريطانية فى لندن لهذه الغاية).
بعد فرض الحصار على لقلعتين جرت عملية الاقتحام على مرحلتين :

المرحلة الأولى :
اقتحام قلعة الديوان ( وهى القلعة التى تشغلها اليوم وزارة الداخلية)-وقد تم ذلك بصورة مفاجئة وسريعة ومن مكان لايتوقعه العدو، حيث كانت فى وسط القلعة عين ماء جارية يجرى ماؤها شمالا خارج القلعة والجدول مسقوف وبه عدة فتحات للنور والهواء تعرف (بالتناقيب) ويمر بفريق (المشبر) فى المنامةثم يسقى بستانا داخل المنامة وينتفع اهلها من مياه هذا الجدول الجارية الى البستان والمارة بيوتهم. قام الشيخ احمد باختيار مجموعة من رجاله الاشداء على شكل قوة خاصة واوكل اليهم مهمة دخول القلعة عن طريق الجدول المغطى بنفق مسقوف، وبسرعة دخل هؤلاء الرجال الى فتحة العين واتجهوا الى بوابة القلعة بعملية صاعقة ومفاجئة ففتحوا البوابة واخذت القوات الجاهزة فى الخارج تندفع الى داخلها واكتسحت الحامية التى سرعان ماالقت السلاح واستسلمت، وكان فى القلعة بعض النسوة والاطفال من عائلة الشيخ نصر، فأمر الشيخ أحمد آل خليفة بنقلهم فى السفن الى (بوشهر) وطلب من علي بن خليفة الفاضل ان يصحب هؤلاء ويوصلهم آمنين الى اهلهم فى (بوشهر)، وقد تم ذلك حيث وصلت عائلة الشيخ ناصر آل مذكور وجميع اتباعه الى بوشهر مكرمين معززين، واكبرالشيخ نصر هذا العمل النبيل، وكان له كبير الاثر فى نفوس اعداء الشيخ احمد آل خليفة الذين اكبروا فيه هذه الروح العربية الاسلامية وتلك هى قمة الشهامة والنبل.

المرحلة الثانية :
تحصن باقى افراد حامية البحرين من اتباع الشيخ نصر فى قلعة البحرين فقام الشيخ احمد آل خليفة بتطويقها واحكام الحصار عليها وعندئد لم تجد الحامية امامها سوى الاستسلام وذلك يوم الاربعاء 22شعبان 1197هـ ، 23يوليو 1783م فقام الشيخ احمد بن محمد آل خليفة بتوزيع الغنائم على قواته التى ساهمت فى المعركة من القبائل العربية وقد عين الشيخ احمد على قلعة البحرين اميرا اسمه (عجاج) فاطلق عليها قلعة عجاج. وعجاج هذا هو جد ابناء عجاج المعروفين اليوم فى المحرق، واخيرا اتخذ الشيخ احمد هذه القلعة سجنا.
ونتيجة لهذه الحملة الجريئة السريعة على البحرين اطلق على الشيخ احمد بن محمد آل خليفة لقب (الفاتح) ، وقد ارخ احدهم هذا الفتح بقوله : ( احمد صار فى اوال خليفة) فى سنة 1197هـ الموافق 1783م. وبذلك عادت البحرين الى الحكم العربى.
قام الشيخ احمد بترتيب امور البلد وترصين الحكم واستتبابه ثم عاد الى الزبارة بعد ان عين على البحرين اميرا من قبله هو الشيخ علي بن فارس الشاعر الاديب وقال ابن سند فى هذا : لقد وزر والي اوال الشيخ احمد بن محمد آل خليفة للشيخ على بن فارس فزين تلك الوزارة وجمّل هاتيك الامارة بآرائه الثواقب وسيرته الحسنة وجعل مقره قلعة الديوان الكائنة فى المنامة، وصار الشيخ احمد يأتى الى البحرين صيفا وفى الزبارة شتاء. واذا حل الربيع كان الشيخ احمد يرتاد (جرى الشيخ احمد) وهى روضة مستطيلة فى منطقة عالي بالبحرين تخضر بعد سقوط المطر وفيها عين ماء جارية. وبعد ان استقرت الاحوال فى البحرين اخذت البلاد فى التطور الاقتصادى وساد الامن فيها مما ادى الى النشاط التجارى بين الهند وشمال الخليج مارة فى الزبارة والبحرين خاصة وان الظروف المظطربة فى البلاد ايران وسواحلها ساعد على ازدهار البحرين والزبارة على السواء وفى نفس الوقت ادى ذلك الى رد فعل لدى الدولة الطامعة المجاورة والاجنبية.
وقد تعرضت البحرين والزبارة الى احداث املتها اطماع الدول المجاورة فى مستهل القرن الثاني عشر الهجري فبدأت الزبارة تستعد للدفاع عن نفسها، فجمع الشيخ احمد الفاتح قومه فى الزبارة والبحرين وتشاور معهم حول افضل السبل للدفاع عن بلادهم وتم اتخاذ التدابير اللازمة لذلك. ومن جملة هذه التدابير حفر خندق من البحر الى قلعة مرير فى الزبارة على شكل قناة واشار الشيخ احمد علىرجاله ان يبنوا على طرفى هذه القناة حصونا او ابراجا لتحمى السفن حتى تصل الى القلعة. وقد تعهد جماعة الشيخ احمد الفاتح من اهل الزبارة والبحرين بتحمل مصاريف الحفر فتم بذلك انجاز مشروع دفاعى متكامل وبعد ذلك انتقل الشيخ احمد الفاتح الى جوار ربه عام 1209هـ الموافق 1794م.

الدروس المستفادة
بفحص الظروف السائدة فى منطقة الخليج وتحليل المواقف المختلفة فى الفترة التى سبقت معركة الزبارة وما بعدها يمكن التوصل الى العوامل التى ساعدت على نجاح معركة البحرين وتأمين النصر، وتبعا لذلك تبرز الدروس المستفادة التالية .
1) استثمار الفوز
كان انتصار العتوب فى الزبارة مفتاحا للانتصار فى البحرين، فأنطلق احمد الفاتح برؤية قائد ثاقب البصيرة مستثمرا الفوز، واختار احسن الظروف والوقت الملائم للقضاء على قوة اعدائه الباقية في البحرين. وكانت قواته على اتم استعداد لتنفيذ المهمة. وسكان البحرين يتطلعون الى من ينقذهم من النفوذ الايرانى، وكان الضعف سائدا بين عرب الساحل الشرقى للجزيرة العربية، فلكل قرية شيخ مستقل، ولايستطيع اقواهم حشد اكثر من اربعمائة مقاتل، وتسود بينهم حالات نزاع، وليست لديهم السفن القادرة على نقل القوات والقيام بعمليات بحرية. فكانت قوة العتوب هى القوة الفاعلة القادرة فى ذلك الوقت، وهنا يبرز دور القوة واستعدادها للعمل فى الوقت المناسب لتقرير المصير وصنه المستقبل.
2) القيادة وبُعد النظر
كانت الظروف السائدة فى منطقة الخليج خلال النصف الثانى من القرن الثامن عشر بالنسبة لجميع الاطراف المهتمة بتأمين السيطرة على البحرين تنتظر قائدا يحسن اقتناص الفرصة مع بعد النظر والتقدير السليم لصنع القرار، فكان الشيخ احمد بن محمد آل خليفة هو الجواب، وقد استغل العوامل القائمة للتحرك بسرعة وتأمين النصر ثم الثبات بقوة فى البحرين، وهذه العوامل هى:
أ‌. انشغال ايران بنزاعات اسرية واقليمية داخلية بعد مقتل حاكمها نادر شاه عام 1160هـ و1747م. وفقدت السيطرة المركزية نتيجة لتقلب ظروف الحكم وتعدد الحكام، فظهر عدد كبير من الحكام على مستوى الاقليم او المدينة او القرية لذلك لم تتمكن ايران كدولة من الرد على هزيمة نصر آل مذكور فى الزبارة او استعادة نفوذه فى البحرين بعد تخليص احمد الفاتح لها.
ب‌. ضعف القوة البحرية العثمانية فى منطقة الخليج خلال تلك الفترة، حيث لم تكن للعثمانيين قوات برية قادرة قريبة من المسرح، ولم تكن سيطرة دولتهم قد بسطت بالكامل على اقاليم المنطقة، وكان العثمانيون مشغلولين فى حروبهم فى أوروبا وأماكن اخرى.
3) السرعة والمفاجأة:
كانت سرعة تحرك احمد الفاتح باتجاه البحرين عاملا هاما في تحقيق المفاجأة سواء على الحامية الموجودة فيها او على الاطراف الاخرى الطامعة فى البحرين، ولم يجد هؤلاء الوقت الكافى للقيام بردود فعل منسقة ودروسة، فتغير مجرى الاحداث لغير صالحهم. وعلى سبيل المثال اشارت التقارير الهولندية فى (خرج) الى مدى اهتمام الانجليز للسيطرة على البحرين حيث قدم مدير شركة الهند الشرقية المدعو (سافاج) فى جمبرون (بندر عباس) مشروعا لاحتلال البحرين. وظهر قبل بضعةشهور فى لندن، وكانت سفينتان بريطانيتان تترددان قبل ذلك على البحرين تعدان خريطة للبلاد، ونشطت عمليات الانجليز فى اعمال التجسس وذكرت التقارير ايضا اسم تاجر انكليزى يدعى مستر(دود) كان مع سافاج فى جمبرون، وقد قام بعدة زيارات الى بوشهر وبندريق وكنون خلال فترة ستة شهور، واشارت الدلائل ان الانجليز يعدون امرا حيث باشروا صنع سفينتين فى بومباى، مما جعل الهولنديين يستنتجون ان البريطانيين ينوون احتلال البحرين، فسبقت عملية احمد الفاتح تدابيرهم.
وباستغلال عاملي السرعة والمفاجأة يتمكن القائد من قلب المائدة على عدوه‘ وتحقيق مكاسب كبيرة لاتناسب مع الجهد المبذول.
4)التعرض والمبادأة
ادام احمد الفاتح التمسك بمبدأى التعرض والمبادأة على مستوى تحريك القوات الى البحرين منذ ابتداء العمليات واقتحام قلعة الديوان وادامة ضرب القوات المحاصرة فى قلعة البحرين حتى استسلمت، والتمسك بالمبادأة يجعل القائد فى وضع يملى ارادته على عدوه، وتجعل ردود فعل العدو عبارة عن استجابة لاعماله المتتابعة حسب تخطيطه، وهى مجهولة بالنسبة للذين تقع عليهم.
5) المعلومات الاستخبارية
بعد هزيمة الشيخ نصر آل مذكور فى الزبارة وعودته الى الشاطئ الفارسىارسل رسالة الى قائد حامية البحرين يطلب منه الصمود ويعده بارسال المدد، وقد تم أسر السفينة التي كانت فيها الرسالة التي دلت على حالة قوات الشيخ نصر وكانت المعلومات على قدر كبير من الاهمية بالنسبة للشيخ احمد الفاتح عن مقدرة القوات الموجودة فى البحرين وحالتها المعنوية، ولاشك انه تجمعت لديه تقارير استخبارية اخرى بينت حقائق الموقف مما ساعد على اقتناص الفرصة وتوجيه الضربة فى الوقت والمكان المناسبين.
6) المعنويات
نتيجة الخلان فى الزبارة سادت صفوف قوات الشيخ نصر وحلفائه وضعية الارتباك وتدهور المعنويات نظرا للخسائر الفادحة التى كبدوها. وقد انعكست آثار الهزيمة على معنويات قواته المتواجدة فى البحرين، وكانت تعانى ضعفاً ملحوظاُ ولم يكن لديها سوى سفينتين من بقايا السفن فى عهد نادر شاه وهى غير صالحة للعمل. وكان ولاء الشيخ جبارة وآل مذكور الذين تولوا امور البحرين ضعيفاً للدولة الفارسية، ولما ذهب الشيخ جبارة لاداء فريضة الحج خلع فى غيابه وتسلم السلطة بدلا منه الشيخ ناصر آل مذكور، وعدم الولاء فى القيادات المسئولة يدل على غياب المعنوية. اما فى جانب قوات الشيخ احمد الفاتح فقد ارتفعت المعنويات عاليا بسبب النصر والقيادة الجيدة، والنجاح يولد النجاح، فكانت عملية البحرين ضربة معنوية قاصمة اخرىتوجه الى الشيخ نصر آل مذكور وقواته تعانى من آثار الهزيمة السابقة فى الزبارة.
7) القيمة الدفاعية للحصون
التجأتحامية البحرين الى القلاع والحصون عند نزول قوات الشيخ احمد الفاتح الى الشاطئ. وهذا يعطى فكرة عن عقلية الخنادق والاحتماء التى كانت تسيطر عليها وليست عقلية المبارزة والقتال. كما يعطى فكرة عن القيمة الحقيقية للحصون من الناحية الدفاعية، وتستطيع الحصون الصمود والدفاع لبعض الوقت لتأخير العدو واشغال قسم من قواته حتى تصلها الامدادات، ولكنها لاتستطيع الصمود طويلا امام قوات عزومة متعرضة وبقيادة لديها العزم والتصميم، ولن تفيد الحصون لفترة طويلة اذا لم تقم القوات بمنازلة المهاجمين والاشتباك معهم لحسم الموقف وتقرير النتيجة النهائية، والتاريخ العسكري مليء بالشواهد عن الخطوط الحصينة مثل خط ماجينو وخط سيجفريد وخط بارليف، وجميعها اكتسبت من قبل القوات المهاجمة المدربة فى فترات قصيرة.

تحقيق تاريخ
معركة الزبارة
ومعركة البحرين


رقم الوثيقة
102/19/م/191 بعد حصار طويل نزلت قوات نصر آل مذكور فى الزبارة بتاريخ 17
والنبهائي ص 125 مايو 1783م الموافق 13 جمادى الآخرة 1197هـ وحدثت المعركة
الفاصلة فى الزبارة فى 22 مايو/18 جمادى الثانية وانكسر (نصر)
فهرب الى بوشهر.

105/م/194 ووصل الشيخ (نصر) الى بوشهر بعد انكساره في معركة الزبارة وذلك
في 12 يوني (جون) 1783م الموافق 10 رجب 1197هـ,

105/م/194 استسلمت الحامية فى البحرين بقيادة الشيخ (راشد) ابن عم الشيخ (نصر)
آل مذكور وذلك في 23 يوليو 1783م الموافق يوم الاربعاء 22 شعبان
1197هـ.

105/م/194 وصل الشيخ (راشد) ابن عم الشيخ (نصر) من البحرين بعد استسلامه
وصل الى بوشهر فى 5 اغسطس 1783م الموافق 6 رمضان 1197هـ.

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 04:59 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الدروس المستفادة
من معارك التصدي

نعمت البحرين بفترة من الهدوء والاستقرار منذ ان تحررت على يد الشيخ (احمد الفاتح) ورحب أهل البحرين بالعهد الجديد. ولكن سرعان ما تعرضت لاطماع وتطلعات القوى المجاورة المهتمة بالسيطرة عليها نظرا لموقعها ووفرة مياهها و ثرواتها خاصة مصائد استخراج اللؤلؤ. و الدارس لسير المعارك في البحرين منذ بداية القرن الثالث عشر الهجرى/التاسع عشر الميلادي يستخلص كيف واجهت البحرين الاطماع الخارجية بخطط عسكرية رسمتها قيادة حكيمة استفادت من عامل (التعرض والمبادأة) وما أنتجته من نتائج جيدة – حيث أن الاستعداد والتدابير السريعة لتجهيز قوة قادرة ثم الانطلاق لضرب العدو في مواقعه قبل ان يستكمل استعداده لتنفيذ مقاصده – قد هيأت الظروف الملائمة لارباكه وبالتالي الانتصار عليه. وان تغزو عدوك في عقر داره تجعلك في وضع متميز لاختيار وقت ومكان المعركة وإملاء الارادة عليه وتكون ردود فعل العدو محسوبة سلفا للجانب المهاجم.
ثم ان (السرعة والفاجأة) من عوامل النصر على الاعداء كحركة السفن تحت جنح الظلام وكان ظهورها عند الوصول مفاجأة للعدو، وهناك مفاجأة اخرى في حجم القوة المنفتحة مما أثار الرهبة في نفس العدو بتحاشي خوض معركة غير متكافئة، وهذه أول مظاهر الخلل النفسي في القيادة المقابلة، وقد برزت السرعة في الحركة اثناء عملية انفتاح القوات وإدارة المعركة في المكان المنتخب كعامل له اثره الكبير في تحقيق النصر.
وكان (لطبيعة الارض) اثره في النجاح على الاعداء اذ ان الاماكن التي حدثت فيها المعارك كثيرا ما كانت مكسوة بغابات النخيل وتحيطها السواحل الضحلة التى تبرز على اشدها وقت الجزر مما يجعل مراسي سفن الاعداء بعيدة نسبيا عن قواتهم في عرض البحر. وهكذا فان ساحة العمليات الحربية تحددها طبيعة الارض و كثرة اشجار النخيل لكلا الطرفين المتحاربين. الا ان الخطط العسكرية في معظم المعارك كانت تجعل لقوات البحرين مواقع دفاعية على سواحلها و مهاجمة العدو و دفعه الى البحر بعد تقسيم الجيش الى عدة مجموعات من المشاة في الوسط وفيها مقر القيادة ثم مجموعة من الفرسان على اليمين ومجموعة من الفرسان على اليسار، وعند تقرب القوات الى مسافة الالتحام تقوم مجموعتا الفرسان بحركة سريعة ي عملية التفاف للاحاطة بالعدو ليسهل تدميرها بينما تقوم قوات المشاة في الوسط باقتحام مواقع العدو في المواجهة. وبنظرة مقارنة بين خطتي القيادة في البحرين وقيادة العدو في معاركه تبدو ان خطة العدو دفاعية ومقيدة بحكم الموقع وضرورة عدم الابتعاد عن السفن وهى قاعدتها بالاضافة الى ان جيش الاعداء المهاجم للبحرين وقتئذ يفتقر للفرسان وهى عنصر الحركة السريعة والحسم في القتال، اما خطة القيادة في البحرين فكانت هجومية تتصف بالمرونة لمجابهة تطورات الموقف ولديها ميزة وجود الفرسان وعمق الارض الخلفية والقاعدة المؤمنة للقوات.
اما الدروس المستفادة من دراستنا لتاريخ المعارك الحربية في البحرين فى القرنالتاسع عشر الميلادى فان لكل معركة عاملا او اكثر لعب دوره في احراز النصر ففي بعض المعارك كان العدو قد التزم الدفاع المستكن في موقع معين من الشاطئ حتى لا يبتعد عن السفن وهذا التدبير كان وبالا على العدو لان ترك للقيادة في البحرين حرية اتمام حشد القوات والمناورة واتخاذ كافة التدابير فى عمق من الارض يسمح لها بذلك وبالتالي اختيار وقت الهجوم في الوقت الملائم. فلو ان العدو قام بمهاجمة الاهداف الرئيسية فور نزول قواته و ادام التعرض وحرية الحركة فربما اتخذت النتائج شكلا اخر.
واذا كانت (البساطة و المرونة) من مستلزمات الخطة لاى موقف عسكري، الا ان خطة العدو في معاركه التي حدثت في البحرين كانت مقيدة بضرورات الموقع ولم يحسب العدو حسابا للميزات المتوفرة في جانب القيادة في البحرين ثم التفكير في معالجتها فكانت الخطة قاصرة عن مجابهة الاحتمالات المتعددة للموقف العسكري. بينما راعت القيادة في البحرين جميع احتمالات الموقف وتطوراته ووضع الحلول لمثل تلك الاحتمالات فكانت مرنة جدا وجريئة وعملية وهكذا تفوق التخطيط الجيد المرن على التخطيط المقيد نتيجة قصر النظر. وقد لعبت عمليات (المناورة على اجنحة العدو) وتطويقه سواء كان التطويق منفردا ام مزدوجا – من جناج واحد او من جناحين – هي من اهم ظواهر الفكر العسكرى للحصول على نتائج حاسمة و سريعة على العدو، وفي التاريخ العسكري امثلة على نجاح هذه الخطة: ففي معركة (كانيا) 216 ق.م التي خاضها هانيبال ضد جيوش روما عملية تطويق مزدوج بمجموعتي فرسان التفت على الاجنحة ودمر جيوش روما المتفوقة، وبقيت هذه المعركة كدرس عظيم في التاريخ العسكرى لا يتغير، و استمر قادة الجيش الالماني الحديث في مطلع القرن الحالي يشددون في تعليماتهم لضباطهم على القيام بمثل هذه العملية فى اى مكان يسمح فيه الموقف بذلك.
وقد كانت مناورة فرسان البحرين و عملية التطويق لقوات العدو مثلا رائعا على براعة القيادة. و هكذا حققت نتائج حاسمة فى وقت قصير وبخسائر قليلة. وقد ساعد على ذلك توفر قوات الفرسان لديهم تلك التي تفتقر لها قوات العدو واستفاد الجند في البحرين من عامل (التستر والمخادعة) فى الحرب وذلك بحجب قواتهم عن العدو لمدة من الزمن قد تطول اياما وهى والحالة هذه تتهيأ بين اشجار النخيل و يعتقد العدو ان ذلك حشد قوة مما يدل على ضعف في استخباراته لانه لم يكن يعلم ما يجرى في الجانب البحريني من تدابير وهذه التدابير بمجموعها كانت سببا في المفاجأة التي اربكت قوات العدو.


الفصل الثالث
دولة الاستقلال

(أ‌) بناء دولة الاستقلال.
(ب‌) التهيئة للخدمة العامة (العسكرية).
(ج‌) بداية المسيرة.
(د‌) قوة الدفاع ودورها العربي خلال حرب رمضان 1973م.
(هـ) دور المملكة العربية السعودية.
(و‌) الخطة الخمسية الاولى.
(ز‌) الخطة المكملة و بناء القوة بناء متوازنا.
(ح‌) القوة البحرية.

بناء دولة الاستقلال

في الفترة الأخيرة من عام 1961م تحولت البحرين بكاملها الى شعلة من النور والاشعاع، وليست البلاد حلة قشيبة من معالم الزينة وسادت ربوعها مظاهر رائعة من المرح والابتهاج، وخرج شعب البحرين عن بكرة أبيه الى الشوارع والساحات معلناً فرحته وسعادته وترحيبه بتولى الأمير الشاب عيسى بن سلمان آل خليفة مقاليد الحكم في البلاد خلفاً لآبائه وأجداده وقائدا لشعبه وبلاده وقد جسد الأمير بشبابه وحيويته آمال هذا الشعب الفتي الناشئ وطموحه وتطلعاته. فجاء ترحيب الشعب وحماسه تعبيرا صادقا أصيلا عن حبه لأميره الذي رأى فيه قائدا فذا حكيما سيتحقق للوطن على يديه كل ما يصبو إليه من نهضة وتقدم ورقي.
ولقد وجد هذا الشعب الطيب النبيل الذى يشكل عنصر الشباب أكثر من 70% من مجموعه في أميره الشاب غايته المنشودة التى يريد، فأحس احساسا عميقا بأنه قد أصبح أقرب ما يكون إلى تحقيق تطلعاته ومفاهيمه و آماله فعبر عن مشاعره بأجمل وأصدق ما يعبر به شعب لقائده.
لقد تحول ذلك الانفجار العاطفي الكبير الذى غمر المشاعر والاحاسيس في تلك الايام وبعد مرور عقدين من الزمن الى التفاف شعبنا الوفي الأصيل حول قائده بثقة وحب وإيمان هذا الالتفاف الذي يعتبر محور الاستقرار فى البلاد وقاعدتها الأمنية خلال مرحلة بناء دولة الاستقلال و تذليل كل ما يعترضها من مصاعب و عقبات، والذي أصبح بعد ذلك أساسا للدور الكبير الذي لعبته البحرين متجاوزة حجمها وطاقاتها وامكاناتها، وما كان ذلك ليتحقق الا بفضل التصرف الحضارى الذي مارسه شعب البحرين بالتفافه حول قيادته التى آمن بها و أحبها، وبفضل هذه القيادة الحكيمة الشجاعة التي إستطاعت أن تقود البلاد نحو الخير والرخاء والاستقلال.
تبين المعلومات والحقائق التالية ملامح ذلك الطريق الشاق الطويل والمركب الصعب، طريق بناء دولة الاستقلال خلال العقدين الماضيين، وقبل البدء في هذا لابد من التنويه بأن ما سأورده ليس تاريخا للأحداث ولا تحليلا تاريخيا لما تم بل عرضا موجزا للقضايا الاساسية وللأولويات التي أعطيت آنذاك.
كان من الواضح في مطلع تولي صاحب السمو الأمير المفدى مقاليد الحكم أن البلاد كانت مقدمة على فترة زمنية قريبة من مرحلة الاستقلال، ولذا كان لابد من الاعداد النفسي والاداري الداخلي لذلك اليوم، فاتسمت هذه الفترة (الفترة الاولى) ببناء الأجهزة والمؤسسات الحكومية والاهتمام بالاقتصاد الوطني، وقد تولى الاهتمام بهذه الشؤون سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الذى كان رئيسا للادارة المركزية آنذاك، حيث تمت الدراسات وجلبت الخبرات وأنشئت كما بنيت ادارات متخصصة للاعلام والشئون الخارجية، وفصلت الخدمات العامة الى دوائر (أصبحت فيما بعد نواة للوزارات التي شكلت بعد الاستقلال)، و بدأ القضاء يتحول تدريجيا من محاكم بدائية الى سلطة قضائية منفصلة ومستقلة عن السلطة التنفيذية. وما أن أوشك العقد الاول على الانتهاء حوالي عام 1968م حتى كانت ادارات الدولة وأجهزتها وسياساتها الاقتصادية مستعده للقيام بدورها الفعلي المنتظر.
في أثناء تلك الفترة كان لسمو أمير البلاد اهتماماته الكبيرة بتوثيق علاقاته مع أشقائه وإخوانه من رؤساء دول و حكومات المنطقة، فكانت الزيارات المتعددة المتوالية الى دول الخليج حيث بذل سموه الكثير من الجهود المكثفة الصادقة لحل المشاكل القانونية والسياسية مع الدول المجاورة ومع حلول عام 1970م كان أمام البحرين خياران، يقضي أحدهما بالدخول في إتحاد مع شقيقاتها امارات دول الخليج، بينما يطرح الآخر الاتجاه نحو الاستقلال التام. وبعد الفترة من المباحثات واستقصاء الأطر السياسية الممكنة والمعمول بها في العالم اتفقت الآراء على ان البنية الأساسية ليست متوفرة لبناء حكومة اتحادية في الخليج، ولذا قررت البحرين السير في طريق الاستقلال مع أشقائها في المنطقة، وعلى أن يترك لكل دولة الوقت الكافي لبناء أسس قاعدة اتحادية سليمة للمستقبل.
عندما بدأت دلائل هذا الاتجاه تتضح وجدت البحرين أن واجبها الوطني يقتضي بناء قدرتها الامنية والدفاعية فتمت تطورات أساسية في قوى الأمن الداخلي ووضعت الأسس لتحويل ادارة الشرطة الى وزارة داخلية متكاملة، وعهد إلي ببناء قوة دفاعية ذاتية في البلاد فتم تشكيل الحرس الوطني ليكون نواة لقوة دفاع البحرين التي برزت الى حيز الوجود إثر مرحلة الاستقلال.
بعد مرحلة شاقة من الاعداد والاستعداد والتفاوض أعلنت البحرين أستقلالها عام 1971م (الذكرى العاشرة لتولي سمو الامير مقاليد الحكم)، ونودي بحضرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة اميرا للبلاد المستقلة في مظاهرشعبية كبرى بعد أن عبر شعب البحرين كاملا عن رغبته في أن يعيش كدولة عربية مستقلة سيداً لحاضره ومستقبله.
إمتازت مرحلة الاستقلال بعدة سمات و مميزات يصعب فصلها تاريخيا لأنها برزت في مراحل متشابكة ومتطابقة وليس من السهل فصلها عن بعضها زمنيا، الا أنني سأقتصر ذلك على النقاط الهامة التالية:
أولا دخلت البحرين في تجربة لاختيار نظام سياسي للمشاركة في اتخاذ القرار فخرجت منها بدستور أقره مجلس وطني قائم عى مبدأي الانتخاب والتعيين، ثم مرت البحرين بتجربة برلمانية إستفادت منها وسوف تستفيد منها كذلك لمستقبل نظامها السياسي في المشاركة والشورى والذي نأمل ان يتحقق ضمن اطار تجربة موحدة او متشابهة لدول مجلس التعاون.
ثانيا امتازت الحقبة الماضية بازدهار اقتصادي فريد في نوعه فأصبحت البحرين مركزا ممتازا لخدمات النفط والخدمات المالية والطيران والاتصالات و مركزا صناعيا مرموقا لوجود صناعة الزيت والألمنيوم، و صناعة و إصلاح السفن.
ثالثا لم تغفل البحرين في زخم النشاط الاقتصادي النواحي الاجتماعية والانسانية التي يولدها عادة الزخم الاقتصادي، فبنت المدن، وانشأت المجمعات السكنية، وإهتمت بالرعاية الصحية ووفرت فرص العمل لجميع أبناءها، وبذلك حققت لمواطنيها حياة كريمة حافلة بالعطاء، كما اهتمت بالمسنين و المعوقين وهيأت لهم الممكن من العناية و الرعاية.
رابعا انطلاقا من القول المأثور ( العقل السليم في الجسم السليم)، وجهت البحرين عناية كبيرة الى الشباب والرياضة و عملت بشكل متواصل لتطوير النشاط الرياضي في البلاد، ودعمت الاندية و أسهمت في الدورات والمسابقات والنشاطات الرياضية الاقليمية والعربية و الدولية و بذلك ارتفع مستوى الرياضة و تعمقت روح الطموح والانتماء الوطني في قلوب الشباب من أبناء البلاد.
خامسا اهتمت البلاد اهتماما أساسياً بتطوير التعليم و مراحله، فبعد 60 عاما من التعليم الابتدائي و الاعدادي والثانوي بدأت البحرين تهتم بالتعليم العالي لتوفر لأبنائها العلمي والفكرى السليم الذى يحقق طموحاتهم ويتناسب مع تطلعاتهم ويتيح لهم حرية اختيار ما يلائمهم من مراحل دراسية علمية و عملية تعود عليهم وعلى الوطن بالخير و الفائدة و التقدم. و البحرين اليوم لتفخر بانشاء ثلاثة معاهد للتعليم العالي، وهى تستقبل العقد الثالث من عهد سمو الأمير المعظم.
إن عقد الثمانينات قد هل على البحرين وهي تتطلع بأمل وثقة الى مزيد من التعاون الإقليمي مع أشقائها دول الخليج التي كونت فيما بينها منظمة أقليمية سميت (بمجلس التعاون لدول الخليج العربية) بقصد تجميع طاقات دول المنطقة في بوتقة واحدة تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادي الذى سيؤدى الى الوحدة في المستقبل باذن الله و ستبقى البحرين التي تبعت قائدها الشاب لعشرين سنة خلت تسير وراءه دائما يحدوها الأمل وهي تدخل العقد الثالث من عهده الزاهر الميمون بخطى أكثرثباتا،وبنظرة أكبر ثقة في المستقبل المشرق، بفضل علاقته المتميزة بشعبه والإطمئنان الى حكمته وقيادته الرشيدة التي تعمل لتحقيق المزيد من الخير و الرفاهية و التقدم لحاضر البحرين و مستقبل أجيالها.


التهيئة للخدمة العامة (العسكرية)

لقد كانت البيئة منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا عاملا مؤثرا في نشأة الانسان، فهي تعلمه الكثير. وكنت أسمع في مجالسنا القصص والروايات التي تتعلق بتاريخنا، و كانت مجالسنا مدارسنا بحق حيث تدور فيها الأحاديث عن الابطال والوقائع وكنت أتشوق كثيرا لسماعها وأحرص كل الحرص لحضور هاتيك المجالس التي تروى بها تواريخ الحروب وسير القادة العظام والمعارك العسكرية التي خاضوها و عوامل النصر أو الهزيمة في تلك المعارك، وكم تمنيت لو أننا كأمة ندرس أسباب النصر للاستفادة من نتائج أى معركة خاضتها أمتنا عبر تاريخها، إذ في كثير من الأحيان يعيد التاريخ نفسه و تتشابه المعارك في أمور متعددة ولا تختلف الواحدة عن الاخرى الا بالقليل، وبالاخص عندما تكون محصورة في منطقة محددة واقليمية مثال ذلك ما جري في فلسطين حيث كان العدو منذ القدم وحتى عصرنا الحالي يسلك نفس المحاور في جميع المعارك وإن أختلفت العمليات التعبوية والوسائل وقوة النار والمناورة الى حد ما.
وكنت بين قصص تمجد تاريخ أمتنا منذ فجر الاسلام وما فيها من قيم نبيلة تزيد العربي والمسلم فخراوثقة، وبين عدو لئيم ينكر القيم ويتنكر للانسانية ويحقق بعض الانتصارات المؤقتة في معاركه الحربية ضد أمتنا في تاريخها المعاصر، وكنت في المجلس أسمع مع زملائي تاريخ الأجداد بشجاعتهم وفروسيتهم وأنا سعيد بعزائم الرجال وبطولاتهم حتى اذا ما سمعنا الاخبار يومئد من الاذاعات أو الوفود الزائرة حول مجريات أمور أمتنا ونكساتها وتخلفها عن الركب الحضارى الشامل في البنية الأساسية وفي القوة العسكرية الرادعة وقعنا في حيرة بين استرداد حقوقنا المغتصبة وبين الواقع المؤلم الذى تعيشه أمتنا العربية ونحن جزء لا يتجزأ منها، وهي الأمة ذات المكانة الرفيعة والمجد الاسلامي الكبير.
اذن فهنالك مشكلة تتطلب الكثير، و علينا معالجتها بالعمل المخلص فعلاً لا قولاً لوضع الاولويات وتوضيح الاهداف لعمل مشترك كبير تكون ثماره القوة والمنعة و هذا مايجب ان يكون رائدنا، من هنا بدأنا بتهيئة انفسنا بالعلم والمعرفة و الدراية للحفاظ على ما ورثناه من أمجاد وتراث، مؤمنين بأن يكون بعضنا لبعض ظهيراً. ذلك كان ردنا على ما ألم بنا وبأمتنا العربية من نكسات مريرة. وبدأنا مسيرة الخير بخطوات واثقة مدروسة على أمل الوصول الى الأفضل بعون الله.
وقرأت القرآن الكريم وتدبرته وهو يأمربالجهاد في مواضع كثيرة، وأيقنت بأن الجهاد في سبيل الله والوطن واجب مقدس كما أن في سيرة الرسول الأمين أسوة حسنة فهي ايمان وكفاح حين انتصر الحق وزهق الباطل، و تبينت من دراسة تاريخنا بما يشمله من فتوحات اسلامية ونضال ضد الغزاة والمستعمرين أننا مجاهدون منذ أن خلقنا، فوقفات الحداد وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء الأبرار والكفاح الجزائرى ونضال الشعب الفلسطيني جميعها أمور مازالت تعلق بذاكرتي وكأنها وقعت بالأمس فقط.
هكذا كان المجتمع الذى عشت به مدرستي الكبيرة التى تعلمت منها الكثير بالاضافة لما تعلمته فى سنوات الدراسة، مما هيأني لمستقبل جعلني أشعر وأنا ولي للعهد بالمسئولية الملقاة على عاتقي نحو البحرين وشبابها فبادرت بالانضمام لاحدى الكليات العسكرية لأتمكن من دراسة العلوم والفنون الحربية الحديثة لحاجة في نفسي طالما اشتقت لتحقيقها وهى أن أقدم لوطني كل ما أستطيع تحقيقه وفاء له بما أنعم علينا من خيرات وما قدمه لنا من حياة حرة كريمة فاتخذت من الجندية مسلكا يحقق ذلك الهدف المنشود.

الخطوة الاولى
من المؤكد أن البحرين لم تكن فيما مضى بدون قوة عسكرية، فتاريخها يشهد لها ويثبت عراقتها فى هذا الشأن، وسيرتها تزخر بالكثير من الوقائع والمعارك الحربية التى قام بها الاسطول البحرينى على مر العصور والتى لا يتسع المجال لسرد تفاصيلها لحقبة طويلة هنا فلقد كانت البحرين تمتلك أسطولا بحريا من أكبر الاساطيل في المنطقة لحقبة طويلة من الزمان. ومع أن أسطولها هذا لم يكن يتألف من قوات نظامية في ذلك التاريخ الا انه كان متميزا بالقدرة والقوة والفاعلية الى الحد الذى استطاع معه تأمين الحماية للبلاد والتصدى لأعدائها والطامعين بها. مرت البحرين بعد ذلك بأطوار زمنية اعتمدت خلالها على قوات أجنبية فرضها الوضع الدولي السائد آنذاك شأنها شأن غيرها، ولحسن الحظ فإن هذا الوضع لم يدم طويلا إذ سرعان ما انتهى بفعل التحول الجديد الذى طرأ على الساحة الدولية بصورة عامة، وبفضل تقدم ووعي شعبنا البحرينى العظيم الى جانب حماس واخلاص الجميع فى بلدنا وادراكهم لضرورة تحمل مسئولياتهم الكاملة للسير بالبلاد نحو الاعتماد على الذات بالصداقة والتعاون لا بالاتكال على من هو ليس منا.
تقرر الانسحاب البريطاني وكثرت المخاوف حول استقرار وأمن المنطقة بشكل عام، ومشكلة الفراغ المتوقع الذى سيتركه الانسحاب بعد ذلك فكان على البحرين آنذاك ان تحث الخطى وبأقصى مايمكن من سرعة وفي مختلف المجالات، اذ عليها وخلال فترة قصيرة من الزمن أن تعد نفسها، وتتهيأ لتحمل المسئوليات الكبيرة التى باتت تنتظرها فاقتراب موعد الانسحاب، وبناء الدولة الحديثة وما يتطلبه من جهد، وتطوير الدوائر والمؤسسات الحكومية العاملة في ذلك الوقت، وتهيئة الكوادر الوظيفية اللازمة لأجهزة الدولة قديمها وحديثها، جميعا أمور على درجة عالية من الأهمية.. لقد أستأثرت هذه الامور بمعظم وقت وجل تفكير سمو قائدنا الأعلى الذى جاءت قراراته الحكيمة للمباشرة ببناء الدولة إعتماداً على أبناء البحرين أنفسهم وذلك لايمانه الراسخ بإخلاصهم وثقته الاكيدة بكفاءتهم، وانشاء الأجهزة الفعالة التى تضم نخبة خيرة من المتطوعين الذين هيأتهم الظروف لتحمل المسئولية من أبناء هذا الوطن، وآخرين لديهم الرغبة والحماس لتعلم شرف تحملها وكانت مشكلة الفراغ المتوقع الذى سيعقب الانسحاب تتطلب حلا عاجلا مما دعا سمو أميرنا المفدى للاسراع بتشكيل قوة عسكرية تتولى حماية البلاد وصيانة أمنها واستقرارها والاسهام مع الدول الشقيقة لحماية المنطقة ضد ما يتهددها من أخطار، انطلاقا من مبدأ التعاون والعلاقات الوثيقة التى تربط بين الأشقاء، حدث ذلك وأنا في الكلية العسكرية وكانت فرحتى أكبر من أن أعبر عنها بكلمات، وشعرت بأن الصعوبات التى تواجهني في دراستي قد هانت، ومشاق التدريب التى كنت أعيشها أصبحت أسهل مايكون، وغمرني احساس مفعم بالسعادة وانا أتصور ساعة العودة الى الوطن الغالي، ولحظة اللقاء مع الزملاء المخلصين المؤمنين بربهم ووطنهم، لننضوى جميعا تحت راية البحرين الحبيبة، التى نفتديها بدمائنا وأرواحنا كان علىّ أن أعمل، وعلى الفور بدأت بوضع التصاميم لشعار قوتنا العسكرية ولباسها كسبا للوقت، وتابعت العمل والتحضير والاستعداد لتنفيذ المهمة المرتقبة في المستقبل القريب أثناء الدراسة.
وفي السادس عشر من شهر فبراير عام 1968م الموافق السادس عشر من شهر ذي الحجة 1387هـ تخرجت من الكلية العسكرية وعدت الى أرض الوطن. لم يكن الجهاز الدفاعي في ذلك الوقت سوى فكرة يحتاج تنفيذها الى الكثير من الدراسة والخبرة والمعرفة، ويتطلب التمهيد لتطبيقها وضع الأسس المتينة وبأيجاد الاسلوب الأفضل لبدء المسيرة الخيرة، كما أن طبيعة هذه المهمة تفرض علينا أن نبدأ من حيث إنتهى الآخرون ذلك ان الاعتماد على الكيف وليس الكم يجب أن يكون أساس البناء لقوتنا العسكرية، فكفاءة القوات المسلحة في عصرنا الحاضر لم تعد تقاس بقوتنا البشرية، بل تقاس بعلمها وقدرتها على استيعاب الأسلحة المتطورة، واستخدامها بفعالية عالية، ذلك كان تصورنا لتحقيق مانصبو اليه، وتلك كانت البداية.
لقد أولاني صاحب السمو أميرنا المفدى حفظه الله ثقته السامية، وكلفني القيام بمهمة تأسيس الجهاز الدفاعي في الدولة والذى سمى (بالحرس الوطني) آنذاك، فصدرت الارادة السامية بتعييني رئيسا للحرس الوطني، وجاء هذا التعيين لأني كنت أول الخريجين العسكريين وهذا مما ساعدني على معرفة نفسي بصورة أكثر، وكان دافعا لي لأن أطور معرفتي ليتسنى لي تحمل مسئولياتي كضباط تقع على عاتقه بناء مهمة بناء القوة العسكرية لبلدنا الحبيب، يعتبر الحرس الوطني حسب المفهوم العسكري رديفا وسنداً للقوة العسكرية ووجوده لايغني عنها، فالقوات المسلحة هي سياج الوطن ودرعهُ المكين، لقد كانت تسمية ( الحرس الوطني) في بداية الأمر تسمية مرحلية، ذلك أن الفترة السائدة آنئذ كانت انتقالية والأمر يتطلب حينئذ معرفة مدى التجاوب والاقبال من أبناء البحرين الأعزاء على الالتحاق بصفوفه، بوشر خلال الربع الاخير من عام 1968م بفتح باب التجنيد للدفعة العسكرية الأولى في تاريخ البحرين الحديث، وجاءت النتيجة الرائعة التى فاقت كل التوقعات حيث تقدم الشباب البحريني بأعداد غفيرة للتجنيد الطوعي يدفعهم الى ذلك ايمانهم بالله ثم الوطن، وعندها كان لابد من تغيير التسمية حيث صدرت الارادة السامية بالتسمية الجديدة (قوة دفاع البحرين).
إن ايماني المطلق بالعلم دفعني لمتابعة الدراسة، وصفتي كقائد عام لقوة الدفاع فرضت عليّ ان أكون بالمستوى العسكرى الذى يتناسب ورتبتي، ومن واجبي أن أعطي المثل الحي والقدوة الحسنة لكافة الرتب في قوة الدفاع، وعليّ أن أشجعهم لطلب العلم والاستزادة من العلوم العسكرية، ومن هذا المنطلق أستأذنب صاحب السمو قائدنا الاعلى ليسمح لي بالاشتراك في دورة القيادة والاركان التي تعقد في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد وافق سموه على ذلك، وكان لي ما أردت خلال عام 1971.
لم تكن قوة الدفاع تحتل في بادئ الأمر سوى مكتب واحد يقع في زاوية من زوايا الديوان الخاص بسمو الأمير المفدى، وكنت غالبا ما أجلس به أتطلع والأمل الباسم يحدوني والحماس يدفعني لتحقيق رسالتي نحو بناء القوة العسكرية اللازمة للوطن الغالي وفى أحد الاجتماعات مع صاحب السمو عرضت على سموه رغبتي فى الاطلاع على ما أنجز في الاردن الشقيق من قبل جلالة الملك حسين فى مجال القوات المسلحة حيث وافق سموه على ذلك وكانت زيارتي الاولى للمملكة الأردنية الهاشمية التى وجدت فيها الأصالة العربية والعزم والتصميم والتكاتف عند الجميع ممثلة فى شخص جلالة الملك وكان من يمن الطالع أن أشهد النصر على الأعداء في معركة الكرامة (21مارس 1978) مما أكسبنا جميعا الثقة في قدراتنا وعزمنا على النصر كأمة عربية اذا اتحدت كلمتنا وقويت بنيتنا العسكرية وشعرت وأيم الله أنني في بلدى ووجدت أوجه التشابه كثيرة بين البحرين والأردن وأهمها اعتماد البلدين على الثروة البشرية نوعاً لاكماً وبدأ الاتفاق على التعاون وذلك بالاستفادة من الخبرة العسكرية المكتسبة في الأردن.
ثم وضعت الدراسات اللازمة كما هو مطلوب للتنفيذ، وكان الاجتماع الاول برئاسة جلالة الملك حسين وجميع أركان القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية وفي هذا المجال لابد لي أن أشيد بروح التعاون والأخوة التي سادت علاقتنا مع كافة المسئولين في القيادة وبالدعم الذى قدمه جلالة الملك لتحقيق هذا التعاون ومباركته.
وبعودتي الى ارض الوطن أمر صاحب السمو أن أبدأ بالعمل، وكان مركز التدريب مقرا للقيادة العامة، وقررنا أن نشرع بالتحضير للدفعة الاولى من الضباط والافراد، ولابد لى أن أذكر وبفائق التقدير ما لصاحب السمو من أثر كبير على ما قدمهُ من دعم ومساعدات مادية ومعنوية مما ساعدنا على تخطي المصاعب وتذليل العقبات، ولقد كان أول هاتيك المساعدات بناء مركز التدريب وإعداده للعمل، كما قدم الأسلحة الخفيفة المطلوبة لتدريب الدفعة الأولى، وقد بدأنا بتنفيذ المهمة دون أي تأخير وسرنا الخطوة الأولى على طريق بناء القوة العزيزة وما الثقة التى أولادها سمو قائدنا الأعلى للضباط والأفراد الا أمانة غالية فى أعناقنا.

بداية المسيرة
كان الهدف من إنشاء قوة للدفاع عن البلاد واضحة المعالم لدى صاحب السمو القائد الأعلى ولدي شخصياً وكان التصميم على إنجاز هذا العمل الوطني الكبير أملا عزيزا وملازما يراودني في جميع الأوقات، وكانت العناصر الأساسية لتحقيق هذا الهدف والنابعة من ماضينا وحاضرنا وأملنا بالمستقبل المشرق ماثلة أمامي، أفكر بها، وأستخلص أنسبها ملاءمة لواقعنا وهكذا تم لي تجميع العوامل الهامة والمؤثرة لعملية البناء.
ومن هذا المنطلق أجريت الدراسات اللازمة في فترة لم تتجاوز الثلاثة شهور، كانت حصيلتها وضع خطة متكاملة لانشاء القوة اللازمة للدفاع عن الوطن و عن منجزات الآباء والأجداد، والتى توفر للمواطنين العيش في أمن وسلامة و رخاء و شملت تلك الخطة جميع التفاصيل والأولويات، وكانت الارادة السامية بتشكيل القوة والتي تزامنت مع إتمام وضع خطة العمل أيذانا بمباشرة التنفيذ.
وعلى أثر ذلك باشرنا التنفيذ بكل همة وحماس يساعدني عدد محدود من الزملاء، وكان العمل يجرى على ضوء خطة تميزت بالدقة والبساطة.
وبدأت باصدار الأوامر والتعليمات والارشادات، و أتخذت القرارات اللازمة للتهيئة والاستعداد، وكنت أتابع كل أمر وقرار، وفي فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر تم إعداد مركز التدريب بكل ما يتطلبه من تجهيزات ومعدات وميادين تدريبية ومستودعات، وتكرم صاحب السمو القائد الاعلى فزودنا بالأسلحة الخفيفة والآليات التي تتطلبها المرحلة الأولى من التأسيس، و في هذه الفترة تم وضع أنظمة التجنيد والمال واللوازم وغير ذلك من اللوائح العسكرية، الا أن إكمال القوانين العسكرية والأنظمة على أختلافها إستمر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر قوة الدفاع، وهكذا أعددنا كل شئ، و أصبح مركز التدريب جاهزا لاستقبال الدفعة الاولى من المجندين.
وما أن أعلن عن فتح باب التجنيد حتى تقدم الشباب من أبناء البلاد وكانت فرحتي بكثرة عددهم لا توصف، وكنت اتمنى حينذاك لو تمكنا من تجنيد كل من تقدم لمقابلة لجنة التجنيد، وكان للاقبال الشديد على التجنيد أثره العميق في نفسي حيث تأكدت من أن أحد أهم عوامل الخطة التي تعتمد على القوة البشرية المثقفة من أبناء البلاد قد تحقق.
وبدأنا بالدفعة الأولى أو التجربة الأولى من المجندين والتى أردت لها النجاح الكامل بعد أن أعددت كل ما يتطلبه ذلك من إستعداد، فهي نواة القوة وعمادها، وكنت مدركا بأن هذه المجموعة ستكون النموذج لما سيتبعها من دفعات، فحرصت كل الحرص عليها وتابعت برامج تدريبها وتعليمها وأشرفت عليها شخصيا حتى أصبحت واثقا من أن أول سرية عسكرية كنت أتوق لرؤيتها على أرض البحرين الحبيبة سيتم تحقيقه وبأسرع مما كنت أتوقع.
لقد بدأت حياتي العملية وخدمتي للبحرين مع بداية هذه الفترة، حيث كنت القائد العام، وبدأت خدمتي العسكرية الفعلية مع مجموعة المجندين الأولى بمركز التدريب، ولهذا فقد كنت آمراً لمركز التدريب أتابع برامج التدريب وأشارك في مختلف النشاطات، إضافة لما يتطلبه واجبي كقائد عام لقوة الدفاع.
وفي هذه الفترة التحق بنا زملاء جدد من أبنائنا الذين أنهوا دراستهم العسكرية، وكانوا مثالا للانضباط وتحمل المسئولية مما زاد أغتباطي بهم، وكنت سعيدا جدا بروح التعاون التي يتحلى بها الجميع فقد كانوا يعملون دائما بحماس واخلاص يدعو الى الاعجاب، وكانت أهازيج البحر التي يرددونها أثناء قيامهم ببعض الأعمال تثير فى النفس أعمق معانى التمسك بالتراث والقيم فكأنهم يعيدون تاريخ أجدادهم الذين طالما كافحوا في البحر، وكان لابد من تعريفهم بحياة الصحراء، ومن هنا بدرت فكرة التدريبات في الخارج، وكانت الجزيرة العربية خير موئل لتحقيق ذلك، لكي ينشأوا نشأة عسكرية قوية ويتحملوا أقسى الظروف في البر والبحر، علما بأن تعليم أبن البحر للعمل في البر غالبا ما يكون أسهل من تعليم أبن البر للعمل في البحر.
وهكذا فقد علمتنا الحياة الشئ الكثير. وأخذنا من واقعنا ما نحتاجه، وحصلنا على كل ما هو جديد ونافع، و أستمرت مسيرتنا مع المجموعة الأولى بنجاح تام، ومع اقتراب موعد تخرجها باشرنا في استقبال دفعة أخرى من المجندين، و بروح الشباب الواعي تكرر المشهد الرائع، وأقبل الكثير من أبناء البلاد للانخراط في هذا السلك الشريف.
وحان تخريج الدفعة الاولى، والذى جرى تحت رعاية صاحب السمو قائدنا الأعلى، وكان يوما تاريخيا خالدا أحسست فيه بأنني الأخ للخريجين لا القائد وغمرني الفرح و الاعتزاز وأنا أرى الخريجين يؤدون فعاليتهم باتقان تام، وبمستوى رفيع يضاهى أرقى المؤسسات العسكرية، وكانوا خير خلف لخير سلف، و أمثل نواة لاخوانهم فيما بعد. وتخليدا للمناسبة العظيمة فقد صدرت الارادة السامية باعتبارهم يوم الخامس من فبراير عام 1969م عيدا لقوة دفاع البحرين.
و بمرور الأيام واستمرار العمل الجاد، تكرر تخريج الدفعات إلى أن زاد العدد، وبموجب الخطة تم تجميع الدفعات الثلاث الاولى في معسكر كتيبة المشاة الذى جرى اعداده وتجهيزه خلال فترة تدريب دفعة المجندين الأولى، وكان لابد والحالة هذه من نقل قيادتي الى معسكر الكتيبة، و هكذا أصبحت قائداً للكتيبة الأولى، والاضافة لكوني قائدا عاما، وفى نفس الوقت تابعت الاشراف على مركز التدريب الذي كان يعج بالحركة والنشاط، وبقينا بعد ذلك نستقبل الخريجين من المجندين في معسكر الكتيبة لينضموا للفئات والسرايا التى تم تشكيلها، وبنفس الوقت كان عدد الضباط الخريجين من الكليات العسكرية والذين كان قد تم انتخابهم في بداية المسيرة فى ازدياد مستمر، وبدأنا أيضا بإعداد كوادر صف الضباط من دفعة المجندين الأولى وذلك في دورات خاصة، وبالعمل المستمر والجهد المتواصل تمكنت وبعون الله من اكمال تشكيل كتيبة المشاة الاولى وتزويدها بمتطلباتها من التجهيزات والمعدات والاسلحة والآليات وبدأنا بتنفيذ البرامج التدريبية الخاصة بهذه الكتيبة وذلك لاكتساب والخبرة والمهارة ولاعداد أول وحدة قتالية تجيد العمل في مختلف أوجه القتال وتحت أية ظروف محيطة.
وهكذا تابعت تنفيذ مراحل الخطة بثبات وبثقة قوية وأنتقلت للمرة الثالثة الى مقر قيادة القوة المؤقت، والذى تفضل صاحب السمو القائد الأعلى وأهداه لقوتنا الفتية وكان ذلك المبنى مستخدماً كدار للضيافة، وباشرت بتشكيل فروع القيادة العامة، وكانت كتيبة المشاة الأولى هي المعين لملء الشواغر، ذلك بالاضافة لبعض أبنائها من خريجى الجامعات الذين تقرر تجنيدهم وتدريبهم عسكريا ومن ثم تعيينهم ضباطاً لملء الشواغر الفنية والادارية بفروع القيادة العامة، وبدأت هذه الفروع باكتساب الخبرة والمعرفة وبحماس واخلاص هؤلاء الزملاء لم يمض وقت طويل حتى كانت جميع فروع القيادة تقوم بواجباتها على أحسن وجه مما ساعدني في متابعة الاشراف على مركز التدريب وكتيبة المشاة الاولى.
وفي هذه الفترة بدأت فعاليات قيادتي مركز التدريب وكتيبة المشاة الاولى تظهر للعيان، مما ضاعف ثقتي بهؤلاء الرجال المخلصين وزاد من اعتزازى ومحبتى لهم، وتابعنا المسيرة لتنفيذ ماتبقى من مرحلة التأسيس الأولية، وباشرنا بتشكيل وحدات القتال والاسناد والخدمات الادارية وبفضل الجهود المتواصلة والمثابرة من المجتمع تم انجاز كلما خططناه لمرحلة التأسيس، وأصبحت قوة الدفاع موضع اعتزاز صاحب السمو قائدنا الأعلى وموضع اعتزازى شخصيا.
كان الهيكل التنظيمي لقوة الدفاع في البداية على نحو التالى :
الهيكل التنظيمي الأول لقوة دفاع البحرين
قيادة قوة الفاع ترتبط بها كل من : (1) مركز التدريب
(2) كتيبة المشاة الاولى
(3) سرية المدرعات
(4) وحدة اللاسلكي
(5) وحدة تموين
(6) وحدة طبية
(7) وحدة الصيانة الفنية
(8) المستودعات
(9) الموسيقى

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 05:00 PM

  رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الاطار العام لبناء قوة الدفاع
من حسن حظ الجميع أن افتتاح المدار الحكومية في البحرين قد بدأ مبكرا فى مطلع هذا القرن حيث مضى على ذلك اكثر من ستين سنة، مما ساعد في توفير الكفاءات العلمية والمثقفة في البلاد، ويعتبر ذلك عاملا مهما وأساسيا عند إنشاء أى ركن أو جهلز يحتاج لهُ الوطن، وعندما فكرنا في تأسيس قوتنا العسكرية أتجهت أنظارنا الى هذه القاعدة العريضة المثقفة فوجدناها الانطلاقةالصحيحة لتكوين جهازنا الدفاعي الحديث، دون أى خوف أو تردد على استيعاب ما سنجلبهُ من اسلحة ومعدات وتجهيزات حديثة، وكانت ثقتنا كبيرة بأبناء البحرين والأعزاء وعياً ونظاماً وانضباطاً، وهذا ما شجعنا عندما باشرنا بناء القوة على جلب أحدث الأسلحة الخفيفة لاستخدامها بعد التدريب عليها ولاستخدام الاسلحة المتوسطة والثقيلة بعد ذلك. لقد أجتهدنا كثيرا ولانزال نجتهد فى الحصول على أحدث الأسلحة والمعدات الأكثر ملاءمة للعمليات الحربية التقليدية والخاصة، ويمكن القول أن توفر الشباب المثقف في بلدنا قد سهل علينا إنجاز المهمة الى حد كبير، ونرى أن من واجبنا الآن أن نزيدهم علما ومعرفة وأن نوفر لهم القيادة التى يستحقونها كونهم أهلا لأرفع مستوى من المعاملة.
من المؤسف حقا أن كثيرا من الناس لايعرفون معنى الدفاع الا في بعض المناسبات. فهناك فئات تعتقد أن الدفاع عن الوطن هو صد أى اعتداء خارجي، وهناك فئات أخرى تعتقد أن الدفاع عن الوطن هو مايمكن أن يحققوه من مكاسب مادية في جو يسوده أى نوع من الاستقرار، وآخرون يعتقدون أن التطرف والاستعانة بالقوى الخارجية مهما كان لونها هو دفاع عن الوطن.
ويمكنني ان أذكر الكثير من الأمثلة والتى قد تكون مخالفة لبعض الآراء ولكنني سأختصر ذلك بذكر معنى الدفاع عن الوطن كما أفهمهُ (الا وهو عن كلما ورثناه من قيم وتقاليد وأرض وفرت لنا الخير، ونظام من مبادئه الإيمان بالله واحترام الانسان وتقوية الوحده الوطنية) أما التفريط أو التنازل عن القيم الاصليه واستبدالها بعادات مستوردة وأفكار غريبة لهو في اعتقادى استعمار فكري خطير يؤدى الى الفوضى والضياع ... ونحن في قوة الدفاع نفتخر كل الفخر حينما نردد مؤمنين شعارنا (الله..الوطن.. الأمير).
الأهداف والمبادئ
لم نفكر كثيرا في مناقشة أحتياجنا لقوة الدفاع فجميعا كنا مقتنعين بضرورة وجودها، ومدركين بأنه قد آن الأوان للبدء بتأسيسها، وهذا كان من أبرز أسباب النجاح فى سرعة إنجاز تأسيسنا لها بعد أن صدر المرسوم الأميري السامي الذى الذى يحدد الأهداف والمبادىء المبينة تالياً لقوة الدفاع :
*الحفاظ على استقلال البلاد وصيانة أمنها وسيادتها ضمن حدودها الأقليمية والتصدى لأى عدوان أجنبي يقع عليها.
*مساندة قوى الامن الداخلى ومساعدتها في ضمان الاستقرار والأمن في البلاد عندما تدعو الحاجة الى ذلك.
*التعاون العربي العسكرى المشترك.
تتكون قوة الدفاع من قوات نظامية متطورة تواكب متطلبات العصر الدفاعية.
لقد أتبعنا في عملية التأسيس سياسة الاعتماد على النفس بقدر الامكان، والتعاون مع الاشقاء والأصدقاء لبناء القوة تدريجيا، كان التحدى كبيرا ولكن العزم والتصميم ولله الحمد كانا بالمستوى المطلوب وأنا هنا في هذه المحاولة أسجل ما مر عليّ وعلى كل من ساعدني من رجالنا الصابرين البواسل في تحقيق الحلم الكبير إلى واقع نعتز به ونفخر به على الدوام، فالانجازأكبر بكثير مما يكتب أو يقال، وما هذه الا بداية نحو التطور والمستقبل المشرق الذى سيحقق بعزم الرجال الأقوياء الأفياء، إخواني في السلاح الذين أستمد منهم بعد الله الطاقة والعزيمة لنعمل معا، وهدفنا كما أسلفنا هو رد بعض ما علينا تجاه وطننا الغالي بالعمل والتضحية والفداء.
الاسس التى روعيت في عملية البناء
لتنظيم ما سبق ذكره فقد أتخذنا القرارات المتعلقة بايجاد الصيغة القانونية الأنظمة العسكرية الازمة لكي يعرف كل فرد ماله من حقوق وما عليه من واجبات، وقد وضعت الواجبات وكذلك الصلاحيات والتحديدات ضمن مختلف القوانين الخاصة بقوة الدفاع الى جانب الانظمة الثابته للتشكيلات والقيادات بصورة واضحة تعرف كل فرد بواجبة، وعلى مدى الصلاحية المخولة لكل مسئول بالمراكز القيادية والادارية.إذ أن تنفيذ وتطبيق القوانين والأنظمة تمكن كل فرد من تحمل مسئوليته وتنفيذ واجباته دون لبس أو غموض، وهي العامل الاساسي الذى ينظم العلاقه بين الافراد من مرؤوسين ورؤساء، وعندما نعمل بموجبة بتفادى التعامل بأسلوب السيطرة المركزية، ولتنظيم كيفية أداء الخدمة العسكرية فقد صدر قانون قوة الدفاع قبل تجنيد الدفعة الاولى والذى خول القائد العام وضع نظام وطريقة التجنيد، وأوضح وحدد مالرجال القوة من حقوق وما عليهم من واجبات، ثم صدر بعد ذلك قانون خاص لخدمة الضباط لتنظيم شئونهم من انتخاب وتدريب ودورات وتعليم وترقيه مع شروطها، ونقل واعارة واحالة على التقاعد، وما عليهم من واجبات، وتبع ذلك قانون خدمة الافراد لتنظيم شئون الافراد من حيث التجنيد والخدمة والاعمال والحقوق والواجبات، وقد روعيه في وضع القوانين والانظمة مبدأ المرونة لتكون قابله للتطوير والتناسب مع ظروف المستقبل.
أما نظام التجنيد فلا أزال أذكر النقاش الذى دار حوله، نظرا لأن هناك نظامين للتجنيد هما:نظام خدمة العلم (مايسمى بالتجنيد الاجباري) ونظام خدمة المتطوعين، لقد طرح الموضوع للناقش برئاسة صاحب السموالأمير المعظم، وأخذنا نسأل عض الدول التى جربت الاسلوبين عن النظام الأفضل وأتفقنا أخيرا – وبقناعه تامه – على أن الأخذ بنظام خدمة المتطوعين هو الأنسب وذلك لأسباب كثيره أمها عدم وجود أو توفر المحترفين لتدريب الأعداد الكبيره في ما لو اخذنا بنظام خدمة العلم، هذا بالاضافة الى الروح التى يتحلى بها المتطوع، حيث أن رغبته فى احتراف الجنديه هي الدافع الأساسي لستمراريته في الخدمة التى تمكنه من إجادة آختصاصه بكفاءه ومهاره ولكن هذا لايعنى بأننا لا نفكر بالأسلوبين معا، وسيتم ذلك عندما تدعو الضرورة. وهكذا كانت البدايات الأولى تطوعية وقد لاقينا نجاحا منقطع النظير في سرعة بناء قوة الدفاع فدفعنا طموحنا الى التوسع في كافة مجالات الدفاع والاخذ بأحدث ما أنتج من الاسلحة للتدريب عليها.
ونحن في البحرين لا يمكننا مطلقا أن نفكر بإعداد أنفسنا بكل ما نمتلكه من قوى نفسية وإقتصادية وإجتماعية وسياسية وعسكرية للعزلة عن مجتمعنا في الخليج والوطن العربي الكبير، ففي عصرنا هذا لايمكن لأى قوة كانت أن تعتمد كليا على نفسها، فالحاجة للعمق والساحات الواسعة ضرورة لابد من توفيرها، والعالم أصبح صغيرا بفعل مدى الاسلحة الحيدثه وسرعة الاتصالات والتنقل ولذلك كان علينا الارتباط مع أوخوتنا في الخليج بإستراتيجية موحده والالتزام مع بقية الدول العربية في هذا الشان. هناك صعاب لا يخلو منها أى عمل كبيراً كان أم صغيرا، ولو لاها لما وجدنا التحديات المطلوبه إلا أننا وبالتعاون مع إخواننا نأمل أن نواجه هذه المصاعب ونتغلب عليها لنحقق الأهداف المنشودة. أما على المستوى الداخلي فإن كل فرد منا يثق بنفسه وقدرته وما يملكه من إمكانات ولا يشك في دورة، وسنتمكن من توفير ما نحتاجه لمواجهة كافة الاحتمالات، وفي مختلف الظروف في المستقبل القريب بإذن الله.
لقد كان مستوى الافراد العلمي هو الذى ساعدهم على استيعاب العلم العسكرى الحديث كل في مجال اختصاصه وعمله، ويرتكز هذا العلم على مبادئ وأسس ومافاهيم وتجارب كثيره مسجله في آلاف المجلدات والكتب، ويمكن تبسيط أى علم فى كلمتين هما؛ ومن ثم تدريبه وتمرينه ليصبح ماهرا في تنفيذ تلك المعرفة عمليا، ويتضمن العلم العسكرى المبادئ الاساسية للحرب وهي :
الهدف
الهجوم (الروح التعرضيه)
البساطه
وحدة القيادة.
الحشد.
الاقتصاد بالجهد
المناوره
المفاجأه
الأمن
ولا مجال هنا لشرح هذه المبادئ، الا انه بستخدامنا لها على احسن وجه، ولمبادئ المراحل الرئيسية المنبثقة عنها في كل عملية عسكرية نكون قد حققنا الغايه المنشودة من الاستيعاب العلم العسكرى، ويمكن تطبيق أي مبدأ من مبادئ الحرب هذه بعدة أساليب، فالمبادئ واحده وتنفيذ العمليات الحربية هو غيرالمتشابه، وهذا هو البذاع. وبختصار فان العلم العسكرى هو أحسن وأفضل استخداماً لمبادئ الحرب. إن العلم العسكري لايخلو من مواضيع أخرى يتشوق إلى معرفتها كل أنسان، وعلى سبيل المثال فإن موضوع تكوين شخصية القائد يؤدي الى إفادة الفرد في بيته ومجتمعيه أثناء الخدمة الفعلية وبعدها.
يواجه المسئولون مشاق كثيره لتكوين القاده، وعلينا أن نكرر المحاولات في هذا الشأن، وللنجاح في ذلك راعينا كمسئولين أن نكون دائما في مستوى المسئولية : وبهذا الإسلوب نجد ان الرئيس والمرؤوس يتساعدنا في معاياه تكوين صفاتهما القيادية، انه لمن الصعب تحليل وتعريف فن القيادة بكلمات، غير اننا نستطيع القول بانه مثل الكهرباء يمكن شرح قوة تأثيرها أكثر من عملية تفاعلها الطبيعي، وهذا ما ينطبق على الصفة القيادية، فالقائد المتفهم للطبيعة البشرية، والذى يمتلك الشخصية البارزة، ويتوفر لديه من الخبرة الفنية والمعرفة اكثر من غيره يكون له النصيب الأوفر من النجاح والاحترام والتقدير من قبل رؤسائه ومرؤوسيه، أن الشعور بالمسئولية هو من الصفات الأساسية للقائد الصالح، وحسب معرفتي فإن الرجل المسئول هو يبدأ بمعرفة نفسه والايمان بكيانه المنمثل في عائلته الصغيرة واسرته الكبيرة، وكذلك إيمانه بجميع المؤسسات التي أنشئت من أجل خدمته، وبعد ذلك يبدأ عامل الغيرة على المصلحة العامة يتفاعل مع كل ماهو جزء منه، وبالتالي يصبح هذا الانسان بغير حاجة الى كثرة التوجيهات والمراقبة، وهكذا يشعر بالمسئولية، وقد أجملها الرسول الكريم بالحديث الشريف : كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.. وفيه تتبدى أهمية القيادة في أيه رتبة، وعظّم شأن القائد كبيرا كان أم صغيرا. وقد راعينا في تأسيس القوة أن نبدأ (بالقائد) الذى يجب أن يتحلى بالصفات الآتية :
تطبيق الحزم والعدل والانضباط في مختلف أساليب التعامل مع وحدته.
إعطاء الفرصة للقادة المرؤوسين للقيام بواجباتهم القيادية.
تحديد الاهداف بوضوح وواقعية ضمن مواعيد محددة.
إصدار الاوامر بطابع عسكرى، ومراقبة تقدم العمل، وارشاد المنفذين الذين يحتاجون الى ذلك، واسناد المرؤوسين الاكفاء، وتبديل دون المستوى.
توفير الظروف لكل القادة بحيث يتناسب ذلك مع طموح وامكانيات كل منهم. تشجيع المهارات والمبادرات الخاصة، والاعتراف بالاعمال البارزة، ومنح الامتيازات التى تتلاءم والانجازات، وتقدير المتفوقين.
الاهتمام برفاهية الافراد ومعاملتهم كمسئولين لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم، وخلق الثقة المتبادلة بين الجميع في وحدته.
تزويد القادة الذين بأمرته بالمعلومات اللازمة، واطلاعهم على سير الامور وحثهم على تحسين ثقافتهم العامة بالاضافة الى العلوم العسكرية.
لقد راعينا عند تأسيس القوة أن ندرب ونهيء اصحاب المهن والحرف من بين أبناء البلاد، حيث أصبحت الكفاءات المهنية تشكل عنصرا هاما وحيويا في تسيير مختلف أنواع المصانع والورش، وبما أن حاجة قوة الدفاع لمثل هذه المهن كبيرة نسبياً ومتنوعة فقد باشرنا بتأهيل وتدريب عدد لا بأس به من الافراد، وذلك للاستفادة منهم خلال الخدمة، وبذلك نكون قد أسهمنا مع بقية المعاهد الاخرى في عملية تأهيل الكوادر المهنية والفنية التى تحتاجها البلاد.
تعتبر قوة الدفاع مجتمعا مكملا لمجتمع البحرين وغير منفصلة عنه، وقد نظرنا الى هذا العامل الاساسي والهام بعين الاعتبار منذ أن بدأ التفكير في تأسيس الجهاز الدفاعي، حيث أن شباب البحرين هم الذين يشكلون لبجزء الاكبر من جميع عناصر قوة الدفاع، ولهذا فإن إدامة الاتصال بالقاعدة أمر مفروغ منه على المستوى الفردى، أما على المستوى المنظم فقد وضعت قيادة القوة سياستها لتحقيق إدامة الاتصال مستعينة بوسائل كثيرة منها، المساهمة في الاعياد القومية بالاستعراضات والاحتفالات العسكرية، وكذلك المشاركة مع الاندية الرياضية على الرغم من أن معظم الجيوش لاتسمح لمرتباتها أن تشترك أو ترتبط بأية اندية غير عسكرية، ومع ذلك فإننا نشجع منتسبي قوة الدفاع لادامة أرتباطهم مع أنديتهم دعماً منا لهذه الاندية، وحرصا على عدم إضعافها لثقتنا الكبيرة بها حيث نعتبرها سنداً هاماً لقوة دفاعنا، وينتج عن هذه المشاركة أحساس المواطنين بالفخر والاعتزاز بأبنائهم وبالروح الرياضية التى يتحلى بها الجميع، وليس غريبا أن نرى رئيس (كابتن) إحدى الفرق الرياضية برتبة عريف بينما قلب الهجوم فى فريقه برتبة ملازم كذلك فإن قوة الدفاع تديم الاتصال بالقاعدة عن طريق القاء المحاضرات وتبادل المحاضرين والزيارات التى يتم خلالها تبادل المعلومات وتزويد المواطنين بالثقافة العسكرية اللازمة، ومن الأسس التى وضعت لإدامة الاتصال بالمجتمع إسهام قوة الدفاع مع مختلف الوزارات والمؤسسات العامة في كل مايعود بالخير على الوطن والمواطنين كالاشتراك بمكافحة الاوبئة والامراض وغير ذلك من الامور التى تقع ضمن الامكانيات المتوفرة، وأملنا كبير بالاستمرار والاتصال الدائم مع قاعدتنا العريضة وفي نختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها.
ماتقدم ذكره يعتبر الأسس الأولية التى روعيت لتشكيل نواة الجهاز الدفاعي (الحرس الوطني) آنذاك، (قوة الدفاع) فيما بعد، وسينتج من المراس والخبرة في العمل أسس أضافية جديدة نعتمد عليها لتطوير قوة دفاعنا والارتقاء بها الى المستقبل الأفضل الذى نرضاه لها، وعلينا وباجتهاد الحريصين منا أن نشجع التي يقع على كاهلها تنفيذ هذا العمل المشرف الذى سيكون التعامل به معتمدا على الانسان البحريني النبيل الذى وهب نفسه فداء للوطن مقدما روحه لخدمته والذود عن حياضه، فالقيادة الحكيمة هي تلك التى تخرج من المحن بأقل الخسائر.


قوة الدفاع ودورها العربي خلال حرب رمضان 1973
ان ماجرى فى خليجنا العربي عامة وفي البحرين خاصة يكاد يكون خافيا على كثير من ابناء امتنا العربية، فقد كان لقوة دفاع البحرين دور فى حرب رمضان المجيدة عام 1393هـ، 1973م، وذلك بموجب قرارات مجلس الدفاع المشترك بالجامعة العربية، حيث انيط بقواتنا مهمة اسناد المعركة من خلال ارتباطها بالقوات السعودية الشقيقة حال اشتراكها بالقتال على الجبهة الشرقية من ساحة العمليات (الاردن)، او على اية جبهة اخرى تحت إمرة القيادة المشتركة وبناء على ذلك قمنا بتشكيل اول مجموعة قتال للإشتراك فى هذا الواجب المقدس.
واضافة لدورنا العسكري فقد كان لدولة البحرين دورها بالتضامن مع بقية الدول الشقيقة فى تخفيض انتاج النفط ومنعه عن الدول التى تساند العدو، هذا عدا عن إسهام البحرين اميرا وحكومة وشعبا بالمشاركة الفعلية بالمجهود المادى والمعنوى، تلك هى حقائق ساطعة وظاهرة للعيان، ومن وراء تلك الفعاليات كانت الفضائل المعنوية و الروحية التى ترقى الى مستوى السمو و التألق، ذلك هو حديث الذكريات، نسجله للتاريخ و للاجيال القادمة لتستلهمه وتستنير به من اجل المستقبل المشرق و الغد المأمول.
ونعود بالذكريات للوراء وبالتحديد لعام 1967م، حيث كنت يومها طالبا بالكلية العسكرية بالمملكة المتحدة. فى ذلك الوقت كنت شابا يمتلئ وجدانى بالحماس والغيرة على الكرامة و العزة والمجد العربي، و من ضمن آمالى الكبيرة عندئذ ان ارى اشقائنا وهم يحتفلون بالنصر في شوارع و ميادين قدسنا الشريفة، وربما كانت هذه المشاعر والامانى التي داعبت خيالى والهبت حماسى منذ الصغر احد اسباب التحاقى بالكلية العسكرية و لكن حدث ما لم يكن بالحسبان، حيث فوجئنا بنكسة عام 1967، و شاهدت من خلال اجهزة التلفزيون البريطانى عرضا عسكريا بالقدس الشريف ولكن لعدونا.. وكانت المرارة والحسرة تحزّ بنفسى اثناء الدراسة وبعدها.
وبعد ان تخرجت وباشرت مسئولياتى فى خدمة البحرين اصبحت اتطلع الى اليوم الذى يتضامن ويتعاون فيه كل العرب لتحرير الاراضى المغتصبة، وكنت على يقين من ان هذه الهزيمة لابد وان تجعل كل عربى يشعر بالمسئولية لتحقيق هذا الواجب المقدس رغم كل التحديات، والحق اقول بأن هذا الموضوع كان يشغلنى يوميا، حيث كنا فى قيادة القوة نفكر ونقيّم بأستمرار اسباب تَلك الهزيمة، وكيفية استعادة ماسلبه اعداء هذه الامة التى تميز ماضيها عبر العصور بالتاريخ العسكرى الخالد، وسجل قادتها الافذاذ ادوارا مشرفة فى ادارة المعارك.
وجاءت حرب رمضان 1393هـ (اكتوبر) 1973م لتؤكد قناعتنا بالمعاني والقيم التى عرفتها مختلف شعوب العالم عن هذه الامة عبر تاريخها المجيد، وسجل المقاتل العربى صفحة شرف جديدة وبعقلية متطورة، واضاف ببطولته ومهارته مبادئ جديدة على العلم العسكرى واثره فى الدروس المستفادة، واسقط جميع الادعاءات الباطلة التى ارادت الصهيونية الصاقها به بعد هزيمة حزيران 1967م، ولقن العدو درسا لن ينساه، وسوف يظل العمل الكبير الذى انجزه المقاتل العربى موضوعا للدراسة والالهام لامتنا العربية الخالدة.
وعندما بدأت تلك الحرب كانت قوة دفاعنا حديثة التشكيل متواضعة الحجم محدودة الامكانيات، وبالرغم من ذلك فقد كنا نستطلع ونطمح لان نقوم ببعض الواجب نحو امتنا، وكان هذا الهدف من اساسيات تشكيل هذه القوة، وعندما حانت الفرصة قمنا بتشكيل مجموعة القتال الاولى التى شملت الكتيبة الاولى وعناصر الاسناد اللازمة، وكان لهذا الحدث اهمية كبرى حيث إنه كان اول اختبار فعلي لقدرات قوتنا الفتية، وقامت هذه المجموعة بتطبيق مختلف التمارين التعبوية استعداداً للواجب، وبعد صدور قرار مجلس الدفاع المشترك كما سبق وذكرت كانت مجموعة القتال الاولى على اهبة الاستعداد للحركة بعد ان اكملت جميع التحضيرات اللازمة للانتقال الى الاراضى السعودية، ومنها الى ساحة العمليات.
بهذا التصميم، وبهذه الروح المعنوية العالية وجدت كل التجاوب من زملائى حين كنت اجتمع بهم في معسكر الكتيبة الاولى انتظارا لامر الحركة للمساهمة في ميدان الشرف، لقد كان موقفا مؤثرا وحاسما بالنسبة لنا، ولا يفوتني ان ابين ان اعمارنا وقتئذ قادة وجنودا لم تكن تتجاوز الثلاثين عاما، وبينما كنت اشارك في إحدى جلسات مجلس الوزراء وصل امر الحركة، وكانت لحظة تاريخية مازلت اذكرها واعتز بها واصدرت الامر لقائد مجموعة القتال للحركة، وبموجب الخطة كان الوقت المقرر للوصول الى ميدان القتال ما بين (48 – 72) ساعة، و بينما كانت مجموعة القتال في اماكن التجمع صدرت لنا التعليمات بالتوقف عن الحركة، حيث تم وقف اطلاق النار وتوقفت الحرب.
ان ماتم انجازه من فعاليات لقوة الدفاع خلال حرب رمضان من حيث التجميع و التدريب و الاستعداد والروح المعنوية العالية قد فاق في فائدته وحجمه عمر هذه القوة الفتية التي لم تتجاوز حينذاك الخمس سنوات، اما بالنسبة لي شخصيا فقد كان لمشاركتنا بالاستعداد لخوض المعركة و البطولة التي ابداها المقاتلون العرب نوعا من الدواء للجرح الذي خلفته نكسة حزيران 1967، وفي هذا المجال يطيب لي ان انوه بجهود اخي و زميلي رئيس هيئة الاركان اللواء الركن خليفة بن احمد آل خليفة، الذي كان يقود مجموعة القتال الاولى حينذاك وكان برتبة (رائد) والذي تحمل مسئولية الاعداد و التحضير وكان على اتم الاستعداد مع ضباطه وجنوده للتضحية والفداء في سبيل الدفاع عن الشرف و الكرامة، و كان له دور فعال في اجتماعات مجلس الدفاع المشترك، والتنسيق فيما بيننا ووزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.

دور المملكة العربية السعودية
عندما اتذكر واحاول وضع جميع العوامل التي ادت الى بناء كيان عسكري محترم و مقتدر نسبيا يبرز امامي دور المملكة العربية السعودية الشقيقة و هو دور جليل. ان ما قامت به المملكة تجاه البحرين بشكل عام وقوة الدفاع بصورة خاصة لا يأتي الا ضمن روح الاسرة الواحدة.
اما بداية هذا التعاون فكان يوم زيارة اخي صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران و المفتش العام و النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية الى البحرين بعد انتهاء حرب رمضان (اكتوبر) عام 1973م حيث قام بهذه الزيارة المباركة دون ترتيب مسبق و ابدى تقديره لقوة دفاع البحرين على مابذلته من جهود في استعدادنا لخوض معركة المصيرالتي تقوم بها امتنا العربية ضد العدو الصهيوني الغاشم. وتفضل سموه فابدى استعداد المملكة للمساهمة في بناء قوة دفاع البحرين و تطويرها بناء على توجيهات له بهذا الشأن من جلالة المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز طيب الله ثراه واعرب سموه عن بالغ اعتزازه بقوة الدفاع وبالروح المعنوية العالية التي تتميز بها، وبادرنا مشكورا بالسؤال عن القوة بقوله: ماهي احتياجاتكم في القوة؟ لقد كانت المفاجأة سارة لهذه المبادرة الكريمة خاصة و ان قوة الدفاع في اول مسيرتها وكانت اجابتنا على السؤال ان اطلعنا سموه على الخطة التي كنا قد اعددناها لبناء قوة الدفاع و تطويرها والتي سميناها (الخطة الخمسية الاولى). ومن هنا بدأت الانطلاقة الرائدة في بناء قوة الدفاع بناء متكاملا والتي احتاجت الى الصبر و المثابرة.
و بدأت ثمار ذلك التعاون تؤتي اكلها، تلك الثمار التي شملت تزويدنا بالمعدات بالاضافة الى تعميق العلاقات في مجال التشاور و تبادل الآراء فيما يعود بالنفع على البلدين الشقيقين واقولها باعتزاز ان ما تم يعتبر نموذجا رائعا للعلاقات الاخوية كما يجب ان تكون مثلها بين الاخوة العرب. وبالاخص دول مجلس التعاون الخليجي والشكر لله تعالى و لقائدنا الاعلى، ثم للقيادة السعودية الحكيمة وعلى رأسها المغفور لهما الملك فيصل والملك خالد طيب الله ثراهما، ولمن أكمل مسيرة التعاون بكل فخر واعتزاز صاحب الجلالة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود.
وفي هذا المجال اود ان يعرف الجميع بأن هدفنا هو التعاون مع جميع اشقائنا في منطقة الخليج، وسنسعى جاهدين مع اخواننا لتحقيق كل ما نصبو اليه من تنسيق شامل و تعاون فعال في مجالات التنظيم والتسليح والتدريب وفي مختلف الشئون الدفاعية الاخرى حتى نصل الى الغاية المنشودة الا وهي الدفاع عن خليجنا العربي وعن الوطن العربي الكبير مستنيرين في ذلك الى توجيهات أميرنا المفدى ضمن استراتيجية موحدة.


الخطة الخمسية الاولى
تمهيد
وقعت حرب رمضان (اكتوبر) عام 1973م بين العرب واسرائيل، وكان على قوة دفاع البحرين ان تشارك في هذه الحرب الى جانب القوات العربية المتواجدة على الجبهة الشرقية، وبينما كانت القوة تستعد لمغادرة البحرين تم التوصل لاتفاقية وقف القتال بين القوات العربية و قوات العدو الصهيوني، و طلب منا ارجاء الحركة الى ان يتبلور الموقف على جبهات القتال.
برزت لدينا على ضوء المهمة التي كان علينا القيام بها الحاجة الملحة لتطوير قوة الدفاع ورفع مستواها من نواة صغيرة محدودة الامكانيات الى قوة متكاملة التسليح والتنظيم لمختلف الصنوف والتركيز على زيادة قدرتها القتالية وفعاليتها ليتسنى لها تنفيذ المهام التي تكلف بها بكفاءة عالية. وقد باشرنا على الفور، وضع خطة خمسية طموحة بعد ان عرفنا النواقص ووقفنا على الاحتياجات اللازمة لهذه الغاية.
وفي تلك الاثناء تفضل سمو الامير سلمان بن عبدالعزيز بزيارته الكريمة الى البحرين كما اسلفنا، وابدى سموه استعداد المملكة للمساهمة بمشروع تطوير قوة الدفاع.

الغاية من الخطة
ان روح التطوير التي استهدفناها لقوة الدفاع كانت تعتمد على ضرورة التعاون والتنسيق الاشقاء في منطقة الخليج بالدرجة الاولى، وكانت الغاية التي توخيناها من خطة التطوير ترتكز على الاسس التالية:
- رفع القدرة القتالية والادارية و الفنية لقوة الدفاع.
- تحقيق التوازن المطلوب بين جميع الاسلحة و الصنوف.
- الحصول على اسلحة و معدات حديثة و متطورة.
- وضع اسس جديدة للتدريب المتقدم وتطويره.
ركيزة التنظيم
كانت قوة دفاع البحرين تتألف في ذلك التاريخ من وحدات صغيرة متواضعة الحجم محدودة الامكانيات، الا انها وعلى الرغم من ذلك فقد كانت تتميز بروح معنوية عالية، و تتمتع بعزم و تصميم وقدرة فائقة على استيعاب المتطور والحديث من الاسلحة والمعدات، ولتحقيق الغاية المنشودة من التطوير التي اشرنا اليها آنفا فقد توصلنا الى قناعة اكيدة لاعادة النظر بتنظيم قوة الدفاع بشكل عام آخذين الحقائق التالية التي يجب ان تكون ركيزة هذا التنظيم بعين الاعتبار:
- ايجاد هيئة اركان عامة، وهيئات ركن مختصة في القيادة العامة.
- رفع مستوى وحدات القتال الرئيسية لمستوى الكتائب.
- زيادة قدرة وحدات الاسناد القتالي لتتمكن من اسناد وحدات القتال بصورة جيدة.
- زيادة قدرة وحدات الاسناد الاداري ليمكنها تقديم الخدمات الادارية المطلوبة لكافة وحدات قوة الدفاع بشكل جيد.
- رفع مستوى التسليح في قوة الدفاع من خفيف الى متوسط و ثقيل
على ضوء هذه الحقائق صدرت الاوامر بأعادة التنظيم.

التنفيذ
في بداية عام 1974 بوشر بنتفيذ الخطة الخمسية الاولى لتطوير قوة الدفاع حسبما هو مقرر، وسارت الامور بعد ذلك كما هو مخطط لها، حيث استطاعت القوة و رغم كل الصعوبات التي واجهتها ان تحقق الكثير من هذه الخطة الخطة. ان السبب الرئيسي لهذا النجاح كان بفضل الجهود الكبيرة والحماس المتواصل والعمل الدائب المستمر الذي بذل الجميع لاستيعاب التنظيم الجديد من كافة جوانبه، فلقد تمكنت قيادة القوة وبصورة تدعو الى الاعتزاز من اعداد و تهيئة الكوادر اللازمة لاستخدام الاسلحة والمعدات التي تضمنتها الخطة قبل وصول هذه الاسلحة والمعدات، وهذا ماسهل امر استيعابها السريع وحال دون خزنها في المستودعات، و نتيجة لذلك كنا دائما نلح على ضرورة الاسراع في الحصول على السلاح، ولقد عانينا الكثيرلاجتياز العقبات التي اعترضت سبيلنا لتنفيذ الخطة وكانت هناك امور متعددة خارجة عن إرادتنا وتحد من اندفاعنا ومنها:
تأخر وصول السلاح والمعدات المطلوبة.
تحكم الدول الصانعة للسلاح والمعدات في مواعيد التسليم.
نقص الاعتمادات المالية لبعض البرامج والمشاريع.
كانت الدروس المستفادة التي تعلمناها من خلال تنفيذ هذه الخطة على درجة من الاهمية، ادت الى مراعاتنا لها عند تنفيذ الخطة الخمسية الثانية الى حد كبير مما حقق لنا افضل النتائج. ولا يفوتنا الأشادة بأمر كان من افضل ما حققته قوة الدفاع في تلك الفترة الا وهو القيام بمناورة مشتركة مع القوات المسلحة السعودية الشقيقة للوقوف على المستوى الذي وصلت اليه القوة تعبويا واداريا وفنيا، وجاءت النتائج لتؤكد لنا نجاحنا في مهمتنا.
صدى الخطة محليا و عربيا
لاقت خطة التطوير صدى واسعا في المنطقة بشكل عام، اذ تناولتها الكثير من الجهات بالتحليل والدراسة. فعلى الصعيد المحلي تم بحث ومناقشة الموضوع بصوره شاملة لمعرفة الغايات والاهداف والتطلعات، و الوقوف على الاعباء الاقتصادية والمالية التي ستتحملها الدولة وتتأثر بها نتيجة لذلك. وقد توصل المسئولون في نهاية الامر الى تبني مشروع خطة التطويربمجمله بعد ان ترسخت لديهم القناعات بضرورة تطوير القوة ليتسنى لها القيام
بواجباتها الرئيسية في الدفاع عن الوطن وصيانة امنه و استقلاله، كما تبين لهم الدور الهام لقوة الدفاع في دعم مشاريع التنمية للدولة حيث تعتبر القوة رافداً مهماً لتزويدها بالكوادر المهنية والفنية المؤهلة مما يساعد على دفع عجلة التقدم في ا لبلاد بصورة ملموسة بالاضافة لما تقدمه القوة من مساعدات في مختلف المجالات كمكافحة الاوبئة والامراض وحملات النظافة وتنظيف السواحل من التلوث وعمليات الاغاثة والانقاذ وامور كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
اما على صعيد المنطقة فقد اعربت بعض الدول الشقيقة عن تأييدها الكامل ومباركتها لخطة التطوير التي كانت ترى انها ستمكن قوة دفاع البحرين من دعم ومساندة القوات المسلحة العربية في منطقة الخليج و مشاركتها بفعالية لتأمين الحماية والاستقرار والامن لدولها انطلاقاً من الروابط الدينية والقومية والتاريخية التي تؤلف بينها، ووحدة الهدف والمصير والاخطار المحيطة بها.

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 05:02 PM

  رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الخطة المكملة وبناء القوة بناء متوازنا
عام
أبرزت الدروس المستفادة من الحروب الحديثة أن إعداد وتهيئة القوات المسلحة للقيام بالواجبات المطلوبة منها بفعالية وكفاءة وأقتدار يعتمد بصورة رئيسية على:
- كفاءة القيادة و سيطرتها.
- التسليح الحديث المتطور.
- التنظيم المتميز بالبساطة و المرونة.
- المستوى الثقافي الجيد.
- التدريب الواقعي المستمر.
وعلى ضوء هذه الدروس، ونتيجة لما تعلمناه خلال تنفيذنا للخطة الخمسية الأولى لتطوير قوة الدفاع، الى جانب التجارب و الخبرات الكبيرة التي اكتسبناها في تلك الفترة، فقد تغيرت نظرتنا للأمور حيث أصبحت أعمق وأوسع وأشمل، وازدادت طموحاتنا وتطلعاتنا للوصول بقوة دفاعنا الى الأحسن. الأمر الذي حدا بنا لمتابعة مسيرة التطوير، و ذلك لتحقيق التكامل لقوة الدفاع و بنائها بناء متوازنا يقوم على أسس علمية حديثة ومدروسة، تأخذ جميع العوامل المؤثرة على التنظيم، وكذلك المبادئ والأساليب التي يعتمد عليها التنظيم الناجح لأية مؤسسة عسكرية بعين الاعتبار.
أن الأسلحة الحديثة المتطورة التي دخلت الخدمة في قوة الدفاع والتي ستدخل مستقبلا تفرض مراجعة تنظيم القوة ليصبح من الممكن مواجهة متطلبات الحرب الحديثة ومسايرتها في مختلف الظروف والمتغيرات، وليتسنى لقوة الدفاع أن تستفيد الى الحد الأقصى من ميزات تلك الأسلحة، مما يعطيها القدرة والفعالية لتنفيذ المهام المسندة اليها بكفاءة تامة.
العوامل المؤثرة على التنظيم
يعتمد تنظيم القوات المسلحة في أي دولة على العوامل الاساسية المبينة تاليا:
طبيعة الأرض
تعتبر طبيعة الأرض من أهم العوامل المؤثرة على نوعية التنظيم للقوات التي ستعمل عليها، فالمناطق الجبلية الوعرة غالبا ما تتطلب وحدات من المشاة الراجلة أو الحمولة بآليات خفيفة قادرة على إجتيازات تلك المناطق في مختلف الظروف، ومزودة بأسلحة تتناسب والعمل في هذه المناطق. وقد يحتاج الامرالى ادخال وسائط النقل البدائي بتنظيم مثل هذه الوحدات، أما في المناطق المفتوحة فيعتمد التنظيم أصلا على الوحدات الآلية والمدرعة التي تتميز بالسرعة وقابلية الحركة وكثافة النار وقوة الصدمة وكذلك وسائط الاستطلاع والاتصالات الجيدة
إن طبيعة الارض في البحرين تعتبر مفتوحة بشكل عام، ولابد والحالة هذه من أن يعتمد تنظيم قوة دفاعها بصورة أساسية على وحدات من المشاة الآلية المتميزة بالكفاءة وسرعة الحركة وقوة النار و المناورة، مضافا الى ذلك بعض الوحدات المدرعة الخفيفة والبرمائية، وعناصر الاسناد الناري أو الاداري الضرورية، مع أستغلال وسائل المراقبة والإنذار المبكر بشكل جيد، والاستفادة من أمكانيات أسلحة الجو والبحرية لكشف تحركات العدو، والتصدي له بفعالية.
نوعية التهديد
إن تهديد المحتمل من قبل العدو يعتبر عاملا هاما ومؤثرا على نوعية تنظيم القوات المسلحة لدولة ما، وهذا يتطلب معرفة أهداف ونوايا وقوة العدو وتسليحه، وكذلك طرق وأساليب تعرضه وعقيدته القتالية، ليتسنى وضع التنظيم الملائم الذي يحقق القدرة على مجابهة العدو والتصدي له بنجاح.
بدراسة تأثير هذا العامل على تنظيم قوة دفاع البحرين يبرز بوضوح أن تنظيمها لابد وأن يعتمد على قوات من المشاة الآلية كأساس، مع التركيز على تزويدها بأسلحة حديثة ومتطورة تشمل وحدات الدروع والوحدات البرمائية، الى جانب أسنادها بأسلحة الاسناد اللازمة ناريا واداريا، وتجهيز هذه القوات باتصالات جيدة وآليات سريعة الحركة تمكنها من الاندفاع السريع لقتال العدو الغازي ومنعه من الحصول على موطئ قدم على أرض الوطن، بالاضافة الى ايجاد قوت بحرية وجوية فعالة بالاشتباك مع العدو واعاقة تقدمه، والاستفادة من وسائل المراقبة والانذار لكشف تحركات العدو في وقت مبكر.
القوة البشرية
تعتبر القوة البشرية المتوفرة عاملا حاسما في نوعية تنظيم القوات المسلحة لأية دولة. ذلك أن معظم المقاييس العالمية تحدد نسبة القوات المسلحة الى نسبة عدد السكان في الدول بحيث تتراوح هذه النسبة من 3% الى 5%، و يتحكم في هذه المقاييس سلم الاعمار ونسبة التكاثر السكاني، ومن المحتمل أن تصل النسبة الى 10% في ظروف الشدة وتزيد على ذلك قليلا إذا تم استخدام نظام المساهمة العامة لدعم القوات النظامية.
إن تأثير هذا العامل يظهر جليا في الدول ذات العدد السكاني المحدود، ونحن في البحرين من هذه الدول. وبتحويل هذا العامل الى واقع يتضح لنا أن قوة دفاع البحرين ستكون معتمدة على الاسلحة الحديثة والمتطورة التي تحقق لنا الكثافة النارية اللازمة للتعويض عن النقص في القوة البشرية، مع التركيز على تدريب هذه القوة تدريبا مستمرا ومتقدما يصل بها الى مستوى الاحتراف الذي يؤدي الى قيامها بتنفيذ المهام المسندة اليها على أحسن وجه، وبذلك نعوض الكمية بالنوعية.
المستوى الثقافي
في عصرنا الحالي وهو عصر التقدم العلمي والتطور التكنولوجي يعتبر المستوى الثقافي المتيسرفى دولة ما عاملا هاماً ومؤثرا الى حد كبير على نوعية وحجم وتنظيم القوات المسلحة لتلك الدولة، حيث لم يعد هناك مجال لجاهل أو متخلف، وإذا مانظرنا الى هذا الموضوع نظرة صادقة وواقعية، نجد أن الدول التى حققت لمواطنيها مستوى عالياً من الثقافة والتقدم العلمى (كالدول الغربية على سبيل المثال) تعتمد بصورة أساسية على اختراع وتصنيع اسلحة حديثة معقدة ومتطورة، لتضعها بأيدى اعداد قليلة نسبيا من القوات العسكرية المثقفة التى تستطيع استيعاب واستخدام هذه الاسلحة بكفاءة وسهولة، مما يؤمن لهذه الدول تفوقا نوعيا وناريا على أعدائها، ويقلل بالتالي من اعتمادها على استخدام العناصر البشرية بكثافة هائلة كما هى الحال فى الدول الشرقية.
ولما كانت دولة البحرين من الدول الصغيرة التى حققت لأبنائها مستوى جيدا من الثقافة التى تمكنهم من استيعاب الحديث المتطور من السلاح، ولافتقار البحرين لوفرة القوة البشرية، فانه لابد من الاتجاه نحو تنظيم قوة عسكرية قليلة العدد(كما يفرضها الواقع) عالية المستوى، وتزويد هذه القوة بأحدث الاسلحة والمعدات، وذلك لتعويض النقص من القوة البشرية.
التسليح
يحتل التسليح مركز الصدارة بين العوامل المؤثرة على التنظيم وذلك لأن التأثير الناتج عن قوة النار لمختلف الأسلحة يمكن أن يدمر العدو أو يبطل فعاليته
• غن المقومات الأساسية التى تتألف منها أنظمة السلاح هي :
• تحليل الاهداف.
• استخراج المعلومات.
• استخدام وسائل الالقاء والقذف.
• التنقل وقابلية الحركة.
ولتحقيق التكامل في اى تنظيم عسكرى فانه يجب توفر مايلي :
توفر الوسائل لتحليل الاهداف (الاستطلاع الجوى والبحرى والبرى والكشف الراداري).
توفر وسائل الالقاء والقذف وملاءمة مداها مع وسائل تحليل الاهداف (القوات البرية، القوات البحرية، القوات الجوية).
توفر الدقة وكفاءة قوة النار وكثافتها مع التأثير القاتل للقذائف (القوات البرية، القوات البحرية، القوات الجوية والدفاع الجوى).
توفر وسائط النقل المختلفة (برا،وبحرا،وجوا)لتأمين قابلية الحركة.
مما تقدم تتضح الحاجة الى ضرورة تكامل بناء قوة دفاع البحرين وتنظيمها بالشكل الذى يؤمن لها القدرة والكفاءة لتنفيذ المهام المسندة اليها بصورة فعالة، وذلك بتزويدها بسلسلة من أحدث أنظمة السلاح والمعدات المتطورة (بدءاً بالاسلحة الخفيفة وأنتهاء بالصواريخوالطائرات) بغض النظر عن التكلفة المادية والصعوبات الاقتصادية، وبذلك فقط تعويض نقص القوة البشرية.
الحالة الاقتصادية
إن الحالة االاقتصادية لأية دولة هى العامل الاكثر أهمية وتأثيرا على تنظيم قواتها العسكرية، فالدول الفقيرة التى تعاني من صعوبات اقتصادية لاتستطيع الحصول على أنظمة السلاح الحديثة لتطوير قواتها، وعلى النقيض تماما نجد أن الدول الغنية ذات الحالة الاقتصادية الجيدة يمكنها الحصول على مايلائمها من أنظمة السلاح الحديثة والمتطورة، رغم أنها لاتنتج مثل هذا النوع من السلاح. ومن هنا كانت الحالة الاقتصادية للدولة هى العامل الأكثر حسماً في تحديد نوعية وحجم وتنظيم قواتها العسكرية.
إن الوضع الاقتصادى المتنامي لدولة البحرين، بالاضافة لما تقدمه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من دعم مادي لها، يعطيها القدرة على تطوير قوة دفاعها، وبنائها بناء متكاملا، وتزويدها بأحدث أنظمة السلاح والمعدات، ليمكنها القيام بدورها الكبير الذى يحقق للبلاد آمالها ويصون أمنها ويحفظ استقلالها ومن هذا المنطلق لم نجد ما يحول دون تنفيذها لخطتنا المكملة لبناء وتطوير قوة الدفاع بصورة شاملة.
المناخ والطقس
يؤثر المناخ والطقس تأثيرا ملموسا على التنظيم، حيث إن الحرارة والرطوبة، وبرودة الطقس، وكميات الامطار، والثلوج، غالبا ماتتحكم بنوعية تنظيم القوات العسكرية في بلد ما.
إن الطقس فى منطقة البحرين يؤثر نسبيا على التدريب خاصة في فصل الصيف حيث تتراوح درجات الحرارة مابين30-40درجة مئوية، كما انه يؤثر بصورة اكبر على الاسلحة والمعدات بسبب الرطوبة التى تصل نسبتها حوالى 95% مما يتطلب اعلى معدل في مجال الصيانة والتصليح للاسلحة والمعدات. وبشكل عام يمكننا القول إن طبيعة مناخ وطقس البحرين محدودة التأثير على تنظيم قوتها العسكرية.
مبادئ التنظيم
عـــام
يدل أصطلاح (التنظيم) على معنى البناء أو التركيب الذى يوضع لمجموعة من الناس من أجل تنفيذ العمل المطلوب، واقتسام المسئوليات لانجاز ذلك العمل في الوقت المحدد. ولتحقيق هذه الغاية فإن تنظيم المؤسسات العسكرية يجب أن يتسم بطابع المرونة العالية. والتى تسمح بالمزج بين قوات من مختلف الصنوف للحصول على تركيب معين قادر على انجاز واجب معين في وقت محدد، بأقل ما يمكن من التغيير في البنية الاساسية للتنظيم.
ويمكن تحديد المبادئ الأساسية للتنظيم بما يلي :-
وحدة القيادة
تعني وحدة القيادة أن هناك رجلا في كل مؤسسة تنظيمية لديه السلطة لاتخاذ القرارت المناسبة لمركزه، وان هناك رجلا واحدا فقط مسئولاً عن كل جزء من التنظيم. وعند تطبيق هذا المبدأ سيكون كل رجل مسئولاً أمام رجل واحد أعلى منه، وتكمن فاعلية هذا المبدأ في أن كل فرد يعرف من هو رئيسه ومن هم مرؤوسوه ، إن الحالة غير المرغوبة هى عندما يكون الفرد مسؤولاً تجاه اكثر من شخص واحد ، و هذا مايعرف بازدواجية القيادة ، و بذلك تتضارب الأوامر التى يتلقاها الفرد من قبل قائدين أعلى منه . فأيهما سيطيع حينئذ ؟ ، و قد ينطبق ذلك على مستوى الوحدات حيث تكون كل وحدة تابعة لتنظيم " أم " له عليها صلاحيات القيادة الكاملة ، و مع هذا فإنه يمكن أن تعار أو تلحق الى وحدة أخرى و بذلك تحصل الوحدة المستعيرة على صلاحيات معينة تطبقها على الوحدة المعارة و في هذه الحالة يجب على القيادة الأعلى التي أمرت بالاعارة أو الالحاق أن تحدد درجة الصلاحية التى يمارسها كل من التنظيم (الأم) والتنظيم المستعير على هذة الوحدة.
ذلك كله يدفعنا للتركيز على مبدأ وحدة القيادة في بناء قوة الدفاع، وفي أجزاء تنظيمها سواء على مستوى الاشخاص أو على مستوى الوحدات من قمة الهرم الى قاعدته.
التنظيم المباشرة لهيئة الركن
إن التنظيم العسكرى المباشر الذي يعتمد على القائد وهيئة الركن التى تعتبر أمتداداً للقائد هو النوع القياسي الذى تستخدمه معظم جيوش العالم، حيث إنه لايمكن أن تتوفر القدرة البدنية والعقلية لشخص واحد (القائد) لجمع المعلومات المطلوبة المتعلقة بمعضلة أو واجب ما، وتمحيصها وتطويرها لاتخاذ قرار حكيم. ومن هنا اقتضت الضرورة إيجاد هيئة ركن في صلب كل تنظيم لمساعدة القائد باتخاذ القرارات الصحيحة.
إن هيئة الركن فى أى تنظيم غالبا ما تتألف من ضباط ذوى مهارات عالية وقدرات كبيرة في اعتماد الأسلوب العلمي لحل المشاكل التى يواجهونها، وهم يشكلون حلقة الوصل مابين القائد والوحدات، وعليهم تقع مسئولية مساعدة القائد، وكذلك مساعدة القادة المنفذين على انجاز المهام المسندة اليهم بكفاءة وحل مشاكلهم.
ولفد كان علينا ان نعمل على تهيئة وإعداد قسم من ضباطنا لهذه الغاية في وقت سابق، حيث تم ايفادهم الى الجيوش الشقيقة والصديقة للمشاركة بالدورات المتقدمة، ودورات القيادة والأركان مما وفر لنا تطبيق هذا المبدأ على أحسن وجه.
السيطرة
أن مجال السيطرة ومداها مبنيان على أمر مسلم به، وهو أن الشخص الواحد يستطيع أن يدير عددا محدودا من الأفراد بتراوح ما بين 3 الى 7 أشخاص بفعالية تامة. ان المؤثرات على مجال السيطرة في التنظيم هي طبيعة الواجب والوقت والمسافة ففي الحالات التى يكون فيها العمل بسيطا ومتشابها كبناء الخيام لمعسكر كتيبة على سبيل المثال، فإنه يمكن لرقيب الفئة أن يسيطر على عدد يتراوح مابين 10الى 30فردا.
أما الأعمال التى تحتاج الى درجة عالية من التفاعل بين أعضاء المجموعة وبين القائد فستكون في أفضل مجال من السيطرة اذا كانت المجموعة من 3 الى 7 أشخاص.
يستطيع القائد في أغلب الاحيان الاشراف على نشاطات وحدته اذا تواجدت تلك النشاطات في منطقه مركزية واحدة، ولكن اختراع الأسلحة النووية أدى الى زيادرة المسافة بين الوحدات وبالتالي زيادرة الانتشار بين الوحدات الفرعية، وهذا ماحد من قدرة القائد في مجال السيطرة على نشاطات مرؤوسيه على الزغم من توفر وسائط النقل والاتصالات الحديثة.
كذلك يعتبر الوقت عاملا مؤثرا على مدى السيطرة بسبب الوقت المطلوب لتمرير الأوامر خلال سلسلة القيادة، والوقت المستغرق لوصول الموافقة أو القرار من القيادة الأعلى، بالآضافة للوقت اللازم للقيام برد الفعل في المواقف الطارئة.
إن جميع هذه المؤثرات تفرض علينا اختصار سلسلة القيادة الأدنى حد ممكن في عملية تنظيم قوة دفاع البحرين إذا ما اردنا تطبيق هذا المبدأ والاستفادة منه بشكل جيد.
التخويل
يعنى مبدأ التخويل منح الصلاحيات لأشخاص بحيث تتناسب ومسؤولياتهم. فعندما يسند واجب لأى شخص فانه يجب ان يعطى الصلاحية التى يحتاجها، والحرية الكافة لاستخدام ابداعه الشخصي في تنفيذ حيث إن الصلاحيات ان كانت دون المستوى المطلوب تجبر الشخص المكلف بالتنفيذ ان يحصل على موافقة قائدة عند اتخاذ كل قرار، وهذا بالطبع يربط القائد بتفاصيل كثيرة تبقيه بعيدا عن عمله الاكثر أهمية، كما وأن مثل هذا الموقف قد يشعر المرؤوس بأن قائده لايثق به.
يلجأ القائد الذى يفتقر الى الثقه بنفسه الى تخويل صلاحيات زائدة الى المرؤوسين ليتجنب اتخاذ القرارت بنفسه، وعندما يفعل القائد ذلك فانه يكون قد أعطى لغيره المسؤوليات التى يجب أن يمارسها شخصيا. ان واجب القائد هو توحيد جهود وحدته وتوجيهها نحو تنفيذ الممهمة المسندة اليه، ولكي يحقق ذلك عليه أن يمارس السيطرة الكاملة على الجميع بنفسه.
لقد أخذنا هذا المبدأ بعين الاعتبار في عملية تنظيم قوة دفاع البحرين، وذلك لأهميته وتأثيره النفسي والمعنوي على الضباط والقاده باختلاف مستوياتهم.
التنسيق
هنالك ميل طبيعي في أى تنظيم للابتعاد عن المركز الرئيسي والاستقلالية، وما لم يكن هناك تنسيق جيد فان الوحدات ستحيط نفسها بحاجر من العزلة، ان مشكلة التنسيق فى حد ذاتها هي عملية تجميع الاشخاص في تنظيم واحد للعمل معا بانسجام دقيق لتحقيق هذف مشترك بأقل استهلاك ممكن للجهود والمواد، وذلك يتطلب النظر بعين الاعتبار الى تطبيق مبدأ التنسيق الكامل بين الجميع في أى عملية تنظيم، وهذا ما راعيناه في تنظيم قوة دفاعنا التى تعمل بمستوى عال من التنسيق ليتسنى لها القيام الجسيمة الملقاة على عاتقها.

المرونة
ان مبدأ المرونة على درجة كبيرة من الأهمية، لذلك فإن التنظيم يجب أن يكون مرنا وبسيطا بحيث يسهل تنفيذ الواجبات من قبل جميع الاشخاص والوحدات رغم التغير المستمر في المواقف والأحوال، إن التنظيم المرن البسيط هوالذى يسمح بمزج الوحدات من صنوف مختلفة، أو الحاقها لتعمل مع بعضها على تنفيذ مهمة واحدة بسهولة وفعالية دون الحاجة الى أجزاء أو أحداث اية تغيرات في البنية الأساسية للتنظيم.
لقد توخينا هذا المبدأ في عملية تنظيم قوة الدفاع، وراعينا تطبيقه بكل اهتمام.
التوازن
إن مبدأ التوازن في التنظيم هو المبدأ السائد والمهم الذى يتم بموجبه تجميع الأعمال المتجانسة ضمن التنظيم فى اطار واحد وينطبق ذلك على الوحدات أو الاشخاص على حد سواء. فبالنسبة للوحدات المتشابهة الواجب غالبا ما تقع ضمن نوعية واحدة من التنظيم مثال(المشاة،الدروع،المدفعية،الخ.....)
أما الاشخاص فيجرى تنظيمهم وتجميعهم على أسس مختلفة مثل القصد، والوقت والمكان حيث نجد على اساس القصد أنه يمكن تواجد الاشخاص الذين يعملون في نفس الحقل أو الاختصاص مثال(الماليون، والحقوقيون) في نفس المكان أو الدائرة التى يجرى فيها العمل، ويعتمد التجميع على أساس المكان على الناحية الأقليمية واتساع الرقعه الجغرافية للبلاد بينما يعتمد التجميع على أساس الزمن على نظام التبديل.
لقد ساعد تطبيق هذا المبدأ على بناء قوة دفاع البحرين بصورة متوازنة شملت مختلف الهيئات والاختصاصات والصنوف التى حققت التكامل المنشود.

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 01-03-09, 05:07 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

نشكرك
دولة البحرين دولة شقيقة ولها تاريخ حافل بالإنجازات التي يتطلب من اي مواطن عربي الإطلاع عليه

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 02-03-09, 07:37 PM

  رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
البشار
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

البحرين ريحة البحر والحب والتاريخ المجيد .. البرزاني كل الشكر لك على هذا السرد الجميل لتاريخ بلد المحبه البحرين .

 

 


   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع