مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2404 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح التــاريخ العسكــري و القيادة > قسم المعارك والغزوات والفتوحات الإسلامية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


معركة حطين

قسم المعارك والغزوات والفتوحات الإسلامية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 03-07-09, 06:38 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي معركة حطين



 

معركة حطين

يعتقد بعض الناس أن معركة حطين نهاية الفرنج في المنطقة ، والحقيقة أنها بداية النهاية ، إذ استمرت الحروب بعدها قرابة القرن انتهت أخيراً باقتلاع الممالك الإفرنجية من ساحل الشام وفلسطين ، فحطين لم تحطم ممالك الفرنج ولم تقض عليها نهائياً ، بل أسست بداية جديدة لموازين القوى ، وأكدت أن قوة الفرنج يمكن أن تقهر ، فقد كانت معركة فاصلة بين حدين ، أي أنها ختمت مرحلة التراجع والهزائم وأسست مرحلة الانتصارات والتقدم .

لقد بدأ صلاح الدين بداية حكمه مصر عام 564 هـ ، وأول مواجهة جدية كانت له مع الصليبيين هي حطين وذلك عام 583هـ ، وبين هذين التاريخين مناوشات محدودة مع الصليبيين ، فصلاح الدين لم يستل سيفه منذ اليوم الأول وبدأ هجومه المعاكس على الممالك الإفرنجية بل أخذ وقته في الإعداد والتنظيم والدراسة والمراقبة وتفحص مواقع القوة والضعف .

بدأ فيها تثبيت الأوضاع في مصر ، وأسقط فيها الدولة الفاطمية فيها ، وأقام الخطبة والحكم للخلافة العباسية ، فلما توفي نور الدين سنة 568هـ بدأ صلاح الدين ببلاد الشام ليضمها تحت إمرته ففتح دمشق وحمص وحلب وحماة وحلب وغيرها ، وفتح اليمن ، وأمن الطريق للحجاج إلى مكة والمدينة ، وأسقط المكوس ، ونشر العدل ، وأعد الجيوش ، حتى كانت المعركة الفاصلة في حطين ، فماذا جرى في حطين ؟
قال ابن كثير : ( برز السلطان من دمشق يوم السبت مستهل محرم في جيشه ، فسار إلى رأس الماء فنزل ولده الأفضل هناك في طائفة من الجيش ، وتقدم السلطان ببقية الجيش إلى بصرى فخيم على قصر أبي سلام ، ينتظر قدوم الحجاج ليسلموا من معرة برنس الكرك ، فلما جاز الحجيج سالمين سار السلطان فنزل على الكرك وقطع ما حوله من الأشجار ، ورعى الزرع وأكلوا الثمار ، وجاءت العساكر المصرية وتوافت الجيوش المشرقية ، فنزلوا عند السلطان على رأس الماء ، وبعث الأفضل سرية نحو بلاد الفرنج فقتلت وغنمت وسلمت ورجعت ، فبشر بمقدمات الفتح والنصر .

وجاء السلطان بجحافله فالتفت عليه جميع العساكر ، فرتب الجيوش وسار قاصداً بلاد الساحل ، وكان جملة من معه من المقاتلة اثني عشر ألفاً غير المتطوعة ، فتسامعت الفرنج بقدومه فاجتمعوا كلهم وتصالحوا فيما بينهم ، وصالح قومس طرابلس وبرنس الكرك الفاجر ، وجاءوا بحدهم وحديدهم ، واستصحبوا معهم صليب الصلبوت يحمله منهم عباد الطاغوت وضلال الناسوت ، في خلق لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل ، يقال :كانوا خمسين ألفاً ، وقيل : ثلاثاً وستين ألفاً ، وقد خوفهم صاحب طرابلس من المسلمين فاعترض عليه البرنس صاحب الكرك ، فقال له : لا أشك أنك تحب المسلمين وتخوفنا كثرتهم ، وسترى غب ما أقول لك ، فتقدموا نحو المسلمين .

وأقبل السلطان ففتح طبرية و تقوى بما فيها من الأطعمة والأمتعة وغير ذلك ، وتحصنت منه القلعة فلم يعبأ بها ، وحاز البحيرة في حوزته ومنع الله الكفرة أن يصلوا منها إلى قطرة ، حتى صاروا في عطش عظيم ، فبرز السلطان إلى سطح الجبل الغربي من طبرية عند قرية يقال لها حطين ، التي يقال إن فيها قبر شعيب عليه الصلاة والسلام ، وجاء العدو المخذول ، وكان فيهم صاحب عكا وكفر نكا وصاحب الناصرة وصاحب صور وغير ذلك من جميع ملوكهم ، فتواجه الفريقان وتقابل الجيشان ، وأسفر وجه الإيمان واغبر وأقتم وأظلم وجه الكفر والطغيان ، ودائرة دائرة السوء على عبدة الصلبان ، وذلك عشية يوم الجمعة ، فبات الناس على مصافهم .

وأصبح صباح يوم السبت الذي كان يوماً عسيراً على أهل الأحد وذلك لخمس بقين من ربيع الآخر ، فطلعت الشمس على وجوه الفرنج واشتد الحر وقوي بهم العطش ، وكان تحت أقدام خيولهم حشيش قد صار هشيماً ، وكان ذلك عليهم مشؤوماً ، فأمر السلطان النفاطة أن يرموه بالنفط ، فرموه فتأجج ناراً تحت سنابك خيولهم ، فاجتمع عليهم حر الشمس وحر العطش وحر النار وحر السلاح وحر رشق النبال ، وتبارز الشجعان ، ثم أمر السلطان بالتكبير والحمل الصادقة فحملوا وكان النصر من الله عز وجل ، فمنحهم الله أكتافهم فقتل منهم ثلاثون ألفاً في ذلك اليوم ، وأسر ثلاثون ألفاً من شجعانهم وفرسانهم ، وكان في جملة من أسر جميع ملوكهم سوى قومس طرابلس فإنه انهزم في أول المعركة ، واستلبهم السلطان صليبهم الأعظم ، وهو الذي يزعمون أنه صلب عليه المصلوب ، وقد غلفوه بالذهب واللآلئ والجواهر النفيسة ، ولم يسمع بمثل هذا اليوم في عز الإسلام وأهله ، ودمغ الباطل وأهله ، حتى ذكر أن بعض الفلاحين رآه بعضهم يقود نيفاً وثلاثين أسيراً من الفرنج ، وقد ربطهم بطنب خيمة ، وباع بعضهم أسيراً بنعل ليلبسها في رجله ، وجرت أمور لم يسمع بمثلها إلا في زمن الصحابة والتابعين ، فلله الحمد دائماً كثيراً طيباً مباركاً ).

هذا وقد كان البرنس أرناط البيزنطي صاحب الكرك كان قد نذر أنه إن ظفر به قتله ، وذلك أنه كان عبر به قافلة راجعة من الديار المصرية في حالة الصلح بينه وبين المسلمين ، فنزلوا عنده بالأمان فغدر بهم وقتلهم ، فناشدوه الله والصلح الذي بينه وبين المسلمين فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال : قولوا لمحمدكم يخلصكم ، وبلغ السلطان فحمله الدين والحمية على أنه نذر إن ظفر به قتله .

قال ابن كثير : ( فلما تمت هذه الوقعة ووضعت الحرب أوزارها أمر السلطان بضرب مخيم عظيم ، وجلس فيه على سرير المملكة وعن يمينه أسرة وعن يساره مثلها ، وجيء بالأسارى تتهادى بقيودها ، فأمر بضرب أعناق جماعة من مقدمي الداوية – الداوية :فرقة دينية عسكرية شديدة البأس – صبراً ، ولم يترك أحداً منهم ممن كان يذكر الناس عنه شراً .

ثم جيء بملوكهم فأجلسوا عن يمينه ويساره على مراتبهم ، فأجلس ملكهم الكبير عن يمينه ، وأجلس أرناط برنس الكرك وبقيتهم عن شماله ، ثم جيء إلى السلطان بشراب من الجلاب مثلوجاً ، فشرب ثم ناول الملك فشرب ، ثم ناول أرناط صاحب الكرك فغضب السلطان وقال له : إنما ناولتك ولم آذن لك أن تسقيه ، هذا لا عهد له عندي ، ثم تحول السلطان إلى خيمة داخل تلك الخيمة واستدعى بأرناط صاحب الكرك ، فلما أوقف بين يديه قام إليه بالسيف ودعاه إلى الإسلام فامتنع ، فقال له : نعم أنا أنوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانتصار لأمته ، ثم قتله وأرسل برأسه إلى الملوك وهم في الخيمة ، وقال : إن هذا تعرض لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قتل السلطان جميع من كان من الأسارى من الداوية والاسبتارية – الاسبتارية كالداوية :فرقة دينية عسكرية شديدة البأس – صبراً وأراح المسلمين من هذين الجنسين الخبيثين .
ولم يسلم ممن عرض عليه الإسلام إلا القليل ، فيقال إنه بلغت القتلى ثلاثين ألفاً ، والأسارى كذلك كانوا ثلاثين ألفاً ، وكان جملة جيشهم ثلاثة وستين ألفاً ، وكان من سلم مع قلتهم وهرب أكثرهم جرحى فماتوا ببلادهم ، وممن مات كذلك قومس طرابلس ، فإنه انهزم جريحاً فمات بها بعد مرجعه ، ثم أرسل السلطان برؤوس أعيان الفرنج ومن لم يقتل من رؤوسهم ، وبصليب الصلبوت إلى دمشق ليودعوا في قلعتها ، فدخل بالصليب منكوساً وكان يوماً مشهوداً .

ثم سار السلطان إلى قلعة طبريا فأخذها ، ثم سار السلطان إلى حطين فزار قبر شعيب ، ثم ارتفع منه إلى إقليم الأردن ، فقسم تلك البلاد كلها ، ثم سار إلى عكا ، فنزل عليها يوم الأربعاء سلخ ربيع الآخر ، فافتتحها صلحاً يوم الجمعة ، وأخذ ما كان بها من حواصل الملوك وأموالهم وذخائرهم ومتاجر وغيرها ، واستنقذ من كان بها من أسرى المسلمين ، فوجد فيها أربعة آلاف أسير ، وأمر بإقامة الجمعة بها ، وكانت أول جمعة أقيمت بالساحل بعد أخذه الفرنج نحواً من سبعين سنة ، ثم سار منها إلى صيدا وبيروت وتلك النواحي من السواحل يأخذها بلداً بلداً ، لخلوها من المقاتلة والملوك ، ثم رجع سائراً نحو غزة وعسقلان ونابلس وبيسان وأراضي الغور، فملك ذلك كله ، وكان من جملة ما افتتحه السلطان في هذه المدة القريبة خمسين بلداً كباراً كل بلد له مقاتلة وقلعة ومنعة ، وغنم الجيش والمسلمون من هذه الأماكن شيئاً كثيراً ، وسبوا خلقاً .

وذكر محمد بن القادسي أنه ورد كتاب إلى بغداد في وصف هذه الوقعة فيه : ( .. واستغنى عسكر الإسلام من الأسرى والأموال والغنائم بحيث لا يقدر أحد يصف ذلك ، وما سلم من عسكر الفرنج سوى قمّص طرابلس مع أربعة نفر ، وهو مجروح ثلاث جراحات – مات بعدها بقليل – وأخذ جميع أمراء الفرنج ، وكم قد سبي من النساء والأطفال ، يباع الرجل وزوجته وأولاده ثلاث بين وابنتان بثمانين ديناراً .. وأخذ من البقر والغنم والخيل والبغال مالم يجيء من يشتريها من كثرة السبي والغنائم).




 

 


 

الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 28-10-21, 08:26 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

القائد صلاح الدين وتحرير بيت المقدس
28/10/2021

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
حرص صلاح الدين على أن يسبق مسيره إلى بيت المقدس حملةٌ إعلاميةٌ إلى كافَّة أطراف العالم الإسلامي بقصد استنفار المسلمين للجهاد، الأمر الذي ثارت معه عزائم المسلمين.. (مواقع التواصل الإجتماعي)


تعتبر "حطين" معركةً حاسمةً في تاريخ الحرب الإسلامية الصَّليبية؛ إذ فقدت مملكة بيت المقدس قوَّاتها العسكرية الرئيسية في هذه المعركة، كما تمَّ تدمير أكبر جيش صليبي أمكن جمعه منذ قيام الكيان الصَّليبي، وأضحى صلاح الدين القائد المنتصر في هذه المعركة على الصَّليبيين صاحب السيادة على العالم الإسلامي بأسره (ياسين سويد، حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي، ص 94).. وبعد حطين لم يعد للصليبيين في المملكة المقدَّسة خصوصاً قوة يتباهون بها، لذا ما إن استسلمت عسقلان، وغزَّة لصلاح الدين في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، حتى قرَّر صلاح الدين أن ينطلق بجيشه الذي أعاد جمعه من كلِّ المنطقة جنوب فلسطين؛ حيث كان قد نشره منذ سنوات؛ ليستكمل توحيد بلاد الشام، وما إن اتَّجه بهذا الجيش شمالاً نحو القدس لفتحها عنوةً وبالسَّيف؛ حتى بدأت مدينة القدس تستعدُّ لمقارعة القائد المسلم؛ الذي جاء يتحدَّى مناعتها، وجبروتها بعد 88 عاماً من احتلال الصَّليبيين لها.


خطَّة صلاح الدين العسكرية

الخطوات التي سبقت فتح القدس
تجلَّت مقدرة صلاح الدين الحربية في تلك الخطَّة العسكرية؛ التي اتَّبعها في جهاده ضدَّ الصليبيين؛ لاسترداد بيت المقدس، وقامت تلك الخطَّة على تكوين جبهة إسلامية موحَّدةٍ، تضمُّ مصر، وبلاد الشام، وأجزاء من العراق، ثمَّ منازلة الصَّليبيين في عقر دارهم، وإنزال ضربةٍ قويةٍ بهم، كما حدث في معركة حطِّين. وتلا ذلك مسيره إلى مدن السَّاحل الشامي لإضعاف الصليبيين مادياً، ومعنوياً. ولو اتَّجه صلاح الدين عقب انتصاره في حطِّين إلى بيت المقدس؛ لتمكَّن من دخوله بدون عناء، إلا أنَّ استيلاءه على بيت المقدس قبل السيطرة على مدن السَّاحل لن يضمن له الاستقرار التام في بيت المقدس؛ إذ كان من المتوقع قيام الغرب الأوروبي بإرسال الجيوش الصليبية إلى موانئ الشام، ومجيء فرسانه زرافاتٍ، ووحدانا، والدُّخول مع صلاح الدين في معارك حامية لاسترداد بيت المقدس؛ الذي فيه كنيسة القيامة؛ لاعتقادهم الباطل كما يقول العماد الأصفهاني: إنَّ فيها صلب المسيح، وقُرِّب الذبيح، وتجسَّد اللاهوت، وتألَّه الناسوت، وقام الصليب.


البعد الإعلامي
كانت تلك الحشود العسكرية الإسلاميَّة قد شاركت صلاح الدِّين في معركة حطين، واستغلَّ صلاح الدين وجودها في الشام قبل عودتها إلى إقطاعاتها في السَّيطرة على مدن، وموانئ السَّاحل، وحرص صلاح الدين على أن يسبق مسيره إلى بيت المقدس حملةٌ إعلاميةٌ إلى كافَّة أطراف العالم الإسلامي بقصد استنفار المسلمين للجهاد، الأمر الذي ثارت معه عزائم المسلمين بالعزم على الجهاد، والاشتراك في تطهير تلك البقعة المقدَّسة أولى القبلتين، وثالث الحرمين، ومسرى محمد (أحمد شامي، صلاح الدين والصليبيون، ص 209).


استدعاء القوات المصرية
ومن ناحيةٍ أخرى، فقد استدعى صلاح الدين القوات المصرية أثناء قيامه بالاستيلاء على السَّاحل لمساعدته في الاستيلاء على المدن، والقلاع الجنوبية، واجتمع بابنه الملك العزيز عثمان في عسقلان، فقرَّت به عينه، واعتضد بعضده.


الحصار والقتال
كان الصليبيون قد بدؤوا القتال قبل تمركز جيش المسلمين حول أسوار المدينة، وذلك عندما تقدَّمت مفرزةٌ من طليعة الجيش الإسلامي نحو الأسوار بقيادة الأمير جمال الدين شروين بن حسن الرازي، فخرجت إليها مفرزةٌ من حامية المدينة، فقاتلتها، وهزمتها، وقتلت أميرها (أبو شامة المقدسي، كتاب الروضتين، 2/92).


الهجوم الحاسم
قرَّر صلاح الدين أن يشنَّ هجوماً حاسماً على المدينة، وكثَّف رمايات المجانيق، مغطياً تقدُّم المهاجمين بحجارتها، وسيل من السِّهام، والنبال يطلقها الرُّماة نحو المدافعين عن السُّور، والحصون؛ لكي تشلَّ مقاومتهم ممَّا جعل أولئك المدافعين يتراجعون عن مراكزهم، بينما تقدَّم المسلمون، واجتازوا الخندق الخارجي المحفور حول السُّور، ثم التصقوا به وعملوا به نقباً، وتهديماً، واشتد قصف المجانيق، وتوالى رمى السِّهام، والنبال من الرُّماة المتقدِّمين خلف المهاجمين يحمونهم، ونجح المهاجمون في فتح ثغرات عديدة في السُّور؛ الذي أوشك أن يصبح ملكاً للمهاجمين، وفي وقت ما من تاريخ 29 سبتمبر/أيلول 1187 استطاع المهاجمون فتح "ثغرةٍ كبيرة" في السُّور نفذ منها المسلمون، ورفعوا راياتهم عليه، إلا أنَّ المدافعين ما لبثوا أن احتشدوا، وردوا المسلمين عن السُّور، ورغم ذلك فقد أيقن المدافعون أن لا جدوى من دفاعهم، وأنَّهم مشرفون على الهلاك، بل إنَّهم هالكون حتماً؛ إن هم استمروا في عنادهم، وتزاحم الناس في الكنائس للصَّلاة، والاعتراف بذنوبهم، وأخذوا يضربون أنفسهم بالحجارة، ويرجون المدد، والرَّحمة من الله، وقطعت النِّساء شعور بناتهنَّ على أمل استثارة الرِّجال لحمايتهنَّ من سبي المسلمين لهنَّ (يوسف النبهاني، مفرج الكروب، 2/213).

دخول صلاح الدين بيت المقدس

تمَّ الاتفاق بين صلاح الدين، وباليان، على تسليم المدينة وفقاً للشروط التي ذكرناها، ودخلها صلاح الدين يوم الجمعة في 27 رجب 583 هـ وذلك بعد أن أعطى بالباب الأوامر لحاميتها بإلقاء السِّلاح، والاستسلام لجند المسلمين، وكان يوماً مشهوداً ورفعت الأعلام الإسلاميَّة على أسوار المدينة المقدَّسة. وقد استمرَّ حصار صلاح الدين للمدينة 12. وبسقوط القدس انهارت أمام صلاح الدين معظم المدن، والمواقع التي كانت لا تزال تحت سيطرة الصَّليبيين في معظم أنحاء بلاد الشام، ودخل صلاح الدين القدس في 27 رجب وكانت ليلة الإسراء، فأمر بأن يوضع على كلِّ بابٍ من أبواب المدينة أمير من أمراء الجيش لكي يتسلَّم الفدية من الصليبيين الخارجين من المدينة، ويحتسبها. وكان في المدينة 60 ألف رجل ما بين فارس، وراجل، سوى من يتبعهم من النِّساء، والولدان (ياسين سويد، حروب القدس في التاريخ الإسلامي، ص 106).
ويستطرد ابن الأثير: ولا يعجب السَّامع من ذلك، فإنَّ البلد كبير، واجتمع إليه من تلك النواحي من عسقلان، وغيرها، والداروم، ورملة، وغزة، وغيرها من القرى، بحيث امتلأت الطرق، والكنائس، وكان الإنسان لا يقدر أن يمشي.
وأمَّا صلاح الدين؛ فإنه بعد أن استقرَّ له الحكم في المدينة المقدَّسة؛ أمر بإعادتها إلى ما كانت عليه قبل احتلالها من الصليبيين، وكان هؤلاء قد أقدموا على تغيير الكثير من المعالم الإسلاميَّة للمدينة، فزرعوا صليباً كبيراً مذهباً على رأس قبَّة الصخرة، وأمر صلاح الدين بكشفها، وكان فرسان الدَّاوية قد بنوا مباني لهم غرب المسجد الأقصى لكي يسكنوها، وأنشؤوا فيها "هُري، ومستراح، وغير ذلك" وأدخلوا قسماً من هذا المسجد في أبنيتهم، فأمر صلاح الدين بإعادة الأبنية إلى حالها القديم، كما أمر بتطهير المسجد، والصخرة من الأقذار، والأنجاس، ثمَّ عين إماماً للمسجد الأقصى، وأقام فيه منبراً، ومحا ما كان فيه وفي الأبنية المجاورة من صور كان الصليبيون قد وضعوها أو رسموها، وأعاد المسيحيين الوطنيين من أهل القدس إلى مساكنهم، كما سمح لهم بشراء ما أراد الفرنج بيعه من ممتلكات، ومتاع، وأموال (ياسين سويد، حروب القدس في التاريخ الإسلامي، ص 108).
لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من المسلمين: ووفى صلاح الدين بوعده، فسمح لمن دفع القطيعة بالخروج، وكان قد رتَّب على كل باب أميراً مقدماً كبيراً بحصر الخارجين، فمن دفع الفدية؛ فقد خرج. وبالرَّغم من تلك القطيعة الزهيدة التي فرضها صلاح الدين مقابل خروجهم من بيت المقدس، وتأمين وصولهم إلى مأمنهم، فإنَّ كثرةً كثيرة منهم لم يستطع دفعه فداءً لنفسه، وأصبح بعد مضي 40 يوماً أسيراً في أيدي المسلمين، ولم يسهم أحدٌ من أغنياء الصَّليبيين في فداء فقرائهم، فقد خرج البطريرك هرقل من بيت المقدس بخزائنه الضَّخمة دون النظر إلى غيره. (عبد الله الغامدي، صلاح الدين والصليبيون، ص 216). ويبدو أنَّ ذلك كان سبب انعدام الروابط الأسرية، وغيرها بين الصليبيين في ذلك الوقت، فالأسرى كانوا خليطاً من أجناسٍ، وشعوبٍ أوروبيَّة متباينة، وأجناد الغرباء المأجورين الذين رغبوا في السَّفر إلى الشرق تخلصاً من رقِّ الأرض السائد وقتذاك في المجتمع الأوروبي (نظير سعداوي، جيش مصر، ص 69).

والخلاصة أن ذلك الموقف المخزي من كبار الصَّليبيين، وتلك الشَّهامة، وذلك التسامح من صلاح الدين قد أجبر الكاتب الإنجليزي "لين بول" على إبداء إعجابه بصلاح الدين؛ حيث قال بعد أن تهجَّم على البطريرك: إنَّها كانت فرصةً للملك المسلم أن يعلِّم المسيحيين معنى التسامح (صلاح الدين والصليبيون، ص 216). وقد برهن صلاح الدين، وغيره من أمراء المسلمين، عن تلك الشهامة والتسامح عندما أصبح آلاف المدنيين الصَّليبيين الذين عجزوا عن دفع الفدية المقرَّرة أسرى في يد صلاح الدين، فطلب الملك العادل إلى أخيه السُّلطان صلاح الدين أن يهب له ألفاً من أولئك الصليبيين الفقراء؛ ليطلق سراحهم لوجه الله، وأجابه صلاح الدين إلى ذلك، وحرَّك ذلك العمل الإنساني الذي قام به الملك العادل مشاعر البطريرك، وباليان، فتقدَّما إلى صلاح الدين، وطلبا منه مثل ذلك، فأعطاهما صلاح الدين ما طلباه، وأطلق سراحهم.
ثم تقدم صلاح الدين، وأمر حراسه بالمناداة في شوارع بيت المقدس، بأنه سوف يطلق سراح من لم يستطع دفع الفدية من الصليبيين لكبر سنه، وأنَّ على هذه الطائفة أن تتقدَّم من الباب الخلفي للمدينة، ويسمح لها بالخروج من طلوع الشمس إلى اللَّيل. وما إن صدر ذلك الإعلان حتى توافد الصَّليبيون على ذلك الباب بأعدادٍ لا تحصى (صلاح الدين والصليبيون، ص 216). وطلب أمير البيرة إطلاق سراح زهاء 500 أرمني، وذكر لصلاح الدِّين: أنهم من بلده، وأن قدومهم إلى بيت المقدس كان من أجل العبادة هناك، كما طلب أيضاً الأمير مظفر الدِّين علي كوجك إطلاق سراح زهاء ألف أرمني ادَّعى: أنهم من الرُّها، فأجابهم صلاح الدين إلى ذلك، وأطلق سراحهم (مفرج الكروب، 2/215). ولم يقتصر ذلك التسامح من المسلمين على ما قام به صلاح الدين، وأخوه الملك العادل، وكبار الأمراء المسلمين؛ بل تعدَّى ذلك إلى عامَّة المسلمين.

والواقع: أن صلاح الدين قد أبدى من التسامح، وكرم الأخلاق، تجاه أسرى الصَّليبيين في بيت المقدس الشيء الكثير، وبلغ من كرم، وشهامة صلاح الدين ما قام به تجاه زوجات، وبنات الفرسان الصَّليبيين؛ الذين قتلوا، وأسروا أثناء معاركهم مع صلاح الدين، فقد تجمَّعن أمام صلاح الدين يبكين، فسأل عن حالهنَّ، وما يطلبن، فقيل له إنهنَّ يطلبن الرَّحمة. فعطف عليهن صلاح الدين، وسمح لمن كان زوجها على قيد الحياة بأن تتعرَّف عليه، وأطلق سراحه، وسمح لهم بالذهاب حيث يريدون، أما النساء والبنات اللاتي مات أزواجهن، وآباؤهنَّ؛ فقد أمر صلاح الدين بأن يصرف لهنَّ من خزانته الخاصَّة ما يناسب عيشتهن، ومركزهن، وأعطاهنَّ حتى ابتهلت ألسنتهنَّ بالدُّعاء له.
لقد بَهَر صلاح الدين بأخلاقه الإسلامية ملوكَ الغرب، وقوَّادهم، حيث كانوا يقودون جحافل جيوشهم في الشام، حتى أنَّ الفرنسيين كانوا يقولون: إنَّ دماءه دماءٌ فرنسية، والألمان، والإنجليز، والإيطاليون كلُّهم كانوا ينسجون قصصاً رائعةً عن أخلاق صلاح الدين، ويتحدَّثون عنها في قراهم، ومدنهم، ومسرحياتهم (منير غندور، الوجيز في الشام أرض الأنبياء ومهد الأصفياء، ص 61). لقد كان صلاح الدين فعلاً رجلاً إسلامياً بكلِّ معنى الكلمة مقتدياً بالرَّسول محمد صلى الله عليه وسلم في عفوه، وحلمه، وسماحته. ولقد قال عنه أحد المؤرخين الأوروبيين: سيظلُّ في الذاكرة: أنَّ الزمان الدَّمويَّ، والقاسي مثل ذاك الزَّمان لم يتمكن من إفساد إنسانٍ ذي سلطةٍ عظيمةٍ، إنَّه صلاح الدين (الوجيز في الشام أرض الأنبياء ومهد الأصفياء، ص 61).
وأكبر دليل على تقدير الإفرنج لهذه البطولة النادرة، والسَّماحة السَّمحة، اهتمام إمبراطور ألمانيا بزيارة مقبرة صلاح الدين عندما زار بلاد الشام سنة 1315 هـ/1899 م، وكانت معه الإمبراطورة، وقد خطب خطبةً أشاد فيها بصلاح الدين، وأرسلت الإمبراطورة إكليلاً من الزَّهر ليوضع على ضريح البطل العظيم.

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
د. علي الصلابي
مؤرخ، فقيه، ومفكر سياسي ليبي

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
معركة, حطين

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:34 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع