مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2404 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جناح المواضــــيع العســـــــــكرية العامة > قســم العــقيدة / والإســـتراتيجية العســـكرية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


استراتيجية الردع في العسكرية الإسلامية

قســم العــقيدة / والإســـتراتيجية العســـكرية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 11-11-09, 04:20 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي استراتيجية الردع في العسكرية الإسلامية



 

استراتيجية الردع في العسكرية الإسلامية

الدكتور- فتحي زغروت

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مروحة عسكريةعرفت الدولة الإسلامية في تاريخها المبكّر، وبخاصة في العصرين الأموي والعباسي استراتيجية الردع بصورتها الأصيلة، وبروحها الإسلامية، حيث أدّت كما سنعرف بعد إلى صيانة الدولة الإسلامية، وإلى إبراز قوتها وعزتها ومكانتها أمام الأمم الأخرى المعادية.
وإذا كانت تلك الاستراتيجية تقليدية تعتمد على إبراز القوة، وإعداد السلاح الكثيف لإرهاب العدو، إلاّ أن قوّاد المسلمين قد هذَّبوها وطوّروها عبر العصور المختلفة، وصارت استراتيجية الردع تخدم الجانب السياسي للدولة قبل أن تحقق المكاسب المادية.

وقد حددت العقيدة العسكرية هدف استراتيجية الردع حينما قال الله تعالى: نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةوأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهمنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة(1).
وقال رسول الله { : "نُصرتُ بالرعبِ مسيرةَ شهر"(2).
ونستنبط من الآية الكريمة، والحديث الشريف أن العقيدة العسكرية الإسلامية تأمر بإعداد القوة ورباط الخيل، ثم تجعل الهدف من إعداد القوة، ورباط الخيل، إخافة العدو من عاقبة التعدِّي على بلاد الأمة المسلمة، وأن إظهار تلك القوة التي ترهب الأعداء سيترتب عليها بعد الرعب والخوف تحقيق النصر، وهذا يؤدي بالتالي إلى تحقيق الرسالة الإسلامية أكثر من أي وسيلة أخرى، فلا غرو إذن أن يكون الردع أول استراتيجية للحرب في ظل الإسلام.
لقد جاءت مفاهيم استراتيجية الردع المعاصرة متفقة تماماً مع معطيات وهدف نظرية الردع في الإسلام، حيث عرَّف الاستراتيجيون الردع بأنه هو منع دولة معادية من اتخاذ قرار باستخدام أسلحتها، أو منعها من العمل، أو الرد، وذلك بأن تتخذ الدولة الرادعة مجموعة من التدابير والإجراءات تشكِّل تهديداً كافياً تجعلها تحقق الردع(3). ونفهم من هذا أن هناك تشابهاً كبيراً بين نظرية الردع الإسلامية والأخرى المعاصرة من حيث:
1. اتفاق في هدف الردع، وهو منع العدو من اتخاذ قرار باستخدام القوة.
2. تمارس استراتيجية الردع قبل استراتيجية الحرب.
3. ينتج عن الردع نتيجة سيكولوجية، وهي إرهاب العدو(4).
وخلاصة ما يمكن قوله، إن للردع مسارين يكمِّل أحدهما الآخر، وهما: (المعطيات المادية، والعوامل المعنوية)، هكذا عرفت الدولة الإسلامية إبّان عصور الخلافة القوية أن عزَّتها وكرامتها تكمن في استراتيجية الردع، وقد كان هؤلاء الخلفاء أمثال: (جعفر المنصور، والرشيد، والمأمون) يدركون تلك الغاية الإسلامية، ويحرصون عليها، ويبذلون في سبيلها كل جهد، وهذا ما عرفناه من خلال (الصوافي، والشواتي)، حيث كانوا يقومون في الصيف باستعراض قواتهم العسكرية بشتى ألوانها في غزو بلاد الفرنج، لإرهابهم وإخافتهم، وقبول ما يُفرض عليهم. وقد حكى لنا التاريخ ما كان بين (الرشيد)، و (نقفور) من الصراع؛ فقد شكَّلت قوة المسلمين وانتصاراتهم آنذاك على البيزنطيين تأثير الرعب والخوف، مما جعل الامبراطورة (إريريني)(5) تسارع إلى طلب الهدنة مقابل جزية تدفعها وقبل (الرشيد) ذلك، غير أن (نقفور) الذي اعتلى العرش بعد تلك الامبراطورة أرسل إلى (الرشيد) كتاباً نقض فيه الهدنة، وطالب برد الجزية التي دفعتها (إيريني)، وهذا نص كتاب (نقفور): "من (نقفور) ملك الروم إلى (هارون) ملك العرب، أما بعد، فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ (الملك)، وأقامت نفسها مكان البيدق (العسكري)، وحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أمثالها إليك، وذلك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك".
فلما قرأ (الرشيد) هذا الكتاب، استنفذه الغضب حتى فزع له جلساؤه، ودعا (الرشيد) بدواة، وردّ على ملك الروم بهذه الكلمات: "بسم الله الرحمن الرحيم، من (هارون الرشيد) أمير المؤمنين إلى (نقفور) كلب الروم، قد قرأت كتابك، والجواب ما تراه دون ما تسمعه"(6)، ثم خرج (الرشيد) بجيوش جرارة مخترقاً آسيا الصغرى، وظل يتابع المسيرة في انتصاراتٍ متتابعة، وإرهابٍ للبيزنطيين، حتى أخضع (نقفور) وذل كبرياءه وغروره، حيث طلب الصلح وأُرغم فيه على دفع الجزية من جديد.
ومما لا شك فيه، أن قادة المسلمين المحنكين العاملين باستراتيجية الردع كانوا كثيرين امتلأت بهم صفحات التاريخ، وعزَّت بهم المعارك الإسلامية، وطارت شهرتهم في كل مكان بدءاً من القائد الرسول { الذي حرص على استراتيجية الردع حرصاً شديداً. ومن مظاهر عبقريته وإتقانه لاستراتيجية الردع النجاح العظيم الذي حققه يوم فتح مكة، حيث أوقد النيران على قمم الجبال ليلاً، واستعرض الجند بمواكب عظيمة أرهب بهم أهل قريش، ثم أجبرهم على عدم استخدام القوة في مواجهته(7)، وتم بذلك فتح مكة سلماً دون حرب محققاً هدفاً استراتيجياً وهو الردع.
وكما امتازت القيادات بعد الرسول { بمستوى المسؤولية، وبالقدرة والطاقة، اشتهرت بالحكمة وحسن التصرّف، وإجادة تقدير المواقف، والمهارة في تحريك الجيوش وإدارتها لردع الأعداء، كما كانت تلك القيادات حريصة على أن تبرز في الجند الروح الحربية القوية الناهضة، ومن خلال هذا الحرص كانت الجيوش الإسلامية جنوداً وقادة قوة صلبة وصفوفاً متراصة، وقلوباً جريئة، فقد حكى التاريخ أن هناك بعض القواد قد طارت شهرتهم في كل مكان ومنهم (خالد بن الوليد) (رضي الله عنه)، فقد كان ينتصر باسمه كما كان ينتصر بسيفه، وهكذا تكون استراتيجية الردع كما صوّرها التاريخ فكان اسمه يسبقه إلى أعدائه قبل مواقعتهم، فيعمل الرعب في قلوبهم ما تعمله الصواعق، ويشيع الفزع بينهم فتنحل قواهم وتنهار عزائمهم ويتحقق الهدف للمسلمين دون قتال.
ويروي (ياقوت) في (معجم البلدان)، أن (ربيعة) تجمَّعت إلى (الهزيل بن عمران) غضباً لتأخذ بالثأر من (خالد) وجيشه لقريب لهم، فنهاهم (حرقوص بن النعمان) عن مكاشفة (خالد) فعصوه، فرجع إلى أهله وهو يقول(8):
ألا فاسقياني قبل جيش أبي بكر لعل منايانا قريب ولاندري
أظن خيول المسلمين وخالداً ستطرقكم عند الصباح على البشر
فهل لكم بالسيف قبل قتالهم وقبل خروج المعصرات من الخدر
ومما يؤسف له أن غابت عن عسكريتنا الإسلامية تلك الاستراتيجية منذ أن وهنت أمتنا المسلمة، وأصابتها الفرقة والتمزّق، فضاعت هيبتها وعزتها وكرامتها، وتكالب عليها الأعداء من كل ناحية بغارات متواصلة، تارة من الشرق، حيث غارات المغول التي انتهت بنكبة بغداد، ثم الحملات الصليبية من الغرب والتي استمرت قرنين من الزمان تنهش في جسم الأمة وتعبث بمقدراتها، ثم تكالب الاستعمار الغربي بعد ذلك، حيث احتل البلاد العربية وقسَّمها إلى محميات ومستعمرات مازلنا نعاني من آثارها حتى اليوم.
وإذا كنا نمر اليوم بأزمات عاصفة منذ أن وطأت أمريكا بجيوشها أراضي العراق، وأفغانستان، وقد اعتمدت تلك الدولة المغرورة على سياسة القطب الواحد بعد أن تفكك الاتحاد السوفيتي، وخلا لها الجو من كل منافس وصارت تتبع استراتيجية ردع أرهبت بها حكّام العالم العربي والإسلامي (9) ، وها هي اليوم تجني ثمار تلك الاستراتيجية لصالحها وصالح الصهيونية العالمية من قوت الشعوب الفقيرة، ومقدرات الدول النامية.
وهذه استراتيجية تختلف تماماً عن استراتيجية الردع الإسلامية القائمة على العدل والرحمة مع الأعداء، فالقائد المسلم طالما رضخ له العدو واستجاب لمطلبه الشرعي فلا عدوان عليه في القتل، أو التخريب، أو التدمير، أو إهلاك الحرث والشجر، أو إتلاف النخيل، أو نسف المباني كا تفعل إسرائيل مع فلسطين، وكما تفعل أمريكا مع الشعوب، فهي تكيل بمكيالين. وينبغي للقارئ أن يتأمّل أهداف استراتيجية الردع عند الأمريكان أو الغرب وتلك الاستراتيجية عند المسلمين، وسوف يتضح له الفرق الشاسع من خلال المقارنة الآتية:

 

 


 

   

رد مع اقتباس

قديم 11-11-09, 04:20 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

أولاً : خصائص استراتيجية الردع الغربية

إذا كانت استراتيجية الردع الأمريكية والغربية تتميز بخصائص إيجابية يعرفها العسكريون بلا شك، فإنني سأترك الحديث فيها لأصحاب التخصص، وسوف أقصر حديثي على الجوانب السلبية لتلك الاستراتيجية فقط على النحو التالي:

1. أنها استراتيجية تؤدي إلى سباق التسلح(10) الذي يعاني منه العالم اليوم، نتيجة لفقدان الثقة بينها وبين الأمم، وذلك لانتشار المطامع الأمريكية، وسيادة منطق القوة لتحقيق مصالحها بأساليب لا أخلاقية، والدليل على ذلك تلك الحرب الغاشمة التي شنّتها أمريكا على العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل، وهي حجة واهية رخيصة لم تثبت صحتها حتى الآن، مما جعل العراق يشكِّل خطراً على أمريكا ومصالحها في الشرق الأوسط كما يرى الرئيس (بوش)، وإن كانت استراتيجية الردع الأمريكية قد نجحت إبّان الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفيتي، حيث حفظت توازن القوى ونجح كل منهما في امتلاك الضربة الأولى الهجومية والضربة الثانية في الرد عليها (11) أقول إن نجاح استراتيجية الردع آنذاك كان محصوراً في عدم استخدام السلاح النووي أو الهيدروجيني، وظل كل منهما يهاب الآخر خوفاً من الدمار الشامل الذي سيحلّ بهما. ولكن من مساوئ تلك الاستراتيجية أنها سمحت بالاشتباكات والحروب بالأسلحة الأخرى (12)، مما أدى إلى تخزين السلاح بكميات رهيبة في ترسانات بعض الدول، حتى الصغري منها، كما لعبت السياسة الدولية دوراً كبيراً في سباق شراء الأسلحة من الدول الكبرى، مما أدى إلى اختلال موازين القوى العسكرية في بعض المواقع مثل: محاولة أمريكا تسليح إسرائيل بأحدث الآلات الحربية، والسماح لها باستخدام أسلحة الدمار الشامل، وصناعة الرؤوس النووية بحجة توازن القوى في الشرق الأوسط.

وإذا كان من المعروف أن هناك أكثر من عشرين دولة صغرى قد توصل بعضها إلى صناعة القنبلة الذرية والبعض الآخر يحاول الخروج على الرقابة الدولية ومحاولة تصنيع ذلك السلاح، بحيث أصبح هذا الأمر مهدِّداً للأمن العالمي، فإنما كان مبعثه هو عدم الثقة والكره الشديدين لأمريكا، ولعل ما نسمعه اليوم عن مشكلة (كوريا الشمالية)، وتهديد أمريكا لها بسبب مفاعلها الذري يُعدُّ دليلاً على ما نقول، ولقد سارعت أمريكا اليوم بانتشار قواتها على الحدود الفاصلة بين الكوريتين استعداداً لضرب كوريا الشمالية.
ومن مساوئ استراتيجية الردع الأمريكية، أنها استراتيجية حرب تفضل أسلوب الحرب واستخدام القوة، على حين أن استراتيجية الردع هي تهديد بالطاقة الكامنة فقط(13).

لذا فإن تفوّق أمريكا الساحق في الأسلحة بأنواعها المختلفة قد أغراها باستخدام تلك القوة في الحرب والعدوان على الشعوب، ويُعدّ هذا غاية من غايات تلك الاستراتيجية التي مزّقت نياط قلوبنا ونحن نشاهد عدوانها على الشعب العراقي بالقنابل العنقودية، والقنابل الثقيلة، والصواريخ التي اندلعت من البحرية الأمريكية، كل هذا على دولة صغري فهي حرب غير متكافئة، وكان من الممكن لو أنها تملك نظرية ردع سليمة أن تحقق أهدافها بدون خوض تلك الحرب القذرة.

ومن مساوئ استراتيجية الردع الأمريكية أيضاً أنها لم توفق مطلقاً بين الغاية والوسيلة، لأنه من المعروف أنه إذا سلمت الأهداف وحسنت الوسيلة، فإن هذا يؤدي إلى اقتصاد تام في القوة، حيث يمتنع نشوب القتال. ولك أن تقدّر تكاليف الحرب العراقية الأخيرة التي قدّرت بأكثر من تسعين مليار دولار سوف تُحصَّل من عائدات البترول العراقي، ويُعدّ هذا هدفاً هزيلاً في ذاته. وإذا نظرنا إلى الأهداف الأمريكية بجملتها نجدها أهدافاً خبيثة والوسائل قذرة كما قلنا، حيث كان الهدف غير المرئي هو القضاء على الإسلام وحضارته في عقر داره، واستبدال الثقافة العربية الإسلامية بثقافة أمريكية غربية علمانية تُفقد الإنسان العربي هويته وخصوصيته التي ساهم الإسلام في بنائها، فهي تريد إنساناً مغموراً سلبياً يدب الوهن في نفسه فاقداً للصفات الإنسانية.

ومن هنا، شرعت في الضغط لتغيير مناهج التعليم في البلدان العربية بمناهج أخرى تخدم الثقافة الأمريكية ومصالحها المفقودة، لذا فهي تركّز على محاولة محو وإزالة كل ما يتصل بالإسلام لغةً، وديانةً، وتاريخاً، مثل حذفها لكثير من تواريخ الصحابة، وشطب عقيدة الجهاد في سبيل الله من كتب الدين، كما قامت بإغلاق الجمعيات الإسلامية، وتجميد أموالها، وكذلك عملت على إغلاق المعاهد العلمية الدينية في (اليمن)، كما أمرت بإغلاق بعض المعاهد الدينية والجمعيات العاملة في تعليم الدين الإسلامي في (باكستان)، كل ذلك لخلق شرق أوسط جديد يخضع للهيمنة الأمريكية الصهيونية، وتمكين إسرائيل وجعلها اليد الطولى في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ومن الأهداف الخبيثة ما سمعناه عن لسان الرئيس الأمريكي السابق (بوش) في مؤتمره الذي عقده في (العقبة) أثناء حديثه عن السلام، حيث أطلق مصطلحاً جديداً على دولة إسرائيل: "إنه ينبغي إقامة دولة للفلسطينيين تعيش جنباً إلى جنب مع الدولة اليهودية"، فماذا يقصد بالدولة اليهودية، وأن هذا المصطلح في حد ذاته يعطِّل مشروع السلام ويمنع عودة اللاجئين إلى ديارهم، ويمكِّن تلك الدولة العنصرية من الاتساع والتمايز على حساب دول المنطقة، هذه بعض مساويء استراتيجية الردع الأمريكية والتي يعانيها العالم اليوم ويصطلي بنارها العرب والمسلمون، وفي اعتقادي أن تلك الاستراتيجية الغاشمة ستؤدي بأصحابها إلى الهلاك والدمار، فإن العالم لم يعد يتحمّل تلك العربدة الصهيونية الأمريكية والتي تلعب بالشرعية الدولية وبمقدرات الأمم والشعوب.

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 11-11-09, 04:21 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

ثانياً: خصائص استراتيجية الردع في الإسلام

أما استراتيجية الردع الإسلامية، فإنها تتميز بخصائص مميزة، ولعل سرّ تميّزها هو أنها تتفق مع روح الإسلام وجوهره الذي هو دين الإسلام، كما أنها تنسجم تماماً مع جوهر العقيدة العسكرية الإسلامية التي غايتها وديدنها هو الطابع السلمي غير العدواني، ومن هنا اختلفت استراتيجية الردع الإسلامية عن الاستراتيجيات العسكرية الأخري ولا سيما المعاصرة بخصائص فضَّلتها على الجميع، ومن تلك الخصائص:

1.أنها لا تؤدي إلى سباق التسلّح الذي يعانيه العالم اليوم، وذلك نتيجة لفقدان الثقة بين الدول الكبرى وشعوب العالم الثالث، وكان ذلك بسبب انتشار الأطماع التوسعية والاستعمارية، وسيادة منطق القوة كما نلاحظه اليوم في استراتيجية أمريكا والغرب، وعلى العكس من ذلك، فإن تمسّك الأمة الإسلامية بعقيدتها الإسلامية التي تحرِّم الاعتداء والسلب، ولا تقاتل إلاّ لرد الاعتداء، أو إعاقة نشر الدعوة. كل ذلك يبعث في الشعوب الطمأنينة والثقة في حسن نوايا الأمة الإسلامية، مما يؤدي إلى نشر الإسلام، وحب الخير للبشرية، وهذا بالتالي يقلل من تسابق الأمم في إحراز السلاح، ويخفّف من حدة التوتر ولا يغري بإشعال الحروب.

2. أنها ليست استراتيجية حرب بقدر ما هي استراتيجية تهديد باستخدام القوة، ولا يغيب عن القارئ الكريم أن أسلوب الردع الذي هو هدف الاستراتيجية الإسلامية يختلف تماماً مع أسلوب الحرب، فالردع يستهدف كما عرفنا منع العدو من اتخاذ قرار باستخدام القوة.

3. أن تفوقها الساحق لا يغري العسكريين باستخدام القوة، أي أنَّ الأمة الإسلامية لا تتعدى حدود الردع مادام يحقق الهدف منه، وهو إخافة العدو ومنعه من استخدام القوة، فليس العدوان غاية من غايات الحروب في الإسلام، حيث لم تشرع الحرب في الإسلام إلاّ لإعلاء كلمة الله إذا عاقها عائق، أو لرد الظلم والعدوان، كما عرفنا سابقاً.

4. أنها استراتيجية دفاعية هجومية تمتلك عنصري الحركة والمفاجأة إلى جانب الدفاع عن النفس(14): فهي ذات طابع دفاعي، لأنها تتفق مع غاية الحرب في الإسلام، فهي غاية غير عدوانية وقد وصف العسكريون استراتيجية الردع المقصورة على الدفاع أنها قليلة الفائدة، وذلك لأنها تقتصر على منع الخصم من أن يجر على نفسه عملاً يخشاه، ومع ذلك فإنها استراتيجية تمتلك القدرة الهجومية بجانب طابعها السلمي الدفاعي، فهي لا تقبل الاستسلام، لقول الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْل) (15)؛ فكلمة (قوة) هنا نكرة عامة تجمع كل أنواع القوة الهجومية والدفاعية، وقد فهمنا القدرة الهجومية من قوله: (رباط الخيل). وإذا كان العسكريون يرون أن العقيدة العسكرية ذات الطابع الدفاعي فقط لا يكون لها تأثير قوي ذو بال في الردع إلاّ إذا توفَّرت لديها القوة الهجومية؛ وذلك لأن مفتاح الردع هو القدرة على التهديد، كما تعتمد استراتيجية الردع الإسلامية على عنصرين مهمين يُعتبران من أهم العناصر الاستراتيجية العسكرية، وهما: (الحركة، والمفاجأة).

وكما عرّفناهما في الآية السابقة (رباط الخيل)، لأن الرباط هو الحراسة والاستعداد للقتال السريع والفوري، ناهيك عما تتميز به الخيل من السرعة وخفة الحركة والمباغتة. ومما يؤكّد عنصر المباغتة تلك الآيات من صورة العاديات، حيث يقول الله تعالى:(وَالعَادِياتِ ضَبْحَاً فَالمُورِياتِِ قَدْحَاً فَالمُغِيراتِ صُبْحَاً فأَثَرْنَ بِهِ نَقْعَاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعَا) (16). وقد اشتملت هذه الآيات على عنصري الحركة والمفاجأة، فالحركة نراها في قَسَمِه تعالى بالخيل السريعة التي يسمع ضبحها من شدة الجري، والتي يتطاير الشرر من تحت حوافرها من شدة قدحها للأرض الحجرية، فالحركة تشمل المحيط الطبيعي، حيث طبيعة الأرض، وظروف المناخ، والتوقيت الصالح للإغارة، والتحرُّك، وإمكانات النقل للقوى المتحركة، وهذا ما لمسناه في الآية الكريمة، حيث الخيل السريعة والأرض الحجرية، وقد أشار الشيخ عبدالجليل عيسى (17) في تفسيره للخيل بمعنى أوسع، حيث أشار بها إلى كل ما يعدو ويغير ويثير الغبار، ويرسل الشرر، وبذلك يكون اللفظ صالحاً لكل زمان ومكان، حيث يدخل في هذا التفسير الطائرات المغيرة، والقنابل بأنواعها، والصواريخ، فكل هذا يثيرالغبار ويرسل الشرر والنيران.

أما عنصر المفاجأة كما هو مفهوم من الآيات، فهي عملية سيكولوجية نفسية توثّر على رغبة الخصم وإرادته في القتال، كما يفهم من الآية التي جمعت الاثنين معاً أن كلاً منهما يؤثر على الآخر؛ فالحركة تولّد المفاجأة، والمفاجأة تمنح قوة دفع للحركة، مما يجعلها تتغلب على قوة العدو بسرعة. والمتتبع للخطط العسكرية الإسلامية عند أغلب قادة المسلمين يجدها لا تخلو من هذين العنصرين، وهذا ما يميز استراتيجية الردع الإسلامية عما سواها من الاستراتيجيات، وقد انتصر (صلاح الدين) في موقعة (حطين) بهذين العنصرين، حيث أَجبر الصليبيين في اليوم الثالث للقتال أن يهبطوا من الجبل، ويتحركوا في سفح جبل (طبرية)، حيث سيطر (صلاح الدين) على آبار الماء، كما جعل العدو في مهب الريح، وقام بإشعال النيران في الحشائش فانبعث منها دخان كثيف، فاجتمع على الأعداء حر الصيف، وحر العطش، وحر السيوف مما جعلهم يستسلمون.

5. أن استراتيجية الردع الإسلامية لها قدرة على التوفيق التام بين الغاية والوسيلة، ويؤدي هذا التوفيق بلا شك إلى عديد من المزايا تفتقدها الاستراتيجية الغربية، فإن هذا التوفيق يؤدي إلى منع نشوب القتال، مما يترتب عليه الاقتصاد التام في القوة من النواحي المادية والمعنوية، وهذا في النهاية يفضي إلى السمة العليا، وهي إعلاء كلمة الله، وخدمة الأهداف الإسلامية. أما ما لحظناه من استراتيجية الردع الأمريكية في (أفغانستان) و (العراق) فهو تخبّط ترتب عليه آثار مفجعة نالت الآمنين، وقضت على كثير من الماديات والاقتصاديات، بل قضت على الحضارة الإنسانية بأكملها بما تم نهبه من اثار بلاد الرافدين.

ولا غرو في ذلك، فإن معنى الاستراتيجية عند كثير من العسكريين الغربيين قد قصروها على الموقعة الحربية لتحقيق الهدف وجعلوا الحرب هي الوسيلة الوحيدة لذلك، وانظر إلى ما كتبه (كلاوزفيتز)(18) فيلسوف الحرب عن معنى الاستراتيجية العسكرية، حيق يقول: "إن لدينا وسيلة واحدة فقط في الحرب وهي المعركة"، كما أنه يقول: "إن الحرب تنازع بين المصالح ولا يمكن حسمه إلاّ بالدماء، وبهذه الدماء وحدها تتميز الحرب من غيرها من صور التنازع الأخرى في البقاء والتي تقع بين الجماعات والأمم".

6. أنها استراتيجية تهيئ الفرص الجادة لحل المنازعات بالطرق السلمية دون الاتجاه للحرب، وهذا ما تسعى إليه الأمم المتحدة اليوم بمنظماتها وهيئاتها المتعددة، على الرغم من فشلها الملموس في حل أغلب مشكلات العالم، وذلك لتحكُّم أمريكا في قرارات تلك الهيئة، مما أفقدها مصداقيتها بين شعوب العالم، وهذه الميزة ترجع إلى طبيعة الأمة الإسلامية، وما تتميز به من عقيدة إسلامية تقوم على العدل والحق والشرعية الدولية، كما تقرها الشريعة الإسلامية التي أوجدت الحلول الكثيرة للمنازعات الدولية والإقليمية عبر العصور المختلفة، وقد حوت كتب الفقه في مذاهبها المختلفة العديد من تلك الحلول.

7. أنها تحقق الأمن والعزة للأمة الإسلامية حتى تبقى خير أمة أُخرجت للناس إلى أن تقوم الساعة، ومن هنا، أمرها الله دون سائر الأمم أن تُعدّ القوة لكي تكون قوية البأس، شديدة الشوكة، مرهوبة الجانب، لأنها الأمة الموكل إليها إقامة العدل في الأرض ونشر الخير بين الناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فهي حاملة رسالة خاتم الأديان، لذا، فإن عزة الأمة وكرامتها مرهونة بتلك الاستراتيجية التي نفتقدها بلا شك في هذه الأيام الحالكة فما أحوجنا إليها حتى لا تتكالب علينا الأمم.

وبعد، فهذه أهم سمات استراتيجية الردع الإسلامية التي كانت ومازالت هي البلسم الوحيد لعلاج ما تتعرَّض له أمتنا العربية والإسلامية من أخطار ماحقة، فهل آن الأوان أن نُرجع تلك الاستراتيجية إلى عسكريتنا المعاصرة، لكي يكون لنا مكاننا اللائق بين سائر الأمم؟

المصادر والمراجع

1. الأنفال، (60).
2. نص الحديث كاملاً: "أُعطيتُ خمساً لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي: نُصرتُ بالرعبِ مسيرةَ شهر، وجُعلت لي الأرضُ مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأُحِلَّت ليَ الغنائِم، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصةً، وبُعثتُ إلى الناسِ كافةً، وأُعطيتُ الشفاعة"، صحيح البخاري، الجامع الصحيح، الصفحة أو الرقم 438.
3. الردع والاستراتيجية، الجنرال (أندريه بوفر)، ترجمة: أكرم ديري، ص 31.
4. المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية الإسلامية، اللواء أركان حرب- محمد جمال الدين علي محفوظ، ص 102 وما بعدها.
5. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، دار المعارف، ج (8)، ص 307 وما بعدها.
6. انظر: نص الخطابين في الطبري، مرجع سابق والصفحات نفسها.
7. البداية والنهاية، مرجع سابق، المجلد الثاني، الجزء الثالث، ص، 288، وما بعدها.
8. المدرسة العسكرية الإسلامية، العقيد- محمد فرج، طبعة دارالفكر العربي، ص 200.
9. يرى الدكتور: جمال حمدان أن أمريكا بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية أصبحت قوة هائلة لا تنافسها قوة أخرى، فبدأت تهيمن على العالم الثالث بسياسة القطب الواحد حتى يرى أن العصر الذي نعيشه بعد الحرب العالمية الثانية هو قرن الولايات المتحدة، وهو عصر يشهد (أمركة) العالم سياسياً وحضارياً بعد أن عاش العالم العصر الأوروبي في القرون الماضية، انظر كتابه: استراتيجية الاستعمار والتحرير، طبعة الهيئة المصرية للكتاب، ص 371 وما بعدها.
10. أصول المعرفة العسكرية، ميجور جنرال (د. ك ياليت)، ترجمة: مصطفى الجمل، طبعة الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، سنة 1971م، ص 193 وما بعدها (بتصرف).
11. استراتيجية الاستعمار، جمال حمدان، ص 377، وانظر: المعرفة العسكرية، مرجع سابق، ص 194، 195.
12. أصول المعرفة العسكرية، مرجع سابق، ص 195، 200.
13. المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية، مرجع سابق، ص 108 110.
14. انظر: تفسير القرآن الكريم للقراءة والفهم المستقيم، للشيخ: عبدالجليل عيسى، وانظر أيضاً: الاستراتيجية، مرجع سابق، الصفحات نفسها.
15. الأنفال، الآية (60).
16. العاديات، الآيات (1 - 5).
17. انظر: الاستراتيجية، الاقتراب غير المباشر، (ليدل هارت)، وانظر أيضاً: أصول المعرفة العسكرية، مرجع سابق، ص 200، مدخل إلى العقيدة إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية الإسلامية، ص 111.
18. أصول المعرفة العسكرية، مرجع سابق، ص 200.

 

 


   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:18 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع