مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2412 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 63 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الدراســات والبـحوث والقانون > قســــم البـــــحوث باللغة العربية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


الاسلحة السرية

قســــم البـــــحوث باللغة العربية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 18-05-09, 03:29 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الاسلحة السرية



 

الاسلحة السرية

المقدمة

قتلة صامتون وغير مرئيين، قادرون على إحداث دمار مفاجئ في أرض المعركة أو أن أطلقت قادرة على تدمير مراكز سكنية مدنية، المباني تبقى كما هي، إنما الموت يكمن في الهواء، الأسلحة الكيميائية المركّبة صناعياً مثل السارين، والأمراض التي تحدث طبيعياً مثل الجدري، غير مكلفة التصنيع، وسهلة الانتشار.

عندما يتم رميها في الهواء من الطائرات أو تعبئتها مع دروع المدفعية، أو الصواريخ البعيدة المدى، تصبح قادرة على إحداث دمار شامل، وبما أن الأسلحة الكيميائية والحيوية ظهرت منذ قرون، إلا أنها شُجبت لأنها غير أخلاقية، أداة وضيعة للجبناء، حاول المجتمع العالمي مراراً وتكراراً أن يحظر استخدامها، لكن إغراءات الاستخدام كانت كبيرة الشأن في غالب الأحيان، ففي كل أنحاء العالم، تابعت الدول تطوير هذه الأسلحة الفتاكة وغير المكلفة، وخبأ الكثير منها مخازنها منكرة وجودها في العلن.

من الأمثلة الأكثر حداثة على ذلك، ما حدث أثناء العمليات العسكرية خلال الاحتلال الأمريكي البريطاني الأخير للعراق حيث تسربت أنباء كثيرة عن استخدام أسلحة قذرة ضد العراقيين.
في السنوات القليلة الأخيرة، أصبح ضباط الاستخبارات يرون أن العراق ربما كان يخفي القليل فقط من المواد الجرثومية على عكس ما أشاعت الدول الغربية آنذاك، اليوم هناك إحدى عشرة دولة على الأقل يُشتبه بإيوائها برامج حرب جرثومية سرية، ويستحيل تأكيد مدى تقدم أبحاثها في هذا المجال، كما جعل التقدم الأخير في مبحث الجراثيم هذا الموضوع ملحّاً أكثر، إذ أنجز العلماء واحداً من أهم إنجازات العلوم التجريبية عبر العصور:

فك رموز الهندسة الوراثة البشرية، وصار لدى البشرية بفضل الله مؤخراً الرموز الحيوية الكيميائية لكل مورثة من مائة ألف مورثة تحدد المواصفات الفيزيائية في جسم الإنسان
عندما يتم تحويل هذه المعرفة إلى تقنية، فستكون بكل تأكيد إفادة هائلة بإمكانات كبيرة، وربما تكون في سبيل جعل البشر أكثر صحة، وأقوى وربما أسعد.

التقنية والاهداف

لكن التاريخ علمنا درساً مهماً هو أن كل التقنية السابقة، من المواد المتفجرة إلى الطيران، إلى القوة النووية، كلها استُغلت، لا لصالح خير البشر وحسب، بل لأهداف عدوانية أيضًا.

وفعلاً، استغل العلماء الأمريكان والروس الهندسة الوراثية في برنامج حرب حيوية سرية خلال السبعينيات والثمانينيات، لتحويل عوامل المرض إلى أسلحة حربية فعالة، واليوم، فإن فهم البشر الجديد للرموز الوراثية يفتح الباب على احتمالات كارثية أكثر، إذ يمكن استخدام الأسلحة المصنعة وراثياً على سبيل المثال في استهداف أعراق معينة أو جماعات عرقية محددة، وهناك تطبيقات محتملة أخرى على القدر نفسه من الوحشية

السيطرة

لو تمكنا من معرفة كيف نتلاعب بمورثاتنا البشرية، فإن ذلك يعني أن هناك إمكانات، لا للقتل وحسب، بل للإخضاع والسيطرة والاستغلال أيضًا، إنه نوع من طريق من الواضح أنه يجب عدم سلوكه.

السم

انطلقت البشرية في هذه الطريق المخيفة منذ أكثر من ألف سنة، ومنذ الأزمان الأولى، عرف المقاتلون أن إلقاء جثة في بئر ما يسمم مخزون مياه العدو، وفي أواخر القرن التاسع عشر، منع "حظر أخلاقي" استخدام السم في أرض المعركة، ولم يتم التمييز بين عوامل المرض والأسلحة الكيميائية، فحكم القادة العسكريون على الاثنين بالمنع وعدوا استخدامهما غير مشرّف، وكان كرههم لاستخدام السم أداة حرب شديدًا إلى درجة أن هذا الحظر لم يتخطاه أحد سوى مقاتلي الحرب العالمية الأولى.

غاص التقدم الألماني في آب - أغسطس عام 1914 في مستنقع بلجيكا وفرنسا، وتورط في معركة استنزاف ضخمة على طول جبهة تصل إلى 100 ميل، وخلال ستة أشهر، سقط أكثر من مليون شخص من كل من الطرفين لكسب شبر من الأرض، فبحث الجيشان عن حل يكسر هذا الحائط المسدود.

في كانون الثاني - يناير 1915، اقترح عالم كيمياء يدعى فريتز هابر على رئيس هيئة الاركان الألمانية القائد فالكنهاين أن الغاز السام قد يكون وسيلة فعالة لإخراج العدو من مخابئه وتعرضه للعراء، عد فالكنهاين أنه من غير الشهامة استخدام الغاز، لكنه كان يائساً، فوافق على تجربته كاختبار.

نقلت القوات الألمانية 700 طن من مادة الكلور إلى الجبهة، قرب قرية "ييب" البلجيكية، تم العمل بهدوء تام، تحت جنح الظلام، راجع هابر مكان جهاز التوصيل، وهو ستة آلاف إسطوانة معدنية، دفنت في الأرض إلى جانب الخنادق.

الذكأ و الجواسيس

لا يكفي الذكاء فقط في العمليات السرية، من الطبيعي أن الجواسيس لا يعرفون ما الذي يجري عندما يكلفون بمهمة.
كادت الخطة السرية تفشل عندما قام الألمان الفارون من الجيش بتحذير قائد من الحلفاء، مقدمين له كمامات الفم دليلاً على أنها كانت تُوزّع عليهم، حتى أنهم حددوا تاريخ الهجوم المقرر، لكن كلامهم لم يؤخذ على محمل الجد.

في مدة ما بعد الظهر من الثاني والعشرين من نيسان - أبريل 1915، راح جنود الكتيبة الخامسة والأربعين الفرنسية الجزائرية والكتيبة البرية السابعة والثمانين يحدقون من حفرهم في سحابة خضراء مصفرّة غريبة كانت تزحف نحوهم، وفيما غلّفتهم موجات هذا الضباب الكثيف، أمسك الجنود المصابون بحناجرهم ثم سقطوا أرضاً.

كان هناك رعب حقيقي، انقسمت الوحدات وبدأت تهرب، فقد فوجئوا على حين غرة وانقطع الخط، كان بإمكان الألمان تحقيق تقدم جزئي على الأقل في تلك المرحلة، ولكن في الحقيقة لم يكونوا مستعدين لاستغلاله ولم يمتلكوا الذخيرة بين أيديهم لذلك.

الكلور

ربما سبب الهجوم مقتل ثلاثة آلاف رجل تقريباً ، فالكلور غاز خانق، يلهب الرئتين، ويسبب سائلاً يغرق ضحاياه، كان رد الحلفاء سريعاً، فقد طوروا أقنعة غاز مثل قناع الحجاب الأسود الذي يصفي الهواء عبر شاش قطني، مع أن الأقنعة لم تكن مريحة عند ارتدائها وغريبة الشكل في المعركة، إلا أنها أثبتت فعاليتها العالية تجاه الكلور وغاز الفوسجين الأشد أذى، بعد خمسة أشهر، أطلق الحلفاء ردهم بهجوم بالغاز.

في أواخر عام 1915، أطلق رئيس الأركان الألماني أيضًا أول استخدام للمواد الحيوية في الحرب الحديثة، في ذلك الوقت، كان الألمان قد توصلوا إلى برنامج ضخم من التخريب ضد بلاد حيادية تتعاطى التجارة مع قوى الحلفاء، حاول المخربون قطع تدفق الذخائر من خلال زرع أجهزة إحراقية في المصانع ومستودعات القطارات، ولأن الحرب العالمية الأولى كانت صراعاً لعبت فيه الخيل والبغال دوراً كبيراً لكونها مطيات للفرسان وحيوانات جر، رأى الألمان فيها أهدافاً مقصودة للتدمير أيضًا.

قام العملاء السريون بتهريب محاصيل من الجمرة الخبيثة وجرثومة الرعام إلى الولايات المتحدة بنية نقل العدوى إلى الحيوانات المخصصة للشحن إلى بريطانيا أو فرنسا عمداً، جنّد العملاء عمال الرصيف على طول الجبهة المائية في بالتيمور ونيويورك، فانسلّ هؤلاء الرجال إلى حظائر الحيوانات حاملين معهم الإبر المعبأة بالجراثيم الفتاكة

كان عليهم إما أن يطعنوا الجياد بالإبر ، أو ينثروا زروع المرض في طعامها، أو يحاولوا مسح أنوف الحيوانات بزروع المرض، على أمل إصابة هذه الحيوانات بالتحديد اولاً، وعلى أمل أن تعدي هذه الحيوانات حيوانات أخرى ثانياً.

ابقا الولايات المتحدة خارج الحرب

كان لدى الألمان مصلحة كبيرة في إبقاء الولايات المتحدة خارج الحرب، وحرصوا على أن تبقى العملية سرية، وعمل المخربون الحيويون على التسلل حتى أنه لم يُشك في عملهم قط، في الوقت الذي دخلت فيه الولايات المتحدة الحرب عام 1917، كانت ألمانيا قد أطلقت مرحلة كارثية جديدة في اعتداءاتها الكيميائية، تمثلت في غاز الخردل، كان الخردل مادة مقرحة تهاجم بشرة الضحايا، تعمي العينين، تحرق المناطق الحساسة من الجسم، لم تقدر أقنعة الغاز على تقديم حماية مناسبة، فعانى الجنود الاميركيون غير المتمرسين في أشراك الحرب الكيميائية من سبعين ألف إصابة.

ومع ذلك، وعند استسلام ألمانيا عام 1918، قوم الحلفاء الغاز السام على أنه عامل مزعج بشكل كبير، وفي حين أنه يسبب إصابات خطرة، فإن استخدامه لم يكن عاملاً حاسماً في كسب الحرب، وعلى الرغم من فعاليته المحدودة، أصبح الغاز السام رمزاً لفظائع المجازر المتزايدة على الجبهة الغربية، كان الحس العام بردة الفعل قوياً جداً حتى إنه في عام 1925، وقّعت 150 دولة على مسودة تفاهم جنيف، وحظرت استخدام الغازات السامة أو الخانقة في الحرب، إلا في حالة الرد، لكن المعاهدة لم تفعل شيئاً لحظر صناعة أسلحة الموت هذه وتكديسها، وفي السنوات التالية، استمر العمل على الأسلحة الكيميائية من دون أن يضعف.

عام 1935، أي بعد عشر سنوات على حظر المعاهدة الدولية استخدام الأسلحة الكيميائية، كشف الجيش الإيطالي عن خطة سرية لاستخدام الغاز السام ضد جيش قليل التجهيز وصغير العدد في إثيوبيا، وللمرة الأولى في التاريخ، زُجت الأسلحة الكيميائية في الهواء، فأطلق سلاح الطيران الايطالي غاز الخردل فوق الجنود والقرويين الإثيوبيين الذين باتوا لا حول لهم ولا قوة أمام هذا السم اللاهب، وفي خطاب فصيح أمام عصبة الامم، ناشد إمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي مجتمع القادة الدوليين إيقاف هذه الفظائع.

صدر رد من عصبة الأمم، لكنه كان فاتراً، بالطبع، تمت إدانة ايطاليا وصدرت تصريحات كثيرة رنانة، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي خطوة جماعية حقيقية.

مع خطر صراع عالمي ثان يلوح في الأفق، توقع كثير من الخبراء استخدام الأسلحة الكيميائية الشاملة والجزئية، لكن في الحرب العالمية الثانية أصدر ونستون تشرشل ما أصبح سياسة الحلفاء، عام 1942، ووعد بأنه لو استخدمت دول المحور الغاز السام ضد أي شعب مدني أو عسكري من الحلفاء، فسترد بريطانيا فورًا وبالمثل، كان هتلر أيضًا معارضًا لاستخدام الغاز في أرض المعركة، وكان رفضه اعتماد الحرب الكيميائية محل استغراب كبير.

كان قد تعرض للغاز في الحرب العالمية الأولى قبيل نهايتها، وقد اعتبر البعض أن تعرضه للغاز، ساهم في كبحه، أنا لا أصدق هذا الكلام بصراحة، فهو لم يتردد في استخدامه ضد بعض الأسرى خلال الحرب العالمية الثانية.

التطهير العرقى

لفّت السرية حرب التطهير العرقية التي خطط لها هتلر، وكانت الخطوة الأولى فيما أصبح الحل الأخير أن بدأت في بولندا عندما طوّقت فرق القتل الرجال والنساء والأطفال، وساقتهم كالحيوانات إلى الغابة القريبة وأطلقت النار عليهم، وسرعان ما راح جلادو الشرطة يشكون من أن القتل الجماعي يخفض من معنويات الألمان

تبّين أن الأمر أقل من فعال، وأيضًا، كان الناس في تلك الجماعات يكتبون الرسائل إلى أحبائهم في موطنهم، كانت الكلمة تتسرب، لذلك، وعلى الفور تقريباً تمت مناقشة أسرع وأرخص طريقة لقتل البشر.
تم تقديم شاحنات الغاز المتحركة فيما كانت مخيمات الإبادة الدائمة قيد البناء، وكانت الأوامر تقضي بتأمين كميات هائلة من السماد التجاري "زايكلون ب"، تابع الرجال هذا التخطيط عبر سلسلة من الرسائل اللاسلكية السرية جداً والمرمزة.

ومن دون علم القيادة العليا الألمانية، كان خبراء الترميز البريطانيون قد فكوا الرموز، وبحلول عام 1941، قبل بدء عمليات مخيم الأبادة الأول، كانت الاستخبارات البريطانية تضع يدها على بعض من نيات النازيين، تم إيصال المعلومات إلى ونستون تشرشل، لكن بالنسبة إلى تشرشل، كان مفهوم الإبادة الجماعية خارج نطاق استيعابه، كما أنه كان مشغولاً بإلحاق الهزيمة بالعدو، إلا أنه عام 1944، تم اختبار الوعد بالرد بالمثل، عندما اقترحت جماعة يهودية أمام رئاسة الأركان الأميركية استخدام الأسلحة الكيميائية ضد ألمانيا ، ولكن حتى ذلك الحين، كان التخطيط لاجتياح الحلفاء لأوروبا على قدم وساق، فتم تجاهل الاقتراح.

مجزرة اوروبا

في حين أنه كان صحيحاً أن المجزرة في أوروبا حدث أثناء الحرب العالمية الثانية، لم يكن الأمر يتعلق بالصراع العسكري، ولم يكن له علاقة بالتوجه السياسي للضحايا، فقد كان هؤلاء مدنيين، اُحضروا إلى مراكز القتل، فإني أضعه في خانة أخرى مختلفة، لأن الأمر كان قتلاً سطحياً
قرابة نهاية الحرب، فكّر الألمان في استخدام الأسلحة الكيميائية للدفاع في وجه اجتياح الحلفاء، حتى أن بعض النازيين حاولوا إقناع هتلر باستخدام سلاح سري احتفظوا به في المخازن، وهو التابان، أو غاز الأعصاب الفتاك، لم يكتشف قادة الحلفاء العسكريون إلا بعد انهيار ألمانيا أن الألمان كانوا يملكون هذا الجيل الجديد من الغاز القوي جداً، إلى درجة أن كمية ضئيلة بقدر ملليجرام واحد كفيلة بالقتل من خلال شلّ الجهاز العصبي.

روزفلت

بحلول حزيران - يونيو 1942، كان الرئيس روزفلت يتلقى تقارير بأن الجنود اليابانيين كانوا يستخدمون الأسلحة السامة ضد الصينيين، في ذلك الوقت، لم تبدأ الاستخبارات الأميركية في فهم أبعاد هذا البرنامج السري والرهيب المعروف في اليابان بالاسم المستعار "الوحدة 731"، تعود أصول هذه الوحدة إلى الثلاثينيات، عندما انقض الجيش الياباني على منشوريا في شمالي غربي الصين، وفي عام 1937، كان الجيش الياباني المحتل قد حول منشوريا إلى مستوطنة تحت سيطرتهم الكاملة، ثم بدأوا بوضع العين على الجارة روسيا، اقتنع اليابانيون أن الأسلحة الجرثومية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في هزيمة السوفييت ، فاستخدموا العمال الصينيين لبناء أول مركز ضخم للأبحاث الحربية الحيوية والبشرية في بينج فان، في ضواحي هاربن، وهي مدينة قرب الحدود الروسية، ومن أجل إخفاء طبيعة عملهم الحقيقية، ابتدع اليابانيون قصة أن بينغ فان كانت معمل أخشاب.

قاموا ببناء سكة حديدية من هاربن مباشرة إلى وسط المخيم، ووحدها سيارات الشحن كانت تجول ليلاً، وتفرغ حمولتها من الأشخاص الذين سيكونون المجموعة التالية من القتلى ، حتى إنهم أحياناً كانوا يُحضرون في شاحنات مقفلة، وعربات مقفلة، حتى لا يراهم السكان المحليون.

اوشيرو ايشى

كان العالم جرثومي أوشيرو إيشي الرأس المدبر خلف مشروع الحرب الجرثومية السري، على غرار معظم الجنود اليابانيين، كان إيشي ينظر إلى أسرى الحرب على أنهم الأكثر جبناً من الناس، هم أنصاف بشر تخلوا عن القتال، وسّع إيشي لاحقاً برنامجه لعديد كبير، عبر توظيف أكثر من عشرين ألف عالِم، وحول بينغ فان وعشرة وحدات أخرى تقريباً إلى مصانع للموت، في مجمع بينغ فان المتزايد، كان العلماء اليابانيون يجرون تجارب على كل جرثومة تقع عليها أيديهم، من الجمرة الخبيثة إلى الحمى الصفراء، إلى السل، والتيفوس، والتيفوئيد، والطاعون والرُّعام، كان الأطباء يجرون الاختبارات على البشر من دون استخدام المخدر.

كان يُطلق على ضحايا الاختبارات اليابانية اسم "ماروتس"، لقد كانوا أخشاباً، أو قطعاً من أخشاب، لم يكونوا بمثابة بشر، ولذلك فإن التجارب، من التشريح، وتقطيع الناس، أحياء وأمواتاً، وحقنهم بكل أنواع الجراثيم، لم تثر لدى أولئك الناس أي حس بالأخلاقيات والإنسانية.

الاستخدام الوحيد

الحالة الوحيدة المعروفة عن الاستخدام العسكري النظامي للأسلحة الحيوية في بلد ما ، هي قيام الجيش الياباني بتفجير المؤسسات في أنحاء الصين، رامياً ناقلات حية من البراغيث المصابة بالطاعون، فقتلت مئات الآلاف، وفيما تحركت الحرب نحو أوجها على مسرح المحيط الهادئ، أضعفت ضراوة القتال اهتمامات أميركا الإنسانية المزعومة بشأن استخدام السموم، مع أن تقديرات مختلفة كانت وضعت خطوط عملية "السقوط" وهي اجتياح اليابان المقرر، خشي وزير الحرب هنري ستيمسون من أن تعاني الولايات المتحدة سقوط مليون قتيل ، رأى أنصار الحرب الكيميائية من أمثال القائد جورج مارشال أن الغاز يمكن أن يكون مساعداً لا يقدر بثمن، في عملية مسح جيوب المقاومة اليابانية، فيما تتقدم قوات الحلفاء على الأرض.

ثم تبين إثر النقاش بشأن إمكانية استخدام الغاز قصير الأمد، مع إنهاء الحرب في المحيط الهادئ، إنه لم يكن هناك من دليل على أن الخطة أثيرت أمام الرئيس ترومان، وبعيد ذلك، أكتشف الموظفون العسكريون الأميركيون برنامج الحرب الجرثومية السرية لليابان، وحقيقة أن تجارب البحوث البشرية قد انتهت، كان العلماء الأميركيون قلقين من الحصول على معلومات إيشي الرهيبة، وإبقائها بعيداً عن متناول السوفييت، توسّط القائد دوجلاس ماك آرثر لصفقة منحت العلماء اليابانيين الحصانة التامة من الإعدام، وفي المقابل، كان على إيشي أن يرسل معلوماته إلى الولايات المتحدة.

لم تتم محاكمة أي عالم، ولم يتم تسريب أي أخبار عن الفظائع اليابانية إلى الصحافة، وخيّم ستار من الصمت على الحدث بكامله، وكانت التغطية تتمثل في أن الولايات المتحدة تستخدم المعلومات لتطور برنامج حرب جرثومية بنفسها.
هناك أنواع معينة من الناس، يحملون شهادات في العلم والطب، ينظرون إلى نوع الفرصة ويقولون، اللعنة على الأخلاقيات والفضائل، هذا ما سيجعلنا نتقدم، وأظن أن هذه العقلية بالضبط، هي التي شجعت بعض العلماء الأميركيين في نهاية الحرب العالمية الثانية، من قال أن هناك تجارب على نماذج حية، ويمكننا وضع أيدينا عليها؟

البرنامج الامريكى

لكن برنامج الأسلحة الحيوية الأميركية نفسه كان يجري على قدم وساق، ونتيجة لذلك، دفعت الولايات المتحدة عن غير قصد ثمناً باهظاً في السنوات التالية.
خلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية مباشرة، واجهت أميركا عالماً كان فيه الدمار النووي الكلي ضمن عالم الممكن، ومع أن العملاء السريين لم يتمكنوا من اختراق الستار الحديدي الذي يفصل الشرق عن الغرب، كانوا يتخوفون من احتمال أن السوفييت يخبئون ترسانة من الصواريخ البالستية العابرة للقارات، رداً على تنامي الخطر السوفييتي، زاد الجيش الأميركي إنتاجه للأسلحة الحيوية الفتاكة.

كان المركز الأول لبحوث الأسلحة الحيوية العدوانية "مخيم ديتريك" في ماريلاند، هنا، عام 1947، سجل العلماء الأميركيون إنجازاً في تطبيق نظام جوي لنشر العوامل الحيوية، فيصبح بإمكان الطائرات أن تنثر جزيئات صغيرة مجهرية من المرض من الجو.

في الخمسينيات والستينيات، تمكن الجيش من التوصل إلى سلسلة من الاختبارات السرية الجوية لإيجاد الطريقة الأكثر كفاءة في نشر المرض عبر البحار، فتمت الاختبارات فوق أكثر من 250 منطقة مأهولة، بما فيها سان فرانسيسكو، وسانت لويس، ومينيابوليس، وبات الخبراء يقدرون الآن أن ملايين الناس كاتوا معرضين للخطر من دون علمهم ولا موافقتهم.

في أواخر الستينيات، كانت الولايات المتحدة قد بنت ترسانة ضخمة من الأسلحة الحيوية والكيميائية، لكن معارضة البرنامج بدأت تكبر في مجلس الشيوخ، تحثها السياسات العسكرية في فييتنام، من جراء غضبه من قدرة فيات كونج على الاختباء في سراديب تحت الأرض، ونصب الكمائن كما يشاء، أمر البنتاجون باستخدام مبيدات الأعشاب والغاز المسيل للدموع المسمى سي أس، في عام 1969، تم نشر 6 آلاف وخمسمائة طن من هذه المواد الكيميائية فوق فييتنام في محاولة لإخراج العدو من أنفاقه وقلاعه الأرضية.

دافع الجيش الأميركي عن استخدامه الغاز بالادعاء أن الغاز سي إس ليس مادة قاتلة حقاً، مع أنه لو اُخذ بكميات مكثفة فقد يسبب الموت، عام 1969، صادقت الأمم المتحدة على قرار يدين استخدام مبيدات الأعشاب والسي إس على حد سواء، وقد قام بعض أعضاء الكونجرس بالتقدم بالتماس من خلال التهديد بإجراء خفض كبير في تمويل الأسلحة الحيوية والكيميائية، رداً على ذلك، دعا الرئيس نيكسون فريق عمل علمي إلى مراجعة السياسة الأميركية.

فأشار الفريق إلى نقاط عدة أثارت اهتمامه عن الحرب الجرثومية، فالأسلحة الحيوية غير مكلفة، وإنتاجها لا يعتمد على بنية تقنية واسعة، كان من الواضح للفريق أن الأسلحة الحيوية لكونها أسلحة دمار شامل، يمكن أن تقع في قبضة أي دولة من دول العالم الثالث التي تهتم بالحصول عليها.
كما أدرك أنه من خلال الاحتفاظ بالأسلحة الحيوية، فإننا نشرعها بطريقة ما، ونبه برنامجنا الهجومي على الأسلحة الحيوية لدى الدول الأخرى على أن هذه الأسلحة أسلحة نافعة وأنها تستحق تصنيعها.

حضر الاستخدام

في عام 1969 كان رد الرئيس نيكسون سريعاً وحاسماً.
نيكسون:
لقد قررتُ أن تعدل الولايات المتحدة عن استخدامها أي نوع من الأسلحة الحيوية الفتاكة التي تقتل أو تعطب.
أُتبع قراره عام 1972، بمعاهدة دولية جديدة لا تحظر استخدام الأسلحة الحيوية وحسب، بل تحظر إنتاجها أيضًا، بدا وكأن المجتمع الدولي قد أصبح أخيراً على طريق القضاء على الحرب الحيوية، أو هذا ما ظنّه، فدون علم الحكومة الأميركية، تجاهل السوفييت شروط اتفاقية الأسلحة الحيوية.

أصدروا هذا القرار من أجل رفع البرنامج وبرنامج سري آخر منفصل كان موجوداً من قبل، وبمؤسسات أكثر بعشر مرات مما كان لديهم، والسبب في ذلك هو أنهم ظنوا أن لديهم أفضلية هائلة، إنه المجتمع الذي من الممكن أن تبقى فيه الأمور سرية، وتبقى سرية بالفعل، ويقولون اليوم إن هذا الأمر كان أكثر سرية من برنامج الأسلحة النووية.
قدم علم الأقمار الصناعية للولايات المتحدة بعض الأدلة على أن برنامجاً كبيراً يجري إعداده، يعمل فيه أكثر من ستين ألف عالِم لتحويل الجراثيم القاتلة إلى أسلحة حرب، ولم تعرف وكالات الاستخبارات الغربية بأن الصواريخ القارية موجودة في المخازن، وجاهزة لنشر مئات الأطنان من الجدري والطاعون والجمرة الخبيثة عبر الولايات المتحدة، ثم في عام 1979، لقي أكثر من سبعين شخصاً حتفهم فجأة قرب منشأة عسكرية في سفيردلوفسك في جنوبي روسيا، هل كان هذا دليلاً على برنامج روسيا غير المعلن أخيراً؟
لم يكن هناك من شك، بحصول تسرب للجمرة الخبيثة، لكن السوفييت عندما سئلوا عما كان، قالوا: إنه بسبب استهلاك اللحوم الفاسدة.

التفتيش

بعد عدة سنوات على حادثة سفيردلوفسك، بدأ السوفيات يبنون ستبنوجورسك، وهو مجمع ضخم آخر في سهول الستيب المنعزلة في آسيا الوسطى، وطبّق المدير السابق للستبنوغورسك "كين آليبيك"، نظاماً من السرية عندما سُمح لفريق من المفتشين من الغرب بزيارة منشأة موسكو في منتصف الثمانينيات.

كين آليبيك:
بالطبع قمنا بكل ما نستطيعه، من إجل اقناعهم بأنها ليست منشآت أسلحة حيوية، فقد تلقينا أمراً شديداً باختراع نوع من روايات التمويه لكل مبنى.
بحسب د، آليبيك، أصر المسؤولون السوفييت على أن الولايات المتحدة هي أيضًا تطور برنامج حرب جرثومية سرية، ولم يتمكن آليبيك من الإدراك أنها في الواقع الدعاية السوفييتية وحسب، إلا عام 1991، خلال زيارته منشأة أميركية سابقة للأسلحة الحيوية في باين بلاف، في أركنساس.
كين آليبيك:
لكنه كان واضحاً أن هذه المنشآت قد أُخليت منذ سنوات، كان كل شيء صدئاً، والمعدات كانت مفككة، وبالنسبة إليّ، كان واضحاً جداً أن الولايات المتحدة لم تكن تملك ذلك البرنامج، بعد ذلك استقلتُ.

يلتسن

ارتد كين آليبيك عن الولايات المتحدة عام 1992، وفي ذلك العام، عكس الرئيس الروسي بوريس يلتسين السياسة وأمر بإيقاف إنتاج الحرب الجرثومية الهجومية، لكن بعض المراقبين أمثال كين آليبيك ظلوا مشككين، وخشوا أن تستمر البحوث على بعض الإنجازات السوفييتية غير المعروفة بما فيها "المنظمات الحيوية"، هذه المنظمات الحيوية هي عوامل قادرة على التأثير في بعض الوظائف البشرية مثل دقات القلب، وأنماط النوم والمزاج.

لكنَّ هناك خوفاً آخر، ربما كان أكثر قسوة هو إمكانية ألا يتمكن العلماء الروس من تأمين التوظيف في بلادهم، بعد أن باعوا أسرارهم وخبرتهم إلى بلدان مثل إيران، التواقة إلى توسيع ترساناتها الجرثومية الفتاكة.

العراق

في السبعينيات، وصل صدام حسين إلى السلطة في أرض الرافدين، على رأس مليارات الدولارات من أموال النفط الجارية سيولاً، فبدأ صدام يستخدم تلك المليارات ليحول العراق إلى قوة إقليمية كبيرة، من خلال توقيع اتفاقات تجارية سرية، قام بشراء الدبابات والمقاتلات ما فوق الصوتية، والصواريخ البالستية، من بعض الدول الأوروبية.
وكان الحدث دعم خطة صدام حسين، عام 1980، حصل نزاع بين العراق وجارته ايران بسبب أطماعها ومحاولتها تصدير ثورتها بالقوة، وتصاعد ليشعل حرباً، فجأة قامت قوة برية من مئات الآلاف من القوات الإيرانية بمواجهة العراق منفذة اعتداءات على البشر، احتاج العراقيون إلى الأسلحة فورًا، وكانت الأسلحة الكيميائية الحل الطبيعي لأنها رخيصة وسهلة الصنع نسبياً، التفت صدام حسين إلى ألمانيا الغربية لكسب الخبرة بتحويل الكيميائيات إلى أسلحة دمار شامل.

بنى الألمان مصانع بأكملها في العراق، وقدمت الشركات الألمانية إلى العراقيين إمكانات واسعة تتخطى الإدارة لصناعة الأسلحة الكيميائية.
خلال مسار معظم الحرب العراقية الإيرانية، وقفت البلاد الغربية، بما فيها الولايات المتحدة والبلاد العربية والإسلامية، إلى جانب صدام حسين في حربه ضد الخميني وثورته.
كان هناك خمسون مدنياً أميركياً تقريباً قد وقعوا في الأسر على يد الإيرانيين في أواخر السبعينيات، فذاق الأميركيون طعم المرارة، لذا، عندما بدا أن العراقيين يقفون في الطرف الخاسر من الحرب، قرر العراقيون وحدهم عام 1983 أن يبدأوا استخدام الأسلحة الكيميائية، فرفعت الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى، فلنقل اعتراضات، لكنها لم تكن فعلاً ترفع أكثر من حاجبها.

استمرت الحرب الإيرانية العراقية بالتصعيد، عام 1988، عندما سجل الجيش الإيراني هجوماً ناجحاً ضد قرية "حلبجا" الكردية داخل الحدود العراقية، رد صدام، وجراء غضبه مما عده خيانة من الأكراد العراقيين بالتعاون مع العدو الإيراني، قام بإبادة المدينة الصغيرة كلها، وكانت المرة الاولى التي يُستخدم فيها غاز الأعصاب الفتاك على نطاق واسع، وكان استخدام العراق للأسلحة الكيميائية يفرض تشعبات بعيدة المدى.
ما يوضحه هذا للعالم هو أن هناك من يقوم بانتهاك اتفاقية جنيف بشكل واضح وفاضح ولا أحد يتحرك، لا عقوبات، وينجون بفعلتهم عندما تكون المصلحة في ذلك، وهذا ما يجعل الأمر أسهل لأناس آخرين يفكرون في القيام بالمثل.

المانيا وتسريب الاخبار

تسربت قصص الاستخبارات من ألمانيا مشيرة إلى أن العراق كان أيضًا يطور عوامل حيوية ولاسيما الجمرة الخبيثة، لكن لم يتحقق أحد رسمياً من صحة المعلومات، ولم يرفع المجتمع الدولي احتجاجاته إلا في حرب الخليج الثانية عام 1991، عندما باتت الأمور متعارضة مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة و بعد خسارته حرب الخليج الثانية، وافق صدام حسين كشرط للاستسلام على الإعلان عن كل أسلحته النووية والكيميائية والحيوية، وتدميرها، فأنشأت الولايات المتحدة لجنة خاصة عرفت بالأونسكوم للتأكد من أنه وفى بكلمته، إلى أن تتأكد لجنة أونسكوم من تدمير الأسلحة، كان محظراً على العراق بيع النفط.

تخلى العراقيون عن عائدات النفط المقدرة بقرابة 150 مليار دولار، بسبب عقوبات الأمم المتحدة، لهذا الحد كانت برامج الأسلحة السرية ذريعة بالنسبة إليهم.
عام 1995، كانت جهود الأمم المتحدة بالكشف عن الخدعة العراقية، تحظى بمساعدة صهر صدام حسين "العميد حسين كمال" الذي انشق عنه، وبعد استجوابه، كشف المفتشون عن مخبأ سري لوثائق أكدت وجود برنامج عراقي للأسلحة الحيوية، كما أشارت تحديداً إلى مواقع مثل "الحكم" حيث كان يتم إنتاج الجراثيم الفتاكة، وقد دُمّرت منشآت حيوية أخرى.

قال العراق إنه مبنى لصناعة البروتينات الأحادية الخلية، وعندما وجدته الأونسكوم، لم يكن هناك شيء في المبنى، سوى الجدار الإسمنتي، فقد أخرجوا كل المعدات، حتى إنهم سووا المبنى ونثروا الأسمنت على السطح ونثروا الأوساخ فوق الأسمنت.
أخيراً اعترف المسؤولون العراقيون أنه خلال حرب الخليج ، قاموا بتعبئة جراثيم فتاكة مثل الجمرة الخبيثة والبوتولينوم السام في القنابل الجوية والرؤوس الحربية للصواريخ، وسرعان ما أصبح واضحاً أن البرنامج الحيوي العراقي كان واسعاً.
وبعد سنوات على وعد صدام حسين بالخروج نظيفاً من أسلحة الدمار الشامل، ظلت بعض الأسئلة الخطيرة دون أجوبة، كانت الشكوك كبيرة إلى درجة أن المراقبين الدوليين كانوا يخافون أن يكون العراق لا يزال يحتفظ بغاز الأعصاب والمواد الجرثومية في الرؤوس الحربية الجاهزة للإطلاق، ومع ذلك تم رفع الحظر عن النفط العراقي، بعد ذلك، عام 1998، طرد العراق مفتشي الأمم المتحدة من البلاد، وفي حين كان المجتمع الدولي يكافح للتعامل مع هذه الشكوك في المستقبل، كان على بعض أعضائه

مواجهة تورطهم في تسليح صدام حسين

في التسعينيات، بدأت طائفة يابانية أطلقت على نفسها اسم "أوم شينريكيو" بالتخمين بأن اعتداءات الغاز ستقتل معظم سكان العالم، لم تؤخذ هذه التهديدات على محمل الجد، ولم يضع عملاء الاستخبارات اليابانية هذه الطائفة تحت المراقبة المشددة، بعد ذلك، في صباح يوم من شهر آذار- مارس 1995، دخل أتباع هذه الطائفة نظام الأنفاق في طوكيو، حاملين معهم غاز الأعصاب الفتاك "السارين"، وبعد دقائق، كان مئات الأشخاص قد أصيبوا بينما قُتل أحد عشر شخصاً.

اعتقدُ، أنهم بطريقة ما حصلوا على ما يريدون، وهو انتباه العالم أجمع، وعندما تسمع بمثل هذا الاعتداء، يضرب الرعب قلوب الجميع لأنك تدرك أنه يمكن أن يحدث في أي مكان، ويمكن أن يُطلق على أي كان.
بالنسبة إلى خبراء الاستخبارات مثل جايمس وولسي، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، فإن التحديات التي يفرضها السلاح الحيوي والكيميائي تتخطى بعض تعقيدات عصر الحرب الباردة بكثير.
الأمر وكأننا كنا نقاتل تنيناً مدة 45 سنة وقتلناه، واليوم نجد أنفسنا في غابة مليئة بالأفاعي السامة، والأفاعي قادرة على قتلك بالسهولة نفسها التي يقتلك بها التنين.
على عكس المقاتلين التقليديين الذين يحاولون كسب اهتمام العالم من خلال القيام بعمل جريء، فلدى منفذي الهجوم الحيوي حوافز قوية لإخفاء عملهم، فلو كان الدافع لمجموعة مقاتلة على سبيل المثال إصابة اقتصاد العدو بأضرار جسيمة، فسيكون الهجوم على الأرجح سرياً.

ستكون بكل تأكيد مصممة لتقليد تفش حقيقي، وسيتم تنفيذ جهود حثيثة لتغطية الأمر وإخفائه، وجعله يبدو طبيعياً قدر المستطاع، لا يُكشف قدر المستطاع.
فيما تستمر وكالات الاستخبارات في مراقبة المجموعات المقاتلة عن كثب، زاد انجاز حديث في التقنية من صعوبة عملهم، فقد صار الناس في كل أنحاء العالم يلجئون إلى الشبكة العنكبوتية لكونها وسيلة للاتصال.

هذا يعني أنه وللمرة الأولى، صار بإمكان المقاتلين، والأشخاص المؤيدين لهم، من الأطياف كافة، تسويق منتجهم وأفكارهم عبر أداة الاتصال الأكثر نفوذاً على الإطلاق، وهي موجهة إلى الشبان، ولا يمكن ضبطها، وهي شغالة على مدار الساعة، وعلى مدار الأسبوع.
وفيما يتكثف القلق العام من مخاطر الاعتداء الحيوي، تتكثف المحاضرات بشأن كيفية الرد عليه.
في التسعينيات، بدأ الجيش الأميركي تلقيح أكثر من مليوني مجند ضد الجمرة الخبيثة، وبدأ تنفيذ برنامجاً بثلاثمائة مليون دولار لبناء مخازن لثمانية عشر لقاحاً آخر، منها لقاح الجدري، وفي مجتمعات البلاد كلها، راح الجنود يتدربون على تدابير الطوارئ.
في عام 1999، طلبت وزارة الحرب من الرئيس كلينتون الصلاحية لتعيين قائد مسؤول عن الدفاع عن الولايات المتحدة عبر القارات، تطلبت الخطة أن يكون القائد العسكري جاهزاً، إن دعت الحاجة إلى إرسال آلاف الأطباء وموظفي الطوارئ بسرعة إلى المناطق المنكوبة.

لكن الآخرين رأوا في هذا النوع من المقاربات خطراً، وخشوا من أن تسبب صناعة التهديد إمكانية وقوع الهجوم الحيوي.
وسارعوا إلى الإشارة إلى أنه في السنوات الخمسين الأخيرة، لم يحصل أي استخدام مؤكد للأسلحة الحيوية في الحرب، مع أن منشآت البحوث، وعشرات آلاف العلماء، ومليارات الدولارات المموّلة، كلها تشجع على حصولها، إنهم يخافون من أن يساهم التركيز على هشاشة الولايات المتحدة أمام الاعتداءات الحيوية في تحريض الذين يجابهونها .
وفي حين يرى العلماء أن تعزيز نظام مراقبة الصحة العامة أمر منطقي تماماً، يقول البعض أن تكديس اللقاحات ليس كذلك، فهناك الكثير من الكائنات العضوية التي يمكن استخدامها كأسلحة، وهناك أيضًا كثير من الناس الذين يحتاجون إلى حماية.

الخلاصة

يعتقد أولئك الذين يدركون القيمة الكبيرة للتقنية البيئية أنه من الضروري التصديق على معاهدة تتمتع بتفاهم قوي، قبل فوات الأوان، ومع كل سنة تمر، تصبح الدول الضعيفة قادرة على دمج التقدم الحديث المخيف في التقنية الحيوية.
يمكن لأنظمة سلاح أخرى أن تقتل أو تجرح، لكنها لا تستطيع أن تغير ما هو معتاد، وعلى المدى الطويل جداً، قد نعرف كيف نغير الكثير من الأشياء، مثل ولاءاتنا وأفكارنا وأشكال المنطق، قد يصبح بالإمكان التلاعب بكل ذلك في النهاية.
في حين ترتبط اقتصادات العالم كلها، يصبح التواصل ملحاً، وعلم البيئة أيضًا، أصبح العالم مثل مكان صغير جداً، أن شر الأسلحة الحيوية يحث الخبراء على التفكير أبعد من السلامة المحلية.

يجب أن نوضح أن قلقنا موجه فعلاً إلى أجناسنا، وما يمكن أن يحصل لنا جميعاً أن استُغلت التقنية الحيوية بقوة لأهداف عدوانية.

مائة عام من السرية والخداع هي التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة الحرجة، ولأنها أسلحة دمار شامل، فإن الحرب الجرثومية تشكل خطراً يتخطى الحدود الوطنية، والآن بعد أن أصبح حلّ أسرار كل مورثة بشرية بمتناول البشر بفضل الله، فإن فرص الإنجازات العلمية المفيدة كبيرة جداً، وكذلك هي المسؤوليات.

 

 


 

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الاسلحة, السرية

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع