مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 7 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2404 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 63 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 60 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح القــوات البــريــة > قســـــــم الهندســـــــة العســـــكرية
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


خريطة أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط

قســـــــم الهندســـــــة العســـــكرية


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 11-11-09, 04:24 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي خريطة أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط



 

خريطة أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط
مأمون كيوان

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

جنود يحملون أسلحة كان موضوع انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل حملها إلى أهدافها الأبعد مدى يمثّل جانباً مهماً من التباحث حول مسألة الأمن في منطقة الشرق الأوسط منذ السبعينيات، على أقل تقدير. بعد ذلك، جاءت حرب الخليج في عام 1991م، لتضع هذه المخاوف في الصدارة، وخصوصاً بين المراقبين الغربيين، ثم عاد فعزز منها بقوة ذلك المناخ الذي أعقب أحداث 11 أيلول 2001م، وما تلاه من حديث عن (محور الشر)، ومن بعده الحرب التي شنّت على العراق في عام 2003م، على اعتبارها مسألة متعلقة باستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، وليس الأمن والسلم العالميين، و الأوضاع القائمة في المنطقة.
واليوم، تساهم عوامل أخرى عديدة في إبراز أهمية أسلحة الدمار الشامل والصواريخ بعيدة المدى في الأمن الشرق أوسطي، والعالمي أيضاً، ومن تلك العوامل:

أن وجود برامج معلنة أو سريّة، أو امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وبصفة خاصة السلاح النووي، لا يقتصر على إسرائيل وإيران فحسب، بل إن هناك قوى ودول كثيرة في الشرق الأوسط دخلت منذ زمن في سباق تسلّح في مجال أسلحة الدمار الشامل؛ فقد بدأت طموحات تركيا لتطوير برنامج للطاقة النووية في العام 1967م، وفي شهر تموز-يوليو عام 2006م، على سبيل المثال، أشار رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) إلى عرض يضمن تشغيل ثلاثة مصانع للطاقة النووية بحلول العام 2015م؛ وتشغّل (تركيا) حالياً مفاعلاً صغيراً للأبحاث النووية قدرته (5) ميغاواط حرارة في مركز (شكمجي) للأبحاث النووية، فضلاً عن ذلك، تأوي تركيا أسلحة نووية تابعة لحلف الناتو-الولايات المتحدة في قاعدة (إنجيرلك) الجوية بالقرب من (أضنة)، وتنتشر المنشآت النووية في تركيا في كل من:

أ مركز (شكمجي) للأبحاث النووية.
ب قاعدة (إنجيرلك) الجوية، حيث يوجد (90) سلاحاً نووياً للناتو من نوع القنابل المدفوعة بالجاذبية (بي 61)، والأسلحة الموجودة في الموقع تتميز بقدرة فعلية تتراوح بين (3،. و 170 كيلوطن)، وهي محفوظة في (25) سرداباً للتخزين، و (40) سلاحاً تحت الرعاية التركية، و (50) سلاحاً تحت الرعاية الأمريكية(1).

ولمصر قدرات تسلّح قديمة بأسلحة الدمار الشامل، وغالباً ما كانت مصر توصف بأنها اختارت السعي وراء القدرات الكيميائية (قنبلة الرجل الفقير)، كبديل عن المشاريع النووية الأعلى كلفة وأشد صعوبة، وقد كانت مصر تمتلك قدرات لتصنيع الأسلحة الكيميائية منذ عقود، وتعتبر قدرات مصر في الأسلحة الكيميائية من بين الأكثر تقدماً في المنطقة عند أخذها بمقياس الاعتماد على قدرة التصنيع الذاتي، ربما حتى من دون الاستعانة بمواد كيميائية أولية مستوردة. ومصر لها أيضاً قدرات في مجال الصواريخ بعيدة المدى تتمثل في صواريخ (سكود بي)، وربما (سكود سي)، أو أنواع أخرى، كتلك التي حصلت عليها من كوريا الشمالية(2).
وبشكل عام، لا تسعى سوريا وفقاً للتقديرات وراء حيازة القدرات النووية، على الرغم من امتلاكها لمفاعل تجريبي بنَته لها الصين، ولا يمتلك هذا البلد سوى مشروع بيولوجي بسيط حسبما تفيد التقارير، ولكن أوضاع قدرات سوريا العسكرية التقليدية على مدى العقد الماضي، جعل اهتمام سوريا ينصب على تقليل الفجوه التسليحية بينها وبين إسرائيل، وإن تظل التكاليف المادية لها دورها في هذا الاختيار.

لكن لسوريا برنامجاً واسعاً للأسلحة الكيميائية يعتمد في جوهره على استيراد المواد الأولية، ومن المتوقع أن تكرِّس سوريا في المستقبل موارد لا يُستهان بها من أجل تحسين قدراتها الكبيرة أصلاً في مجال الأسلحة الكيميائية، ولسوريا أيضاً ترسانة تتألف من عدة مئات من الصواريخ المتحركة من نوع (سكود بي) و (سكود سي) و (إس إس 21) روسية الصنع. وكوريا الشمالية، والصين، وإيران، وروسيا كلها بلدان تمدّ سوريا بالصواريخ بعيدة المدى وبتقنيات هذه الصواريخ، كما أن البلد نفسه يملك القدرة على إنتاجها محلياً(3).

وسوريا دولة موقعة على اتفاقية عدم الانتشار (NPT)، وقد طالبت بقوة وتكرار بإقامة منطقة خالية من كل أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وباعتراف الدوائر الرسمية الأمريكية، فإن سوريا لا تقوم بأية أبحاث تؤدي إلى إنتاج كميات من المواد الانشطارية، كما أنه لم يُسجّل عليها أية اتصالات لشراء مثل هذه المواد من الخارج، وتملك سوريا مفاعلاً صغيراً بقوة (30) كيلوواط مخصص للأبحاث العلمية، وهو غير قادر على الإنتاج من أجل صنع قنبلة نووية(4).

 

 


 

   

رد مع اقتباس

قديم 11-11-09, 04:25 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

الترسانة النووية الإسرائيلية

تستند القدرات الإسرائيلية في مجال أسلحة الدمار الشامل إلى قاعدة تقنية بدأت عملية تشكيلها منذ عام 1948م، وفي عام 1953م شكّلت لجنة الطاقة النووية. وعقدت إسرائيل في عام 1955م اتفاقاً مع الولايات المتحدة الأمريكية لبناء مفاعل (ناحال سوريك)، وهو مفاعل مُعدّ للأبحاث النووية بقوة خمسة ميغاواط، وخاضع لتفتيش وكالة الطاقة النووية في (فيينا). وكانت إسرائيل في عام 1954م تفاوض فرنسا سراً بشأن تعاون نووي أشمل، ونتج من تلك المفاوضات اتفاق لتزويد إسرائيل بمفاعل (ديمونا)، الذي بدأ تشغيله في أواخر عام 1963م، ولم يجر إخضاعه حتى الآن للتفتيش الدولي، وكانت قوة هذا المفاعل (24) ميغاواط، وهو ما كان يمكنه من إنتاج كميات من مادة البلوتونيوم تكفي لصنع رأس نووي واحد سنوياً، على أن معلومات أخرى أفادت أن قوة مفاعل (ديمونا) (40) ميغاواط، أي يمكنه من إنتاج كميات من مادة البلوتونيوم تكفي لصنع رأسين أو ثلاثة رؤوس نووية سنوياً، وفي عام 1974م، كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (cia) أن إسرائيل قادرة على تصنيع الرؤوس النووية، وفي عام 1986م أوضح (مردخاي فعنونو) الفني الإسرائيلي الذي كان يعمل في مفاعل (ديمونا) أن البرنامج العسكري النووي الإسرائيلي هو أشمل وأعقد مما كان يُعرف سابقاً، حيث بنيت المختبرات ومحطة فصل البلوتونيوم عن الشوائب، وبناء مركز التجميع في طبقات تحت الأرض(5).

وتتكون عناصر القوة النووية الإسرائيلية من الآتي:
1. الرؤوس النووية التي يتراوح عددها ما بين (55 200) قنبلة ذات رأس نووي، وتشير التقديرات أنها من أعيرة تتراوح ما بين كيلو طن إلى (20) كيلو طن، مع اختلاف النوعية (ذري هيدروجيني نيترون)، ويأتي هذا الخلاف ارتباطاً بالغموض الذي يحيط بالبرنامج النووي الإسرائيلي.

2. يتوافر لإسرائيل منظومة متكاملة من وسائل الإطلاق يمكن استخدامها لتوصيل السلاح النووي إلى أهدافه، مثل: طائرات القتال (إف 15)، و (إف 16)، و (الفانتوم 2000)، والصواريخ (أريحا) من طراز (2 ، 3)، والصواريخ القصيرة (لانس)، والتي يحمل كل منها رأساً نووياً عيار (1) كيلو طن، والمدفعية من عيار (203مم، و 155 مم).

وفيما يلي إبراز لقدرات المفاعلات النووية الإسرائيلية: مفاعل (ديمونا) تبلغ قدرته (150) ميغاواط، فيما تبلغ قدرة المفاعل (ناحال سوريك) (8) ميغاواط، وقدرة المفاعل (ريشون لتسيون) (10) ميغاواط، وقدرة المفاعل (التخنيون) (250) كيلوواط، وقدرة المفاعل (نبي رؤوبين) (5) ميغاواط(6).

وتنتشر القوة النووية الإسرائيلية في ثمانية مواقع هي:
1. (ديمونا): الذي يوجد فيه مختبرات لعزل البلوتونيوم.
2. (ناحال سوريك): الذي يضم مختبرات يجري فيها تخطيط الأسلحة النووية.
3. (بئر يعقوب): وهو موقع يتم فيه إنتاج صواريخ (أريحا 2) و (حيتس).
4. (الجناح 20): الواقع في موقع (يوديفات) التابع لشركة (رافائيل)، ويتم فيه تركيب القذائف النووية، بينما يتم في أقسام أخرى من الموقع إنتاج الصاروخ (بوباي).
5. (موقع عيلبون): الذي تحتفظ إسرائيل فيه بأسلحة نووية تكتيكية.
6. (كفار زخريا): حيث تخزّن فيه الصواريخ النووية في نحو (50) غرفة عسكرية.
7. (قاعدة البالمحيم): في جبال القدس التي جرت فيها أغلب تجارب إطلاق الصاروخ (أريحا).
8. (تل نوف): وهو قاعدة جوية توجد فيها طائرات (الفانتوم) (إف 16)، التي تمت ملاءمتها لحمل القذائف النووية(7).

وتشير مصادر أمريكية إلى تقديرات مختلفة حول القدرات النووية الإسرائيلية؛ ففي عام 1999م أكَّدت وثيقة سرية لوزارة الطاقة الأمريكية نشرتها نشرة (علماء الذرة)، عدد أيلول-سبتمبر تشرين-أكتوبر 1999م، أن إسرائيل تحتل المرتبة السادسة بين الدول النووية في العالم، إذ إنها تمتلك ما بين (300) كيلوجرام، و (500) كيلوجرام من اليورانيوم المخصب، مما يعني أنها قادرة على صنع (250) قنبلة ذرية على الأقل، فالقنبلة الواحدة تتطلب كيلو جرامين إلى أربعة كيلوجرامات من اليورانيوم المشع(8).

وكشفت مقالة نشرت على موقع الإنترنت التابع لمركز منع ترويج الأسلحة النووية التابع لسلاح الجو الأمريكي في عام 2002م أن لدى إسرائيل أكثر من (400) قطعة سلاح نووي، بعضها قنابل هيدروجينية. ويذكر كاتب المقالة وهو العقيد المتقاعد(نزهار) الذي شغل مناصب قيادية مختلفة في الجيش الأمريكي، وخدم في حرب فيتنام أن إسرائيل امتلكت عام 1967م نحو (15) قنبلة نووية، وما بين (15) إلى (20) قنبلة عام 1976م، و (200) قنبلة عام 1980م، وأكثر من (400) قطعة سلاح نووي وهيدروجيني في عام 1997م(9).

وفي هذا المجال، ذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية أن إسرائيل قد اختبرت صواريخ (كروز) القادرة على حمل رؤوس نووية انطلاقاً من غواصة قبالة سواحل (سيريلانكا) في شهر آيار-مايو 2000م، وأن صواريخ (كروز) أصابت أهدافاً على بعد حوالي (1500) كيلومتر، وبذلك تصبح إسرائيل ثالث دولة في العالم، بعد الولايات المتحدة وروسيا، قادرة على إطلاق صواريخ (كروز) نووية من الغواصات. وأعاد المراقبون العسكريون إلى الأذهان في ضوء هذا التطور أن إسرائيل تمتلك المقدرة على إنتاج الأسلحة النووية من عام 1966م، ويعتقد المراقبون الغربيون أن لديها الآن حوالي (20) قنبلة نووية، وتتضمن هذه القنابل رؤوساً حربية زنة مائتي كيلوجرام يحتوي كل منها على ستة كيلوجرامات من البلوتونيوم يمكن وضعها على صواريخ كروز(10).

وتفيد المعلومات أن إسرائيل تمتلك القنبلة النيترونية المسماة ب (القنبلة النظيفة) أو (الحضارية)، وهذه القنبلة الأصغر حجماً وتعقيداً من القنبلة النووية هي في الواقع قنبلة هيدروجينية صغيرة تزن بضع عشرات من الكيلوغرامات، وعلى الأكثر (200) كيلوجرام، وقد صممت بحيث تعمل على تحرير نيترونات على شكل جسيمات معتدلة الشحنة الكهربائية، وذات طاقة شديدة جداً، وتتسبب هذه النيترونات بقتل الأفراد في المنطقة التي يتم فيها إلقاء القنبلة النيترونية التي لمحدوديتها يطلق عليها اسم (القنبلة النظيفة)، وأيضاً لكونها لا تهدد بالخطر المناطق المحيطة عن طريق الإشعاعات. وبإمكان مقاتلي القوة العسكرية الذين يستخدمونها أن يدخلوا إلى المنطقة المعرّضة للإصابة ويسيطروا عليها، وقد زعم (صموئيل كوهين) وهو يهودي أمريكي صاحب فكرة إنتاج القنبلة النيترونية في مقابلة مع المجلة الأسبوعية التي تصدرها الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة الأمريكية: "إن من يبقى على قيد الحياة بعد الإصابة من جراء إسقاط القنبلة النيترونية من المحتمل أن يعاني فقط من القيء والإسهال والدوار والحرارة والحمى، وهذه الظواهر يعاني منها البشر نتيجة الأمراض العادية، وهذه الظواهر عابرة، وإن احتمال الإصابة بالسرطان في أعقاب إلقاء قنبلة النيترون هو في حدود دنيا تصل إلى إصابة واحدة بين كل ألف مصاب بتأثير القنبلة"(11).

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 11-11-09, 04:26 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

السياسة النووية الإسرائيلية

عُرفت استراتيجية إسرائيل النووية بسياسة الغموض النووي التي حققت أهدافها السياسية وفق المفهوم الإسرائيلي الذي يقوم على الردع وليس الهجوم، وفي الوقت نفسه حمت هذه السياسة إسرائيل من الضغوط الدولية لدفعها إلى الانضمام إلى المعاهدات الدولية لحظر الأسلحة النووية وانتشارها.

انطلقت من فرضية أساسية تقول إن امتلاك السلاح النووي يمنع العدو (العرب) من القضاء على إسرائيل حتى لو هزمت في معركة تقليدية. وفي السبعينيات والثمانينيات هدفت إسرائيل من وراء امتلاك السلاح النووي إلى تحقيق مسألتين أساسيتين، الأولى: دفع العرب إلى الاقتناع بأن إسرائيل قوة نووية كبيرة لا يمكن هزيمتها ولابد من التسليم بوجودها.

الثانية: مع هذا الاقتناع، لابد من قبول الخصم بالحل السلمي للصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي دفعه إلى طاولة المفاوضات. ويمكن تحديد الاستراتيجية النووية الإسرائيلية على النحو التالي:
اعتبار السلاح النووي من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها سياسة إسرائيل في فرض وجودها على الوطن العربي، وتحقيق أهدافها التوسعية والتطلع إلى إسرائيل الكبرى كدولة عظمى إقليمية مهيمنة على منطقة الشرق الأوسط بكاملها.

لم يعد السلاح النووي الملاذ الأخير لإسرائيل للدفاع عن كيانها ووجودها، بل أصبح في صلب الاستراتيجية السياسية والعسكرية للدول العربية، وأحد أهم وسائلها المتاحة.
تعتمد إسرائيل حالياً مبدأ الردع النووي باليقين، وذلك منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، بعد أن كانت سابقاً في مرحلة الردع النووي بالشكّ.
استخدام السلاح النووي الإسرائيلي ضمن مفهوم الإكراه غير التقليدي، لإلزام الجانب الآخر بقبول المطالب السياسية الإسرائيلية.

اعتماد مبدأ التهديد باستخدام السلاح النووي، للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لتأمين المصالح الإسرائيلية، السياسية والأمنية والعسكرية، وحتى الاقتصادية.
لن تُوقّع إسرائيل على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وفي الوقت نفسه تعمل مع أصدقائها على نزع أسلحة الدمار الشامل من كافة دول المنطقة، وعلى منع أي منها من امتلاك السلاح النووي(12).

البرنامج النووي الإيراني

تتنازع النظر إلى القدرات الإيرانية نظرتان: ترى إحداهما أن إيران على عتبة امتلاك السلاح النووي، استناداً إلى مجموعة من الممارسات، في حين ترى النظرة الأخرى أن إيران لا تملك القدرة على ذلك، وأن المسألة لا تعدو أن تكون مسألة اقتصادية، تدافعت حولها الظروف الداخلية والدولية لتصنع منها أزمة على درجة عالية من الخطورة.

1. التهويل في شأن القدرات النووية الإيرانية:

تستند هذه النظرة إلى القرائن التالية:
أ مغزى إخفاء المنشآت النووية الإيرانية، حيث إن إيران لم تعلن عن وجود منشآت نووية حيوية، وهو ما يُعدّ خرقاً للالتزامات القانونية بحسب ما نصّت عليه معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية التي وقّعتها إيران، وصادقت عليها الحكومة الإيرانية عام 1970م، وهاتان المنشأتان هما: (ناتانز) و (أصفهان)، وقد تم اكتشافهما عام 2003م(13).

ب محاولات الشراء، فقد حاولت إيران الحصول على كميات من اليورانيوم من جمهورية (كازاخستان) تكفي لصنع قنبلة نووية، في محاولة للاستفادة من حالة التفكك التي أصابت جمهوريات آسيا الوسطى عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، إلاّ أن الإدارة الأمريكية تدخلت لدى حكومة (كازاخستان) لعدم إبرام صفقات نووية مع إيران، وحاولت إيران أيضاً أن تشتري من جنوب أفريقيا مئات الأطنان من أكسيد اليورانيوم المشبّع (الكعك الأصفر)، بالإضافة إلى كمية صغيرة من اليورانيوم قليل التخصيب، في وقت مبكر من عام 1996م، إلاّ أن جنوب أفريقيا رفضت التجاوب مع هذه الطلبات الإيرانية(14).

ج الإصرار على تخصيب اليورانيوم، ويتم تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة طرد مركزي، ولكي يكون اليورانيوم قابلاً للتفاعل في مفاعل نووي، لابد من تخصيبه ليحتوي على (22%) من (اليورانيوم 235)، وذلك للاستخدام السلمي، أما اليورانيوم الداخل في صناعة الأسلحة، فلابد أن يحتوي على (90%) (يورانيوم 235) أو أكثر(15). وبحسب المعهد الأمريكي الدولي للعلوم والأمن الدولي، فإن منشأة من (1500) جهاز للطرد المركزي كافية لإنتاج كمية من اليورانيوم (العسكري) في سنة، تفوق ما هو ضروري لصنع قنبلة ذرية واحدة(16).

وقد أعلنت إيران في 11-4-2006م، أنها قد انضمت إلى مجموعة الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية، وأنها مصممة على الوصول إلى المستوى الصناعي لتخصيب اليورانيوم على أساس الضوابط الدولية، وأنها لا تحتاج إلى أسلحة دمار شامل. وكان قد تم الإعلان عن نجاح عملية التخصيب من (164) جهاز طرد مركزي في منشأة (ناتانز) النووية، وقال نائب رئيس الطاقة الذرية الإيرانية: "إن إيران ستسعى لوضع (54000) جهاز طرد مركزي موضع التطبيق، وأن إيران ستعتمد في القوة القادمة على أجهزة طرد مركزي فئة (ب 2)(17).

د تصريحات المسؤولين الإيرانيين: نسبت بعض التقارير لرئيس مجلس الشورى آنذاك (هاشمي رفسنجاني) في عام 1988م، قوله في لقاء مع قادة القوات المسلحة الإيرانية : "إن الحرب مع العراق قدمت لإيران دروساً هامة مؤداها أن القانون الدولي هو عبارة عن قصاصات من الورق فقط، وإن إيران يجب أن تسعى إلى امتلاك الأسلحة البيولوجية والكيميائية". وفي فترة لاحقة التقطت وسائل الإعلام الأمريكية والغربية تصريحاً منسوباً إلى نائب الرئيس الإيراني (آية الله مهاجراني) في 31-10-1991م، قال فيه: "إن امتلاك إسرائيل السلاح النووي يجعل من الضروري على الدول الإسلامية أن تتزود بالقدرات نفسها"(18).

ويرى كثيرون أن تصريحات الرئيس الإيراني (نجاد) التي أشار فيها إلى أن طهران تجري حالياً أبحاثاً على أجهزة الطرد المركزي (بي 2) تضاعف من قلق المفتشين الدوليين، وتثير المخاوف من أن البرنامج النووي الإيراني قد أصبح أكثر تطوّراً عما كان يعتقد من قبل؛ فتصريحات الرئيس الإيراني تفيد أنه في الوقت الذي بدأت فيه إيران تخصيب كميات محدودة من اليورانيوم، فإنها تبحث عن وسائل أكثر تطوراً وتعقيداً لإنتاج الوقود النووي، مما قد يسرِّع من عملية إنتاج وتطوير السلاح النووي، ومن ثم فإن هذه التصريحات بمثابة تعزيز لحالة الاشتباه القائمة منذ فترة طويلة بأن لدى إيران برنامجاً نووياً سريّاً يعتمد على أجهزة الطرد المركزي (بي 2)، خصوصاً وأن هذه الأجهزة قد لعبت دوراً مهماً في جهود باكستان لإنتاج سلاح نووي، وكشفت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية عن أن الحكومة الإيرانية قد كثّفت جهودها للحصول على تكنولوجيا أسلحة بشكل غير رسمي من الولايات المتحدة، ونقلت الصحيفة عن السلطات الأمنية الأمريكية تأكيداتها بأنه خلال العامين الماضيين صدّر تجار السلاح أو حاولوا تصدير طائرة مقاتلة تجريبية لإيران، بالإضافة إلى أجهزة تستخدم في قياس قوة الصلب الذي يدخل في تصنيع الأسلحة النووية(19).

ه اتباع الطريق الكلاسيكي في امتلاك السلاح النووي: حيث يتشابه المسعى الإيراني في المجال النووي إن لم يصل إلى حد التطابق مع كل المساعي التي اتبعتها الدول التي تخطّت العتبة النووية، وإن اختلفت الوسائل، فهناك قاسم مشترك بين برامج هذه الدول جميعاً هو عامل السريّة الذي فرضته هذه الدول جميعاً (الصين، والهند، وباكستان، وإسرائيل، وربما إيران)، حيث فرضت سريّة شديدة خلال الفترة الأولى، أو ما يُطلق عليها فترة الحمل النووي السرّي(20). ومن ناحية أخرى، استطاعت إيران الحصول على العشرات من أجهزة الطرد المركزي اللازمة لتخصيب اليورانيوم، وإعدادها لمرحلة تكون فيها صالحة للاستخدامين المدني والعسكري، وبدأت أقمار التجسس الاصطناعية ترصد يومياً أنشطة لمنشآت اعتبرتها نووية في أماكن متفرقة بطول البلاد وعرضها، ولم تحاول إيران إخفاء هذا النشاط، بل فتحت أبواب منشآتها النووية لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعندما أمدّت واشنطن الوكالة بمعلومات حول منشآت إيرانية عسكرية تدعي أن لها صلة بالبرنامج النووي الإيراني، لم ترض إيران بعمليات تفتيش عليها، بحجة أن ذلك يتضمن إفشاء لأسرار عسكرية إيرانية، وهذا الوضع الذي اتبعته إيران قريب مما قامت به إسرائيل التي ترى أن إيران تتبع النهج نفسه الذي سبق لها اتباعه(21).

 

 


   

رد مع اقتباس

قديم 11-11-09, 04:26 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي



 

2. التهوين من شأن القدرات النووية الإيرانية

يرى فريق من المراقبين ما يجري في إيران على الرغم من كل الضجة المثارة حول برنامج إيراني عسكري أن البرنامج النووي الإيراني هو كل تلك المنشآت القائمة فوق سطح الأرض، وأن الحديث عن منشآت أخرى تحت الأرض هو مجرد تخمينات وإشاعات، القصد منها إظهار إيران بأنها دولة مارقة خرجت على القانون والنظام الذي ارتضته ووقّعت عليه، وأقرّه برلمانها، وهو النظام الخاص بحظر انتشار الأسلحة النووية، وفي هذا السياق، يمكن رصد العلامات التالية:

أ الاندفاع في تصعيد الأزمة تحت تأثير الأزمات الداخلية: يرى البعض أن الرئيس الإيراني، ومجموعة من المتشددين حوله يرغبون في توظيف الأزمة القائمة إلى أقصى حدٍ ممكن، بحيث يتم تحميل الغرب المسؤولية عن جميع المشكلات الإيرانية الداخلية والخارجية على حدٍ سواء، خصوصاً وأنه قد جرى النظر إلى الرئيس (نجاد) باعتباره رئيساً مؤقتاً للجمهورية الإيرانية الإسلامية، وكان الرئيس الإيراني قد أطلق وعوداً كثيرة للفقراء خلال حملته الانتخابية بتحسين أوضاعهم، إلاّ أن سياسته التي ينظر إليها الكثيرون على أنها سياسة مندفعة، ويصل الأمر إلى حد تشبيهها بسياسة الرئيس العراقي (صدام حسين)، قد تسببت في هروب رؤوس أموال كثيرة للخارج، خشية أن تُقدم الولايات المتحدة على توجيه ضربة للبلاد، أو يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارات عقابية ضدها. وإذا ما لم ينفّذ الرئيس (نجاد) ما وعد به شعبه الذي أولاه ثقته، فسوف يكون الرئيس مجرد سياسي آخر في قائمة السياسيين الذين يطلقون الوعود ولا يستطيعون الوفاء بها(22).

ب افتقار إيران للأدوات والمواد: رغم أن التصريحات الإيرانية التي صدرت عن قادة إيران، وأفادت بسعيهم لوضع (54) ألف جهاز من أجهزة الطرد المركزي موضع التطبيق، الأمر الذي يشكّل زيادة كبيرة وتسريعاً عالياً في مسألة تخصيب اليورانيوم، فإن ذلك لن يغيّر شيئاً في التقدير الراهن المتعلق بالوقت الذي يمكن أن تكون فيه إيران قادرة على إنتاج سلاح نووي في حال ما إذا كان هذا هو هدفها النهائي من برنامجها النووي، فتقدير الولايات المتحدة لذلك مدة تتراوح من خمس إلى عشر سنوات، وقال بعض المحللين إن هذا يمكن أن يتحقق في فترة أبعد من ذلك (2020م). ويرى رئيس معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن وهي مؤسسة خاصة تراقب البرنامج النووي الإيراني إن الإيرانيين يبالغون في حجم برنامجهم، ووصف أعضاء من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية المزاعم الإيرانية بأنها ليست أكثر من موقف سياسي (أبله)، فمازال البرنامج النووي الإيراني في تقدير الخبراء النووين يفتقر إلى الأدوات والمعدات اللازمة التي يمكن أن تحوّل اليورانيوم إلى وقود غني بما فيه الكفاية لاستخدامه في مفاعلات نووية أو قنابل ذرية، وذلك قياساً على أن إيران قد استغرقت أكثر من عشرين عاماً من التخطيط وسبع سنوات من التجارب المتقطعة معظمها سري للوصول إلى قدرتها الحالية لربط (164) جهازاً من أجهزة الطرد المركزي، بما يسميه الخبراء عملية تراكمية، ومن ثم فإن على طهران الآن ألاّ تحقق نتائج راسخة على مدار الساعة خلال شهور وسنوات عدة فحسب، وإنما أيضاً بدرجات أعلى من الدقة والإنتاج الواسع، فالأمر يبدو كما لو أن إيران قد أتقنت آلة موسيقية صعبة، تواجه تحدّي إنتاج الآلاف منها، وتأسيس (أوركسترا) كبيرة تعزف دائماً بتوافق تام وتناغم شديد(23).

ج تقارير مسؤولي الوكالة الدولية: استفادت إيران من تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لنفي التقارير الأمريكية والغربية التي تتهمها بالعمل على امتلاك السلاح النووي، حيث سعت إيران إلى التأكيد من خلال عمليات التفتيش الدورية التي يقوم بها مفتشو الوكالة للمنشآت الإيرانية على عدم صحة الاتهامات الأمريكية والغربية، بينما أثار مسؤولو الوكالة من جانبهم أنه ليس هناك ما يثير الشكوك في البرنامج النووي الإيراني، وظلوا يؤكدون دائماً على أنه ليس هناك ما يدعو للاهتمام بشأن الاتهامات الموجهة لإيران بالعمل على امتلاك الأسلحة النووية(24).

إجمالاً، هناك عدة عوامل وراء الإصرار الإيراني على امتلاك القدرات النووية، لعل أبرزها: أن إيران تريد تعزيز مكانتها الإقليمية، والحفاظ على أمنها القومي، كما أن امتلاك إسرائيل ترسانة نووية ضخمة تقدر ما بين (150 200) رأس نووي، عامل آخر يدفع إيران إلى الاهتمام بالبرنامج النووي. ويذهب بعض الباحثين إلى أن الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج العربي يمثّل لدى إيران إزعاجاً ملحوظاً، فهو من وجهة نظرها يُعدّ عنصراً من عناصر عدم الاستقرار، وفوق هذا فهو يشكّل تهديداً خطيراً على الأمن القومي الإيراني.

وبوجه عام، فإن إيران يمكن النظر إليها كدولة على أعتاب القدرة النووية أو قريبة من ذلك.

أما قوة إيران الصاروخية، فإنها تضم صواريخ (سكود بي، و سي)، وكذلك صواريخ (سي أس أس 8) قصيرة المدى. ومن الملفت للاهتمام أن إيران تقوم بصناعة صواريخ (سكود) بنفسها. وقد أجري اختبار في عام 1998م على صاروخ (شهاب 3) متوسط المدى (1300) كيلومتر، ثم أُعيد الاختبار في عام 2000م، وهذه المنظومة تعتمد صاروخ (نودونغ) الكوري الشمالي كأساس وتواصل العمل عليه بمساعدة موسّعة من روسيا والصين.

وتشير التقارير إلى أن إيران تسعى لتطوير صواريخ أبعد مدى (شهاب 4)، و (شهاب 5) التي قد تشمل صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على الوصول إلى أمريكا الشمالية، وحتى على الأمد القريب، فإن نشر صواريخ على غرار (تايبودونغ 1) البالغ مداه (2000) كيلومتر، أو (تايبودونغ 2) البالغ مداه ( 5000 6000 5000 6000 ) كيلومتر، سوف يتيح لإيران إصابة أهداف في أوروبا وأوراسيا. وقد استخدمت صواريخ سكود الإيرانية بشكل واسع في الحرب مع العراق، وأن السعي وراء الصواريخ بعيدة المدى الأكثر فعالية عند أخذها مترافقة مع مشروع إيران النووي المتقدم يعطي قدرات نشر الأسلحة الإيرانية مساساً خاصاً بالحسابات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل والغرب، بما في ذلك تركيا(25).

ولا شك في أن السلاح النووي هو وسيلة القوة الدبلوماسية، ولا عجب في أن تأخذ النشوة الرئيس الإيراني (أحمدي نجاد) بعد نجاح بلاده في تخصيب اليورانيوم، وأن يتحدث بنبرة الدول التي تملك السلاح النووي، وذلك على الرغم من حاجة إنتاج إيران للسلاح النووي إلى شهور كثيرة، ويشك البعض في صحة زعم إيران تخصيب اليورانيوم، وقد تشعل تصريحات (نجاد) حرب منافسة للحصول على السلاح النووي في بعض القوى الإقليمية، فالدول الخليجية قلقة مما يحدث في العراق، ومن مشروع حرب طائفية قد تمتد إلى المنطقة، أو تستغلها إيران. وهذا الاحتمال يقلق أنقرة، فسعي إيران إلى الحصول على السلاح النووي قد يحمل عدداً من الدول على التسلّح نووياً، وهذا يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة(26).

وحسب وجهة النظر الأمريكية، فإن بمقدور دول من خارج الشرق الأوسط أن تؤثر في ديناميكيات الانتشار داخل المنطقة بأكثر من طريقة، فهي تستطيع أن تفعل هذا من خلال السياسات الخارجية، أو من خلال الاستراتيجيات الأمنية، أو من خلال نقل تقنيات أسلحة الدمار الشامل والخبرات المتعلقة بها، وهذه الأخيرة لا تقل شأناً عن سابقتيها. ومن المفيد أيضاً أن يؤخذ في الاعتبار اختلاف النظرة إلى موضوع الانتشار، وكذلك تأثير أساليب الردع والدفاع الصاروخي الغربية الآخذة في التطور على بيئة الشرق الأوسط، وليس هنالك حتى الآن ما يوحي بأن تعاون الروس والصينيين مع واشنطن في الصراع ضد الإرهاب في أعقاب 11 أيلول-سبتمبر سوف يترجم إلى تحسُّن في التعاون في مجال الحدّ من نقل متعلقات أسلحة الدمار الشامل إلى الشرق الأوسط؛ فموسكو وبكين، والعديد من حلفاء أمريكا، ينظرون إلى الإرهاب وانتشار الأسلحة على أنهما مشكلتان منفصلتان عن بعضهما البعض، وهذا هو بالضبط ما أفصح عنه الاحتكاك الدبلوماسي خلال فترة الإعداد لحرب العراق في عام 2003م.

وفيما يخص العامل الروسي، لا يلاحظ المراقبون أدلة تذكر على وجود استراتيجية روسية متماسكة تجاه الشرق الأوسط في أعقاب الحرب الباردة، إذ يبدو أن أسلوب موسكو في التعامل مع الأمر بات قائماً على القلق التقليدي المتعلق باختلال الأمن عند الأطراف الجنوبية لروسيا، ومع تركيا بالدرجة الأساس، ولكن روسيا طوّرت مع إيران علاقة أعمق خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من تباعد اهتمامات الطرفين، وهي علاقة تنطوي على عناصر شراكة استراتيجية.

وتواصل موسكو مع منطقة الشرق الأوسط يلوح عليه الافتقار إلى التماسك، نتيجة للتنافس القائم بين المصالح التجارية والمصالح السياسية، وفي بعض الأحيان نتيجة لعجز الدولة عن فرض سيطرتها التامة على اللاعبين البيروقراطيين الذين وضعوا رهانهم على نقل الأسلحة والتقنيات، إلاّ أن السلوك الروسي يبدي رغم هذا دلائل تثير القلق من المحتمل لها أن تتعمق إذا ما استمرت العلاقة بين روسيا والغرب ماضية صوب مزيد من التنافس. لقد برزت روسيا كمجهِّز رئيس لأسلحة الدمار الشامل إلى المنطقة بما فيها الأسلحة الكيميائية والنووية وتكنولوجيا الصواريخ؛ فروسيا هي المساهم الأجنبي الرئيس في برنامج إيران النووي المدني، ويكاد يكون من المحقق أنها تساهم أيضاً ولو بشكل غير مباشر في برنامج إيران السري للأسلحة النووية، كما أن الشركات الروسية دعّمت برنامج صواريخ (شهاب 3) الإيراني، وهي المزوِّد الرئيس بمنظومات الصواريخ والخبرة لدول أخرى بما فيها سوريا وليبيا. وخلال السنوات الأخيرة نشطت روسيا في تسويق الصواريخ الباليستية، وأبرزها (إسكندر ي)، الذي يقع مداه وحجم حمولته ضمن المدى الذي حددته ضوابط السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ، وقد ساعدت الخبرة الطويلة التي يمتلكها هذا البلد في مجال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية على تطوير هذه القدرات لدى دول أخرى، مثل: إيران، والعراق، ومصر، وسوريا(27).

ويفيد أحد التقارير الدولية أن الأوضاع العسكرية غير المستقرة في بعض الدول الإسلامية كالعراق، وأفغانستان، وتوتّر العلاقات الإيرانية الغربية هيمنت على المشهد العسكري العالمي، وأن التطلعات الكورية الشمالية إلى دخول النادي النووي أصبحت هاجس القوى الدولية في العالم، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، وبات النفوذ الصيني المتنامي في أنحاء العالم، مثار اهتمام صنّاع القرار الدولي، إلى جانب مراكز الأبحاث العالمية التي تحاول أن تقف عند هذا الصعود الصيني تحليلاً وفهماً.

وأعلن التقرير أن منهجية الإحصاء والتجميع للقدرات العسكرية في مختلف أنحاء العالم، ستشهد تغييراً نوعياً يساعد على تقديم رؤية أدق لتلك القدرات، وهو أمر سيعطي قيمة نوعية للمعلومات التي يقدمها التقرير خلال السنوات القادمة، لاسيما مع محاولة التقرير تجنّب الإحصاء الكمي، وتقديم رؤية تأخذ بعين الاعتبار طموحات القوى الدولية، والضغوطات السياسية كعناصر أساسية في عملية الرصد، كما سيأخذ التقرير بعين الاعتبار طبيعة الحروب الراهنة، والتي لاشك لها تأثير حقيقي على القوات التقليدية التي تحوزها الكثير من البلدان.

وعرض التقرير للرد المتشدد الذي قابلت به طهران قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر في كانون أول-ديسمبر من العام 2006م، وبيّن كيف كثّفت إيران نشاطاتها للوصول إلى تخصيب أكبر كمية من اليورانيوم، عبر إعادة تشغيل كل المعامل المعدّة لذلك، إلى جانب الاستفادة مما حصلت عليه بحسب التقرير من باكستان عبر أب المشروع النووي الباكستاني (عبدالقدير خان).

بيد أن التقرير يعتبر أن ما وصلت إليه طهران إلى حد الآن لم يصل إلى مستوى الحصول على القدرات النووية، لأن ثمة مجموعة من العمليات الفنية لدمج وتركيب بعض الأجهزة لم تحصل بعد وتحتاج بحسب تقدير التقرير إلى أشهر عديدة إن لم يكن أكثر من عام. واعتبر التقرير أن القدرة على تنصيب الطرود المركزية هو الخطوة الأساسية التي يمكن اعتبارها تمثّل الدخول إلى النادي النووي. إذاً متى تكون إيران قادرة على تشغيل (3000) جهاز طرد مركزي بشكل سلس؟ يعطي مركز الأبحاث البريطاني تقديراً في حدود (9 إلى 11) شهراً لإنتاج (25) كجم من اليورانيوم المخصّب بشكل عالٍ، وهي كمية تكفي للاستعمال في سلاح واحد، وهي خطوة يحتاج العمل عليها بين سنتين إلى ثلاث سنوات، وأن مربط الفرس في إنجاز الخطوة الأخيرة تكمن في معرفة كيفية تشغيل ما يسمي ب (UF6) لمرحلة متقدمة، وهي عقبة تقنية إن تمكنت إيران من تذليلها، ستصبح عملية توجيه ضربة عسكرية لها لوقف برنامجها النووي راجحة(28).

عموماً، ونظراً لما تكبّدته الدول الكبرى والصغرى في آنٍ معاً، من خسائر بشرية ومادية كبيرة، وبخاصة في الحرب العالمية الثانية التي شهدت استخدام السلاح النووي، بوصفه الشكل الرئيس لأسلحة الدمار الشامل، فإن أي استخدام لأسلحة الدمار الشامل راهناً، ستكون نتائجه كارثية على الأمن والسلم الدوليين وعلى البشرية جمعاء.

وإذا تميّزت الفترة منذ نهاية الحرب الباردة بتزايد المخاوف على المستوى الدولي من انتشار أسلحة الدمار الشامل في العديد من المناطق التي تشهد صراعات إقليمية، وعلى رأسها الشرق الأوسط، فإن التحدِّي الراهن للسلم الدولي يتمثل في وجود أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط بشكل فعلي، وهذا دليل على أن الجهود الدولية كافة لم تنجح في حل مشكلة أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، أو حتى في وضعها على طريق الحل بصورة يمكن معها تحديد ملامح معينة لمستقبلها في مدى زمني يمكن تحديده، ويرجع ذلك بالأساس إلى سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها القوى الدولية فيما يتعلق بإسرائيل، وعدم اتباع هذه القوى لأية سياسات ضاغطة ضد إسرائيل لإجبارها على اتخاذ مواقف أكثر جدية.

ويُضاف إلى ما سبق، وجود خلاف جذري حول أولوية التسوية-التسلّح على المستوى الإقليمي، فهناك اتفاق عام حول ارتباط عملية إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بعملية التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي، لكن وجهة النظر العربية تشير إلى أنه لا يمكن تحقيق السلام الدائم في المنطقة دون التوصّل إلى ترتيبات أمنية تسليحية، وبخاصة فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل، بينما تركّز وجهة النظر الإسرائيلية على ضرورة أن يتحقق السلام أولاً في المنطقة، ثم يتم التفاهم حول ضبط التسلّح الإقليمي.

إن فشل الدول العربية وبصفة خاصة في إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بأن دول المنطقة لن تقبل استمرار احتكار إسرائيل لامتلاك الأسلحة النووية، سيخلق ضغطاً مستمراً على الحالة الأمنية لدول المنطقة، كما أن الفشل في مواجهة مشكلات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، أو إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، سواء لعدم وجود تعريف متفق عليه لمنطقة الشرق الأوسط، أو لأسباب أخرى، سيزيد من تهديد السلم والأمن الدوليين.

وتشكِّل التداعيات الاجتماعية، والاقتصادية لاستمرار السباق الإقليمي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل لجهة تراجع المشاريع التنموية وازدياد معدلات الفقر والبطالة، خطراً كامناً قد يعبّر عن نفسه في تحويل منطقة الشرق الأوسط بأسرها إلى حاضنة لمخاطر تهدد السلم العالمي، بل وتقوِّضه

الهوامش

1. http//weblog.greenpeace.org
2. أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، ديناميكيات الانتشار والعواقب الاستراتيجية، دراسة صادرة عن مؤسسة (راند)، انظر: موقع مرصد الإرهاب 19-12-2006م، http//www.alerhab.net نقلاً عن جريدة الصباح العراقية.
3. المصدر السابق.
4. العميد الركن (م)- نزار عبدالقادر، انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، مجلة الدفاع الوطني.
5. مجموعة كتاب: (دليل إسرائيل العام)، محمد زهير دياب، فصل: (المؤسسة العسكرية الإسرائيلية)، ص 301.
6. عبدالغفار الدويك، سياسة التسلّح في إسرائيل، مجلة الشرق الأوسط، العدد (106)، ربيع 2003م، ص 80 81.
7. زئيف شيف، رافائيل تركب رؤوساً نووية، صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، 13-11-1994م، ص 1.
8. صحيفة المستقبل اللبنانية، 9-10-1999م.
9. صحيفة (يديعوت أحرنوت) الإسرائيلة، 1-7-2002م.
10. صحيفة (البيان) الإماراتية، 25-6-2000.
11. أليكس دورون، (القنبلة النظيفة)، صحيفة (معاريف) الإسرائيلية، 31-8-1992م، ص 1.
12. صحيفة (البيان) الإماراتية، 9-12-2000م.
13. موقع الجيش اللبناني على الانترنت، www.lebarmy.gov.I http
14. عبدالعزيز عثمان بن صفر، إيران النووية بين التخصيب والترهيب، صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، 15-4-2006م.
15. أحمد إبراهيم محمود، الأزمة النووية الإيرانية، تحليل لاستراتيجيات إدارة الصراع، كراسات استراتيجية، العدد (149)، السنة (15)، 2005م، ص 8.
16. صحيفة الأهرام المصرية، 18-4-2006م.
17. صحيفة الأهرام المصرية، 13-4-2006م.
18. صحيفة الشرق الأوسط، 14-4-2006م.
19. أحمد إبراهيم محمود، البرنامج الإيراني، آفاق الأزمة بين التسوية الصعبة ومخاطر التصعيد، مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، 2005م، ص 89.
20. صحيفة الأهرام المصرية، 18-4-2006م.
21. أحمد إبراهيم محمود، الأزمة النووية الإيرانية، تحليل لاستراتيجيات إدارة الصراع، كراسات استراتيجية، العدد (149)، السنة (15)، 2005م، ص 5.
22. حسين فتح الله، القنبلة النووية حمل سري وولادة علنية، صحيفة الأهرام المصرية، 7-3-2006م.
23. محمد صابرين، صفقة (بوش نجاد)، صحيفة الأهرام المصرية، 14-4-2006م.
24. محللون نوويون يتهمون إيران بالمبالغة في قدراتها النووية، صحيفة الشرق الأوسط، 14-4-2006م.
25. أحمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: آفاق الأزمة بين التسوية والتصعيد، مرجع سابق، ص 93 94.
26. أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، ديناميكيات الانتشار والعواقب الاستراتيجية، دراسة صادرة عن مؤسسة (راند)، مصدر سبق ذكره.
27. سميح ادز، (لعب) إيران بالسلاح النووي يلفت الأنظار إلى إسرائيل، صحيفة الحياة اللندنية 19-4-2006م، عن (تركش دايلي نيوز) التركية، 15-4-2006م.
28. أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، ديناميكيات الانتشار والعواقب الاستراتيجية، دراسة صادرة عن مؤسسة (راند)، مصدر سبق ذكره.

 

 


   

رد مع اقتباس

إضافة رد

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:21 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع