مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2415 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 65 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جناح المواضــــيع العســـــــــكرية العامة > قــســــــم الـمـواضيـع العســـــــكــريــة العامة
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


في علم النفس العسكري

قــســــــم الـمـواضيـع العســـــــكــريــة العامة


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 14-11-09, 04:56 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي في علم النفس العسكري



 

في علم النفس العسكري


الاضطرابات النفسية تقلل من قدرات المحاربين بنسبة 90%


المقدمة.
شاعر الحكمة العربي الكبير زهير بن أبي سلمى عندما تحدث عن الحرب المريرة الطويلة المعروفة بحرب داحس والغبراء، أطلق وصفاً دقيقاً لمآثر الحرب على الناس حين قال:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم * وما هو عنها بالحديث المرجم .
فهو حين يتحدث عن الحرب يقول للناس ليست بالشيء الذي يحتاج لمن يشرح للناس أهواله وصعوبته، فقد ذقتم أهواله ولستم بحاجة لمن يبلغكم أكثر عما ذقتموه. منذ ذلك الوقت، وقبله بمئات بل ربما آلاف السنين، عرف الناس الحرب وأهوالها، وتأثيرها على الناس، أفراداً ومجتمعات.. فهناك آلاف القصص التي تحكي عن الحروب وما خلفته من دمار ومآسٍ في حياة الناس.. قصص لبطولات تغلفها الأحزان، ومصائب تعجز عن وصفها الحقائق.. فتحل الأساطير، لتروي هذه الآثار المدمرة للحروب..!
ربما تكون منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق التي تعرضت للحروب والمآسي، هذه الحروب خلفت وراءها الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية.. فمنذ سنوات طويلة جداً، وهذه المنطقة تعاني من حروب طاحنة.. حروب تحرير، وحروب بعد التحرير.. حروب مع غزاة وحروب مع محتلين وحروب بين سكان المنطقة نفسها، حتى أصبح وضع المنطقة السائد هو الحرب.. أما السلام فهو الوضع المؤقت..!
اضطرابات المشاركين في الحروب.
هناك اضطرابات نفسية خاصة بالمشاركين في الحروب أي المقاتلين من الجنود والضباط أو من يساعد المقاتلين في المعارك من غير المحاربين. فأول ما لاحظ المهتمون بالنواحي النفسية في هؤلاء المقاتلين هو شعور بعض المقاتلين بالإجهاد والارهاق الشديد دون سبب واضح، ثم لاحظ المهتمون الصدمات النفسية التي يتعرض لها المقاتلون والتي قد تشل المقاتل عن أداء واجبه، وقد لوحظ هذا أول مرة في الحرب الأهلية الأمريكية حيث برزت أهمية الحالة النفسية للمقاتل، فليس المقاتل فقط بحاجة لحالة بدنية جيدة، ولكن يجب أن تكون الحالة النفسية للمقاتل جيدة حتى يستطيع تأدية واجبه القتالي، في هذه الحرب بدأ القادة العسكريون يعاملون المصابين باضطرابات نفسية بصورة جيدة.. ولا يعاملونهم كجبناء، وإنما يعاملونهم بصورة إنسانية رائعة.
في الحرب العالمية الأولى بدأ الطب النفسي العسكري يأخذ وضعه واهتم به الأمريكيون اهتماماً كبيراً.. خاصة موضوع القيادة، حيث واجهوا مشكلة قيادة الوحدات العسكرية الصغيرة، وبدأ التركيز على اختيار القادة من يصلح لأن يكون قائداً في المعارك ومن لا يصلح. قادة المعارك يجب أن يكونوا ذوي شخصية خاصة، على ثقة عالية بالنفس، وقدرة على ضبط النفس، مع الحزم والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب. هناك شخصيات رغم قدرتها التنظيمية واهتمامها بالتفاصيل إلا أنها لا تصلح لأن تكون شخصية قيادية في المعارك.
مثال ذلك الشخصية الوسواسية القهرية، حيث تصلح الشخصية الوسواسية القهرية في الحياة العسكرية بشكل جيد بحكم طبيعة الميل للتنظيم والضبط والحب الكبير بترتيب الأشياء بدقة، والاهتمام بأدق التفاصيل، ومراجعة الأمور بصورة متكررة حتى يتفادى الخطأ لكن هذه الشخصية لا تصلح للقيادة في المعارك..!
الشخصية المندفعة أيضاً لا تصلح للقيادة أيضاً لما قد يرتكبه صاحب الشخصية المندفعة من تهور تحت مسمى الشجاعة، وإن كان أحياناً هذه الشخصية مطلوبة في مواقف معينة.
إلا ان هذا الأمر يحوي من الخطورة الأمر الكثير، لذا يميل الخبراء في علم النفس العسكري تجنب قيادة هذا النوع من الشخصيات للمعارك. الإدارة النفسية في الجيوش الامريكية، وضعت نماذج لاختيار الشخصيات القيادية بين صغار الضباط، نظراً لما واجهته القوات الامريكية في صعوبة اختيار القادة للوحدات الصغيرة اثناء الحرب العالمية الاولى، وعلمهم بمدى أهمية هذا الأمر في المعارك العسكرية، تم وضع مجموعة من الاختبارات لتحديد قدرات الضباط على القيادة العسكرية والقيادة الإدارية والقدرة على التخطيط والقدرة على التعامل مع الآخرين، حتى يتسنى الاستفادة من الضباط بأقصى حد ممكن حسب قدرات كل واحد منهم مع عدم الخلط، وتهيئة كل ضابط للمهام المستقبلية منذ ان يكون في رتبة صغيرة، حتى لا يفاجأ الجميع عند الحاجة لهؤلاء الضباط في مهام قتالية، ويبدو ان الولايات المتحدة الامريكية عرفت منذ زمن طويل بأن القوة العسكرية هي أفضل من يقود المصالح الامريكية ويحميها رغم كل القوانين الدولية والاعراف العالمية وحقوق الإنسان، ولاتزال الولايات المتحدة من أكثر الدول في العالم في اجراء ابحاث نفسية في المجال العسكري وفي علم النفس العسكري والطب النفسي العسكري..! تليها في
هذا المجال دولة اسرائيل.. حيث دأب الصهاينة على عمل أبحاث نفسية عسكرية، حتى قبل انشاء دولة اسرائيل..! ولا يزال معهد الطب النفسي التابع لجيش الدفاع الإسرائيلي يقوم بعمل أبحاث نفسية عسكرية حتى الآن مع الانتفاضة الفلسطينية..! وحتى الآن لا تمر مناسبة إلا ويذكر الاسرائيليون العالم بمحرقة الهولوكوست في أكثر المجلات الطبية النفسية ومجلات علم النفس وتأثير ذلك على الذين نجوا من المحارق في الحالات النفسية، وهذا طبعاً ينطبق في الفن، حيث لا يمر عام إلا ينتج اليهود فيلماً عن الهولوكوست، ويكون هذا الفيلم مرشحاً للاوسكار في هوليوود..!
انه الايمان بدور الطب النفسي العسكري والحرب النفسية الذي يُدرس كعلم ويُمارس باحتراف شديد في هذه الجيوش..!
إرهاق المعركة.
في الحرب العالمية الثانية فقد كان الاسم الذي اطلق على الاصابات النفسية اثناء المعارك هو "ارهاق المعركة".. حيث كان معظم الذين أصيبوا نفسياً في هذه المعارك هم من الذين يُعانون من الارهاق الشديد وعدم القدرة على مواصلة القتال، وشكاوى جسدية من آلام متفرقة في مختلف انحاء الجسم دون وجود سبب عضوي يؤكد هذه الآلام والتي تعرف بالآلام النفسية. في الحرب العالمية الثانية كان الاهتمام أكثر بالاصابات النفسية أثناء المعارك، حيث شكلت الاصابات النفسية نسبة كبيرة من الذين لم يستطيعوا مواصلة القتال وأخذت الاصابات النفسية في المعارك دراسات مستفيضة من جميع الجيوش المشاركة في هذه الحروب، وكما ذكرنا سابقاً فإن القوات الامريكية كانت هي الاكثر اهتماماً في هذا الجانب. كانت الاصابات النفسية للمقاتلين الامريكيين في الحرب العالمية الثانية قد بلغت حوالي 23% من اجمالي الاصابات في الحرب.
المشكلة كما هي في بعض الاصابات العضوية، فإن المشاكل النفسية لا تنتهي بانتهاء الحرب وانما يمتد أثرها إلى بعد ذلك بكثير.. ربما سنوات طويلة، فكثير من الذين تعرضوا لمشاكل نفسية اثناء الحروب.. ظلت المشاكل معهم بقية عمرهم.. بعضهم ساءت حالته أكثر.. وأصبح الكثير منهم مدمنين على المخدرات والكحول وانتهى المطاف ببعضهم في المصحات النفسية كمرضى نفسيين مزمنين، يتعاطون أدوية نفسية لفترات طويلة نتيجة اصابتهم باضطرابات نفسية وعقلية. بعض من هؤلاء المرضى انهى حياته نتيجة الحالات النفسية التي يعاني منها. وفي دراسات كثيرة على المقاتلين الذين شاركوا في حرب فيتنام، كان عدد من هؤلاء المقاتلين الذين مرّوا بظروف صعبة واضطرابات نفسية اثناء المعارك في حرب فيتنام امضوا بقية عمرهم مرضى نفسيين وعقليين ومدمني مخدرات وكحول..! وقد ظهر كثيراً هذا في افلام سينمائية وروايات عن هذه الحرب الطاحنة التي خاضتها الولايات المتحدة الامريكية ضد دولة صغيرة.. ولكن مازالت ويلات هذه الحرب تلاحق بعض من شاركوا فيها باضطرابات نفسية وعقلية حتى الآن كما يظهر ذلك في الابحاث التي تُنشر في المجلات الطبية المتخصصة وأيضاً في الروايات والافلام..!
كذلك فإن هذه الاضطرابات النفسية أثرت سلبياً على الحياة الاجتماعية لهؤلاء الاشخاص، فاكثرهم انتهت حياته الزوجية بالطلاق أو بمشاكل زوجية صعبة وتشرد الاطفال، ويُعزى ذلك إلى المشاكل النفسية التي عاناها هؤلاء اثناء الحرب التي خاضوها وشاركوا بها..!

90%.
يمكن للاضطرابات النفسية أثناء الحرب ان تقلل قدرة الوحدات القتالية بنسبة 90%، خاصة إذا كانت هذه الاضطرابات النفسية شديدة، وهذه الدراسات من الابحاث التي أجراها أطباء نفسيون اسرائيليون خلال الحرب الاسرائيلية في لبنان عام 1982م عندما اقتحم الجيش الاسرائيلي لبنان وأرتكب من الجرائم البشعة الشيء الكثير، وهذه الابحاث نُشرت في مجلات علمية لها قيمتها العلمية على المستوى العالمي.
أيضاً من المشاكل التي يُعاني منها بعض الذين مروا بمشاكل نفسية اثناء الحروب، هي مشكلة العدوانية تجاه الآخرين، وكثيراً ما كان الذين يرتكبون جرائم قتل غير مُبررة وتتسم بعدوانية شديدة جداً هم من الذين عانوا من مصاعب نفسية أثناء اشتراكهم في معارك عسكرية، وهذا حدث مع بعض الذين شاركوا في حرب فيتنام، حسب ما ذكرت الدراسات النفسية الأمريكية.
من أكثر الاضطرابات النفسية التي ترافق الحروب هو القلق والقلق الذي نتحدث عنه هنا هو الشعور بالخوف من شيء غير معروف.. مع اضطراب في النوم، واحلام مزعجة جداً وكوابيس مُخيفة، تجعل الشخص يستيقظ من نومه فزعاً. كذلك يشعر الشخص بالارهاق الشديد، وعدم القدرة على التركيز، وازدياد ضربات القلب، والتعرق الغزير، خاصة في اليدين والقدمين. كذلك يشكو الشخص من الرجفة في اليدين، واحياناً شعور داخلي بالارتجاف، وكثيراً ما يشكو مثل هذا الشخص من الصداع المزمن، والذي لا يستطيع الشخص تحديد مكانه بصورة دقيقة، فيكون صداعا عاما، يُعرف بانه ذو سبب نفسي. كذلك يشكو الشخص من آلام في البطن بصورة لا تتفق مع الامراض المعروفة والتي تُسبب امراضا معروفة.. لكن شكوى الشخص القلق من آلام البطن تكون غير محددة أيضاً ولا تستجيب للادوية الخاصة بآلام البطن..! بل ربما تستجيب للادوية المضادة للقلق بشكل جيد..!
آلام متعددة في الجهاز البولي، حيث يُعاني من مشاكل في البول.. مثل كثرة التبول، والشعور بالحاجة للتبول بصورة مُتكررة، رغم عدم امتلاء المثانة ولكن نتيجة القلق فإن نهايات الأطراف العصبية في المثانة تشعر بالامتلاء دون وجود امتلاءحقيقي في المثانة. كذلك يُعاني هذا الشخص من بعض المشاكل الجنسية، خاصة بالنسبة للرجال، فقدان الرغبة الجنسية، وأيضاً عدم القدرة على ممارسة الجنس، وهذا قد يُسبب مشاكل اجتماعية..! أيضاً بالنسبة للمرأة يجعلها لا تميل للجنس وتُعاني من برود جنسي! وهذا قد يتسبب في مشاكل اجتماعية بين الزوجين..!!
هستيريا.
هناك اضطرابات تُعرف بالاضطرابات التحولية (كانت سابقاً تُسمى الاضطرابات الهستيرية). في هذه الاضطرابات والتي كثيراً ما تحدث في الحروب، مثل الشلل النفسي حيث يُصاب الشخص الذي يخوض المعركة بشلل لا يستطيع معه الحركة، رغم عدم وجود أي أصابات عصبية في الجهاز العصبي.. وانما هذا الشلل هو نفسي، ولكن يحتاج إلى علاج نفسي، أحياناً يكون مُكثفا ويستغرق وقتا، حيث لا يُدرك الشخص بأن هذا الشلل ليس عضوياً، وانما يُصر على ان ما حدث له هو أمر عضوي، ويستبعد أي مشاكل نفسية. هذا الشخص يحتاج إلى علاج نفسي وربما إلى جلسات بأستخدام بعض الأدوية التي تساعد المريض على التحدث بما في داخله مما في العقل الباطن..!
كذلك العمى النفسي.. حيث لا يستطيع الشخص ان يرى، رغم عدم وجود أي سبب عضوي لهذا العمى.. وقد مرّ عليّ شخصياً شخص أصيب بالعمى الهستيري، وكان من أصعب الحالات التي مرت عليّ، فرغم المجهودات التي بُذلت معه، إلاانه تحسن بعد وقت طويل، وبتعاون أطراف مُتعددة..!

الاكتئاب.
الاكتئاب طبعاً واحد من الاضطرابات النفسية التي تُصيب كثيراً من الاشخاص الذين يُشاركون في الحروب، خاصة إذا كان المقاتل غير مُقتنع بما يقاتل من اجله، لذلك يأتي الدور المهم التحضير النفسي للمقاتل، وتغيير فكره تجاه ما يقاتل من أجله، وهذا لاشك عمل مهم وشاق، لان فقدان الايمان بالقضية التي يقاتل من أجلها المرء تجعله عرضة للاصابات بالاكتئاب بصورة شديدة، والاكتئاب مرض خطير، معروف، ولكنه إذا تمكن من المقاتل، فانه قد يعود إلى كارثة.. حيث يمكن للمكتئب ان يقوم بكارثة، مثل قتل نفسه وقتل زملائه في الوحدة العسكرية.. وهذا حدث في بعض الحروب. لذلك فإن تقييم المقاتلين، واكتشاف الاكتئاب امر في غاية الأهمية للوحدة التي يعمل بها هذا المكتئب.
هناك اضطراب نفسي مهم جداً يحدث في الحروب، وكانت تسميته نتيجة الاصابات النفسية بعد الحروب. ونظراً لاهمية هذا الاضطراب فسوف نتحدث عنه في الاسبوع القادم.
لقد دار في اذهان البعض بأن الحرب أوشكت على الانتهاء. ربما يكون هذا الامر صحيحاً.. عسكرياً لكن ما يترتب على هذه الحرب التي حدثت في العراق نفسياً واجتماعياً سوف يستمر ربما عقوداً من الزمن حتى نستطيع الخروج من هذه الازمات النفسية والاجتماعية.. وسوف نتحدث عن هذا في المستقبل.. نرجو من الله ان يحفظ هذا البلد من شر الفتن، وان يحفظ أهله ومن يقيم على ارضه.. فالأمان في الاوطان نعمة لا تقدر بثمن.. سنواصل أحاديثنا عن الحرب والتأثير النفسي والاجتماعي لهذه الحروب..!
تخطي السنة الأولى في الخدمة العسكرية يقلل فرص إصابتهم بالفصام

نختم اليوم حديثنا حول موضوع الفصام بعد أن أوضحنا خطر هذا المرض وأسبابه والعوامل المساعدة للإصابة به، وقد استقبلنا العديد من الرسائل والأسئلة اجبنا على بعضها .واليوم نجيب على آخر منها على وعد منا بالإجابة على البقية في زاوية الاستشارات النفسية والاجتماعية مستقبلاً.

أعراض متشابهة.
* هل هناك فروق في أعراض مرض الفصام بين مجتمع وآخر؟
- أعراض مرض الفصام تكاد تكون متشابهة في معظم المجتمعات، وقد كانت هناك فروقات في تشخيص مرض الفصام نتيجة أن التشخيص يعتمد كلياً على فروقات في تشخيص مرض الفصام نتيجة أن التشخيص يعتمد كلياً على الأعراض، وكان مفهوم مرض الفصام مثلاً يختلف بين نيويورك ولندن، فقد وجد كوبر وزملاؤه في بحث نُشر عام 1972م بأن تشخيص مرض الفصام في نيويورك يكاد يصل إلى ضعف العدد الذي يتم تشخيصه في مستشفيات لندن، وذلك لأن الأطباء النفسانيين في نيويورك يميلون أكثر إلى تشخيص المرضى النفسيين بمرض الفصام، بينما مثل هؤلاء المرضى يُشءخصون في لندن باضطرابات أخرى، مثل: الهوس أو الاكتئاب أو اضطرابات في الشخصية ومن أجل ذلك قامت منظمة الصحة العالمية عام 1973م بإنشاء تسعة مراكز لدراسة تناولت مرض الفصام في تسع دول مختلفة هي (الولايات المتحدة الأمريكية "واشنطن"، الاتحاد السوفيتي "موسكو"، كولمبيا، تشيكوسلوفاكيا، الدنمارك، الهند، نيجيريا، تايوان، بريطانيا). وحسب نتائج هذه الدراسات التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية لهذه المراكز التسعة والتي توزعت في أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية، آسيا، أوروبا، أفريقيا فإن الأعراض تكاد تكون متشابهة رغم اختلاف الثقافات والأ
ديان والبيئة، ولكن وجد أن هناك ميلاً لتشخيص الفصام بصورة أكثر في كل من واشنطن وموسكو بينما بقية المراكز السبعة كانت نسبة التشخيص متساوية والأعراض محددة أكثر. ولم يكن هناك اختلافات في الأعراض بين الرجال والنساء.

أسبابه.
7هل هناك أسباب معينة لمرض الفصام؟
- حقيقة حتى الآن لا توجد أسباب محددة معروفة للإصابة بمرض الفصام، وعندما وصف كريبلن مرض الفصام قال: إن أسبابه غامضة ومجهولة لم يتم كشفها. كان هذا الحديث سنة 1919م منذ ذلك الحين وحتى الآن لم يتطور كثيراً هذا الأمر. ولكن وجد أن هناك عوامل معينة قد تُفسر الإصابة بمرض الفصام وأكثرها تقريباً نظريات لا حقائق علمية.
وأهم هذه العوامل:
(أ) العوامل الفسيولوجية:
1- التاريخ العائلي: كما هو معروف فإن مرض الفصام ينتشر في بعض العائلات وقد يكون أُصيب أحد جدودها بهذا المرض، ولكن ربما لا يكون أحد في الوقت الحاضر، وهذا يدل على دور عامل الوراثة وأهميته في مرض الفصام.
2- الأمراض الذهانية المشابهة للفصام: نجد أن معظم الأمراض الذهانية التي تشبه في أعراضها مرض الفصام تحدث دون أي إصابات عضوية في الدماغ، ولا يساعد ذلك في تفسير مرض الفصام، إذ لو كانت أسباب هذه الأمراض الذهانية وكيفية حدوثها وطريقة حدوثها معروفة لكان لذلك أهمية كبيرة في تعرف مسببات الفصام، لكن للأسف فإن هذه الأمراض الذهانية التي تشبه الفصام رغم الدراسات الكثيرة والمتطورة لم يتم عن كشف أي مسبب عضوي لها إلا في حالات قليلة نادرة كان السبب فيها عضوياً (ما يقارب 6% بين 268حالة).
3- فعالية الأدوية المضادة للذهان: منذ اكتشاف علاج الكلور برومازين عام 1952م على يد الطبيبين دلاي ودنيكر، واكتشاف أدوية كثيرة بعد ذلك لعلاج مرض الفصام، تكاد كل هذه الأدوية تشترك في خاصية واحدة وهي: إغلاق مكان استقبال أحد الموصلات الكيميائية في الدماغ يُعرف ب (د 2) (D2) لمادة تسمى الدوبامين. وهذا يدل على أن هذه المادة تفرز بكثرة في أجسام مرضى الفصام، وإن تقليلها بإقفال المكان الذي تعمل عليه هذه الموصلات يؤدي إلى تحسن حالة المريض المصاب بالفصام.
4- مضاعفات ما قبل الحمل والولادة: ظهرت بعض الدراسات التي تشير إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بمرض الفصام كانوا من مواليد أشهر الشتاء وأن هناك علاقة بين الإصابة بالفصام وإصابة الأم بالأنفلونزا وهي حامل بالمرض، ولكن هذه الفرضية لم يتم توثيقها أو التأكد من صحتها بسبب تداخل العوامل البيئية والاجتماعية، وظلت ضعيفة الاحتمال.
5- التغيرات في الدماغ: بدئ بدراسة التغيرات التشريعية في الدماغ عند مرضى الفصام منذ العشرينيات من القرن الماضي، وتبين أن هناك بعض التغييرات في أدمغة مرضى الفصام مثل اتساع الفراغات التي توجد في الدماغ، وكذلك قلة الخلايا والأنسجة العصبية منه، وقد تمت إعادة هذه الفحوصات في ضوء التقنيات الحديثة مثل الأشعة المقطعية (C. T. Scan) والأشعة بالرنين المغناطيس (MRI) وثبت صحة هذه الفرضيات، لكن من الصعوبة ربط هذه النتائج بمرض الفصام، إذ أن كثيراً من المرضى لا تتوفر فيهم هذه التغييرات ولذلك لم يتم اعتمادها دليلاً للإصابة بمرض الفصام.
6- التغيرات في تدفق الدم إلى الدماغ: أشارت بعض الدراسات إلى أن تدفق الدم يكون ضعيفاً في خلايا الدماغ عند مرضى الفصام خاصة في الفص الأمامي. وقد تم تأكيد هذه الفرضية في أبحاث أخرى غير أن أبحاثاً أخرى لم تصل إلى النتيجة ذاتها، وبذلك يصبح من الصعب تقبل هذه الفرضية، لأنها ليست متطابقة في جميع الأبحاث التي درست تدفق الدم لأجزاء مختلفة في الدماغ.

(ب) العوامل الاجتماعية:
خلال الأربعين سنة الماضية ظهرت نظريات حول احتمال أن يكون للعلاقات المرضية بين أفراد الأسرة النووية دور في نشوء مرض الفصام، خاصة إذا كان هناك استعداد وراثي لدى أفراد هذه الأسرة النووية. وقد أثيرت ضجة كبيرة حول هذه النظرية خصوصاً في الأربعينيات من القرن الماضي. وأطلق ما سمي "الأم المسببة للفصام"، ويعنى بهذا المصطلح الأمهات العدائيات ضد أطفالهن، وفي نفس الوقت ذاته لديهن مشاعر الحماية الشديدة لأبنهائن.
كذلك بينت بعض الدراسات أن الضغوط الاجتماعية قد يكون لها دور في تحريض مرض الفصام لدى الأشخاص الذين لديهم الاستعداد الوراثي للإصابة بهذا المرض. فقد لوحظ أن الذين يلتحقون بالخدمة العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية (سواء كانت الخدمة نظامية أم تطوعاً) يبرز مرض الفصام لدى بعضهم في العام الأول من الالتحاق بالخدمة العسكرية، وإذا أنهى العسكري عامه الأول من الخدمة العسكرية فإن النسبة بأن يظهر مرض الفصام تقل بشكل كبير جداً. كذلك لاحظ دارسو العوامل الاجتماعية لدى مرضى الفصام بأن مرضى الفصام يتعرضون لضغوط اجتماعية شديدة، ومتغيرات في حياتهم الاجتماعية في الأسابيع الثلاثة السابقة لإصابتهم بمرض الفصام.
(ج) العوامل النفسية:
في البداية ظهرت عدة نظريات في علم النفس لتفسير أسباب الفصام وكيفية حدوثه، وكان أغلب هذه النظريات مستمد من التحليل النفسي، وبعضها من علم النفس السلوكي أو المعرفي، ولكن أكثر هذه النظريات أصبحت جزءاً من التاريخ ولم يبق جزءاً منها سوى القليل جداً، ولكن بوجه عام لم تقدم جميع النظريات النفسية تعليل أو تفسير مرض الفصام.
وبوجه عام لا يوجد حتى الآن تعليل أو أي مسببات لمرض الفصام.
المخدرات.
*هل تعاطي المخدرات يُسبب مرض الفصام؟
- يعتمد هذا على نوع المخدرات التي استخدمها الشخص، فاستخدام المخدرات بحد ذاته مرض صعب جداً ويؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية خطيرة. لكن هناك بعض المخدرات مثل الحبوب المنشطة المعروفة بالكبتاجون، ولها مسميات مختلفة بين الناس. ففي المملكة العربية السعودية يشيع اسم "الأبيض" أو "أبو ملف" أو "ملف شقراء" وهذه الحبوب تفرز الفصام عند الأشخاص الذين لديهم قابلية وراثية للإصابة بهذا المرض. كما أن هذه الحبوب تسبب أعراضاً ذهانية تشبه مرض الفصام مثل الشكوك المرضية والهلاوس السمعية والبصرية. لذلك نجد أن بعض المخدرات قد تسبب أعراضاً تشبه الفصام كما أن بعض المخدرات تُرسب الفصام لمن لديه استعداد وراثي.
الضغوط.
*هل الضغوط النفسية تسبب مرض الفصام؟
- الضغوط النفسية تلعب دوراً في ترسب مرض الفصام عند الأشخاص الذين لديهم قابلية وراثية واستعداد للإصابة بهذا المرض. وقد توصلت دراسات عديدة إلى أن الإصابة بمرض الفصام قد تكون مسبوقة بأحداث تشكل ضغطاً نفسياً على المريض مثل فقدان الوظيفية، أو اعتداء بدني شديد، أو فقدان شخص عزيز جداً. الدور الأهم للضغوط النفسية هو في انتكاسة مريض الفصام، فقد بينت دراسات كثيرة أن الضغوط النفسية لها دور في انتكاسة مرضى الفصام، فبعض مرضى الفصام يتحسنون على العلاج ويستمر هذا التحسن، ولكن إذا حدثت ضغوط نفسية فإن المريض ينتكس، وتعاوده الأعراض الذهانية مرة أخرى.
اغتصاب.
7لي قريب شاب تعرض لاغتصاب من قبل مجموعة من الشباب، بعد هذه الحادثة، أصبح مضطرباً نفسياً، يتحدث بأمور غريبة وغير معقولة، تم عرضه على طبيب نفساني فشخص حالته على أنه مصاب بمرض الفصام، هل مثل هذه الحادثة تسبب مرض الفصام؟
- كما أجبنا في السؤال السابق فإن الضغوط النفسية تسبب تحريض مرضى الفصام بمعنى أن الشخص الذي لديه استعداد وراثي ويتعرض لحادث مؤلم، مثلما حدث لهذا الشاب الذي تعرض للاغتصاب وأصيب باضطراب نفسي مستمر تم تشخيصه بمرض الفصام، مع مراعاة أن مرض الفصام لابد أن تستمر أعراضه الذهانية لمدة لا تقل عن ستة أشهر. وإذا كان الاضطراب أقل من ستة أشهر فلا يسمى فصاماً. ويبدو أن هذا الشاب لديه استعداد وراثي ولكن حدوث هذا الحادث المؤلم سرّع في ظهور مرض الفصام لديه. ظهور الفصام بعد حادث مؤلم أو ضغط نفسي يساعد على استجابة المريض للمعالجة بصورة أفضل.

يعجل بها.
*زميلي طالب في الكلية العسكرية قام أحد الزملاء بإخفاء سلاحه قبل التخرج على سبيل المزاح، ولكن ردة فعل هذا الزميل كانت عنيفة جداً، وقام بتصرفات غير مقبولة أدت إلى تأخير تخرجه، ولكن حتى بعد التخرج أصبح غريب الأطوار، ينتحل شخصيات أشخاص آخرين، وقد قام بحلق شعر رأسه وحواجبه وشعر يديه ورجليه، وأصبح يتكلم كلاماً ليس له أي معنى، هل حادثة بسيطة كهذه يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بمرض الفصام كما تم تشخيصه فيما بعد؟
- نعم، كما شرحنا في إجابات الأسئلة الثلاثة السابقة فإن ضغطاً نفسياً بسيطاً قد يعجل بظهور مرض الفصام. وتقدير شدة الضغط النفسي أمر نسبي، فما يكون بسيطاً عند شخص قد يكون صعباً وشديداً عند شخص آخر. وتجدر ملاحظة أن الحياة العسكرية قاسية عند بعض الناس. وفي دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية بينت أنه في السنوات الأولى من الالتحاق بالخدمة العسكرية يكون الشخص عرضة لظهور مرض الفصام نتيجة الضغوط النفسية التي يتعرض لها عندما يكون لديه الاستعداد الوراثي للإصابة بهذا المرض.

الوراثة.
*هل للوراثة دور في مرض الفصام؟
- نعم للوراثة دور لا يمكن تجاهله في الإصابة بمرض الفصام، وبالرغم من أن المرض نفسه لا يُوَّرث إلا أن الموروث هو الاستعداد للمرض، وذلك عن طريق موروثات متعددة غير خاصة. وتراوح نسبة الإصابة بمرض الفصام بين التوائم المتشابهة بين 30- 46% أما التوائم المتآخية (أي التي تنتج من تلقيح بويضتين بحيوانين منويين مختلفين) فتبلغ حوالي 14%. إذا كان أحد الوالدين مصاباً بالفصام فتكون نسبة إصابة مرض الفصام بين الأولاد حوالي 14.4%، أما إذا كان أحد الأخوة مصاباً بمرض الفصام فالنسبة حوالي 10%.
خطورته.
*شقيقي تم تشخيص مرضه بمرض الفصام فما نسبة الخطورة عليّ بأن أصاب بمرض الفصام؟ علماً بأنني في السابعة والعشرين من عمري وأخي عمره واحد وعشرون عاماً؟
- كما ذكرنا في الإجابة عن السؤال السابق، فإن نسبة الإصابة بمرض الفصام بين الأخوة إذا كان أحد الأشقاء مصاباً بهذا المرض تبلغ 10% أي عشرة أضعاف النسبة بين عامة الناس. وإذا كان شقيقك مصاباً بمرض الفصام فهذا ينطبق عليك. أي أن نسبة إصابتك بمرض الفصام هو 10%. وكونك في السابعة والعشرين من العمر ربما يكون عاملاً ايجابياً، إذ أن الإصابة بمرض الفصام تقل مع التقدم في العمر وعادة تكون الإصابة قبل سن العشرين أو بداية العشرينيات، وكلما تقدمت السن قلت نسبة الإصابة بمرض الفصام حتى بلوغ الأربعين أو الخامسة والأربعين، وبعد هذا العمر يندر الإصابة بمرض الفصام.

الاستعداد.
*كيف تؤثر الوراثة في الإصابة بمرض الفصام، وهل يمكن أن يحدث مرض الفصام دون أن يكون هناك أحد مصاب بهذا المرض من أفراد العائلة؟
- كما ذكرنا سابقاً بأن الوراثة لها دور هام في نشأة مرض الفصام، ولكن المرض لا يورث، ولكن الموروث هو الاستعداد للإصابة بهذا المرض، وذلك عن طريق مورثات متعددة غير محددة. وأما الإجابة عن الشق الثاني من السؤال حول إمكانية حدوث الإصابة بمرض الفصام لشخص ليس بين أفراد عائلته مصاب بمرض الفصام فهذا ممكن، فإذا كان للوراثة دور للاستعداد للإصابة بالمرض تبلغ أعلى نسبة لها وهو 47% في التوائم المتشابهة فإن العوامل الأخرى، الاجتماعية والنفسية والبيئية تصل إلى 60% لذلك لا يستغرب أن يُصاب شخص بمرض الفصام وليس هناك أحد من أفراد عائلته مصاب بهذا المرض.

الهستيري.. الخوف.. البكاء الشديد.. اضطراب النوم.. والاكتئاب هوس الجنود في الحروب.
كل الحروب بلا استثناء تدخل الهلع في النفس.. لكن هلع الجنود على أرض المعركة من نوع آخر، حقيقي، تنهار معه الأعصاب من شدة الأهوال والضغط النفسي الرهيب الذي يولد انفلاتاً لا يمكن التحكم فيه يطلق عليه خبراء علم النفس العسكري "هوس ميادين القتال". وهو قد يكون مؤقتاً أو مزمناً بحسب الحالة. وينجم عنه حالات انتحار أو إطلاق النار على الرفاق أو الهروب من أرض المعركة أو الاستسلام بدون شروط وبدون وجود ظروف موضوعية تستدعي الاستسلام.
هذا تحديداً ما فعله الجندي الأمريكي عضو الفرقة 101المحمولة جواً بالكويت، الذي اعتبر زملاءه من الجنود الأمريكان في بداية حرب الصدمة والترويع بمثابة أعداء، فألقى عليهم قنبلتين قتلت أحدهم وأصابت ما يقرب من 17آخرين قبل أن يتم اعتقاله وإبعاده عن ميدان القتال، أي بإعادته مرة أخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
فهل هذا مرض نفسي - عسكري؟
بغض النظر عن حادثة الجندي الأمريكي السابق الإشارة إليه والذي ألمح قادته إلى أنه مسلم فتلك الظاهرة موجودة ويعرفها العسكريون جيداً.ويذكر الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المصرية إبان حرب أكتوبر المجيدة في مذكراته التي احتواها مجلد ضخم: إنه مساء الخامس من أكتوبر عام 1973فوجئ بأحد مساعديه يخبره بأن مجنداً يبكي بحرقة ويرفض الانضمام إلى زملائه في عبور قناة السويس. هنا أمر الشاذلي بحنكة عسكرية بإرجاع الجندي إلى القاهرة فوراً وكتمان الأمر تماماً حتى لا تؤثر هذه الحادثة على الروح المعنوية لزملائه من الجنود. المسألة إذن سيكولوجية بحتة، وفيما يشبه الغريزة داخل الإنسان الذي يخشى تلقائياً الموت ومخاطره.يقول الدكتور فكري عبد العزيز خبير الطب النفسي: المسألة شائعة، خاصة مع نقص الإيمان بالله وعدم تنمية الوازع الديني. واضاف انه لمس ذلك بنفسه اثناء حرب أكتوبر المجيدة حيث كان كبير الأطباء العسكريين. وفي "الثغرة" ظهرت حالات هلع. وعندما توقف القتال أثر التوصل إلى هدنة مع الإسرائيليين التزم الجانب المصري ولم يلتزم بها اليهود. فكان الجنود المصريون يتعرضون للقصف من جانب واحد رغم قرار وقف إطلاق النار. وهذا ولد شعوراً بالقه
ر في صفوف الجنود العاجزين عن الرد.. وظهرت حالات فقدان للنطق والبصر والخوف والبكاء الشديد. ظهرت كذلك في هذا الوقت حالات اضطرابات النوم وإصابات اكتئاب وكلها أمراض عصابية عالجنا حالات كثيرة منها.
إنعكاسات عصبية..
هذه الأمراض تسمى أمراض عصاب الحرب وتنشأ نتيجة قسوة الظروف المحيطة ووحشيتها في بعض الأحيان. إذ يحدث ما يعرف بتدهور الشخصية نتيجة رؤية الدماء والجثث والأشلاء والخراب والدمار.. ناهيك عن أن بعض الجنود لا يتورعون عن التمثيل بجثث جنود أعدائهم أمام زملائهم وتلك كلها مواقف صعبة بالتأكيد.
وأوضح الدكتور فكري عبد العزيز ان أبرز مثال على ذلك تجده في الحرب العالمية الثانية فقد ظهرت مجموعة كبيرة من الأمراض النفسية بين الجنود واعتبر علماء النفس أن هذه الأمراض بمثابة نوع من أنواع الهستيريا كانت مرتبطة بالنساء فقط. واللفظ نفسه أصله اللغوي "هيسترس" والتي تعني في اللغة اللاتينية "رحم". فالنساء رقيقات بطبعهن، وعندما يتعرضن لمواقف مؤلمة يهربن وتحدث لديهن انعكاسات عصبية ونفسية شديدة يفقدن معها القدرة على الكلام أو يُصبن بإغماء أو شلل مؤقت.. الخ لكن العلماء اكتشفوا أن المجندين في الحروب يصابون بالأعراض نفسها ويكون رد فعلهم الهروب النفسي والجسدي رفضاً لخوض المعارك أو الاستسلام غير المشروط خوفاً من القتل المتصور أو إطلاق النار على الزملاء عند أول بادرة خلاف حيث العصبية الشديدة هي سيدة الموقف. وفي حالات أخرى الانتحار هروباً من تجرع الموت وعذاباته على أيدي جنود الاحتلال أو الأعداء.
ويفسر الدكتور عادل صادق الظاهرة بقوله: وقت الحرب تتزاحم داخل الإنسان مشاعر شتى مثل الخوف، القلق، فقدان الثقة، عجز، إحساس بالدونية، تقليل من شأن النفس، ذعر، غضب، أسى، إحساس بالضعف والاستهداف، قلة حيلة، إحباط.. كل هذا يولد انفلاتاً سيكولوجياً، لا يخضع معه الإنسان "الجندي" لحسابات العقل والمنطق المعروفة بعيداً عن ميادين القتال. خاصة مع حدوث جرعة زائدة جداً من العنف يحدث معها أشياء غير متخيلة كالتبول اللاإرادي أو قضم الأظافر أو حتى الانتحار.
هذه الأعراض من الأمراض النفسية الهستيرية تصيب خصوصاً المقاتلين الرومانسيين أي الحالمين غير المقتنعين بجدوى الحروب وما تحمله من دمار شامل. وفي الحروب الدائرة بالعراق هناك حالات قتل فيها جنود أمريكيون زملاءهم أو جنود أمريكيون قتلوا جنوداً بريطانيين مع أنهم حلفاء. لكن ذلك لا يُعلن عنه بالطبع. وبالتأكيد حدثت حالات انتحار، لأن هؤلاء جميعاً ليست لهم قضية يدافعون عنها، وكل ما يقولونه لأنفسهم "لقد صدرت إلينا الأوامر بحمل السلاح وخوض المعركة بعيداً عن أوطاننا بآلاف الأميال ". ولم كل هذا؟
هذا ما يشدد عليه أيضاً اللواء طيار أركان حرب "متقاعد" سمير عزيز الذي خاض كل الحروب المصرية الحديثة بدءاً من حرب اليمن مروراً بنكسة 1967وحرب الاستنزاف وانتهاء بحرب أكتوبر عام 1973.إذ يؤكد: على مر الحروب التي دخلتها لم أشهد حالة انتحار واحدة في صفوف الجنود. كانت المسألة مختلفة تماماً. كنا نرمي بأنفسنا في النيران لأننا كنا نؤمن بحقنا في تحرير أرضنا. ومن الأشياء المهمة جداً في الحروب والمعارك قضية الإيمان بالله وبالهدف الذي نسعى وراءه. هذا يختلف تماماً عن مسألة احتلال أرض الغير وقتل وإيذاء شعب ظلماً. ففي الأولى روحك المعنوية ثابتة عالية ونفسك مستقرة. أما في الثانية فيدخل الله على قلبك الرعب وتفقد أعصابك.. المسألة مسألة إيمان، لا تنسى ذلك..وأشار الى انه أثناء حرب 1973كان يستقل الطائرة ومعه قائد سرب وكنا رابضين على الأرض وتساقطت عليهما قنابل موقوتة. وسارعا بالابتعاد عنها لكن القائد أصر على أن يذهبا صوب القنابل مرة أخرى وفي ذلك الوقت كانا على يقين تام بأن العمر واحد والرب واحد. وأنه إذا كان مقدراً لهما الموت فانهما سوف يموتان. وبالفعل ذهبنا وعدنا أمام مئات الجنود الذين ارتفعت روحهم المعنوية وهم يرون قادتهم لا يخش.
ون شيئاً والأهم من ذلك ان بداخلهم كان يقين لا يتزعزع إنهم أصحاب حق وأن حربهم ليست بغياً وعدواناً.
- لكن لماذا يحدث الهلع غير المبرر أحياناً؟يجيب اللواء سمير عزيز ان: الأعصاب تكون مشدودة أثناء المعركة. هناك خوف من الموت، الخطأ. وارتباك.
أهوال الحرب تزعزع التماسك سواء داخل الجيش او بين صفوف الشعب. ولكن لن يتزعزع الايمان لو ان هناك قضية حقيقة تحارب من اجلها.

يولد الانفجار.
بدوره يؤكد اللواء أركان حرب صلاح المناوي أن الضغط النفسي الرهيب الذي يتعرض له الجندي على جبهة القتال يولد انفجاراً لكن في أي اتجاه؟.. هروب.. انتحار.. استسلام.. انهيار.. اكتئاب.. سعي إلى الخلاص من المأزق بأي طريقة. خاصة إذا لم تكن هناك قضية تستحق الموت في الميادين. هذا النوع من الجنود الذي أتحدث عنه شخصية ضعيفة مهدمة يصاب بالفزع الشديد عادة ما يتندر عليه زملاؤه ويعمقون الإحساس لديه بأنه جبان. لا يقوى على رؤية الجثث محطمة وممزقة. لا يقدر على ذلك كل الناس. ومن يستوعب ذلك قد يتحول إلى قاتل متوحش لديه دافع قوي هو الانتقام.
وبالنسبة للمارينز الأمريكان هم جنود محدثون غير محترفين أفهموهم أن حرب العراق نزهة ممتعة. لم يقاتل أحدهم ولا مرة واحدة. ليست لديه خبرة بالحروب. بل إنني أشك أنه شاهد ذات مرة دجاجة تذبح. فكرته عن الحرب يستمدها من أفلام هوليود. تعجلوا في الدفع به إلى ساحة القتال. لم يكملوا تدريبه. وحتى تدريبه القليل غير كاف لخوض الحرب لأنه لم ير أية جثث على الطبيعة. وقد يكون من زنوج الولايات المتحدة الأمريكية أو فقرائها ولم تتم تهيئته نفسياً للحرب. وهذا يفسر سذاجة التبريرات التي يسوقها الأمريكيون عن قتلاهم في الحرب والتي يرجعونها إلى ما يطلقون عليه "النيران الصديقة"!واضاف اللواء صلاح المناوي: على النقيض من ذلك. انظر إلى الجنود العراقيين وإلى مستوى أدائهم ومقاومتهم في هذه الحرب. وانظر إلى نفس هؤلاء الجنود قبل 13عاماً أثناء عدوانهم على الكويت في أغسطس عام 1990آنذاك كان أداؤهم العسكري مهزلة بكل المقاييس كانوا مكشوفين في الصحراء لم تكن لهم قضية. حياتهم انقلبت إلى فزع رهيب استسلم الكثيرون منهم بدون أن يطلق رصاصة واحدة وهرب بعضهم ليقع في الأسر ولا نعرف عدد من قتل زملاءه أو حاول الانتحار. وإذا كنت تتذكر، آنذاك كان المشهد في مجمله مهين
اً.ويقول الدكتور إسماعيل يوسف أستاذ الطب النفسي بجامعة قناة السويس أن أعراض المرض على ما اعتقد منتشرة بين كثير من العراقيين وهم لا يدركون ذلك. فرواسب الحروب التي خاضوها جعلتهم عرضة للإصابة بأمراض عدة، نفسانية في الأغلب الأعم.وأشار إلى مرض يطلق عليه اضطراب ما بعد الصدمة أو اكتئاب ما بعد الصدمة، الذي يصيب هؤلاء الذين نجوا من الأمراض الأخرى على جبهات القتال. ويستطرد، بل أن المرض يصيب أشخاصاً آخرين لم يشاركوا في العمليات العسكرية على جبهات القتال - مدنيين مثل أطفال فلسطين ونسبة الاضطرابات النفسية بينهم مرتفعة تصل إلى 70% أو 80% بسبب العنف اليومي الذي يمارسه الإسرائيليون ضدهم.
اضطراب الصدمة.
يؤكد الدكتور إسماعيل أن مرض صدمة مع بعد الحرب لم يكن معروفاً منذ زمن طويل وتمت تسميته بعد أحداث 11سبتمبر. فالمرض كان موجوداً قبل هذا التاريخ. لكن العلماء لم يطلقوا عليه اسماً.. وفي حالة العسكريين تكون الأعراض أشد وطأة: آلام نفسية رهيبة تمتد إلى ما بعد انتهاء الحرب. كالخوف المرضي وهو عرض نفسي. كأن يسمع المريض صوت طلق ناري فيفزع أو صوت أزيز طائرة فيلجأ إلى الهروب والبحث عن مكان للاختباء. لأن الأثر النفسي كامن بداخله، رغم أن الحرب انتهت. ويصاحب هذه الحالة أعراض كثيرة كارتفاع ضغط الدم وزيادة ضربات القلب وإحمرار الوجه. وقد يصل الأمر إلى التبول اللا ارادي والكوابيس أثناء النوم. ويحث ما يسمى بتدهور الشخصية. وتنقلب الحال إلى حزن دائم وانسحاب اجتماعي وتغير في تماسك الشخصية واللا مبالاة وفقدان الشهية. وبعض الحالات التي عاشت طويلاً تحت تأثير الحرب تهذي وتصاحبها اختلالات وهواجس وأفكار سيئة ومعتقدات خاطئة.
وفي حالات الحروب وبسبب العنف الزائد يتحول الإنسان إما إلى الوسائل الدفاعية اللا شعورية أو إلى العدوان والقتل والاعتداء على الآخرين. وأحياناً الاكتئاب الذي يتمثل في إهمال المظهر وفقدان الرغبة في تناول الطعام وتوجس الشر من المحيطين به فينظر إلى أقرانه باعتبارهم أعداء ويضربهم بلا هدف أو سبب. كل هذا مبعثه التوتر الشديد وعدم الاتزان وفقدان الشخصية التي يحدث لها نوع من النكوص الشديد فتقدم على أي شيء مع الوضع في الاعتبار أن هذا لا يحدث للشخصية السوية بل للشخصية المستعدة نفسياً لذلك.وأوضح اللواء محمد علي بلال قائد القوات المصرية في حرب الخليج الثانية من واقع خبرته الميدانية أن الجندي ينتابه الخوف والهلع والرعب في ساحة القتال ربما بسبب الحرب النفسية أو للخطأ البشري نتيجة الإرهاق المزمن على الجبهة، حيث يفاجأ بأشياء لم يكن يتوقعها ولم يدرب نفسه "سيكولوجياً" عليها أو لعدم علمه بها، كأن يفاجأ بمقاومة في طريقه فيطلق عليها النيران بينما هي في الحقيقة قوات صديقة.واثناء حالة حرب العراق، ومع وجود عمليات استشهادية تسيطر الفوبيا على عقليات الجنود الذين تهيمن عليهم فكرة الموت بطريقة مرضية. خاصة إذا كان الجندي مرهف الحس، خبرته بال.
حياة معدومة أو قليلة، انطوائي، يعيش طول الوقت في خوف وترقب. هنا يصبح بيئة خصبة ومرتعاً للهلاوس وأفكار سوداء تؤدي به إلى نتائج خطيرة يكون هو ضحيتها أو زملاؤه الذين يحاربون معه على الجبهة. ( ياسر عبد الصمد ، وكالة الأهرام للصحافة) .
المصدر : جريدة الرياض اليومية السعودية

 

 


 

المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع