مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 20 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2415 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 65 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جناح المواضــــيع العســـــــــكرية العامة > قســم العــقيدة / والإســـتراتيجية العســـكرية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


الإستراتيجية المتبعة في الفتوحات العربية الإسلامية

قســم العــقيدة / والإســـتراتيجية العســـكرية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 12-12-10, 01:13 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عابر الأجواء
مشرف جناح القوات الجوية

الصورة الرمزية عابر الأجواء

إحصائية العضو





عابر الأجواء غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الإستراتيجية المتبعة في الفتوحات العربية الإسلامية



 

الإستراتيجية المتبعة في الفتوحات العربية الإسلامية

تجاهلت معظم الموسوعات العالمية بشكل غريب، الأمة العربية بصورة عامة، ولا سيما عطاءهم وإبداعهم في علم وفن الحرب، وعلى رأس تيار الإجحاف، كانت قصة الحضارة لمؤلفها «ويل تيورانت» وموسوعة تاريخ الحضارات العام تأليف مجموعة من أساتذة السوربون بإشراف «موريس كروزيه»، والجنرال «ستروكوف» ومجموعته في تاريخ فن الحرب، وكذلك الماريشال «ف.د. سوكولوفسكي» في الإستراتيجية العسكرية. و«ليدل هات» في الإستراتيجية وتاريخها في العالم، و «أرثركريمتنسن» عندما كتب عن إيران في عهد الساسانيين، و «يوليوس فلهوزن» في تاريخ الدولة العربية، وغيرهم من الكتاب والباحثين.

ومن أبرز أعلام الإنصاف، المؤرخ «ف. بارتولد» في تاريخ الحضارة الإسلامية، وكذلك الجنرال السوفيتي «رازين» في تاريخ فن الحرب، فقد بحث التنظيمات المسلحة عند القبائل العربية ثم خصائص فن الحرب لدى القوات العربية، إضافةً إلى شرحه طرق العرب وأساليبهم في المسير، وفي القتال، وكيفية التنظيم الحربي وغير ذلك من الإنصاف والعلمية. وكذلك اللورد البريطاني «مونستر» في مؤلفة الشهير (رسالة في فن الحرب عند العرب) حيث يقول في المقدمة: (إن العرب قد ألفوا أكثر من 397 كتاباً في العلوم العسكرية والعلوم الأخرى المرتبطة بها«وهذا الرقم وهذه المخطوطات القيمة محفوظة في المكتبات في شتى عواصم العالم. شرقه وغربه. وكذلك الدكتور «غوستاف لوبون» في حضارة العرب، والدكتورة «زيفريد هونكة» في شمس العرب تسطع على الغرب».

وكما هو معروف أن الإستراتيجية وخاصة العسكرية منها لم تعرف بمفهومها المعاصر ومبادئها وأصولها وأسسها وقواعدها العامة إلا منذ القرن الثامن عشر الميلادي (منذ عهد نابليون) ولو أن جذورها تمتد منذ عهد اليونان، فمن الصعب أن نقيس الحروب العربية والفتوحات الإسلامية التي جرت منذ النصف الثاني للقرن السابع الميلادي، على المعايير الراهنة للإستراتيجية العسكرية الحاضرة، نظراً لتغيّر وسائط القتال والصراع المسلح، فعهد الفتوحات الإسلامية، كان سائداً فيه «الأسلحة البيضاء» الرمح والسيف والدروع واستخدام الخيول والجمال في الأعمال القتالية، سوى المرحلة الأخيرة منه حين أدرك استخدام البارود في الأسلحة الفردية، وبداية استخدام المدفعية أيضاً.

كما أن القادة العرب والمسلمين الأوائل لم يدرسوا فن الحرب وأساليبها في مدارس أو أكاديميات عسكرية عليا، بل علمتهم البئية وشظف العيش وقساوة الصحراء في بعض الأحيان فن التفكير السليم وصفاء الذهن والخبرة المنطقية- العقلانية، ويكفيهم فخراً وشرفاً أن معلهم الأول، الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم، القائد الفذ، والشجاع المقدام والعبقري الملهم، الذي يتلقى الوحي والحكمة من الله الجبار العظيم جل جلاله وعظم شأنه، وبين يديه الشريفتين، القرآن الكريم هدى ورحمة للعالمين.
أولاً: القضاء على الردة: قرار صائب وخطير، في موقف إستراتيجي معقد.

تعرف بهذا الإسم الحروب التي سْنها الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه على القبائل التي إرتدت عن الإسلام بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك في خلال العام الحادي عشر للهجرة (632م)، فقد توفي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في ذلك العام، فاستكبر الناس أو عامة المسلمين موته، واتخذ منه بعض القبائل في الجزيرة العربية ذريعة للارتداد عن الدين الجديد والتمنع عن دفع الزكاة الشرعية، ولما إختار المسلمون أبا بكر الصديق خليفة لهم، عزم الخليفة المنتخب أن يضع حداً لحركة الإرتداد هذه وذلك لما تنظوي عليه هذه الحركة الانقلابية - والدين الجديد لا يزال في بدء انتشاره- من خطر جسيم على الدعوة الإسلامية سواءً في الجزيرة العربية أو خارجها، فقرر الخليفة الأول أن يعيد بالسيف من خرج من المسلمين على الدين وارتد عنه.

وخرج أبو بكر بجيوش المسلمين إلى مكان قرب المدينة يدعى «ذو القصة» ليوجه الزحوف إلى المرتدين، فهاجمته قبائل عبس وذبيان وغطفان المرتدة، فهزمها، وفي ذا القصة وزع مهام القتال على إحدى عشر قائداً من قادة جيوشه توجه كلا من هؤلاء القادة إلى قبيلة وهؤلاء القادة هم:

1- عكرمة بن أبي جهل: وقد وجهه في البدء إلى بني حنيفة لقتال «مسيلمة الكذاب» فهزمه مسيلمة، فوجهه إلى عُمان (شرقي البحرين) وفيها قبيلة الأزد، ثم إلى حضرموت واليمن (جنوب الجزيرة) وفيها قبائل طي وخولان وكنده ومراد وحمير وهمدان.

2- عمرو بن العاص: وقد وجهة إلى شمالي الحجاز حيث قبائل جذام وكلب وقضاعة وطيّ وعذرة وبلي.

3- شرحبيل بن حسنة: وقد وجهه في البدء إلى اليمامة في إثر عكرمة ليلتقي معه على قتال مسيلمة، ثم وجهه الخليفة ثانيهً إلى شمالي الحجاز ليقاتل مع عمرو بن العاص.

4- المهاجر بن أبي أمية: ووجهه إلى كنده بحضر موت.

5- خالد بن سعيد: ووجهه إلى مشارف الشام في منطقة حوران.

6- حذيفة بن محض: ووجهه إلى أهل دبا، قصبة عُمان وهم من الأزد.

7- عرفجة بن هرثمة: ووجهه إلى قبيلة مهرة من قضاعة وقيل: مهرة أرض قرب حضر موت.

8- طريفة بن حاجز: ووجهه إلى بني سليم ومن معهم من هوازن.

9- سويد بن مقرن: ووجهه إلى تهامة باليمن.

10- العلاء بن الحضرمي: ووجهه إلى البحرين.

11- خالد بن الوليد: ووجهه إلى «عين بزاخة» وفيها قبائل
غطفان وعبس وذبيان، ثم وجهه ثانيهً إلى بلاد بني عامر (الممتدةفي شرقي المدينة إلى الخليج العربي) ثم إلى اليمامة وفيها بني حنيفة، فهزم فيها مسيلمة الكذاب وقضى عليه في معركة «حديقة الموت» وما أن إنصرم عام 11هــ حتى كانت جميع قبائل العرب المرتدة قد عادت إلى حظيرة الدين الحنيف. وتفرغ الخليفة «الصديق» بعدها لنشر رسالة الإسلام خارج أرجاء الجزيرة العربية.

 

 


 

   

رد مع اقتباس

قديم 12-12-10, 01:18 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عابر الأجواء
مشرف جناح القوات الجوية

الصورة الرمزية عابر الأجواء

إحصائية العضو





عابر الأجواء غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

ثانياً: الميزات الإستراتيجية العامة للفتوحات العربية الإسلامية.

ما أن تحققت وحدة العرب المسلمين بإنتهاء حروب الردة (عام 11هــ) بعد وفاة الرسول العربي صلى الله عليه وسلم، وأصبحت الجبهه الداخلية للعرب المسلمين قوية ومتماسكة، حتى أطلق الخليفة الراشدي الأول الصحابي الجليل (أبو بكر الصديق) جيوش العرب المسلمين لفتح الشام والعراق ومصر سنة 12هــ. وما أن أتت سنة 92هــ ما يوافق عام 710م حتى كان العرب المسلمون قد فتحوا الأندلس غرباً ووصلوا حتى خوارزم وسمرقند شرقاً، مع إحتلال جزر البحر الأبيض المتوسط ما بين قبرص وصقلية ونهاية جزر الباليثار (مينورقة وميورقة ويابسة) فشكلوا بذلك أعظم دولة عرفها العالم القديم خلال فترة زمنية قياسية (80 عاماً) من عمر الزمن.

ولقد كان العامل المعنوي هو العامل الأساسي فيما تم إحرازه من انتصارات بعد نصر الله طبعاً، ولهذا ظهر هناك شبه إتفاق بين المؤرخين والباحثين على تمييّز الحروب العربية الإسلامية بصفة (حروب الإيمان) أو (حروب جيوش المجاهدين في سبيل الله)، ويتوافق هذا الوصف في واقعه مع هدف الحروب الإسلامية الذي حدد بصورة دقيقة وهو (نشر راية الإسلام) وتعريف البشر برسالته السمحاء «رسالة التوحيد» وإقامة المجتمعات على أساس تعاليم الإسلام، وهذا ماحمل أيضاً الباحثين والمؤرخين على إطلاق صفة (الحروب العادلة) Just wars على الفتوحات العربية الإسلامية. إذ احتوت مضموناً (إنسانياً- أخلاقياً) أسهم في تطوير الإنسان وضمان حقوقه لما نصت عليه الشريعة الإسلامية الحنيفة.

إلا أن بروز العامل المعنوي في الفتوحات الإسلامي يجب ألا يحجب بقية العوامل والتي كان من أبرزها:

1- ظهور جيل أو أجيال من القادة على درجة عالية من الكفاءة والقيادة، سواءً على مستوي إدارة الحرب والسياسة الإستراتيجية، والذي تمثل بدور الخلفاء الراشدين والأمراء الأمويين، أو على مستوى قيادة مسارح العمليات- بدايةً من أبي عبيدالله بن الجراح وخالد بن الوليد، وسعد بن وقاص، والمثنى بن حارثة الشيباني، وعمرو بن العاص، والنعمان بن مقرن وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وطارق بن زياد، ومحمد بن القاسم الثقفي، وقتبية بن مسلم الباهلي وسواهم كثير، بحيث يصعب أن يتوافر لأي أمة من الأمم أجيال من القادة الشجعان العباقرة، توافر لهم من الكفاءات ماتوفر الأجيال قادة الفتح.

2- الإلتزام الدقيق بمبادئ الحرب، والعمل على تطوير هذه المبادئ من خلال التجارب الذاتية ومن خلال تجارب الصراع مع الأخرين (الفرس والروم خاصةً)، حتى أن المثنى بن حارث الشيباني أوصى- قبل وفاته- أن تسلم القراطيس التي دَوَّنَ فيها خبرته وتجاربه في حروب الفرس للقائد الذي يليه أو من يختاره الخليفة لقيادة جبهه العراق والمشرق.

3- ما توافر لجند العرب المسلمين من الفضائل الحربيه التي كان من زبرزها: الشجاعة في مواجهة الخطر، والصبر على إحتمال مكاره القتال، والاستعداد الدائم للقتال، والإثيار والإنضباط، والتعاون والمحبة الصادقة فيما بينهم، ومواظبتهم على الصلاة وأداء الشعائر الدينية في أقسى الظروف القتالية والمناخية. ومعاملة سكان البلاد التي يفتحونها بشفقه ورحمة.

4- أظهرت القوات العربية خلال مرحلة الفتح العربي الإسلامي مهارة كبرى في تنفيذ حركاتها وكان يساعدها على ذلك مرونتها وتحررها من الأعباء الإدارية، في حين كانت الجيوش المضادة تفتقد عامل المرونة وتثقل حركتها الأعباء الإدارية، مما أعطى القوات العربية في تنفيذ الحركية العاليه وهذه الميزة في جملة العوامل التي ضمنت للعرب المسلمين انتصارات رائعة على جيوش متفوقة ذات خبرات عسكرية كبيرة، وحققت لهم السيطرة على العالم القديم في فترة لا تزيد على ثمانين عاماً.

ثالثاً: الفتوحات المظفرة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق.

بات لزاماً علينا أن ندخل في إيجاز الفتوحات وسير الأعمال القتالية خلالها في عهد الخليفة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) ووصاياه البليغة والحكيمة في إدارة دفة الحرب.

1- جبهة الشام: لقد بدأت الفتوحات عندما أطلق الخليفة أبو بكر الصديق أربعة جيوش لفتح الشام وخصص لكل جيش منها منطقة عملياته، فكلف (أبا عبيدة الجراح) بقيادة جيش ميداني وخصص له منطقة حمص في سورية للعمل فيها، ووجه جيشاً بقيادة (يزيد بن أبي سفيان) وخصص له العمل في منطقة دمشق، ووجه جيشاً ثالثاً بقيادة (شرحبيل بن حسنة) وخصص له الأردن منطقة لعمله. أما الجيش الرابع فكان بقيادة (عمرو بن العاص)، وحُددت له فلسطين لتكون مسرحاً لعملياته.

وكانت قوة كل جيش من هذه الجيوش الأربعة تتراوح بين ستة آلاف وثمانية آلاف مجاهد. وكان أبو بكر قد وجه قوة بقيادة (خالد بن سعيد) تكون رداء (حماية) لجيوش المسلمين عند إنطلاقها للفتح وأمره أن يمكث في (تيماء) والا يبرحها، لكن الروم جمعوا أنصارهم من العرب الموالين لهم، وحشدوهم في مواجهة خالد بن سعيد، فكتب إلى الخليفة فرد الخليفة: «أن أقدم ولا تحجم» وتقدم خالد بن سعيد، فتفرق الروم وأنصارهم من العرب، فعاد وكتب إلى الخليفة فأجابه أبو بكر الصديق «أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك» ولكن الروم استطاعوا اجتذاب خالد بن سعيد ثم طوقوا جيشه وهاجموه بضراوة نفر خالد بن سعيد حتى وصل موضع (ذي المروة) وعندما تحلم أبو بكر أرسل إليه في ذي المروة «أقم مكانك، فلعمري إنك مقدام محجام، نجاّء من الغمرات، لا تخوضها إلا إلى حق ولا تصبر عليه» واتخذ أبو بكر الترتيبات حتى لا تتأثر الروح المعنوية للمجاهدين، وأرسل معاوية بن أبي سفيان فجمع فلول جيش خالد بن سعيد وسار بهم لدعم جيش أخيه (يزيد بن أبي سفيان). وقد نَفَذَ معاوية هذه المهمة الصعبة بجدارة وكفاءة ونجاح.

وكان أبو بكر الصديق يوصي جيشه حين يطلقه بقوله: «ولا تعصوا ولا تغلوّا ولا تجبنوا ولا تهدموا بيعةً، ولا تفرقوا نخلاً، ولا تحرقوا زرعاً، ولا تشجروا بهيمة، ولا تقطعوا شجرةً مثمرة، ولا تقتلوا شيخاً كبيراً ولا صبياً صغيراً، وستجدون أقواماً قد حبسوا أنفسهم للذي حبسوها فذروهم وما حبسوا أنفسهم له، وستتجدون أقواماً قد اتخذت الشياطين أوساط رؤوسهم أفحاصاً فأضربوا على أعناقهم».

عندما علم الروم- البيزنطيون- بتحرك قوات العرب المسلمين إلى الشام، زجوا في مواجهة كل جيش من جيوش العرب المسلمين جيشاً قوامه في ستين إلى تسعين ألف مقاتل. ووجد قادة الجيوش في الشام، أنه من الصعب عليهم مجابهة القوى المتفوقة، فتكاتبوا وكتبوا إلى الخليفة أبي بكر فأمرهم بالتجمع، وانسحب العرب المسلمون إلى (إذرعات) ومنها إلى اليرموك.

2- جبهة العراق:
وكان الخليفة أبو بكر قد أطلق إلى العراق جيشين أولهما بقيادة «خالد بن الوليد» وثانيهما بقيادة «عياض بن غنم» وكتب لهما أن يبدأ خالد من الجنوب وأن يبدأ عياض من الشمال، وحددلهما «الحيرة» لتكون نقطة إلتقاء الجيشين، وقال لهما «فإذا اجتمعتما بالحيرة وقد فضضتما مسالح فارس، وأمنتا أن يُوتى المسلمون من خلفهم فليكون أحدكما ردءاً للمسلمين ولصاحبه بالحيرة، وليقحم الآخر على عدو الله وعدوكم من أهل فارس دارهم ومستقر عزهم- المدائن» كما كتب لهما «أن إستنقر من قاتل من أهل الردة ومن ثبت على الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يغزون معكم أحد ارتد حتى أرى رأيي» وهكذا لم يشترك في القتال بالعراق خلال السنة الأولى من فتح العراق أحد من المرتدين، لحرمانهم من شرف الجهاد، تأديباً لهم وإستصغاراً لشأنهم.

وسارت عمليات العراق بنجاح، غير أن قيام الروم بحشد قوات ضخمة في مواجهة جيوش الشام، حمل الخليفة أبا بكر على إعطاء الأفضلية الأولى لمسرح عمليات الشام وأطلق كلمته الشهيرة «والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد». وكان جيش خالد في العراق يضم ثمانية عشر ألف مقاتل، فأمره أبو بكر باصطحاب نصف جيشه والسيّر به لنجدة جيوش الشام، ولكن الموقف على جبهه العراق لم يلبث أن تدهور، وجاء قائد جيش العراق «المثنى بن حارثه الشيباني» إلى المدينة ليشرح الموقف وليطلب الدعم. فقابل الخليفة أبا بكر وهو على فراش الموت، وعندما استمع إليه أبو بكر استدعى «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه. وقال له: «اسمع يا عمر ماأقول لك، ثم أعمل به، إني لأرجو أن أموت يومي هذا، فإذا مت فلاتمسيّن حتى تندب الناس مع المثنى، وإن تأخرت إلى الليل فلا تصبحني حتى تندب الناس مع المثنى».

«ولا تشغلكم مصيبة وإن عظمت عن أمر دينكم، فقد رأيتني متوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما صنعت، وما أُصبت الخلق بمثله، وإذا فتح الله على أهل الشام، فأردو أهل العراق إلى العراق فإنهم أهله وولاة أمره، وأهل الضراوة بهم والجراءة عليهم». ويظهر من خلال ذلك أن إدارة الحرب في مفهوم الخليفة أبي بكر قد حددت بتوجيه القوات إلى مسارح العمليات وتأمين متطلباتها من الدعم، وتنسيق التعاون بينهما، وإعطاء الأفضلية لمسارح العمليات وتحقيق التوازن الإستراتيجي فيما بينها، مع ترك حرية العمل المطلقة لقادة مسارح العمليات في تنفيذ المهام (الأهداف الإستراتيجية) المحددة لهم.

رابعاً: الفتوحات الحاسمة في عهد الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب.

برزت المعالم الواضحة لفن الحرب العربي الإسلامي في عهد الفتوحات الحاسمة أيام الخليفة الراشدي الثاني «عمر بن الخطاب»، رضي الله عنه، وذلك بسبب إتساع دائرة الفتوح وتطورها فما أن وُلَّي عمر بن الخطاب، حتى أخذ في حشد القوى واستنفارها، إذ نادى مناديه (الصلاة جامعة) فلما اجتمع المسلمون أهاب بهم القتال في العراق- والناس يبايعونه- واستمر على ذلك ثلاثة أيام. ثم ندب أهل الردة فأقبلوا سراعاً، فرمي بهم في الشام والعراق، ولم يؤمر منهم أحداً- أي لم يسند لأحد منهم أي مركز قيادي- وعيِّن (أبا عبيدة بن مسعود)، ولم يعيِّن سليط بن قيس.
جبهة الشام

وكان العرب المسلمون قد حققوا إنتصارهم الرائع في اليرموك عام 13 هـ وتوقفوا لايعرفون ماذا يفعلون ؟ فكتبوا إلى أمير المؤمنين عمر فأجابهم (أما بعد فابدؤوا بدمش فأنهدوا لها، فإنها حصن الشام وبيت مملكتهم، واشغلوا عنكم أهل «فحل» بخيل تكون بإزائهم في نحورهم، وأهل فلسطين، وأهل حمص. فإن فتحها الله قبل دمشق، فذاك الذي يخب ، وإن تأخر فتحها حتى يفتح الله دمشق، فلينزل في دمشق من يمسك بها ودعوها، ولينطلق أبو عبيدة وسائر الأمراء حتى يغيروا على فحل فإن فتحها الله عليكم، فلينصرف أبو عبيدة وخالد إلى حمص وشرحبيل وعمر إلى الأردن وفلسطين، وأمير كل بلد وجند على الناس حتى يخرجوا من إمارته.

وعرف أمير المؤمنين عمر أن الفرس قد حشدوا قواتهم لمواجهته جيش العرب المسلمين في العراق فكتب إلى المثنى بن حارثة «تنح إلى البر وادع من يليك وأقم منهم قريباً على حدود أرضك وأرضهم حتى يأتيك أمري (وأستنفر الناس وقال: (والله لأخربن ملوك العجم بملوك العرب فلم يدع رئيساً ولا ذارأي ولا ذا شرف ولا ذا سلطة ولا خطيباً ولا شاعراً إلا رماهم به فرماهم بوجوه الناس وعزرهم» ولما كانت المدينة المنورة لا تسع لحشد القوات، فقد وجه من تجمع له - أربعة آلاف - بقيادة الصحابي الجليل (سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه وأمره بقوله: سر إلى زرود» فإن انتهيت إليها، فإنزل بها وتفرقوا فيما حولها، وأندب من حولك منهم، وانتخب أهل النجدة والرأي والقوة والعدداً وهناك أمده بثمانية آلاف ثم أمرة بالتوجه إلى (شراف) وتابع
إمداده، فلما بلغت قوته إثني عشر ألفاً أرسل إليه الأمر التالي: (إذا جاءك كتابي هذا، فعشر الناس وعَرّف عليهم وأمر إجنادهم وعبئهم وأمر رؤوساء المسلمين فليشهدوا وقدرهم وهم شهود، ثم وجههم إلى أصحابهم، وواعدهم القادسية، واضمم إليك (المغيرة بن شعبة) في حينه، وأكتب إلي بالذي يستقر عليه أمرهم» وهكذا حدد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نظام منطقة الحشد، ووضع أساس التنظيم العشري للجيش الجماعات والفصائل الخ.. وبقي يتابع الموقف فكتب إلى سعد صف «لي منازل المسلمين، والبلد الذي بينكم وبين المدائن صفة كأني انظر إليها وأجعلني من أمركم على الجلية» وعندما نزل سعد بالقادسية، وحشد الفرس قواتهم كتب سعد إلى أمير المؤمنين عمر الذي أجابه «لا يكرنبك ماياتيك عنهم ولا مايأتونك به، وأستعن بالله وتوكل عليه..
وأكتب إلي في كل يوم)


وكان أمير المؤمنين عمر يعرف ضعف قوة المسلمين العددية في مواجهة أعدائهم. فلما أتم جند الشام فتح بلاد الشام، أمر قادته بإيقاف الفتح عند حدود جبال (طوروس) وقال كلمته المشهورة «لوددت لو أن بيننا وبين الروم سداً لا يصلون إلينا ولا نصل إليهم» وكذلك أوقف أمير المؤمنين الفتح- بعد أن تم فتح العراق- وأصدر أمره بإيقاف الفتوح عند الحدود الجغرافية للعراق. وهكذا انصرف العرب المسلمون لبناء المجتمع العربي الإسلامي في الشام والعراق.

أفاد الروم من فترة التوقف فاتصلوا ببقايا أنصارهم من العرب واتفقوا معهم على القيام بهجوم معكاس (شامل) لإخراج العرب المسلمين في بلاد الشام، وأخطر أبو عبيدة وخالد بن الوليد لانسحاب بجيوشهما حتى مدينة حمص ولما علم أمير المؤمنين بخطورة الموقف وجه لي سعد بن أبي وقاص في العراق (أن سرح سهيل بن عبدي إلى الجزيرة بالجند وليأت الرقة فإن أهل الجزيرة هم الذين استثاروا الروم على أهل حمص.. وسرح عبدالله بن عتبان إلى نصيبين، ثم لينفضا حران والرها، وسرح الوليد بن عقبة على عرب الجزيرة من ربيعة وتنوخ، وسرح عيافاً بن غنم فإن كان قتال فقد جعلت أمرهم جميعاً إلى عياض بن غنم ولما شعر أهل الجزيرة بتحرك العرب المسلمينمن الكوفة، تخلوا عن الروم.

وكان أمير المؤمنين عمر قد إتخذ في كل مصر على قدرة خيولاً من فضول أموال المسلين عدة لكون إن كان، فملا وقع الخبر لعمر كتب إلى سعد بن مالك أن أندب الناس مع القعقاع بن عمر) وسرحهم من يومهم الذي يأتيك فيه كتابي إلى حمص فإن أبا عبيدة قد أحيط به، وتقوم إليهم في الجد والحث وكانت هذه القوة الخفيفة أشبه ماتكون بإحتياط إستراتيجي في قبضة القائد الأعلى لمجابهة التطورات المباغتة والمحافظة على التوازن على مسارح العمليات وقاد القعقاع قوة «التدخل السريع» ووصل إلى حمص، عندما كان أبو عبيدة قد إنتهى من تصفية قوات الروم والقضاء عليها.

2- جبهة الشرق :
أما على الشرق، فقد تابع الفرس بدورهم إستفزازاتهم واستثارتهم لانصارهم القدامي من العرب، وقيامهم بحشد القوات، فكان العرب المسلمون يدمرون تجمعاتهم المرة بعد المرة ويستولون على مدنهم، وضاق أمير المؤمنين ذرعاً بإنتفاض أقاليم العراق، فطلب وفداً من أهل العراق لمقابلته. ولكن الوفد المذكور لم يعطيه أية معلومات تشفيه، وانتظر عمر بن الخطاب بعد ذلك أربع سنوات حتى إذا ماكانت سنة 21 وعلم عمر بتجمع قوات الفرس في نهاوند بتشكيلات ضخمة، فوجه القوات بقيادة النعمان بن مقرن فكانت معركة فتح الفتوح الظافرة وانطلق العرب المسلمون فاجتاحوا بلاد فارس خلال سنتين فقط، وقتل ملك الفرس (يزدجرد) وانضمت بلاد فارس إلى الدولة العربية الإسلامية .

- هنا لا بد من التنوية أنه جرت خلال فتوحات الشام والعراق، موقعتان ضخمتان هما موقعة اليرموك في جنوب سوريا، وموقعة القادسية في العراق، مما يجدر بنا أن نعطي تفصيلات أوفى عن كل موقعة من هاتين الموقعتين الحاسمتين.

خامساً: موقعة اليرموك الحاسمة بين العرب المسلمين والروم.

منذ 14 قرناً جاء رسول أبي عبيدة بن الجراح قائد جبهة الشام يعلم أبا بكر الصديق أن الروم قد حشدوا جيوشاً كبيرة للقضاء على القوات العربية الإسلامية الموجودة في فلسطين فتداولت القيادة العربية العيا في المدينة الموقف الإستراتيجي فوجدت أنه في الصعب في تلك اللخطة تعبئة جيش جديد لأن ذلك يحتاج إلى دعوة مقاتلين في جميع أنحاء الجزيرة العربية وهذا يستغرق وفقاً طويلاً، والمسلمون بأمس الحاجة إلى الوقت لذلك قررت القيادة العربية العليا في عهد أبي بكر الصديق أن الحل الأمثل هو إتخاذ وضع دفاعي في الجبهة الشرقية (العراق) وتوجيه نصف الجيوش المقاتلة فيها الجبهة الشمالية (بلاد الشام).


وكتب القائد الأعلى (أبو بكر الصديق) رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد الذي كان يقاتل في العراق بأمرة بالسير بنصف قواته إلى الشام نجدة أبي عبيدة بن الجراح ، واثقاً أن خفة حركة قوات خالد كفيلة بوصولها إلى مسرح عمليات الشام قبل الساعة الحاسمة وكتب الخليفة الصديق إلى أبي عبيدة يعلمه بتحرك خالد بن الوليد إلى بلاد الشام.

شطر خالد جيشه بينه وبين المثنى بن حارثه الشيباني وانطلق في العراق في 8 صفر سنة 013 هـ الموافق 13 نيسان عام 634م . وكان خالد رضي الله عنه أمام مهمة جديدة هي الأولى من نوعها في تاريخ فن الحرب إذ عليه أن يعبر صحراء شاسعة قاحلة بكل ما في ذلك من مخاطر. فقد اتبع طريق (الحيرة- عين التمر- قراقر - سوى- أرك - تدمر - القريتين - الفوطة- بصرى الشام). ثم وصل بجيشه إلى الشام بعد أن إجتاز صحراء قاحلة، حيث أبدع طرقاً جديدة في المناورة بالقوات بين الجبهات ستبقى دوماً مثار دهشة الباحثين إلى يومنا هذا وكان عليه أن يقاتل نيفاً وستة وأربعين ألف مقاتل من الروم الأعداء بين فارس وارجل .

تجلى إبداع خالد بن الوليد في موقعة اليرموك (الإستراتيجية المستوى) في إعادة تنظيم الجيش والترتيب القتالي حيث طبق نظام (الكراديس) بما يؤمن تنفيذ الخطة لاحقاً، وفي نشر الجيش العربي الإسلامي مقابل جيش الروم الهائل 200 ألف مقاتل وفق تقديرات أخرى.

وسد الطريق أمامه وحشره في زاوية قاتلة ، والقيام بالمناورات الحاسمة بالخيالة (الفرسان) لإحداث التغيير في موازين القوى، وقلب مجرى المعركة لصالح العرب المسلمين، وقام بفصل خيالة الروم عن المشاة وهزيمة الخيالة، مما ترك المشاة الرومان في مصيدة دون حول ومعرضة للإبادة والاستفادة من مزايا خفة الحركة الخيالة العربية وإتقانها للكر والغد. ضد خيالة الروم الثقيلة ذات المناورة المحدودة وكان الإنتصار في موقعة اليرموك وقتل عدد كبير من الروم، ولاذت بقايا قواتهم بالفرار من ساحة المعركة.

وقد تمت هذه الموقعة بقوى أربعة جيوش عربية، أحدها جيش خالد بن الوليد ولكنه تولى القيادة العامة لتلك الجيوش ووضع خطة المعركة وأشرف على تنفيذها. وحقق الله للمسلمين فيها النصر المبين.

سادساً: موقعة القادسية بين العرب المسلمين والفرس.

كان سعد بن أبي وقاص قد تولى الجبهة الشرقية (حبهة العراق) وليلقى جيشاً فارسياً قوامه ماينوف عن (120) ألف مقاتل مزوداً بالفيلة والقتاد الثقيل وكان قائده رستم بينما بلغ عدد الجيش العربي الإسلامي 36 ألف فارساً، فأرسل سعد بن أبي وقاص إلى أبي بكر الصديق شارحاً له الموقف القتالي وطلب منه إمداده بالرجال، فقرر القائد الأعلى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يمد سعداً بهاشم بن عتبة ، وعلى مقدمته (القعقاع بن عمر التميمي) ومعه ألف مقاتل (مجاهد).

اليوم الأول من المعركة عانى العرب المسلمون كثيراً من الفيلة لأن الخيول العربية لم تألف رؤيتها من قبل فكانت تحجم عنها، والرماة الفرس في الصناديق الخشبية على ظهور الفيلة يمطرون المسلمين بوابل من السهام القاتلة ويحتمون بها من سهام العرب فأبدع العرب في اليوم الأول نفسه طريقة لقطع أحزمة الفيلة ورمي الصناديق الخشبية أرضاً فخفف ذلك من وطأة الفيلة على المقاتلين العرب.

ولما كان اليوم الثاني وصلت القوات العربية الإسلامية القادمة من الشام، وأبدع العرب طريقة لإيهام العدو إن إمدادات العرب من الفرسان لا تنتهي إذا كانوا يتقدمون الى ساحة القتال عشرة ثم عشرة، ولكن الفيلة كانت لا تزال تؤذي المقاتلين المسلمين وخيولهم وتحاول أن تقلب النصر إلى هزيمة منكرة. فكان أن ألبس المسلمون الإبل الجلال والبراقع ثم وجهودها إلى الخيول الفارسية التي لم تكد تراها حتى لاذت بالفرار إضافة إلى ذلك فقد أنبرى لذلك القعقاع بن عمرو وأخوه عاصم إلى أكبر فيلين وفقا أعينها بالرماح وقطعا خرطومها، فولى أكبر الفيلة هزيمة ووبث في نهر العتيق فتبعه بقية الفيلة وهي ترمي وتقتل من عليها وتبدد من وقف أمامها وهي هاربة حتى وصلت المدائن تاركة خلفها الألوف من الفرس وهم مقترنون بالسلال لمنعهم من الهرب.

استثمر المقاتلون العرب هذا الظرف القاسي الذي يعاني منه مشاة الفرس، واندفعوا نحوهم تقتيلاً وأسراً، ونصرالله جنوده في العرب المسلمين نصراً مبيناً.

سابعاً: خصائص إدارة الحرب في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.

لقد تميزت إدارة الحرب في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. بمجموعة من الخصائص من أبرزها.

1- المركزية القوية في القيادة ، بحيث كان عمر يتدخل في تعيين قادة العمليات وفي تحديد المهام الإستراتيجية والواجبات، غير أنه كان يترك لقادته حرية العمل في إطار الواجب المحدد لاختيار أساليب العمليات والأساليب التعبوية - التكتيكية .

2- تحقيق التوازن على مسارح العمليات بفضل الإحتياطات الإستراتيجية وقوات التدخل السريع من صنف الفرسان

3- تنسيق التعاون بين الجبهات والقوات على الجبهة الواحدة.

4- الإهتمام ببناء المجتمع العربي الإسلامي في الأقطار التي يتم فتحها واكتساب قدرتها لتكون رفداً ودعماً لقوة العرب المسلمين .

5- الحرص على العنصر العربي الإسلامي وحمايته مادياً ومعنوياً بإعتباره العنصر المكلف بحمل رسالة الإسلام والدفاع عنها وحمايتها.

ثامناً: فتح الأندلس ومعركة وادي لكة سنة 92هـ.

استمرت أعمال فتح العرب المسلمين للأندلس أربعة أعوام، ولكن الصراع المسلح كان محدوداً بإستثناء معركة وادي لكة عام92هـ ومعركة وادي السواقي 94.هـ

وباستثناء بعض المقاومات في المدن والأنتفاض والإرتداد، فإن أعمال الفتح كانت أشبه بالمسيرة، ولو أنها مسيرة شاقة ومضنية، بسبب صعوبة الأقاليم الجغرافية، علاوة صعوبة المناخ. الذي لم يعتاده العرب المسلمون، وطول خطوط المواصلات.
لقد مضت فترة ثمانين سنة تقريباً بين الإنطلاقة الأولى للفتوح وفتح العرب الأندلس، ونضج فن الحرب العربي الإسلامي خلال هذه الفترة وبدت ملامحه واضحة كل الوضوح.


وأول هذه الملامح هي تحقيق التوازن بين هدف الحرب وغاية السلم أما الظاهرة الثانية فهي حرص موسى بن نصير الذي فتح الأندلس على حماية القوات والإستناد دائماً الى قاعدة قوية وصلبة . وأظهرت عمليات فتح الأندلس الفارق المميز بين واجبات القيادة الاستراتيجية التي مثلها الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك وقيادة العمليات التي مثلها موسى بن نصير فقد كان واجب القيادة الإستراتيجية تحديد الهدف بدقة وتأمين متطلباته وترك الحرية لقائد العمليات حتى ينفذ الواجب بطرائقه وأساليبه وإمكاناته المتوفرة.

تعاقب على حكم الأندلس بعد الفتح عدد من الأمراء الحكام الذين بلغ عددهم تسعة عشراً أميراً، إلى أن جاء عبدالرحمن الداخل فأقام الحكم الأموي في الأندلس سنة 138هـ -755م. وعرف المسلمون خلال العهد الأموي بالأندلس مجداً وقوة وعلماً وعرفاناً لا زالت بقايا آثاره تشهد بعظمته إلى وقتنا الحاضر.


خاتمة

نستنتج مما سبق أن العرب المسلمين أول من استعمل الحرب المتحركة وأول من سخر الليل للأعمال القتالية وأول من إستخدم الكمين وأول من أبوع الركاب كما أنهم أعظم من طبق أكبر مناورة وأسرعها بين جبهتين مشتعلتين بالحرب بوقف واحد في اليرموك والقادسية وقد فتحوا خلال العهد الراشدي والأموي زهاء (27) مليون كيلومتر مربع، ودخل الناس في البلاد المفتوحة من قبلهم في دين الله أفواجاً.

مصادر ومراجع:
- العماد. د. مصطفى طلاس- كتاب الإستراتيجية السياسية العسكرية الجزء الثاني، ط - 1991م، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، سورية. ص 541-552.
- العماد حسن توركماني- كتاب الحرب وفن الحرب ط، 2006م، دار النشر الأولى للتوزيع والنشر، دمشق، سورية.ص 84-90
- الشيخ السيد سابق كتاب (فقة السنة) المجلد الثاني ، الجزء العاشر، دار الكتاب العربي بيروت- لبنان عام 1973م، الطبعة الثانية. ص618-628
الشيخ خفي الرحمن المباركفوري كتاب الرحيق المختوم - بحث في السيرة النبوية الطبعة الرابعة 1994م ، دار الذخائر، الدمام المملكة العربية السعودية.
ص 215- 225.
- العلامة ابن خلدون - كتاب مقدمة ابن خلدون الطبعة الرابعة، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان ص 270-279.
- محمد فؤاد عبدالباقي كتاب مفتاح كنوز السنة عام 1971م، سهيل أكاديمي لاهور، باكستان، وضعه بالانجليزي الدكتور أ.ي فننسك الهولندي ص 129-135.
- المقدم المضلي بسام العسلي كتاب الموسوعة العسكرية الجزء الأول ط عام1977م .
- المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت- لبنان ص 66/796-799.
- العميد (م) إبراهيم إسماعيل كاخيا كتاب القدوات النبوية المطهرة من وجهة نظر فن الحر حسان - عام 1993م، سورية، دمشق ص 3-5.

 

 


   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع