كان أبو مسلم الخرساني يدّعي أنه من سلالة الساسانيين ملوك فارس، وما أن بلغ خراسان والتفّ حوله النقباء وأعوان الدعوة وكثير من القبائل العربية التي كانت ناقمة على الحكم الأموي، حتى انضم إليهم آلاف من الموالي الذين رأوا في أبي مسلم حفيد الملوك الأقدمين الأمل في إعادة الاعتبار لهم أمام السيطرة الطاغية للعرب، وهكذا قاد الثورة العسكرية رجل من الموالي، بينما كان للقيادات العربية السبق في الانتهاض بهذه الدعوة وعلى رأسهم سليمان بن كثير الخزاعي، الذي اعترف له كلٌّ من محمد بن علي العباسي وابنه إبراهيم بالفضل والنباهة والذكاء، وأودعوا فيه كامل ثقتهم لقيادة الدعوة العباسية في خراسان وإيران، بل وطالب إبراهيم الإمام أبا مُسلم الخراساني أن يستشير سليمان في كل أمره.
وهكذا انطلقت الثورة، ولما رأى الخصوم من قبائل القيسية واليمانية العرب أن الخراساني سيرفع مقام الفُرس والموالي، اتحدوا ضده، وكادوا ينتصرون عليه لولا نباهة وذكاء أبي مسلم الذي تمكّن من ضربهم ببعضهم بعضا، حتى انتصر عليهم جميعا، ودخل العراق ثم الشام وقضى على جيوش الأمويين وخليفتهم الأخير مروان الثاني بن محمد الأموي الذي قُتل في وسط مصر عام 132هـ.
ومن خلال هذا العرض سنرى أن الثورة العباسية لم تكن ثورة موالٍ ناقمين على السيطرة العربية المطلقة على رقابهم كما قال كثير من المستشرقين ومَن تابعهم من المؤرخين، وإنما كانت ثورة قادها وخطط لها على أرض الواقع تنظيم سريّ استمر يعمل بلا كلل ولا ملل لما يقارب عقدين من الزمان، وجل قيادته كانوا عربا استطاعوا أن يستغلوا غضب قسم كبير من العرب والموالي لمواجهة الأمويين وإسقاطهم، هذا وقد لقيَ أبو مسلم الخراساني حتفه على يد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور عام 137هـ بعدما رآه خطرا يُهدّد سلطة العباسيين ودولتهم الجديدة.
المصدر : الجزيرة نت - محمد شعبان أيوب