مسودة قانون لتجنيد الحريديم في الجيش يثير الجدل بإسرائيل (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي - عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          مقال في "نيويورك تايمز": ترامب فوق القانون (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الجنرال محمد إدريس ديبي - رئيس المجلس الانتقالي في تشاد (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2424 )           »          الجيش الأحمر.. قصة منظمة زرعت الرعب في ألمانيا واغتالت شخصيات هامة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          البنتاغون: إسرائيل ستشارك في تأمين الميناء المؤقت بغزة (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          جرائم الحرب (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          جرائم ضد الإنسانية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          التطهير العرقي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          تنظيم الدولة يتبنى هجوم موسكو وسط إدانات دولية ونفي أوكراني بالضلوع فيه (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 2 - عددالزوار : 68 )           »          احتكاك عسكري بين روسيا وأميركا في القطب الشمالي (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          صحيفة روسية: الناتو مستعد للحرب ضد روسيا منذ 10 سنوات (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          ولاية ألاسكا.. تنازلت عنها الإمبراطورية الروسية واشترتها أميركا (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 5 - عددالزوار : 65 )           »          حزب الله يستهدف موقع رادار ومنصتين للقبة الحديدية الإسرائيلية (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          بعد عامين من إنشائه.. ما هو حال قراصنة "جيش أوكرانيا الإلكتروني"؟ (اخر مشاركة : الباسل - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         



 
العودة   ..[ البســـالة ].. > جـناح الأمن و الإتــصالات > قســـــم الإســــــتخبارات والأمــــن
التعليمـــات قائمة الأعضاء وسام التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
 


مواضيع خاصة عن الإستخبارات الأمريكية

قســـــم الإســــــتخبارات والأمــــن


إضافة رد
 
أدوات الموضوع

قديم 17-02-09, 04:15 PM

  رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
البارزانى
Guest

إحصائية العضو



رسالتي للجميع

افتراضي 'سي اي ايه' تستخدم الفياغرا وسيلة لاقناع رجال القبائل الافغان للتعاون معها



 

'سي اي ايه' تستخدم الفياغرا وسيلة لاقناع رجال القبائل الافغان للتعاون معها

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لندن ـ 'القدس العربي': ذكرت صحيفة 'واشنطن بوست' ان الاستخبارات المركزية الامريكية تقوم باهداء رجال القبائل هدايا تثير قوتهم الجنسية عوضا عن اجتذابهم بالاموال التي يحملها ضباط 'سي اي ايه' في حقائق محشوة بالاوراق النقدية.
وقالت الصحيفة ضباط الاستخبارات يقومون بزياراتهم بالبحث في حقائبهم عن كبسولات وحبوب من الفياغرا يقدمونها الى رجال القبائل معلقين 'خذها فستعشقها'. وتقول الصحيفة ان حبة الفياغرا كانت كفيلة بفتح الباب امام ضابط المخابرات للحصول على معلومات كثيرة عن نشاطات طالبان، فبعد ايام عاد الضابط ليلقى حفاوة من الشيخ الذي فتح له قلبه واخذ يحدثه عن نشاطات حركة طالبان.

وتقول الصحيفة ان ضباط الاستخبارات يرون انه هذه هي الطريقة الوحيدة للانتصار في حرب افغانستان. وكانت المخابرات الامريكية قد استخدمت الاموال في اثناء التحضير لعملية ضرب طالبان عام 2001 الا ان الطريقة الجديدة يتعامل معها ضباط الاستخبارات على انها اسلوب مثير لكسب قلوب مناطق تعتبر عصية على الامريكيين.

وحبوب الفياغرا المقدمة لتعزيز شهوة رجال القبائل الذي يعيشون خريف عمرهم هي واحدة من عدد من الوسائل التي استخدمت في عملية كسب قلوبهم والتي تشمل خدمات شخصية، مثل جنبيات 'خناجر' وادوات وتأشيرات سفر ومساعدة في اجراء عمليات جراحية للمشايخ المرضى وتوفير العلاج وتقديم المساعدات للمدارس والعاب. وقال احد الضباط المنخرطين في العملية ان الاستخبارات لا توفر اي وسيلة للحصول على معلومات سواء كانت بناء مدارس الى حبوب الفياغرا.

ويعتقد المسؤولون الامريكيون ان العملية ضرورية لانه بدون حوافز او هدايا فان اطرافا اخرى مستعدة لشراء ولاء رجال القبائل من طالبان الى امراء الحرب وتجار المخدرات، فتغيير الموقف يحتاج الى المال والهدايا التي تقتضي تغيير اللباس لشيخ القبيلة. ولكن محللون يرون ان الهدايا واختياراتها التي قد تكون اسلحة تقع احيانا في الايدي الخطأ.

وفي بعض الاحيان فان هدايا كمجوهرات وسيارات فارهة تفتح العيون على تعاون رجال القبائل مع الامريكيين. مما يؤدي لتعريض حياته للخطر، وحتى لو لم يقتل فسيصبح شيخ القبيلة بدون اهمية لان الجميع يعرفون صلاته مع الامريكيين.
ومن هنا فان الخيار امام ضباط الاستخبارات هي البحث عن وسائل ترضي المشايخ الراغبين بالتعامل مع الامريكيين بدون ان يظهر اثرها عليهم.

ويتحدث العملاء بنوع من العنصرية عن رجال القبائل الذين يقولون انهم يعيشون في القرن الثامن عشر. ومن الوسائل المهمة في هذا الاتجاه هي الجنس، حيث نقلت عن كاتب وعميل سابق قوله ان الاستخبارات السوفييتية كانت معروفة باستخدام النساء الجميلات كطعم للايقاع بالاشخاص في السابق.
ويعترف العملاء ان الفياغرا لا تمنح الا في الحالات النادرة ولرجال القبائل العجزة. مع ان الدواء متوفر في كابول منذ عام 2003.
وقال احد العملاء ان الفياغرا لا تمنح للشباب ولكنها قد تكون الرصاصة الفضية بالنسبة للكبار خاصة ان بعضهم لديه اربع زوجات

 

 


 

   

رد مع اقتباس

قديم 03-03-09, 07:32 PM

  رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي مواضيع خاصة عن الإستخبارات الأمريكية



 

أجهزة الإستخبارات الأمريكية

هناك أكثر من عشرة أجهزة استخبارية في الولايات المتحدة، بعضها سري و البعض الآخر يقبع أسفل كومة من الإدارات البيروقراطية التي تشكل غطاء حيويا لها. وفيما يلي قائمة بأهم هذه الأجهزة :

وكالة الاستخبارات المركزية "سي أي ايه":

وهي المسؤولة عن عمليات التجسس وجمع المعلومات الهامة للولايات المتحدة من الخارج إضافة إلى تحليل المعلومات الاستخباراتية التي يتم تجميعها من قبل شبكات التجسس التابعة لها ومعدات الأقمار الصناعية والالتقاط عن بعد.

يتضمن تاريخ الوكالة للعمليات السرية انقلابات في إيران و جواتيمالا خلال الخمسينيات، ومحاولات اغتيال للرئيس الكوبي فيدل كاسترو خلال الستينيات إضافة إلى دورها الأخير في أفغانستان.

يرأس الوكالة جورج تينيت والمكلف أمام رئيس الدولة وهو المسؤول عن الإشراف على خدمات الاستخبارات الأمريكية بشكل عام.

وكالة الاستخبارات العسكرية:

وهي وكالة مخصصة لتوفير معلومات استخبارية عسكرية إلى القادة العسكريين و صانعي السياسات.

وكالة الأمن القومي:

وكانت في الماضي تعرف باسم " الوكالة التي لاوجود لها" بسبب أنها لم يكن معترف بوجودها رسميا، وهي تابعة لوزارة الدفاع ، وتقوم هذه الوكالة باعتراض وتحليل الإشارات والبرقيات و المراسلات و الاتصالات في جميع أنحاء العالم.

مكتب الاستطلاع القومي:

يعمل بتشغيل مجموعات من أنظمة الأقمار الصناعية للتجسس ، وتحليل المعلومات الاستخبارية التي يتم تجميعها من الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية والأقمار الصناعية العسكرية وطائرات الاستطلاع، ويتبع وزارة الدفاع.

وكالة التصوير والخرائط القومية:

وكالة أخرى تابعة لوزارة الدفاع، تقوم بإنتاج وتوزيع الخرائط و الصور للأجهزة العسكرية والاستخباراتية.

استخبارات فرعية تابعة للجيش والبحرية والقوات الجوية ومشاة الأسطول:

كل منها يتولى جمع المعلومات التكتيكية وغيرها من المعلومات الحيوية المطلوبة من قبل أجهزتهم. وهذه تتضمن استخبارات الجيش و قيادة الأمن، ومكتب استخبارات الأسطول ونشاطات استخبارات مشاة الأسطول واستخبارات القوات الجوية، وقيادة العمليات الخاصة وجميعها تقوم بنشاطات مكثفة لجمع المعلومات.

مكتب التحقيقات الفيدرالي:

هو بالأساس جهاز أمني مسؤول عن الاستخبارات المضادة ومكافحة التجسس داخل الولايات المتحدة.

مكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية :
متخصص في المعلومات التي تؤثر على السياسة الخارجية .

وكالة الطاقة:

تقوم بتحليل المعلومات المتعلقة بالأسلحة النووية، والانتشار النووي والموضوعات المتعلقة بالطاقة.

وزارة الخزانة:

تقوم بجمع المعلومات المتعلقة بالسياسات المالية والنقدية، وأخيرا الشبكات المالية التي تدعم تنظيم القاعدة.

وزارة الأمن القومي الداخلي:

تستخدم المعلومات الواردة إليها من الأجهزة الأخرى لمراقبة التهديدات الإرهابية والتهديدات الأخرى التي قد تتعرض لها الولايات المتحدة.

وسينضم إليها اعتبارا من العام القادم جهاز خفر السواحل الأمريكي الذي يتولى جمع المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالأمن الملاحي وتحليلها، و أيضا جهاز الاستخبارات السري المسؤول عن حماية الرئيس الأمريكي.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 03-03-09, 08:07 PM

  رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي كيف يتم تجنيد الجواسيس في وكالة الاستخبارات الامريكية؟



 


كيف يتم تجنيد الجواسيس في وكالة الاستخبارات الامريكية؟

بقلم : دكتور سمير محمود قديح
باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

إن الاستخبارات الامريكية لايمكن لها ان تنجح في مهامها الا بواسطة أمرين:

1- تجنيد الجواسيس لاختراق الدول والمؤسسات والجماعات.

2- التصنت على الهواتف و اجهزة الكومبيوتر.

وهذا ما سنتناوله بالتفصيل.

و حتى نكون على علم بما تقوم به الcia من عمليات قذرة سنتطرق وكيفية عمل أجهزة الاستخبارات الامريكية في مجال التجنيد .

فهناك ست خطوات اساسية لعملية التجنيد والاختراق هي كالاتي :

اكتشاف الجاسوس

هذه الخطوة تقوم على تحديد الاجانب من غير الامركيين وغيرهم من الاشخاص الذين يكونون مستعدين للتجسس لحساب الوكالة .

ويقوم رجل الاستخبارات الاختلاط مع السكان المحليين في البلد الذي يعمل فيه أملا في اكتشاف عملاء محتملين وهو يركز جهوده عادة على المسؤولين في الحكومة المحلية وعلى افراد القوات المسلحة وممثلي دوائرالاستخبارات في البلد المضيف ذلك لأن الاشخاص الآخرين اللذين يعملون في مهن اخرى حتى وان كانوا قابليين للتجنيد لا يطلعون عادة على المعلومات الاستراتيجية العالية المستوى التي تسعىلها وكالة الاستخبارات المركزية ويعمل معظم رجال الوكالة في السفارات الامريكية لأن الستار الدبلواسي يوفرلهم الفرصة المناسبة للوصول الى اهدفهم عن طريق اعداد لا تحصى من المسؤوليين كما ان الاتصالات الاجتماعية التي تتميز بها حياة الدبلوماسي حتى وان كان دبلوماسيا وهميا يعمل لوكالة الاستخبارات المركزية تعطيه فرصة ذهبية للوصول الى الاهداف و البعثة الدبلوماسية وحدها هي التي تعطي الغطاء لموظفي الوكالة للعمل في اي بلد , وهناك وظائف رسمية اخرى تعطي مثل هذا الغطاء مثل وكالة المعلومات الامريكية والقوات المسلحة وغيرها كثير .

وليس من الضروري لموظفي وكالة الاستخبارات المركزية ان تكون له صفة رسمية . اذ ان كثير من الذين يعملون لحسابها من طلاب او صحفييون او حتى قساوسة .

ويتلقى رجل الاستخبارات تعلميات تستند الى دراسات يقوم بها خبراء الوكالة او اساتذة الجامعات المتعاقدين مع الوكالة . حول نوعية الناس الذين يتأثرون بسرعة بدسائس الجاسوسية واسترتيجيتها و تتفاوت شخصية الجاسوس المحتمل بين بلد وبلد وبين حالة وحالة , غير انه تم تحديد اصناف معينه لأنواع العملاء السريعي التأثر الذين تفضلهم الوكالة , و المخبرون الذين تسعى الوكالة الى تجنيدهم اكثر من غيرهم هم المسؤولون الاجانب الغير راضيين عن سياسات بلدانهم واللذين يتطلعون الى الولايات المتحدة طالبين الارشاد منها والتوجيه منها مثل هؤلاء اكثر استعدادا لأن يكونوا عملاء اوفياء متفانين من اؤلئك الذين يكونون دافعهم الاساسي مادياً ,ولا شك في ان المال يساعد كثير في الحصول على معلومات وعلى الاخص في دول العالم الثالث ولكن الرجل الذي تستطيع وكالات الاستخبارات شرائه يشكل هدفاً للخصوم والعميل الذي يعتقد ان مايفعله يشكل هدفا ساميا, لان يكون في الغالب سهل الانقياد لإغراءات البوليس السري او ايه استخبارات معادية وهو كذلك اقل تأثرا بالشعور بالذنب وهو وما يرافقه هذا الشعور من انهيار نفسيا كثيرا ما يعرقل عمل الجاسوس ويعتبر العمل العقائدي (الخارج على حكومته داخل بلاده ) صيدا ثمينا للعاملين في الوكالات ومن المرشحين المحتلملين للتجسس عن لاؤلئك المسؤولين الذين يعيشون حياة باهضة النفقات ولا يستطيون المحافظة على مستواها عن طريق دخولهم العادية او اؤلئك الذين يعانون من ضعف لا يستطيعون التغلب عليه تجاه المال أو امام المشروبات المسكرة والمخدرات او جنس او حتى امام الابتزاز .

ولا يبحث رجل المخابرات دواما عن عملاء محتملين بين اؤلئك الذين يشغلون مناصب ذات اهمية . ويعتبر الطلاب عادة اهدافا قيمة في هذا المجال وعلى الاخص في بلدان العالم الثالث حيث يرتقي خريجوا الجامعات الى مناصب حكومية رفيعة بعد تخرجهم .

وتبدي وكالة الاستخبارات اهتماما خاصا في البحث عن عملاء داخل القوات المسلحة لأن العسكريين هم العنصر المتحكم في هذه البدان او السيطرة عليها . ومن هنا جاء التركيز على استخدام اساتذة الجامعات التي يكثر فيها الطلاب الاجانب وكذلك على مدارس القوات المسلحة ومعاهد التدريب التي تستقبل الضباط الاجانب في دوارت تدريبية مثل ( مدرسة قيادة الميدان ) في ( فورت لافنوودث ) بولاية تكساس .

تقييم الجاسوس

بعد اكتشاف الجاسوس المحتمل . تقوم الوكالة بدراسة دقيقة عنه لتقرير ما اذا كان سيصبح في وضع يستطيع معه تقديم معلومات مفيدة والخطوة الاولى في هذه العملية هي التدقيق في ماضي هذا الشخص بالرجوع الى اخبار مفصلة في رئاسة الوكالة في ( لنغلي ) التي انشأت ( بنك للمعلومات) بحسب وكالات الاستخبارات المركزية وهو يتضمن معلومات عن الملايين من الاشخاص . فاذا عثر على اي معلومات عن العميل المترقب تصل هذه المعلومات الى ضابط الميدان الذي يواصل في غضون ذلك دراسة احتمال التجنيد ويقوم بتحريات خفية لرسم الصورة الحقيقية عن هذا العميل وقد يوضع الجاسوس المرشح تحت المراقبة لمعرفة المزيد عن عاداته وآرائه . ثم تبدا دراسة دقيقة لمعرفة الدوافع وراء قبوله العمل كجاسوس وهل هي عقائدية او نفسانية أو مادية واذا لم يكن له مثل هذا الدافع فان الوكالة ستلجأ الى وسائل اخرى كالتهديد والضغط وعلى الضابط المسؤول عن عملية التجنيد هذه ان يقرر ان كان الجاسوس المترقب حقيقة ام انه عميل للعدو اي عميل مزدوج .و عند انتهاء فترة تقييم العميل التي قد تمدتد اسابيع او اشهرا تقرر رئاسة الوكالة بالتشاور مع عناصر الميدان ان كان يجب الاتصال مع العميل المرتقب كي يبدأ العمل . فاذا كان القرار ايجابيا فمن الطبيعي ان يتصل رجل من الوكاله من الخارج بالعميل المترقب ولا يتصل به عادة الرجل الذي اكتشفه او الذي قام بتقييمه او اي من رجال الوكالة المحللين زيادة في الحفاظ على رجال الوكالة والعاملين لحسابها ومتى وصل الرجل الذي سيقوم بالتجنيد الى المنطقة يقوم العاملون بترتيب اجتماع بينهم وبين العميل المرتقب ويتم تعريف هذا الضابط المجند ( بكسر النون ) الى الرجل الهدف وفقا لظروف يُعد لها اعدادا دقيقا تسمح لرجل الاستخبارات الذي قام بدور المعرف بالنسحاب بهدوء تاركا الضابط وحيدا مع العميل المحتمل .


وقد تتخذ خطوات تحسبية توفر للضابط طريقا مأموننا للهرب في حال وقوع ما في الحسبان واذا حدث ان كان العميل المرتقب في صفوف المعارضة في بلده فان الضابط المجند ربما يبدأ في الحديث عن المبادئ التي يجب ان يلتزم بها المواطن نحو وطنه وعن ميول اخرى ايديولوجية ويقترح وسائل يمكن للرجل معها ان يساعد بلاده وشعبه عن طريق التعاون سرا مع دولة اجنبية خيرة.اما اذا ظهران العميل المرتقب يتميز بالضعف بالمال فان الضابط قد يضرب على هذا الوتر مؤكدا انه يعرف الطريق لكسب كميات كبيرة من المال بسرعة وبسهولة أما اذا كان العميل المرتقب يهتم بالسلطة او اذا كان واقعا تحت تأثير ( الجنس او المخدرات ) او اذا اراد الهرب من بلاده والابتعاد عن عائلته ووضعه الاجتماعي فان الضابط المجند يحاول ان يركز جهوده على هذه الحاجات البشرية وينصرف الى تقديم مقترحات تتعلق بكيفية يمكن ان يحصل على حاجته هذه عن طريق التعاون مع(رفقاء معينيين ) ومن مهمة الضابط المجند تحديد السبب الذي يؤثر في العميل المرتقب واذااستنتجت الوكالة ان العميل يخشى التهديد والابتزاز , فان تهديد مبطننا بفضحه قد يستخدم , يواجه العميل المرتقب في بعض الحالات بالبيئة التي قد تستخدم في فضحه , اذا هو تردد في العمل لحساب الاستخبارات وتسجيل المحادثة بين الرجلين في جميع الاحوال اما بواسطة جهاز تسجيل او باتباع وسيلة اخرى كالتصوير او التقاط بصمات الاصابع او اي شئ قد يشكل بينة قد تستعمل ضده وبعد ان يقبل العميل المرتقب عرض وكالة الاستخبارات او يستسلم للتهديد يخوض الضابط المجند في تفصيلات الترتيبات فيعرض عليه راتب مغريا بين500 دولار او1000 دولار في الشهر كل حسب وضعه الاجتماعي يدفع جزء منه نقدا والباقي يوضع في حساب سريا امريكيا او سويسريا ويعود السبب في ذلك الى محاولة منع العميل من تبذير الاموال من جهة و كي لا يلفت انظار جهاز الامن المحلي والى احكام القيد على الجاسوس من ناحية اخرى يتعهد الضابط المجند بأن تضمن وكالة الاستخبارات سلامة العميل وافراد عائلته في حالة تعرضه لمشاكل مع البوليس وتحقيق هذه الوعود تتفاوت تفاوت كبيرا اذا يتوقف على نوع المهمة وشخصية ضابط الوكالة المسؤول ومعظم هؤلاء الضباط يحنثون بوعدهم في معظم الاحيان, ويحاول الضابط المجند حمل العميل الجديد لدى موافقته العمل مع وكالة الاستخبارات ان يوقع قصاصة ورق تربطه رسميا وبوضوح مع الوكالة وهي عقد عمل يمكن استعماله في وقت لا حق لتهديد العميل الذي يقوم بفضحه اذا هو توقف عن العمل . والمهمة الاخيرة من الضابط المجند هو التهيئة للجتماع بين العميل الجديدورجل الوكالة العامل في تلك البلاد الذي سيكون مسؤولاً عنه و كثيرا ما ينطوي هذا على اشارات متفق عليها سلفا ومن الاساليب المتبعه مثلا اعطاء العميل زرارين معينة ويقال له ان رجال يحملوا زرارين مماثلين سيقتربو منه او اعطائه كلمة سر ويقال له ان ضابطه سيستلمها في وقت لاحق لتعريف نفسه اليه . وحين يتم هذا كله يترك الضابط المجند الاجتماع ويغادر البلاد بأسرع ما يكون.

تجربة الجاسوس


ومتى جُند العميل يذهب الضابط المسؤول الى اختبار ولائه ومدى الاعتماد اليه فيعهد اليه في مهمات معينة تعطي له في حالة تنفيذها تكون الدليل على ولائه و اخلاصه كما تبرهن على قدراته وقد يطلب الى العميل مثلا جمع معلومات عن موضع يُعرف انه سبق للوكالة ان حصلت على معلومات كثيرةعنها , فان لم تتفق المعلومات التي يأتي بها مع المعلومات المتوفرة لدى الوكالة , فيفسر ذلك بأن العميل اما ان يكون مزدوجا يحاول ان يخدع ضابطه او انه مصدر ضحل للمعلومات يحاول ان يرضي رئيسه الجديد ويظل العميل خلال فترة الاختبار تحت مراقبة دقيقة ترصد معها حركاته وسكناته ويطلب الى العميل بالأضافة كل ما تقدم ان يخضع لجهاز لكشف عن الكذب .يقول احد هؤلاء الخبراء ان اختبار العملاء الاجانب يتطلب مهارات اكبر من تلك التي يتطلبها استجواب الامريكيين الذين يبحثون في توظيفهم في الوكالة فقد وجد هذا الخبير ان الامريكيين صريحون عادة ويمكن التكهن نسبيا بتجاوبهم مع الاختبار مما يجعل من السهل نبذ اؤلئك الذين لا يرتقون الى المستوى المطلوب . ولكنه يقول ان اختبار العملاء الاجانب اصعب بكثير اذا يجب تعديل طريقة الاستجواب حيث تستوعب فيها الفروق الثقافية كما تستوعب فيها حقيقة اخر ى مثل ان العميل سيقوم بعمل سري غير مشروع وشديد الخطر .

تدريب الجاسوس

عندما تنتهي عملية اختبار العميل يبدأ تدريبه للمهارات الخاصة التي يطلبها عمله كجاسوس ويختلف نو ع التدريب ومكانه وطبيعته باختلاف ظروف العملية ويكون التدريب السري في بعض الحالات دقيقا , وقد يفتقر في حالات معينة الى العتاد اللازم فيترك للعميل حرية العمل معتمدا على غريزته وموهبته وعلى كفاءة ضابطه وسعة اطلاعه .

واثناء فترة التدريب يُعلم العميل طرق استعمال الاجهزة والآلات التي قد يحتاج اليها كجهاز تصوير دقيق مصغر لإلتقاط صور الوثائق ووسائل الاتصالات السرية والكتابة السرية وغيرهما وقد يلتقي بعض العملاء تدريبا خاصا في استعمال اجهزة استراق السمع او استخدام الحلقة السرية المتسلسلة للإتصالات وتقتضي عملية التدريب عزلة العميل لمدة ايام او اسابيع بعيدا عن اهله ومجتمعه ويطلب اليه في هذه الحالة اختلاق المبررات لغيابه هذا.


وتوجد قواعد تدريب خاصة للمجندين معزولة عن كل النشاطات الاخرى في كامب بيري ( المزرعة ) في جنوب ولاية فريجينيا .

وخلال فترة تدريبه يلمس الجاسوس كفاءة اجهزة الوكالة وفعالياتها كما يعيش في جو من التلاحم بين العملاء المحترفين وهذا ما يساعده على اقناع نفسه بأنه اصبح يواجه حياة افضل من حياته السابقة.

تشغيل الجاسوس

هناك طريقتان في العمل السري يمكن تطبيقها على عمليات التجسس التقليدية وعلى عمليات العملاء بوجه عام وهما الاتصالات السرية والاتصالات المباشرة وعلى الضابط المسؤول ان يقيم رسائل مأمونة للإتصال بالعميل والا انعدمت وسيلة يتبقى بواسطتها المعلومات التي يحصل عليها العميل ويزود بواسطتها بالتعليمات والتوجيهات اللازمة وتستخدم طرق مختلفة بين اونة واخرى للحد من احتمالات القضاء على العملية ولا توجد انظمة ثابتة او قواعد تتحكم في الاتصال بالعميل السري كما هي الحال في لعبة التجسس بأسرها فما دامت الاساليب المستعملة مأمونة وتفي بغايتها فان للضابط المسؤول حرية الابتكار .

ويفضل كثير من العملاء نقل معلوماتهم شفويا الى الضابط المسؤول ذلك لأنهم يرون ان ذلك اكثر امنا وسهولة من تضمين هذه المعلومات اوراقا رسمية او استخدام اجهزة تجسس قد تدينهم بالجريمة اذا اكتشفتهم السلطات المحلية ولكن وكالة الاستخبارات تفضل الوثائق لإمكانية التدقيق فيها والتأكد من مدى اخلاص العميل ويرى عملاء آخرون ان يكون اتصالهم الشخصي بالضابط المسؤول ذلك لأنهم يرون أن كل اجتماع سري يعرضهم الى الافتضاح وبالتالي الى السجن او ما هو اسوء من ذلك ويفضل مثل هؤلاء الاتصال فقط بأساليب غير مباشرة او بوسائل ميكانيكية ولكن وكالة الاستخبارات تصر على المحافظة اتصالاتها الشخصية بين الضباط وعملائهم الا في الحالات التي تنطوي على خطورة ذلك لأنه لابد من تقييم ولاء الجاسوس ومدى اندفاعه في العمل في اجتماعات تعقد بين آونه واخرى .

وكلما اجتمع الضابط المسؤول مع عميله كلما تعرض لخطر ملاحقتهما من جانب قوى الامن المحلية او من جانب استخبارات معادية وللتخفيف من هذه المخاطر تستخدم في معظم الأحيان وسائل غير مباشرة للإتصال وعلى الاخص عند نقل معلومات من العميل الى الضابط المسؤول من الطرق القياسية واستخدام شخص ثالث يعمل وسيطا وقد يكون هذا الشخص عالما بالأمر او غير عالم وقد يكون عميلا آخر وقد يكون مقيما في بلد آخر او من الضابط المسؤول تم نقلها الى آخريين دون ان يعلم شيئا عن محتواها وهناك اسلوب آخر هو نوع من صندوق البريد يسمى الصندوق الميت ( ومن بين الاماكن التي استعملت صندوق بريد في عملية سرية الفراغ القائم وراء انابيب التدفئة المركزية امام مدخل احدى الشقق في ثكنة عسكرية في موسكو ) ويقتصر الامر على ان يقوم العميل بوضع مادة المعلومات في صندوق البريد في موعد سبق ترتيبه من جانب الضابط المسؤول او الشخص الثالث الذي يستخدم لهذه الغاية .

ثم ان هناك اسلوب يستعمل كثيرا هو اسلوب الاحتكاك اذ يلتقي بموجبه العميل او الشخص الثالث بالضابط المسؤول او الشخص الثالث الذي يستخدم لهذه لغاية .

وبعد ثورة الاتصالات خصوصا بعى انتشار الانترنت و البريد الالكتروني تيسر الاتصال مع العملاء من دون خطورة علي حياتهم.

وعلى الرغم من ان الضابط المسؤول كثيرا ما يستخدم اسلوب الاتصال الغير مباشر فان عليه ان يهيء اجتماعات شخصية مع عميلين بين حين وآخر عندما يتم لقاء سري في باص او منتزه او مطعم فان رجال استخبارات آخرين يقومون بدور المراقبة كاجراءات وقائية ضد الخصوم الذين يحاولون التقاط المحادثة و التدخل فيها ويعرف هذا في عالم التجسس (بالمراقبة المضادة ) ويمكن للضابط او العميل او اي فرد من فريق المراقبة الاشارة على الآخرين بالمضي قدما في الاجتماع او تفادي كل اتصال او الغاء الاجتماع وتستخدم بيوت مأمونه ( تحتفظبها الوكالة ) مكانا للإجتماعات مع العملاء وتسمى البيت الامن.

وتتوقف المعاملة على قوة العلاقة التي يستطيع الضابط المسؤول اقامتها مع العميل يقول رجل استخبارات سابق في الوكالة ان على الضابط المسؤول ان يجمع بين مؤهلات الجاسوس الكامل وطبيب الامراض العقلية وكاهن الاعتراف هنا تواجهك نظريتان سائدتان داخل الوكالة الاستخبارات المركزية فيما يتعلق بأفضل الوسائل في معاملة العميل فوجهة النظر الأولى تقول : ان على الضابط المسؤول ان يقيم علاقة شخصية وقوية مع العميل ويقنعه بأنهما يعملان معا لتحقيق هدف سياسي مهم . ويوفر مثل هذا الاسلوب قوة دافعة قوية تشجع العميل على ركوب المخاطر في سبيل صديقه غير ان معظم كبار رجال الوكالة يعتقدون ان هذه الطريقة تنطوي على خطر قيام ارتبط عاطفي بين الضابط المسول وعميله قد تسبب في بعض الاحيان في ان يفقد رجل الاستخبارات الموضعية التي تتطلبها مهنته . اما وجهة النظر الثانية فتنادي بأن على الضابط المسؤول في الوقت الذي يتظاهر فيه بالاهتمام شخصيا ان يعامله معاملة بعيدة عن الرحمة والتساهل اذ ان ما يهم الضابط المسؤول هو النتيجة والنتيجة فقط فهو يدفع بالعميل الى اقصى الحدود املا بالحصول منه على اقصى ما يمكن من معلومات . على ان لهذا الاسلوب نقائص ايضا ذلك لأنه ما ان أدرك العميل انه موضع استغلال من ضابطه حتى تتقلص همته بسرعة.

إن المخاطر وجو التوتر اللذان يترتب عليهما العمل وفي ظلهما يكون العملاء متلقلبين من ذوي النزوعات ويصعب التكهن بما يدور في خلدهم ولذاك فان على الضابط المسؤول ان يكون واعيا لأي دليل يشير الى عملية تعرضه للإنزعاج او الى انه لا يقوم بعمله كما يجب وعلى الضابط ان يستخدم اسلوب التملق والتهديد واسلوب الايديولوجيه والمال والارتباط العاطفي والقسوة لكي يبقى العميل نشيطا في عمله .

سافر ( بنكوفسكي ) وهو جاسوس امريكي في موسكو سافر مرتين الى خارج الاتحاد السوفياتي في مهمة رسممية كبيرة كعضو في وفد حضر معارض تجارية نظمت برعاية الاتحاد السوفياتي وتمكن في هاتين المرتين في لندن ثم باريس من الافلات من زملائه السوفيات لتلقي التوجيهات من ضباط بريطانيين وامريكيين وطلب خلال احد الاجتماعات في لندن مشاهدة الزي العسكري للجيش الامريكي ولم يكن احد من رجال الاستخبارات الامركييين او البريطانيين يتوقع مثل هذا الطلب ولكن ضابطا سريع البديهة قال ان زي الجيش الامريكي موجود في بيت امين آخر وان التوجه الى هناك والعودة يستغرقان بعض الوقت . وقد هدأ الجاسوس مؤقتا وارسل احد الضباط المسؤوليين في الوكالة للبحث عن زي كولونيل يشاهده الجاسوس وبعد ان امضى هذا الضابط في شوارع لندن حوالي ساعتين بحثاعن لباس ضابط برتبة كولونيل يناسب جسم( بنكوفسكي ) عادومعه الزي الذي تسلمه الجاسوس بكل امتنان وتقدير .

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية في الخمسينات قد جندت ضابط استخبارات من اوروبا الشرقية في ( فيينا) كان دافعه مثل (بنكوفسكي ) عقائديا في اساسه ومع انه وعد براتب كبير ( وبعلاقة حسنة عند انتهاء العملية التي يلجأ بعدها الى الولايات المتحدة ) فان الضابط المسؤول عنه امتنع عن دفع اية مبالغ مباشرة له في فيينا حتى لا يلفت انظار الخصوم اليه وقدر العميل الحاجة الى مثل هذه الاحتياطات ولكنه اثار قيامه بعملية التجسسس دون ان يبين لماذا يريد المال وقد اتضح اخيرا ان استمرار العميل يتوقف على حصوله على المال الذي طلبه وبعد ان تشاور هذا الضابط مع مدير المحطة ومع الرئاسة تقرر نهائيا ركوب هذا المركب الخطر واعطى العميل المال املا منه بأنه لن يقم بعمل طائش ينطوي على خطورة وكم كانت خيبة امله عندما وجدوه في نهاية الاسبوع التالي يروح ويغدوا في نهر الدانلوب في زورق تجاري اشتراه وبعد ذلك ببضعة ايام جابهه الضابط هو طلب منه التخلص من القارب لأنه لا يمكن لرجل مثله يعيش في ظروف قاسية ان يشتري مثل هذا القارب من راتبه وحده ووافق العميل على ذلك قائلا انه كان يحلم منذ ان كان صغيرابأن يملك قاربا اما الآن فقد تبخر ذلك الشوق وهو مستعد تماما للتخلي عن القارب.

وثمة مشكلة كبيرة في معاملة العميل تنجم عن تغيير الضابط المسؤول ويترتب ووفقا لسياسة وكالة الاستخبارات المركزية التي تقضي باستخدام الستارالدبلوماسي والرسمي لجميع رجالها العاملين في الخارج ان ينقل الضباط المسؤليين الذين يتسترون كدبلوماسيين امريكييين او مسؤووليين في وكالة الانباء الدولي او كممثليين لوزارة الدفاع الى بلد اجنبي آخر او الى رئاسة في واشنطن مرة كل سنتين اواربع سنوات كما هي الحال مع جميع المسؤوليين في الدوائر الرسمية الحكومية . ويقوم الضابط المسؤل المنقول بتعريف الضابط الذي سيخلفه الى جميع عملائه قبل سفره ولكن العملاء يترددون حينذاك في العمل مع رجل جديد ذلك لأنهم لا يميلون بعد ان اقاموا علاقات مقبولة مع ضباط مسؤول الى التحول عنه الى غيره ويزداد هذا التردد في كثير من الأحيان بسبب تعيين الوكالة ضباطا صغار السن لإدارة عملاء قدامى اثبتوا اخلاصهم وولائهم وبهذه الطريقة يستطيع رجل الاستخبارات الجديد ان يكسب خبرة من عملاء لا يحتاجون الى توجيه وخلاصة القول ان معظم العملاء يشعروا بأن التعامل مع ضابط تنقصه الخبرة يزيد في احتمالات القضاء على العملية ولهذا فان عملية تغيير الضابط المسؤول يمكن ان تكون شائكة ولكنها لن تؤدي الى الاضرار باي عملية مقررة وقد تتفادى الوكالة في حالات معينة وخاصة في العمليات الحساسة مسألة تغيير الضابط المسؤول عنها لرغبات عميل له مكانه عالية .

انهاء التعامل مع الجاسوس

لابد لكل عملية سرية من نهاية ( العمليات التي تعتمدعلى نشاط العملاء ) قصيرة الامد وكثيرا ما تنتهي بصورة مفاجئة فقد يموت العميل لأسباب طبيعية او نتيجة لحادث . وقد يعتقل ويسجن او ربما يعدم . وفي مثل هذه الحالة ينصب اهتمام رجال الوكالة على حماية مصالح مؤسستهم ويكون هذا عادة بانكار كل زعم بأن ذلك الرجل كان عميلا سريا للحكومة الامريكية ( تضطر الوكالة نفسها في بعض الاحيان الى انهاء العملية ( التخلص من العميل ) وقرار انهاء العملية انما يتخذه رئيس المكتب في البلد الذي تجري فيه العملية بموافقة رئاسة الوكالة وقد يعود السبب في انهاء كل علاقة مع العميل الى فقدانه سبيل الوصول الى الأسرار التي تريد الوكالة الحصول عليها او الى عدم الاستقرار العاطفي او عدم الثقة مما يهدد العملية بالفشل او يؤدي الى هتك حجاب السرية وهناك سبب آخر ربما كان اهم هذه الأسباب مسألة عدم الركون سياسيا الى الرجل ذلك حين يشتبه بأنه عميل مزدوج او انه اصبح كذلك او بات فريسة لاستخبارات الخصم .

ويمكن شراء العميل العديم الفائدة وغير المستقر اذا اقتضت الضرورة ثم اسكاته عن طريق التهديد .

جواسيس مابعد 11سبتمبر:

كشفت مجلة "التجسس العالمي" الأميركية في تقرير لها أن هناك فرقة تسمى (sad) يجري تدريبها في "كامب بيري" وهو معسكر قرب وليام سبورغ (فرجينيا) يشكل مركزاً للتدريب الخاص ب"السي آي أي" إضافة إلى بوينت هارفي في نورث كارولاينا.

ويؤكد جيفري ريشيلسون، الكاتب المؤرخ الذي اختص بتاريخ التجسس، أن هذه الفرقة (sad) تقوم بمهام متنوعة وهي تضم بعد إنشائها حديثاً، 200 ضابط تم تقسيمهم على شكل مجموعات عدة هي: مجموعة العمليات الخاصة، مجموعة تدريب الأجانب، مجموعة الدعاية والعمل السياسي المختصة بمعالجة المعلومات ونشر المعلومات المطلوبة، مجموعة الكومبيوتر التي تختص بحرب المعلوماتية، ومجموعة هيئة إدارة الممتلكات (pms) التي تختص بترتيب تأسيس شركات تجارية أو شرائها وإعداد المكاتب التي تمنح غطاءً مناسباً لضباط فرقة (sad) .

ويجري تجنيد هؤلاء الضباط من بين العسكريين الذين تقاعدوا أو استقالوا من الجيش، وخصوصاً من العسكريين في "قوة دلتا"، ومن العسكريين الذين عملوا خارج الولايات المتحدة في مهام خاصة.

هناك توصية واضحة إلى الإدارة الأمريكية تقضى بأن تقوم وكالة الاستخبارات الأمريكية فى عهدها الجديد، وبعد تطهيرها من الدماء الفاسدة لشخصيات مخضرمة، بمحاكاة دقيقة وحرفية لنظام عمل الجماعات الإسلامية الجهادية، كأن تقيم الوكالة جمعيات للبر والتقوى ومنظمات لجمع التبرعات والهبات ومؤسسات تربوية إسلامية تتجمع فى داخلها وحدات وفرق من أعداد صغيرة من ضباط مخابرات يتحدث أعضاؤها اللغات المحلية ويمارسون شعائر الدين الإسلامى وتتوفر فى كل منهم حماسة وإيمان بالمهمة المكلف بها تماماً كحماسة عضو الجماعة الإسلامية الجهادية . خلاصة القول، ينتهى نظام العمل بضباط مخابرات متنكرين كرجال أعمال أو صحفيين أو رجال دين ويبدأ نظام العمل بضباط شبان يسعون نحو المغامرة والمخاطرة بحياتهم ويرتدون ثياباً إسلامية ويمارسون شعائر المسلمين إن دعت الحاجة لإتقان التخفى، أى يذوبون فى المجتمعات الإسلامية والعربية. هكذا لن يحتاج العمل الاستخباراتى إلى خطة عظمى يقرها رئيس الدولة أو الكونجرس وربما لا يحتاج إلى جهاز استخباراتى فى واشنطن يخطط عن بعد. فلكل فريق أو وحدة فى الميدان خطة تتجدد يومياً حسب التطورات ولا تخضع لترتيبات من جهة عليا إلا بقصد إطلاع القائد العسكرى الأمريكى الذى يقع ميدان عمل الوحدة المصغرة بها ضمن اختصاصه.

ان الاعلانات المستمرة عن العروض السخية التي تقدر بالملايين للبحث عن قيادات اسلامية ماهي الا احدي الوسائل الحديثة للتجنيد في وكالة الاستخبارات الامريكية.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 03-03-09, 08:33 PM

  رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي المخابرات الأمريكية ( المدرسة الامريكية ):



 

المخابرات الأمريكية ( المدرسة الامريكية ):

تأسست عام 1947 عندما أمر الرئيس الأمريكي هاري ترومان بإنشاء وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (cia)

الذي يعمل بالتعاون مع جهاز (fbi) وتقع مدرسة تدريب رجال المخابرات الامريكية ( Cia) في مجموعة من الأبنية الضخمة في مدينة ( الانجلي) بولاية فرجينيا وتشتهر بين العملاء باسم ( المزرعة ) على انها (منبع الجواسيس) أول ما

يخضع له الملتحقون الجدد بهذه المدرسة هو اختبار (الكشف عن الكذب) لبيان مدى سلامة بنيتهم في العمل كعملاء للمخابرات الامريكية كما يقوم رجال المباحث بالتحري عن كل عميل جديد وأفراد أسرته بأكملها لفترة طويلة وبكل دقة متناهية قبل ان يلتحق رسمياً بالعمل لدى جهاز المخابرات واكثر ما تهتم به دروس التعليم في المدرسة الأمريكية هو الحفاظ على سرية العمل.

طرق التخفى

التنكر .
وتسجيل المعلومات في سرية تامة .
ويركز الأمريكيون اهتمامهم بالتجسس على الاتحادالسوفييتي سابقاً حيث يتدرب الجواسيس المؤهلون للتجسس على روسيا على طريقة الحياة في روسيا وعادات وتقاليد ومشاكل الروس حتى يتمكنوا بمهارة التقاط المعلومات المكلفين بالحصول عليها.

يسجل الجهاز الملاصق للصور للتغيرات التي تطرأ على حركة التنفس عند النطق بالكذب، اما اللفافة الموضوعة حول الذراع فتسجل تغيرات سرعة النبض ويقوم الجهازالحساس المتصل بالأداتين السابقتين بتسجيل نتائج الاختبار على ورقة تصدر من الجهاز.

الاستخبارات بالمفهوم الامريكي:

تعني: نتيجة جمع و تقييم وتحليل وايضاح وتفسير كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات عن أي دولة أجنبية او عن أي مناطق العمليات العسكرية والتي تكون لازمة لزوماً مباشراً للتخطيط.

من أقسام الاستخبارات اهمها:

الرقابة .
الخدمة السرية.
قال فارجوا: ان الاستخبارات تعني بصورة ما القدرة على فهم و تقدير الآراء.

الاستخبارات الجغرافية :

التي تهتم بالمعلومات الخاصة بطبيعة الأرض والبحر و الجو، من أجل الخطط العسكرية ، انقسمت الى أقسام ، قسم خاص بالطبوغرافيا،و قسم بالأرصاد الجوية،و قسم بالطقس ، وقسم بالهيدروجرافي،و قسم بالنقل.

الاستخبارات التكنولوجية.

هي ذات أهمية حيوية خاصة بالامن القومي منها ، الاستخبارات العلمية، المتخصصة في التفجير الذري ، الالكترونيات والصواريخ الموجهة والمواصلات السلكية واللاسلكية والحرب البيولوجية والحرب الكيماوية.

الاستخبارات التكتيكية :

هي جمع المعلومات على المستوى التكتيكي حول قوات العدو في منطقة محددة ، او حول المنطقة، ذاتها وتحليل هذه المعلومات وهي استخبارات (قتالية) أو ( المعركة) و المعلومات التي يحتاجها القائد الميداني ) : تعني التجسس التكتيكي) .

( التجسس الاستراتيجي ) .

هي جمع المعلومات المتعلقة بشؤون عسكرية أوأمنية وتنسيقها، وتحليلها، وتوزيعها على المستوى الاستراتيجي وعلى مستوى الدولة والهدف منها هو معرفة قدرات الدولة الاخرى، والتكهن بنواياها للمساعدة في تخطيط المسائل المتعلق باستراتيجية الدولة صاحبة النشاط و تعني أيضاً جمع المعلومات عن الاتجاهات الاقتصادية العسكرية والسياسات المتبعة

المخابرات الوقائية:

هي المعرفة و التنظيم والتحليل النشاط الذي يوجه للقضاء على نشاط الجاسوسية المعادية ،و المهمة الأساسية لمقاومة الجاسوسية هي التعرف عل نشاط عملاء العدو السريين واستغلاله والسيطرة عليه.

الاستخبارات المضادة:

تعني المعرفة والتنظيم والتحليل والنشاط الذي تستخدمه استخبارات الدول لشل نشاط الاستخبارات المعادية، ووجه نشاط في مكافحة الاستخبارات ضد جهود الاستخبارات الاجنبية المعادية المتمثلة بالتجسس

والتجسس المضاد:

هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات البوليسية المضادة التي تتخذها إحدى الدول للمحافظة على المعلومات السرية التي تمتلكها، و منع عملاء العدو من الوصول اليها ،و الحفاظ على سرية عملياتها تجسسية واكتشاف نوايا العدو، وعمليات العدو.

التجسس السياسي :

كانت البعثات الدبلوماسية لا تزال الوسيلة الرئيسية بجمع المعلومات السياسية عن مصادرها العلنية، وتدعمها في ذلك اجهزة الاستخبارات المتخصصة بواسطة عملاء سريين يقومون بالتجسس لحسابها .

التجسس الاقتصادي:

تهتم اجهزة التجسس بجمع المعلومات المتعلقة، بالنشاط التجاري، والمالي للدول الأخرى

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 03-03-09, 08:42 PM

  رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي مجتمع الاستخبارات الأمريكي.. ما هو وكيف يعمل؟



 

مجتمع الاستخبارات الأمريكي.. ما هو وكيف يعمل؟

تقرير واشنطن بوست

يتكون المجتمع الاستخباراتي الأمريكي من عدد متنوع من المكاتب والوكالات الاستخباراتية، وهي:

1 ـ وكالة الاستخبارات المركزية Central Intelligence Agency (CIA)

2 ـ مكتب الاستخبارات والأبحاث بوزارة الخارجية Bureau of Intelligence and Research, Department of State (INR)

3 ـ وكالة الاستخبارات الدفاعية Defense Intelligence Agency (DIA)

4 ـ وكالة الأمن القومي أو "وكالة الاستخبارات القومية" National Security Agency (NSA)

5 ـ مكتب الاستكشافات القومي National Reconnaissance Office (NRO)

6 ـ وكالة الاستخبارات الوطنية للتصوير والمسح الجغرافي National Geospatial Intelligence Agency (NGA)

7 ـ مكتب التحقيقات الفيدرالي Federal Bureau of Investigation (FBI)

8 ـ استخبارات الجيش Army Intelligence

9 ـ استخبارات القوات البحرية Navy Intelligence

10 ـ استخبارات القوات الجوية Air Force Intelligence

11 ـ استخبارات الأساطيل البحرية التجارية Martine Corps Intelligence

12 ـ وزارة الأمن القومي Department of Homeland Security (DHS)

13 ـ حرس الشواطئ Coast Guard (CG)

14 ـ وزارة المالية Treasury Department

15 ـ وزارة الطاقة Energy Department

16 ـ وكالة مكافحة المخدرات Drug Enforcement Agency (DEA)

ومن بين هذه الوكالات والمكاتب، تبقى وكالة الاستخبارات المركزية هي الركن الأساس في المجتمع الاستخباراتي، الذي تخضع مكوناته وتحديد وظائفه لمشاركة المجلس النيابي. ولدى الوكالة المركزية كافة القدرات التي تمكنها من العمل خارج الحدود الأمريكية. وهي تنتج العديد من الدراسات حول أي نوع من المصالح تهم صانعي سياسات الأمن القومي، ومهمتها الرئيسية جمع المعلومات البشرية "حول البشر"، وتأخذ توجيهات مباشرة من الرئيس والحكومة للتأثير السياسي والاقتصادي وشروط التدخل العسكري بالخارج.

وهناك ثلاث وكالات استخباراتية أساسية بوزارة الدفاع تمتص الجانب الأكبر من الميزانية القومية الاستخباراتية، وهي:

(1) وكالة الأمن القومي ومهمتها التنبيه إلى احتمال وقوع حدث يهدد الأمن القومي، ولها مكاتب في مواقع في أنحاء العالم.

(2) وكالة الاستكشافات ومهمتها تطوير الاستطلاعات عبر الأقمار الصناعية وغيرها.

(3) وكالة التصوير والمسح الجغرافي ومهمتها إعداد المعلومات الجغرافية بدءا من الخرائط وصولا إلى التصميمات المعقدة على أجهزة الحاسب، وهي ذا أهمية بالغة في مجال توجيه الأسلحة لدى نشوب أي حرب.

وإضافة لذلك، فإن وكالة الاستخبارات الدفاعية مسئولة عن إمداد وزارة الدفاع بمختلف الأدوات والتكنولوجيات الاستخباراتية الحديثة. وقد زود قانون إصلاح الاستخبارات ومنع الإرهاب (2004) مدير وكالة الأمن القومي بمسئوليات حساسة تتعلق بتمويل وإدارة هذه الوكالات، لكن صلاحياته لا تتجاوز وزير الدفاع، ويجب عليهما التعاون الجاد خاصة في الجهود الاستخبارتية الأكثر تعقيدا.

أما مكتب الاستخبارات والأبحاث بوزارة الخارجية، فهو أحد المكونات الأصغر لهذا المجتمع الاستخباراتي ولا تدخل موازنته ضمن موازنة الاستخبارات أو الدفاع. بيد أنه يتمتع بنوعية تحليلاته المتميزة، وهو في الأصل وكالة معلوماتية تقدم تحليلات من السفارات الأمريكية في الخارج.

وبالنسبة لاستخبارات الجيش والبحرية والجوية والأساطيل التجارية، فهي منظمات استخباراتية تقدم خدمات عسكرية وترتبط بمهمات محددة، وهي تعمل في خدمة الاستخبارات الدفاعية، وتقدم التحليلات المطلوبة إلى وكالة الاستخبارات المركزية في قضايا فنية أساسية.

أما وزارة الأمن القومي، فقد نشأت عام 2001 ووفق قانون الأمن القومي. وتشارك مكاتب الاستخبارات المختلفة مع الوزارة في الجهود الداخلية لمقاومة الإرهاب، وتتعاون الوزارة كذلك مع مكتب التحقيقات الفيدرالي من أجل إمداد صانعي القانون المحليين بمعلومات حول التهديدات الإرهابية من وكالات استخباراتية على المستوى الوطني. ويعد حرس الشواطئ فرع جديد بوزارة الأمن القومي يتعامل مع الأمن البحري لتعزيز الدفاع عن الوطن.

وتقوم وزارة الطاقة بتحليل البرامج الخارجية للأسلحة النووية وتدعم جهود منع الانتشار النووي وقضايا أمن الطاقة. بينما تقوم وزارة المالية بجمع وتحليل المعلومات التي تؤثر على الموازنة الأمريكية والسياسات النقدية المحلية والدولية، وتسهم بجهود مختلفة في مجال قضايا تمويل الإرهابيين.

الأنظمة الانضباطية لعمل المجتمع الاستخباراتي
حول النمط الوظيفي للمجتمع الاستخباراتي الأمريكي، فإنه يخضع لما يعرف باسم "النظامية الوظيفية الانضباطية"، والتي تقسم طبيعة العمل بداخله إلى أربع فئات، هي:

أولا: فئة الاستخبارات الإنذارية Intelligence Signals "Sigint":

وهي الآن من اختصاص وكالة الأمن القومي ومقرها فورت ميد بولاية ميرلاند. ولا شك أن هذه الفئة قد اختلف نمط عملها بعد نهاية الحرب الباردة، وأدخل عليها تغييرات كبيرة منذ أواخر التسعينيات بسبب تعدد مصادر التهديدات وامتلاك المجموعات الإرهابية لتكنولوجيات الاتصالات الحديثة. وكانت أكبر عملية تحديث تمت بها على يد "مايكل هيدين" الذي أصبح مدير الاستخبارات المركزية في مايو 2006، إذ أدخل تغييرات عديدة على مستوى الأشخاص المؤهلين وطبيعة الوظائف داخلها.

ثانيا: فئة الاستخبارات المجازية أو التخيلية Imagery Intelligence "imint":

وتختص هذه الفئة الوظيفية بجمع المعلومات أساسا عبر الأقمار الصناعية والطائرات والطائرات بدون طيار المتخصصة في مجال التصوير الجوي. وقد قامت هذه الفئة بدور بالغ في كشف ترسانات الصواريخ والأساطيل لدى الاتحاد السوفيتي السابق. وقد احتاجت هي الأخرى المزيد من التطوير بعد نهاية الحرب الباردة، وبات مطلوبا جمع المعلومات حول أهداف متنوعة في وقت واحد، لكن المزيد من فاعليتها يثير التساؤل حول قدرة القطاع الخاص على الوفاء بمتطلبات الوكالات الاستخباراتية بالأقمار الصناعية التجارية والطائرات بدون طيار مثل جلوبال هاوك.

وضمن هذه الفئة أيضا تقع مهمات وكالة المسح الجغرافي التي حلت محل الوكالة القومية للخرائط والتصوير (تأسست عام 1996) حيث يجب على هذه الوكالة تقديم معلومات جغرافية تساعد على كشف طبيعة الحقائق على أرض الواقع.

ثالثا: فئة الاستخبارات البشرية Human Intelligence "humint":

وهي أقدم الفروع الوظيفية، وتقع مسئوليتها على وكالة الاستخبارات المركزية المسئول الأول عن جمع معلومات تتعلق بالبشر. لكن لا يمنع ذلك قيام وزارة الدفاع عبر ملحقيها العسكريين داخل السفارات الأمريكية بالخارج بجمع نفس هذا النوع من المعلومات. وتعد هذه الفئة الوظيفية غاية في الأهمية لأن جمع المعلومات الإنذارية والمجازية لا تدل على حدوث نيات للتهديد أو وجود أنشطة معادية دون الدلائل التي تعتمدها الاستخبارات البشرية.

وتواجه هذه الفئة العديد من التحديات أبرزها البحث عن معلومات عن المجموعات الإرهابية وعن أشخاص قد لا يظهرون بالضرورة في المجتمع محل البحث، كما أن من يقوم بهذه الفئة الوظيفية يعمل في البلدان الخارجية تحت مظلة غير رسمية ربما أبرزها الأعمال التجارية، وهذا يصعب من الميكانيزم الإداري ويحتاج التنسيق مع السفارات والمكاتب الخارجية في وقت قد يكون فيه الوقت ضيقا لكشف مجموعات إرهابية، كما تواجه عمل هذه الفئة الضوابط المرتبطة بعدم انتهاك حقوق الإنسان كما حدث في أمريكا الوسطى.

على أن القيد الرئيسي على جمع معلومات بشرية ترتبط بحاجة الاستخبارات إلى أشخاص مؤهلين وقادرين على التعامل بأكثر من لغة أجنبية، وهو ما يعمل برنامج تعلم الأمن القومي الذي تأسس منذ عام 1991 على مواجهته إذ أنه يسعى لإعداد أشخاص أكفاء للعمل في أجهزة الأمن القومي.

رابعا: فئات نظامية وظيفية أخرى

أبرزها ما يتعلق بالإجراءات والمعايير التحليلية measurement and signatures analysis "masint"، وهذه فئة تقنية عليا تعمل على تحليل بيانات معقدة من الفئتين الإنذارية والمجازية وتضم كذلك تحليل المعلومات المرتبطة بهويات الأشخاص وطبيعة الأهداف. وتقع مسئولية هذه الفئة الوظيفية تحت إشراف مدير الاستخبارات المركزية ووكالات وزارة الدفاع الاستخباراتية، ومشكلتها أنها تحتاج إلى أشخاص مؤهلين ربما يشغلون مواقع هامة في صناعات خاصة.

وثمة فئة أخرى معلوماتية تعرف باسم المعلومات متاحة المصادر Open Source Information "Osint"، وتشمل جمع المعلومات من الصحف والدوريات والراديو والتليفزيون والمواقع الإلكترونية، وتجمع من خلالها المعلومات حول المناطق والموضوعات المختلفة، وتحتاج بالطبع إلى مترجمين أكفاء ومعالجي معلومات ومحللين نظاميين متخصصين حسب القضايا أو المناطق.

وهذه الفئة الأخيرة تثير التساؤل حول الحاجة لدور الاستخبارات الأخرى وكيفية تعاملها مع هذه المعلومات المتاحة، وهو ما ظهر في البند 1052 من قانون الإصلاح الاستخباراتي حيث عبر الكونجرس عن رغبته في إنشاء مركز استخباراتي يقوم بالتنسيق بين جمع وتحليل وتنقية المعلومات الاستخباراتية المتاحة مع الوكالات الاستخباراتية الأخرى، وسوف يقدم مدير الأمن القومي تقريرا حول هذا المركز.

التكامل الوظيفي بين الأجهزة الاستخباراتية
على الرغم من أن هذه الانضباطية الوظيفية تمثل الأساس للهيكل التنظيمي للمجتمع الاستخباراتي، إلا أن تحليل التهديدات ومواجهتها يستلزم جمع البيانات من مختلف الفئات الوظيفية على أن تحلل وتكون جاهزة في وقت محدد، وهذا تحديا قام في الماضي كما الآن بسبب وجود مشكلات تقنية في تحويل المعلومات والحاجة لحفظ سريتها وأمنها سيما وأن البعض يرى أن ثمة خطأ استخباراتي في حفظ المعلومات ومنعها عمًن قد يحتاجون إليها، وهو الأمر الذي أدى بالكونجرس إلى أن يتضمن قانون الإصلاح الاستخباراتي إنشاء مركز البيئة الاستخباراتية المشتركة Intelligence Sharing Environment لتسهيل تبادل المعلومات حول الإرهاب.

وثمة مشكلة أخرى لا تزال قائمة هي ما تعرف باسم "الحواجز" الموجودة بين الاستخبارات الخارجية وبين معلومات تستخدم داخليا لتطبيق القوانين، حيث تستخدم المعلومات في هذه الحالة من لدن جهازين للاستخبارات، فتستخدمها الاستخبارات الخارجية لأجل صنع السياسة والإعداد العسكري، بينما تستخدمها الاستخبارات الداخلية في إجراءات قانونية داخل الأراضي الأمريكية.

ومع أن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2001 "باتريوت آكت" قد أكد إمكانية مشاركة معلومات تطبيق القانون داخليا مع محللين في وكالات استخباراتية خارجية، لكن الممارسة لم تحل هذه المشكلة، وهو ما قاد إلى إنشاء المركز التكاملي للتهديد الإرهابيTerrorist Threat Integration Center "TTIC" لجمع المعلومات من كل من المصدرين السابقين، كما أن المادة 1021 من قانون الإصلاح الاستخباراتي قد جعلت المركز الوطني الجديد لمكافحة الإرهاب New National Counterterrorism Center "NCTC" يعمل تحت إشراف مدير وكالة الأمن القومي "مدير الاستخبارات القومية"، فهو المسئول عن تحليل المعلومات والتكامل الاستخباراتي فيما بينها سواء بالنسبة للوكالات القائمة أو بالنسبة لما تطلبه الحكومة فيما يخص مكافحة الإرهاب، فيما عدا الإرهاب الداخلي الخالص.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 14-05-09, 10:14 PM

  رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي وكالة الاستخبارات الأمريكية cia



 

وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تعتبر وكالة المخابرات الأمريكية أحد أهم الأجهزة الرئيسية للتجسس ومقاومة التجسس في الولايات المتحدة. فقد أنشئت إبان الحرب العالمية الثانية بأمر من الرئيس الأمريكي ”هاري ترومان" لتحل محل "مكتب الخدمات الاستراتيجية" الذي كان أسسه الرئيس "فرانكلين روزفلت" وذلك تحت ضغط الاستخبارات العسكرية ومكتب المباحث الفدرالي.

ومهمة المخابرات الأمريكية تتلخص في الحصول على المعلومات الخارجية بصفة خاصة وتجميعها وتقسيمها، وكذلك تدبير العمليات السرية التي ترى أنها تحقق أهدافها السياسية، سواء أكانت عسكرية أو مؤامرات سياسية.

رؤساء السي آي إي

يعتبر الن دالاس من أهم مؤسسي الجاسوسية الأمريكية حيث أوكل إليه إنشاء جهاز المخابرات المركزية، إلا أنه، ونتيجة لبعض الأخطاء أبعده الرئيس ترومان وأحل محله الجنرال "فالتر سميث" ومع مجيء "ايزنهاور" رئيسا للولايات المتحدة عاد "الن دالاس" رئيسا للوكالة ودعمه في موقعه وجود أخيه "جون فوستر دالاس" وزيرا للخارجية. وإثر الأزمة العاصفة التي نشبت بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة حول نية الأخيرة غزو كوبا، وفشل هذه العملية التي عرفت بأزمة خليج الخنازير عام 1961، واهتزاز صورة الولايات المتحدة في العالم الثالث نتيجة لذلك، نحى "جون كينيدي" "الن دالاس" عن رئاسة الوكالة، وعين الجنرال "جون ماكون" في عام 1963، تلاه الأميرال "وليم رابون" حتى حزيران 1966، ومن ثم "ريتشارد ماكجاراه هيلمز" وبعده جيمس شلينغر" ثم "وليم كوبي" في أواخر عهد نيكسون.

الموقع

يقع مركز الاستخبارات المركزية في ضاحية "لانغلي" وتبعد 15 كلم عن واشنطن العاصمة وهو مركز محصن تحصينا طبيعيا بوجود نهر "بوتوماك"، فضلا عن الحراسة المشددة عليه والكاميرات التلفزيونية المسلطة على المنطقة المحيطة ليلا ونهارا. وتبلغ مساحة هذا المركز حوالي 125 ألف متر مربع، بينما بلغت تكاليف الإنشاء عام 1966 ، 46 مليون دولار، ويحيط بالمبنى سوار يبلغ ارتفاعه أربعة أمتار تعلوه أسلاك شائكة. وتحتفظ الوكالة ببعض الأبنية لاستعمالها تحت أسماء مستعارة.

الميزانية

توازي ميزانية المخابرات المركزية السنوية ميزانية عدة دول نامية. كما يقدر عدد العاملين فيها بحوالي 250 ألف موظف وجاسوس يقدمون خلاصة أعمالهم بقرير صباح كل يوم، يطلع عليه الرئيس الأمريكي.

أسلوب العمل

تستخدم الوكالة مختلف وسائل التجسس الحديثة، كطائرات التجسس من طراز طائرة U.2 التي استخدمت فوق الأراضي السوفيتية من أجل التصوير والتقاط الرادار. ونذكر الطائرة التي أسقطت عام 1960، فوق الأراضي السوفييتية والتي أفشلت الاجتماعي الذي كان مقررا في باريس بين الرئيس "ايزنهاور وخروتشوف ومكملان وديجول". وبمساعدة الطائرات U.2 استطاعت الولايات المتحدة معرفة أماكن الصواريخ الروسية في كوبا عام 1962، كما استخدمت المخابرات المركزية كذلك السفن البحرية مثل "بيوبلو" التي قبض عليها في كوريا عام 1968.

إضافة إلى ذلك كان استخدام العملاء المباشرين سواء كانوا دبلوماسيين أو غير دبلوماسيين وذلك بغية الحصول على المعلومات كحصولهم على نسخة من التقرير الذي تقدم به خروتشوف إلى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي، والذي ندد فيه بجرائم ستالين، وكذلك البولندي جوزيف سوتيلو الذي كان يحتل موقعا متقدما في بلده، وغيرهم من الذين ما زالوا يعيشون بحماية المخابرات المركزية نظرا للخدمات الكبيرة التي قدموها لهذه المؤسسة.

العمليات الخارجية

ينسب إلى وكالة المخابرات المركزية سلسلة طويلة من العمليات السياسية والعسكرية في العديد من دول العمال، وخاصة في أمريكا الوسطى والجنوبية وغرب إفريقيا والشرق الأوسط والأدنى، حيث جرى العديد من الانقلابات العسكرية والتصفيات الفردية والجماعية.

كما تلعب الوكالة دورا كبيرا في التنظيمات النقابية والثقافية المختلفة عن طريق التدخل في نشاطاتها. فقد تولت حركة الطلاب في الولايات المتحدة وتدخلت في حركة الجامعة في ولاية ميشغن وفي البرامج الجامعية للجامعات الأمريكية وفي النقابات، إضافة إلى تمويلها للعديد من دور النشر لنشر الكتب المؤيدة لسياسات الولايات المتحدة، وكذلك باستخدام شخصيات ذات اطلاع وكفاءة عالية لتسويق أفكارها ومعتقداتها خدمة للسياسة الأمريكية.
_______________

المصدر:الجزيرة

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 10-06-09, 08:50 PM

  رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

Thumbs up مختارات من وثائق المخابرات الأمريكية



 

مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية (1)
مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية ما بين (1950 - 1970) (1)


1. المقدمة:
نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (cia) في موقع "قانون حرية المعلومات" على الإنترنت وثائق سرية وتحليلات استخبارية تربو على اثني عشر ألف صفحة تلقي ضوءا على نشاطاتها بين أعوام 1950 - 1970، ومن ضمنها محاولات اغتيال رؤساء ومسؤولين، وعمليات تنصت على قادة وصحافيين، ومراقبة طلاب، وفتح رسائل بريدية، وملفات وتحليلات عن أزمة السويس والحرب العربية "الإسرائلية" عام 1967، والسياسات الداخلية لكل من الاتحاد السوفييتي والصين، وكذلك العلاقات السوفييتية الصينية وغيرها من المسائل الخاصة بدول العالم.


وقد تم إعداد تلك الملفات عام 1973 بطلب من جيمس شليزنجر مديرcia آنذاك، بعد الكشف عن تورط وكالة الاستخبارات في فضيحة ووترجيت التي أدت إلى استقالة ريتشارد نيكسون عام 1974 وقد أعلن مدير الوكالة مايك هايدن عن نزع السرية عن تلك الملفات يوم الخميس قبل الماضي أمام جمعية مؤرخي العلاقات الخارجية الأمريكية، وقال : إن معظم النشاطات غير مشرف ، ولكن هذا هو تاريخ الوكالة.


ومن بين هذا الكم الهائل من الملفات اختارت "الخليج" بعض ما يهم القارئ العربي، وخاصة حرب يونيو/ حزيران 1967، وانطلاق حركات المقاومة الفلسطينية.


شكلت الحرب العربية "الإسرائلية" في يونيو عام 1967 هزيمة مهينة للعرب وتراجعا كبيرا في هيبة السوفييت ، فقد خصص السوفييت كميات كبيرة من المساعدات والدعم السياسي للعرب في الوقت الذي ساهمت السياسة الاقتصادية التي اعتمدوها في منتصف عام 1966، إلى حد كبير في التوترات التي حدثت قبل الحرب ، وعلى أمل ضمان دعم وبقاء النظام السوري الجديد ، بدأ السوفييت في ذلك الوقت في اعتماد لغة عسكرية ضد "إسرائبل".
وفي الوقت الذي كان فيه عبد الناصر والسوفييت يأملون من خلال ذلك بالتحكم أكثر بالسوريين المتشددين ، تمثلت النتيجة النهائية لتلك السياسة في دفع عبد الناصر إلى اتخاذ موقف أكثر عدائية تجاه "إسرائبل" فقد فشل السوفييت في استشراف نتائج هذه السياسة ، وعندما فقدوا السيطرة على الوضع استخدموا نفوذهم مكرهين في محاولة لكبح جماح عبد الناصر.


2.الفيتو السوفييتي حال دون إصدار قرار من مجلس الأمن يدين العمليات الفدائية


وقد دفعت النتائج المحرجة لسياسة ما قبل الحرب السوفييت إلى إجراء بعض التغييرات في طريقة تعاملهم مع الشرق الأوسط ، فقبل الحرب كشفوا علناً عن دعمهم لمواقف الأنظمة العربية العسكرية الأكثر تطرفا في معاداة "إسرائبل"، ومن ثم عادوا ليدعموا المواقف الأكثر اعتدالا مع إنها ما تزال تشكل خطاً مناهضاً ل "إسرائبل"، وأفسحت الرغبة في خوض مغامرة كبيرة في وضع فقدوا التحكم فيه من أجل تحقيق أهداف قصيرة الأمد المجال لاتباع نهج متدرج وأكثر حذراً إلى حد ما بعد الحرب. ..
فالمخاطر التي ينطوي عليها الالتزام بدعم نظام يساري راديكالي أصبحت واضحة ، فقبل الحرب عمد السوفييت إلى بذل الجهود اللازمة فقط للحيلولة دون إثارة غضب السوريين، أما الآن فقد بدأوا في فرض قيود بطريقة متأنية وجدية ، وهكذا استبدلوا تصريحاتهم الديماغوجية المتضاربة في فترة ما قبل الحرب بتعهدات بتوفير الدعم اتسمت عمداً بالغموض ، لتتضح بذلك حدود الدعم الذي يمكن أن يقدموه للعرب ؛ ونتيجة لذلك انهارت القوات العسكرية العربية ..


وفي مقابل تقديم الدعم طلب الاتحاد السوفييتي أن يُمنح المدربون والمستشارون العسكريون السلطة الكاملة لتدريب وتنظيم القوات المسلحة السورية والمصرية من كافة المستويات.

ورغم أن السوفييت غيّروا تكتيكاتهم إلا أنهم استمروا في تطبيق الاستراتيجية التي ساهمت في الإهانة التي تلقاها العرب في حرب الأيام الستة، حيث ظلوا مقتنعين بأن الحفاظ على حالة التوتر بين العرب و"إسرائبل" عند أعلى مستوى يعزز النفوذ السوفييتي في المنطقة ، وعلى كل حال كانوا يأملون بتحقيق النجاح الذي عجزوا عن تحقيقه في يونيو 1967، وهو أن تكون سيطرتهم على العرب فعلية، وبالتالي تجنب تكرار حدوث كارثة يونيو ، ولكن في المحصلة بدت السياسة السوفييتية في الشرق الأوسط مصابة بالانفصام.


فعلى سبيل المثال أوضح السوفييت بجلاء للعرب أنهم لا ينوون أن ينخرطوا عسكريا في نزاع مستقبلي، وفي الوقت نفسه عززت موسكو حجم أسطولها في البحر المتوسط ، وسعت جاهدة من أجل استعادة ثقة العرب بدعمها الحقيقي لهم ، وذلك من خلال الزيارات المطولة للسفن السوفييتية إلى الموانئ السورية والمصرية ، كما أن وجود الأعداد الضخمة من المستشارين والعسكريين السوفييت في المنطقة ، رغم أن القصد من ذلك ربما كان ضمان عدم إفلات الأمور من أيديهم مرة أخرى ، قد زاد من مخاطر التدخل السوفييتي في حال نشوب حرب...


عليه استمر تدفق الكميات الكبيرة من المواد إلى المنطقة من أجل إعادة بناء القوات المسلحة العربية ، ورغم التهديد المتواصل الذي يشكله نمو المنظمات والجماعات المسلحة "الإرهابية" العربية على السلام في الشرق الأوسط تجنب الاتحاد السوفييتي القيام بأي تحرك يمكن أن يعرض موقعه لدى تلك المجموعات للخطر، حيث قدم الدعم العسكري لعدد من تلك المنظمات، عبر الجمهورية العربية المتحدة والعراق باستخدام حلفائه الأوروبيين كتجار أسلحة ، وبينما كان السوفييت يأملون من خلال ذلك بتحقيق بعض السيطرة على قيادة تلك الجماعات المسلحة، غير أنهم على ما يبدو نسوا فشل السياسة المشابهة التي اتبعوها مع المقاتلين السوريين قبل حرب يونيو.


ومهما كانت الحالة فقد حصل تغيّر جوهري خلال العام الأخير، حيث تحول السوفييت عن استراتيجية الحذر والجدية التي اتبعوها بعد حرب يونيو، وجددوا دعمهم لنزعة القتال لدى العرب ، وقد برز هذا التحول من خلال ملاحظات كوسيجن التي سلطت عبرها الضوء على خط جديد من الدعم للموقف العربي المناهض ل "إسرائبل" (10 ديسمبر)، وأيضا من خلال الدعاية السوفييتية لنشاطات وممارسات الجماعات المسلحة المقاتلة.


ومع ذلك فإن رغبة السوفييت بعد الحرب في تسوية سياسية عن طريق المفاوضات في الشرق الأوسط لم تندثر بشكل كامل ، فقد كان الاعتبار الأول بالنسبة لموسكو، كما كان قبل حرب يونيو، هو ترسيخ مكانتها كنصر لحركة التحرر الوطني العربية والحركة المناهضة للإمبريالية ، ومن هذا المنطلق قامت بدعم المجموعات المقاتلة ، ويطمح السوفييت من خلال هذه السياسة إلى تحقيق مكاسب طويلة الأجل لنفوذهم في المنطقة من أجل منع خروج الأحداث الخطيرة عن سيطرتهم مرة أخرى ، كما حدث في يونيو 1967 ..


وعليه وافق السوفييت على الشروط العربية المسبقة لتسوية في الشرق الأوسط ، رغم أنهم لن يقبلوا العروض الأمريكية التي يمكن أن يُدفع العرب إلى القبول بها حسب اعتقادهم ، وفي حين يسعى السوفييت لتجنب حدوث أي مواجهة في المنطقة فهم يعتقدون أن تجديد الدعم لعبد الناصر والجماعات المقاتلة قد يعزز فرصة حدوث مواجهة ، وعلاوة على ذلك يبدو أن السوفييت مرة أخرى واثقون من أن بإمكانهم السيطرة على عبد الناصر ومنع وقوع حرب بين العرب و"إسرائبل"...


فمخاطر هذه السياسة قد تكون أكبر مما تعتقد القيادة السوفييتة، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ميل عبد الناصر الذي اتضح بجلاء في مايو 1967 إلى العمل بأسلوب غير متوقع وغريب وعنيف غالباً، وانتحاري على الصعيد السياسي في بعض الأحيان.


في أوائل الخمسينات بدأ السوفييت يتعهدون برعاية الأنظمة العربية القومية الناشئة، مستفيدين من العاطفة المناهضة للغرب، المتنامية والمشتركة بين هذه الأنظمة ، وكان جمال عبد الناصر الهدف المبدئي للسوفييت، لأنه الأشد إثارة للإعجاب في السلالة الجديدة من الزعماء العرب، ولأنه رئيس أقوى دولة عربية ، وكان الاتحاد السوفييتي يعول بشدة على الجمهورية العربية المتحدة ، وبحلول سنة 1965 كانت القاهرة تعتمد كلياً تقريباً على موسكو في العون العسكري ، وقد تبين أن مخاوف العرب من أن المعونة السوفييتية للشرق الأوسط قد تتقلص أو تتوقف نتيجة للإطاحة بخروتشوف لم تكن صحيحة.


وبعد الإطاحة بالزعيم الشيشكلي في سوريا سنة ،1954 كانت علاقة السوفييت بتلك الدولة مقتضبة ومتقطعة ، وقد أسفر الانقلاب العسكري في فبراير/ شباط 1966 الذي قام به الجناح المتطرف في حزب البعث المغالي في قوميته عن تقارب سريع في العلاقات السوفييتية السورية، كما أن اشتمال مجلس الوزراء السوري على وزير شيوعي قد أثلج صدر السوفييت بوجه خاص ، ومنذ ذلك الوقت زاد الاتحاد السوفييتي معونته العسكرية والاقتصادية لسوريا زيادة كبيرة، وأصبح الحرص على استمرار بقاء البعثيين الراديكاليين أحد الاعتبارات الرئيسية في السياسة السوفييتية في الشرق الأوسط.


وفي مسعى للإفادة من الوضع في سوريا شرع السوفييت في التأييد العلني لخط ميال للقتال بصورة متزايدة ومناوئ ل "إسرائبل"، وأخذوا يصدرون التحذيرات ضد أي تدخل في الشؤون الداخلية لعميلتهم الجديدة ، وبسبب قلقهم فيما يبدو من أن جارة سوريا، الأردن، قد تتخذ بعض الإجراءات ضد النظام السوري الجديد حذر السوفييت الأردنيين سراً من أن يفعلوا ذلك ، وذكر أن السفير السوفييتي في الأردن، سلايوسارينكي، نقل مثل هذه الرسالة في 28 مايو/ أيار إلى الملك حسين، وقال له : إن تقارير المخابرات السوفييتية أشارت إلى أن مثل هذا التدخل يوشك أن يحدث.


وعلى الصعيد العلني هاجمت مقالة نشرتها صحيفة "أزفستيا" في 7 مايو/ أيار 1966 "إسرائبل" بسبب "الاستفزازات المسلحة" ضد سوريا، الهادفة إلى الإطاحة بالنظام الجديد، وحذرت "إسرائبل" من التدخل.

وفي 27 مايو/أيار تضمن خبر نشرته وكالة تاس زيادة الدعم السياسي السوفييتي للنظام السوري ، وحسبما ورد في ذلك الخبر فإن الاتحاد السوفييتي " لن يقف مكتوف الأيدي إزاء محاولات زعزعة السلام في المنطقة التي تقع على أعتاب الاتحاد السوفييتي" وقد خص التصريح الوارد في الخبر بالهجوم القوى "المتطرفة" في "إسرائبل" واتهم الدوائر "الرجعية" في الأردن والعربية السعودية، مدعومة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالتآمر على سوريا ..


وكان أثر التصريح السوفييتي- رغم الانطباع الدبلوماسي الذي يشيع في لغته- تشجيع السياسة السورية ضد "إسرائبل" على زيادة نشاطها ، وكان السوريون في هذه الفترة يساندون حملات الفدائيين على "إسرائبل" من الحدود الأردنية، وعلى الرغم من أن عدد هذه الحملات لا يقارن بمستوى هجمات الفدائيين في الفترة التي أعقبت الحرب إلا أنها شهدت زيادة كبيرة عما كانت عليه من قبل.


3. السوفييت يحثون على الوحدة بين سوريا ومصر أواخر 1966 وأوائل 1967

بالإضافة إلى إصدار التحذيرات ضد التدخل سعى السوفييت إلى ضمان أمن النظام السوري الجديد بالحث على المصالحة بين السوريين والمصريين، وكانت الدولتان متنافرتين منذ انفصال سوريا سنة 1961 من الوحدة مع مصر، وقد طالب كوسيجن في كلمة وجهها إلى الجمعية الوطنية للجمهورية العربية المتحدة في منتصف مايو/أيار 1966 بالوحدة بين الدول العربية "التقدمية"...
ولعل السوفييت كانوا يأملون في أن يتبنى السوريون موقفاً أقل استفزازاً نظير الحماية التي تتوفر لهم من خلال تحالف مع الجمهورية العربية المتحدة ، لكن يبدو أن النتيجة النهائية كانت تشجع عبد الناصر على تبني خط أكثر ميلاً للقتال.


وخلال خريف سنة 1966 اشتدت الغارات الإرهابية العربية على "إسرائبل" انطلاقاً من سوريا والأردن، واستمرت مع دخول سنة 1967 وكانت "إسرائبل" ترد عليها بغارات انتقامية، وفي أكتوبر/تشرين الأول أعلن رئيس الوزراء السوري يوسف زعين أن سوريا لن تتخذ أبداً إجراءات لكبح الفدائيين ، وقد اجتمع مجلس الأمن التابع للامم المتحدة عدة مرات بين 14 أكتوبر/تشرين الأول و4 نوفمبر/تشرين الثاني بناء على طلب "إسرائبل"، لكن الفيتو السوفييتي حال دون صدور قرار يدين الغارات الإرهابية.


وقد حدد السلوك السوفييتي في خريف 1966 نمط الأداء اللاحق في ربيع 1967. وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول تلقت "إسرائبل" مذكرة من الاتحاد السوفييتي تتضمن اتهاماً بأن حشداً للقوات "الإسرائلية" قد تشكل على طول الحدود السورية ، وأن "الإسرائبليين" يستعدون لشن هجوم جوي يعقبه توغل عميق للقوات "الإسرائلية" في سوريا، وقد كرر السفير السوفييتي الاتهام بعد يومين في الأمم المتحدة، وامتنع تحقيق أجرته الأمم المتحدة عن تأييد الاتهامات السوفييتية. ..


وفي هذه الأثناء سعت موسكو في 14 و15 أكتوبر/تشرين الأول إلى تحرير العرب من أي تفكير بالرد بطريقة مغامرة، وهكذا كانت موسكو تحث الحكومتين السورية والمصرية في آن وأحد على البقاء هادئتين ، وتجنب إعطاء "إسرائبل" ذريعة للعدوان.
وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 أي بعد نحو ثلاثة أسابيع من توكيد السوفييت على ادعائهم بوشوك وقوع غزو "إسرائبلي" لسوريا، وقعت الجمهورية العربية المتحدة اتفاق دفاع مشترك مع سوريا، ويوحي توقيته بأن التقرير الذي أعد برعاية السوفييت والذي يحذر من هجوم "إسرائبلي" قد يكون شجع هذين النظامين العربيين على توقيع الاتفاق ، وما من شك في أن التقرير السوفييتي قد وفر للحكومة السورية حافزاً إضافياً لأن تنشد الحماية في ظل تحالف مع عبد الناصر، كما أن عبد الناصر يمكن أن يكون قد منى نفسه باكتساب بعض السيطرة على السوريين في المقابل، وكان التقرير الزائف عن التعبئة "الإسرائلية" يخدم على خير وجه الهدف السوفييتي المتمثل في إيجاد تقارب مصري سوري، وقد أعطى تقرير زائف آخر نشر في مايو/ أيار 1967، نتائج عكسية وساعد في وقوع سلسلة الأحداث التي أفضت إلى الحرب.


ويبدو أن الاتحاد السوفييتي كان يأمل في أن يوفر تحالف الجمهورية العربية المتحدة وسوريا أمناً أكبر للنظام الراديكالي في سوريا، وأن يحد من ميل النظام السوري إلى القيام بمغامرات بمفرده، ولكن عبد الناصر لم يفلح في تهدئة السياسة السورية الاستفزازية إزاء "إسرائبل"، وعلى العكس من ذلك أصبح عبد الناصر المرتبط بالسوريين الذين يفوقونه في النزعة إلى الحرب أشد هشاشة في وجه استثارة السوريين الغوغائية للعواطف المناوئة ل "إسرائبل" في الدول العربية *.


وفي أوائل سنة 1967 كان التوتر على طول الحدود "الإسرائلية" السورية شديداً حيث ازدادت عمليات تبادل القصف المدفعي ، وقد مارست سوريا (التي كان من الواضح أنها ليست قوية بما يكفي لمواجهة "إسرائبل" بمفردها) ضغطاً كبيراً على عبد الناصر ليظهر زعامته للعالم العربي، وليبرهن على قيمة اتفاق الدفاع الذي وقع في نوفمبر/ تشرين الثاني، وخلال هذه المرحلة حذر السوفييت السوريين في مناسبتين على الأقل، وأخبروهم بأن السوفييت لا يريدون أن يخرج الوضع عن السيطرة، ولكن رغبة السوفييت في الإفادة من التوتر المهيمن لكي يزيدوا نفوذهم على حساب الولايات المتحدة منعتهم من اتخاذ أي موقف قوي مع السوريين، وأدت إلى وقوع بعض الأعمال المتناقضة على نحو ما...

وعلى س
بيل المثال في 3 فبراير/ شباط، أي بعد أسابيع قليلة من تحذير السوفييت للسوريين سراً من الاندفاع نحو الحرب نشرت صحيفة "أزفستيا" مقالة تتهم "إسرائبل" بحشد قوات ضخمة على الحدود السورية، واستدعاء قوات الاحتياط، ووضع القوات العسكرية في حالة تأهب.


وفي 7 أبريل/نيسان 1967 في أعقاب تبادل لإطلاق النار عبر الحدود شنت "إسرائبل" أعمق غارات جوية على سوريا حتى ذلك الوقت، وقد يكون ذلك مؤشراً إلى تغير رئيسي في سياسة "إسرائبل" الانتقامية، حيث كان طياروها مخولين باختراق سوريا في العمق ، وأحس السوريون بالمهانة، كما شعر السوفييت الذين كانوا قد زودوا سوريا بالطائرات بالحرج إزاء النجاح "الإسرائبلي".


وبعد خمسة أيام كانت هنالك معركة مدفعية شرسة أخرى عبر الحدود "الإسرائلية" السورية، وانتقدت الدول العربية الجمهورية العربية المتحدة على بقائها صامتة وسلبية نسبياً خلال تلك الفترة ، ومن جانب آخر كانت إذاعة موسكو صارخة في اتهامها للأسطول الأمريكي بالتحرك و"التآمر"، وتحذيرها من خطط "إسرائبلية" لغزو سوريا، وقد كشفت معركة 7 أبريل/ نيسان للسوفييت وللسوريين هشاشة سوريا أمام الهجمات "الإسرائلية"، وقد يكون السوفييت استنتجوا أنه من أجل ردع "إسرائبل" يجب على مصر أن تبدي التزاماً أشد نحو سوريا.


وفي منتصف أبريل/ نيسان أرسل السوفييت إلى "إسرائبل" مذكرة إنذار تذكر أنه يجب على "إسرائبل" أن تتحمل المسؤولية التامة عن أعمالها، و"تأمل" المذكرة كذلك ألا تسمح "إسرائبل" لنفسها بأن تُستغلّ من قِبل من سيجعلونها دمية في أيدي القوات المعادية الأجنبية، واستمرت الدعاية السوفييتية في الربط بين "إسرائبل" والولايات المتحدة في التآمر ضد سوريا ، وفي 24 أبريل/ نيسان، دعا بريجنيف إلى سحب الأسطول السادس الأمريكي من البحر المتوسط.


4. إغلاق خليج العقبة فاجأ السوفييت :

في خطاب ألقاه يوم 2 مايو/أيار، هاجم ناصر "الإمبريالية" والولايات المتحدة بعبارات ولهجة عنيفة غير معهودة ، ولربما كان يستجيب بهذا ويرد على الانتقاد العربي ، وعلى اللكزات واللمزات السوفييتية، وفي 12 مايو/أيار حذر رئيس الوزراء "الإسرائبلي"، أيشكول في تصريح حاد النبرة من أن سوريا ستواجه إجراءات مضادة صارمة ، وستجابه تبعات خطيرة إن هي لم توقف الغارات الإرهابية التي تشن على "إسرائبل"، وانتشرت إثرها ببرهة وجيزة إشاعات في المنطقة مفادها أن "إسرائبل" كانت تحشد قواتها على الحدود السورية، وتتخذ استحكامات على الجبهة ، وتتأهب لشن هجوم على سوريا، ولم يكن التقرير صحيحاً، وفي الحقيقة لم تعزز "إسرائبل" حدودها ، ولم تستدع قوات الاحتياط لديها إلا بعد أن بدأت الجمهورية العربية المتحدة تستنفر قواتها ، وتعززها وترفع درجة تأهبها العسكري.


ولم يتضح مصدر التقرير ، ويبدو أنه لم يأت من قِبَل السوريين أو المصريين، إذ كان السوفييت هم من مدوا كليهما بالمعلومات، ومن الممكن أن يكون "الإسرائيليون" أنفسهم هم من بثوا هذه الإشاعات على أمل أن يستحثوا السوفييت بذلك ليقنعوا السوريين بوقف عملياتهم الاستفزازية، على أية حال لم يكن يبدو أن السوفييت مهتمون بوجه خاص بالتثبت من صحة التقرير، وكانوا قد أطلقوا مزاعم مماثلة لا أساس لها، في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1966، وفي فبراير/شباط من عام 1967، وكانوا هم الناشر الرئيسي لهذا التقرير.


وفي خطاب له يوم 22 مايو/أيار قال ناصر: "تلقينا معلومات دقيقة يوم 13 مايو/أيار بأن "إسرائبل" كانت تحشد وتركز قواتها على الحدود السورية بأعداد ضخمة.. والقرار الذي اتخذته "إسرائبل" في هذه الآونة هو شن عدوان على سوريا بتاريخ 17 مايو/أيار".

وفي خطابات ألقاها في 9 يونيو/حزيران و23 يوليو/تموز استشهد ناصر بالسوفييت بصفتهم مصدر هذه "المعلومات الدقيقة" وزعم أن المعلومات نقلت إلى وفد برلماني مصري زار موسكو في مايو/أيار.


في 13 مايو/أيار أرسلت رسالة إلى القاهرة عبر القنوات المصرية من موسكو، وبينت الرسالة أن وكيل وزارة الخارجية السوفييتية سيمينوف أخبر المصريين أن "إسرائبل" كانت تعد لهجوم بري وجوي على سوريا، وأن خطة الهجوم ستنفذ في الفترة ما بين 17 إلى 21 مايو/أيار، كما بينت أن السوفييت نصحوا الجمهورية العربية المتحدة بأن تتأهب، وأن تحتفظ بهدوئها، وألاَّ تنجر إلى مقاتلة "إسرائبل"، وكذلك نصحوا السوريين بأن يبقوا هادئين ، ولا يتيحوا ل "إسرائبل" فرصة للقيام بعمليات عسكرية، وقالت الرسالة أيضاً : إن الاتحاد السوفييتي كان يحبذ إبلاغ مجلس الأمن قبل أن تقوم "إسرائبل" بعمل عسكري ضد سوريا، وحسب الرسالة فإن هذه المعلومات أعطيت لأنور السادات، رئيس الوفد المصري الذي زار موسكو آنذاك، وهذه المعلومات التي تم التقاطها، تؤكد مصداقية تصريح ناصر بأن السوفييت مرروا المعلومات إلى الجمهورية العربية المتحدة، وتضيف حقيقة أخرى هي أن السوفييت حثوا المصريين في الوقت ذاته على أخذ الحيطة وتوخي الحذر، وأخذ العرب المعلومة لكنهم لم يعملوا بالنصيحة.
ووفقاً ل (يوجد حذف في الوثيقة) فإن وزير الخارجية السوفييتي جروميكو أبلغ كل السفراء العرب المعتمدين لدى موسكو، في الفترة من 15 إلى 19 مايو/أيار بأن ثمة هجوما وشيكاً على سوريا تعد له "إسرائبل"، وعرض تقديم أي عون مطلوب، بما فيه المساعدات العسكرية وأكد (يوجد حذف في الوثيقة) أن مثل هذه التأكيدات أعطيت في موسكو من قبل مسؤول سوفييتي على أرفع مستوى، إلا أنه من المستبعد جداً أن يكون مثل هذا التطمين الشامل قد أعطي أصلاً. ..


وتكرر التطرق لاحقاً إلى التقرير عن خطط "إسرائبل" المزعومة لشن هجوم، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 29 مايو/أيار، على لسان سفير الجمهورية العربية المتحدة القوني، ومن ثم ردد صدى هذا الحديث السفير السوفييتي فيدورينكو، الذي قال : إن بحوزة العرب معلومات دقيقة عن حشد مكثف للقوات "الإسرائلية"، وعن تبييت "إسرائبل" النية للقيام بهجوم بتاريخ 17 مايو/أيار.


ولم تتضح حتى الآن الدوافع السوفييتية وراء نشر تقرير غير موثق، وأسانيده واهية، وحججه متداعية، على الرغم من خطورته، وعلى الرغم من الاحتمالات الكبيرة بأن تفجر مثل هذه المعلومات الأوضاع، فحتى لو أن السوفييت عرفوا أن وقائع القصة التي طرحت للتداول لم تكن صحيحة، فلربما خشي المسؤولون السوفييت من رجحان كفة احتمال أن تقوم "إسرائبل"، نتيجة لخطاب ايشكول، بهجوم انتقامي ما، ضد سوريا في برهة قريبة، فإذا كان الأمر كذلك، فلربما كانوا يأملون في دفع الجمهورية العربية المتحدة نحو التزام صارم وصريح بأن تهب لمساعدة سوريا، على أساس أن مثل هذا الالتزام، حسبما ارتأوا وفكروا، يمكن أن يردع "إسرائبل" عن شن المزيد من الغارات، ومن المحتمل أيضاً أن السوفييت كانوا يأملون بتخويف السوريين كي يعدلوا من سياساتهم، وذلك بإقناعهم بأنهم إذا لم يبادروا إلى اتخاذ هذه الخطوة فسوف يواجهون هجوماً "إسرائبلياً"**.


5. تعزيز قوات الجمهورية العربية المتحدة

صدق ناصر على ما يبدو التقارير التي قدمها له الاتحاد السوفييتي، *** وتبع ذلك تعبئة وتحريك قوات الجمهورية العربية المتحدة ، ونشرها على الحدود مع "إسرائبل"، ولربما كان لدى ناصر أسبابه الخاصة ليتصرف بالطريقة التي تصرف بها ، إلا أن التقرير الذي نشره الروس أعطاه المبرر، وحسب الصحافة المصرية، فقد أعلنت حالة الطوارئ في الجمهورية العربية المتحدة ، وذلك "لوضع معاهدة الدفاع المشترك مع سوريا موضع التنفيذ، واتخاذ خطوات عملية بهذا الشأن".


وأكد ناصر مراراً وتكراراً في بياناته العلنية على أن تحضيرات الجمهورية العربية المتحدة العسكرية إنما كانت استجابة وردّة فعل على التهديد بشن هجوم "إسرائيلي" على سوريا، وعلى ما يبدو، فقد تم تصميم هذا، والتخطيط له لصرف الانتباه "الإسرائبلي" المباشر إلى الحدود المصرية، وفي الوقت نفسه للمساعدة على تلميع صورة ناصر بصفته زعيم العالم العربي.


وفي 17 مايو/أيار طالب ناصر بانسحاب قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة من سيناء وقطاع غزة ، وطالب بالتالي بأن تنسحب هذه القوات من الجمهورية العربية المتحدة بشكل كامل، وفي 18 مايو/أيار شرعت قوات الجمهورية العربية المتحدة باحتلال موقع مراقبة قوات الأمم المتحدة في سيناء، ولم تكن قوات الأمم المتحدة مزودة بالأجهزة والعتاد والمعدات لتقوم بالرد، وفي اليوم التالي وافق الأمين العام للأمم المتحدة يو ثانت على انسحاب كامل لتلك القوات، وبحلول يوم 22 مايو/أيار، كان الجنود المصريون قد حلوا بشكل كامل محل القوات الأممية ****.


وخدمت مطالبة ناصر بسحب قوات الأمم المتحدة وموافقة يوثانت على هذا الطلب أغراضاً عدة ، فبإزاحة تلك المنطقة العازلة التي كانت ترابط فيها قوات الطوارئ الأممية صار بإمكان القوات المصرية أن ترد وأن تستجيب للمستجدات بصورة أسرع بكثير في حال شنت "إسرائبل" هجوماً على سوريا ، وقطعت مطالبة ناصر بسحب قوات الطوارئ الطريق أيضاً على الاتهامات الأردنية بأن الجمهورية المتحدة كانت تتوارى وتتمترس وراء درع الأمم المتحدة ، وإخراج قوات الأمم المتحدة هذه من الجمهورية العربية، وخصوصاً سحبها من الموقع الرمزي والاستراتيجي في شرم الشيخ عزز مكانة ناصر وشعبيته وزاد من شعور العرب بالاعتزاز.


6. السوفييت يبدون أكثر دموية :

فيما عكس دعم الصحافة السوفييتية لقيام الجمهورية العربية المتحدة بتعزيز قواتها انطباعاً يشي بموافقة السوفييت على هذه التطورات كانت هناك بعض الدلائل على تخوف انتاب السوفييت (حذف في الوثيقة).


وعبَّرَ السفير السوفييتي لدى الأمم المتحدة فيدورينكو عن بعض مشاعر القلق تجاه سرعة سحب قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة، وفي ذات اليوم أخبر السفير السوفييتي دوبرينين السفير ثومبسون بأنه كان يعتقد بأن السوفييت كان بوسعهم أن "يضاهوا" الولايات المتحدة في الحث على ضبط النفس وحض حلفائهم على ذلك، وكان السوفييت قد أظهروا بعض العلائم والإشارات التي تميل إلى ضبط النفس، مبدين عدم استعدادهم لأن يصبحوا متورطين بشكل مباشر في حرب سورية - "إسرائبلية" (مقاطع حذفت من نص الوثيقة).


وفي 18 مايو/أيار بثت إذاعة محلية من موسكو اتهاماً بأن القوات "الإسرائلية" قد تم حشدها وتعزيزها على الحدود السورية، وأن بعض المراقبين كانوا يقارنون الوضع بتلك الحالة التي شهدها العالم عشية حرب السويس، وحسب البرنامج الذي تم بثه، فإن السوريين لم يكن أمامهم من خيار سوى إعلان حالة الاستنفار في جيشهم ، ورفع درجة التأهب في مواجهة التهديدات "الإسرائلية".
وبينت الرسالة الإذاعية أيضاً أنه قد تم تطبيق البنود التي نصت عليها معاهدة العون المشترك السورية - المصرية، وأن قوات الجمهورية العربية المتحدة كانت على أهبة الاستعداد واليقظة، وأن القاهرة قد بينت أنها ستتدخل في حال شن "إسرائبل" لعدوان على سوريا.


وفي 19 مايو/ أيار ذهبت وكالة "نوفو سيتي" السوفييتية للأنباء إلى مدى أبعد من ذلك، إذ أورد الخبر الصحافي الذي تم توزيعه في البلدان العربية، ولم يظهر في الصحافة السوفييتية أن الاتحاد السوفييتي لن يقف متفرجاً مكتوف الأيدي إذا ما هاجمت "إسرائبل" سوريا (يوجد حذف في الوثيقة) ولا بد أن الأثر الإجمالي لمثل هذه البيانات والتصريحات هو التأكيد لبعض العرب على الدعم السوفييتي لهم.


7. ناصر يغلق خليج العقبة

بحلول يوم 22 مايو/ أيار من عام 1967، وهو اليوم الذي انسحبت فيه قوة صغيرة من قوات الطوارئ الدولية من شرم الشيخ، أعلن ناصر أن الجمهورية العربية المتحدة قد أغلقت خليج العقبة أمام الملاحة "الإسرائلية" وأمام جميع السفن التابعة للبلدان الأخرى، والتي تجلب شحنات استراتيجية ل "إسرائبل".

وفي اليوم التالي كرر ايشكول تمسكه بالموقف "الإسرائبلي" بأن تدخُّل مصر بالملاحة "الإسرائلية" في خليج العقبة سوف يعتبر عملاً عدائياً وإعلان حرب. وفي 26 مايو/ أيار حذرت "إسرائبل" من أنها لن تنتظر بلا نهاية فك الحصار المصري ، وسحب حشود القوات العربية على حدودها ، وعند ذاك بلغت تعبئة القوات المسلحة "الإسرائلية" وتأهبها العسكري الذروة.


ولعل أفعال عبد الناصر خلال شهر مايو/ أيار قد تأثرت بمعلومات رديئة عن القوة العسكرية العربية ، وعن مدى الدعم السوفييتي ، ولكن التقرير الزائف عن خطط "إسرائبل" لمهاجمة سوريا، بجعله عبد الناصر يقرر التعبئة، لعب دوراً رئيسياً في أعمال عبد الناصر ، فإذا كان يعتقد بأن "إسرائبل" قد خططت هجوماً على سوريا، وأن على الجمهورية العربية المتحدة أن ترد فلربما كان يقصد من وراء تعبئته ومطالبته بسحب قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة أن يكونا رادعين.


ولكن قرار عبد الناصر بإغلاق خليج العقبة رفع وتيرة الأزمة إلى مستويات جديدة خطيرة ، وقد دلت خطبه على أنه يعتقد بأن "إسرائبل" سوف ترد على الإغلاق، وأن الجمهورية العربية المتحدة مهيأة للتعامل مع هجوم "إسرائبلي" وقد قال في 26 مايو/ أيار "... إننا نشعر في الآونة الأخيرة بأننا أقوياء إلى درجة تكفي لانتصارنا على "إسرائبل" بعون الله، إذا خضنا حرباً معها ، وعلى هذا الأساس قررنا اتخاذ خطوات عملية.. وإن السيطرة على شرم الشيخ تعني أننا مستعدون لخوض حرب شاملة مع "إسرائبل".


ومع إنه أشار إلى أن الجمهورية العربية المتحدة لن تبادر بشن هجوم إلا أنه أعلن أنه إذا هاجمت "إسرائبل" أياً من سوريا أو الجمهورية العربية المتحدة "... فسوف تكون الحرب شاملة، وسيكون هدفنا الأساسي تدمير "إسرائبل".

وبينما كان عبد الناصر يصرح علناً بأن "إسرائبل" سوف تضطر إلى الرد، وأن الجمهورية العربية المتحدة تستطيع عندئذ التعامل مع "إسرائبل" عسكرياً إلا أنه يبدو على الأرجح أن عبد الناصر كان يعتقد في حقيقة الأمر بأن "إسرائبل" لن تهاجم، وأنه سوف يحقق مكاسب سياسية عظيمة بالنزر اليسير من المجازفة.


8. الاتحاد السوفييتي وإغلاق الخليج :

توحي الدلائل بأن السوفييت قد أخذوا على حين غرة عندما أغلق عبد الناصر الخليج ، ولم يكن ما يدل على عدم موافقتهم مقصوراً على غياب تصريحات الدعم العلني، بل تبدى ذلك أيضاً في صمت الصحافة السوفييتية وتأخير تناولها للأمر ، وكان ذلك علامة إما على غياب الإنذار المسبق، أو الافتقار إلى وجود موقف رسمي جاهز، أو كليهما...


وفي 23 مايو/ أيار ذكرت وكالة تاس تصريح عبد الناصر الخاص بإغلاق قناة السويس، وبعد ساعات عديدة نشرت تصريح الحكومة السوفييتية الذي يكرر الكثير من خط الدعاية السوفييتية السابقة، ولكنها امتنعت عن ذكر إغلاق الخليج *****.
وجاء أول تعليق شبه رسمي على إغلاق الخليج بعد ثلاثة أيام في مقالة لصحيفة "برافدا" وأعادت المقالة إلى الأذهان أن "إسرائبل" لم تستخدم الخليج قبل سنة 1965، وألمحت بذلك إلى أن "إسرائبل" لم يكن لها حق في استخدامه ، ولكن من الواضح أن السوفييت كانوا في هذه النقطة ينفرون من مساندة الإجراء الذي قام به عبد الناصر.


وبدا أن موقف السوفييت إزاء الشرق الأسط يتلخص في سؤال بلاغي طرحه في 1 يونيو/ حزيران نائب لوزير الخارجية السوفييتي (يوجد حذف في الوثيقة هنا)، الذي تساءل عما إذا كان هنالك أي سبب يمنع الاتحاد السوفييتي من العمل مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، ومما يدل على أن السوفييت لم يجدوا أي سبب حتى ذلك الوقت يمنعهم من فعل ذلك، من خلال موقفهم في الأمم المتحدة، حيث كانت الجهود لحل الوضع فاترة، وغير فعالة، وبطيئة ، وكان الاتحاد السوفييتي قد رفض المطالبات بإجراء محادثات بين القوى الأربع.


وفي 24 مايو/ أيار سد السفير السوفييتي لدى الأمم المتحدة فيدورينكو الطريق أمام إجراء مناقشة في مجلس الأمن للمشكلة الآخذة في التطور، وذلك برفضه المشاركة.
وفي 29 مايو/ أيار عندما انعقد مجلس الأمن أخيراً بشأن الأزمة، لم يضف فيدورينكو أي شيء بناء.


9. المواقف السوفييتية تحير الدول العربية :

تثير التقارير بشأن التزامات سوفييتية معينة إزاء العرب الحيرة في النفوس، ويبدو أن تطمينات السوفييت كانت مبهمة على الدوام ، وظلت من ثم عرضة لإساءة تفسيرها من قبل العرب ، وكان الالتزام الوحيد الواضح إلى حد ما، الذي قطعه السوفييت على أنفسهم ، هو مساندة العرب إذا تدخلت الولايات المتحدة إلى جانب "إسرائبل" ..


ولكن حتى هنا كان مدى ونوع المساندة غير واضحين، وحسب أحد التقارير، سأل عبد الناصر في منتصف مايو/ أيار، مإذا سيفعل الاتحاد السوفييتي، إذا هبت الولايات المتحدة لمساعدة "إسرائبل" في حال نشوب حرب؟ وذكر أن كوسيجين رد قائلاً : إن السوفييت سوف يساعدون العرب في المقابل ******.

وتتجلى الحيرة في العالم العربي إزاء حجم الدعم السوفييتي للقضية العربية، في التقارير الرسمية المتغيرة التي كانت ترفع للحكومتين السورية والمصرية في أواسط مايو/ أيار، ففي 15 مايو/ أيار كتب السفير السوري في موسكو لحكومته عن توكيدات الدعم السوفييتية الإجمالية، وقال : إنه يشعر بأن ذلك يعني الاشتمال حتى على التدخل العسكري، وفي اليوم التالي ذكر السفير المصري في دمشق كذلك لحكومته في القاهرة أن موسكو سوف تدعم سوريا "إلى درجة التدخل العسكري".


وتضمن التوضيح اللاحق الذي أصدره السفير السوري في موسكو معلومات تفيد بأن "المساعدة السوفييتية لن أكرر لن تبلغ حد التدخل العسكري" وليس واضحاً من هذه التقارير ما إذا كان هذا التوضيح قد نقل إلى المصريين، وقد يكون السوريون قد آثروا الاحتفاط به لأنفسهم حتى لا يتراجع المصريون، وباختصار، وعلى حد علمنا، حاول السوفييت أن يتجنبوا إصدار تصريح ناصع الوضوح، في ما يخص طبيعة ومدى مساندتهم في حال نشوب حرب.


ومن 25 إلى 28 مايو/ أيار، كان وزير الحربية المصري شمسي بدران في موسكو حيث التقى مع كوسيجين، وجروميكو، وجريتشكو*******.

..وفي خطاب عبد الناصر في 29 مايو/ أيار قال : إن كوسيجين قد بعث برسالة جوابية مع بدران يذكر فيه أن الاتحاد السوفييتي "يقف معنا في هذه المعركة ، ولن يسمح لأي دولة بالتدخل، بحيث تعاد الأمور إلى ما كانت عليه قبل 1956".

ويوحي هذا التصريح، إلى جانب "ادعاءات" عبد الناصر في ما يتعلق بقوة مصر مقابل "إسرائبل" بأن توقعات عبد الناصر من الدعم السوفييتي في حال نشوب حرب كانت تشتمل فقط على المواد والأعمال السوفييتية لردع التدخل الأمريكي نيابة عن "إسرائبل"، ولم يتوقع عبد الناصر بالتأكيد ما حدث بالفعل، وهو حرب مدمرة دامت خمسة أيام...

وكان على الأرجح يتنبأ بصراع طويل الأمد يلعب فيه العون السوفييتي دوراً مهماً، على هيئة معدات عسكرية، لا مساندة بالتدخل الفعلي.

وبصرف النظر عن تفسير عبد الناصر للالتزام السوفييتي الفعلي، يبدو أنه كان يشعر بأنه كاف ، ويبدو أنه قد صدق أن الدعم السوفييتي لن تكون هنالك حاجة إليه إلا لمنع عودة أوضاع 1956 وعندما ساعدت القوى الغربية "إسرائبل".

وكان يشعر فيما يبدو بأن الولايات المتحدة يمكن أن تكبح "إسرائبل"، كما بدا واثقاً من أن العرب يستطيعون مجاراة الجيش "الإسرائبلي" عند الضرورة، ويبدو بأن ثقة عبد الناصر بقدرات الجيش المصري، كان السوفييت يشاركونه فيها، جزئياً على الأقل.

ولكن أهم خطأ للسوفييت في هذه المرحلة، يبدو إخفاقهم في التنبؤ بهجوم "إسرائبلي".
10. السوفييت يحثّون على ضبط النفس من دون جهد كاف، وبعد فوات الأوان خلال الفترة الفاصلة بين إعلان إغلاق خليج العقبة، واندلاع الحرب، كانت السياسة السوفييتية قائمة، فيما يبدو، على افتراض أن "إسرائبل" لن تهاجم إذا بقي الوضع ساكناً ، فمن جهة منح السوفييت التشجيع للعرب، وتركوا احتمال مساندتهم لهم في حال نشوب حرب مفتوحا، ومن جهة أخرى، سعوا بلطف إلى كبح العرب عن القيام بالمزيد من الأعمال الاستفزازية، وليس ثمة ما يشير إلى أنهم حاولوا أبداً اقناع عبد الناصر بإزالة الإغلاق ، وانطلاقاً من قلق السوفييت ورغبتهم في تجنب الحرب، وفي الوقت ذاته، الإبقاء على جو التوتر الذي كانوا يشعرون بأنهم يمكن أن يفيدوا منه، راحوا يحثون العرب على ضبط النفس، فقط إلى درجة شعروا بأنها ضرورية لمنع الوضع من الغليان ووقوع الحرب.


وقد ادعى السوفييت في رواياتهم بعد الحرب أنهم كانوا قبل الحرب يحثون العرب على الامتناع عن القيام بأعمال يمكن استغلالها من قبل الأوساط الحاكمة "الإسرائلية" كذريعة لإطلاق الأعمال العدائية، وقد أيد عبد الناصر هذا الادعاء، وذكر في 26 مايو/ أيار أن الحكومة الأمريكية قد سلمت السفير السوفييتي في واشنطن رسالة تطلب فيها من السوفييت، حث الجمهورية العربية المتحدة على اللجوء إلى ضبط النفس، وألا تكون البادئة بإطلاق النار.


ولكن محاولات السوفييت كبح العرب كانت محدودة، وتوحي بأن قلقهم من احتمال قيام "إسرائبل" بالانتقام بسبب إغلاق خليج العقبة، لا يبلغ حد قلقهم من قيام العرب بالمزيد من الأعمال التي قد تقود بدورها إلى الحرب، ويبدو أن محاولاتهم في أواخر مايو/أيار، لإقناع العرب بأن "إسرائبل" لن تهاجم تستند إلى التقرير الأصلي غير الصحيح، الخاص بهجوم "إسرائبل" مخطط على سوريا، لا على احتمال شن هجوم انتقامي بسبب إغلاق الخليج.
ـــــــــــــــــ
الهامش :
* كان عبد الناصر عرضة للاتهامات بالتراخي من قبل كل من اليسار واليمين، وقد جعلت غارة "إسرائبلية" على قرية السمّوع الحدودية الأردنية في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 1966، الملك حسين يبدأ بالسخرية من عبد الناصر.

**يؤيد هذا وجهة النظر التي تذهب إلى أن "إسرائبل" ذاتها هي التي يمكن أن تكون قد اختلقت هذه الاشاعة منذ البدء، وثبت خطؤهم في الحالتين كلتيهما ، فلو أنهم صدقوا التقرير فسيكونون قد ارتكبوا بذلك خطأ استخباراتياً ، وأما إذا كانوا لم يصدقوا القصة وهو الأرجح احتمالاً على ما يبدو، أو أنهم كانوا من اخترعها، وكانوا يستخدمونها لحث ناصر أو السوريين، فعندها يكونون قد أساؤوا تقدير الآثار التي سوف تحدث، فالقصة لم تكبح جماح السوريين بل استثارت ردة فعل أكثر عدوانية مما توقعته موسكو من ناصر أو رغبت فيه.

*** ربما تأثر استعداد ناصر لتصديق التقارير في هذه الآونة بالهجمات الجوية "الإسرائلية" على سوريا في أبريل/نيسان، إضافة إلى تحذير ايشكول شديد اللهجة في مايو/أيار.

**** كانت قوات الأمم المتحدة قد كلفت بالمرابطة في الجمهورية العربية المتحدة بعد حرب عام ،1956 ونشرت هذه الوحدات في شرم الشيخ، وهي نقطة تقع إلى الجنوب الغربي من مضايق تيران عند مدخل خليج العقبة، وكانت تشكل ضمانة طمأنة بتوافر ممر آمن للسفن "الإسرائلية" عبر المضايق، وكانت السيطرة على مضايق تيران مصدر احتكاك وتوتر بين العرب و"الإسرائبليين" منذ عام ،1949 ففي تلك السنة، وفي أعقاب الهدنة نصبت مصر بطاريات مدفعية قرب شرم الشيخ في موقع يشرف على المضيق، وفي حملة 1956 الثلاثية استولت "إسرائبل" على الموقع الذي يتحكم بالمضيق، إلا أن "إسرائبل" سحبت لاحقاً قواتها بعد أن رضخت للضغط الأمريكي والسوفييتي.

*****اتهمت الحكومة السوفييتية في 23 مايو/ أيار "إسرائبل" بالاستعداد لمهاجمة سوريا، وذكرت أن "الأوساط الإمبريالية" الغربية مسؤولة عن تحريض "إسرائبل" ، واختتم التصريح "بالتحذير من أن المعتدين لن يقابلوا فقط بقوة العرب المتحدة، بل "بمعارضة قوية" من قبل الاتحاد السوفييتي وكل الدول المحبة للسلام أيضاً".

****** حسب ما ذكر مسؤول سوفييتي كان السوفييت في أواخر مايو/ أيار قد قالوا لعبد الناصر : إنهم ملتزمون فقط ب"تحييد" الولايات المتحدة، أي أنهم سوف يردون على أي تصعيد قد تجريه واشنطن ولكنهم لن يذهبوا أبعد من ذلك.

******* ذكر سفير الجمهورية العربية المتحدة في موسكو، مراد غالب، بعد الحرب أن السوفييت لم يسبق لهم أبداً ان وعدوا العرب بالمساعدة العسكرية، ولكن وزير الدفاع، الصغير السن، وغير المحنك (بدران) الذي زار موسكو قبيل الحرب أساء الفهم، وذكر لحكومته أنه كان على ثقة من أن موسكو سوف تساعد العرب في حال نشوب حرب. (وكان بدران من أوائل من أقيلوا بعد الحرب، ومن المحتمل أنه بالغ في تضخيم الالتزام السوفييتي).
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت نقلا عن موقع "قانون حرية المعلومات" على الانترنت ، إعداد: قسم الترجمة في صحيفة الخليج الإماراتية (من 29/6/2007 حتى 20/7/2007)

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 10-06-09, 09:00 PM

  رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية (2)



مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية
ما بين (1950 - 1970) (2)

1. المواقف تتصلب :
في الأيام الأخيرة من شهر مايو/أيار بدأ عبد الناصر تسوية خلافاته مع الدول العربية الأكثر محافظة ، وهو الوضع الذي تخشاه "إسرائيل " أكثر من سواه ، ومع بداية شهر يونيو/حزيران كان موقفا كل من مصر و"إسرائيل " متصلبين تماماً ، وفي 1 يونيو/حزيران أصر وزير العمل "الإسرائيلي" ييجآل ألون على أن بعض الحماية لحدود "إسرائيل " من الهجمات الإرهابية، وسحب حشود القوات المصرية على طول الحدود، ورفع الحصار، هي شروط ضرورية لتجنب وقوع صدام عسكري "حتمي" ...

وفي 2 يونيو/حزيران أعلن وزير خارجية الجمهورية العربية المتحدة محمود رياض أن قناة السويس ستكون مغلقة في وجه كل من يحاول خرق الحصار.

وتشير معظم المعلومات المتوافرة إلى أن الهجوم "الإسرائيلي" في فجر 5 يونيو/حزيران جاء مفاجأة تامة للسوفييت. (يوحد حذف هنا). وقد باغت توقيت الهجوم العرب بالتأكيد ، وقد ألقى عبد الناصر بعد الحرب بمسؤولية عدم استعداده على كون الولايات المتحدة قد أشارت إلى أنها ستحاول كبح "إسرائيل "، ويبدو أن عبد الناصر شأنه شأن السوفييت كان مقتنعاً بأن "إسرائيل " لن تهاجم من دون موافقة الولايات المتحدة.

2. اندلاع الحرب.. "إسرائيل " تهاجم والاتحاد السوفييتي يتفاعل :
بدأ الهجوم "الإسرائيلي" على الجمهورية العربية المتحدة في صباح 5 يونيو/ حزيران 1967، وبفضل عنصر المفاجأة تمكنت القوات الجوية "الإسرائيلية" من تدمير القوات الجوية المصرية في مراكزها الأرضية، وتقدمت القوات "الإسرائيلية" باتجاه سيناء وقطاع غزة من دون مشاكل تذكر، وفي 7 يونيو سيطرت على شرم الشيخ، وفي 8 يونيو أعلنت سيطرتها الكاملة على سيناء.
بدأت الحرب مع الأردن في وقت لاحق من يوم 5 يونيو/ حزيران ، وبعد أن حاصرت القوات الأردنية مقر الأمم المتحدة في القدس، شنت "إسرائيل " هجمات جوية وبرية على طول خط الهدنة، واندفعت القوات "الإسرائيلية" باتجاه نهر الأردن ، وتمكنت "إسرائيل " عمليا من تدمير القوات الجوية السورية في 5 يونيو/ حزيران، ولكنها لم تبدأ هجومها البري ضد سوريا حتى 9 يونيو/ حزيران.

عندما تم إعلان وقف إطلاق النار، كانت القوات "الإسرائيلية" قد توغلت لمسافة 10 كيلومترات في الأراضي السورية ، واحتلت مرتفعات الجولان.

واستمرت المؤسسات الإعلامية السوفييتية التي فوجئت أيضاً في حملتها الإعلامية التي بدأتها قبل الحرب ، ففي 5 يونيو/ حزيران اتهمت صحيفة "الإزفيستيا" ووكالة "تاس" كلاً من جونسون وويلسون أثناء اجتماعهما الأخير في واشنطن (1) وفي عصر ذلك اليوم بثت موسكو خبراً باللغة العربية قالت فيه : إن "إسرائيل " لم تكن لتشن هجوما لولا تشجيع الولايات المتحدة، وإقناعها بأن العرب كانوا مستعدين للرد على الإمبرياليين ، وبأنهم ليسوا وحدهم في صراعهم العادل ، وبعد بضع ساعات أذيعت النسخة الفرنسية من الخبر في دول المغرب العربي مع إضافة السطرين التاليين:
كما أكدت الحكومة السوفييتية مؤخرا فإن المعتدين لن يواجهوا البلدان العربية القوية بتوحدها فحسب، بل سيواجهون أيضاً ردا صارما على هذا العدوان من قبل الاتحاد السوفييتي ، والدول الأخرى المحبة للسلام.

لم يقدم الخبر أية توضيحات تاركاً التهديد بالتدخل السوفييتي مبهماً ، وكان البيان الذي أصدرته الحكومة السوفييتية في وقت لاحق من يوم 5 يونيو/ حزيران أكثر غموضا ، وطالب البيان بأن تقوم "إسرائيل " بوقف عملياتها العسكرية فورا، والانسحاب إلى ما قبل خط الهدنة ، مشيرا إلى أن الحكومة السوفييتية تحتفظ بحق اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية ، ودعا البيان الأمم المتحدة إلى إدانة الأعمال "الإسرائيلية" والعمل على استعادة السلام في الشرق الأوسط.

وكشفت هذه البيانات خشية السوفييت من انخراطهم العسكري، حيث أشارت عدة تقارير إلى الرد العسكري، في حين أن الأفعال كانت تشير إلى أن ذلك لم يكن مطروحا كخيار جدي في هذا المرحلة ، وفي غضون ساعات من اندلاع الحرب، وحسب تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية، استخدمت موسكو "الخط الساخن" للاتصال بواشنطن، ربما لسببين هما التأكد من عدم حصول مواجهة عرضية مع الولايات المتحدة، ومحاولة وقف الحرب بعد أن أدركوا أن العرب لن يفوزوا فيها.

3. تهم بتورط أمريكي بريطاني :
التحفظ السوفييتي كان واضحا أيضا في رد فعل موسكو تجاه اتهام العرب للولايات المتحدة وبريطانيا بالمشاركة الفعلية في الهجمات الجوية ضد الجمهورية العربية ، بيد أن المصدر الأصلي للتقرير لم يكن واضحاً ، وتبعا لمصدر مصري فإن الاتهام الذي وجهته القاهرة يستند إلى اعتقاد بأن عدد الطائرات التي شاركت في الهجوم كان أكبر مما كانت تمتلك "إسرائيل " ..

ويبدو أن العرب على الأرجح لم يقرءوا بالشكل الصحيح العبارات التي تشير إلى المصدر ، والمكتوبة على الطائرات التي أرسلها "الإسرائيليون" على ارتفاع منخفض من البحر الأبيض المتوسط كي تتفادى الرادارات ، وبدا عبد الناصر، على سبيل المثال، مقتنعا بالتقرير (2) ففي 7 يونيو/ حزيران أرسل رسالة إلى كل من الأردن وسوريا والجزائر ذكر فيها أن القيادة العليا للجمهورية العربية السورية قد "أكدت بما لا يدع مجالا للشك التعاون السري للولايات المتحدة وإنجلترا مع "إسرائيل "".

وتداعيات هذا الاتهام قد تكون خطرة بالنسبة للسوفييت إذا ما كانوا قد التزموا فعلا بتقديم المساعدة في ما لو حصل تدخل أمريكي فعلي ، ولكن السوفييت لم يقروا أبدا على الصعيد الرسمي بصحة اتهام الولايات المتحدة بالمشاركة، رغم أن الصحافة السوفييتية كررت تلك الاتهامات في عدة مناسبات " ..

في 6 يونيو/ حزيران كررت إذاعة محلية تصريح القيادة العربية بأن لديها إثباتا على مشاركة الغرب، ولاحقا في 11 يونيو/ حزيران أفاد معلق محلي سوفييتي أنه بينما كانت الولايات المتحدة تحاول نفي صحة التقارير حول المشاركة ظلت الحقيقة أن في ليلة الحرب عبرت الناقلات الأمريكية والبريطانية قناة السويس ، ورست في البحر الأحمر، ومن هناك قامت طائراتها بتأمين "الغطاء الجوي" ل "إسرائيل ".

(يوجد حذف) خلال زيارة بومدين إلى موسكو من 12 إلى 14 يونيو/ حزيران أكد السوفييت، حسب التقارير، أن الطائرات الأمريكية لم تشارك في الحرب بين العرب و"إسرائيل "، وطلبوا منه توصيل هذه المعلومات إلى عبد الناصر ، وعلاوة على ذلك لم يعلن أي مصدر سوفييتي رسمي عن قبول الاتهام الذي وجهه العرب ، كان من الواضح أن السوفييت لم يكونوا راغبين في التورط في الحرب كما يرغب العرب، حسب اعتقادهم.

4. السوفييت يدعمون وقف إطلاق النار :
كشفت تقارير عن محادثات محتدمة سوفييتية مصرية بعد اندلاع الحرب في القاهرة بين عبد الناصر ومحمد بوضياف، وفي موسكو بين غالب وكبار القادة السوفييت ، وطلب المصريون من السوفييت استبدال الطائرات المدمرة، فقالوا لهم : إنه لا توجد أماكن تحط فيها الطائرات لأن المدرجات مدمرة أيضا ، وردا على تهمة المصريين بأن السوفييت كانوا يتخلون عنهم في وقت الشدة قال السوفييت : إنهم ملتزمون فقط بدعم العرب ضد الولايات المتحدة وليس ضد "إسرائيل ". (يوجد حذف).

وبعد فترة قصيرة من الاعتداء "الإسرائيلي" قرر السوفييت أنه يجب القبول بوقف إطلاق فوري، باعتبار أن وضع العرب لم يصل بعد إلى مستوى كارثي، وشعروا بأن المصريين لن يتمكنوا من الرد بنجاح لأنهم لا يملكون طائرات، ومع ذلك لم يقبل عبد الناصر بهذا الخط من التفكير، فشن هجوما مضادا انتهى بالفشل ، ورفض السوفييت لفترة وجيزة قبول القرار البسيط لوقف إطلاق النار الذي أقر في الأمم المتحدة ، وبدلا من ذلك دعوا إلى تبني قرار وقف إطلاق النار مصحوبا بدعوة لسحب الجنود إلى المواقع التي كانوا فيها قبل الحرب ، ورفضت "إسرائيل " القبول بهذا الشرط، كما رفضت الجمهورية العربية المتحدة قبول وقف إطلاق النار من دونه.

في 6 يونيو/ حزيران أمر سميرنوف نائب وزير الخارجية السوفييتي السفير السوفييتي لدى الأمم المتحدة فيدورنكو بقبول القرار بوقف إطلاق النار، رغم معارضة العرب ، وعلى كل حال الجمهورية العربية المتحدة لم تكن مستعدة لقبوله، ومن دون الموافقة المصرية أقر مجلس الأمن قرار وقف إطلاق النار بالإجماع ، وعلى مدى اليومين التاليين حاول السوفييت كما هو واضح إقناع الجمهورية العربية المتحدة بقبول القرار البسيط بوقف إطلاق النار، على الرغم من أنهم كانوا يدفعون باتجاه وقف إطلاق النار بشروط. (يوجد حذف)

في 7 يونيو/ حزيران قال الناطق باسم سفارة الجمهورية العربية المتحدة في باريس : إن مصر رفضت قرار الأمم المتحدة، مشيرا إليه بوقف إطلاق نار بسيط ، وطلب السوفييت عقد اجتماع فوري لمجلس الأمن في عصر ذلك اليوم، وطرحوا قرار وقف إطلاق نار آخر، حيث دعوا الحكومات المعنية إلى وقف إطلاق النار في الساعة 20 بتوقيت جرينتش من تلك الليلة، وتم إقراره بالإجماع ، ووافق كل من الأردن و"إسرائيل " في حين ظلت الجمهورية العربية المصرية رافضة له (3) . ..

الأسباب التي تكمن وراء هذا التغيير المفاجئ في السياسة المصرية غير واضحة ، فبالرغم من أن الضغط السوفييتي باتجاه قبول وقف إطلاق النار كان متواصلا وربما فعالا، إلا أن السبب وراء ذلك قد يعود على الأرجح إلى أن عبد الناصر أدرك الوضع البائس للقوات العسكرية المصرية، فقرر في النهاية القبول بالقرار.

(يوجد حذف) في 8 يونيو/ حريزان، وخلال اجتماع مجلس الأمن ذاته الذي أعلن فيه يوثانت أن الجمهورية العربية المتحدة سوف تقبل قرار وقف إطلاق النار إذا قبلت "إسرائيل " به قدم السوفييت مسودة قرار يدعون فيه إلى إدانة "إسرائيل " وسحب الجيوش إلى ما قبل خط الهدنة ، لم يتم تمرير هذا القرار أبدا، ولكنه أصبح قاعدة لمطالبات السوفييت في الأشهر اللاحقة.
وفي 9 يونيو/ حزيران تم تمرير قرار بالإجماع يطالب بتطبيق جميع القرارات السابقة (في 6 و7 يونيو/ حزيران)، ويدعو إلى وقف إطلاق النار ، وبعد ساعتين من تمرير القرار أعلنت كل من سوريا و"إسرائيل " قبوله.

5. تهديد بالتدخل السوفييتي ومؤتمر موسكو :
على الرغم من الموافقة الرسمية على وقف إطلاق النار، واصل الجنود "الإسرائيليون" التقدم في الأراضي السورية في 9 و10 يونيو/ حزيران.

في هذه المرحلة بدأ السوفييت بتهديد بالقيام ببعض الأعمال (غير محددة) إن لم تتوقف "إسرائيل " وأشارت التقارير إلى أنه في 9 يونيو/ حزيران حذر عدد من الدبلوماسيين السوفييت من أنه ما لم تلتزم "إسرائيل " بقرار وقف إطلاق النار في سوريا فإن السوفييت قد يتدخلون ، وأفادت وثيقة للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي تم إعدادها في أكتوبر/ تشرين الأول 1967 أنه في صباح 10 يونيو/ حزيران، أرسل السوفييت رسالة عاجلة إلى الرئيس جونسون، يحذرون فيها من أنه ما لم تتوقف "إسرائيل " سوف يضطر الاتحاد السوفييتي إلى اتخاذ إجراءات "ضرورية" غير محددة ، قد يكون المقصود في ذلك استخدام "الخط الساخن" بين موسكو وواشنطن.

6. موسكو تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد الهزيمة :
كانت هناك دلائل وإشارات على الاستعدادات السوفييتية لعملية تدخل محدودة ، وفي الحادي عشر من يونيو كانت هناك عدة تقارير تشير إلى التجهيزات العسكرية السوفييتية بما فيها عمليات إنزال 400 من البحارة بالقرب من اللاذقية في سوريا، بالإضافة إلى عملية إنزال جنود المظلات في سوريا بهدف إعاقة التقدم "الإسرائيلي" تجاه دمشق.

وتكشف كل هذه التقارير اهتمام السوفييت بسوريا والنظام الحاكم فيها، وبالرغم من ذلك كانت المساعدات التي يقدمها الروس لسوريا مساعدات رمزية فقط، ويمكن القول : إن السوفييت هم الذين قاموا بنشر هذه التقارير في محاولة لبث الرعب في قلب "إسرائيل " ومنعها من التقدم في اتجاه سوريا.

وقال السوفييت بعد الحرب : إن عدم تقدم "إسرائيل " تجاه سوريا كان نتيجة مباشرة لموقفهم الثابت الذي أصروا عليه على الدوام ، ويمكن القول : إن التهديدات السوفييتية لعبت دوراً مهما في القرار "الإسرائيلي" بالتوقف إلا أن الحقيقة هي أن موافقة "إسرائيل " على وقف إطلاق النار جاءت قبل التهديدات السوفييتية مما يعكس عدم أهمية هذه التهديدات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الدلائل على تخطيط "إسرائيل " للاستيلاء على دمشق كانت قليلة جداً.

وبعد يومين أو ثلاثة من بدء الحرب استدعى السوفييت حلفاءهم من أوروبا الشرقية إلى موسكو لمناقشة الوضع الراهن آنذاك، والتقى الزعماء في التاسع من يونيو ، وصدر في اليوم التالي تصريحاً ينذر بأنه إذا لم يتخذ مجلس الأمن الإجراءات اللازمة ، وإذا لم تنسحب "إسرائيل " إلى خطوط الهدنة فسوف يقدم أطراف الاتفاق على فعل أي شيء لمساعدة الشعوب العربية، وكان هذا الإنذار بمثابة رفض حازم للهجوم "الإسرائيلي".

وهذا الإنذار اللفظي المتأخر الذي يكتنفه الغموض دل على عدم وجود نية لدى السوفييت للتدخل العسكري، وفي العاشر من يونيو قطع بالفعل الاتحاد السوفييتي العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل " وبعد ذلك بأيام قليلة اتبع حلفاؤه النهج نفسه.
وتم الاتفاق على أشياء أخرى في مؤتمر موسكو، إلا أنها لم ترد في التصريح الذي نشر إذ تم الاتفاق على أن يقوم الاتحاد السوفييتي بدور المتحدث الرسمي باسم حلفائه الذين يمثلون جبهة موحدة لحل مشكلة الشرق الأوسط (4) .

وقال (ثمة حذف في نص الوثيقة هنا) إن المؤتمر يعي تماماً الحاجة الماسة لإصلاح ما أفسدته الحرب في الدول العربية، كما كان مدركاً لضرورة إمداد القوات المسلحة المصرية بأسلحة جديدة بدلاً من تلك التي فقدت في الحرب، من دبابات وطائرات وأجهزة أخرى ، لكن كانت هناك حدود معينة لهذه المساعدات العسكرية ناقشها المؤتمرون.

ونظراً لما كان يعتري الهيكل العسكري المصري من ضعف أفصحت عنه التقارير العسكرية، قرر الروس فرض السيطرة والتحكم على استخدام مصر للمعدات العسكرية السوفييتية ، كما اتفق على تلبية كل مطالب عبد الناصر العسكرية في مقابل مشاركة السوفييت مستقبلياً في أي قرار مصري يتعلق بعمليات عسكرية رئيسية تجري باستخدام الأسلحة السوفييتية ، إلا أن عبد الناصر لم يشأ أن يضعف من قوة الامتيازات التي كانت لديه ، واكتسب السوفييت بالفعل دوراً أكبر داخل المؤسسة العسكرية المصرية.

7. ردة فعل السوفييت تجاه الهزيمة :
ردة فعل السوفييت التي أصابتهم جراء الهزيمة التي مني بها العرب اتسمت بكونها غريزية حيث حاولوا أولاً إنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا الوضع السيئ ، وكانوا عرضة بوجه خاص لاتهامات بأنهم خذلوا العرب، وكانوا أيضاً حساسين تجاه إشاعات مفادها أن الصينيين قادمون إلى المنطقة بعروض مساعدة ، وأكثر حساسية لآفاق بلوغ الدعاية الصينية ذروتها على حسابهم ، وتمثلت أهدافهم الأمنية المباشرة في استعادة منزلتهم المحطمة ، واحترامهم المفقود في عيون العالم، وأيضاً في إعادة تأسيس مصداقيتهم باعتبارهم أصدقاء للعرب ، وبتاريخ 6 يونيو بدأ السوفييت في إرسال جسر جوي طارئ للمساعدة والإمداد (وكان ذلك أكبر عملية من نوعها تقوم بها موسكو على الإطلاق) (5) .
وكان بيان مؤتمر موسكو بتاريخ 10 يونيو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه ، وأما الزيارات اللاحقة الرفيعة المستوى، والتطمينات بمواصلة الإمداد بالعون العسكري فكانت عاملاً بالغ الأهمية في مساعيهم لاستعادة نفوذهم وتأثيرهم في العرب.

وصعقت الهزيمة العرب ، واستولى عليهم الذهول والإحساس بالصدمة ، وأحرق قلوبهم الشعور بالذل والهوان، فاتقد سخطهم العارم، وفتشوا عن أكباش فداء فعثروا على ضالتهم في الولايات المتحدة وبريطانيا، وهي الدول التي قالوا : إنها ساعدت "إسرائيل " وفي بعض قادتهم لا سيما العسكريين الذين اتهموا بأنهم خذلوهم (6) .

وعبّر العرب عن غضبهم من السوفييت ، وأعربوا علانية عن شعورهم بالإحباط جراء ما نالهم من هزيمة في الصحافة وفي مجالسهم الخاصة ، وكان من بين أشد من أفصحوا عن سخطهم لهجة الرئيس الجزائري بومدين، الذي فكر على ما يبدو في وقت من الأوقات بالإيعاز لكافة الطلبة الجزائريين الذين يدرسون في الاتحاد السوفييتي بالعودة إلى وطنهم ..

وفي 12 يونيو طار بومدين إلى موسكو، حيث ذكرت التقارير أنه هاجم السوفييت لإخفاقهم في مد يد العون، وجرى تذكيره بمخاطر الحرب النووية، وسكن السوفييت غضبته بشكل ما، وهدءوا من روعه بوعود أطلقوها بمواصلة الدعم وتقديم المساعدات ، وزار الرئيس السوري نور الدين الأتاسي موسكو بعد برهة وجيزة من الحرب ، وأطلق اتهامه بأن السفير السوفييتي في دمشق كان قد وعد في ثاني أيام الحرب بالإمداد "بعون عسكري تقني" ولم يف به السوفييت من بعدها، ولم يقدموا مثل هذه المساعدات لسوريا، وذكرت التقارير أن السوفييت ردوا بأن الوضع العسكري كان قد تطور بسرعة مذهلة لدرجة أن برنامج العون السوفييتي ترنح واختل توازنه.

ولكن أصوات تيار العرب المناوئين للسوفييت التي تعالت في الأيام القليلة الأولى ما لبثت أن خفتت بسرعة نسبياً، ربما بسبب إدراكهم لمدى الاحتياج للعون السوفييتي، ولضرورة استمرار هذا الدعم، ولطف هذا الاتجاه لهجة الصحافة، وخلت المقالات التي نشرت بعدها من النبرة الحادة الانتقادية المعادية للسوفييت (ثمة حذف هنا) وفي اليوم ذاته سلم محمد بوضياف لعبد الناصر رسالة مهمة من الحكومة السوفييتية.

ويحتمل أن تكون الرسالة قد اشتملت على وعود بدعم سوفييتي إضافي (7) .

وكان من بين أهم السبل التي اتخذها السوفييت في خضم مساعيهم لإطفاء غضب العرب وتهدئتهم تلك الجولة التي قام بها الرئيس السوفييتي بودجورني ، حيث طاف بالعواصم العربية في أواخر شهر يونيو.

ووصف بودجورني ذاته تلك الرحلة بأنها "مهمة تهدئة" ولا شك أنه تقدم بتطمينات ، وأطلق وعوداً بدعم متواصل سواء منه العسكري أو الاقتصادي ، إلا أن مقدار هذا الدعم وكميات المساعدات وحجم التعويضات (إن كان ثمة أي تعويضات) لم يكن جلياً ، ويبدو من المحتمل أن السوفييت ألزموا أنفسهم في تلك الآونة باستبدال العتاد والمعدات المصرية والأسلحة التي دمرت ، أو فقدت في الحرب على الأقل ، وعلى ما يبدو، لم تكن المحادثات بين ناصر وبودجورني في سلسة المأخذ لينة بشكل كامل ، فجرى إرجاء التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن جميع القضايا (ثمة مقطع محذوف هنا).

وعاد بودجورني فعلاً إلى موسكو قبل زيارة سوريا ، وزيارته لسوريا ربما كانت بوجه خاص غير مرضية ، والمذكرة التي صدرت بعد هذه الزيارة كانت أكثر بروداً مما اتسمت به تلك التي أعقبت زيارته لكل من القاهرة وبغداد (8) .

(مقطع محذوف هنا) كان السوريون جد منزعجين من (حذف آخر هنا)، وحث بودجورني على انتهاج أسلوب هادئ، ونصح السوريين بألا يفكروا باستئناف فوري للعمليات العدائية ، وقيل : إن وعده بالمساعدات لدعم استئناف الحرب في نهاية المطاف إنما كان لقاء طلب إقامة قاعدة بحرية في سوريا، وقيام السوفييت بإدارة وتوجيه القيادات التقنية (ثمة حذف هنا)، التي كان السوفييت يطالبون بها (مقطع محذوف هنا) فإذا كانوا يبتغون قواعد ويطلبونها فإنهم لم يفلحوا في تحقيق بغيتهم ؛ لأنه على الرغم من أنهم منحوا بصورة متزايدة سبلاً لبلوغ الموانئ العربية فإنهم لم يمكنوا من إحكام سيطرتهم على أي مرافق موانئ، واتخذ الخبراء التقنيون السوفييت والمستشارون مواقع لهم ، ورابطوا في سوريا فيما بعد ..

إلا أنه ينبغي القول : إنه حتى في هذه الحالة من المستبعد جداً أن يكون هؤلاء المستشارون قد منحوا سلطات قيادية آمرة في هذه المواقع التي عملوا فيها.

8. الجهود لاسترداد المكانة الدولية :
احتل هدف استعادة مكانتهم الدولية المرتبة الثانية في لائحة غايات السوفييت المباشرة والعاجلة في أعقاب نكستهم في يونيو/حزيران، وفي 13 يونيو طلب جروميكو في رسالة بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للنظر في الوضع في الشرق الأوسط ، وبحث قضية "تصفية آثار وعواقب العدوان" "الإسرائيلي" على الدول العربية، والانسحاب الفوري للقوات "الإسرائيلية" إلى ما وراء خطوط الهدنة...

وكان هذا عكس الموقف السوفييتي التقليدي المعهود المتمثل في التأكيد على مجلس الأمن ، ولربما استند هذا النهج الجديد إلى توقعات بأن تكون الجمعية العامة أداة أكثر تعاطفاً وواسطة تتيح أرضاً خصبة للأغراض الدعائية (9) .

(مقاطع محذوفة في هذه الفقرة) وفيما بلغ نشاط حملة السوفييت المباشرة بعد الحرب لاستعادة ثقة العرب ذروته بجولات بودجورني وتطوافه في عواصم الشرق الأوسط، كذلك وصل زخم التحرك لاسترداد المكانة في العالم إلى نقطة عالية بوصول رئيس الوزراء السوفييتي كوسجين إلى الأمم المتحدة في 17 يونيو ..
وفي التاسع عشر من يونيو خاطب كوسجين الجمعية العامة في الأمم المتحدة ، وكرر اتهامات السوفييت ل"إسرائيل " بإعداد خطة لمهاجمة سوريا في منتصف مايو، كما هاجم الدعم الامبريالي ل"إسرائيل " ووجه اتهامات بأن المناورات العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة والأساطيل البريطانية عشية الحرب فسرتها "إسرائيل " على أنها تشجيع لها على العدوان.
وهاجم كذلك الولايات المتحدة لوقوفها في وجه قرار لمجلس الأمن يدعو لانسحاب فوري للقوات "الإسرائيلية" إلا أنه نأى بنفسه عن توجيه أي اتهام ضمني لتورط أمريكي وبريطاني مباشر في الحرب، وأكد على مخاطر اندلاع حرب عالمية، قال : إنها ستكون نووية إذا نشبت، وفي تصريح له لم تورده نشرة محلية بثت من موسكو لاحقاً، قال كوسجين : إنه ينبغي على الدول قاطبة الامتناع عن زيادة الوضع تعقيداً.

بعد ذلك قدم كوسجين مسودة قرار الاتحاد السوفييتي التي اشتملت على أربعة بنود:
1- إدانة أعمال "إسرائيل " العدوانية ومواصلة احتلالها لأجزاء من أراضي الجمهورية العربية المتحدة وسوريا والأردن.
2- الانسحاب الفوري غير المشروط لجميع القوات "الإسرائيلية" من المناطق المحتلة إلى مواقع خلف خطوط الهدنة.
3- دفع "إسرائيل " تعويضات كاملة عن الأضرار التي نجمت عن عدوانها.
4- اتخاذ مجلس الأمن لإجراءات فورية فعالة لإزالة كافة آثار وعواقب العدوان "الإسرائيلي".

والتقى كوسجين الرئيس جونسون في جلاسبورو يوم 23 يونيو، ثم مرة أخرى في 25 يونيو، ثم عقد مؤتمراً صحافياً لمناقشة تلك الاجتماعات، وألمح إلى مرونة سوفييتية في تصريحه الذي ذكر فيه أنه يمكن لمجلس الأمن بعد الانسحاب "الإسرائيلي" أن يدرس كل القضايا الأخرى التي استجدت في الشرق الأوسط.
وحذفت النسخة التي أوردتها وكالة "تاس" من المؤتمر الصحافي هذه العبارة، إلا أنها قالت ببساطة : إن جميع "الحلول" الأخرى (أي ما عدا الانسحاب) للأزمة كانت غير واقعية وغير عملية (10 ) .

تغير في تكتيكات السوفييت :
في حين أن الرغبة في استعادة سمعتهم الطيبة في أوساط العرب ، وحرصهم على ضمان إبعاد الصين عن المنطقة كانت هي الدوافع التي تحرك السوفييت لمواصلة دعمهم النشط الفاعل للراديكاليين العرب ، مع إنهم شهدوا أيضاً النتائج المدمرة لتلك السياسة ، وما أدت إليه في يونيو...

غير أن السوفييت حاولوا على أي حال مسايرة وتأييد طرفي المشكلة ، وواصلوا الإمداد بكميات ضخمة من المساعدات العسكرية منها والاقتصادية ، إلا أنهم حاولوا أيضاً تعزيز سيطرتهم على استخدامها ، وتشديد الضوابط ، وزيادة القيود المتعلقة باستخدام الأسلحة ، وإضافة إلى ذلك فإنهم سيخففون من دعمهم للتيار الراديكالي العربي.

وعكس تحفظ السوفييت السياسي رغبة ملحة في تجنب تكرار حرب يونيو ، وأوضح السوفييت وقتها للعرب بكل جلاء أنهم لن يهبوا لمساعدتهم في حال تجددت الأعمال العدائية ، وهذا التحول من موقف يكتنفه الغموض إلى حد ما إلى موقف محدد المعالم حدث في أوائل يوليو.

واجتمع قادة أوروبا الشرقية من 10 إلى 12 يوليو/ تموز في بودابست ، وذلك باستثناء زعماء رومانيا ، ووعدت مذكرتهم باستمرار الدعم، إضافة إلى "خطوات تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية العربية". ولم تشتمل على تهديد ضمني باتخاذ الدول الاشتراكية إجراءات في حال تجددت الأعمال العدائية (11) ، وخلال الفترة ذاتها كان القادة العرب يجتمعون في القاهرة ويبذلون جهداً لوضع خطة ونهج مشترك (12 ).

وذكر أن السوفييت أبلغوا هذه "القمة المصغرة" أن على العرب ألا ينتظروا تدخلاً عسكرياً سوفييتياً إذا استؤنفت الأعمال العدائية ، رغم أن المعونة والدعم الدبلوماسي سوف يتواصلان ، ولن يتدخل الاتحاد السوفييتي مباشرة إلا في حال حدوث تدخل أمريكي سافر "لا لبس فيه" (وهذا سيقرره السوفييت).

(يوجد حذف هنا) كما اقترح السوفييت كذلك خطة تسوية، وإذا قبل العرب ضمناً بوجود "إسرائيل " كدولة وإنهاء حالة الحرب، فسوف يتدخل الاتحاد السوفييتي مع الولايات المتحدة للضغط على "إسرائيل " لكي تتخلى عن "معظم" الأراضي التي تم احتلالها أثناء الحرب.

وبالإضافة إلى المشاورات والاتصالات على أعلى مستوى ، كان العديد من الوفود العسكرية يسافر جيئة وذهاباً في محاولة لتحديد أولويات وشروط المعونة (13) .
وقد جرت الإشارة إلى عدم قناعة العرب بعروض المعونة السوفييتية بعد زيارة بودجورني إلى سوريا في أوائل يوليو ، وفي حوالي أواخر ذلك الشهر بدأت بوادر التبرم المصري في الظهور ، وعندما زار رئيس الأركان المصري رياض موسكو في أواخر يوليو، وذكر أن السوفييت قدموا اقتراحاً مضاداً لاقتراحه، وعرضوا أقل مما كان المصريون يتوقعون ، وقيل : إن رياض أشار إلى أن السوفييت لم يكونوا مستعدين أن يفعلوا أكثر من تقديم بدل عما تم فقده، وقال : إن السوفييت أيدوا طرد "إسرائيل " من سيناء ، ولكنهم لن يساندوا حرباً لتدمير "إسرائيل "، وذكر مصدر آخر أن السوفييت وعدوا بتقديم ما يكفي فقط لأن تدافع الجمهورية العربية المتحدة عن نفسها.

9. تسهيلات بحرية للسوفييت في مصر وسوريا :
تباينت التقارير التي تحدثت عن الشروط التي طلبها السوفييت نظير المعونات ، وذكر بعض المصادر أن السوفييت وافقوا على تقديم بدل عن المواد التي فقدت من "دون زوائد" ولكن من الواضح أنهم كانوا يضغطون للحصول على أمور معينة مقابل المعونة.

وكان أوضح شرط طولب به ، وووفق عليه هو وضع مستشارين سوفييت ضمن القوات المسلحة العربية، وبدأ المستشارون السوفييت بالوصول فوراً تقريباً إلى الجمهورية العربية المتحدة ، ووصلوا في وقت متأخر عن ذلك إلى حد ما إلى سوريا والجزائر، ولعل ذلك يعكس رد فعل سوريا سابقاً على زيارة بودجورني (يوجد حذف هنا).

قد ذكر أنه كان قد تم في أواخر شهر يونيو/ حزيران إلحاق نحو 100 ضابط سوفييتي بجيش الجمهورية العربية المتحدة على مستوى الفرقة ، وأنهم كانوا يسببون التنافر في جيش هذه الدولة.
وفي أواخر يونيو/ حزيران قال عبد الناصر ل (يوجد حذف هنا): للمرة الأولى تم دمج الخبراء السوفييت بالهيكل العضوي لجيش الجمهورية العربية المتحدة على أدنى مستوى، وأنا آسف بشأن ذلك، ولكني كنت مضطراً لفعله.

الشرط السوفييتي الثاني الذي طالما تردد في التقارير كان امتلاك قوات بحرية في البحر المتوسط ، ومثل هذه القوات مهمة كي يحتفظ السوفييت بأسطول ضخم في البحر المتوسط ، فقد كشف السوفييت في عام 1967 عن نيتهم القوية بأن يصبحوا ويبقوا قوة كبيرة في البحر المتوسط (14 ) .

وفي نفس الوقت جعلت إدانة السوفييت لوجود قواعد غربية في المنطقة المطالبة بامتلاك قواعد خاصة بهم أمراً محرجاً ، وخلال مناقشاته مع الملك حسين في أوائل يوليو/ تموز قال عبد الناصر : إنه على استعداد لتوقيع معاهدة دفع مع السوفييت والسماح لهم بإنشاء القواعد التي يرغبون فيها في الجمهورية العربية المتحدة ، وهذا التصريح مشكوك فيه إلى حد ما، باعتبار أنه ينسف جهود عبد الناصر (الذي ربما افترض أن الغرب سوف يحصل على هذه المعلومات) الرامية إلى دفع الغرب إلى السعي من أجل الحصول على امتيازات في محاولة لمنع مثل هذا الوجود السوفييتي.
(يوجد حذف) أفادت تقارير بأن عبد الناصر رفض طلباً من بودجورني وزاخاروف للسماح بإقامة منشآت بحرية سوفييتية، ولكنه وافق على فكرة توسيع المنشآت البحرية الحالية ، في 10 و11 يوليو/ تموز، رست السفن السوفييتية في مينائي الإسكندرية وبورسعيد في إطار زيارة لمدة أسبوع ، ربما لإظهار دعم السوفييت للعرب ، وكذلك استثمار التصريح الجديد لهم باستخدام التسهيلات الموجودة هناك.

في 12 يوليو/ تموز أفادت صحيفة "الجمهورية" المصرية بأن الجمهورية العربية المتحدة منحت الأسطول السوفييتي دعوة مفتوحة للبقاء في مينائي بورسعيد والإسكندرية قدر ما يشاء ، ومنذ ذلك الوقت واصلت سفن الأسطول السوفييتي زياراتها للميناءين، وكذلك ميناء اللاذقية في سوريا.

10. موقف أكثر مرونة في الأمم المتحدة :
بالإضافة إلى تعديل السوفييت سياسة الدعم التي ينتهجونها إزاء العرب، بحث هؤلاء على ضبط النفس، وبفرض شروط على المساعدات، بدأ السوفييت في يوليو/ تموز التحرك نحو موقف أكثر مرونة في الأمم المتحدة. وكان موقفهم، كما بدا في مؤتمر بودابست من 10 12 يوليو/ تموز، يقوم على ضرورة اتخاذ العرب موقفاً أكثر واقعية، وأن المطالبات بانسحاب "إسرائيلي" فوري ينبغي أن يلحق بها صيغة لإنهاء حالة الحرب.

وبعد أن حقق السوفييت أغراضهم الدعائية مع العرب أسقطوا الحل المتشدد الذي اقترحه كوسيجين في 19 يونيو/ حزيران، ومنحوا مساندتهم لقرار لدول عدم الانحياز برعاية يوغسلافيا، وكانت مسودة هذا القرار أكثر اعتدالاً إلى حد ما من قرار السوفييت.

ففي حين دعا إلى الانسحاب الفوري لجميع القوات إلى ما وراء خط الهدنة بإشراف الأمم المتحدة، لم يطالب بإدانة "إسرائيل "، ولم يدعُ إلى دفع تعويضات، واقترح في حال حدوث الانسحاب، أن يقوم مجلس الأمن بدراسة "جميع جوانب الوضع في المنطقة".
وبالإضافة إلى ذلك طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يعين ممثلاً شخصياً عنه للعمل على الامتثال للقرار ، وفي 3 يوليو/ تموز أطرى جروميكو القرار وشجب أي نهج آخر ، ولكن القرار أخفق في اجتياز التصويت في 4 يوليو/ تموز 1967 (15) .

وفي منتصف يوليو/ تموز أشار السوفييت إلى رغبتهم في بذل المزيد من التنازل بشأن قرار للأمم المتحدة (يوجد حذف هنا). وتشير تقارير أخرى إلى أن السوفييت بينما لم يضمّنوا للمرة الأولى وعداً باتخاذ إجراء متبادل مقابل انسحاب "إسرائيلي" لم يضعوا الانسحاب وإنهاء حالة الحرب على مستوى واحد ، وبدلاً من ذلك طالبوا بانسحاب "إسرائيلي" تحت إشراف الأمم المتحدة، وإحالة المسألة العربية "الإسرائيلية" إلى مجلس الأمن ، الذي يمكن الإفادة منه في البت بقضايا تتعلق بإنهاء حالة الحرب، وحرية المرور عبر الممرات المائية الدولية، ومشكلة اللاجئين.

(يوجد حذف هنا) أن المصريين والعراقيين كانوا قد وافقوا على اقتراح المسودة السوفييتية ، ولكن بومدين والسوريين أصدروا بياناً في 12 يوليو/ تموز يعدون فيه بمقاومة أي تنازل ، ولم يتمكن السوفييت من تغيير رأي بومدين عندما زار موسكو في منتصف يوليو/ تموز، وهكذا هيمن العرب الراديكاليون ، ولم يقدم الاتحاد السوفييتي مسودته أبداً، وفي 21 يوليو/ تموز، تم إرجاء الجلسة الطارئة للجمعية العمومية.

وهكذا حشر السوفييت أنفسهم في الزاوية بتقييد حريتهم في المناورة في الأمم المتحدة، وعكست دعوتهم المبدئية إلى عقد جلسة للجمعية العمومية رغبتهم في عقد منتدى دعائي علني.
وفي يوليو/ تموز عندما أصبحوا أكثر جدية في جهودهم المبذولة للتوصل إلى قرار وسط من الأمم المتحدة وجدوا أنفسهم واقعين في أسار إشكالية ما، ففي الجمعية العمومية حيث لكل دولة عربية صوت، يتعين على السوفييت من أجل إمرار قرارهم أن يعارضوا العرب الراديكاليين بفاعلية وفي العلن.

وكانوا لا يزالون غير راغبين في فعل ذلك ، وقد ورد التعبير عن تبرمهم من قبيل العديد من الشخصيات السوفييتية على مستوى عال في أواخر يوليو/ تموز. (يوجد حذف هنا). كما أن بونوماريف أثناء لقائه مع الشيوعيين الإيطاليين في أواخر يوليو/ تموز، انتقد العرب بشدة، ودعاهم بالمتعصبين وغير المنطقيين.
ـــــــــــــــــــــ
الهوامش :
(1) انتهى اجتماع جونسون وويلسون في 3 يونيو/ حزيران"، بإعداد استراتيجية معادية للجمهورية العربية المتحدة ، وبأنهما شجعا "إسرائيل " على شن الهجوم.

(2) هذا الاتهام كان منسجما مع الاتهامات التي أوردتها الصحافة السوفييتية قبل الحرب بأنه يتم تشكيل القوات البحرية الأمريكية والبريطانية في البحر الأبيض المتوسط، ومنسجمة أيضا مع اتهامات السوفييت للولايات المتحدة وبريطانيا بأنهما خططتا لدعم "إسرائيل " عسكريا".

(3) في ذلك التاريخ، أذاع راديو موسكو نص بيان للحكومة السوفييتية موجها إلى "إسرائيل " تقول فيه إن عدم إذعان "إسرائيل " لدعوة الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار، يشكل دليلا على عدوانية السياسية "الإسرائيل ية"، مهددة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل ").

(4) وافق السوفييت على الاتصال بالقاهرة على الفور باسم بلدان أوروبا الشرقية، وكانت هذه هي المرة الأولى التي قام بها السوفييت بتمثيل دول أوروبا الشرقية بهذه الطريقة في مفاوضات مع الجمهورية العربية المتحدة.

(5) مع إن السوفييت شرعوا في إمداد العرب بجسر جوي من السلاح والعتاد حين كانت الحرب لا تزال مستعرة إلا أن العون وحده كان أبعد ما يكون عن سد الحاجة بما يكفي لقلب موازين القوى وعكس مسار الحرب ، ففي لجة الحرب فقدت الجمهورية العربية المتحدة نحو ثلثي طائراتها المقاتلة وأربعة أخماس طائراتها القاذفة، ونصف عدد دباباتها، وفقد السوريون معظم طائراتهم المقاتلة ، وربع عدد دباباتهم ، ولم يفقد العراقيون والجزائريون سوى كميات ضئيلة من العتاد والمواد.

(6) نشر ناصر استقالته الرسمية يوم 9 يونيو، وفي نفس الوقت قدم كل من المشير عامر، قائد القوات المسلحة، ووزير الدفاع شمس بدران استقالتيهما، كما حذا حذوهما 11 قائداً عسكرياً من أصحاب الرتب العالية إلا أن ناصر سحب استقالته لاحقاً، غير أن الآخرين لم يسلكوا هذا المنحى.

(7) كان للنقمة العربية أن تتواصل، في الحقيقة وتشتد لردح طويل من الزمن، غير أن الانتقاد العلني الصريح توقف على أية حال نظراً للحاجة إلى عون السوفييت.

(8) لم تزد القاهرة على مجرد القول : إن محادثات رسمية قد أجريت وأن بودجورني أعرب عن امتنانه العميق لما حظي به من حسن الضيافة. وأما بغداد فأكدت على روح الصداقة والتفاهم التي سادت أجواء اللقاءات).

(9) أخفق مجلس الأمن في 14 يونيو/ حزيران في تبني مسودة قرار تقدم به السوفييت يشجب "إسرائيل " ويطالبها بسحب قواتها إلى ما خلف خط الهدنة).

(10) سوف نتطرق لاحقاً لمناقشة اختلافات القيادة بشأن الشرق الأوسط ، وستكون الصيغة التي ارتآها كوسجين هي أساس اقتراح السوفييت في يوليو من عام 1967 والذي لم يجر التصويت عليه أبداً.

(11) إضافة إلى ذلك فإنه وفقاً لإحدى وثائق الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي أعدت في أكتوبر من عام 1967، لتوزع على الوفود التي تحضر احتفالات ذكرى نوفمبر السنوية في موسكو، فإن المؤتمر قرر أيضاً أن ثمة حاجة إلى أن يتبنى العرب موقفاً أكثر واقعية ، وأن يتم اتخاذ خطوة فورية بحيث تصاحب المطالبة بانسحاب "إسرائيلي" فوري صيغة لإنهاء حالة الحرب.

(12) في 11 يوليو التقى كل من بومدين وناصر وحسين في القاهرة، إلا أن التقارير ذكرت أنهم عجزوا عن التوصل إلى اتفاق حول خطة مشتركة، وفي اليوم التالي التقى بومدين في دمشق بالقيادة السورية ، وأصدروا بياناً يعد بمقاومة التنازل ، وفي هذه المرة كان الملك حسين يحاول مساندة مؤتمر قمة عربية، يكون معتدلاً في نهجه، وكان السوريون والجزائريون معارضين، وكانت الجمهورية العربية المتحدة مترددة ، وفي 23 يوليو/تموز أشار عبد الناصر إلى أن الجمهورية العربية المتحدة سوف تحضر مؤتمر قمة عربية ..

(13 ) كان النائب الأول لوزير الدفاع السوفييتي زاخاروف في القاهرة من 20 يونيو/حزيران إلى 1 يوليو/تموز ، وفي أواخر يونيو/حزيران التقى وزير الدفاع الجزائري مع بريجينيف وجريتشكو، وفي أوائل يوليو/تموز أمضى وكيل وزارة الدفاع السوفييتية بافلوفسكي عدة أسابيع في الجزائر ، كما وصلت بعثات عسكرية سوفييتية إلى سوريا بعيد الحرب ، وفي 14 يوليو/تموز التقى جريتشكو مع وفد عسكري من الجمهورية العربية المتحدة برئاسة رئيس الأركان عبدالمنعم رياض، وفي أواخر يوليو/تموز التقى عضو المكتب السياسي السوفييتي مازوروف مع وفدين عسكريين عراقي وسوداني.

(14) بدأ السوفييت في بناء أسطولهم في البحر الأبيض المتوسط بعد الحرب بفترة قصيرة ، وفي أواخر يونيو/ حزيران، قاموا بإرسال أولى سفنهم عبر البوسفور باتجاه البحر الأبيض المتوسط، وفي منتصف يوليو/ تموز بدأت موسكو الاتصال المباشر مع سفنها الحربية المتمركزة هناك ، واستمر نمو الأسطول السوفييتي خلال العام).

(15 ) تدارست الجلسة الطارئة لمجلس الأمن سبع مسودات قرارات وتبنت اثنتين منها وفشل جميع ما عداها في الحصول على أغلبية الثلثين المطلوبة، وقد دعت المسودة الأمريكية، التي فشلت في المرور شأن المسودة السوفييتية، إلى إجراءات متفاوض عليها بمساعدة طرف ثالث، قائمة على خمسة مبادئ، هي: الاعتراف المتبادل بالاستقلال السياسي ، وسلامة الأراضي لجميع الدول في المنطقة ، الاعتراف بالحدود، مترافقاً مع فك الاشتباك والانسحاب، حرية التعبير عبر الممر المائي، حل عادل لمشكلة اللاجئين، الاعتراف بحق جميع الدول المستقلة في العيش بسلام وأمان ، ودعا القراران اللذان تم تمريرهما إلى تبني المبادئ الإنسانية، ودعا "إسرائيل " إلى عدم اتخاذ أي إجراء لتغيير وضعية مدينة القدس.
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت متابعات الزيتونة نقلا عن موقع "قانون حرية المعلومات" على الانترنت ، إعداد: قسم الترجمة في صحيفة الخليج الإماراتية (من 29/6/2007 حتى 20/7/2007)

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 10-06-09, 09:10 PM

  رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية (3)




1. تيارات متقاطعة في القيادة السوفييتية :
بينما خلقت الحرب توترات حادة في التحالف السوفييتي العربي ، وإن تكن معتدلة، أنتجت كذلك ضغوطاً في السياسات الداخلية السوفييتية ، وفي مرحلة ما تعرض حتى أداء كبار القادة في الأزمة إلى هجوم سافر ، ويبدو أن ذلك الهجوم يعكس وجهات النظر في عنصر كان ينتقد الحذر الذي اتسمت به تحركات السياسة الرسمية في الأزمة ، وقد ظل مثل وجهة النظر تلك أثناء الأزمة وبعدها خارج الإجماع في القيادة ، بل كانت في الحقيقة مرفوضة من قبلها بثبات ، ولكن ضمن الإجماع الذي كان يعارض التورط المباشر في الأزمة ، ولكنه يحبذ استمرار مساندة العرب، كان يمكن مشاهدة خلافات بشأن مدى مثل ذلك العون في المستقبل، بالإضافة إلى مواقف مرنة إلى هذا الحد أو ذاك، تتعلق بتسوية سلمية للنزاع ، ولم يكن العرب المتشددون وحدهم الذين كانوا يشكلون عامل تعقيد في عملية صنع السياسة السوفييتية، بل يضاف إليهم غياب الإجماع التام ضمن فئة كبار الزعماء السوفييت.

2. حماية ييجوريتشيف :
دعت وجهة النظر المطالبة بالتدخل المباشر، والتي (يوجد حذف هنا) جرت دراستها من قبل بعض القادة ولكنها استبعدت إلى القيام بمجازفة عسكرية محدودة ، وتحدي الولايات المتحدة في الأزمة بحذر ، وسواء تم تقديم مثل وجهة النظر تلك أم لم يتم في المكتب السياسي خلال ذروة الأزمة عندما اجتمعت تلك الهيئة في جلسة عادية ، فإنها ربما تكون قد طرحت من قبل رئيس الحزب في موسكو ييجوريتشيف عندما تحدث إلى اللجنة المركزية التي دعيت إلى الانعقاد برمتها بعد حرب يونيو/ حزيران ؛ لكي تصادق على أعمال المكتب السياسي في الأزمة، وحسب بعض التقارير انتقد القيادة بسبب افتقارها إلى القوة والحزم أثناء الأزمة ، وعلى الرغم من أنه عانى بسبب طيشه، بفقدان منصبه، يبدو من غير المرجح أن يكون قد رفع صوته لو لم يكن هنالك تأييد لآرائه على أعلى المستويات ، وعلى أية حال تم اجتناب اتخاذ سياسة مجازفة محسوبة من قبل الإجماع الذي برز في المكتب السياسي أثناء الأزمة.

وفي حين يحتمل أن تكون وجهة نظر أكثر هجومية قد حظيت ببعض المؤيدين في أوساط المكتب السياسي نفسه، فإنه لا تتوفر أدلة كثيرة تساعد في تحديد أولئك المؤيدين ، وبطبيعة الحال يمكن اعتبار شيلبين الذي يشتبه في أنه منذ ييجوريتشيف قد عبر عن انتقاد القيادة أثناء الأزمة عضواً في الزمرة التي تحيط بهذا الزعيم ، ولكن هنالك علامات على أن وجهة النظر الميالة إلى القتال كان لها مؤيدون بين عناصر يقعون على أطراف القيادة الداخلية، وبخاصة في أوساط الجيش ، وعلى سبيل المثال كانت مجلة "النجم الأحمر" إحدى المجلات السوفييتية القليلة التي دافعت علناً عن إغلاق الجمهورية العربية المتحدة لمضائق تيران (28 يونيو/ حزيران) وكانت تصر بنوع خاص على دعواتها إلى انسحاب القوات "الإسرائيلية" الفوري وغير المشروط من المناطق المحتلة...

وإضافة إلى ذلك مضى ما يقرب من شهر بعد الحرب قبل أن يصادق أي زعيم عسكري سوفييتي صراحة على أسلوب السوفييت في التعامل مع الأزمة ، وفي 5 يوليو/ تموز فقط فعل وزير الدفاع جريتشكو ذلك في اليوم الذي قدم فيه بريجينيف أيضا دفاعاً علنياً شديداً عن سياسة المكتب السياسي أثناء الأزمة.
وقد حمل خطاب بريجينيف في 5 يوليو/ تموز كل سمات الدفاع العام عن السياسة السوفييتية في الشرق الأوسط في الماضي والحاضر والمستقبل ، وكان ذلك خطابه الأول بعد الحرب، ولعل المقصود منه كان مواجهة النقد الخارجي والعربي بخاصة والنقد الداخلي ، وحاول في البداية أن يجابه الحجج التي تقول : إنه كان ينبغي اتباع سياسة أكثر حسماً أثناء الأزمة ، وأصر على "صحة" التحركات "النشيطة" التي اتخذتها موسكو لوقف "إسرائيل " وحماية المصالح العربية ، ثم مضى بعد ذلك للدفاع عن استمرار الدعم السوفييتي القوي للعرب، وفي حين كان حذراً إزاء القول : إن الصراع كان في هذه المرحلة "سياسياً" انسجاماً مع سياسة المكتب السياسي أكد على المطالبة بانسحاب "إسرائيل " من أراض محتلة ، وأشار إلى العون المادي الذي كان يقدمه الاتحاد السوفييتي إلى العرب.

وبينما ألمح إلى جهود حل الأزمة في الأمم المتحدة أبقى على هدف مهمات بودجورني في الجمهورية العربية المتحدة وسوريا والعراق، وهي بالتحديد، تعزيز العلاقات وتنسيق العمل المشترك دفاعاً عن المصالح العربية ، ولم يتضمن الخطاب سوى تلميح قليل إلى أي مصلحة في التوصل إلى تسوية وسط في المنطقة ، وبوجه عام بدا الخطاب دفاعاً عن سياسة موسكو الموالية للعرب ، ومن منظور السياسات الداخلية السوفييتية بدا الخطاب معبراً عن إدراك بريجينيف لخطر تحالف بين الجيش وبين عناصر الحزب، يتضافرون معاً في معارضة السياسة الرسمية في الشرق الأوسط (1) .

إغراق المدمرة "إيلات" عزز شعور عبد الناصر باستعادة مكانة مصر :
كان الخطر كامناً متضمناً من قبل في ثنايا قضية يجوريتشيف ، وشن يجوريتشيف رئيس الحزب في موسكو، الذي هو بالتالي شخصية مهمة من بين الرؤساء التنفيذيين في المستوى المتوسط في أوساط الحزب، حملة انتقاد للسياسة الرسمية عندما كان اثنان من كبار مروجيه وأقطابه، بودجورني وكوسيجين، بعيدين عن الوطن ، ويتوليان تنفيذ تلك السياسة، إذ كان الأول في القاهرة والثاني في نيويورك، في أروقة الأمم المتحدة ، وترك هذا الوضع بريجينيف، وهو الركن الثالث في هذا الثالوث الحاكم الذي يتولى تنفيذ السياسة المتبناة والمعتمدة في موسكو ليتحمل وطأة هذا الهجوم غير المتوقع على ما يظهر.

(حذف هنا) وتظل فحوى الانتقاد الذي صدر عن يجوريتشيف وماهيته بدقة في دائرة الغموض. (مقاطع محذوفة) (2) .

3 تزايد التوتر
زادت الحوادث الحدودية الكثيرة التي وقعت عند خطوط وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط من حدة التوتر العربي "الإسرائيلي" منذ نهاية الحرب، كما زادت من مخاطر اندلاع حرب على نطاق واسع، وتزايدت كذلك باطراد الغارات "الفدائية" العربية التي تشن داخل "إسرائيل " وبحلول أكتوبر/تشرين الأول من عام 1967 ركّزت "إسرائيل " على التحذير من أنها ربما تضطر لضرب "مراكز الإرهاب"، وهو تهديد صريح ووعيد لسوريا، وربما انسحب هذا على الأردن ، وأفزع التهديد السوريين الذين كانوا يتوقعون "هجوماً وشيكاً".

(حذف هنا)في أكتوبر/تشرين الأول ظهرت علائم تدل على أن ناصر كان هاجسه الأكبر الذي سرعان ما تحول إلى طموح متأصل يتطلع إلى استعادة مكانة مصر من خلال توجيه ضربة ناجحة إلى "إسرائيل "، ولربما عكس غرق المدمرة "الإسرائيلية" "إيلات" هذا التوجه ، وهذا الموقف من جانب ناصر، فإذا كان الأمر كذلك، فلا بد أن رد "إسرائيل " الانتقامي قد أجج غضبه، حين قصفت ودمرت مصافي البترول المصرية ، كما زاد من سخطه الإعلان عن أن الولايات المتحدة سوف تزود "إسرائيل " بطائرات مقاتلة قاذفة.

ونشر العديد من التقارير في ذلك الوقت، وكانت تتحدث عن أن الموقف المصري آخذ بالتشدد، وبدأت الشكوك تتزايد في القاهرة بشأن احتمال إبرام تسوية سلمية.

وفي العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني ، وصف هيكل، وهو يكتب في "الأهرام" أمر مواصلة الحرب بأنه "حتمي"، إلا أنه احتاط للأمر قليلاً، فاستدرك بأن هذا لا يعني بالضرورة أن القتال سوف يستأنف غداً.

وباختصار يتضح أنه وخلال الأزمة ربما تشكل إجماع قلق يقوم على رغبة السوفييت في جعل الخسائر في حدها الأدنى ، وتجنب أي تورط مباشر في الصراع ، ومع إن بعض القادة ربما طالبوا باتخاذ إجراء أقوى مما جرى اتخاذه بالفعل، إلا أن الدعم لمثل هذا الأمر كان على ما يبدو ضئيلاً ، وعلى أي حال فقد جرى تجاوز الخلافات (في أأأوساط القيادة السوفييتية)، ومع ذلك عادت الخلافات حول سياسة الشرق الأوسط تطفو بصورة بالغة التفجر في الهجوم الذي شنه يجوريتشيف على التيار السوفييتي المعتدل.
وهكذا أصبح هناك موقف للمتشددين وآخر للمعتدلين، واستمرت الخلافات حول مدى الالتزام الذي يجب القيام به تجاه العرب ، ومن المرجح أن هذين الاتجاهين المتعارضين في أوساط القيادة مسئولان جزئيا عن المسار المتسم بالانفصام للسلوك السوفييتي منذ بدء الحرب ، ويشيران أيضا إلى إمكانية حدوث تغيير في السياسة السوفييتية المتعلقة بالشرق الأوسط.

وعلى الرغم من الخلافات الداخلية بدأت السياسة السوفييتية تتخذ شكلاً أوضح وتتجلى معالمها في صيف 1967، وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام اكتمل بحق وبصورة واقعية التحول الثاني الذي شهدته السياسة السوفييتية.

فأما التحول الأول، ذاك الذي حدث في منتصف عام 1966 فقد أعقب الانقلاب البعثي الراديكالي في سوريا، عكس جوهر القرار السوفييتي بدعم هذا النظام والدفاع عنه ، ومحاولة تحقيق التقارب السوري المصري ، وانطوى هذا التحول على تبني السوفييت نهجاً أكثر نشاطاً ، وساعد على دفع ناصر لاتخاذ مواقف متشددة أقرب إلى النزعة القتالية ، والتحول الثاني تبع قرار ناصر نفسه بعد الحرب برفض الجنوح إلى "مواصلة القتال" ، وهو الموقف الذي اقترن بالسوريين، كما اشتمل هذا التحول على اتخاذ السوفييت قراراً بدعم ناصر، ولو على حساب تنفير السوريين وإقصائهم.
وبدأت الجمهورية العربية المتحدة في أواخر يوليو/تموز وأغسطس/آب بتبني موقف أميل إلى الروح التصالحية تجاه الغرب، وموقف أكثر وداً وحميمية إزاء البلدان العربية المحافظة، وربما كانت جذور العوامل المحفزة التي قادت إلى هذا التحول الثاني ترجع في الشطر الأعظم منها إلى المحنة الاقتصادية التي عانت منها الجمهورية العربية المتحدة، لأن الدول العربية المحافظة ما لبث حكامها أن أطلقوا وعوداً مباشرة بعد الحرب ببذل مقادير ضخمة من المساعدات والعون لناصر.

وتحول ناصر من معارض إلى داعم لانعقاد قمة عربية مقترحة كانت قد أقرتها الدول المحافظة (السعودية، الكويت، والأردن) وقاطعها السوريون الراديكاليون، ومنح المؤتمر، الذي عقد في الخرطوم في نهاية أغسطس، ناصر والحسين تفويضاً للسعي من أجل التوصل إلى تسوية سياسية، وأسبغ على اقتراح يوغسلافي يلتمس تسوية وصف "متعقل" .

وفي نهاية المطاف اختار السوفييت الذين أرغموا على المفاضلة العلنية ما بين ناصر والسوريين في هذه القضية ناصر ، وتحول السوفييت الذين ظلوا ينتقدون المؤتمر إلى أن صادق عليه ناصر، إلى موقف المؤيد والداعم له، بل وحاولوا حتى في اللحظة الأخيرة (لكن دون إحراز نجاح) إقناع السوريين بالحضور.
وظهر دعم السوفييت لسياسات ناصر بصورة أوضح في ثنايا قرار الاتحاد السوفييتي في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1967 الذي تضمن دعم جهود ناصر وحسين من أجل تمرير قرار في الأمم المتحدة.

والشروط والبنود التي اتفق عليها الزعيمان العربيان في سبتمبر/أيلول كانت مشابهة لتلك التي اشتملت عليها الخطة التي وضعت في يوليو/تموز ودعمها السوفييت، وكان السوفييت قد سحبوا هذه الخطة عندما رفضها الراديكاليون العرب ، وهذه المرة بين السوفييت أنهم سيدعمون قراراً بغض النظر عن معارضة سوريا.

واشتملت مسودة قرار التسوية البريطانية التي مررها مجلس الأمن الأممي في نهاية المطاف على بنود وعبارات وشروط كانت الجمهورية العربية المتحدة ترغب بأفضل منها بكثير (على سبيل المثال، لم تحدد تلك البنود أن على "إسرائيل " الانسحاب من كل المناطق التي احتلتها بعد 4 يونيو/حزيران، كما لم تدع لانسحاب "إسرائيلي" فوري ، ومع ذلك، وبعد مساومات ومماحكات كثيرة وافق ناصر على ما يبدو على القبول بها، ولكن قبل تبنيها بذل السوفييت محاولة يتيمة أخيرة لتجنب تنفير العرب الراديكاليين وإقصائهم ، فعشية التصويت في مجلس الأمن تقدموا بمسودتهم البديلة التي تدعوا إلى انسحاب "إسرائيلي" فوري من جميع المناطق التي احتلت خلال الحرب، غير أن تلك لم تكن سوى إيماءة موحية فحسب، القصد منها تسجيل موقف ، وفي اليوم التالي لتقديمها سحب السوفييت المسودة ، وصوتوا موافقين على القرار البريطاني.

وخدمت الإيماءة السوفييتية غرض منح الراديكاليين العرب بعض التطمينات بخصوص الالتزام السوفييتي بقضيتهم ، وأعادت المسودة البديلة التوكيد على الموقف السوفييتي المناصر للعرب، وأناطت بالسوفييت دوراً مؤقتاً أشبه ما يكون بالمعيق أو واضع العقبات في الطريق ، فإذا كانت الغاية هي تهدئة السوريين وتليين تشنجهم فإن المسودة لم تحرز نجاحاً يذكر على هذا الصعيد، لأن ردة فعلهم كانت عنيفة إزاء فقرات القرار، وهاجموا السوفييت بقسوة ومرارة لتصويتهم بالموافقة عليها.

وحسبما أوردت التقارير فإن السوفييت مارسوا ضغوطاً كذلك من أجل اكتساب مرافق وقواعد بحرية في البحر الأبيض المتوسط أو حيازة حقوق باستخدام مثل هذه المنشآت ، ولم يكونوا قد حازوا السيطرة على أي ميناء عربي، وحتى استخدامهم لتلك المرافق كان على أضيق نطاق ممكن، حيث كانت المراكب والقطع البحرية السوفييتية تعتمد أساساً على سفنها المساعدة سواء في الإمدادات أو في الصيانة والإصلاح.

غير أن الأسطول السوفييتي كان دائما يمنح حق الوصول إلى شتى الموانئ العربية، وكانت السفن الحربية السوفييتية تقوم بزيارة هذه الموانئ بين الفينة والفينة بغاية ظاهرها على ما يبدو التبيان بجلاء أن السوفييت يدعمون العرب ويقفون في صفهم، وبهدف الحيلولة بين "إسرائيل " ومهاجمة هذه الموانئ ، ولم تهاجم "إسرائيل " في الحقيقة أياً من هذه الموانئ ، لكن الأمر يظل رهن التكهنات والحدس لحسم مسألة ما إذا كان "إحجام" "إسرائيل " عن ضرب تلك الموانئ له أي صلة بالوجود السوفييتي على الإطلاق.

وازدادت شحنات السوفييت من العتاد العسكري إلى العرب ، وتكثفت في الفترة التي أعقبت الحرب مباشرة وخلال ما تلاها من الشهور ، وعلى ما يبدو وعد السوفييت بأن يعجلوا إلى حد كبير عملية تعويض العتاد الذي فقد في الحرب ، واستبداله بأسلحة وتجهيزات جديدة ، وتم إنجاز هذا على أرض الواقع.
ومنذ صيف عام 1967 انتظم تدفق هذه الشحنات ليستقر عند معدل مطرد بثبات إلى حد ما، واستردت حملات إعادة الإمداد وبرامج التدريب القدرات العربية فرجعت بها إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب على الأقل .

وعلى نحو مشابه اتجه موقف السوفييت تجاه الفدائيين إلى أن يزيد ، لا أن يخفف من التوتر، فعلى الرغم من مخاطر قيام "إسرائيل " بعمليات ثأرية حربية كبرى ، ظل السوفييت وبصورة متزايدة يتحاشون ، بل ولا يقبلون استثارة نفور الفدائيين، ويتجنبون حدوث جفوة بينهم وبين الفدائيين، ونتيجة لذلك كانوا يزودونهم بشكل غير مباشر ببعض العون، الذي كان في معظمه على شكل أسلحة خفيفة ومعدات، وفي النصف الثاني من عام 1969 بدأ الإعلام السوفييتي يسلط الضوء على دعم السوفييت للفدائيين ، وينشر على الملأ تقارير عن نشاطات رجال حرب العصابات.
وفي نهاية عام 1969 أظهرت البيانات التي صدرت عن شخصيات في المكتب السياسي أن تياراً جديداً يحبذ تقديم مساعدة أكبر وأجدى للفدائيين العرب ، قد أخذ ينبثق في صفوف القيادة السوفييتية ، واعتراف السوفييت بالفدائيين بصفتهم قوة يحسب حسابها ، ولا يمكن الإغضاء من شأنها ، يعكس الواقع السياسي وحقيقة الوضع آنذاك، فمنذ حرب يونيو تحول الفدائيون إلى عامل بالغ الأهمية في الشرق الأوسط.

وتزايد الوجود السوفييتي العسكري الفعلي في الشرق الأوسط بشكل كبير منذ الحرب ، وجرى تعزيز الأسطول البحري السوفييتي في البحر المتوسط وتقويته بشكل كبير خلال عام 1967، إلا أن هذا المستوى استقر على حاله من بعدها.
وبعد الحرب نشر السوفييت أعداداً كبيرة من الخبراء والتقنيين والمستشارين ليرابطوا في كافة الأفرع والمجالات العسكرية داخل القوات المسلحة لكل من الجمهورية العربية المتحدة وسوريا بهدف رفع المستوى المعياري القتالي ، وتعزيز القدرات العسكرية في هذه المؤسسات العسكرية ، وثمة عنصر من الحذر والتوقي كامن في هذه السياسة ، إذ إن هذه الأطقم البشرية انيطت بها غاية إضافية تتمثل في ممارسة لون من ألوان السيطرة على الاستخدامات التي من أجلها أمد السوفييت العرب بهذه الأعتدة والأسلحة. ..

إلا أنه وعلى الرغم من أن المستشارين السوفييت قد منحوا على ما يبدو درجة عالية من السلطة والهيمنة، لا سيما في عمليات التدريب، الأمر الذي أدى إلى حزازات كبيرة وخلافات مع العرب، ليس ثمة دليل سواء في الجمهورية العربية المتحدة أو سوريا على تمتع السوفييت بسلطة مهيمنة وقيادة وسيطرة مباشرة ، ومن المشكوك فيه أنه كان لهؤلاء العسكريين السوفييت من الخبراء والمستشارين والتقنيين مشاركة مباشرة في القتال ، وحتى لو حدث ذلك فإن من المشكوك فيه الاعتراف بهذا الأمر (3) .

ومع ذلك فإن الوجود السوفييتي الإضافي والمعزز في الشرق الأوسط يزيد من احتمالات تورط السوفييت في صراع مستقبلي ، وعلاوة على ذلك فإن هيمنة الاتحاد السوفييتي، رغم وجود مستشاريه على التصرفات والتحركات العربية لم تتعزز إلا بمقدار طفيف جداً عما كانت عليه في مايو/أيار من عام 1967، وناصر كالعهد به دائماً، لا يمكن أبداً التكهن بسياساته ولا توقع تحركاته، وهو مصمم على الحفاظ على الضغط العسكري على "إسرائيل " على طول قناة السويس ، وليس ثمة إلا النزر اليسير جداً عن المعلومات التي توحي بأن السوفييت بذلوا أي جهد جاد لكبح ناصر ، وحمله على ضبط النفس..

وهكذا نجد أن السوفييت كانوا مرة أخرى في موقف الالتزام شبه الكامل بالإمداد بالمال والسلاح والرجال والمكانة لحلفائهم العرب دون أن يحصلوا مقابل ذلك على ما يوازي هذا الدعم من مشاركة في صياغة السياسة وصنع القرار.

ومن هنا فإن سياسة الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط تشبه محاولة الطبخ بطنجرة ضغط من دون وجود صمام أمان يعتمد عليه ، فهي من ناحية تسعى لكبح الضغوط التي تؤدي لانفجار الوضع في منطقة الشرق الأوسط ، ومن جهة أخرى فإنها تغذي الأسباب المؤدية لهذه الضغوط.

ولكن الموقف الذي يميل لسياسة الاعتدال التي ظهرت بعد حرب يونيو/حزيران كان في الآونة الأخيرة من التآكل والتراجع، فتفضيل السوفييت لناصر على السوريين باعتباره أقل تعصباً ، وأكثر عقلانية أصبح متناقضاً ومتعارضاً مع تزايد الروح القتالية المناهضة ل "إسرائيل " عند المصريين في ظل قيادة ناصر بعد حرب حزيران ، ولعدم استعدادهم لخسارة المكانة التي تبوؤها كطليعة للحركة العربية، عاد السوفييت للتحرك ثانية مع نزعة التطرف العربي التي سادت آنذاك ، ومخاطر تلك السياسة أمر مؤكد، ولكن الأمر الذي ظل غير مؤكد إلى حد بعيد هو هل استطاع السوفييت أم لم يستطيعوا صياغة وسائل فعالة تقود التيار وتوجهه أو تحرفه عن مساره طبقاً لما تقتضيه المصلحة السوفييتية.

الفدائيون.. وحركات المقاومة :

4. المقدمة :
في العناوين التالية من وثائق المخابرات الأمريكية التي أفرج عنها مؤخراً يتم تناول موضوع الفدائيين وحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث تلقي الأضواء على المراحل الأولى لتأسيس حركة فتح ، وأسباب انطلاقة العمل الفدائي ضد "إسرائيل " والعمليات الفدائية الأولى، واختيار الأردن كقاعدة لانطلاق العمليات، ثم انتقال الفدائيين إلى سوريا، ومواقف الدول العربية من العمل الفدائي.

كل ذلك في إطار تقارير سرية كانت تجمعها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في تلك الآونة ، وتصنفها على أنها "سرية جداً".

5. عبد الناصر تدخل لدى موسكو لاستقبال عرفات :
تأسست فتح التي هي اليوم أهم الجماعات الفدائية، في الخمسينات من قبل الفلسطينيين الميالين للقتال، الذين لم يرضوا عن خمول المنظمات الفلسطينية الأخرى، ويعني اسمها "الغزو والإخضاع" واسمها يتألف من عكس الحروف الثلاثة الأولى في عبارة "حركة التحرير الفلسطيني" (حتف)، وكان زعماء فتح يشعرون أن تردد العرب في المبادرة إلى شن حرب ضد "إسرائيل " ناجم عن الافتقار إلى الإرادة، لا عن الدونية العسكرية، وكانوا يرون أن دور فتح هو دور المحفز، أي رفع درجة التوترات بين العرب و"الإسرائيليين" من أجل إحداث الحرب، وقد تأسس الجناح العسكري لفتح (قوات العاصفة) في يناير/ كانون الثاني ،1964

وفي أوائل سنة 1965 شرع في حملة غارات "تخريبية" ضد "إسرائيل " (4) ، وكانت غالبية مهمات العاصفة تنفذ من قبل فرق تتكون الواحدة منها من أربعة أو خمسة أعضاء من العاصفة، كانوا يتسللون إلى الأردن من سوريا، ثم يعبرون إلى "إسرائيل " لتوجيه ضربات سريعة، وفي أواخر سنة 1966، كانت العاصفة تستخدم كذلك من قبل سوريا لتمويه عمليات على الحدود "الإسرائيلية" تنفذها وحدات الجيش السوري ، وساهمت هذه الزيادة في الغارات عبر الحدود السورية "الإسرائيلية" في رفع درجة التوتر، وأسفرت عن هجوم "إسرائيل " على سوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني 1966، وتصعيد التهديدات والتهديدات المضادة، (5) ويطابق هذا السيناريو، السيناريو الذي وضعته حركة فتح.

وذكرت التقارير أن مؤسسي حركة فتح أعضاء في حركة الأخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي، وكلاهما من الجماعات المحافظة التي تقيم علاقات قوية مع العربية السعودية والكويت ، وهكذا كانت فتح تنتفع دائماً من الناحية المالية من تبرعات الفلسطينيين الأثرياء في هاتين الدولتين ، ولكن ومما ينطوي على مفارقة إلى حد ما، أن الجهة المنتفعة الرئيسية من فتح في أيامها الأولى، كانت سوريا، إحدى أشد الدول العربية راديكالية، ونشأت هذه المفارقة الظاهرية من أن فتح بينما كانت محافظة سياسياً فيما يتعلق بالقضايا الداخلية في الدول العربية، كانت في الوقت ذاته أكثر الجماعات الفلسطينية من حيث النشاط العسكري المناوئ ل "إسرائيل "، وهذا جعلها جذابة للسوريين.

وخلال أواسط الستينات، وبخاصة منذ استيلاء جماعة بعثية أشد ميلاً للقتال على السلطة في سوريا في فبراير/ شباط 1966، وحتى حرب يونيو/ حزيران 1967، كانت سوريا توفر لفتح التدريب والأسلحة والإعلام، والمساعدة في التخطيط، وبالإضافة إلى ذلك رتبت الحكومة البعثية السورية اتصالات بين فتح والصين، وكوبا، وفيتنام الشمالية ، وأدى ذلك إلى تزويد الصين لفتح ببعض المعدات، والمعونات الطبية والمالية، وحتى بعض التدريب لفتح في هذه الفترة التي سبقت الحرب.

وشهدت حرب يونيو/ حزيران 1967 بداية ابتعاد فتح التدريجي عن الاعتماد على سوريا، وحتى قبل الحرب، كانت فتح تقاوم المحاولات البعثية السورية لفرض السيطرة عليها، وكان من شأن هزيمة سوريا وما رافقها من انحدار في هيبة البعث السوري، بالإضافة إلى تصاعد هيبة فتح ذاتها، أن شجعت فتح على أن تنشد الاستقلال، وأن تبحث عن العون في مكان آخر، وقد وجدت بالفعل بين الدول العربية، ممن يرغب في مساندتها ودعمها، طمعاً في الإفادة من شعبيتها.

وفي هذه الأثناء، وفي الشطر الأخير من سنة 1967 وأوائل 1968، ذكر أن الوحدات العراقية التي تمركزت في الأردن بعد حرب يونيو/حزيران، كانت تساعد في تقديم المعونات إلى العاصفة في الأردن ، وفي توفير المساندة العامة، وكان ذلك في غاية الأهمية قبل أن تبني فتح قاعدة مساندة شعبية...

وفي أعقاب هجوم "إسرائيل " على بلدة الكرامة، ازدادت شعبية فتح، وانحسرت أهمية المساندة العراقية (وقد أكد هاني الحسن، الناطق الرسمي باسم فتح في ديسمبر/كانون الأول 1969 أن عدد مقاتلي فتح بعد معركة الكرامة، ازداد من 720 إلى 3 آلاف) ولعل ما أثار اهتمام العراق بدعم فتح كان إلى حد بعيد فتور علاقات فتح مع النظام البعثي المنافس في سوريا، ورغبة بغداد في بسط نفوذها بين الفدائيين ، وذُكر أن العراق وافق في صيف سنة 1968 على طلب عرفات تدريب أعضاء العاصفة في الدفاع المضاد للطائرات.

وكذلك تلقت فتح كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة من الجزائر في خريف 1968. (يوجد حذف هنا) كان هذا عبارة عن قرار اتخذه بومدين لا طلباً من فتح ، وفي ديسمبر/ كانون الأول (حذف) ال (حذف) كان قد قال : إن الجزائر قد حولت دعمها (بالمال والبعثات الدراسية) من منظمة التحرير الفلسطينية إلى فتح، ولعل هذا التحول كان يعكس تزايد شعبية فتح، إلى جانب تفضيل موقف فتح المستقل على تبعية منظمة التحرير الفلسطينية التي ما تزال تتحكم بها الجمهورية العربية المتحدة.

وفي معرض بحث فتح عن التمويل تحولت كذلك نحو الاتحاد السوفييتي ، وفي 2 يوليو/تموز 1968، قبل مغادرة عبد الناصر في زيارة إلى موسكو، وصل عرفات زعيم فتح إلى القاهرة، وكانت قد تمت تسمية عرفات رسمياً ناطقاً باسم فتح في ربيع سنة 1968، رغم أنه كان أحد زعماء المنظمة منذ بدئها، وكان في السابق الرئيس الإقليمي للعاصفة.

ويبدو أن عرفات قد طلب من عبد الناصر حينها أن يتوسط لدى السوفييت لكي يغيروا موقفهم نحو الفلسطينيين، ويفترض أنه ربما شعر بأن التضامن العربي الذي يقف خلف الفدائيين ويساندهم قد وهن بسبب الافتقار إلى الدعم الشيوعي العربي، مع إنه يبدو من الأرجح أن دافع عرفات الأكبر كان الأمل في الحصول على مساعدة مادية، ونيل قدر أكبر من الاحترام السياسي، من خلال وساطة عبد الناصر وما يجود به من شفاعة. ..

وعلى أية حال وافق عبد الناصر ، وعرفات إما صاحبه أو تبعه إلى موسكو، وكان هناك العديد من التقارير اللاحقة عن وعود سوفييتية بمد يد العون، وتقديم الدعم، لكن الأدلة على أن السوفييت وفوا بوعودهم أو بأي من مثل هذه الوعود شحيحة جداً...
وزعم السوفييت لاحقاً (ثمة حذف هنا) أنهم أرسلوا سفينة محملة بالأسلحة إلى فتح عبر الإسكندرية، لكن عرفات أنكر أنه تلقى شيئاً من هذا القبيل ، ونفى تماماً أنه استلمها.

وفرّخ نأي فتح عن نهج توطيد عرى أواصر حميمة مع دمشق بعد حرب 1967، حشداً من المشكلات الجديدة، وعلى كل الصعد، سواءً في التنظيم أو القيادة أو الأيديولوجية ، وذكرت التقارير أنه كان لدى فتح نحو 3 آلاف رجل تحت السلاح من الأعضاء النشطين في خريف عام 1968 ، وكانت هيئتها التنفيذية العليا بمثابة قيادة عامة تتكون من تسعة أعضاء، وكان القائد الأعلى ياسر عرفات قد انتخب من قبل الأعضاء الآخرين في القيادة (6).

وفي بداية عام 1968 ذكرت التقارير أن فتح نقلت مقر قيادتها العامة من دمشق إلى عمان، وافتتحت في ذلك الصيف عدداً من المكاتب الإقليمية، وكان لدى المكاتب الفرعية للحركة في الجزائر وبغداد والقاهرة ودمشق أقسام لـ "الدعاية والإعلام" لكل منها، وكانت مسئولة عن الصلات مع الصحافة، كما جرى التخطيط لإقامة قسم عسكري لكل مكتب من هذه المكاتب.

وبحلول خريف عام 1968 بات واضحاً أن فتح كانت أقوى جماعات الفدائيين على الإطلاق، وبتفاوت كبير، على صعيد أعداد المقاتلين والمالية والعمليات، والدعم الشعبي في البلدان العربية (7).

وتجلى نجاح فتح في رغبة حشد كبير من الدول العربية في دعمها، وفي قدرتها على اجتذاب المنظمات الأصغر حجماً لتندمج معها (8) .

في صيف وخريف عام 1968 شهدت فتح سلسلة نزاعات وخلافات ضمن صفوفها، واشتمل الجدل المحتدم بشأنها على قضايا عدة، وكان أحد هذه النزاعات يتعلق بمحاولة الجناح الموالي لسوريا في حركة فتح إبقاء الحركة في المعسكر السوري.
واشتمل خلاف آخر على قضية توحيد المنظمات الفلسطينية ، وعلى مسألة ما إذا كان على فتح أن تخاطر بخسران بعض مقومات استقلاليتها من أجل توحيد المنظمات...

ويبدو من الواضح أن قيادة عرفات للحركة كانت عرضة لهجوم شديد، ولربما شكل الجناح الموالي لسوريا رأس الحربة والعمود الفقري في هذه الهجمة ، وتلقى عرفات خلال هذه الفترة عدداً كبيراً من سهام الانتقاد لأسباب شتى: فبعض الأعضاء في فتح هاجموه لصلاته الوثيقة بالحكومات "الرجعية" وبجماعة الإخوان المسلمين، وزعم البعض أنه كان يعمل لخدمة مصالحه الخاصة ، وأنه كان ينتفع مما تتلقاه فتح من مساهمات، واتهمه آخرون بأنه ينزع إلى الدكتاتورية بشكل متزايد ، وبأنه يرفض توضيح غموض ولغز وفاة صبحي ياسين (9) .

ولربما كان مثل هذا الانتقاد الداخلي يعكس بحق النقمة من أن عرفات كان يزداد قوة مع تنامي فتح، إلا أن عرفات برز على أي حال وبصورة متزايدة بصفته الناطق باسم فتح في جميع القضايا المهمة ، وفي مقابلة أجرتها معه مجلة "الصياد" بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني من عام 1969 استفاض عرفات في الحديث عن أيديولوجية فتح (أو بالأحرى افتقارها إلى الأيديولوجية) وكان مما قاله: "ما معنى الهوية الأيديولوجية؟ هل تعني أنه ينبغي أن أنهض وأدلي بتصريح أقول فيه :إنني أؤمن بالماركسية؟ وهل هذا هو الوقت المناسب لتعريف المحتوى الاجتماعي لعضو في فتح؟ وإنني لأقسم بالله العظيم على أنه لا يوجد في صفوف كوادر فتح رأسماليون أو احتكاريون، أو بورجوازيون، ونحن جميعا لسنا فقراء فحسب بل قد فقدنا حتى وطننا، فأي معنى لليمين أو اليسار بالنسبة لي وأنا أخوض كفاحي لتحرير وطني؟

وتابع عرفات حديثه فقال: "إن الفلسطينيين هم أكثر شعوب الأرض يسارية، بل هم أشد نزوعا إلى اليسارية من الاتحاد السوفييتي ذاته". وكان مما قاله: "الاتحاد السوفييتي يؤيد تسوية سلمية لأزمة الشرق الأوسط ، ويدعو لهذا ، ويتقدم بمقترحات من أجل هذه التسوية، ونحن نرفض التسوية السلمية وجميع المقترحات الأخرى.. فهل يفترض أن أمتنع عن المال السعودي وأرفضه لمجرد أن المملكة العربية السعودية يمينية؟ وها أنا ذا استخدم المال السعودي لشراء أسلحة من الصين ، فكيف تصف هذا التصرف؟ أهو اتجاه يميني أم يساري؟".

وافتقار فتح إلى الأيديولوجية هذا كان في الوقت ذاته مصدر قوة فتح ونقطة ضعفها وهشاشتها، وبسبب خواء الأيديولوجية هذا حظيت الحركة بمساعدات من حشد كبير ومتنوع من المصادر ، واجتذبت إلى تنظيمها أولئك النفر من الفلسطينيين الذين يكمن دافعهم الأكبر في الانضمام إلى هذه الحركة في رغبتهم الجامحة بتحرير وطنهم واسترداده.

كما جعلت هذه الثغرة فتح عرضة للانتقاد من الجناح الراديكالي لحركة الفدائيين، مع إنه في الحقيقة، وفيما تحولت الحركة في مجملها وبصورة متزايدة لتصبح أكثر تناغماً واصطفافاً إلى جانب الدول العربية الراديكالية والقوى الشيوعية في العالم، دفعت فتح لتبني موقف أشد وضوحاً وصراحة في راديكاليته.

6. "فتح" تسحب البساط من تحت منظمة التحرير الفلسطينية :
أنشئت منظمة التحرير الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 1964 خلال مؤتمر قمة الدول العربية في القاهرة، وجاء إنشاء المنظمة عقب إعلان "إسرائيل " إكمال مشروع تحويل مياه نهر الأردن الذي ردت عليه سوريا بالدعوة إلى الحرب، واقترحت الجمهورية العربية المتحدة، بدعم من الأردن، إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، أملاً منها بذلك في إرضاء السوريين بتقديم واجهة قتالية، بينما كانت تخفي في الواقع رغبة في الإرجاء.

وفي فبراير/ شباط 1965، تم وضع جيش التحرير الفلسطيني وهو الجناح العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية تحت القيادة العربية الموحدة، وهي هيئة الأركان الجديدة التي أنشأها مؤتمر القمة لتنسيق التخطيط العسكري للدول العربية ضد "إسرائيل " وفي 1967 كان تعداد أفراد جيش التحرير الفلسطيني حوالي 15000 مقاتل، وشكلت قواته وحدات خاصة عملت كأجزاء أساسية في جيوش سوريا والعراق والجمهورية العربية المتحدة ، وهكذا لم يعمل جيش التحرير الفلسطيني على نحو منفصل ، ولم ينفذ عمليات عسكرية ضد "إسرائيل ".

وفي يونيو/ حزيران 1965، انتقد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري فتح بسبب عملياتها القتالية، وقال : إن جيش التحرير الفلسطيني لن يخوض أعمالاً حربية.
وعموماً، ومع تصاعد التوتر بين "إسرائيل " والدول العربية في أواخر عام 1966 وبداية 1967 زادت هيبة فتح، التي كانت تصعد عملياتها داخل "إسرائيل "، في حين تراجعت هيبة منظمة التحرير الفلسطينية المدعومة من الجمهورية العربية المتحدة ، وبموافقة من عبد الناصر، ولا ريب، قرر الشقيري أن الوقت قد حان لمنظمة التحرير الفلسطينية كي تتصرف ..

وفي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1966 أعلن الشقيري عبر إذاعة صوت فلسطين من القاهرة أن قوات جيش التحرير الفلسطيني الملحقة بالجمهورية العربية المتحدة والتي سبق أن رفض السماح لها بدخول الأردن ستدخل الأراضي الأردنية الآن ، وستنفذ عمليات داخل "إسرائيل "، ولكن وحتى مايو/ أيار 1967، كان الشقيري لا يزال يحاول من دون أن يصيب نجاحاً يذكر، إقناع الملك حسين بالسماح لقوات جيش التحرير الفلسطيني بدخول الأردن.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الشقيري كان قد صرح في عام 1966 أن تحرير فلسطين ينبغي أن يبدأ بتحرير الأردن ، وفي ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، أعلن تشكيل مجلس ثوري هدفه الإطاحة بالملك حسين ، وقد رد الملك حسين برفض الاعتراف بالشقيري رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ولكن مصالحة تمت بين العاهل الأردني الراحل والشقيري قبل نشوب حرب يونيو/ حزيران 1967.

ولم يصدر عن منظمة التحرير الفلسطينية عمل ذو طابع فعال خلال النصف الأول من عام 1967، ولكنها شكلت جناحاً فدائياً لجيش التحرير الفلسطيني حمل اسم "قوات التحرير الفلسطينية"، وهي قوة لم تتشكل في تنظيم حقيقي قبل حرب يونيو/ حزيران 1967، وخلال الحرب تفككت وحدات جيش التحرير الفلسطيني الملحقة بالقوات المصرية والسورية ، وتراجعت هيبة منظمة التحرير الفلسطينية أكثر وأكثر.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 1967 حل محل الشقيري في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية يحيى حمودة ، وهو محام وشيوعي سابق، وفي يوليو/ تموز 1968 تعرضت المنظمة لهزة أخرى جراء محاولة لاستبدال ضباط جيش التحرير الفلسطيني ذوي التوجهات السورية، وربما كانت المحاولة مدعومة من عبد الناصر.

وشمل ذلك تعيين رئيس جديد لأركان جيش التحرير الفلسطيني هو عبد الرزاق اليحيى، وهو تعيين أدى إلى تمرد داخل جيش التحرير الفلسطيني قام به ضباط مؤيدون لسوريا، وقد تم وضع اليحيى نفسه رهن الاعتقال المنزلي في دمشق ، وألمح اليحيى إلى أنه سيتخلى عن المنصب إذا توصلت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والضباط المنشقون إلى حل وسط.

وفي سبتمبر/ أيلول قررت اللجنة التنفيذية التوصل إلى حل وسط ، وتم تعيين ضابط محايد هو مصبح بديري في المنصب.
وكان للانقسام داخل منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني تأثيره الهدام في الروح المعنوية داخل جيش التحرير الفلسطيني وجناحه الفدائي "قوات التحرير الفلسطينية" على حد سواء، وقد عملت قوات التحرير الفلسطينية انطلاقاً من قواعد على الضفة الشرقية لنهر الأردن.

ولكن وخلال عامي 1967 و1968 لم تكن تلك القوات فعالة بشكل خاص، وتشير التقديرات إلى أن عدد أفرادها تراوح بين 200 و500 رجل في تلك الفترة ، وتلقت قوات التحرير الفلسطينية دعماً من فرع جيش التحرير الفلسطيني السوري (قوات حطين) الذي زودها بالأسلحة والرواتب والزي العسكري، وتلقت الدعم كذلك من وحدات جيش التحرير الفلسطيني (لواء القادسية) الملحقة بالقوات العراقية المرابطة في الأردن بعد حرب يونيو/ حزيران 1967.

وبحلول أواخر عام 1968، أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية منظمة مضمحلة، ونظراً إلى أنها شكلت أساساً لتمثل واجهة فاعلة، فإنها لم تفعل الكثير الذي يمكن وصفه بأنه ذو طابع عسكري، وحتى قبل نشوب الحرب كانت المنظمة تتراجع أمام فتح التي كانت تسحب البساط من تحتها، وبعد الحرب، وعندما أصبح العمل العسكري مفتاح الشعبية والهيبة، عانت المنظمة أكثر وأكثر.
وعلاوة على ذلك، بدأت المنظمة تفقد دعم الدولة التي أنشأتها وهي مصر، وفي عام 1968، كانت منظمة التحرير الفلسطينية تحاول إجراء تغييرات فيها لتصبح منظمة مقاتلة ، ولكنها لم تتمكن من التغير بسرعة كافية.

سيطرة فتح على المنظمة :
في فبراير/ شباط 1969 سيطرت فتح فعلياً على منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى الرغم من أن العلاقات بين المنظمتين كانت عدائية في جوانب بعينها، أحس كثير من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية بأن تفكك المنظمة بعد حرب يونيو/ حزيران، جعل وجود شكل من التعاون ضرورياً ، وكانت فتح بدورها تنظر بشيء من الحسد إلى هيبة منظمة التحرير الفلسطينية كضيفة رسمية للدول العربية.

وخلال أواخر عام 1967 وبداية 1968 قامت كل من منظمة التحرير الفلسطينية وفتح بمحاولات غير ناجحة لتحقيق شكل من أشكال التعاون مع بعضها بعضاً والمجموعات الفدائية الأخرى، ولكن كلتا المنظمتين لم تكن تريد التضحية بأي من استقلالها(10 ).

وتحققت خطوة تجريبية نحو درجة من الوحدة في مارس/ آذار 1968 عندما أصدرت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح وثالث أكبر منظمة فلسطينية وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بياناً دعت فيه إلى "توحيد الكفاح الفلسطيني في المجالات السياسية والعسكرية".

وتقرر تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد(11) يتم توزيع أعضائه المائة بين المجموعات الفدائية والنقابات العمالية الفلسطينية المختلفة ، واتسمت تحضيرات تشكيل المجلس الذي انعقد في يوليو/ تموز 1968 بعداء بين فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ذات التوجهات الأكثر راديكالية ،ولم يحقق الإجماع ذاته شيئاً ، وبسبب الفشل في التوصل لاتفاق تم ببساطة التمديد للجنة التنفيذية السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية لستة أشهر أخرى.

وفي ما يتعلق بالمفاوضات الخاصة بتكوين مجلس وطني فلسطيني جديد فقد هيمنت عليها فتح التي قاطعت منافستها الرئيسة، وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الاجتماعات ؛ ولذلك تمتعت فتح بالسيطرة الفعلية على المجلس عندما انعقد في مطلع فبراير/شباط 1969 في القاهرة، ولم يحضر كثير من قادة منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني الاجتماعات ، وقاطعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الاجتماعات مقاطعة تامة، ونجحت فتح في وضع ثلاثة من أعضائها في عضوية اللجنة التنفيذية المؤلفة من 11 عضواً علاوة على ياسر عرفات الذي أصبح الرئيس الجديد لمنظمة التحرير الفلسطينية ومدير شؤونها العسكرية (12)..

ومن بين الإجراءات الأولى أمام اللجنة التنفيذية الجديدة نقل مقر منظمة التحرير الفلسطينية من القاهرة إلى عمان، وبذلك تنقطع رمزياً العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والجمهورية العربية المتحدة، وعينت اللجنة أيضا مجموعة ضمت يحيى حمودة (الذي حل محل الشقيري كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ويعمل حالياً رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني) وثلاثة آخرين، للاستمرار في الحوار مع أولئك الذين قاطعوا المجلس الوطني الفلسطيني، وشكلت اللجنة التنفيذية أيضا (في أبريل /نيسان) لجاناً للتنظيم الشعبي والشؤون العسكرية والشؤون التعليمية والضرائب واللجان الثقافية.

في فبراير/شباط، وبعد عدة أيام من انعقاد أول اجتماع للجنة التنفيذية التقى عرفات في عمان بمجموعة من مديري مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية، ليتبين لاحقاً أنها كانت مجابهة غير سارة:

وأفصح المسئولون في هذا اللقاء عن شكوكهم بخصوص مطامح عرفات الشخصية ، والرغبة في جعل فتح تهيمن على منظمة التحرير الفلسطينية، ورغم أن عرفات حاول استرضاء هؤلاء المسئولين إلا أنهم تشبثوا باعتقادهم بأنه كان ينوي استبدالهم.
وكانت هواجسهم تستند إلى أسس متينة، إذ إنه بعدها بعدة أشهر أمرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بإعادة تنظيم وهيكلة مكاتبها الوطنية، وباستثناء شفيق الحوت، مدير مكتب بيروت، ومدير آخر، كان سيتم استبدال مديري كافة المكاتب الوطنية ، وعلاوة على ذلك، ستشكل في كل مكتب هيئة قيادية سيطلق عليها بعدئذ اسم مجلس شؤون منظمة التحرير الفلسطينية ، كما سيكون من بين أعضائه أي عضو فلسطيني من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني المقيمين في ذلك البلد، وينضم إلى هذا المجلس أيضا رؤساء المنظمات الفلسطينية في ذلك البلد، وسيخدم مدير المكتب بصفته سكرتيراً للجنة، وهذا لتنظيم الجديد ، وترتيب الأمور على هذه الشاكلة ، وزع سلطة منظمة التحرير الفلسطينية الإقليمية على مساحة أوسع، ما منح قوة جديدة للمنظمات الأخرى، ولا سيما لفتح (14 ).

وفيما هيمنت فتح على جهاز منظمة التحرير الفلسطينية السياسي، فإن بيانات وتصريحات سياسة منظمة التحرير الفلسطينية، امتزجت ببيانات فتح، وفي الشهر الذي أعقب اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني اتخذت منظمة التحرير الفلسطينية المواقف العلنية التالية التي تتطابق مع مواقف فتح:

1- رفضت قرار مجلس الأمن الدولي لشهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1967، وغيره من مقترحات السلام، بما فيها خطة السوفييت المجدولة زمنياً.
2- دعت إلى إقامة مجتمع "حر" وديمقراطي، في فلسطين يحتضن كل الفلسطينيين من مسلمين ونصارى ويهود، كي ننقذ فلسطين بذلك من الصهيونية (15 ) .
3- وأن مستقبل الوطن العربي يعتمد على تحرير فلسطين، ودعت كلّ الدول العربية إلى دعم الحركة الفلسطينية.
4- دعوة جميع فصائل المقاومة الفلسطينية إلى التوحد.
5- وجوب ضم جيش التحرير الفلسطيني ودمجه في الثورة مع البدء بصياغة تصور يرمي إلى التخطيط ، ومن ثم بلورة قضية تنظيم حرب تحرير شعبية.
ــــــــــــــــ
الهوامش :
(1) كان الخطاب قد ألقي في تخريج صف دراسي عسكري.
(2) كان من الممكن أن يلحظ المرء انتقاداً مماثلاً، لكنه صادر عن شخصيات ارتبط اسمها بالإصلاح ، ولم يعهد عنها أنها متشددة في مواقفها، حيث ظهر هذا في مقال في "البرافدا" بتاريخ 17 يونيو/ حزيران بقلم رومياتسيف وبيرلاتسكي وبستروجيف ، وفي حين انصب الاهتمام الأكبر بكتاب المقال على بحث الحاجة إلى دراسة أكثر استفاضة وتعمقاً للتيارات السياسية والاجتماعية العريضة، فإنه اشتمل أيضا على دعوة صريحة إلى تكهنات سياسية أفضل استشرافاً للمستقبل "ولا سيما" في ما يتعلق "بآفاق تطوير علاقات دولية" ، والحالة الصارخة التي هي محور الاهتمام والتي يستشهد بها إنما هي الوضع الذي قاد إلى الحرب العربية "الإسرائيلية" وأدى إلى اندلاعها، وهي حالة لا يمكن للقارئ المطلع الفطن إغفالها.
(3) ربما كان الحضور الكبير لأطقم المستشارين السوفييت في سوريا مسئولا بشكل جزئي عن إحجام "إسرائيل " عن شن هجمات انتقامية ضد سوريا ، إلا إنه يمكن إرجاع هذا بصورة أدق إلى حقيقة أن السوريين كانوا حذرين بشأن شن هجمات "إرهابية" ضد "إسرائيل " انطلاقاً من أراضيهم ، ويحرصون كل الحرص على الحيلولة دون ذلك، وهذا الاحتمال الثاني هو الأرجح، إذ إن "الإسرائيليين" شنوا هجمات انتقامية على مصر على الرغم من وجود المستشارين السوفييت هناك.
(4) انتظرت "إسرائيل " حتى مايو/ أيار 1965 قبل أن تقتص للمرة الأولى من العاصفة، وفي ذلك الوقت دمرت قاعدتين للعاصفة في الأردن في محاولة لإجبار الأردن على كبح جماح الفدائيين.
(5) في نوفمبر/ تشرين الثاني 1966 هاجمت "إسرائيل " كذلك قرية السموع في الأردن انتقاماً من غارات فتح عبر الحدود.
(6) المناصب الأخرى في القيادة العامة كانت على الشكل التالي: نائب القائد الأعلى عرفات هاني القدومي، الذي تحددت مهامه في سبتمبر/أيلول من عام 1967 بصفته مسئولا عن المالية في الكويت، ورئيس اللجنة العسكرية - فاروق نسيبة، ورئيس اللجنة المالية، ومحمد قطان، قائد الفرع اللبناني من فتح، ومدير فرع بيروت من البنك الإفريقي العربي، ورئيس التنسيق - خالد الحسن، قائد فرع فتح في الكويت، ورئيس التنظيم وليد الخالدي، بروفيسور الفلسفة في الجامعة الأمريكية في بيروت، ومنظر فتح الأيديولوجي، ورئيس الشؤون الإعلامية - عمر إسماعيل الخطيب، قائد فرع فتح في الأردن، ورئيس شؤون الأفراد - زهدي الخطيب، وقائد فرع فتح في العراق، ورئيس لجنة الاستخبارات عبد الرحمن بركات.
(7) في فبراير/شباط من عام 1969 كان لفتح حينها 75 قاعدة في الأردن، وفي كل منها نحو 30 فدائياً في المتوسط، وكان لها قاعدتان في سوريا، في كل منهما نحو 150 فدائياً وثلاث قواعد في لبنان، في كل منها 200 فدائي.
(8) ضمت هذه "جبهة فلسطين الثورية" و"طلائع الفداء" والأرض، وهي داخل "إسرائيل " ومسئولة عن كثير من العمليات داخل "إسرائيل ".
وبرزت أوجه ضعفها في حقيقة أنها كانت جماعة مشرذمة ليس لها برنامج راسخ الأركان ، وتفتقر إلى الانسجام والتماسك، ناهيك عن أن الشقاق الحزبي نخرها ومزقتها الانقسامات.
(9) كان ياسين قائد "طلائع الفداء"، وهي جماعة فدائية ناصرية ، وجرى اغتياله في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1968. (يوجد حذف هنا). وكانت فتح هي من اغتاله، لأن لجنة الاستخبارات علمت أن جماعة ياسين لم تنضم إلى فتح إلا لغرض واحد، وهو إخضاع فتح للهيمنة الناصرية.
(10) عقدت كل واحدة من المنظمتين اجتماعات قاطعتها الأخرى ، ونسبت كل واحدة منهما لنفسها بعدها قيادتها لحركة موحدة ، وتعرضت هيبة الشقيري لهزة أخرى جراء تلك المحاولات الفاشلة، وربما كان ذلك أحد العوامل التي أدت لإقصائه في ديسمبر/ كانون الأول 1967).
(11) كان المجلس الوطني الفلسطيني يمثل في الأساس الهيئة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية حسب تأسيسها، وكان يتألف من 450 عضواً ، وقد تفرق أعضاء المجلس نتيجة لحرب يونيو/ حزيران 1967، إضافة إلى ذلك كانت لمنظمة التحرير الفلسطينية لجنة تنفيذية مكلفة بتسيير الشؤون اليومية .
(12) كان الأعضاء الآخرون في اللجنة التنفيذية الجديدة هم: فتح: فاروق قدومي - مدير التنظيم الشعبي ، وقد تم تعريفه أيضا كعضو في الصاعقة ، خالد الحسن - مدير الشؤون السياسية ، محمد النجار ، الصاعقة: يوسف برزي ، أحمد شهابي ، مستقلون: إبراهيم بكر - نائب الرئيس ، كمال ناصر - مسئول المعلومات الإرشادية ، ياسر عمرو..
منظمة التحرير الفلسطينية : حامد أبوستة: مدير شؤون الوطن ، عبد المجيد شومان - الصندوق الوطني الفلسطيني .
(13) كان النشاط الوظيفي لهذه المكاتب الإقليمية مماثلاً على الأرجح للوظيفة المنوطة بمكتب بيروت، مع إن مكتب بيروت كان أهمها على الإطلاق ، واشتملت واجباتها على مهام الاتصال بالحكومة اللبنانية، وإصدار التقارير الصحافية باسم منظمة التحرير الفلسطينية ، وتقديم العون القانوني للفلسطينيين في لبنان ، وتجنيد متطوعين وجمع الأموال، وتعزيز الترابط والتواصل مع المنظمات الفلسطينية الأخرى ، وأخيراً، وكما رأينا من قبل، الاتصال بالسوفييت والتواصل معهم .
(14) على سبيل المثال، في أواخر أبريل /نيسان، جرى إبلاغ مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت أن مجلسه سيضم شفيق الحوت وخالد اليشرطي من فتح، ويحيى عاشور، ممثل فتح في بيروت، وصلاح الدباغ (مستقل)، وقال الحوت : إنه على الرغم من الترتيب الجديد، فإنه شخصياً ظل يلتجئ مباشرة إلى خالد الحسن، رئيس قسم الشؤون السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية ملتمساً منه العون .
(15) بسط مقال نشر في جريدة الحزب الشيوعي الإيطالي "ليونيتا" بتاريخ 25 مارس/ آذار 1970 ونسب إلى حركة فتح وجهات نظرها بشأن دولة فلسطينية في المستقبل ، ونادى المقال بقيام فلسطين العلمانية والديمقراطية التي تتكون من المسلمين والنصارى واليهود، وطالب بإنهاء مشاعر الانتقام ووضع حد لمسألة اعتبار جميع اليهود في العالم صهاينة ...
وقال المقال: "إن جميع اليهود الذين يعيشون في فلسطين، إضافة إلى أولئك المنفيين عنها سيكون لهم حق أن يصبحوا مواطنين فلسطينيين، رافضين بذلك أطروحة أن الذين كانوا هناك قبل عام 1948 أو 1918 هم فقط من سوف يتم قبولهم" وذكر المقال أن فلسطين ما قبل 1948 ينبغي أن تشكل أراضي الدولة الجديدة، وأن هياكل وصروح "إسرائيل " المصطنعة، وربما صروح وهياكل الأردن أيضا (بالشكل الذي أنشئت عليه بعد 1948) سوف تختفي.
المصدر : مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت متابعات الزيتونة نقلا عن موقع "قانون حرية المعلومات" على الانترنت ، إعداد: قسم الترجمة في صحيفة الخليج الإماراتية (من 29/6/2007 حتى 20/7/2007)

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 10-06-09, 09:18 PM

  رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية (4)



1. فتح تحاول السيطرة على جيش التحرير الفلسطيني :
في خضم انهماك عرفات بهز كيان التنظيم السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية شرع أيضا بشن حملة ترمي إلى إخضاع جيش التحرير الفلسطيني لهيمنته، وكان كل من جيش التحرير الفلسطيني وجبهة تحرير فلسطين قد قاطعا اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني، إلا أن البديري بين أن جيش التحرير الفلسطيني سينفذ التوجيهات والأوامر الصادرة عن القيادة السياسية إذا كانت تستند إلى قرارات المجلس، وكان من بين أولى التحركات التي قامت بها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في فبراير/شباط من عام 1969 أن أنشأت قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، الذي أريد منه أن يخطط لكافة القضايا الفدائية وينسق شؤونها، بما فيها العمليات ، وجرى تعيين عبد الرزاق اليحيى الذي شغل لفترة وجيزة منصب قائد جيش التحرير الفلسطيني في أوائل عام 1968، رئيساً لعمليات قيادة الكفاح المسلح هذه (1).

وكان من الجلي أن القصد من إقامة هذه المنظمة إنما هو مضاهاة جيش التحرير الفلسطيني وإحداث نوع من التوازن معه، سيما وأن التقارير ذكرت أن قائد الجيش البديري كان يبغض عرفات ، ويميل إلى سوريا.

وفي مايو/أيار من عام 1969، قيل : إن عرفات والبديري اختلفا بعد أن زار البديري لبنان من دون الحصول على إذن مسبق من عرفات ، وندد عرفات بالبديري، ليس فقط بسبب الرحلة التي قام بها من دون تفويض، بل ولأنه تصرف في لبنان، حسبما راجت المزاعم، ببذخ وغطرسة أسطورية ، وكأنه إمبراطور...

وبعدها بوقت قصير، في يونيو/حزيران من عام 1969 حل اليحيى محل البديري ، وأصبح القائد الأعلى لجيش التحرير الفلسطيني ، وعين فتحي سعد الدين نائباً له، وأصبح عثمان حداد رئيس أركان هذا الجيش.

وفي هذه الأثناء كثف عرفات تحركاته ، وقد استحوذت على أفكاره حرب التحرير الشعبية، وكيف يعيد تنظيم المؤسسات والهياكل الإدارية على أسس جديدة لخوض مثل هذه الحرب، لذا سعى إلى تحويل جيش التحرير الفلسطيني إلى قوة قتال ميداني فعلي تشارك في مقارعة "الإسرائيليين" في ساحات القتال ضمن منظور حرب العصابات، وليس بصفتها جيشاً نظامياً كسائر جيوش الدول العربية.

وفي مارس/آذار من عام 1969 صرح عرفات بأن جيش التحرير الفلسطيني ينبغي أن يتحول من "جيش نظامي كلاسيكي" ليصبح نواة الجيش الثوري الفلسطيني وحجره الأساس.
وجادل عرفات وحاجج وطرح تصوره بأن قوات جيش التحرير الفلسطيني ينبغي تحريكها إلى مواقع قتالية تهاجم منها العدو وتضربه (2).

وفي مارس/آذار ذكرت جريدة الأهرام أن قوات جيش التحرير الفلسطيني سيتم تحريكها لترابط مع القوات المقاتلة لمنظمات المقاومة الفلسطينية، كما قالت الصحيفة : إن منظمة التحرير الفلسطينية قررت رصد الشطر الأعظم من ميزانيتها لجيش التحرير الفلسطيني ، وفي أوائل أغسطس/آب امتدحت إذاعة صوت فتح المثل الأول لمشاركة جيش التحرير الفلسطيني في العمل الفدائي.

وعلى الرغم من النفي العلني والإنكار الرسمي فإن وحدة من وحدات جيش التحرير الفلسطيني الملحق بالجيش السوري، وهي لواء حطين، قامت بالفعل، حسبما أوردت التقارير بالتسلل إلى شمال الأردن في ربيع 1969، وكانت قوات جيش التحرير الفلسطيني التابعة للعراق (لواء القادسية) مرابطة هناك أصلاً.
وفي أواخر عام 1969 وبداية عام 1970 وردت تقارير عن تزايد استياء قيادة جيش التحرير الفلسطيني من قيادة فتح، وتركزت النقمة بوجه خاص على اتهام فتح بأنها هي ذاتها من يسعى حثيثاً لحيازة أسلحة جديدة ، في حين تحجب التمويل عن جيش التحرير الفلسطيني...

وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 1969 ذكرت التقارير أن ضباط جيش التحرير الفلسطيني سلموا عرفات لائحة شكاوى بواسطة اليحيى الذي قدم استقالته في الوقت ذاته ، ورفض عرفات الاستقالة ، ووعد بالتماس التمويل لجيش التحرير الفلسطيني ، وتدبير أمر إمداده ودعمه في مؤتمر قمة الرباط في ذلك الشهر، ومن غير الواضح ما إذا كان جيش التحرير الفلسطيني قد حصل على بعض التمويل الذي خصص للفدائيين في الرباط، إلا أن اليحيى صرح في أبريل / نيسان من عام 1970 أن رواتب جيش التحرير الفلسطيني غالباً ما كانت تتأخر لأن عرفات أصر على توقيع تفويض الصرف بنفسه، وأنه رفض الإفراج عن الأموال التي خصصتها منظمة التحرير الفلسطينية لجيش التحرير من أجل مشترياته من الأسلحة.

وعلى أية حال استمر الصراع بين عرفات وجيش التحرير الفلسطيني (3).

(حذف هنا) وجيش التحرير الفلسطيني، وقد اعتبر نفسه قلعة المعارضة الأخيرة التي تقف لتجابه هيمنة فتح، شكل في أوائل عام 1970 أركاناً عامة "تتكون من اليحيى ، والعقيد سمير الخطيب ، والعديد من الضباط الآخرين" ظل مصمماً على ألا يقبل سوى الأوامر الصادرة عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي اتفقوا معها ، ورغم أنه لم يتم التحقق من هذا التقرير ولا التثبت من صحته أبداً، فإن جيش التحرير الفلسطيني مارس من بعدها قدراً ما من الاستقلالية على ما يبدو، لأن التقارير أوردت في أبريل من عام 1970 أن عرفات بعث برسالة إلى جيش التحرير الفلسطيني يقول فيها : إنه هو القائد الأعلى ، ويشتكي من أن جيش التحرير الفلسطيني دأب على الامتناع عن رفع التقارير إليه، ومحذراً من أنه إذا تكرر هذا فسوف يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة.

واشتد الصراع بين فتح وجيش التحرير الفلسطيني عام 1969 وأوائل عام 1970 جراء مفاوضات كانت تجري مع الاتحاد السوفييتي بشأن الزيارة المقترحة لوفد إلى موسكو (وفي سبتمبر/ أيلول من عام 1969 ذكرت التقارير أن السوفييت وجهوا الدعوة إلى اليحيى والخطيب لزيارة موسكو إلا أنهم بينوا أنهم لم يكونوا يرغبون في مجيء أي عضو من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، نظراً لأنهم شخصيات سياسية، غير أنه بحلول ديسمبر/كانون الأول جرى توسيع دائرة هذه الدعوة لتشمل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وكان هناك بعض التأخير بشأن قبول الدعوة، وكان السبب على ما يبدو الجدل الذي احتدم حول ما إذا كان ينبغي للوفد أن يذهب، ثم إذا ما توجب الذهاب، فمن ذا الذي يذهب، ويبدو أن عرفات لم يكن يرغب في إرسال وفد أساساً، إلا أنه جرى إقناعه في نهاية المطاف من قبل الأعضاء الآخرين في اللجنة التنفيذية، وكان نفور عرفات في هذه الآونة من زيارة موسكو، ومن ثم قبوله ذلك على مضض في تضاد صارخ مع التلهف الذي أبداه في عام 1968، وربما كان هذا التغير يشي بتشككه بشأن تلقي أي دعم أو تأييد سياسي، أو لربما كان ينم عن قلقه من أن يحجب إما السعوديين أو الصينيين دعمهم لفتح جراء استيائهم من مثل هذه الزيارة.

أما وقد أرغم على المسايرة والنزول عند رأي الآخرين والقبول بالزيارة على كره منه، فقد حاول عرفات إقصاء عبد الرزاق اليحيى عن الوفد ، غير أن جيش التحرير الفلسطيني صرح بأنه لن يشارك إطلاقاً إذا لم يذهب اليحيى فأذعن عرفات ورضخ للأمر الواقع ، وكان اليحيى ذاته قد أكد هذه الرواية ، وذكر بعدها أن السوفييت أبلغوا الوفد في موسكو أنهم لن يتمكنوا من تقديم أي مساعدات للمنظمات الفدائية ما لم تكن هذه المنظمات موحدة ، لكن السوفييت يمكن أن يساعدوا جيش التحرير الفلسطيني الذي كان جيشاً تكون بشكل شرعي، وأنهم كانوا على استعداد في الحقيقة لإمداد جيش التحرير الفلسطيني بالأسلحة ، حيث سيتم تسليمها عبر سوريا ، وبواسطة السوريين.

ووفقاً لهذا المصدر ذاته فإن اليحيى انتقد فتح أيضا بعد زيارة موسكو ، واتهمها بأنها كانت تسعى إلى تدمير جيش التحرير الفلسطيني، واستشهد للتدليل على كلامه بالجهود التي بذلتها فتح لاستبدال فرقة قيادة الكفاح المسلح في لبنان، التي كانت قد سحبت من جيش التحرير الفلسطيني، بوحدات من فتح بحيث تتمكن فتح من الهيمنة على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان..

والأدهى من ذلك، كما قال اليحيى أنه في مارس/آذار من عام 1970 قررت اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية (التي كانت تهيمن عليها فتح وعرفات) أن تسحب قوات التحرير الفلسطينية من تحت سيطرة جيش التحرير الفلسطيني ، وأن تخضعها لهيمنة اللجنة التنفيذية ، ورفض اليحيى الرضوخ لهذا، وأخبر عرفات أنه إذا أصرت منظمة التحرير الفلسطينية على موقفها ، وواصلت جهودها لتدمير جيش التحرير الفلسطيني فسوف يتمخض عن هذا تمرد مسلح.

وفي أوائل يوليو/تموز 1970 أصدر عرفات أمراً بإعفاء عثمان حداد من منصبه كرئيس لأركان جيش التحرير الفلسطيني متهماً إياه بالتمرد (4) وفي ذلك الوقت كان حداد في دمشق، وقد رفض قبول الإعفاء ، وتلقى الدعم من عدد من وحدات جيش التحرير الفلسطيني وجبهة التحرير الفلسطينية ، وبخاصة الموجودة في سوريا ، واتهم حداد عرفات بأنه قد عزله بعد أن اعترض حداد على الأوامر التي أصدرها عرفات بحظر دفع رواتب قوات حطين.

وفي مقابلة أجريت معه في 4 يوليو/ تموز، قال حداد متهماً : إن قراراً صدر مؤخراً بوضع تنقلات وتعيينات قادة منظمة التحرير الفلسطينية تحت سيطرة عرفات، هو بمثابة مقدمة لحل جيش التحرير الفلسطيني ، وأكد أن قادة وضباط منظمة التحرير الفلسطينية لم يعترفوا بعرفات قائداً للجيش.

وفي 7 يوليو/تموز التقى وفد من منظمة التحرير الفلسطينية بياسر عرفات في عمان ، وطالب بالإبقاء على حداد في منصبه، والموافقة على ميزانية جيش التحرير الفلسطيني، وأن يكون هذا الجيش مستقلاً، وإلغاء قرارات عرفات التي تتعارض مع أنظمة الجيش.

وفي اليوم التالي أعاد ناطق باسم منظمة التحرير الفلسطينية توكيد قرار عزل حداد ، وظل عبد الرزاق اليحيى الذي كان فيما يبدو غير صديق لحداد بمعزل عن النزاع (5) وكان من الواضح أن وضعاً يقرب من التمرد قد تم إيجاده ضمن أوساط جيش التحرير الفلسطيني نتيجة لعزل حداد.

وهكذا، بينما كان استيلاء فتح على الآليات السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية تاماً تقريباً، بحلول أواسط سنة 1970، لم تنجح جهودها لتحقيق السيطرة على جيش التحرير الفلسطيني.
وفي حقيقة الأمر جاء أحد تكتيكات عرفات بنتيجة عكسية ، فقد عين اليحيى رئيساً لقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ثم لجيش التحرير الفلسطيني، ومن الواضح أنه فعل ذلك على أمل السيطرة على كليهما، وقد أظهر اليحيى منذئذ استقلاله عن عرفات ورغبته في إبقاء جيش التحرير الفلسطيني مستقلاً.

وغدت هذه العلاقات أكثر تعقيداً بفعل الانشقاق الذي ظهر داخل جيش التحرير الفلسطيني بين اليحيى وفصيل تدعمه سوريا ويرأسه حداد.

فتح تحتفظ بهويتها :
في غمار عملية ممارسة السيطرة على الجهاز السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية احتفظت فتح بهويتها الخاصة واستقلالها، على الرغم من أن تركيبها تغير إلى حد ما ، وقد أدى نموها السريع سنة 1969 إلى إحداث إجهاد كبير لتنظيمها، وفي مارس/آذار 1969، ذكر أن القيادة العامة لفتح قد استبدلت بلجنة مركزية، يخضع لها "جناحان": سياسي وعسكري(6).

ومن هؤلاء كان فقط عرفات، وهاني القدومي وخالد الحسن في القيادة العامة في أوائل 1968.

وحسب تقرير أمني أردني ترأس خليل الوزير الجناح السياسي، بمساعدة صلاح خلف (الذي وصف فيما بعد بأنه الرجل الثاني في فتح، وأنه متعاطف مع وجهات النظر الراديكالية) وذكر أن هذا الجناح كان يضم دائرة مخابرات يديرها هاني الحسن، ومجموعة لتنظيم الشبان، ومكتب إعلام مسئولا عن الدعاية والبلاغات..

والمكتب الأخير يدير برنامج الإذاعة الدعائي للمنظمة الذي يسمى صوت فتح، والذي ظل يبث من القاهرة حتى أواسط سنة 1970 عندما علق عبد الناصر عملياته ، كما كان يصدر كذلك مجلات فتح ، ومن بينها: مجلة العاصفة ومجلة الثورة الفلسطينية ، ومن المحتمل أنه كان مسئولا عن جريدة "فتح" اليومية، التي كانت في الأساس نشرة يومية، تم توسيعها فيما بعد لتصبح جريدة تتكون من أربع صفحات خلال أزمة يونيو/حزيران 1970 في الأردن.

وفي أواخر 1969 غدت وحدات فتح الإقليمية أشد تعقيداً. (يوجد حذف هنا). كانت اللائحة التنظيمية للجهاز الإقليمي في العربية السعودية تشبه الهرم: الجماعة، وهي أصغر وحدة تتكون من أربعة أعضاء، مسئولة أمام الجناح، الذي يتكون من أربعة ممثلي مجموعات، وتشكل كل أربعة أجنحة قطاعاً، والأربعة قطاعات لجنة محلية، وكل أربع لجان محلية تشكل لجنة أمانة سر في المنطقة ، يترأسها الأمين العام للمنظمة، ولكل منطقة لجنة إعلام ومحكمة انضباط ثورية للتعامل مع انتهاكات الأنظمة، والنزاعات وما إلى ذلك، ولكل منطقة لجنة تنسيق تتألف من الأمين العام للمنظمة ومسئول الإعلام، ومسئول الرصد (رئيس لجنة الرصد الثوري التابعة للجنة التنسيق، المسئولة عن أمن المنطقة)، والمسئول المالي، ومسئول التعبئة العامة ، وهذه اللجنة مسئولة أمام اللجنة الإقليمية، وهي أعلى تنظيم لفتح في كل دولة.

2. صراعات داخل فتح وضغوط على قيادة عرفات:
خلال ربيع وصيف 1969، كانت هنالك تقارير عن نزاعات مستمرة داخل فتح، ومن بينها الخلافات التكتيكية، والخلافات الأيديولوجية، والاحتكاكات اليومية الناجمة عن إدارة جيش متنام (7).

وفي يوليو/ تموز ذكر أنه جرى التعبير عن التمرد على أيدي شخصيات عسكرية من فتح في الأردن، رفضت أوامر فتح الداعية إلى تنسيق عملياتها مع السلطات الأردنية؛ وقيل : إن هذه المجموعة لها علاقات بمنظمة فتح في سوريا.

ولكن الصراع الداخلي الرئيسي يبدو أنه يتمحور حول الموقف الأيديولوجي لفتح ، ويبدو أن مجموعة من "المتعصبين" داخل فتح بدأت تعبر عن معارضة متزايدة للقيادة "البرجوازية" متمثلة في عرفات ، وكانت هذه المعارضة الثورية التي تضم كلاً من البعثيين اليساريين، والماركسيين اللينيين، تطالب بالانفصال عن الأنظمة غير الثورية ، واستعمال تكتيكات مشابهة للتكتيكات المستعملة في كوبا وفي فيتنام.

وكان ذلك يعني فيما يبدو أن هذه المعارضة تريد من فتح أن تقيم قواعد داخل المناطق التي تحتلها "إسرائيل "، وتعمل منها، على الرغم من صعوبة إن لم يكن استحالة، فعل ذلك.

ولعل مما له علاقة بتطور هذه المعارضة الراديكالية ضمن فتح استقبال تقارير عديدة خلال صيف سنة 1969 عن منظمات سرية لفتح يجري تأسيسها في العربية السعودية والكويت والأردن ، وقيل : إن مجموعة الأردن كانت مكلفة باغتيال أشخاص يعتبرون قابلين لإلحاق الأذى بالقضية الفلسطينية ، وعندما علم عرفات بوجود المجموعة في الأردن في أوائل سبتمبر/ أيلول 1969، قيل : إنه أمر باعتقال منظميها.

وفي أواخر 1969 وأوائل 1970، كان هنالك المزيد من التقارير عن عدم الرضا عن قيادة عرفات، وعن خطط ومحاولات لاغتيال عرفات ، وقال أحد المصادر : إن بعض أعضاء القيادة العامة كانوا يشعرون بأن حكمه على الأمور من الناحيتين الإستراتيجية والتكتيكية ضعيف، وأنه يحول دون توحيد سائر المنظمات الفدائية معاً.

وفي 31 ديسمبر/ كانون الأول ذكرت وكالة الشرق الأوسط للأنباء في دمشق أن جريدة "الجمهورية" اللبنانية اليمينية قالت : إن إعادة ترتيب للأمور سوف تجري داخل حركة فتح ، ويفترض أن يعكس هذا التغيير حاجة فتح إلى اتخاذ موقف أكثر ثورية، ويعتبر وجود قيادة سياسية وعسكرية ضرورياً له.

ويبدو أن الضغط على قيادة عرفات قد اشتد في صيف وأوائل خريف 1970، وكان الضغط مرة أخرى يأتي من قبل الذين يسمون يساريين في المنظمة، الذين ذكر أنهم يؤيدون رفض التعاون مع الدول العربية ، ويتبنون خطاً أكثر راديكالية ، وبخاصة في الدول العربية اليمينية ، وقيل : إن فصيلاً أكثر محافظة يترأسه عرفات كان يفضل استمرار إستراتيجية فتح، المتمثلة في اقتصار التكتيكات على محاربة "إسرائيل " وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وفي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول أشار عصام سرطاوي الذي ينتمي للهيئة العاملة لتحرير فلسطين إلى أن الجناح المحافظ في فتح بقي مهيمناً.

تضافر عدد من التقارير ليوحي في المجمل بأن عرفات قد جوبه بتحدي صلاح خلف له، وهو الرجل الذي كان يليه في التسلسل القيادي، ويبدو أن وزن هذا الدليل يؤكد أن ثمة صراعاً ما بين عرفات وخلف( 8)..

وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1970 انتقدت جريدة فتح أؤلئك الذين "استسلموا" خلال أزمة الأردن في سبتمبر/ أيلول ودعت إلى إزالتهم ، وربما كانت هذه إشارة إلى صلاح خلف، وهو أحد أربعة من قادة الفدائيين الذين أسروا أثناء القتال ، والذين قبلوا باقتراح وقف إطلاق النار الأردني الذي شجبته فتح لاحقاً(9).

[حذف هنا] جرى في الحقيقة استبدال خلف بصفته نائباً لرئيس فتح ورئيساً للاستخبارات في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول.
ومن المحتمل أن تستمر التجاذبات ويتواصل التوتر داخل فتح، كما يتوقع استمرار الضغط على "الحرس القديم" في فتح، وهم القيادة المحافظة، من قبل الأعضاء الأصغر سناً والأكثر ميلاً إلى الاتجاه اليساري ، فإذا قدر في يوم من الأيام أن يزاح عرفات بصفته زعيماً لفتح، فمن الممكن توقع أن تتخذ هذه المنظمة موقفاً أكثر راديكالية من منظور العالم العربي ، وفيما يتعلق بشؤونه.
وأخيراً فإن عرفات ذاته إذا تم تعريضه لضغوط كافية مثل هذه من قبل التيارات داخل منظمة فتح، فساعتها يمكن تصور أن يرغم على الاتجاه يساراً متصادماً بذلك مع ميوله الأصلية ونزعته الفطرية.

3. تكتيكات فتح وعملياتها :
كما رأينا من قبل، فإن أسلوب فتح من حيث المبدأ ومقاربتها فيما يتصل بتصوراتها عن العمليات العسكرية كان يتمثل في تسلل فرق صغيرة من الرجال إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة "الإسرائيلية" ومن ثم تقوم هذه الفرق بعد اختراقها لهذه الأراضي بتنفيذ عمليات زرع ألغام، وغيرها من عمليات "التخريب"، التي عادة ما تشن ضد أهداف عسكرية (مثل الدوريات والمخافر والقواعد العسكرية الأمامية، والمركبات والآليات العسكرية، وقوافل الإمداد العسكري اللوجستي)، إلا أنه يحدث أحياناً، أن تشن هجمات ضد السكان المدنيين، كذلك. وكانت هذه الإستراتيجية إخفاقاً عسكرياً كاملاً.
وتقارير "الإسرائيليين" تذكر أنهم قتلوا ما يقدر عدده بنحو 1800 فدائي (11) . وأنهم أسروا 2500 فدائي آخر منذ حرب يونيو/ حزيران عام 1967.

كما ذكرت تقارير "الإسرائيليين" أن الفدائيين لم يقتلوا سوى 300 شخص فقط.

وتتضح أهمية هذه الأرقام حين نأخذ في الحسبان أنه كان لدى فتح قرابة 7000 رجل مسلح في خريف عام 1970، وأن قوات تحرير فلسطين التي تستخدم ذات التكتيكات وتتعاون في الغالب مع فتح كان لها ألف رجل مسلح ، ومنذ حرب سبتمبر/ أيلول عام 1970 بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين لم تشن أي من هذه الجماعات (ولا أي من المنظمات الفدائية الأخرى) أي غارة على "إسرائيل " ولم تقم بأي عملية.

ولم تتأكد، ولم يتسن التثبت من الإشاعات الكثيرة التي راجت ومفادها أن فتح توشك أن تتخلى عن تكتيكاتها التقليدية ، وفي ربيع عام 1969، ومرة أخرى في ربيع 1970، وردت تقارير عن أن فتح خططت لاغتيال زعماء عرب كانوا يعملون من أجل تسوية سلمية ، وفي حين أن العديد من هذه التقارير أتى من أعضاء رفيعي المستوى في حركة فتح فإن عرفات نفسه دأب بإصرار على رفض مثل هذه التكتيكات ، وعرفات، على ما يبدو، لا تزال له اليد الطولى والكلمة الأقوى في صفوف تنظيم فتح.
وتحتفظ فتح بمكاتب في جميع الدول العربية (12) وكذلك لفتح مكاتب في عدد من الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا، وألمانيا ودول أوروبية شرقية عديدة ، وفي سنتي 1969 و1970، أرسلت بعثات إلى دول عديدة للتفاوض على فتح مكاتب ، وذكر أن إيران وتركيا رفضت مثل تلك الطلبات(13).

وقد وافقت ماليزيا في أبريل / نيسان 1969 على فتح مكتب لفتح ، وفي غمار الجهود التي تبذلها حركة فتح للحصول على الاعتراف والمساعدة الدولية، دعت مجموعات من الأمريكيين والأوروبيين للمشاركة في مساقات تدريب وتوجيه عقائدي في فصل الصيف من السنوات 1968 إلى 1970.

وحسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" (27 أغسطس/ آب 1970)، كان لعرفات كذلك تعاملات مع منظمة الفهود السود، والتقى مع الدريج كليفر في الجزائر في صيف 1970، وقام بتدريب بعض الفهود السود في معسكرات فتح في الأردن سنة 1969.

بينما كانت فتح تشغل مكاتبها علناً في عدد من الدول كانت تنخرط كذلك في عمليات استخبارية ، وحسبما ذكر شفيق الحوت، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، تملك فتح وحدات استخبارات في دول عربية عديدة، وفي غرب أوروبا، والولايات المتحدة، وقد تم تدريب معظم أعضاء هذه المجموعات إما في الصين أو في الجمهورية العربية المتحدة.

ويقال: إن عملية فتح في عمان هي الأكثر فاعلية، حيث اخترقت بنجاح الشرطة الأردنية، والجيش وأجهزة المخابرات ، ويقال: إن فتح تحاول تجنيد أجانب لهم منفذ على "إسرائيل "، ومن ثم يسهلون العمليات هناك.

ويقال : إن لفتح عملاً سياسياً في إنجلترا، وهو عمل منظم حيث توجد خلايا يضم كل منها أربعة أو خمسة رجال، وتدار على أساس وظيفي، ويقال : إنها تصدر مجلة شهرية في المملكة المتحدة تسمى "فلسطين الحرة"، وتساند المظاهرات والاجتماعات، وتقوم بعمليات التجنيد.

4. تمويل فتح :
ميزانية فتح ضخمة، وبالإضافة إلى الرواتب التي تدفعها لجنودها وموظفيها، تدفع مخصصات لأسر "الشهداء"، كما يجب على فتح كذلك أن تدفع ثمن معظم أسلحتها ، وذكر أن فتح لم تستطع سنة 1969 أن توازن ميزانيتها على الرغم من تلقيها وعوداً بزيادة العون ، وأكبر مصادر تمويل فتح هو المملكة العربية السعودية (التي يذكر أنها تقدم نحو 2 إلى 4 ملايين دولار سنويا).

وتقوم آلية جمع الأموال في تلك الدولة على وجود لجنة تدعى لجنة مساعدة أسر الشهداء؛ وهي تجمع ما يبلغ درجة اقتطاع إجباري نسبته 5% من رواتب الفلسطينيين في السعودية، و1% من رواتب السعوديين ، ولا تساهم الحكومة بالتبرع رسمياً، ولكن الملك فيصل وغيره من أعضاء العائلة الملكية يقدمون تبرعات شخصية.

وقد وضع اعتماد فتح المالي على العربية السعودية بعض القيود على حرية عمل المنظمة ، وعلى سبيل المثال شعر عرفات بعد زيارته لموسكو في أوائل سنة 1970، أنه مضطر لزيارة العربية السعودية لشرح زيارته ، وذكر أنه كان ثمة انخفاض في التبرعات في الأسابيع التي تلت زيارته لموسكو ، ودافع عرفات عن علاقات فتح بالدول الشيوعية قائلاً : إنها ضرورية لتأمين توفير الأسلحة الأساسية ، ولكنه طمأن السعوديين بأن فتح تظل بمعزل عن العقيدة الشيوعية، وأنها تسيطر على العناصر اليسارية في تنظيمات فتح.

وذكر أن السعوديين ظلوا غير مطمئنين ، ولكنهم كانوا غير راغبين في هذا الوقت في قطع المعونة ، خوفاً من أن يضعف ذلك التأثير المحافظ على فتح.

وفي أواخر سنة 1970، كانت هنالك تقارير عديدة تفيد بأن العربية السعودية كانت آخذة بالتحرر بصورة تدريجية من سحر فتح ، وأنها ماضية في خفض عمليات جمع الأموال التي تقوم بها.
وليس حجم تبرعات الكويت لحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية واضحاً، وبينما ذكر أن كلتيهما تستفيدان من الضرائب والاقتطاعات الكويتية، بالإضافة إلى الاستفادة من إسهام كويتي رسمي في الميزانية، فقد ذكر في ربيع 1969 أن الكويت كانت ترفض الإفراج عن الأموال التي كانت تحتفظ بها لهذه التنظيمات، وتتلقى فتح إسهامات ضخمة من إمارات الخليج النفطية، وعلى رأسها قطر وأبو ظبي، ويأتي معظم هذه الأموال من اقتطاعات من رواتب الفلسطينيين.

وقبل الثورة في ليبيا في أواخر 1969، كان ذلك البلد يمنح فتح نحو2،8 مليون دولار من ميزانيته السنوية كل عام بالإضافة إلى التبرعات من القطاع الخاص ، وبعد الثورة وعدت الحكومة الجديدة منظمة التحرير الفلسطينية، وبأسلوب مبهرج، بمبلغ 56 مليون دولار بالإضافة إلى الهبات الشخصية؛ ولم تكن المدة الزمنية محددة.

وفي أوائل مايو/ أيار 1970 قيل : إن معمر القذافي قرر أن ليبيا سوف تتبرع بنحو 10 ملايين دولار كل ربع عام للفدائيين، حيث يذهب نحو ثلثي ذلك المبلغ إلى فتح، ويذهب الباقي إلى الجماعات الأخرى ، ولكن زعماء ليبيا مشهورون بالوعود العاطفية، بيد أن تنفيذهم لتلك الوعود يظل موضع تساؤل.

وحتى وقت قريب كانت الدول العربية الراديكالية أقل استعداداً في تبرعاتها لفتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ، ومن بين جميع الدول العربية الراديكالية برزت الجزائر كأفضل أصدقاء فتح ، وقد وفرت لهذه المنظمة كلاً من الدعم الدعائي والمساندة الدبلوماسية الدولية (14).

ويقال : إن الجزائر تشكل أحد المراكز الرئيسية لتدريب فتح، وتقوم بدور الوسيط في توفير السلاح لها، كما أنها قناة لتوصيله إليها ، ويضاف إلى ذلك أن الجزائر نفسها كانت تزود "فتح" بالأسلحة، ففي أغسطس/ آب 1970، أرسلت حمولة سفينة من الأسلحة إلى فتح هدية من الجزائر والمغرب عن طريق اللاذقية.
وفي أغسطس/ آب قيل : إن بومدين وافق على الاستمرار بدعم فتح ، وحتى على إرسال "بعض" القوات الجزائرية إلى الأردن.

وأصبح النظامان البعثيان الراديكاليان المتنافسان في العراق وسوريا متبرعين لماماً ، وعلى نحو لا يعتمد عليه لفتح.
في ربيع 1969 ذكر أن العراق قطع كل المعونات عن فتح لكي يعطي كل معوناته للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، ولكن في أواخر 1969 أشار أحد قادة فتح وهو هاني القدومي إلى أن العراق وافق كارهاً على مساعدة فتح، ولكنه يفضل تركيز مساندته لجماعة الفدائيين الخاصة به، وهي جبهة التحرير العربية ، وقال : إن فتح تواجه المشاكل ذاتها مع سوريا، التي تريد الآن التركيز على الصاعقة.

ولكن كلاً من هذين البلدين استمر في تدريب أعضاء فتح على الأقل حتى صيف 1970.
5. صعود حركة القوميين العرب وانقسامها بين حبش وحواتمة وجبريل :
في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الرباط، بالمغرب، في ديسمبر/كانون الأول 1969، أحرز عرفات نصراً رئيسياً تمثل في أن دعم الحركة الفلسطينية كان أحد الموضوعات القليلة التي تم الاتفاق عليها، وذكر أن المؤتمرين في الرباط قرروا تخصيص نحو 26 مليون جنيه للفدائيين، أي أقل بأربعة ملايين دولار فقط عما طلبه عرفات، وكان من المقرر أن يذهب مجمل ذلك إلى منظمة التحرير الفلسطينية.

وقد تذبذبت علاقات فتح مع الجمهورية العربية المتحدة عبر السنوات، وكانت العلاقة بين الطرفين تتسم بالشك المتبادل والخصام، حيث كان كل منهما يرى الآخر تحدياً لشعبيته وهيمنته.
وفي حين كانت الجمهورية العربية المتحدة غير متحمسة لفتح ولا تدعمها علناً، سمحت لفتح بالعمل، وهي أقوى الجماعات الفلسطينية في ذلك البلد ، كما أنها تهيمن على مجموعات اتحاد التجارة الفلسطيني المحلي.

وبالإضافة إلى ذلك، وكما أشرنا آنفاً، كانت الجمهورية العربية المتحدة تسمح لصوت فتح بالعمل من القاهرة ، ولكن بعد قبول عبد الناصر مقترح السلام الأمريكي في يوليو/تموز 1970 والانتقاد الفلسطيني لذلك التحرك، أوقف عبد الناصر استعمال الفلسطينيين لمرافق الإذاعة، وذكر أنه وضع الفدائيين في الجمهورية العربية المتحدة تحت المراقبة الشديدة، حتى إنه أبعد بعض المتطرفين، كما أشار عبد الناصر إلى أنه لن يستأنف ذلك قبل أن يتوصل إلى اتفاق معهم.

وحتى قبل هذا لم تتلق فتح أبداً أكثر من عون رمزي محدود ومتقطع من الجمهورية العربية المتحدة (15 ).
وهكذا نرى أن ناصر أفصح لعرفات في أوائل عام 1969 عن فزعه من وجهات نظر معينة معادية للسوفييت جرى الترويج لها في أوساط الفدائيين، ونتيجة لذلك كانت الشحنة التالية من الأسلحة أقل بكثير مما كانت فتح قد وعدت به ، وأشار عرفات إلى أنه شعر بأن عليه أخذ هذا التلميح بالحسبان والتعامل معه بمنتهى الجدية، لئلا يخسر المزيد من العون ، وأمدت الجمهورية العربية المتحدة فتح بقدر لا بأس به من برامج التدريب التي كانت تجري في لبنان، وكانت تؤكد على الخدمات الاستخباراتية والأمنية، كما دربت الجمهورية العربية المتحدة أعضاء من فتح ليصبحوا رجال ضفادع وطيارين حربيين، رغم أنهم حسبما أوردت التقارير أوقفوا برامج التدريب على الطيران في يوليو/تموز من عام 1970.

وأخيراً تلقت فتح عوناً لا بأس به من الصين الشعبية على مدى السنوات الخمس الماضية، ولا سيما ما يتعلق بالأسلحة الخفيفة والتدريب، كما يتدرب أعضاء فتح في كوبا، وفي ربيع عام 1970 كانت جماعة من فدائيي فتح أول مجموعة عربية تتخرج من كلية هافانا العسكرية ، وذكرت التقارير أن أعضاء فتح يذهبون في مجموعات مكونة من 15 إلى 20 رجلاً إلى كل من الصين وكوبا بانتظام، وذهب فريقان من هذه الفرق إلى فييتنام الشمالية، إلا أنه يقال : إن قادة فتح شعروا بأن ثمة قدراً هائلاً من الدعاية التي تجنى من هذه البرامج في حين لم يكن هناك ما يكفي من التدريب الذي يعتد به في برامج جمهورية فييتنام الديمقراطية.
وفي أواخر حقبة الأربعينات من القرن العشرين قامت مجموعة من المثقفين والمفكرين الشباب في الجامعة الأمريكية في بيروت بتنظيم حركة القوميين العرب، وهي أولى المنظمات الفلسطينية، وعكست الأيديولوجية الأساسية لحركة القوميين العرب، الذين هز ضمائرهم وألهب مشاعرهم إنشاء "إسرائيل " وطرد الفلسطينيين من وطنهم، ما كان يتضمنه اسمها وعنوانها- أي الرغبة في اتحاد الدول العربية كافة، وأمنية إقصاء النفوذ الأجنبي من العالم العربي، إضافة إلى الدافع الأكبر المستحوذ عليهم، وهو اجتثاث دولة "إسرائيل ".

وما أن أفضينا إلى أواخر حقبة الخمسينات عندما كان كثير من الطلبة قد عادوا إلى بلدانهم حتى استطاعت الحركة تأسيس فروع لها في بلدان عربية مختلفة، ولم يكن هذا التنظيم متراصاً متماسكاً أبداً، ولم يكن متناغماً أيضا، وشكلت فروع التنظيم الوطنية تحالفات محلية على أسس مصلحية انتهازية (16).

وفي عام 1955 أرغم زعيم حركة القوميين العرب الدولية جورج حبش، وهو طبيب بسيط فلسطيني من مدينة اللد وكان يعمل في الأردن، على مغادرة ذلك البلد لتورطه، في نشاطات تخريبية هدامة، وقضى حبش سنة في سوريا، ثم عاد إلى الأردن ، وقد تسلح بمساعدات مالية سورية لتنظيم جماعته، ثم طرد من الأردن ثانية في عام 1959 فذهب إلى دمشق خلال فترة الوحدة المصرية السورية، وانتبهت الاستخبارات المصرية لحركة القوميين العرب فبسطت رعايتها عليها، وأصبح كثير من أعضاء حركة القوميين العرب عناصر في أجهزة استخبارات الجمهورية العربية المتحدة ..

وفي أغسطس من عام 1959 عقد في لبنان اجتماع لوحدات حركة القوميين العرب الإقليمية ، وتبني سياسة موالية ومناصرة للجمهورية العربية المتحدة، وفي تلك الآونة أسس المؤتمر أيضا القيادة العليا لتقوم بمهمة هيئة تنسيق.

وعندما وقع الانفصال وانفرط عقد الوحدة المصرية السورية في عام 1961 انتقل مقر قيادة حركة القوميين العرب الرئيسي من دمشق إلى بيروت، مع إن الجمهورية العربية المتحدة واصلت تمويل حركة القوميين العرب لغاية سنة 1966 على الأقل، وفي عام 1965 حاولت الجمهورية العربية المتحدة فرض اندماج بين حركة القوميين العرب والجماعة الحديثة التكوين والتي يهيمن عليها المصريون، وهي الاتحاد الاشتراكي العربي الذي نادت شعاراته بتوحيد العرب (17).

إلا أن حركة القوميين العرب واصلت أداء مهامها والنهوض برسالتها لوحدها وبجهودها الذاتية ، ونجم عن هذا مصاعب مع المصريين، ومع بداية عام 1967 كان ناصر قد فصم عرى علاقاته الودية مع حركة القوميين العرب (18).

بعد حرب عام 1967 نخرت صفوف حركة القوميين العرب الانقسامات فصارت كياناً تمزقه التحزبات، حيث شهدنا إحدى تلك الجماعات وهي تجنح إلى تبني نهج أشد راديكالية ، ويبشر بالثورة التي تتفجر في جميع أرجاء العالم العربي، في حين تبتغي الأخرى التركيز على تحرير فلسطين.

والفصيل الآخر (التي سنشير إليها في هذا السياق بصفتها معتدلة)، كان يقودها جورج حبش، إلا أنه في ربيع عام 1968 سجن حبش في سوريا، مما خلق فراغاً في القيادة في حركة القوميين العرب، وسرعان ما اقتنص العضو الأردني في حركة القوميين العرب، والماركسي اللينيني نايف حواتمة الفرصة ، وهو المتلهف على الانتفاع من أي ثغرة فتسلل من خلال هذا الصدع.

مع انتخاب نايف حواتمة مبعوثاً لدى المؤتمر القومي لحركة القوميين العرب سنة 1968، حاز على دعم العديد من الوفود ، وعندما انتخبت القيادة الجديدة كانت الغالبية من مؤيدي حواتمة ومسانديه، ورفض مؤيدو حبش قبول هذا التحكم ، وتم انتخاب زعامة مؤقتة كان لفصيل حبش فيها أغلبية رجل واحد، ولكن وحتى بقية سنة 1968، استمر حواتمة في اكتساب القوة في حركة القوميين العرب.

وفي أعقاب فرار حبش من السجن في أواخر 1968 انقسمت بقايا حركة القوميين العرب إلى فصيلين متناحرين، حيث كان الفصيل "المعتدل" الذي يرأسه جورج حبش مكرساً أساساً، ومن الناحية النظرية على الأقل، لحل القضية الفلسطينية ، وتأجيل النشاط السياسي في العالم العربي ككل، وجناح راديكالي بقيادة حواتمة مكرس لتطوير حركة ماركسية في الشرق الأوسط، حيث تعامل القضية الفلسطينية كجزء واحد فقط من هدف أشمل.

وقد دمر هذا التمزق في نهاية المطاف حركة القوميين العرب، ولكن الأحزاب السياسية المحلية المنبثقة عن المنظمة الأصلية والمستقلة تماماً عنها استمرت في العمل، على الرغم من أن بعضها انشق عن طول خطوط مماثلة لتلك التي شقت حركة القوميين العرب الدولية، وكان لانقسام حركة القوميين العرب، تأثير قوي الفعل على البنية شبه العسكرية لهذه الحركة.
وإلى اللقاء مع الحلقة الخامسة .

ــــــــــــــــــ
الهوامش :
(1) في مارس/ آذار أوضح اليحيى في تصريح له أنه من الآن فصاعداً سوف تقوم قيادة الكفاح المسلح بإصدار كافة المذكرات التي تصدرها منظمات لها صلة بقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ، وقال أيضا : إنه كان يخطط لتوحيد مسألة التسلح وتدابير الحصول على السلاح.
(2) في تلك الآونة كان نحو 60% من قوات جيش التحرير الفلسطيني ملحقاً بجيش الجمهورية العربية المتحدة لواء عين جالوت، الذي يتكون من نحو 5000 رجل ، وكان نحو 30% من هذا الجيش ملحقاً بالجيش السوري "لواء حطين، نحو 2500" 10% في العراق "لواء القادسية نحو 1000 رجل".
(3) زاد من تعقيدات العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير الفلسطيني حقيقة أن وحدات جيش التحرير الفلسطيني تعتمد في الحصول على الدعم على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى الدول العربية التي يخدمون في صفوف جيوشها، لذا فإن ولاءها موزع وميولها واتجاهاتها مختلفة بحسب البلد الذي تخدم فيه، وقادة منظمة التحرير الفلسطينية المحليون ربما لم يكن لهم في الحقيقة سوى تأثير طفيف لا يكاد يذكر في هذه القضية ، فالجمهورية العربية المتحدة مثلاً يبدو أنها تحتفظ بهيمنة محكمة شبه مطلقة على قطعات جيش التحرير الفلسطيني الملحقة بجيشها، وتلك القطعات الملحقة بالجيشين السوري والعراقي تبدو أكثر ميلاً إلى الاتجاهات والتيارات السائدة في البلدين اللذين تخدم بين ظهراني جيشيهما..
(4) شارك حداد في مؤامرة للحصول على أسلحة لجماعة الفدائيين الشيوعية، قوات الأنصار، خلافاً لرغبات عرفات.
(5) في صيف 1969، أشار اليحيى إلى أنه بعد أن استعاد قيادة جيش التحرير الفلسطيني وجبهة التحرير الفلسطينية، فإنه ينوي الآن إنهاء خدمة هؤلاء الضباط الذين أساءوا معاملته خلال ولايته القصيرة السابقة ، وخص بالذكر حداداً الذي كان قد سمي مؤخراً رئيساً للأركان.
(6)كانت اللجنة المركزية تضم: عرفات، خليل الوزير ، هاني الحسن، خالد الحسن، فاروق قدومي، هاني قدومي، ممدوح صبري، أبو صيدم، محمود مسعدة، صلاح خلف، محمد النجار، مختار بعبع، وداود قطب.
(7) قال أحد قادة فتح، وهو هاني الحسن: إن مشكلة فتح كانت في نموّها السريع الذي أدى إلى وجود بنية غير ملائمة للتحكم والإرشاد في فتح.
(8)في حين حاول [حذف هنا] إسقاط هذه التقارير عن حدوث نزاع داخلي والغمز من قناتها والتشكيك في صحتها باعتبارها مجرد "كلام يقال والقصد منه الاستهلاك المحلي" فإنه لم يطرح أسبابا أو غايات تكمن وراء مثل هذا الزعم، لذا فإن هذا التأويل يبدو متهافتاً وهزيلاً.
(9) ربما انهالت الجريدة بسهام انتقادها أيضا على كمال ناصر، الذي طالما شغل لدهر طويل منصب الناطق الرسمي باسم فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، والذي أزيح عن منصبه، حسبما أفادت التقارير، في خريف 1970 لإدلائه بتصريحات لم يكن مخولاً الإدلاء بها.
(10 ) في الثالث من يناير عام 1970 أوردت صحيفة "برافدا" تقديرات فتح لعدد العمليات التي قامت بتنفيذها ، فحسبما أوردت التقارير نفذت فتح 2442 عملية في عام 1969، مقارنة بنحو 59 عملية في عام 1966 و727 عملية في عام 1968 ، ولم تذكر "برافدا" عدد العمليات في عام 1967..
(11) لم يخترق الأراضي "الإسرائيلية" منهم سوى 30 فدائياً، كما لم يتمكن من اختراق الأراضي المحتلة إلا 185 فدائياً، وأما البقية فيزعم "الإسرائيليون" أنهم قتلوهم عند أو قرب خطوط وقف إطلاق النار..
(12) لمنظمة التحرير الفلسطينية كذلك مكاتب في كل أنحاء الوطن العربي، وبالإضافة إلى ذلك، لها مكتب في نيويورك، كان يحاول في أوائل سنة 1970 الحصول على مساندة جماعات معارضة في الولايات المتحدة ، كما كانت منظمة التحرير الفلسطينية متورطة كذلك سنة 1970 في محاولة إنشاء مكاتب في أمريكا اللاتينية.
(13) قد يكون ذلك عائداً إلى أن فتح كانت تجند فيما ذكر مواطنين إيرانيين وأتراك كمتدربين؛ وقد اعتقلت كلتا الدولتين عدداً من المجندين ، واتهمتهم بالتخطيط للقيام بأعمال تخريبية..
(14) في صيف 1970، على سبيل المثال، طلب الجزائريون من المسئولين العراقيين والسوريين أن يتوقفوا عن دعم منظماتهم، وأن يساندوا حركة فتح بدلاً من ذلك.
(15) صرح مصدر مصري رفيع المستوى من القاهرة في أواسط عام 1969 أن الجمهورية العربية المتحدة زودت فتح بأقل من 5% من احتياجاتها من الأسلحة الخفيفة، مقارنة بالجزائر التي أمدتها بنحو 15% من هذه الأسلحة.
(16) ثمة مؤسسات فرعية تابعة لحركة القوميين العرب وتنتشر في 11 بلداً عربياً، لكن بعضها لا أهمية تذكر له ، وكانت تلك التي استولت على السلطة في اليمن الجنوبي في نوفمبر من عام 1967 وحدة إقليمية من حركة القوميين العرب، وهي التي أحرزت للحركة نجاحها الأول والوحيد حتى تاريخه.
(17) ينبغي عدم الخلط بين هذه الجماعة وبين حزب ناصر المصري المحلي داخل مصر والذي يحمل الاسم ذاته.
(18) كان موقف حركة القوميين العرب من ناصر نفسه متذبذباً إلى حد ما بتعاقب الأعوام، ففي رأي كثير من أعضائها في ناصر القائد العربي الوحيد الذي له من الوزن والمنزلة ما يكفي ليبث الأمل في أفئدة من يحاولون توحيد العرب، تبددت الأوهام لدى معظم أعضاء الحركة بعد ذلك، وفي أعقاب حرب يونيو عام 1967، رأى كثير من أعضاء الحركة في الزعيم الجزائري هواري بومدين بسياسته الصلبة التي لا تلين وبشعار "مواصلة القتال" بديلاً أكثر جاذبية.
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت ـ متابعات الزيتونة ، نقلا عن موقع "قانون حرية المعلومات" على الانترنت .
إعداد: قسم الترجمة في صحيفة الخليج الإماراتية (من 29/6/2007 حتى 20/7/2007)

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 11-06-09, 06:45 AM

  رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية (5)



1. خلفية الأجنحة الفدائية لحركة القوميين العرب :
قبل يونيو/حزيران 1967 كان لحركة القوميين العرب تنظيم شبه عسكري قوامه نحو 50 رجلاً تلقوا بعض التدريب في مصر، وفي خريف 1967، اندمجت هذه الجماعة التي تسمى "شباب الثأر" مع مجموعتين أخريين، هما أبطال العودة (وهي مجموعة مستقلة بقيادة فايز جابر) وجبهة التحرير الشعبية، بقيادة أحمد جبريل، لتشكل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

كما تولى جورج حبش، زعيم الجناح المعتدل في حركة القوميين العرب السيطرة على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين شبه العسكرية ، وقد نفذت هذه الجبهة عمليات مختلفة داخل الأراضي المحتلة، وقبل أن تنقسم هذه المنظمة مرة أخرى في أواخر سنة 1968، كانت قد أصدرت 54 بلاغاً.

وفي ربيع 1968 تم اعتقال حبش في سوريا، حيث شعر السوريون فيما يبدو أنه وحركة القوميين العرب/ والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ضد نظام البعث في سوريا ، وفي مسعى للتخفيف من حدة هذا الشك أصدرت حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بيانين ادعيا فيهما أنهما غير مرتبطين بجورج حبش، كما نفى بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تورطها في أي مؤامرة لقلب النظام السوري (1)..
وفي غمار هذه الحروب السياسية على المسار الأيديولوجي الذي ينبغي على حركة القوميين العرب أن تتبعه ، وسجن زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان الضباب يلف المهمة شبه العسكرية لحركة القوميين العرب.

وفي خريف 1968، أعلن أحمد جبريل الذي كانت جماعته أحد المكونات الثلاثة الأصلية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، انسحابه من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة القوميين العرب، وتشكيل جماعة فدائية جديدة اختار أن يسميها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، وكان جبريل ضابطاً سابقاً في الجيش السوري ، كما كان قد تلقى أموالاً من خلال جنرال سوري لتشكيل تنظيم فلسطيني، وفي وقت حرب يونيو/حزيران 1967 كان تعداد جماعته ما بين 100 و150 رجلاً.

وكان الدافع لابتعاده عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ما شعر بأنه محاولة من قبل حركة القوميين العرب للسيطرة على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أيديولوجياً (2).

2. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تغرق في الفوضى :
في نوفمبر/تشرين الثاني 1986، تم إنقاذ حبش بطريقة مؤثرة من خاطفيه السوريين على أيدي بعض أتباعه من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أثناء نقله من سجن إلى آخر، كما ذكر، وفي هذا الوقت كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين غارقة في الفوضى ، فجبريل انسحب منها، وكان أتباع حبش وحواتمة يتنافسون في السيطرة على كل من حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعلى الرغم من أن حقيقة وجود انقسام لا يماري فيها أحد، كانت كل جماعة تدعي لنفسها الحق في اسم المنظمة وموجوداتها.

(يوجد حذف هنا) وقد استخدم أنصار حبش في الأردن في يناير/كانون الثاني القوات العسكرية المتاحة لهم لتخويف جماعة حواتمة، في جهد لضمان انتخاب الموالين لحبش للسيطرة على تنظيم حركة القوميين العرب في الأردن، وازدادت العداوة عندما "اعتقل" عناصر حبش نحو 14 عضواً من جماعة حواتمة ، واحتفظوا بهم كأسرى في مقر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عمان، وفي منتصف فبراير/شباط أصدر فصيل حبش بياناً يدعي فيه أنه أبعد حواتمة وأتباعه عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وأن هذه المنظمة يجب عليها أن تختار لها اسماً آخر، وفي أعقاب صدام آخر طلب من عرفات التوسط، وقيل : إنه هدد بتدمير جماعة حبش إذا لم توقف هذه الحرب، كما مارس بنجاح الضغط على حبش لكي يطلق سراح الأسرى الأربعة عشر الذين يحتجزهم.

وقيل : إن عرفات قال : إن من المستحيل توحيد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وأن الفصيلين يجب عليهما الافتراق رسمياً، حيث يحتفظ حبش باسم المنظمة، باعتباره مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد وافق كل من حبش وحواتمة، وأعلن هذا الحل في 23 فبراير/شباط، وأنشأ حواتمة ومجموعته الجديدة المكونة من نحو 90 عضواً لجنة مركزية مؤقتة، واختار اسم "الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين".

3. إستراتيجية الجبهة الشعبية :
تصف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي أحكم جورج حبش سيطرته عليها أيديولوجيتها باللينينية الماركسية الثورية ، وأعلن حبش أن دولة فلسطين المستقبلية ستقوم على مبادئ ماركس- لينين، وأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ستكون قائدة الثورة ، وحبش يتبنى وجهة النظر التي تقول : إن الثورة يجب أن تقوم في النهاية في جميع أنحاء العالم العربي ، فقد قال على سبيل المثال : إنه بعد تحرير فلسطين (عملية يقول : إنها ستستغرق بين 20-30 سنة) لن تتحرر فلسطين فقط من الصهيونية، بل أيضا سيتخلص لبنان والأردن من "الرجعية"، وسوريا والعراق من برجوازياتهما الصغيرة.

وعلى كل حال يبدو أن هذه الأيديولوجية الثورية ليست القضية الجوهرية بالنسبة لحبش، بل إن هدف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هو تدمير دولة "إسرائيل "، وهو الأمر الذي يجب أن تكون له الأولوية حسب رأي حبش، على كافة محاولات التغيير في بقية العالم العربي (3) .

وفي حين أنها ما تترك مناسبة إلا وتنكر فيها أن هدفها الرئيسي هو قلب الأنظمة المفروضة بالقوة، لا تشعر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنها ملتزمة بمساعدة الحكومات على البقاء في السلطة في الدول التي تعتبرها رجعية ، وعليه فإنها تعتبر نفسها حرة في تقويض الأردن ولبنان ، ورفض أية اتفاقيات بين هذه الدول والمنظمات الفدائية الأخرى ، وحبش يحكم على حلفائه من خلال درجة عدائهم ل "إسرائيل " وهكذا في يونيو عام 1970 صرح أن "الصين هي أفضل صديق لنا" لأن الصين ترغب في أن تُزال "إسرائيل " من الخريطة.

(يوجد حذف) ومن أجل تحقيق هدفها في تدمير دولة "إسرائيل " أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنها ستقود صراعا شاملا على مستوى العالم ضد "إسرائيل " وأعوانها ، ونظرا لحجمها الصغير وافتقارها للمال والسلاح، اعتمدت الجبهة على القيام بعمليات دولية ملفتة، مثل خطف الطائرات، لكسب اهتمام ودعم متزايدين، فهي الجهة المسئولة عن معظم العمليات الإرهابية الدولية المنسوبة إلى الفلسطينيين (4) .

وتتمثل أبرز عملياتها حتى اليوم في محاولة خطف أربع طائرات (نجحت في ثلاث منها) في 6 سبتمبر 1970، ومن ثم عملية الاختطاف الناجحة لطائرة بعد عدة أيام ، ورغم رد فعل العالم الذي استنكر تلك العمليات حظيت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باهتمام عالمي حين كانت تفاوض على إطلاق سراح الرهائن.
في يونيو 1970 استخدم حبش الأسلوب الكلاسيكي للإرهاب في تبرير أعمال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قائلا: "نعتقد أن قتل يهودي بعيد عن أرض المعركة له تأثير أكبر من تأثير قتل 100 منهم في ميدان القتال؛ لأن ذلك يلفت قدرا أكبر من الانتباه ، وعندما نضرم النار في مخزن في لندن فإن ألسنة اللهب القليلة تلك تعادل تدمير مزرعتين يهوديتين ؛ ولأننا نجبر الناس على التساؤل عما يجري فإنهم سيدركون المأساة التي نعيشها".

(يوجد حذف) وتبرر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذه العمليات من منظور استراتيجي عسكري، وتقول : إن "إسرائيل " هي جزيرة خطوط اتصالها الوحيدة عبر البحر والجو فقط، وأن قطع هذه الخطوط يعتبر إستراتيجية جيدة.
وفي يوليو 1970 شرح غسان كنفاني، أحد قياديي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بشكل أوضح التكتيكات التي تقوم بها منظمته قائلا: الرأي العام العالمي منقسم ضمن ثلاث مجموعات هي: (1) الموالون ل "إسرائيل " الذين سيكون من الصعب التأثير عليهم .
(2) الناس المتأثرون بالدعاية "الإسرائيلية" وهؤلاء يجب تحييدهم.
(3) الدوائر اليسارية المتعاطفة مع صراعات التحرر الوطني والتي يمكن كسب دعمها ، وقال كنفاني : إن هدف عمليات الجبهة هو استقطاب مؤيدين، وأن المنظمة حسب زعمه بخلاف مجموعات أخرى حريصة على التزامها بمبدأ عدم إلحاق الأذى بالأطراف المحايدة.
وكانت هناك عدة تقارير خلال عام 1970 حول العمليات التي خططت لها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد تأكدت صحة بعضها ، ففي أوائل مارس 1970 هدد حبش بهجمات ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، وفي 28 و29 تم شن عدد من الهجمات الصاروخية على منشآت أمريكية رسمية في لبنان ، قيل : إن الجبهة مسئولة عنها.

وفي أواخر مارس 1970 أعلن عدد من قيادات الجبهة أن هناك خططا لخطف دبلوماسيين وخصوصا الأمريكيين والبريطانيين، على الطريقة الأمريكية اللاتينية ، وخلال الأزمة بين الحكومة والفدائيين في الأردن في يونيو 1970 احتجزت الجبهة عددا من الرهائن الأمريكيين والبريطانيين والألمان الغربيين إلى أن استجاب الملك حسين لمطالبها، كما اختطفت فيما بعد عددا آخر من المسئولين.

ولم تتجسد التهديدات الأخرى لخطط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حتى الآن على الأقل ، فقد كانت هناك تقارير تفيد بأن الجبهة خططت للقيام بأعمال تخريبية في الولايات المتحدة ، وأنها ستستهدف منشآت النفط الأمريكية والبريطانية في المملكة العربية السعودية والخليج ، وستستهدف أيضا عمليات الشحن الدولية ، وستقوم بعمليات إرهابية في مختلف أنحاء العالم ضد المصالح والمواطنين الأمريكيين، وسترسل مجموعات إلى نيويورك لاغتيال شخصيات كبيرة لها علاقة في مباحثات السلام في الأمم المتحدة.

وإضافة إلى عملياتها الإرهابية الدولية زعمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أنها قامت بعمليات إرهابية ناجحة داخل "إسرائيل ": مثال: تفجير حافلة في إيلات (مارس 1968)، وتفجير محطة حافلات في تل أبيب (يونيو 1986)، وتفجير مقهى في مستوطنة قرب تل أبيب (أبريل 1970).

كما قامت الجبهة أيضا بعدد من عمليات التلغيم ونصب الكمائن ضد القوات العسكرية "الإسرائيلية" في "إسرائيل " والأراضي المحتلة، ولكن تلك العمليات كانت على هامش عملياتها الإرهابية (5) .
في أعقاب الحرب الأهلية في الأردن ظهرت عدة تقارير تفيد بأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد تأذت بشكل كبير، وكانت تفقد أعضاءها، وتفكر في إحداث تغيير في تكتيكاتها. (يوجد حذف) الجبهة كانت تعمل على تشكيل منظمة سرية لتتولى الاغتيالات السياسية في البلدان العربية، وتدمير مصالح العدو، وأفاد تقرير آخر بأن حبش كان ينشئ في بيروت قاعدة لشن هجمات ضد المصالح الأمريكية والبريطانية والألمانية الغربية في لبنان، ومع ذلك هناك تقرير آخر يشير إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ستتحول للعمل السري كمنظمة إرهابية تستهدف المصالح العربية والغربية على أمل أن يقود ذلك إلى انتفاضة جماهيرية عامة.

4. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تتجه نحو الاعتدال :
(ثمة حذف هنا). وأشار من ناحية أخرى إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد خططت حالياً لإضفاء سمة الاعتدال على تكتيكاتها ، وأنها كانت تتحرك نحو المصالحة مع فتح ، ونظراً لأن ما قامت به من عمليات خلال أزمة الأردن نفّر منها ، وأبعد عنها معظم المنظمات الأخرى فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت تواجه في تلك الآونة خطر الاندثار، لذا شعرت بأن عليها التعاون مع الآخرين ، ويدعم هذا التحليل تقارير فحواها أنه نتيجة للانتقاد الصيني بعث حبش برسالة إلى عرفات في أكتوبر/تشرين الأول يعرب فيها عن دعمه لمواقف فتح في الأردن.

وقال إبراهيم بكر في مؤتمر صحافي عقد في 6 أكتوبر/تشرين الأول : إن حبش بالفعل كاتب عرفات ليدعم قرارات اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويفترض أن ينطوي هذا ضمناً على القبول بوقف لإطلاق النار في الأردن.
ولا يعني هذا بالضرورة أن ثمة تناقضاً في التقارير بين من ذهب إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خططت للاتجاه نحو العمل السري والنزول تحت الأرض، ومن قال : إنها تتجه إلى الاعتدال في سياساتها في هذه الآونة ، وكان من الواضح أن هذه المنظمة تواجه متاعب لا يستهان بها في أعقاب أزمة الأردن ، فالجبهة الشعبية التي كان يتهددها الاندثار ارتأت على ما يبدو أن تساير الجماعات الأشد قوة ، وتحاول التناغم معها كي تحمي نفسها، وفي الوقت ذاته تعيد تنظيم عملها ، وتخطط للمستقبل.

5. تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين:
تتفاوت التقديرات بخصوص حجم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فهي تتراوح ما بين 200 إلى 500 رجل في أوائل عام 1969 إلى ما يقدّر بنحو ألف رجل في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1970، ومن المحتمل أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحرزت نجاحاً أكبر في مضمار تجنيد المزيد من المتطوعين بفضل عملياتها التي تتسم بالإثارة، إلا أنها عانت على ما يظهر من خسائر فادحة في سبتمبر/أيلول من عام 1970 حين احتدمت المعارك بين المنظمات الفدائية والجيش الأردني خلال الحرب الأهلية.

ومما يزيد من تعقيدات تقدير أعداد أفراد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين) وحجمها وجود جماعات سياسية انبثقت عن منظمة حركة القوميين العرب القديمة ، ويقال: إن إحدى هذه الجماعات في لبنان كان لها ، إضافة إلى عضويتها السياسية عدة آلاف من الأعضاء المسلحين الذين يتميزون عن فدائيي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وتعتبر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عموما من بين أكثر المنظمات تعبئة فكرية واحتشاداً بالمثقفين، إذا ما قورنت بالمنظمات الفدائية الأخرى، ولربما كان السبب في هذا خلفيتها ونشأتها في محاضن حركة القوميين العرب.

وللجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قيادة سياسية (أو المكتب السياسي)، وقيادة عسكرية، وكان حبش يرأس القيادتين، وكلتاهما كانت تتخذ من مقراً رئيسياً لها ، حيث كان حبش يقضي معظم وقته (6).
وفي أغلب الأحيان، ولأسباب أمنية كان حبش والقيادتان يتحركون ويتنقلون ولا يمكثون في مقر واحد، وإضافة إلى ذلك قيل : إنه كانت هناك لجنة سياسية في لبنان مسئولة عن الإستراتيجية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما كان للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لجنة أيديولوجية، كما كانت تنشر مجلة "الهدف" الشهرية في بيروت.

وفي حين أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت تبدو في الغالب، ومن حيث المبدأ، منظمة يهيمن عليها رجل واحد، فثمة كثير من الإشارات التي ظهرت مؤخراً ، والتي توحي بأن هيمنة حبش المطلقة في أوساط هذه المنظمة باتت تجابه لوناً من التحدي الذي يتأتى في جوهره من وديع حداد، عضو المكتب السياسي للجبهة.

ففي فبراير/ شباط من عام 1969 كان حداد يعرف بأنه المسئول الأول عن مكتب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وبحلول ربيع عام 1970 كانت أموال المنظمة مودعة باسم حداد وفي حسابه في أحد بنوك بيروت، وأوردت التقارير رفضه الإمضاء على نفقات ومصاريف "العمليات الأجنبية" التي كان يشعر بأنها مكلفة جداً (ثمة حذف هنا).

وتردد أن حداد قد "تجاهل" قراراً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (يحتمل أن يكون قراراً اتخذه حبش) بطرده من صفوفها ، وحسب تقرير آخر، يرجع تاريخه إلى منتصف عام 1970، كان حداد مسئولا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن العمليات العسكرية الرديفة، إضافة إلى العمليات في الخارج ووراء البحار، ويرأس مجموعة منتقاة مسئولة عن عمليات الاختطاف (7).

ويسافر أعضاء الجبهة بأوراق ووثائق ثبوتية عربية "مستعارة" وغالباً ما تكون مزورة، وتستخدم النساء وحتى الأطفال بشكل مكثف في عمليات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وحظي هذا التأكيد بدعم في سبتمبر/أيلول من عام 1970 عندما شغل حداد منصب الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أعقاب عمليات الاختطاف التي نفذت بتنسيق محكم.

ويوحي هذا الدليل بأن لوديع حداد نفوذاً كبيراً وهيمنة ضمن صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأن سيطرة حبش المطلقة وسطوته كانت تواجه تحدياً ، وحقيقة أن حبش كان في كوريا الشمالية إبان عمليات الاختطاف في سبتمبر/أيلول تشير هي والمفاوضات إلى أنه لم يكن المسئول المباشر عن هذه العملية ، وكان ناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم يشأ الكشف عن اسمه قد صرح بأن غياب حبش عن المشهد خلال العملية ما كان ينبغي أن يدهش أحداً أو يجعله يتعجب، لأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منظمة ماركسية لينينية تلتزم بمبدأ القيادة الجماعية ، وليس لها ميول نحو تقديس الأشخاص ، ولكن حبش تحدث في الماضي باسم الجماعة (8).

وقبل شهرين من اندلاع حرب سبتمبر/أيلول في أواخر يوليو/تموز من عام 1970 برز دليل آخر يفيد بأن مكانة حبش بدأت تتآكل ، وأن هيمنته أخذت تتراجع ، وكشف تقرير ورد في تلك الفترة عن خلاف وتنازع داخل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يتمحور حول الموقف الذي ينبغي اتخاذه بخصوص اتفاق الفدائيين مع الأردن، وحسبما راج افتراض التقارير فإن حبش كان يعارض قبول الاتفاقية التي توصلت إليها قيادة الفدائيين الموحدة، في حين كانت لجنة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأيديولوجية تحبذ قبولاً ظاهرياً لمنح الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقتاً إضافياً للمناورة، إلا أنها ظلت تتبع نهجاً أيديولوجياً يعارض الاتفاق، وشعرت اللجنة بأن حبش كان استبدادياً ، وأن تصرفاته أنانية تضر بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ووردت تقارير عن أحاديث دارت وفحواها أنه يجب "تصفية" حبش.

6. تمويل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين :
ابتليت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بنقص في الإمداد والافتقار إلى التمويل منذ تأسيسها، ولا سيما منذ انشقاق فبراير/ شباط عام 1969 الذي نجم عن خسارتها لمعظم تمويلها الذي كانت حركة القوميين العرب هي مصدره، واعتباراً من يوليو 1970 كان الوضع المالي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد أخذ بالتدهور حسبما أوردت التقارير، إذ إن العراق والسودان كانا قد قلصا إلى حد كبير المدفوعات المباشرة التي كانا يمدان الجبهة بها، وفي مايو/ أيار من عام 1970 تلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حسبما أوردت التقارير نحو 850 ألف دولار من ليبيا، من دون علم العقيد معمر القذافي، إلا أن التقارير أكدت أيضا أن مدفوعات ليبيا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد توقفت بالكامل في يوليو/ تموز من عام 1970 (9).

(ثمة حذف هنا) قد صرح بأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت تمولها منذ ذلك الحين وبشكل أساسي الاشتراكات الفردية والإسهامات التي يقدمها الفلسطينيون، ودعم هذا التأكيد أبو خالد في منتصف يونيو/ حزيران من عام 1970، حيث قال أبو خالد، ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني : إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم تكن تحظى بتمويل سوى ذاك الذي كانت تتلقاه عن طريق الاشتراكات والإسهامات الشخصية ، ولم تكن تتلقى أي تمويل حكومي (بما فيه التمويل من الاتحاد السوفييتي).

وهكذا تضافرت الإشارات لتوحي بأنه بحلول منتصف عام 1970 لم تكن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تتلقى سوى نزر يسير من العون من الحكومات العربية، وقبل هذا المنعطف تذبذبت علاقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع مختلف الدول العربية، إذ إن هذه الدول كانت تحاول استغلال هذه المنظمة والتحكم بها، وكما بينا آنفاً ظلت الجمهورية العربية المتحدة، وعلى مدى سنوات طويلة هي المصدر الرئيسي لتمويل حركة القوميين العرب، وكان كثير من مسئولي هذه الحركة في الحقيقة عملاء استخبارات للجمهورية العربية المتحدة، ولهذا السبب ربما كان متوقعاً منها أن تحاول بسط نوع من الهيمنة على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وكان تصريح لحبش قد أوحى بأن مثل هذه المساعي قد بذلت بالفعل من قبل المصريين.

وصرح حبش في يوليو/ تموز من عام 1969 أنه التقى ناصر مرتين في الأشهر السابقة ، وأن ناصر أعرب عن تعاطفه مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وعن استعداده لدعمها مالياً، إلا أن حبش أظهر كذلك أن المساعدة التي قدمت حقيقة كانت هزيلة جداً لا يعتد بها، أي بضع قطع من الأسلحة الخفيفة والعون الطبي.
وأيد (حذف هنا) آخرون مقولة حبش حين بين أنه على الرغم من الوعود بتقديم العون فإن الجمهورية العربية المتحدة لم تفعل شيئاً ، ويشي هذا بالطبع بالشكوك التي كانت الجمهورية العربية المتحدة تكنها للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حسبما أوردت التقارير، والريبة من توجهات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المتطرفة وعدم رضاها، الذي ظهر في مناسبات عدة عن التكتيكات العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وعليه كانت ردود أفعال الجمهورية العربية المتحدة سلبية، حتى مايو/ أيار من عام 1969 حين وقعت عملية تخريب خطوط أنابيب النفط التي تمر بالجزيرة العربية، وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 1969 طلبت القاهرة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن توقف هجماتها على المرافق والمنشآت "الإسرائيلية" في الخارج على أساس أن مثل هذه الهجمات كانت تضر بعلاقات العرب بالبلدان التي تقع فيها تلك العمليات، ناهيك عن أن الطائرات العربية كانت مكشوفة وعرضة للعمليات الانتقامية "الإسرائيلية".

وكان لحبش رحلة غزل طويلة متواصلة مع العراق، الذي أوردت التقارير أنه تلقاه بحميمية وحرارة وترحاب بالغ في أعقاب هربه عام 1968، من النظام البعثي المنافس للعراق في سوريا ، في ذلك الوقت أوردت التقارير أن العراق وعد حبش بأسلحة، إلا أن حبش قال لاحقا: إن الكمية التي جرى تسلمها بعد ذلك كانت "متواضعة" ووفقا لأحد المصادر فإن العراق قلص ما كان يمد به الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من تمويل بحلول صيف عام 1970، وحسب مصدر آخر فإن العراق أوقف هذه المدفوعات بشكل كامل ؛ لأنه شعر بأن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت تتودد آنذاك إلى نظام سوريا المنافس للعراق، وثمة دليل على أنه برغم ما لقيه حبش سابقاً من معاناة وحبس في السجون السورية فإنه كان يتطلع في الحقيقة إلى الحصول على مساعدة سوريا في منتصف عام 1970 لأن وضع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المالي كان بائساً وآيلاً إلى الانهيار.

وفتش حبش كذلك عن العون خارج نطاق الشرق الأوسط، وفي حين أعرب حبش عن صداقة حميمية مع الدول الشيوعية فإن هذه البلدان لم ترد له التحية بأحسن منها ولم تمده بعون كبير ، وتم ضم بعض أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى مجموعات الفدائيين التي كانت تتلقى التدريب في الصين إلا أن بكين لم تقدم دعما غير هذا، وفي سبتمبر/ أيلول من عام 1970 زار حبش كوريا الشمالية والصين في محاولة للحصول على الدعم.

وحسبما أوردت بعض التقارير فإنه تلقى بعض الوعود بعون مالي وعسكري من البلدين إلا أن هذا لم يبلغ مستوى ما كان يأمل فيه، وقال أيضا : إنه واجه انتقاداً شديداً من الصينيين بسبب "روح المغامرة" التي طغت على سياسات منظمته ، وبسبب "اليسارية الطفولية".

مع إن أحد التقارير زعم في عام 1968 أن تشيكوسلوفاكيا كانت ترسل العون إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يبدو على الأرجح أن "العون" كان في الحقيقة مشتريات من الأسلحة، وخلال الفترة ما بين عامي 1968 و1969 أورد العديد من المصادر تقارير مفادها أن أسلحة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميعها إنما اشتريت نقداً من جهات في القطاع الخاص، وأنها ابتيعت من تشيكوسلوفاكيا وإيطاليا والجزائر ، ومن الجمهورية العربية المتحدة ولبنان.

وفي سبتمبر/أيلول من عام 1970 ذكرت التقارير أن مجموعة من ستة مقاتلين من فدائيي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانوا على أهبة السفر للتدريب في الاتحاد السوفييتي، إلا أن "تعثراً" طرأ بغتة، وربما حدث هذا التوقف نتيجة لعمليات الاختطاف أو لتفجر الأزمة في الأردن في سبتمبر/أيلول.

7. الجبهة الديمقراطية تدعو إلى حرب شعبية طويلة الأمد :
على الصعيد الأيديولوجي البحت تعتبر الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين أكثر المنظمات الفدائية الفلسطينية راديكاليةً. ففي يوليو 1969 وصفها زعيمها نايف حواتمه بأنها حزب ماركسي لينيني ثوري مستقل بالكامل عن الأحزاب الشيوعية الرئيسية (كتلك التي في الاتحاد السوفييتي والصين)، وليست خاضعة لأية سلطات حكومية ، وعلى كل حال تنظر الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى النضال الفلسطيني كجزء لا يتجزأ من النضال من أجل التحرر في بقية أنحاء العالم، كما تدعم التعاون بين جميع القوى المعادية ل "الإمبريالية" و"الرجعية" في المعسكر الشيوعي خصوصاً.

وكانت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين قد أصدرت بيانا في نوفمبر/ تشرين الثاني 1969، دعت فيه "الجماهير" إلى التحرك لتدمير المصالح الإمبريالية في الشرق الأوسط والإطاحة بالأنظمة الرجعية ، وفي المظاهرة التي نظمتها الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في ديسمبر 1969 في عمّان ناشد حواتمه جميع الدول غير المتطورة إلى المشاركة في حركة تحرر وطني نابعة "من رغبة وقوة الجماهير"، وحثت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين بشكل خاص إخوانها في الكويت والجزائر والعراق والأردن للإطاحة بحكوماتها.

وفي مؤتمرها السنوي الذي عقد في أغسطس 1970 دعت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، مرة أخرى، إلى تصفية فورية للنظام الأردني عن طريق الحرب الأهلية، وحثت على تشكيل "سلطة ثورية" في الأردن لتهيئة البلد للتصدي لخطة روجرز للسلام ، وتقرر خلال هذا المؤتمر أيضا أن علاقة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين مع كل دولة غير عربية تقوم فقط على أساس رغبة تلك الدولة في التصدي لأي حل سلمي لقضية فلسطين.

وفي الوقت الذي تم فيه إحباط محاولات طرح خط مؤيد لماو تسي تونج، واعتبار الاتحاد السوفييت عدواً للثورة شجب المؤتمر موقف السوفييت الداعم لحل سلمي.
تتمثل الإستراتيجية العسكرية الرسمية للجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في حرب شعبية شاملة طويلة الأمد، وقد قال حواتمه : إن الشرق الأوسط يجب أن يتحول إلى فيتنام ثانية.
والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين تتفق من حيث المبدأ مع موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بأن المصالح "الإسرائيلية" والأمريكية في الشرق الأوسط هي أهداف مناسبة لهجمات إرهابية ، وعلى كل حال قامت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين ببضع عمليات من هذا النوع، ولكنها تختلف مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أنها يجب أن تنتظر حتى يشتد عودها ، وتصبح أقوى قبل القيام بعمليات متواصلة فهي في الوقت الحالي، لا تملك القدرة المالية ولا التنظيمية للقيام بهجمات عديدة، أو حتى عمليات أقل من حرب الشعبية.

8. تنظيم الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين :
في ديسمبر/ كانون الأول 1969، أفادت التقارير أن الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين أعادت تنظيم نفسها، وحتى يوليو/ تموز 1970 كان المجلس العام أعلى سلطة في الجبهة، ويضم ممثلين منتخبين من كافة الوحدات التابعة لها.
ويمثل المجلس العام الهيئة التشريعية عملياً، حيث يقوم بصياغة السياسة العامة، وتحديث القوانين الداخلية وغير ذلك ، ويعقد المجلس العام اجتماعاً سنوياً ما لم يدع لعقد جلسة طارئة، ومن المفترض نظريا أنه يختار اللجنة المركزية التي بدورها تختار أعضاء المكتب السياسي الذي يعد عمليا أقوى هيئة في الجبهة ، وهذا المكتب هو الذي يتولى إدارة الجبهة يوما بيوم ، ويترأسه الأمين العام (حواتمة) (10 ).

ولدى الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين عدد من اللجان التي تم تأسيسها للبحث في القضايا التنظيمية والتأديبية، وإدارة الخطط والبرامج ، وكما هو معروف فإن أصغر وحدة في الأحزاب الشيوعية هي الخلية التي ترفع التقارير إلى اللجنة المحلية التي بدورها ترفعها إلى اللجنة الإقليمية ، فعلى سبيل المثال هناك لجنة محلية في كل قاعدة عسكرية من قواعد الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، ويكون قائد القاعدة هو مسئول اللجنة المحلية، وأيضا عضو اللجنة الإقليمية ، ولدى المنظمة مجموعة كبيرة من الضوابط والعقوبات الداخلية.

هناك تباين كبير في التقديرات الخاصة بالقوة العسكرية للجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، ولكنها على الأرجح تصل إلى بضع مئات من المقاتلين كحد أقصى ، وتبعا لأحد المصادر عندما انقسمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في فبراير 1969، كان لدى الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين 30 عضوا فقط، معظمهم من القياديين في حركة القوميين العرب، ولكن بحلول صيف ذلك العام وصل عدد أفراد الفدائيين في الجبهة إلى 600، وقد تكون هناك مبالغة في ذلك ، ففي أغسطس/ آب 1970 ذكر أحد التقارير أن عدد الفدائيين في الجبهة 240 فقط إلى جانب 3900 "عضو" تقريبا، وقد يشير الرقم الأخير الدعم السياسي المتنامي لها في الشرق الأوسط (11) .

ومن جهة ثانية أشارت تقديرات أخرى إلى أن الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين تمتلك 700 مقاتل، ويقال : إن فدائيي الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين صغار في السن - تتراوح أعمار معظمهم بين 15-20 سنة، وليسوا فاعلين كثيرا.
وقيل أيضا : إن الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين تعاني من حالة تفكك في أعقاب الحرب الأهلية الأردنية بسبب فشلها في تحقيق صورتها ك "طليعة تقدمية" للثورة ضد النظام، وبالتالي خسرت الدعم الشعبي.

وخلال المعارك بدا حواتمة أنه لا يمتلك قناة اتصال مباشر مع قادة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين الآخرين، وقام بعرقلة قراراتهم الرامية إلى تقويض سلطته، وعليه ذهب إلى سوريا في أوائل أكتوبر لإعادة ترسيخ زعامته، وقيل : إنه حتى أواخر أكتوبر كان حواتمة وغيره من قياديي الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين يديرون المنظمة من دمشق التي أصبحت قاعدة لعمليات الجبهة التي قيل : إنها تعاني من أزمات مالية صعبة جدا.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 11-06-09, 06:46 AM

  رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

9. تمويل الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين:
جابهت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين مشاكل مالية متواصلة في الحقيقة، فمنذ منتصف عام 1969 لم تكن هذه المنظمة حسبما أوردت التقارير تتلقى تمويلاً من أي دولة، وكانت تعتمد على إسهامات ضئيلة تردها من فروع الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في بلدان عربية أخرى، لا سيما الكويت، وإسهامات من الطلبة العرب ، ومن جامعات أوروبا وأمريكا، كما اعتمدت أيضا على جماعات تجمع التبرعات في الأردن ، وكان حواتمة قد صرح في منتصف عام 1969 أن فدائيي الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين لم يكونوا يتلقون رواتب بل كان الطعام والسكن والكساء هو كل ما يحصلون عليه، وأن كل قاعدة من قواعد الجبهة الشعبية الديمقراطية ينبغي أن تعول على الاكتفاء الذاتي، بحيث تجمع الهبات والإسهامات من الأهالي، وبحلول ربيع عام 1970 كانت إسهامات واشتراكات الجبهة الشعبية الديمقراطية قد هبطت بشكل حاد عن المستوى المتدني الذي كانت عليه من قبل، حسبما أوردت التقارير ، وذلك بسبب سوء الوضع الاقتصادي العام في الأردن ، وواجهت هذه المنظمة متاعب جمة لمجرد أنها كانت عاجزة عن تغطية مصاريف وكلفة نشاطاتها التي جرى تعليق الكثير منها جراء ضيق ذات اليد.

وقيل بحق تلك الفترة : إن الصندوق كان يعاني من المديونية، وكان عاجزاً حتى عن شراء الأسلحة.
لذا كانت حيازة الأسلحة مشكلة مزمنة عويصة لازمت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين دهراً مديداً وأعياها حلها، وقبل تشكيل قيادة الفدائيين المشتركة للكفاح المسلح الفلسطيني في فبراير/ شباط من عام 1969 التي سمحت للجبهة الشعبية الديمقراطية من خلالها أن تشتري بعض الأسلحة لفترة وجيزة، اضطرت الجبهة الشعبية الديمقراطية إلى تكبد كلفة باهظة لشراء الأسلحة من السوق السوداء في الأردن ، وفي يونيو/ حزيران من عام 1969، أكد أحد قادة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين أن الجبهة تواجه تارة أخرى صعوبات في الحصول على الأسلحة لأنه لم تكن هناك حكومة عربية واحدة تمدها بها (12).

وعندما انشقت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين عن الجبهة الشعبية الديمقراطية التمست، حسبما أوردت التقارير العون من الكوبيين والصينيين، ولم تعرض كوبا سوى تدريب الفدائيين، وقيل : إن الصينيين أيضا رفضوا مد يد العون، باستثناء توفير بعض التدريب إلى أن تبدي الجبهة الشعبية الديمقراطية تحولاً نحو ما اعتبرته بكين نهجاً ماركسياً لينينياً أكثر انضباطاً، وكانت بكين تعني بهذا على ما يظهر وبوجه خاص إقامة قاعدة للعمليات داخل المناطق المحتلة وإنهاء العمليات الإرهابية، التي كانت تنعت من قبل الصينيين بأنها "نزعة مغامرة" ..

وفي يونيو/ حزيران من عام 1969 صرح أحد قادة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، واسمه محمد كشلي أنه في التحليل النهائي لم يكن الصينيون قادرين على مساعدة العرب، في حين كان بإمكان الاتحاد السوفييتي القيام بذلك، حتى ولو أن السوفييت كانوا يعارضون الحل العسكري للقضية الفلسطينية.
كان تصريح كشلي يمثل بداية تحوّل تدريجي في توجهات الجبهة الشعبية الديمقراطية ، وما تركز عليه من أولويات، ويكشف عن تباعد مذهل ما بين مواقف الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين النظرية (التي تميل نحو الصين) وموقفها العملي (إذ ابتغت العون من الاتحاد السوفييتي).

وفي مارس/آذار من عام 1970 قال حواتمة : إنه رفض دعوة وجهتها إليه الصين لزيارة بكين لأنه كان يأمل بتلقي عونا سوفييتيا (13) .
في أواخر يونيو/حزيران من عام 1970 صرّح مصدر في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين بأن منظمته كانت تعارض في الأصل زيارة وفد منظمة التحرير الفلسطينية لموسكو في فبراير/شباط لأن الجبهة الديمقراطية كانت تعتبر السوفييت "يمينيين"، لكنها تحولت بعد ذلك إلى "موقف مستقل" ينادي بقبول العون من أي مصدر كان ، وترجحت بهذا الصدد نظرية أن هذا التحول إنما أملاه الأمل الذي راود الجبهة الديمقراطية بأن يؤمن الاتحاد السوفييتي مثل هذا الدعم إلا أن العديد من المصادر أكدت أنه ومنذ يونيو/حزيران من عام 1970 لم يتم استلام أي عون سوفييتي، وأشار مصدر في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى أنه على الرغم من تغيير التكتيكات التي طرأت فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ظلت معارضة للاتحاد السوفييتي من حيث المبدأ لأسباب شتى، بما فيها مواقف السوفييت فيما يتصل بالتسوية السلمية ووجود "إسرائيل "، وأشارت مصادر أخرى في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى الاستياء من استعداد الاتحاد السوفييتي لتقديم العون لفتح "الرجعية" وأكدت أن السوفييت لا يسعهم تلقين أعضاء الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين وتدريبهم سياسياً ؛ لأن هذه المنظمة كانت تعتبر نفسها أكثر لينينية وماركسية من السوفييت أنفسهم.

وتلقت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين بعض الدعم والمساعدة من فتح في بداية انطلاقتها ، وجاء هذا التحالف غير المألوف أو المتوقع ثمرة لرغبة عرفات بتقويض زعامة حبش، الذي كان من الجلي أنه أكبر منافس له على قيادة حركة الفدائيين ، وكانت فتح والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين على طرفي نقيض على أية حال، وتباعد بينهما اختلافات جذرية كبرى تستعصي الحفاظ على علاقات ودية وطيدة.

وفي أواسط عام 1969 قال مصدر في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين : إن علاقات منظمته مع منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد حميمة ، وإن قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني التي تسيطر عليها فتح قد توقفت عن إمدادها بالسلاح ، وأنها منعت أعضاء الجبهة الشعبية الديمقراطية من النقاش الأيديولوجي أثناء اجتماعات قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، لأن هذه القيادة لم تكن تريد أن يرتبط اسمها بالبرنامج والمنهج الأيديولوجي والسياسي الراديكالي للجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكانت تبتغي النأي بنفسها عن تلك المناخات الجدلية الفكرية (14).

فيما أشاحت الجبهة الشعبية الديمقراطية بوجهها، وتحولت عن فتح بعد أن تدهورت العلاقات واحتدم الخلاف، أقامت تحالفاً قصير الأجل مع منظمة الصاعقة الفدائية السورية وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 1969 التقى في دمشق زعيم الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة ومحسن إبراهيم بصلاح جديد الأمين العام لحزب البعث الحاكم في سوريا، الذي وعدهما بتقديم العون إذا أوقفت صحيفة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين "الحرية" انتقادها لسوريا.

ولم يتم التثبت مما إذا كان السوريون قد قدموا الدعم أم لا، إلا أن هذا التودد كان النتيجة المنطقية للتحالف الوجيز للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، منافسة الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين مع منافس سوريا البعث العراقي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1968 انسحب أحمد جبريل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وترجح الافتراض بأنه جر معه في غمرة انسحابه العناصر ذاتها التي كان أتى بها إلى الجبهة الشعبية الديمقراطية في ديسمبر/ كانون الأول من عام 1967.
وأطلق جبريل على جماعته الجديدة المنشقة اسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة ، وكانت حجته ووجهة نظره التي دفعته للإقدام على هذه الخطوة أن حركة القوميين العرب قد أخلّت باتفاقها الأصلي بألا تسعى لفرض أيديولوجيتها على جماعة من الفدائيين، وزاد جبريل بأن اتهم حركة القوميين العرب بأنها جعلت شغلها الشاغل التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى بدل أن يكون قتال "إسرائيل " هو همها الأكبر.

والقيادة العامة هذه جماعة صغيرة جداً (ربما لم يكن عدد أعضائها يربو على المائة)، إلا أنهم كانوا على مستوى عال من التدريب العسكري، كما أوردت التقارير أنهم على درجة رفيعة من الاقتدار التقني والمهارة والكفاءة، ولا سيما عام 1969، كانت "القيادة العامة" ثلاثة أقسام، الجناح العسكري برئاسة جبريل، والجناح السياسي برئاسة فضل شرورو، والجناح المالي برئاسة زكي الشهابي، الذي أنيطت به مهمة جمع التمويل.

ونفت القيادة العامة وجود أي نية لديها أو رغبة بالإطاحة بالحكومات العربية أو التعدي على أو تقويض سيادة تلك الدول.
وكان من المعتاد أن تتخذ القيادة العامة مواقف معتدلة نسبياً تجاه حكومة الأردن ، ومن ناحية أخرى كانت هذه القيادة عضواً في قيادة الفدائيين الموحدة التي أنشئت في فبراير/ شباط عام 1970 لمقاومة الضغوط الأردنية ، وعلاوة على ذلك تبنى جبريل والقيادة العامة موقفاً معانداً ومتصلباً جداً خلال حرب سبتمبر/ أيلول 1970 في الأردن ، وكانت هذه المنظمة الناشئة تمانع في وقف إطلاق النار وترفضه.

ويقال : إن القيادة العامة تكبدت خسائر فادحة خلال حرب الأردن الأهلية، وقررت في نهاية المطاف مترددة بعد أزمة الموافقة على الالتزام بشروط وقف إطلاق النار وهي تضمر امتعاضاً شديداً، وذلك كي تحاول إعادة بناء قواتها ، ولدى القيادة العامة خطة طوارئ تتحول بمقتضاها إلى العمل السري تحت الأرض إذا ما حاول الأردنيون تصيفتها.

ولطالما عانت القيادة العامة من مشكلة مالية عويصة مزمنة، وتقدمت بطلبات عدة لجهات شتى التماساً للعون ، وزار جبريل العراق في عام 1969 في محاولة للحصول على أسلحة ، وأوردت التقارير أن القوات العراقية في الأردن وافقت في أوائل عام 1968 على تزويد القيادة ببعض الأسلحة ، وأوردت التقارير أن الجمهورية العربية المتحدة قامت في أعقاب انفصال جبريل عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مباشرة في عام 1968 بإمداد جماعته بحوالي 150 قطعة سلاح.

ورغم ما راج من تكهنات في تلك الآونة حول أن جبريل كان يحظى بدعم السوريين، لم تظهر إشارات وبيانات لاحقة تؤيد مزاعم دعم السوريين لجماعته.
وفي أغسطس/ آب من عام 1970 زار ممثل عن القيادة العامة دمشق التماساً للعون، إلا أنه عاد، حسبما قيل بخفي حنين، وأخبره السوريون بأنهم لن يسمحوا أبداً بانطلاق أي عمل فدائي ضد "إسرائيل " تقوم به أي جماعة من الأراضي السورية.
كما زار وفدان من القيادة العامة المملكة العربية السعودية في أواسط عام 1969 في محاولة غير ناجحة للحصول على تمويل.
وقيل : إن جبريل كان يفكر بمسعى آخر في أغسطس/ آب عام 1969، وخطط كي يقوم التماسه الجديد على أساس ما دعاه بالنهج المحافظ الجديد للقيادة العامة (أي الاتجاه الأكثر مسايرة وموالاة للسعودية)، في أعقاب الردة عن نهجه التي تولتها الأجنحة الناصرية الميول ضمن جماعته (وهي تحمل الآن اسم منظمة فلسطين العربية).

وخطط جبريل أيضا في تلك الفترة على أية حال للتهديد بتخريب خطوط أنابيب التابلاين إذا رفض السعوديون، موضحاً أن جماعته هي الوحيدة التي تمتلك الخبرة لإنجاز مثل هذه المهمة، وأن القيادة العامة هي التي عملت ودربت الجبهة الشعبية على القيام بنجاح بعملية نسف وتخريب الخطوط في مايو/ أيار من عام 1969. وليس ثمة من دليل يؤكد أن توسلاته وتهديداته أجدت نفعاً مع السعوديين.

وفي عام 1969 استطاعت القيادة العامة تدبر أمر شراء بعض الأسلحة من أوروبا الشرقية ، وعندما انهارت المفاوضات مع بلغاريا جرى شراء 150 بندقية كلاشنكوف من البولنديين، وكان نائب جبريل محمد بوشناق هو من نجح في إبرام الصفقة ، وتم الاتفاق على شحن البنادق إلى القيادة العامة عبر العراق.

10. منظمة العمل لتحرير فلسطين :
جماعات الفدائيين المستقلة الصغيرة :
في أوائل عام 1969 انشقت جماعة يقودها عصام السرطاوي عن فتح (15 ) وجاء هذا الانشقاق، حسبما راجت الأقاويل، ردة فعل غاضبة تجاه ممارسات عزيت إلى عرفات (16 ).
وبين السرطاوي أن سبب غضبه هو ما اعتبره رفض عرفات تعيين كل من لم يكن عضواً في جماعة الإخوان المسلمين في منصب قيادي في فتح ، وربما انطوى هذا الاتهام على قدر لا بأس به من الحقيقة، فنشأة عرفات ومشاربه ومذاهبه الأولى إخوانية، وفتح ترجع في أصولها إلى جماعة الإخوان المسلمين، وحافظ الكثير من قادة فتح على صلاتهم بالإخوان.
وأشار مصدر آخر إلى أن السرطاوي كان عروبي النظرة، وكان يعتقد أنه ينبغي تجنيد العرب الثوريين من كافة البلدان وعدم الاقتصار على الفلسطينيين، إذ إن قضية فلسطين تهم العرب جميعاً.
ومن بين الأسباب الأخرى لانشقاق السرطاوي رغبته في توحيد أؤلئك الفلسطينيين الذين يناصرون إما البعث السوري أو العراقي ويؤيدونه ، وأورد أحد المصادر في تقرير له أن "منظمة العمل لتحرير فلسطين" أقامت علاقات حميمة إلى حد ما مع العراق، وأنها أصبحت تابعة للقوات العراقية في الأردن، في حين ذهب

مصدر آخر إلى أنه منذ ديسمبر/ كانون الأول 1969 ظلت "منظمة العمل لتحرير فلسطين" مستقلة عن سوريا والعراق كليهما ، وربما كانت هذه التقارير جميعها على تناقضها الظاهري صحيحة ، ففي منتصف مايو/ أيار من عام 1970 قال السرطاوي : إنه قد حصل سوء تفاهم مع العراق الذي كان وعد بتقديم دعم مالي لمنظمة العمل لتحرير فلسطين، ونظراً إلى أن هذه المنظمة رفضت الرضوخ للهيمنة العراقية، وأنه يخشى أن يرجع العراق في كلامه ، ويحنث بالوعد الذي قطعه على نفسه.
وعلاوة على ذلك كان العراقيون قد أنشئوا في تلك الفترة فصيلهم الفدائي المسمى "جبهة التحرير العربية" الذي أصبح تابعاً لهم ، ويشكل قوة تنتهج أسلوب حرب العصابات، فلم يعودوا بحاجة إلى منظمة العمل لتحرير فلسطين، وفي صيف عام 1970 بدت منظمة العمل لتحرير فلسطين وكأنها أخذت تتخذ مواقف موالية إلى حد ما للجمهورية العربية المتحدة، إذ راحت تدافع عن القبول المصري بمبادرة روجرز لوقف إطلاق النار.
ودعت منظمة العمل لتحرير فلسطين في كتيب نشرته في ربيع عام 1969، إلى شن حرب تحرير شعبية يشارك فيها العرب قاطبة شريطة أن تلعب القضية الفلسطينية الدور المحوري الرائد في هذا المعترك ، كما دعت إلى توحيد العمل الفدائي والتصدي لكل محاولات تصفية الفدائيين ومقاومتها.

وفي أواسط مايو/ أيار من عام 1969 زعم السرطاوي أن عدد هذه الجماعة يصل إلى 400 رجل، إلا أن هذا يحتمل أن يكون مبالغة من قبله، ومن المشكوك فيه أن يكون عدد أفراد هذا الفصيل يزيد على مائة عنصر ، وصرح السرطاوي أن "منظمة العمل لتحرير فلسطين" قد قامت ب 13 عملية فدائية في الأراضي المحتلة ، وأعلنت منظمة العمل لتحرير فلسطين أيضا مسؤوليتها عن هجوم على شركة الطيران "الإسرائيلية" "العال" في ميونيخ في فبراير/ شباط من عام 1970، وفي مقابلة له مع مجلة "شتيرن" في مارس/ آذار صرح السرطاوي بأن منظمة العمل لتحرير فلسطين قد أخذت على نفسها عهداً بملاحقة العدو "الإسرائيلي" حيثما استطاعت مطاردته ، وحيثما وجدت إلى ضربه سبيلاً.

11. جبهة النضال الشعبي (يشار إليها في بعض الأحيان جبهة النضال الشعبي الفلسطيني)
تأسست جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بعد حرب 1967، كمجموعة صغيرة مستقلة من القوميين العرب، وكانت تدار في المرحلة الأولى من الضفة الغربية المحتلة، وفي ظل الضغوط المتزايدة من قبل "الإسرائيليين" أجبر معظم أعضائها على الهروب باتجاه الضفة الشرقية في منتصف عام 1968، حيث اندمجوا لفترة مؤقتة مع منظمة فتح ، وبعد بعضة أشهر انفصلت المجموعة عن فتح ، وبدأت في تنسيق نشاطاتها مع قوات التحرير الفلسطينية (جناح الفدائيين في منظمة التحرير الفلسطينية) وباتت تعتمد على المنظمة في الحصول على السلاح والمؤن (17).

يقع المكتب الرئيسي لجبهة النضال الشعبي في عمّان، وكان يرأسه خالد مرعي في أوائل 1969، ووفقا لأحد التقارير بلغ إجمالي عدد رجال الجبهة في كافة قواعدها حوالي 200 في فبراير/ شباط 1970، فيما أفاد تقرير آخر بنفس العدد في أبريل / نيسان 1970.
في فبراير/ شباط 1969 أصبح بهجت أبو غربية قائد جبهة النضال الشعبي (18). وأفاد تقرير بأن بهجت أبو غربية، العضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قد استقال في فبراير احتجاجا على تولي فتح زمام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، وقال أحد المصادر: إن بهجت أبو غربية ماركسي ، ولا تتوفر معلومات كثيرة عنه.

في سبتمبر/ أيلول 1969، انضمت جبهة الكفاح الشعبي إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، ولكنها في مارس/ آذار 1970 أصدرت مذكرة تدعو فيها إلى تعزيز القيادة الموحدة للفدائيين، وإلغاء قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ، وعلى غرار المجموعات الفدائية الصغيرة الأخرى كانت جبهة النضال الشعبي تخشى من خطط منظمة فتح الرامية إلى تصفيتها، وعليه كانت ترغب في تقويض قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني الخاضعة لمنظمة فتح.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 1969 أعلنت جبهة النضال الشعبي مسؤوليتها عن تفجير مكتب شركة طيران العال في أثينا، وفي أبريل / نيسان 1970 صرح أبو غربية بأن الجبهة مسئولة عن تفجير مكتب العال في إسطنبول، ومكتب شركة بان أميريكان في إزمير ، وفي تلك المرحلة لخص أبو غربية إستراتيجية جبهة النضال الشعبي على الشكل التالي:

"في هذه المرحلة.... نحن مجبرون على توجيه عملياتنا إلى أقصى حد ممكن، وفقاً للخطة المدروسة، بشكل خاص ضد أمريكا، زعيمة الإمبريالية". وقال : "إن ضرب العدو في المناطق البعيدة سيساعد في تصعيد العمل العسكري داخل المناطق المحتلة".
في يوليو/ تموز 1970، قام ستة أعضاء من جبهة النضال الشعبي بخطف إحدى طائرات شركة الخطوط الأولمبية المتجهة من بيروت إلى أثينا ، واحتجزوا أفراد الطاقم والركاب رهائن وطالبوا بالإفراج عن سبعة فدائيين مسجونين في اليونان.

وتم التفاوض على عملية التبادل عبر وسطاء من الصليب الأحمر، وبذلك أصبحت جهة النضال الشعبي أول مجموعة مسلحة عربية تنجح في تحرير معتقلين مدانين ومحتجزين.

12. منظمة فلسطين العربية(تسمى أيضا منظمة تحرير فلسطين العربية) :
في أغسطس/ آب 1969، أعلن ناطق رسمي باسم منظمة التحرير الفلسطينية أن قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني قد قبلت في صفوفها مجموعة تطلق على نفسها اسم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة جناح المستقلين". ونشأت هذه المجموعة التي كان يقودها أحمد زعرور كفصيل معارض في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، وموال لعبد الناصر.

ولم تنجح محاولة زعرور في الاحتفاظ باسم القيادة العامة عندما هدد القائد العام أحمد جبريل بمحق مجموعة زعرور إن لم يتم تغيير الاسم، وعليه تم اعتماد اسم "منظمة فلسطين العربية".
وبعد ذلك بفترة قصيرة أشار جبريل إلى أن زعرور وجماعته قد انسلخوا قبل بضعة أشهر، موضحا أن "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة" أصبحت أكثر تماسكا على الصعيد السياسي (بمعنى اقترابها أكثر من السعودية) بغياب فصيل زعرور اليساري ، وفي صيف عام 1970، دعمت منظمة فلسطين العربية باقتضاب قبول عبد الناصر للاقتراح الأمريكي بوقف إطلاق النار.
من الواضح أن منظمة فلسطين العربية صغيرة الحجم جدا (أقل من 50 عضوا) ولم تقم بأعمال تذكر ، وفي أغسطس/ آب 1969 تبنت المنظمة تفجير الجناح "الإسرائيلي" في المعرض الدولي بمدينة إزمير التركية.

13. المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين (تسمى أيضا منظمة الشعب العربي لتحرير فلسطين) :
لا تتوفر معلومات كثيرة عن هذا المجموعة باستثناء أنها كما يقال متعصبة للشيوعية ، وتدعم الخط الصيني، وأشار تقرير في عام 1970 إلى أنه قد تم تأسيس هذه المجموعة تحت رعاية سورية في عام 1967، وأنها انضمت إلى الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في يونيو/ حزيران 1969.

وفي فبراير/ شباط 1970، أكد تقرير خاص بدمشق ومنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أن المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين كانت منضوية تحت لواء الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، ولكنه كشف أيضا أنها فسخت هذا التحالف ، وقيل : إن قائدي المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين (محمد فياض وإبراهيم خريشة) هما شيوعيان سابقان، وفي ربيع عام 1970 أفيد بأنها تستقطب شيوعيين انفصاليين موالين للسوفييت، وغيرهم من الفلسطينيين المصدومين إلى جانب شيوعيين موالين للصين.

وقيل : إن المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين تتخذ من عمّان مقرا لها، وفي فبراير/ شباط 1970، انضمت المجموعة إلى قيادة الفدائيين الموحدة ، ولم تقم المجموعة بأي نشاطات "إرهابية".

14. هكذا ولدت "الصاعقة" و"جبهة التحرير العربية" و"الأنصار"
طلائع حرب التحرير الشعبية "الصاعقة" باعتباره أحد مساندي النشاطات ضد "إسرائيل " قدم نظام البعث السوري الدعم المتواصل للعمل الفدائي، وعلى أية حال حرص السوريون على وضع حد لانطلاق العمليات الفدائية من الأراضي السورية، وشجعوا على القيام بعمليات فدائية انطلاقاً من الأردن ولبنان.
وفي أعقاب حرب يونيو/حزيران عام 1967 بدأ السوريون يدربون مجموعة من جندهم على أساليب ومناهج حرب العصابات.

وفي خريف عام 1967 ذكرت التقارير أنهم رتبوا لعدد من الضباط الصينيين كي يقدموا إلى سوريا للإشراف على مثل هذه الدورات التدريبية، وابتعث السوريون علاوة على ذلك مجموعة من السوريين توجهت إلى الصين للانخراط في دورة تدريبية تستغرق 30 يوماً(19).

في هذه الفترة المبكرة إثر حرب يونيو 1967 كان السوريون لا يزالون يقدمون كذلك دعماً ضخماً لفتح إلا أنه وابتداء من عام 1968 ثمة جفوة بدأت تتعمق بين فتح والنظام السوري، وفيما أخذت فتح تنأى بنفسها عن سوريا لنفورها من فكرة تسليم زمام أمورها، ومفاتيح قراراتها لهيمنة دمشق، وانتهج السوريون سبيلاً آخر في التعامل مع فتح بعد أن أدركوا ضرورة التفتيش عن بدائل فبدءوا يكثفون تركيزهم واهتمامهم فبسطوا رعايتهم وأغدقوا دعمهم على مجموعة جديدة من الفدائيين تكونت من فلسطينيين مقيمين في سوريا ، وتهيمن عليها سوريا هيمنة كاملة.

وهكذا ولد تنظيم الصاعقة، وأجازت سوريا جمع التمويل والتبرعات للصاعقة (كانت الغالبية العظمى منها تأتي من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا).

وفي أواسط عام 1968 ذكرت التقارير أنه كان للصاعقة ثلاثة معسكرات تدريب في دمشق ، ولم يلبث حضور الصاعقة أن امتد إلى الأردن، وبحلول ربيع عام 1968 سرت أقاويل بأن ثمة 150 عنصراً مسلحاً مقاتلاً من الصاعقة كانوا في وادي الأردن الشمالي ومنطقة إربد وفي حين أوعز السوريون لهؤلاء الرجال بأن يتعاونوا ابتداء من الحكومة الأردنية ومع الجماعات الفدائية الأخرى، لا سيما فتح، روت التقارير أيضا أنهم كانوا على يقين من أن هدفهم النهائي إنما هو اختراق هذه الفصائل وأمثالها والهيمنة عليها.

وفي خريف عام 1968 حدث انشقاق في منظمة الصاعقة وشكل قائدها الأصلي طاهر دبلان، وهو بعثي متقد الحماس ، وعقيد سابق في الجيش السوري جماعة جديدة أطلق عليها اسم "فرق النصر" وسبب هذا التصدع لم يتضح حتى الآن، إذ ذهب أحد التقارير إلى أن دبلان شعر بأن السوريين خذلوه لذا يمم وجهه شطر الجمهورية العربية المتحدة ملتمساً الدعم.

وأنحى مصدر آخر باللائمة في هذا الانشقاق على صراع على السلطة نشب بين دبلان ونمير حافظ ، فعندما شرعت جماعة دبلان بالقيام بعملياتها في منطقة محصورة محددة جنوبي البحر الميت ، سرعان ما هب الجيش الأردني لوقف عمليات دبلان، ثم وقع من بعدها صدام مفتوح ومواجهة بين دبلان والسلطات الأردنية في نوفمبر من عام 1968.

واصطفت منظمة التحرير الفلسطينية وفتح مع الأردن فدمرت جماعة دبلان.
ولحق بمنظمة الصاعقة أذى بالغ جراء هذا الانشقاق، بيد أن النظام السوري سرعان ما بادر إلى تعزيز معسكرات "الصاعقة" التي كانت منتشرة إلى الشمال من إربد في الأردن وواصل دعمها بشكل مضطرد، وبحلول بداية عام 1969 تحدث المراقبون الذين يعدون التقارير عن أن "الصاعقة" دربت نحو ألف ضابط وجندي، غير أن هذه التقارير أكدت كذلك أنه على الرغم من العديد من البيانات التي صدرت عن دمشق فإن الصاعقة لم تنشط قط للقيام بعمليات ضد "إسرائيل " وأعرب العديد من ضباط قوات التحرير الفلسطينية عن خوفهم من أن الصاعقة لم تزرع في الأردن إلا لتدمير الملك حسين في المقام الأول، ودعم هذا الاستنتاج تقرير ل "ثمة حذف هنا" في أواخر عام 1969 يفيد بأن سوريا دأبت على تكديس الأسلحة (التي كان السوفييت مصدر معظمها) في قواعد "الصاعقة" وتوزيعها من ثم على عناصر حزب البعث في المدن الأردنية ..

وفوق ذلك قيل : إن الصاعقة كانت تدرب أعضاء محليين في حزب البعث على استخدام هذه الأسلحة.
وأشار تقرير آخر أعده (ثمة حذف هنا) في أواخر عام 1969 إلى أن قائد قوات الصاعقة العسكري في الأردن كان دافع جمعاني (المشهور بكنية أبو موسى)، وأن التنظيم العسكري ينقسم إلى قطاع شمالي (تحت قيادة حاجم هنداوي، المكنى بأبي مروان) وقطاع أوسط (يرأسه محمود المعايطة، المكنى بأبي الوليد) وقطاع جنوبي (بقيادة علي الطراونة).

وكان لكل قطاع قاعدة (أو عدّة قواعد) جرى بعدها بزمن تجزئتها إلى زمر صغيرة وأرهاط ، يتكون الرهط منها من خمسة عناصر.
وقال الناطق باسم "الصاعقة" في خريف عام 1969 : إن لمنظمته قيادة متحركة كانت ترابط أغلب الأحيان في الأردن وفي أوقات أخرى في سوريا، وإن لها أيضا قيادات محلية وأجنحة سياسية في البلدان العربية (20 ).

وأضاف أن غاية الصاعقة تحرير فلسطين، ومن ثم انتهاج السبيل الاشتراكي، واتباع تعاليم الاشتراكية".
وفي حين لم تشارك الصاعقة ذاتها في أي عملية فدائية ضد "إسرائيل " انبرى الناطق باسمها لامتداح بعض العمليات مثل اختطاف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين طائرة تابعة لخطوط twa قائلاً إن مثل هذا العمل كان جيداً لأنه يضرب المصالح الأمريكية، ويتيح للعرب فرصة تبادل الأسرى مع "إسرائيل ".
وفي حين تجمع التقارير على الجزم بالرأي الذي يذهب إلى أن تنظيم الصاعقة من إنتاج البعث السوري يقيناً، يثور سؤال بخصوص أي من أجنحة البعث المتناحرة في سوريا كان يهيمن على منظمة الصاعقة وكان اثنان من أكبر قادة "الصاعقة" في عام 1969، وهما رئيف علواني، وإبراهيم العلي، حسبما شاع القول، من أخلص الضباط الداعمين لصلاح جديد، رأس القيادة القومية لحزب البعث التي كانت تناوئ الجناح الذي يقوده وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد (21 ) ..

والذي تسنى له ترجيح كفة هيمنته قليلاً في سوريا في أوائل عام 1969 إلى أن استطاع حسم الأمر ، واستتب له الوضع ، وسيطر على الحكم في أكتوبر من عام 1970.
كما انغمس رئيس الوزراء السابق يوسف زعيّن ، وهو عضو في الجناح الذي كان يقوده صلاح جديد في شؤون الصاعقة بصورة متعمقة.
ويوحي تقرير أعد في ربيع عام 1969 بأنه كانت هناك خلافات حادة وخطيرة داخل سوريا بشأن النهج الذي ينبغي للصاعقة أن تسير عليه، وبين هذا المصدر (ثمة حذف هنا) أن الاضطرابات والقلاقل التي أقضت مضجع لبنان في ربيع عام 1969إنما رسم خططها وصممها جناح صلاح جديد لإثارة المتاعب وتعقيد المشاكل ، وتأزيم الأمور بين الحكومتين السورية واللبنانية، وحسب تقرير ل"ثمة حذف هنا" فقد تحدث رئيس الأركان العامة السوري، الظاظا، وهو أحد مؤيدي الأسد، إلى علواني، والذي كان وقتها مسئولاً عن الصاعقة في لبنان ، وقال له : "لم نتفق على ما تقومون به في لبنان ، وينبغي أن تدركوا هذا".

وحظيت هذه التقارير والأنباء عن هذه الثنائية وهذا الانقسام بمزيد من التأكيد والتوثيق لاحقاً في مارس من عام 1970 على لسان ياسر عمرو، وهو أحد أعضاء اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، الذي قال : إن الصاعقة لا يتم إمدادها ودعمها من قبل الجيش السوري بإمرة وزير الدفاع ، الذي أجهض في كثير من الأحيان نشاطات الصاعقة لأن الوزير حافظ الأسد معادٍ للصاعقة، وبين عمرو أن الصاعقة تعتمد في دعمها وإمدادها على صلاح جديد ويوسف زعين.

وفي بداية يونيو من عام 1970 جرى تعيين الرائد عزيز خضورة نائباً لقائد قوات الصاعقة في لبنان، ربما عكست هذه الخطوة تحركاً لحافظ الأسد لبسط هيمنة كاملة على الصاعقة، إذ قيل : إن خضورة كان من مؤيديه في حين كان النائب الآخر مصطفى دن حسبما ذكرت تقارير يدعم صلاح جديد.

وكذلك اشتمل القرار الذي أعلن عن هذا التغيير على تنمية المسئول علواني، الذي كان يناوئ الأسد على ما يظهر، عن قيادة قوات الصاعقة في لبنان، وتم في نهاية المطاف استبداله بزهير محسن الذي لم يعرف حتى الآن ولاؤه ولا مع من يتعاطف، وتؤكد تقارير أخرى في عام 1970 أن عملية الغربلة والتطهير كانت تجري على قدم وساق في صفوف كوادر الصاعقة القيادية في لبنان، وأوحت هذه التقارير بأن تلك الخضة التي نالت من قيادة الصاعقة إنما كانت تعكس الصراعات المحتدمة ضمن نظام البعث السوري.

وبغض حافظ الأسد المتأصل للصاعقة، الذي غالباً ما تحدثت عنه التقارير (والذي ربما كان ينبع جزئياً من التهديد المحتمل الذي يمكن أن تمثله هذه القوات سواء للجيش النظامي أو لشخص حافظ ووضعه ومنصبه) ظهر جلياً في أواخر أكتوبر من عام 1970 فأثناء انعقاد المؤتمر القومي لحزب البعث السوري الذي أوردت التقارير أنه تزامن مع قرار اتخذ حينها بطرد الأسد، وقال : إن الأسد سارع يومها بالرد باستبدال حرس المؤتمر من عناصر الصاعقة برجاله المختارين من الجيش النظامي، ومن ثم استولى على السلطة ، وبسط هيمنته الكاملة.

وذكرت التقارير أنه أبقى كلاً من رئيس الدولة آنذاك نور الدين الأتاسي ورئيس الوزراء السابق يوسف زعين تحت الإقامة الجبرية ، وكان زعين ضليعاً في أمور الصاعقة متعمقاً في شئونها ، ويحيط علماً بنشاطاتها وعملياتها ، وأما مستقبل هذه المنظمة فيكتنف آفاقه ضباب كثيف في الآونة الراهنة بعد تتابع هذه الأحداث.
ـــــــــــــــ
الهوامش :
(1) كانت حركة القوميين العرب قد شاركت في حقيقة الأمر في تنظيم للمنفيين السوريين مقيم في بيروت، يدعى الجبهة التقدمية القومية (بزعامة أكرم حوراني) وكان نظام دمشق يخشى نوايا هذه الجماعة، وقد انفصلت حركة القوميين العرب عن هذه الجماعة في يوليو/ تموز 1968 عندما قبل حوراني عضوية بعثي يميني هو أمين الحافظ ، وعندما كان حبش في السجن في سوريا تطورت المعركة الفئوية ضمن حركة القوميين العرب، وحسبما ورد في تقرير غير مؤكد كانت جماعة حواتمة في حقيقة الأمر تتلقى الدعم من السوريين، الذين كانوا يرغبون في تحطيم حبش ومنظمته.
(2) ادعى جبريل أن حركة القوميين العرب كانت قد أصرت على أنه وجماعته قد ألحقوا أنفسهم باتجاه حركة القوميين العرب ، كما قال : إن حركة القوميين العرب كانت تخطط للتدخل في شئون الدول العربية الأخرى ، وأن ضباطاً عسكريين كان يجري استبدالهم بعقائديين أشد اهتماماً بالحصول على سلطة سياسية من اهتمامهم بحل القضية الفلسطينية، وقال : إن حركة القوميين العرب كانت تستخدم جماعته شبه العسكرية الأصلية (شباب الثأر) لكسب السيطرة على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي أكتوبر/تشرين الأول 1968 قاد محاولة لإبعاد "شباب الثأر" عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد انحاز "أبطال العودة" إلى جانب شباب الثأر، وكانت نتيجة لهذا الصد أن جبريل ذاته قد ترك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
(3) في مقابلة مع مجلة "لايف" في يونيو 1970، بدا حبش كأنه قد حوّل تركيزه إلى حد ما: ما أراده هو حرب على غرار حرب فيتنام، ليس فقط في فلسطين بل في كافة أنحاء العالم العربي ، وذهب إلى حد القول : إن الأمة العربية برمتها يجب أن تدخل الحرب ، وأنه خلال 3 أو 4 سنوات ستنهض القوى الثورية في الأردن وسوريا ولبنان لمساعدة الفلسطينيين.
4) قبل انقسامها في فبراير 1969 قامت الجبهة بخطف طائرة العال إلى الجزائر (يوليو 1968)، بالهجوم على طائرات العال في أثينا (ديسمبر1968) وزيوريخ (فبراير 1969) وبعد الانقسام تبنت الجبهة عملية تفجير خط أنابيب التابلاين عبر البلاد العربية (مايو 1969) واختطاف طائرة تي دبليو إيه إلى دمشق (أغسطس 1969) وتفجير مكتب شركة "zim" للشحن في لندن (أغسطس 1969) وسفارتي "إسرائيل " في لاهاي وبون (سبتمبر 1969) ومكتب شركة "العال" في بروكسل (أيضا في سبتمبر 1969).
(5) هذا يبدو صحيحا رغم زعم حبش في يونيو 1970 بأن الجبهة مسئولة عن 85% من العمليات العسكرية في "إسرائيل "، وتقريبا 100% من العمليات في غزة، و50% منها في بقية المناطق المحتلة.
(6) الأعضاء الأهم في هذه القيادة كانوا: البرفيسور وليد الخالدي، من أساتذة الجامعة الأمريكية في بيروت، وهاني الهندي، الناصري الهوى والميول، والذي كان يعرف سابقاً بأنه رئيس استخبارات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
(7) تعكف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على التخطيط والتحضير لعملياتها بدقة بالغة وحرص شديد ، ولا تغفل حتى أتفه التفاصيل.
(8) حسب تقرير أوردته صحيفة بالتيمور صن في منتصف سبتمبر/أيلول فإن هاني الهندي، الذي شارك مع حبش في تأسيس حركة القوميين العرب كان أحد أعضاء جماعة اتخاذ القرارات خلال غياب حبش ، وثمة رجل آخر هو "الكابتن صدقي" الذي يعتقد أنه كان مسئولا عن العمليات العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وهناك آخر (حذف هنا) وصف صالح رأفت وحداد بأنهما من كبار رجال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأقوياء ، ونعت رأفت بأنه كان المخطط الرئيسي لعمليات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعمليات الاغتيال التي كانت تضطر إليها.
(9) (حذف هنا) أوقفت المعونات المالية لأن ليبيا كانت تعتقد أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت متورطة في محاولة الانقلاب التي جرت في أواخر مارس/ آذار في ذلك البلد، ووفقاً لتقرير آخر في مايو/ أيار، فإن النظام الليبي استولى على منشورات ومستندات للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تتهم ليبيا بالتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية بدعمها لفتح.
(10) من بين الأعضاء الآخرين في المكتب التنفيذي في عام 1970 كان هناك صلاح رفعت، الذي يقال : إنه يترأس الجناح العسكري في الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ وأديب ربه (المعروف ب ياسر عبد ربه) مسئول الإعلام والدعاية؛ وبلال الحسن، ممثل الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، والناطق باسم الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، وهو شقيق كل من خالد وهاني الحسن، القياديين في فتح؛ وأبو ليلى (الاسم الحركي)، ومحمد كتموتو، وهناك عضو آخر حسب التقارير، هو سامي ضاحي، الذي قيل: إن الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في مايو 1970، ستنفذ فيه حكم الإعدام لقيامه بتعذيب وإعدام أعضاء من الجبهة من دون تحقيق مناسب.
وأشار تقرير للمؤتمر السنوي في أغسطس 1970، إلى أن بلال الحسن وخالد هندي قد استقالا من المكتب السياسي اعتراضاً على القرارات التي اتخذت خلال المؤتمر، وعلى كل حال أدرجهما هذا التقرير كعضوين في اللجنة المركزية الجديدة إلى جانب ضاحي، الذي على ما يبدو أنه تمت تبرئة ساحته من تهمة التعذيب غير المصرح به.
(11) على غرار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تقدم الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين الدعم لإحدى المجموعات المنبثقة عن حركة القوميين العرب في لبنان، وتمتلك هذه المجموعة نحو 1000 عضو بينهم 200 مسلح، كما تدعم الحزب الشيوعي اللبناني الموالي لبكين، كما ترتبط الجبهة بعلاقة صداقة مع حزب البعث السوري.
في أوائل 1970، أفاد مصدر بأن المجموعة اليسارية اللبنانية المنبثقة عن حركة القوميين العرب (المكافئة للجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين) قامت بتأسيس حزبها الخاص وأسمته الحزب الاشتراكي اللبناني، برئاسة محسن إبراهيم (من بين آخرين)، رئيس تحرير مجلة "الحرية" التي تشكل جزءا من المجموعتين، وعليه كانت المجموعتان ترتبطان بعلاقة وثيقة.
(12) كانت علاقات الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين سيئة مع معظم الدول العربية، ربما باستثناء سوريا، وأغلقت الجمهورية العربية المتحدة مكتب الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في القاهرة في يونيو/ حزيران عام 1969، لأنه قيل : إن الجبهة كانت تقوم بنشاطات تخريبية هدامة ضد الأنظمة العربية "البرجوازية" .
(13) في مارس من عام 1970 كان هناك وفد من الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في موسكو في محاولة للتفاوض من أجل شحن مباشر للأسلحة عبر ميناء اللاذقية السوري، إلا أن الجبهة لم تتلق مثل هذه الشحنة في صيف (عام 1970)، ولم يضم وفد منظمة التحرير الفلسطينية الذي زار الصين في مارس/آذار من عام 1970 الجبهة الديمقراطية.
(14) "جمدت" أي علّقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين علاقاتها مع قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني في ديسمبر/كانون الأول من عام 1969.
(15 ) تعرف هذه الجماعة أيضا باسم الهيئة العاملة لتحرير فلسطين.
(16 ) في صيف عام 1969 أدلت فتح بالعديد من التصريحات التي هاجمت فيها إنشاء منظمات جديدة، وشجبت منظمة العمل لتحرير فلسطين هذه التهجمات، قائلة : إن فتح كانت تحاول تصفية جماعتها.
(17) في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 1968 أصدرت المجموعة أول بيان لها أعلنت فيه مسؤوليتها عن الحريق في مطار اللد، وأصدرت بيانين مشتركين مع منظمة التحرير الفلسطينية حتى تاريخ 8 فبراير/ شباط.
(18) قيل : إن الدكتور سامي غوشه، وخليل سفيان وخليل مرعي كانوا من بين القادة السابقين للمجموعة.
(19) في يوليو من عام 1970 زار وفد من الصاعقة بكين إضافة إلى فيتنام الشمالية ورأس الوفد محمود المعايطة قائد تنظيم الصاعقة والقيادة القومية لحزب البعث.
(20 ) كانت مجلة الصاعقة التي تحمل اسم "الطلائع" تنشر في دمشق
(21 ) ذكرت التقارير أن حافظ الأسد طرد كلاً من علواني والعلي من الجيش السوري.
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت ـ متابعات الزيتونة نقلا عن موقع "قانون حرية المعلومات" على الانترنت
إعداد: قسم الترجمة في صحيفة الخليج الإماراتية (من 29/6/2007 حتى 20/7/2007)

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 11-06-09, 06:58 AM

  رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

مختارات من وثائق المخابرات المركزية الأمريكية (6)



1. جبهة التحرير العربية :
أسس حزب البعث العراقي منظمة "جبهة التحرير العربية" في منتصف عام 1969 لتنافس نظيرتها منظمة الصاعقة السورية، التي كان نظام البعث السوري هو الوصي عليها والحامي والداعم لها، وكانت المنظمتان على طرفي نقيض ، وتجمع بينهما عداوة رغم اعتناقهما الأهداف البعثية العامة ذاتها في الأساس والجوهر.
وفي أواخر عام 1969 اتهمت جبهة التحرير العربية سوريا بالسعي لاختراقها وشق صفوفها، وسرعان ما أقامت جبهة التحرير العربية عدداً من مناطق التدريب خارج بغداد لفدائيي جبهة التحرير العربية، الذين تلقوا المزيد من التدريب في الأردن ، وجرى حينها نشرهم، إما في الأردن أو في لبنان حيث رابطوا بشكل دائم ، ووفقاً لأحد التقارير تم ابتعاث كثير من الناس إلى الصين أيضا ، أو إلى فيتنام الشمالية للتدريب.

وبحلول أواسط عام 1970 كانت جبهة التحرير العربية قد أصبحت نشطة تماماً في لبنان ، وفي أواخر يونيو/حزيران من ذلك العام اعترضت السلطات اللبنانية شحنة أسلحة مكونة من 600 بندقية كلاشينكوف، وقنابل يدوية كانت مرسلة إلى جبهة التحرير العربية (1) في لبنان من قبل قوات القادسية (الفرقة من جيش التحرير الفلسطيني الملحقة بالقوات العراقية) في الأردن، إلا أنه سمح لها بنهاية المطاف بمتابعة سيرها إلى مقصدها (ثمة حذف هنا) كشف عن زيادة كبيرة في نشاطات جبهة التحرير العربية في تلك الآونة ، وأوردت تقارير عن افتتاح العديد من المكاتب ، وعن تزايد عدد المقاتلين ، وازدياد ما يردهم من كميات الأسلحة، وحتى ذلك الحين كانت "جبهة التحرير العربية" منظمة خاملة نسبياً ، وليس لها نشاطات تذكر ، سواء ضد "إسرائيل " أو في لبنان والأردن.

2. قوات الأنصار :
تغيّر موقف الأحزاب الشيوعية العربية من النشاط الفدائي في عام 1969، إذ تحول من المعارضة إلى الدعم أولاً، ومن ثم ارتدت الأحزاب الشيوعية العربية بزة العمل الفدائي ، وانتقلت إلى التأسيس الفعلي لمنظمة فدائية شيوعية ، وعكس هذا التحول صعود نجم الفدائيين ، وتعاظم شعبيتهم ، وتنامي مخاوف الحركات الشيوعية من العزل والتهميش من قبل القوى الراديكالية الأخرى في العالم العربي، وهذا إضافة إلى التطور الذي طرأ بشكل متزامن على السياسة السوفييتية.

وكانت الأحزاب العربية وفيةً بدرجات متفاوتة للنهج السوفييتي والخط الذي سارت عليه السياسة السوفييتية في الشرق الأوسط، والتي لم تكن مقبولة بالنسبة للفلسطينيين، ألا وهي مساندة الحل السلمي الذي لم يكن يعني لهم سوى الاستسلام والقبول بحق "إسرائيل " في الوجود، أي مجرد دعم مطلب استرداد العرب للأراضي التي احتلتها "إسرائيل " في عام 1967 ، وليس تحرير العرب لفلسطين كاملة واستعادتها برمتها ، وفيما اقترب الشيوعيون العرب من تبني موقف مناصر للحركة الفدائية الفلسطينية مراعاة للمناخ المحلي وللمشاعر العربية، حاولوا جاهدين من دون أن يفلحوا إقحام لون من التوفيق القسري ، وإيجاد قدر من الانسجام بين موقفين متناقضين في الصميم، موقفهم هم، وموقف الفدائيين (2) .

وفي اجتماع عقد في منتصف عام 1968 مع الشيوعيين العرب في موسكو، وفي مؤتمر آخر عقدته لاحقاً الأحزاب العربية أفلح ضغط السوفييت في حمل هذه الأحزاب على النأي بنفسها والتبرؤ من سياسة الغارات الفدائية المعادية ل"إسرائيل " وعلى امتداد سنة 1968 عارضت معظم الكتابات الشيوعية التي تناولت هذا الموضوع مثل هذه النشاطات التي جرى تصويرها على أنها تلحق بالقضية العربية بأسرها ضرراً بالغاً ، وكان الحزب الشيوعي اللبناني أول من حاد عن هذا النهج، وتنصل من هذا الخط ، وأسس لعلاقات ذات مغزى مع الجماعات الفدائية (3) .

وبعد أن بدأت كفة هيمنة وزير الدفاع السوري حافظ الأسد على النظام السوري ترجح، وبدأ يستولي على مقاليد الحكم في سوريا أخذ ضرب من التوتر الشديد يستفحل بين الحزب الشيوعي السوري والنظام ، وظهر في هذه الآونة ذاتها تقرير يفيد بأن الحزب كان يحاول إنشاء جماعة فدائية لن تكون مرتبطة بالحزب بصورة مكشوفة ، على أن تكون غاية هذه الجماعة الحقيقية دعم الحزب في سوريا إذا أصبح هذا ضرورياً ، ووفقاً لهذا التقرير كانت السفارة السوفييتية في دمشق تدعم تشكيل الجماعة هذه ، كما أن اتحاد الشيوعيين اللبنانيين المنشق كان قد قضى فترة من الزمن تعامل خلالها مع فتح والصاعقة والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكان يفكر بإقامة منظمة فدائية خاصة به ، وثمة كذلك حزب ثالث شيوعي لبناني ، وهو حزب موال للحزب الماركسي اللينيني- الصيني ، وكان يفكر بالتعاون مع الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين في أوائل عام 1969 ، وصرح زعيمه كمال شاتيلا في فبراير/ شباط من عام 1969 بأن هذا التوجه سيعتمد على ما إذا كان الجناح الماركسي من حركة القوميين العرب (أي بمعنى آخر، الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين) قد رفض الخط السوفييتي الذي يحبذ حلاً سلمياً.

وفي فبراير/ شباط من عام 1969 التقى ممثلون عن فتح بالحزب الشيوعي اللبناني ممثلاً أبرز قادته الذين التمسوا المشاركة في نشاطات فتح السياسية ، وفي جمع التمويل في لبنان.

وقال رئيس وفد فتح صلاح خلف : إن اللجنة اللبنانية لدعم النشاط الفلسطيني والفدائي كانت أداة فتح وسبيلها للظفر بالدعم السياسي في لبنان ، وأنه ينبغي أن ينضم الحزب الشيوعي اللبناني إلى تلك الجماعة ، واشتكى خلف من أن دعم الحزب الشيوعي اللبناني للفلسطينيين كان محدوداً جداً ومقصوراً على تبني سياسة "إزالة آثار عدوان حزيران 67" (وهي العبارة التي طالما ظل السوفييت يستخدمونها لتعني استعادة الأراضي التي احتلت في عام 1967).
وردّ الناطق باسم الحزب الشيوعي اللبناني كريم مروة (وهو الذي كان ينشر أيضا جريدة النداء الشيوعية) قائلاً : إن هذا لم يعد صحيحاً الآن ، وأن النهج قد تغير، وأن الحزب الشيوعي اللبناني ينادي حالياً بتصفية دولة "إسرائيل " وإقامة دولة فلسطينية ثنائية القومية ، وأرادت فتح أن يبرز لها الحزب برهاناً على حدوث هذا التغيير، وقال مروّة : إن الحزب الشيوعي اللبناني سوف يصدر بياناً عمّا قريب ، يوضح فيه أبعاد هذا التغيير ، إلا أن هذا لم يحدث على أية حال.

وعوضاً عن ذلك اجتمع الحزب الشيوعي اللبناني في أوائل أبريل من عام 1969 وأكد بعبارات يكتنفها الغموض وتشوبها العموميات دعم الحزب للمقاومة الفلسطينية وللعمل الفدائي ؛ شريطة ألا يقود هذا إلى تفجير أزمات لبنانية داخلية، وفي مايو/أيار قال ناطق باسم الحزب الشيوعي اللبناني : إن الخط الذي كان ينتهجه حزبه يختلف عن خط الحزب الشيوعي الأردني (4) .

وذكرت التقارير أن فتح التمست خلال اجتماع عقد في مارس/آذار المساعدة في جمع الأموال، وتأمين المأوى لمقاتلي فتح ولدعم المجهود الإعلامي والدعائي كما التمست أن يمارس الحزب الشيوعي اللبناني ضغطاً على الحزب الشيوعي الأردن لتغيير بعض مواقفه المتشددة في ولائه للخط السوفييتي، وعرضت فتح مقابل هذا قبول متدربين من الحزب الشيوعي اللبناني في صفوفها، ولم يتضح مدى ما بلغه الاتفاق الفعلي وما هي آفاقه، إلا أن العديد من أعضاء الحزب الشيوعي اللبناني بينوا أنه بحلول الأيام الأولى من شهر أبريل /نيسان كان الحزب يجمع بعض التمويل لفتح.

وفي اجتماع عقد في يوليو/تموز أوردت التقارير أن الحزب الشيوعي عرض تعاوناً أكبر مع فتح شريطة أن تقطع علاقاتها مع اتحاد الشيوعيين اللبنانيين المنشق غير أن فتح رفضت هذه الرشوة.

ويوحي أحدث هذه التقارير أن العلاقات بين الجماعتين كانت لا تزال سلسلة وتدعم تقارير أخرى هذا الاستنتاج.
ووفقاً لإحدى الروايات فإن مروّة التقى أيضا بزعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش في ربيع عام 1969 ووافق على البدء بالتعاون مع جماعته طامعاً من خلال هذا بتحييد مكائد عرفات ، وإجهاض ما يتفتق عنه دهاؤه في يوليو ، أوردت التقارير أن قراراً للحزب الشيوعي اللبناني دعا للتعاون مع الصاعقة وجبهة التحرير العربية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية الديمقراطية غير أنه ناشد الجميع توخي أقصى درجات الحذر في التعامل مع فتح.

3. الاتحاد السوفييتي يغير موقفه تجاه الفدائيين ويقرر دعمهم :
في خريف عام 1969 طرأ تحول على الموقف السوفييتي من الفدائيين، فلم يلبث أن انعكس هذا التغيير في الحال على النهج الذي كانت الأحزاب الشيوعية العربية قد اتخذته سبيلاً ، وارتضته سياسة ، ويبدو أن السوفييت قد تبنوا أخيراً الخط السياسي الذي كان ينتهجه الحزب الشيوعي اللبناني على مدى أشهر عدة، ألا وهو التأييد الصريح لحق الفلسطينيين في المقاومة وممارسة الكفاح المسلح (5) .

وفي أوائل سبتمبر/أيلول ذكرت التقارير أن المسؤولين في السفارة السوفييتية في بيروت أبلغوا المسؤولين في الحزب الشيوعي اللبناني أأن السوفييت قرروا دعم الفدائيين الذين يقاتلون من أجل التحرير الوطني ، وأن الدعم السوفييتي لقرار الأمم المتحدة لن يعيق تأمين الدعم لمثل هذه القضايا.

وفيما تحول السوفييت واقتربوا كثيراً من موقف الحزب الشيوعي اللبناني قرر هذا الحزب تطوير خطه وتعديل مساره ، وعدم الاقتصار على دعم الكفاح المسلح بالكلمة ، والتحرك باتجاه المشاركة الفعلية في ذلك الكفاح.

وفي سبتمبر/أيلول أرسل الحزب الشيوعي اللبناني بوفود إلى كل من الأردن وسوريا يقترح على الحزبين الشيوعيين الأردني والسوري تأسيس لجنة تنسيق لدراسة وتدبّر أمر المشاركة الشيوعية في حركة المقاومة ، وتظاهر السكرتير الأول في الحزب الشيوعي الأردني فؤاد نصار بالترحيب بهذا الاقتراح وصرّح بذلك علناً، إلا أنه استدرك فقال: إن حزبه ينبغي أن يدرس هذه القضية.

وساند السوريون اللبنانيين ووافقوهم على كل النقاط محل النقاش، وقال مسؤولو الحزب الشيوعي اللبناني لاحقاً : إنهم شعروا بأن الحزب الشيوعي السوري الذي عهد عنه واشتهر بالتزامه المتزمت بالخط السوفييتي بحذافيره دون أن يبدي أي مرونة، قد تلقى للتو موافقة السوفييت على الاقتراح، وأثناء زيارة وفد الحزب الشيوعي اللبناني لسوريا استقبل السفير السوفييتي في دمشق موخيتدنوف مسؤولي الوفد ، وأكد حصول هذا التغير في اتجاه السياسة السوفييتية.

وبحلول خريف عام 1969 شرع أعضاء الحزب الشيوعي اللبناني بتلقي تدريب على العمل الفدائي في سوريا ، وأتم العديد من الجماعات التي تتكون الواحدة منها من رجال يتراوح عددهم بين 80 إلى 100 شخص دورات تدريبية في سوريا تستغرق الواحدة منها ثلاثة أسابيع في فترة نهاية العام، وأوردت التقارير أن أعضاء من الحزب الشيوعي اللبناني جرى إرسالهم في جماعات صغيرة إلى الأردن للتدرب على أيدي "مجموعة فدائية من الجناح اليساري".

وكانت هذه المجموعة المشار إليها (حذف هنا) هي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقيل أيضا : إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت تتعاون كذلك مع الحزب الشيوعي اللبناني اعتباراً من ديسمبر/كانون الأول 1969 لتأسيس قواعد في جنوب لبنان.
وثمة تقارير أيضا تفيد بأن مسؤولي الحزب الشيوعي اللبناني قد التقوا حبش في مطلع الخريف ووافقوا على التعاون، حيث ارتضى الحزب الشيوعي اللبناني القيام بدور الوسيط لحساب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع السوفييت لتدبير زيارة لحبش إلى موسكو (6) .

وفي خريف عام 1969، وردت تقارير عن أن الحزب الشيوعي كان يسعى أيضا للحصول على كمية من الأسلحة الخفيفة، بعضها من سوريا، وقيل، حسبما ذكرت التقارير، : إن بعضها الآخر من فتح (7) .

وذكرت التقارير أيضا أن فتح وافقت من جهتها على تقديم أسلحة لبعض شيوعيي لبنان، وجاءت هذه الموافقة ثمرة لإبداء الشيوعيين مقاومة عسكرية لهجوم "إسرائيلي" على قرية عيترون اللبنانية، إلا أنه أواخر أكتوبر ذكرت التقارير أن مسؤولي الحزب الشيوعي اللبناني لم يحرزوا سوى تقدم طفيف في مفاوضاتهم للحصول على الأسلحة ، سواء من سوريا أو من فتح، مع إنهم حصلوا بالفعل على بعض الأسلحة من فتح لقاء تزويدها ببعض المؤن ، وبعض المرشدين اللبنانيين الخبراء بتضاريس جنوب لبنان ومداخله ومخارجه.

ثم ظهرت تقارير أخرى تؤكد أن فتح عادت فقدمت المزيد من الأسلحة للحزب الشيوعي اللبناني.
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني قال مسؤول في الحزب الشيوعي اللبناني : إن حزبه منهمك في تنظيم وإعداد وتدريب ميليشيا مسلحة مؤلفة من أناس سيتم إمدادهم بالأسلحة (وسيدفع كل عضو منهم ثمن ما يحصل عليه من سلاح) وتدريبهم على استخدامها.
وفي غضون ذلك ذكرت التقارير أن الحزب الشيوعي السوري عقد سلسلة اجتماعات في أكتوبر/تشرين الأول لمناقشة الخط السوفييتي "الجديد" والموقف الذي اتخذه الاتحاد السوفييتي تجاه الفدائيين (8) .

وفي جولة محادثات (حذف هنا) عقدت في منتصف أكتوبر/تشرين الأول قال الأمين العام للحزب الشيوعي السوري خالد بكداش : إن حزبه شرع بتوفير دورات تدريبية عسكرية لبعض أعضائه ليتمرسوا في العمليات القتالية الفدائية ، آخذاً بعين الاعتبار تأسيس وحداته الخاصة به ، إلا أنه أحجم الإعلان عن ذلك ؛ لأنه لم يشأ استثارة شكوك النظام السوري الذي تربطه به علاقة ودية حميمة.
وفي بداية نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1969 ذكرت التقارير أن الحزب الشيوعي الأردني قرر هو الآخر أيضا تأسيس المنظمة الفدائية الخاصة به، وأنه تلقى تطمينات بأن السوفييت سوف يمدونه بالسلاح والمال ، وكان لهذه النقلة أهمية كبيرة ، لا سميا وأن الحزب الشيوعي الأردني ظل من الناحية التقليدية أشد معارضة للنشاطات الفدائية من أي حزب شيوعي عربي آخر، الأمر الذي كان يثير آنذاك الكثير من التساؤلات والشكوك حول حقيقة توجهاته ومنطلقاته، وبخاصة أن الساحة كانت تضج بقعقعة سلاح الفدائيين ، ودعواتهم للقتال من أجل التحرير.

وكان الحزب الشيوعي الأردني قد عانى على ما يبدو من انقسام ، بل وانشقاق حول هذا الموضوع لأشهر عدة بسبب موقفه الأساسي المتصلب (9) ، وفي نهاية المطاف استقر رأي الحزب على أن سياسته المعهودة بالنأي بنفسه عن الانخراط في العمل العسكري والاحجام عن قتال "إسرائيل " قد ألحقت به ضرراً بالغاً على صعيد انتشاره الشعبي وقبول الناس له ، وأنه يجب أن يشارك في الكفاح لينقذ وضعه المتردي وإلا اندثر.

غير أن هدفه سيكون من الآن فصاعداً "إزالة العدوان "الإسرائيلي" وليس تدمير دولة "إسرائيل ".
وقالت تقارير وقتها : إن تدريب عناصر الحزب الشيوعي الأردني على فنون القتال الفدائي وعملياته قد شرع بالتبلور وينحو نحو اتخاذ خطوات عملية في نوفمبر/تشرين الثاني.

4. قرار تشكيل قوات الأنصار :
ذكرت تقارير أن ممثلي الأحزاب الشيوعية في العراق وسوريا والأردن ولبنان اجتمعوا في نوفمبر/تشرين الثاني 1969 واتفقوا على تأسيس منظمة قوات أنصار مشتركة، على ألا يتم هذا العمل رسمياً أو علنياً حتى ربيع 1970.

واتفق الممثلون على أنهم سيقومون في هذه الأثناء بتعزيز العلاقات مع المنظمات الفدائية القائمة، وتجنيد عناصر من المقاتلين الشيوعيين في تلك المجموعات، وعندما يتم الإعلان عن "منظمة الأنصار" الشيوعية، سوف يتخذ قرار بسحب هؤلاء المقاتلين أو إبقائهم في المنظمات التي انضموا اليها.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول اجتمع ممثلو الأحزاب الأربعة في موسكو مع سوسلوف وبونوماريف، وقيل : إنهم تلقوا وعداً بالدعم.
وفي منتصف فبراير/شباط 1970 قيل : إن ترتيبات كانت جارية ليرسل كل حزب عناصر منه إلى موسكو ليتلقوا برنامج تدريب على حرب العصابات.

وفي حين بقي تشكيل القوة المشتركة معلقاً، واصلت الأحزاب المختلفة عملياتها الخاصة بها ، وقيل : إن الحزب الشيوعي اللبناني أخذ في بداية يناير/كانون الثاني يحرك مصادره في جنوب لبنان لتشكيل جماعة مسلحة.

وفي منتصف يناير وزع الحزب منشوراً يدعو الشيوعيين في الجنوب اللبناني للمسارعة إلى الدفاع عن القرى ، وإلى تنظيم لجان مقاومة شعبية.
وفي أبريل /نيسان 1970 أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني تحليلاً للأحداث الأخيرة قال فيه : إن أحد أهم هذه الاحداث تمثل في تشكيل الحرس الشعبي ، وذكر أنه من أجل تمويل هذه القوات فإن ضريبة إلزامية سيتم فرضها بنسبة خمسة في المائة على دخل كل عضو في الحزب (10 ).

وكان الحزب الشيوعي اللبناني يعاني، حسبما قيل، من مصاعب مالية في يوليو/تموز 1970 نتيجة لعبء دعم كل من الميليشيات الشعبية في جنوب لبنان، وقوات الأنصار في الأردن.
في أواسط مارس/ آذار ميّز أحد المصادر من الناحية النظرية بين قوات الأنصار التي كان هدفها المعلن هجومي (أن تهاجم العدو وتقاتله) وبين وحدات الحرس الشعبي التابعة للحزب الشيوعي اللبناني، التي كانت مهامها ووظائفها دفاعية (لحماية لبنان من هجوم "إسرائيلي").

وكان الحزب الشيوعي اللبناني يواصل في تلك الآونة الحفاظ على علاقات مع شتى جماعات الفدائيين ، وفي تحليله الذي نشره في أبريل قال المكتب السياسي : إن العلاقات تحسنت مع منظمة الصاعقة وفتح وجبهة التحرير العربية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويقال : إن جبهة التحرير العربية وافقت على تدريب أعضاء الحزب الشيوعي اللبناني، ووافقت فتح على انضمام عناصر غير فلسطينية إلى صفوفها، بل وعلى قبول شخصيات غير فلسطينية في قيادتها العليا، وأن تقبل بشيوعيين باعتبارهم من أعضائها، وقال المكتب السياسي : إن هؤلاء الشيوعيين وقد حصلوا على موافقة الحزب الشيوعي اللبناني على الانضمام إلى جماعة فدائية حزبية شيوعية منفصلة لتلقي التدريب سوف تستمر طاعتهم لقيادة حزبهم "ولن يشكلوا تنظيمات فدائية حزبية شيوعية منفصلة عن الحزب".

5. الحزب الشيوعي الأردني يشكل "الأنصار" :
في السابع من مارس/ آذار من عام 1970 باغت الحزب الشيوعي الأردني الجميع بإعلانه عن تشكيل قوات الأنصار، وبيّن الحزب أن هذه القوات ستنضم إلى الكفاح المسلح، وقال : إنها تستجيب بذلك لطموحات ونداءات أتباعه الداعية للتعاون مع الفدائيين ودعم تنظيماتهم، كما بيّن الحزب الأردني أن قوات الأنصار سوف تدافع عن حق الشعب بتحقيق ما أطلق عليه الغاية الوطنية العظمى لحركة المقاومة، والمتمثلة بتحرير فلسطين، وكان هذا تصرفاً أحادياً أقدم عليه الحزب الشيوعي الأردني ..

وذكرت التقارير أن هذه الخطوة أذهلت حتى الحزب الشيوعي اللبناني، ويقال : إن الحزب الشيوعي الأردني شعر بأنه وبنتيجة أزمة فبراير/ شباط في الأردن، ينبغي عليه إما أن يتخذ موقفاً قوياً، في دعم المقاومة، أو أن يخسر مكانته وينحسر، وهكذا بدا هذا التنظيم الوليد (قوات الأنصار) لبرهة من الزمن وكأنه نتاج استأثر الحزب الشيوعي الأردني بصناعته ، ولم يكن مشروعاً مشتركاً ساهمت الأحزاب الأربعة الأخرى بإنتاجه (11) .

6. رفض طلب "الأنصار" :
في نهاية مارس/ آذار 1970 تم رفض طلب قوات الأنصار للانضمام لعضوية القيادة الموحدة للفدائيين بسبب الفيتو الذي صدر عن فتح ، وكان السبب الذي أعلنته فتح أن قوات الأنصار غير مقبولة لأنها تحبذ الحل السلمي.

وفي بداية مايو/ أيار قال عرفات : إن فتح لن تعترف بالأنصار إلى أن تعلن الجماعة عن سياساتها ، وأضاف أنه إذا كان هدف الجماعة الرئيسي هو فقط "ازالة آثار عدوان الخامس من يونيو/ حزيران 1967، فمن الأفضل لها أن تبقى حيث هي، لأننا لسنا على استعداد لقبول حل غير متكامل".

وأكد أعضاء فتح في مجالسهم السرية أن "الأنصار" ربما يحاولون استخدام الحركة لدعم سياسات السوفييت في الشرق الأوسط، وركزوا على حقيقة خضوع الأنصار لموسكو (12) .
باستثناء فتح فإن جبهة النضال الشعبي، والهيئة العاملة لتحرير فلسطين، وجميع الأعضاء الآخرين في القيادة الموحدة للفدائيين دعموا قبول الأنصار في تلك القيادة، وذكر تقرير داخلي للأنصار في بداية أبريل / نيسان إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت الأكثر دعماً للجماعة، حيث قدمت المساعدات والتدريب، وأن الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين قدمت أيضا دعماً لا يستهان به (13).

وتدل الوقائع على أن الجبهتين الشعبية والديمقراطية كان يحدوهما الأمل بتشكيل تحالف مع الأنصار ضد فتح، وربما كان يراودهما أمل في أن ذلك سوف يكسبهما دعم السوفييت ، وقدمت الصاعقة الدعم أيضا، وكذلك أبدت جبهة التحرير العربية استعداداً لفعل ذلك، وفي منتصف يونيو/ حزيران علق زعيم في الحزب الشيوعي اللبناني (نديم عبدالصمد) قائلا: طالما أن فتح ضد الشيوعية أساساً، فليس بالإمكان أن يعمل الحزب الكثير مع فتح على قاعدة ثابتة، وأعرب عن أسفه لذلك معترفاً بأن فتح أهم المنظمات الفدائية، وقال عبدالصمد : إن علاقة الحزب الشيوعي اللبناني مع الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أقوى من علاقته مع أي من المنظمات الفدائية الأخرى.

7. الأحزاب الشيوعية تختار الأردن مركزاً سياسياً ولبنان قاعدة إعلامية :
في أوائل أبريل /نيسان من عام 1970 التقى ممثلو الأحزاب الشيوعية الأربعة المشاركة مرة أخرى في العراق لمناقشة الخطوات التي ينبغي اتخاذها لاحقاً في خضم عملية تشكيل قوات الأنصار ، والتي تشمل تقوية القواعد والتخطيط للعمليات وجمع التمويل (14) .

وكان هناك جدل عريض ثار بشأن الخط السياسي الذي ينبغي انتهاجه، إلا أنه جرى الاتفاق على أن البيان الذي أصدره الحزب الشيوعي الأردني في مارس/آذار ينبغي أن يكون الأساس في تحديد معالم السياسة وتعريفها ، وأنه يجب أن يلتقوا مرة أخرى في مايو/أيار للتحضير لبيان سياسي.

واتفق على أن عمان ينبغي أن تكون مركزاً سياسياً لقوات الأنصار، في حين تخدم بيروت الأنصار بصفتها قاعدة إعلامية، كما اتفق على إقامة مكتب في كل واحدة من العواصم العربية الأربع.

وقررت الجماعة ألّا ترفع طلبات قبولها في قيادة الفدائيين الموحدة في ذلك الوقت حتى لا تظهر بذلك بمظهر الطرف الضعيف.
واتخذت بعض الخطوات على ما يبدو في شهر أبريل /نيسان لتعزيز قوى الأنصار ، وطلب إلى أعضاء الأحزاب الأربعة والمناصرين لهم والمتعاطفين معهم بأن يدخروا جزءاً من مرتباتهم الشهرية (5% وفقاً لأحد التقارير) وان يبعثوا بهذه الإسهامات إلى لجنة الإدارة في عمان ، وقيل : إن تنظيم الحزب الشيوعي الأردني برمته انهمك في التفتيش عن قواعد ومكاتب لقوات الأنصار ، وكانت أربعة مكاتب إقليمية قد افتتحت في الأردن (15) ، وأنشئت القواعد لقوات الأنصار بالتدريج ، حيث أقيمت على أساس إنتاجي ، وعلى مبدأ أن تدعم نفسها بنفسها.
عندما اجتمع ممثلو الأحزاب الشيوعية الأربعة مرة أخرى في عمان في أواخر مايو/أيار لوضع برنامج سياسي وصياغة خطاب عام يفصح عن ماهية هذا البرنامج ، ويحدد معالمه ، لم يكن أحد منهم قد أعد مسودة باستثناء الوفد السوري، الذي كان قد أعد بياناً يدعو إلى "تحرير فلسطين".

فإما أن الممثلين لم تكن لديهم توجيهات واضحة صريحة من قياداتهم الحزبية ، أو أنهم شطحوا فتجاوزوا تلك الإرشادات، وذلك لأن القرار الذي جرى تبنيه من قبلهم بأن يعبروا بصياغة ولغة لا لبس فيها عن موقف قوات الأنصار السياسي ، ولم يكن أي من الأحزاب ذاتها قد ذهب إلى هذا المدى في خروجه عن الخط الشيوعي السوفييتي، ولم يكن أي منها مستعداً للقيام بهذه الخطوة في هذه الآونة.

ولا شك أن السوفييت كانوا منزعجين من هذا الحدث فعقب هذا الاجتماع بوقت قصير ذكرت التقارير أن السفارة السوفييتية أخّرت إرسال رسالة كان الحزب الشيوعي اللبناني قد أعدها بشأن الأنصار ، وكان من المقرر توزيع هذا الخطاب على الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم.

وتقول الرسالة : إن الأنصار يقاتلون مع المنظمات الفدائية الأخرى لتمكين الفلسطينيين من ممارسة حقهم المشروع في حكم أنفسهم بأنفسهم وتقرير مصيرهم".
وفي حين لم تناقض هذه الصياغة بحد ذاتها موقف الاتحاد السوفييتي من الحقوق الفلسطينية فإن السوفييت قرروا على الأرجح أنه ينبغي عليهم إعادة النظر في ارتباطهم المباشر بجماعة شيوعية سجلت رقماً قياسياً في دعمها ل "تحرير فلسطين".

وجاء المزيد من التأكيد على جنوح السوفييت إلى التهدئة فيما يتصل بقوات الأنصار من خلال ردة الفعل التي أبدوها تجاه الوفد الحزبي الرباعي الذي سافر إلى أوروبا الشرقية التماساً للعون في أواخر يوليو/تموز، وقبل أن تغادر هذه المجموعة تلقى الحزب الشيوعي اللبناني رسالة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي تقول فيها : إنها لا تستطيع استقبال وفد في عز الصيف، إذ إن سوسلوف وستة قادة آخرين كانوا غائبين، وأنه ينبغي على الوفد أن يزور جميع البلدان الأوروبية الشرقية الأخرى قبل زيارة الاتحاد السوفييتي، وأنه لم يكن هناك دليل حتى الآن على أن الأنصار كانوا يقومون بنشاطات مهما كان نوعها.

ويبدو من الواضح أن الأسباب المعطاة كانت خداعة ومقبولة ظاهراً ، وأن السوفييت كانوا وببساطة مترددين يجرجرون أقدامهم ، ويتحاملون على أنفسهم بخصوص مساعدة الأنصار.

8. التنظيم والعمليات :
قدرت الحكومة الأردنية أعضاء قوات الأنصار في الأردن بنحو 120 حتى أواخر مايو/أيار، في حين قدرتها "النيويورك تايمز" ب 300 مقاتل مسلح في سبتمبر/أيلول (16).

وكان لقوات الأنصار عدد من المكاتب في منطقة عمّان للتجنيد ونشر الدعاية وغير ذلك ، وتبعا لصحيفة "التايمز"، فإن قائد قوات الأنصار هو أبو موسى، فلسطيني عاش في العراق لسنوات عديدة قبل أن يأتي إلى الأردن ليتولى مسؤولية المجموعة الجديدة ، وفي غضون ذلك كان جيش التحرير الفلسطيني يجري تدريبات وفقا للاتفاقية التي وقعت بين المنظمة وقادة جيش التحرير الفلسطيني الموالين للشيوعيين، بمن فيهم عبد الرزاق اليحيى ووديع حداد (17) .

وبالتنسيق مع جيش التحرير الفلسطيني، قيل : إن قوات الأنصار كانت خلال الربيع تحاول الحصول على شحنة من الأسلحة الخفيفة من مصدر في أوروبا الشرقية، عبر سوريا، ولكن فتح سعت بوضوح إلى منع ومصادرة هذه الشحنة، ونجحت في ذلك بعض الشيء (18) .

وذكرت التقارير أن عرفات طلب من الحكومة السورية مصادرة الشحنة، وفي منتصف مايو/أيار علمت سلطات الأمن الأردنية أن السوريين قاموا بمصادرة شحنة كبيرة من الأسلحة كانت تنقل عبر سوريا ، وزعموا أنه كان سيتم تهريبها إلى الأردن.(يوجد حذف) سوريا بمساعدة جيش التحرير الفلسطيني اعترضت طريق تلك الأسلحة (حذف) اعتقادا بأن وديع حداد كان يحاول إخفاء حقيقة أنه كان متورطا في خطة تهريب تلك الأسلحة، وهي عملية كانوا يعرفون أن عرفات لن يوافق عليها.

وسابقا قامت فتح بعملية مداهمة لمنزل يحتوي على كمية من الأسلحة التابعة لقوات الأنصار وصادرتها بالكامل، وقد حدث ذلك خلال أزمة فبراير/شباط 1970 في الأردن، وظلت قوات الأنصار لأشهر تحاول معرفة المسؤول عن ذلك.

وعلى كل حال في الصيف اتضحت الصورة حول مؤونة قوات الأنصار، في منتصف يونيو/حزيران 1970، قال عضو في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني لصديق : إن بلغاريا كانت تزود قوات الأنصار بالسلاح والعربات وغيرها من المعدات، وإن الأسلحة وصلت من بلغاريا والاتحاد السوفييتي وتم توزيعها على قوات الأنصار بواسطة جيش التحرير الفلسطيني في الأردن ولبنان.

وقال أيضا : إن قوات الأنصار خضعت لدورات تدريب في بلغاريا لمدة تراوحت بين 3 و6 أشهر، وإن أول دفعة من المتدربين عادت سلفا إلى لبنان ، والتحقت بميليشيا الحزب الشيوعي اللبناني في جنوب لبنان ، وذكرت التقارير أن وفد قوات الأنصار الذي قام بجولة في أوروبا الشرقية في أوائل أغسطس/آب، قد عاد بوعود غامضة بالمساعدة من قبل جميع البلدان التي زارها باستثناء ألمانيا الشرقية التي وعدت بألف بندقية كلاشينكوف (يتم إرسالها عبر سوريا)، ومواد طبية وخيام، وأغذية سيتم إرسالها عبر لبنان، وسوف تكون جاهزة للنقل بحلول الأول من سبتمبر/أيلول .

وفي أوائل سبتمبر/أيلول قيل : إن قوات الأنصار تلقت في بيروت شحنة من الأسلحة قادمة من بولندا.

وحتى يوليو/تموز 1970، لم تكن هناك أي معلومات عن انخراط قوات الأنصار في أي عمليات مضادة ل "إسرائيل " (19) .
(يوجد حذف) لم تكن سياسة قوات الأنصار تهدف إلى القيام بعمليات في المناطق المحتلة، وقال : إن السفارة السوفييتية في عمّان كانت تعارض قيام قوات الأنصار بعمليات في الضفة الغربية، ربما لأن المجموعة لم تكن قوية كفاية ، وقوات الأنصار حتى هذه المرحلة التزمت بمبدأ عدم المشاركة في نشاطات مسلحة ، واشترطت اتفاقية وقعت في أواخر مايو/أيار، بين الحزب الشيوعي اللبناني وقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، أنهما لن يقوما بأعمال تخريبية ضد المصالح الأمريكية في لبنان، على اعتبار أن ذلك قد يتسبب في طلب المساعدة الأمريكية، ولن يلجأ الطرفان إلى العنف إلا في حال تعرض لبنان للاحتلال أو الغزو من قبل "إسرائيل ".

على كل حال كان هذا المبدأ محل تساؤل بين صفوف جيش التحرير الفلسطيني في صيف عام 1970 وفي يونيو/حزيران قال أحد قادة الحزب الشيوعي اللبناني، وهو نديم عبد الصمد : إن النفط كان أحد الأسباب الرئيسية المحتملة للوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، وإن الحزب الشيوعي اللبناني يعتقد جدياً (في ضوء تحليل حبش) أنه إذا ما باعت الولايات المتحدة المزيد من طائرات الفانتوم ل "إسرائيل "، فيجب تجريد الولايات المتحدة من سيطرتها على النفط، مشيرا إلى تفكير في استهداف شحنات النفط.
وعلق مسؤول آخر في الحزب الشيوعي اللبناني في أوائل يوليو/حزيران أنه في الوقت الذي لا يوافق فيه الحزب الشيوعي اللبناني على ضرب المصالح الأمريكية لأن ذلك سيؤدي إلى تدخل الولايات المتحدة، فقد يتعرض الحزب للعزل إن لم يوافق ، وقال : إن الحزب الشيوعي اللبناني قد يتعرض لتهم من قبل الفدائيين بأنه يتعاون مع الأمريكان على صعيد التوصل لحل سلمي، وعليه فإن التحليل الأخير الذي توصل إليه الحزب يقضي بضرورة الموافقة على فكرة استهداف المصالح الأمريكية من أجل ضمان استمرارية الحزب.

وكانت الأحزاب العربية تواجه معضلة أخرى في أغسطس/آب مع قبول الجمهورية العربية المتحدة والأردن (وأيضا لبنان) بالعرض الأمريكي لوقف إطلاق النار ، وباتباع الخط السوفييتي في الموافقة على العرض، غامرت الأحزاب بعلاقاتها من الفدائيين وخصوصا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

(يوجد حذف) في هذه المرحلة شعر الحزب الشيوعي اللبناني أنه سيواصل محاولة التعاون مع الفدائيين في الوقت الذي سيحاول فيه أن يشرح لهم عروض السلام ، وقال : إن الحزب الشيوعي اللبناني سيبذل جهدا أكبر لتطوير علاقات جيدة مع الفدائيين، ولكن إذا أمرت موسكو في قطع هذه العلاقات فإنه سوف يستجيب.
وفي سبتمبر/أيلول 1970 قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني عدم مواصلة التعاون مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لأن المنظمة تبنت موقفا عدائيا جديدا من الشيوعيين العرب الذين دعموا موسكو، وخلصت قيادة الحزب الشيوعي اللبناني إلى أنه لا بد من اتخاذ إجراءات ضد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بما في ذلك وقف المساعدات المادية، وإطلاق حملة إعلامية مناهضة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وتبعا ل (يوجد حذف)، خرجت قوات الأنصار من الحرب الأهلية الأردنية في سبتمبر/أيلول 1970، أشد قوة بعد أن أثبت أفرادها جدارتهم في قتال عمّان.

وعلى كل حال فقد أشار أحد التقارير إلى أن قوات الأنصار لم تشارك في القتال إلا بعد انطلاقه بثلاثة أيام لأنها لم تتلق التعليمات بالمشاركة من جميع القيادات الشيوعية، ولم يأت الأمر النهائي بالمشاركة من السوفييت إلا في وقت متأخر بعض الشيء.
وحسب التقارير خسرت قوات الأنصار في القتال نحو 28 مقاتلا، كما جرح نحو 100 آخرين من أفرادها، وعليه فإنها أصبحت ضعيفة من حيث عدد القوات، برغم أن مكانتها قد ارتفعت بسبب هذه المشاركة.

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 11-06-09, 06:58 AM

  رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

9. المجلس الوطني الفلسطيني.. خلافات ومساومات :
قبل أن تسيطر فتح على منظمة التحرير الفلسطينية في فبراير/ شباط 1969، كانت هناك محاولات فاشلة من قبل منظمات مختلفة لتحقيق شيء من الوحدة داخل الحركة الفلسطينية ، وكان البيان المشترك لمنظمة التحرير الفلسطينية وفتح من جهة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من جهة أخرى في 8 مارس/ آذار 1968، قد أظهر بعض التقدم من خلال التركيز على توحيد النضال، و الدعوة إلى اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني لمناقشة القضية.

وفي مايو/ أيار 1968 اختارت المنظمات الثلاث ممثلين لحضور اجتماع المجلس الذي تقرر في يوليو/ تموز.
وعلى كل حال سرعان ما عادت حالة العداء بين تلك المجموعات ، وخصوصا بين فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وأشارت السفارة العراقية إلى تأجيل الإعلان عن أسماء أعضاء المجلس إلى مطلع يوليو/ تموز، لأن فتح رفضت اختيار حبش ليكون ممثلا عن الجبهة، نظرا لصدور حكم بالسجن بحقه في ليبيا، وكونه كان مسجونا في سوريا.

وفي المقابل اتهمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فتح بفرض ممثلين محددين ، وأعلنت أنها لن تشارك في اجتماع المجلس ، وعندما اجتمع المجلس فعليا في يوليو/ تموز فإنه لم يتمكن من الاتفاق سوى على طلب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يرأسها حمودة (رئيس سابق لمنظمة التحرير الفلسطينية) مواصلة مهامها لمدة 6 أشهر أخرى ، وأوكلت للجبهة مهمة تشكيل مجلس جديد.

وبين أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني ومطلع ديسمبر/ كانون الأول 1968، عقدت اللجنة اجتماعا في عمّان لهذا الغرض (20 ).

وخلال جلسة المساومات هذه قيل : إن ياسر عرفات طالب بأن تعطى فتح 50 مقعدا في المجلس الجديد الذي يبلغ إجمالي عدد مقاعده 105 ، وقد تم رفض هذا الطلب كما رفضت مطالبة عرفات لاحقا ب 40 مقعدا ، وعلى كل حال فإنه في ظل غياب ممثلين عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي قاطعت الاجتماع استطاعت فتح أن تحصل على 33 مقعدا (حصل كل من الصاعقة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على 12 مقعدا، والموافقة على قائمة أخرى مستقلة تضم ممثلين عديدين من فتح وموالين لحزب البعث السوري).

وكان ذلك بمثابة حجر الأساس في سيطرة فتح على المجلس ، وأبدى بهجت أبو غربية، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، معارضته لهيمنة فتح ، ومن ثم استقال ليصبح قائد جبهة النضال الشعبي، وهي عبارة عن مجموعة صغيرة من الفدائيين.

وعندما انعقد المجلس الوطني الفلسطيني في فبراير/ شباط 1969، كانت فتح تهيمن عليه بنسبة تتجاوز حصتها المقترحة من المقاعد، نظرا لأن جيش التحرير الفلسطيني وجناح الفدائيين التابع له (قوات التحرير الفلسطينية) قاطعت الاجتماع (21) . ونجحت فتح في الحصول على 4 أعضاء في اللجنة التنفيذية التي تتكون من 11 عضوا، فيما حصلت الصاعقة على عضوين، ومنظمة التحرير الفلسطينية على عضوين، في حين كان هناك ثلاثة أعضاء مستقلين.

10. قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني :
أنشأت اللجنة التنفيذية الجديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية هيئة للتنسيق العسكري أطلقت عليها اسم قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ، وتضم فتح وقوات التحرير الفلسطينية والصاعقة ، وفي سبتمبر/ أيلول 1969، قال رئيس قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، عبد الرزاق يحيى (أيضا قائد جيش التحرير الفلسطيني) : إن قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني تتكون من هيئتين ، هما المجلس الأعلى برئاسة عرفات ، واللجنة العسكرية برئاسة يحيى نفسه، ومن المفترض أن تتولى الهيئة الأولى القضايا ذات الطبيعة السياسية بشكل أساسي، ولكنها حتى سبتمبر/ أيلول لم تكن قد عقدت أي اجتماع.

أما الهيئة الثانية فقد كانت تضم قادة من مختلف المنظمات الفدائية ، وحاولت تنسيق العمليات، وحل الخلافات وغير ذلك ، وقال يحيى : إن عرفات كان بالاسم القائد الأعلى لقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، وكان هو(يحيى) قائد الأركان الرسمي، ولكنه كان في الحقيقة يزعم أنه رئيس المنظمة.

وكانت المهمة الأولى لقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني هي توحيد الدوريات الأمنية في شوارع عمّان ، وكانت المجموعة مسؤولة أيضا عن إصدار البيانات (22) .

وتمثلت إحدى المهام الرئيسية للقيادة في توسيع عضويتها، وقد حققت نجاحا معتبرا في إقناع عدد من المجموعات الصغيرة بالانضمام، والسبب في ذلك يعود بشكل رئيسي إلى خشية تلك المجموعات من أن تقضي عليها السلطات الأردنية إن لم تتوفر لها الحماية.

وفي ربيع 1969، انضمت الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطيني إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، ومن ثم انضمت جبهة التحرير العربية، وجبهة النضال الشعبي، والمنظمة العربية الفلسطينية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة (لم تنضم الهيئة العاملة لتحرير فلسطين لأن زعيمها، عصام سرطاوي كان يخشى من هيمنة فتح أكثر مما كان يخشى القمع الأردني ، وقد تردد أحمد جبريل زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، في الانضمام لأنه كان يخشى من هيمنة عرفات، وطالب في البداية أن تتم إعادة تنظيم قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، بما يتيح التمثيل المناسب لكل منظمة، غير أن خشيته من أن تشن القوات الأردنية هجموما ضد مجموعته في حال لم يكن محميا من القيادة، قد تغلبت على عدم حماسته للانضمام إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، فخضع للأمر الواقع في النهاية).
وبينما كانت هذه المنظمات الفدائية الصغيرة تنضم إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ظلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مترددة ، ففي بيانها في عدد يوليو من مجلتها "الهدف" طرحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين شروطها للانضمام إلى القيادة، ومشاركتها في المجلس الوطني الفلسطيني ، ودعت إلى تشكيل جبهة وطنية جديدة تضم المنظمات الفلسطينية من مختلف الأطياف، وطالبت بتعزيز الطبيعة الثورية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

11. المجلس الوطني الفلسطيني أيلول 1969 :
كان المجلس الذي اجتمع أعضاؤه مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول عام 1969 مشابهاً من حيث تكوينه لذلك الذي اجتمع في فبراير/ شباط، ما عدا تخصيص 24 مقعداً جديداً تسعة منها للجبهة الشعبية الديمقراطية ، وثلاثة للجبهة لتحرير فلسطين القيادة العامة ، ومقعدين لمنظمة فلسطين العربية، والبقية لمجموعات فلسطينية غير فدائية شتى، وتميزت الجلسات بالشقاق الحزبي والانقسامات في وجهات النظر والمزيد من الخلافات، وزعم قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة لاحقاً أنه كان أحرز نجاحاً باهراً في تقديمه للقضايا ، وطرحه للمسائل ، وعرضه للمطالب أمام اللجنة العسكرية للمجلس الوطني الفلسطيني، وطالب جبريل بتعاون ميداني كامل في ساحة المعارك بين شتى فصائل الفدائيين، كما طالب بأن تمد منظمة التحرير يد المساعدة المالية لجميع "المقاتلين"، وقال جبريل : إن المطالب حظيت بقبول حسن، مع إنه كان شبه متأكد من أن عرفات سيرى في هذه المطالب تحدياً لسيطرته ، وسوف يحاول الحيلولة دون تبني المجلس لها.

وتفجر العديد من الخلافات الأخرى أثناء انعقاد جلسات المجلس الوطني، وانتهت إحدى هذه الخلافات باستقالة ابراهيم بكر بصفته نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وروت التقارير أن بكر ألقى خطبة حماسية رنانة هاجم فيها كل الدول العربية وأنظمتها، وحض فيها على الثورة التي رأى أنها يجب أن تمتد إلى جميع البلدان العربية كي تكتسب دعماً عاملاً لفلسطين، واستثار خطاب بكر جدلاً حمي وطيسه واحتدم، وتحداه في لجته رجال من فتح في حين دعمته ، وأيدت موقفه الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين.

وخلال نقاش ساخن آخر أكثر أهمية أثار قائد جبهة الكفاح الشعبي أبوغربية تساؤلات متشككة بشأن حقيقة دعم فتح لقيام فلسطين علمانية تمنح العرب واليهود حقوقاً متساوية، على أساس أنه سيكون هناك عدد هائل من اليهود في فلسطين المستقبل، الأمر الذي يتعذر معه إنفاذ هذا بشكل علمي.

وكان الاجماع الذي تم التوصل إليه في ختام المؤتمر أن العدد الأساسي لسكان فلسطين من اليهود يجب أن ينحصر إما بهؤلاء اليهود الذين كانوا في فلسطين اعتباراً من عام ،1948 أو اليهود الفلسطينيين الذين كانوا في "إسرائيل " حتى عام ،1948 وهذا الموقف الذي اتخذه المجلس ، والذي تم التوصل إليه في المجالس الخاصة لم يكن ليتماشى أو ينسجم مع موقف فتح العام المعلن من هذه القضية، والذي يؤيد حقوقاً متساوية لجميع اليهود في "إسرائيل " الآن، باستثناء أولئك "الصهاينة" الذين لا يرغبون في البقاء في فلسطين.

12. قيادة الفدائيين الموحدة فبراير 1970:
في ديسمبر/ كانون الأول عام 1969 وجهت سهام الانتقاد إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ، وتهجمت عليها كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين، وذكرت التقارير أن جورج حبش التقى ممثل فتح صلاح خلف تحت إصرار ليبي ، ووافق على الانضمام إلى القيادة، إلا أن الاتفاق ما لبث أن انهار، وانتقدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ؛ لأنها لم تكن موحدة حقيقية، ودعت مرة أخرى إلى إقامة جبهة وطنية واسعة.

وكذلك أعلنت الجبهة الشعبية الديمقراطية في ديسمبر/ كانون الأول أنها شرعت "بتجميد" علاقاتها مع قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني إلى أن يتم تحديد التنظيمات الداخلية لتلك المنظمة، لكنها ما زالت تعتبر نفسها عضواً في كافة هيئات العمل المشترك ، بما فيها قيادة الكفاح المسلح ، وحسبما ذكر زهير محسن (نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وقائد تنظيم الصاعقة) فإن الجبهة الشعبية الديمقراطية لم تقرر تجميد علاقاتها وتجميد موقفها ، إلا أنها كانت آنذاك عاجزة عن لعب دور قيادي داخل تلك المنظمة، لكن الجبهة الشعبية الديمقراطية كانت ما تزال ترغب في الحفاظ على الحماية التي توفرها لها مظلة قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني من غوائل النظام الأردني.

في العاشر من فبراير/ شباط من عام 1970 أصدرت الحكومة الأردنية تعليمات الالتزام بالقانون ، وحفظ النظام التي أريد منها حقيقة إحكام السيطرة على الفدائيين ، وتضييق الخناق عليهم، وأقلقت هذه الاشارة الاستفزازية الفصائل الفدائية، فسارعت عشر تنظيمات منها إلى مضافرة جهودها، وكثفت تعاونها، ولم تلبث، في ردها على هذه الخطوة ، ولربما في محاولة منها أيضا لتشكيل جماعة "جبهة وطنية" التي كانت دعت لانشائها الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين أن أصدرت بيانا باسم هيئة جديدة مشتركة تدعى قيادة الفدائيين الموحدة (23).

وذلك للتأكيد على وحدة الصف في مواجهة السلطات الأردنية، وانضمت لاحقاً في شهر فبراير/ شباط ذاته جماعة أخرى إلى العشرة (24)

وفي نشرة إذاعية بثها صوت فلسطين في 11 فبراير/ شباط قال المتحدث : إن هذه "القيادة الموحدة" التي تتخذ من المقر الرئيسي لقيادة لكفاح المسلح الفلسطيني مركزاً ترابط فيه سوف تتولى الإشراف على، وإدارة العمليات إذا ما تحرّكت قوات عدوة ضد الفدائيين، وسوف تصدر أوامر لجميع وحدات الفدائيين العسكرية "ليضعوا أنفسهم تحت تصرف قيادة الفدائيين الموحدة لقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني" ..

وبعدها بيومين أعلن صوت فتح أن للقيادة الموحدة الحق في إصدار تعليمات لجميع المنظمات الأعضاء، وأن تتخذ كافة الإجراءات الضرورية للحفاظ على الأمن ، وللحيلولة دون وقوع الاحتكاكات التي تفضي إلى النزاع (25).

وفي 18 فبراير/ شباط أصدرت القيادة الموحدة المنظومة الخاصة بها من تعليمات "القانون والنظام"، التي كانت مشابهة لتلك التي كان الحسين قد أصدرها في 10 فبراير/ شباط، وكان الاختلاف الرئيسي ها هنا هو أن الفدائيين وليس الأردنيون هم من سيفرض القانون والنظام.

وأوكلت القيادة الموحدة إلى قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني مهمة تنفيذ هذه التعليمات.
وبدأت على الفور الهرولة والمناورات والتحايل لاقتناص منصب ما ضمن هذه الجماعة الجديدة، وفي 18 فبراير/شباط أوردت وكالة رويترز تقريراً فحواه أن حبش قد جرى تعيينه رئيساً للجنة السياسية للقيادة الموحدة ، إلا أنه صدر نفي لهذه المعلومة عن المتحدث باسم القيادة الموحدة ، وفي 20 فبراير/شباط تم تعيين الناطق باسم منظمة التحرير الفلسطينية كمال ناصر متحدثاً باسم المنظمة الجديدة كذلك.

وشكّل تأسيس القيادة الموحدة تحدياً لقيادة فتح، لأن وضع فتح ومكانتها في هذه المنظمة كانت أقل هيمنة بكثير من سيطرتها وسطوتها على قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ، وكان إنشاء القيادة الموحدة أثناء زيارة عرفات لموسكو، ولم يعد وقتها إلى عمان حتى 21 فبراير/شباط، ويبدو من الواضح أن عرفات قد غلب على أمره في جولة المناورات هذه (26).

لكن عرفات تقبل وجود هذه النظمة الجديدة، وصرح في 23 فبراير/شباط بأنها ينبغي أن تستمر بالقيام بمهامها وأداء دورها ، وحين سئل عرفات في اليوم التالي عن العلاقة بين القيادة الموحدة وقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني قال: إنهما يكملان بعضهما بعضاً ولا تناقض بينهما (27).

وبعدها بأيام عدة (ثمة حذف هنا) بينت أن عرفات كان يرغب في توحيد العمليات الفدائية ، وأن تتم مراجعة ودرس كل العمليات التي خطط للقيام بها خارج فلسطين.

13. اتفاق الوحدة الوطنية - مايو 1970:
رغبة منها في استدامة وجودها وترسيخ أقدامها اتخذت القيادة الموحدة بعض الخطوات ، ففي العاشر من مارس/ آذار أعلنت تشكيل لجنة وحدة وطنية ، وبدأت تدير نقاشات حول سبل تنظيم جماعة فدائية فلسطينية موحدة ، وفي 15 مارس/ آذار أعلن صوت فتح أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كانت تعقد اجتماعات في عمّان للإشراف على عمل هذه اللجنة.
وعكس هذا التصريح ما كان يساور فتح من قلق حيال مسألة الحفاظ على القيادة الموحدة وأي منظمة فدائيين مشتركة أخرى تحت حماية وعباءة منظمة التحرير الفلسطينية ، بحيث تستطيع فتح الإبقاء على هيمنتها.

وتواصلت على ما يبدو المحادثات بين شتى الجماعات الفدائية على امتداد شهر أبريل / نيسان ، وقيل : إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت تحرض على تصفية منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها ، وتهيج الأجواء وتؤلب الفصائل، في حين أصرت فتح والصاعقة على الإبقاء على منظمة التحرير الفلسطينية.

وإذ توقفت النقاشات طلب إلى عبد الرزاق اليحيى أن يوضح موقف جيش التحرير الفلسطيني ، وفي 4 مايو/ أيار قدّم اليحيى مذكرة مطولة استفاض فيها ، وحدد الخطوط العريضة لهذا الموقف ، وهدد "بتصفية" المنظمات الفدائية الأصغر حجماً والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بالفعل، وتماشياً مع الخطوط العامة العريضة التي رسمها جيش التحرير الفلسطيني.

وبسط جيش التحرير الفلسطيني حججه معرباً عن وجهة نظره التي ترى في منظمة التحرير الفلسطينية السبب الجوهري والمبرر الأكبر الذي ولدت الثورة من رحمه ، لذا كان من الواجب استبقاؤها ( 28).

وكان من الحجج التي أوردها جيش التحرير الفلسطيني كذلك أن المجلس الوطني كان هو الهيئة التشريعية الرسمية للثورة، واللجنة التنفيذية هي لجنتها التنفيذية العليا ، ولم يعترض جيش التحرير الفلسطيني، على أي حال، على تحويل قيادة الفدائيين الموحدة إلى لجنة مركزية إذا استوفى شرط أن يتم إلغاء وجودها في غضون ستة أشهر لمصلحة قيام "مجلس وطني" يجسد "الوحدة الوطنية الحقيقية". وستكون مهمة اللجنة التخطيط لتوحيد الصفوف، وصهر القوى في بوتقة واحدة ، وتوحيد الشؤون المالية والإعلامية والبرامج السياسية.

وطالب جيش التحرير الفلسطيني بأنه في حال إنشاء اللجنة المركزية فلا بد أن تتألف من أعضاء في اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، وممثل رفيع المستوى عن كل فصيل عضو في هذه المنظمة، ومن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، ومن قائد جيش التحرير الفلسطيني، ومن مسؤولين آخرين من جهات عدة.

وفي مايو من عام 1970 أصدرت قيادة الفدائيين الموحدة "اتفاقية وحدة وطنية" تتضمن الخطوط العريضة التي ترشد إلى تشكيل لجنة مركزية تحل محل القيادة الموحدة ، وتكون مسؤولة أمام المجلس الوطني الفلسطيني ، وسوف تتألف اللجنة المقترحة بالشكل والطريقة التي طالب بها جيش التحرير الفلسطيني، وستضم 27 رجلاً، كما دعا البيان إلى إقامة لجنة عسكرية موحدة ، وأكد الاتفاق أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار العريض للوحدة الوطنية. ..

واشترط كذلك أن تكون القضايا التي يتم الاتفاق بشأنها جماعية ملزمة، إلا أنه في حال تعذر الوصول إلى اتفاق "تحتكم كل جماعة إلى منطقها واجتهادها في تلك المسألة" كي تكون هذه ضمانات لهذه المنظمات (يفترض أن تكون هذه المشار اليها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) التي خشيت محاولة فتح فرض إرادتها.

وكانت هذه هي العناصر الوحيدة من الاتفاقية التي تم نشرها، إلا أنه كان هناك بعض المؤشرات إلى أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد وعدت بتعليق "عملياتها الإرهابية الدولية" (29 ) وعلى الرغم من حقيقة أن قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين واصلوا في بياناتهم التأكيد على حقهم بالعمل بصورة مستقلة في ما يتعلق بالقضايا التي لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها ، ومن المحتمل أن تكون كل جماعة قد اختارت أن تفسر الاتفاقية حسبما يوائمها ويصب في مصلحتها.

14. المجلس الوطني الفلسطيني - يونيو 1970:
عقد المجلس الوطني الفلسطيني اجتماعاته مرة أخرى من 30 مايو/ أيار ولغاية 4 يونيو/ حزيران (30) وأرسلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذه المرة "ممثلاً رمزياً" (أحمد يماني، المشهور بأبي ماهر) رافضة المقاعد الثمانية المخصصة لها باعتبارها، من وجهة نظرها، غير كافية ، ومنح جيش التحرير الفلسطيني ستة مقاعد، لكن عبد الرزاق اليحيى برز بصفته الممثل الوحيد للجماعة. ..

وحضرت المؤتمر لأول مرة كل من جبهة التحرير العربية ، ومنظمة العمل لتحرير فلسطين، والمنظمة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث أرسلت كل منها مندوباً واحداً ، وشكل المجلس لجنتين، تشتغل الأولى منهما على مسألة اللجنة المركزية المقترحة، في حين تناقش الأخرى، وهي لجنة عسكرية، قضية توحيد القوى العسكرية.

وقبل المجلس الوطني الفلسطيني التوصية التي تحث على أن تعتبر اللجنة المركزية هي القيادة العليا للكفاح الفلسطيني، وأن تكون قراراتها ملزمة للمنظمات الفدائية، وستكون مهامها: متابعة قرارات المجلس، وتبني إجراءات ترمي إلى تعزيز العمل الفدائي، وتبت في كل القضايا التي يحيلها إليها المجلس الوطني الفلسطيني أو اللجنة التنفيذية.

وهكذا، وكما جرى تعريفه وتبيانه هنا، فإن اللجنة المركزية كانت عليا، إلا أنها مع ذلك، وإلى حد ما تأخذ بتوجيهات المجلس واللجنة المركزية ، وتستجيب لنهجهما، وهو موقف ملتبس يكتنفه الغموض ترك مسألة التسلسل القيادي الحقيقي تتسربل بضبابية كثيفة لا تتيح على الإطلاق حسم الأمور.

وأوصت اللجنة العسكرية برئاسة عبد الرزاق اليحيى بتشكيل قيادة عسكرية عليا لتحل محل قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني، وأن تخوّل صلاحية تدريب وتوجيه وإدارة وتحريك قوات الفدائيين والتنسيق مع نشاطاتهم، وقبل المجلس هذه التوصية.

وسوف تتألف هذه القيادة من مجلس عسكري مكون من أكبر قادة الفدائيين، ورئاسة أركان عامة يعينها المجلس، والوحدات المشتركة ستكون رسمية في القطاعات الجغرافية، على أن تتولى الأركان العامة اختيار قادة القطاع (31). كما سوف تصدر الأركان العامة مذكرات، وأما توصية اللجنة بأن تأتمر القيادة بأوامر اللجنة التنفيذية، كما تصنع مع القيادة العليا فلم يتم تبنيها (32).

رغم أن عرفات جرت تسميته ليترأس كلاً من اللجنة المركزية والقيادة العسكرية العليا فإن إقامة هذه التنظيمات الجديدة أضعفت هيمنة فتح على جهاز العمل الفدائي ، وسلبتها الكثير من عوامل القوة، ويكمن السبب وببساطة في أن العضوية في الهيئتين كانت أوسع بكثير من العضوية في اللجنة التنفيذية، لذا كان هذا الاتجاه لا ينسجم ورغبات فتح وتطلعاتها المباشرة، وأوردت التقاير أن فتح وافقت على هذه الخطوة على مضض تحت وطأة الضغوط الهائلة التي مارستها عليها الدول العربية (33) .

إلا أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم تغتبط كثيراً بهذه التطورات، ولم تسر بهذا الوضع، وحاول الممثل "الرمزي" للجبهة الشعبية أحمد يماني، الذي انتدب لحضور جلسات المجلس الوطني الفلسطيني الاحتفاظ بحق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالقيام بعمليات مستقلة، إلا أن هذا جوبه بمعارضة من قبل الأغلبية ، وفي أعقاب الاجتماعات قال ناطق باسم اللجنة المركزية : إن القيادة العسكرية الجديدة سوف تخول سلطة فرض انضباط الأعضاء الذين يقومون بأعمال غير مرخص بها، وتعتبر ضارة بالقضية، وعلى النقيض من ذلك، عرف أحمد اليماني، في مؤتمر صحافي، المهمة التي تضطلع بها القيادة العسكرية بأنها ذات طبيعة "تقنية" مقللاً بذلك من أهميتها إلى حد كبير..

وهكذا تمخض الأمر عن أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت على حق، فالجبهة التي طردت من اللجنة المركزية في سبتمبر من عام 1970 لأنها تجاهلت أمراً أصدرته اللجنة المركزية بالامتناع عن تدمير الطائرات التي اختطفتها، أعيد النظر بشأنها ، وقبلت من جديد بعد عدة أيام، وإضافة إلى ذلك وصفت اللجنة المركزية عملية الاختطاف ذاتها بأنها "رائعة ومدهشة وناجحة" على الرغم من معارضة منظمة التحرير الفلسطينية التقليدية لمثل هذه العمليات.

15. اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية :
في أعقاب إنشاء المجلس الوطني الفلسطيني لها مباشرة أصبحت اللجنة المركزية ضالعة بشكل شبه كامل في المواجهة الفدائية مع النظام الأردني، فسرعان ما أشعل صدام وقع بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجيش الأردني يوم 6 يونيو التوتر حتى وصل ذروته وأدى إلى الانفجار والمواجهة الخطرة بين الطرفين، إذ إن كلاً من متطرفي الفدائيين (وهم في الأساس تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) والمتشددين في الجيش الأردني قاوموا المحاولات التي قامت بها الحكومة والمنظمات الفدائية المعتدلة لتهدئة الوضع وإخماد الفتنة ، والتقى الملك حسين وعرفات في عدة مناسبات يومي 10 و11 واتفقا على سلسلة من عمليات وقف إطلاق النار، إلا أن اتفاقيات وقف إطلاق النار كانت سرعان ما تنهار حيث واصل الجيش الأردني قصفه العنيف لعمان بكل أنواع المدفعية، وأخذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 32 رهينة أجنبية، ورفعت سلسلة مطالب مقابل إطلاق سراحهم ، وعشية الحادي عشر من يونيو رضخ الملك حسين للعديد من المطالب الرئيسية ، وقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اليوم التالي بإطلاق سراح الرهائن (34) ..

وأصبحت اللجنة المركزية الجهة التي لها الصوت النافذ المسموع الذي يتحدث باسم الفدائيين خلال هذه الأزمة ، وفي 18 يونيو أعلنت أنها تضطلع بصلاحيات قيادات الفدائيين المشتركة كافة على اختلافها (أي القيادة الموحدة وقيادة القوات المسلحة الفلسطينية) وأنها تضع قوات هذه الجماعات تحت إمرتها وإشرافها المباشر. (ثمة حذف هنا).

(حذف آخر هنا) إلا أنه في أوائل سبتمبر قال صلاح خلف : إن "مكتباً تنفيذياً" مكوناً من سبعة أشخاص كان يدير دفة الثورة الفلسطينية الآن، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي ، وفي يونيو أناطت اللجنة المركزية بنفسها عدداً من المهام، بما فيها الحفاظ على الأمن الداخلي للمنظمات الفدائية ، وتنظيم علاقاتها مع السلطات، ومحاربة التهريب ، والحفاظ على انضباط الفدائيين بشكل كامل (35 ).

وأدارت اللجنة المركزية عملية المفاوضات مع السلطات الأردنية ومع لجنة الوساطة الرباعية التي كلفها بهذه المهمة مؤتمر قمة الرؤساء العرب في أواخر يونيو والمكونة من مسؤولي أربع دول عربية ، ورشحت اللجنة المركزية فريقاً من ستة رجال ليمثلها ، بمن فيهم عرفات وحبش وحواتمة والسرطاوي والجمعاني من الصاعقة وكمال ناصر ، وأخيراً تم التوصل إلى اتفاق وقع في 10 يوليو(36) واعترف باللجنة المركزية باعتبارها ممثلاً مسؤولاً عن الفدائيين ، لذا فسلامة الفدائيين كانت مضمونة ، وكان على الحكومة أن تستأصل "المواقف السلبية" تجاه المقاومة الفلسطينية ، وأن تحل أي منظمة "تتناقض أساليبها" مع المقاومة (37) ..

ولم تلبث الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفي غضون ساعات، حسبما أوردت التقارير أن استخفت بالحظر الذي فرض على مناورات الفدائيين داخل المدن ، وضربت به عرض الحائط.
وفي اليوم التالي أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً طرحت فيه عدة تساؤلات بشأن شتى جوانب الاتفاق ، وفي 15 يوليو اختارت اللجنة المركزية فريقاً ليشارك في تنفيذ بنود الاتفاقية ، وتكون هذا الفريق من الرجال الستة، ما عدا اليحيى الذي جرى استبداله بالسرطاوي.

والأزمة التالية التي واجهت اللجنة المركزية الجديدة جاءت مع أواخر يوليو، عندما وافقت الجمهورية العربية المتحدة على مبادرة روجرز الأمريكية لوقف إطلاق النار مع "إسرائيل ".

وشاعت أقوال بشأن الحيرة التي انتابت الفدائيين الذين باغتتهم موافقة عبد الناصر هذه ، فلم يعرفوا كيف يتصرفون حيالها ، وما السياسة التي ينبغي عليهم انتهاجها في هذا الوضع المربك ؛ لأن الانقسامات والانشقاقات في صفوف الحركة من جهة والخشية من المواجهة الضارية مع القوى الموالية لناصر من جهة أخرى جعلت الوضع ملتبساً بعد أن تلبدت آفاق المشهد بسحب كثيفة.

وفي 28 أغسطس أصدر المجلس الوطني الفلسطيني قراراً بشجب مبادرة روجرز ، ويبين أن حركة المقاومة الفلسطينية الممثلة من قبل المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة المركزية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، وأن أي شخص أو طرف يحاول التحدث باسم الفلسطينيين خارج هذا الإطار سوف يعتبر خائناً ، وشجب القرار الدعوات الزائفة التي انطلقت مؤخراً والمنادية للحكم الذاتي، ورفض الخطط الرامية إلى بث الفرقة ، وشق الصفوف ، وتقويض وحدة الشعب الفلسطيني ، وتجزئة البلاد إلى دويلات فلسطينية وأردنية ضئيلة مهينة.

وقرر المجلس الوطني الفلسطيني كذلك أنه يجب تدعيم اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية وتقويتها، وأنه ينبغي أن تتخذ هذه اللجنة كل الإجراءات الضرورية للحيلولة دون استمرار المفاوضات الجارية حالياً (37).

وطلب المجلس الوطني الفلسطيني إلى الدول العربية والتمس من حكوماتها أن تحرّر جيش التحرير الفلسطيني ، وأن تضعه تحت تصرف منظمة التحرير الفلسطينية.

16. أزمة الأردن- سبتمبر 1970 :
تصاعد التوتر في الأردن بين فصائل المقاومة الفلسطينية والحكومة الأردنية حتى قبل بداية عام 1970 إلا أن الأحداث التي قادت في نهاية المطاف إلى تفجر الأزمة تسارعت بشكل مذهل، مما يوحي بأن ثمة خطة ما، وفي 31 أغسطس من ذلك العام، وفي مواجهة الصدامات المتجددة مع السلطات الأردنية منحت اللجنة المركزية عرفات صلاحية كاملة وسلطات واسعة النطاق للإشراف على جميع العناصر الفدائية ، وإدارة دفة المقاومة ، واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية الفدائيين.
وخلال فترة القتال الذي اندلع في الأردن في سبتمبر من عام 1970 انتخبت اللجنة المركزية (لمنظمة التحرير الفلسطينية) عرفات ليكون القائد الأعلى لجميع القوات الفدائية.

وسيكون للجيشين الأشبه بالزلزال الذي أحدثته الحرب الأهلية في الأردن في سبتمبر من عام 1970 آثار بالغة الأهمية وانعكاسات خطيرة على بنية وهيكل الحركة الفدائية برمتها.
ويبدو أن النتيجة المباشرة كانت تقوية موقف عرفات وفتح ، وأما الجماعات الأشد تطرفاً (لا سيما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين) فقد تكبدت أفدح الخسائر سواء في الرجال أو العتاد ، كما وصمت السلطات الأردنية زعماء هذه المنظمات بأنهم خارجون على القانون، بل زادت على ذلك بأن صرح الملك حسين بأنه لن يتعامل مع أحد منهم بل سيتعامل مع عرفات فحسب.

وحاولت فتح بعد أزمة سبتمبر الاستفادة من قوتها المتزايدة قياساً على قوى الجماعات الراديكالية ، وذلك بالدفع باتجاه تشكيل جبهة موحدة (وستحاول فتح بالطبع جهدها للهيمنة عليها) تمارس سيطرة أوسع وأعمق على كل منظمة منفردة على حدة.
وتعرض نهج عرفات هذا الذي يسعى للتسلط والسيطرة لانتقاد شديد من قبل عصام السرطاوي قائد منظمة العمل لتحرير فلسطين في أواخر أكتوبر، وكان السرطاوي على خصام دائم مع فتح وهيمنتها على باقي التنظيمات.

واشتكى السرطاوي من أن عرفات كان يستأثر باتخاذ كل القرارات باسم الحركة الفدائية الفلسطينية من دون استشارة أحد، ومن أن اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية لم تجتمع حتى ولو مرة واحدة على امتداد أسابيع ، والنجاح الظاهر (رغم كونه مؤقتاً) لمساعي عرفات ومناوراته اتضح في منتصف نوفمبر من خلال إعلان اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن الفدائيين خططوا لاندماج رسمي بين كافة تنظيماتهم العسكرية والسياسية في "جبهة تحرير فلسطينية" واحدة...

ومما يوحي كذلك بتنامي قوة فتح ما ورد من تقارير حول أن جماعة السرطاوي (منظمة العمل لتحرير فلسطين) قد احتوتها فتح واستوعبتها في صفوفها، وربما كان هذا بالقوة أو بالتهديد باستخدام القوة، حسبما افترض المراقبون ، ومثل هذه التصرفات إضافة إلى أي اتفاقية تبرمها الجماعات الأصغر حجماً من أجل اندماج رسمي لن تتصف بالديمومة والاستمرارية إلا لفترة وجيزة، وذلك بالنظر إلى تقلب أهواء هذه الجماعات ، وتعرّض قادتها لشتى أنواع الضغوط من كافة الجهات ونزوعها إلى اتخاذ نهج مستقل ينأى بها عن هيمنة فتح.
ــــــــــــــــــ
الهوامش :
(1) ربما كان يراد بجزء من هذه الشحنة أن يذهب إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
(2) سوف نناقش في هذا الجزء من الوثائق أحزاب الأردن ولبنان وسوريا والعراق إلى حد ما، فمع إنه لم يكن يشكل حزباً في حالة تصادمية، إلا أن الحزب العراقي شارك في إنشاء تنظيم الأنصار، وأما حزب الجمهورية العربية المتحدة فلم يكن له وجود فعلي.
(3) سبق أن وردت تقارير شتى عن نوايا مزعومة تضمرها هذه الأحزاب لدعم الفدائيين، إلا أن هذه النوايا لم يتم الإفصاح عنها أبداً، ولم تتبلور قط ، وفي أبريل من عام 1968 ذكرت التقارير أن الحزب الشيوعي الأردني أصدر تعليمات لجماعته بأن تكثف الجهود جميعها ، وأن تذهب جميع التبرعات التي تجمع في السعودية لدعم القضية الفلسطينية الآن، وفي أوائل عام 1969.
(4) فيما يتعلق بهذه القضية، في حين كان الحزب الشيوعي الأردني يؤيد قرار مجلس الأمن الدولي، فإنه كان يدعم في الوقت ذاته الكفاح المسلح الفلسطيني لاسترداد الحقوق المشروعة، غير أنه لم يشرح ولم يعرف هذه الحقوق، وأظهرت النتائج التي تمخض عنها العديد من الاجتماعات الأخرى بين الحزب الشيوعي اللبناني وممثلي فتح في النصف الأول من عام 1969 أن الحزب الشيوعي اللبناني لم يجلّ موقفه بوضوح، لكن فتح ظلت حريصة على محاولة حمله على الإقدام على هذه الخطوة.
ولطالما ظل هناك تقارب على وجه العموم بين الحزبين الشيوعيين اللبناني والأردني في المواقف، إذ كان كلاهما يلتزم بخط الاتحاد السوفييتي المؤيد لناصر.
(5) قال مسؤولو الحزب الشيوعي اللبناني : إنهم في الحقيقة أقنعوا السوفييت بأن الحزب أخذ يتحول إلى جماعة منعزلة ، وأنه ينبغي أن يدعم الفدائيين، وأنهم هم الذين طرحوا مبادرة الحوار بين السوفييت والفدائيين التي أسفرت عن زيارة وفد منظمة التحرير الفلسطينية إلى موسكو في عام 1970.
(6) في خريف عام 1969 كان هناك تقرير واحد يفيد بأن السوفييت كانوا قد شرعوا بالفعل بإجراء محادثات مع حبش عبر وسيط في دمشق، وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تأمل في ذلك الوقت بأن يتمكن حبش من زيارة موسكو، إلا أن هذا لم يتطور ، ولم يبلغ درجة النضج.
(7) قال رشيدات في أكتوبر/تشرين الأول : إن الاتحاد السوفييتي قد غيّر موقفه أخيراً تجاه الفدائيين ، وأنه أصبح على استعداد لدعمهم.
(8) قال رشيدات في أكتوبر/تشرين الأول : إن الاتحاد السوفييتي قد غيّر موقفه أخيراً تجاه الفدائيين ، وأنه أصبح على استعداد لدعمهم.
(9) ثمة حذف كبير هنا
وكان الحزب الشيوعي الأردني قد شهد انشقاقاً في أوائل عام 1969، حيث نادى جناح من الحزب يقوده كل من السلفيتي ونصار بحل سلمي للقضية الفلسطينية، في حين دعا فصيل آخر يقوده الزيادين والمدانات إلى استخدام أساليب أقرب إلى انتهاج الكفاح المسلح والقتال.
في أوائل يوليو/تموز شكّلت مجموعة من الحزب موالية للصين منظمة فدائية، وفي أول بيان لهم هاجموا نصار والسلفيتي لالتقائهما مع السوفييت في مسألة الاعتراف ب "إسرائيل " والموافقة على قرار الأمم المتحدة ، ولم يكن لهذه المجموعة أي أثر على الإطلاق.
وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول أصبحت مكانة زيادين وموقفه مهيمناً، حسبما ذكرت التقارير، فرضخ الحزب وأسس ذراعاً عسكرية له .
(10 ) في بداية أبريل /نيسان طلب من أعضاء خلايا الحزب الشيوعي اللبناني التبرع لدعم عائلات الذين التحقوا بالفدائيين في جنوب لبنان ، وقيل : إن أعضاء خلايا الحزب الشيوعي اللبناني أخبروا في يوليو/تموز أنه يتوجب عليهم جميعاً الخضوع لتدريب كوماندوز في جنوب لبنان ، وقيل : إن برنامج التدريب هذا سيبدأ في الأول من يوليو/تموز ، ويتوقع أن يستمر ستة أشهر، حيث يتلقى كل واحد من الأعضاء تدريباً لمدة خمسة عشر يوما.
(11) ظل الحزب الشيوعي الأردني يعاني من الانقسامات بشأن هذا التنظيم الذي أقامه وأعلن عن إنشائه، إذ ذهبت مجموعة إلى القول : إنه ينبغي أن يكون مفتوحاً ينضم إليه أي شخص يؤمن بالماركسية اللينينية، فيما ارتأت أخرى أنه ينبغي أن يقتصر على أعضاء الحزب الشيوعي الأردني ، وأن تنحصر مهامه في حماية الوضع الداخلي للحزب الشيوعي الأردني في الأردن.
(12) شجع الصينيون على وجهة النظر هذه التي تعتبر الأنصار دمى لموسكو أنشئت لدوافع خفية، وطبقاً لأحد التقارير فإن الصينين أرسلوا حمولة من الأسلحة لفتح في ربيع 1970 امتناناً للفيتو الذي أصدرته فتح لمنح عضوية الأنصار في القيادة الموحدة للفدائيين ، وفي 17 مارس/ آذار قدمت وكالة الأنباء اليوغسلافية "تانيوغ" دعماً للانتقادات الصادرة عن فتح، بالإشارة إلى أن قوات الأنصار لا تدعم شعارات المنظمات الفدائية الأخرى الداعية لتدمير "دولة إسرائيل " وإقامة الدولة الفلسطينية.. فالأحزاب الشيوعية العربية دائما لديها موقف متطابق مع السياسة السوفييتية في الشرق الأدنى، وهي تدعم خطة تقسيم فلسطين في عام 1948.
(13) يذكر أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين دعمت الأنصار لأنها اعتقدت أنهم لا يختلفون كثيراً عنها من الناحية الأيديولوجية، والأهم تشكيل كتلة لمواجهة فتح ، وفي نهاية مارس/ آذار قال بلال الحسن أحد زعماء الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين : إن الجبهة تريد تشكيل جبهة يسار فلسطينية مع الأنصار، وستقدم هذا الاقتراح للحزب الشيوعي الأردني، وأضاف أن الجبهة الديمقراطية قبلت مجموعة ثانية من الحزب الشيوعي السوري للتدريب في قواعدها.
(14) في ذلك الوقت لم يكن لقوات الأنصار سوى قاعدتين صغيرتين في الأردن ، وفي أوائل أبريل /نيسان شوهدت مجموعة جديدة من الفدائيين تنتمي إلى قوات الأنصار في مخيمات اللاجئين في صيدا، وأشارت التقارير إلى أن بروزهم هذا وصمودهم ربما كانا بسبب أسلحتهم الحديثة وانضباطهم .
(15) تمركزت المكاتب في مخيم الوحدات في عمان، ومأدبا ومخيم البقعة وفي إربد .
(16) تبعا لما قاله ممثل العراق في مقر قوات الأنصار في عمان، خلال حديث له في أواخر يونيو فإن قوات الأنصار في تلك المرحلة لم تزل غير فعالة لأن الحزب الشيوعي الأردني لم يكن مقتنعا تماما بجاهزية القوات كحركة جماهيرية، والسوريون لم يرسلوا حتى الآن أي مقاتلين، والحزب الشيوعي اللبناني كان يرسل أعضاء للتدريب فقط، ومن ثم يقوم بسحبهم إلى جنوب البنان مرة أخرى لتشكيل قاعدة للأنصار هناك.
(17) في منتصف يوليو (يوجد حذف) قال : إن هناك قاعدة تدريب في وادي الأردن قامت بتخريج أول دفعة مكونة من 100 عنصر ، وقال : إن قوات الأنصار تعكف على تشكيل ميليشيا شعبية في بلدات أردنية ومخيمات اللاجئين لحماية الصفوف الخلفية للثورة الفلسطينية.
(18) في أواخر أبريل /نيسان قيل : إن فتح علمت أن 43 طنا من الأسلحة الخفيفة قد وصلت إلى اللاذقية ، وكانت مخصصة لقوات الأنصار في عمان.
(19) (حذف) أفاد أنه في يونيو شارك خمسة شيوعيين في هجوم في وسط الطريق بين "إسرائيل " وجنوب لبنان، في حين أفادت تقارير صحفية أن قوات الصاعقة والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين هما فقط اللتان شاركتا في الهجوم.
(20 ) بالتزامن مع المشاورات كانت هناك محاولات للتنسيق ، ففي أكتوبر/ تشرين الأول اجتمع ممثلون من قوات التحرير الفلسطينية، وفتح، والصاعقة في عمّان لمناقشة تأسيس مجلس عسكري لتنسيق العمليات ، وبينما شعرت منظمة التحرير الفلسطينية في البداية بأن تلك الجهود لا تكفي قامت كل من فتح وقوات التحرير الفلسطينية بإرسال ممثلين رفيعي المستوى ، وتبعا لأحد المصادر تم تأسيس مكتب تنسيق في أوائل نوفمبر/ تشرين الثاني في عمّان للعمل على جمع الأموال لمصلحة المنظمات الثلاث.
وفي ديسمبر/ كانون الأول أسست هذه المجموعات مجلس الطوارئ للرد على أي تهديد محتمل من الأردن، وقيل : إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سعت إلى الحصول على تمثيل فيه.
(21) أشار البديري، قائد جيش التحرير الفلسطيني، بعد الاجتماع بقليل إلى أن جيش التحرير الفلسطيني سوف يلتزم بتوجيهات اللجنة التنفيذية شرط أن تكون منسجمة مع قرارات المجلس.
(22) في يونيو/ تموز 1969 وصف "يوجد حذف" آليات إصدار البيانات العسكرية لقيادة الكفاح المسلح الفلسطيني ، وقال : إن كل عضو يقدم بيانا في مغلف مختوم حول العمليات المخططة، وعندما يتم تنفيذ العملية، يجري فتح المغلف، ويتم الإعلان بعد موافقة قيادة الكفاح الفلسطيني المسلح ، وقد أصدرت قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني عدة بيانات تنفي تورط المنظمات الأعضاء في أعمال معينة.
(23) في أواخر يناير/ كانون الأول من عام 1969 التقت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في جلسة استثنائية في عمّان ، ووافقت على إقامة قيادة موحدة في الأردن لتوجيه الكفاح المسلح في المناطق المحتلة ، ولحماية العمل الفدائي، ولم تكن هذه المجموعة بوجه خاص نشطه إلى أن جرى بعثها من رقادها وخمولها في فبراير/ شباط من عام 1970، في مواجهة تهديد أردني آخر ، ومن الملك حسين بالذات .
(24) وقعت على البيان الصاعقة ، وفتح ، والجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين ، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وقوات تحرير فلسطين ، ومنظمة فلسطين العربية، وجبهة الكفاح الشعبي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، ومنظمة العمل لتحرير فلسطين، ثم ما انضمت إلى هذه المنظمات المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين بتاريخ 22 فبراير/ شباط.
(25) في 17 فبراير/شباط أعلنت القيادة الموحدة أن جميع فصائل المقاومة ينبغي أن تراعي إلى الحد الأقصى التعليمات السياسية والعسكرية وقواعد الضبط والربط، وأنه ينبغي أن تحاط علماً بجميع الخروقات والانتهاكات ، بحيث تتمكن من فضّ النزاعات ، وإنهاء الخلافات.
(26) جرى حذف كل ما ورد في هذا الهامش من كلام (المترجم).
(27) كان من بين أولى الخطوات التي اتخذتها القيادة الموحدة إنكارها أن أياً من أعضائها قد شارك في تفجيرات 22 فبراير/شباط لمكاتب الخطوط الجوية السويسرية والنمساوية، مع إن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة كانت قد نسبت هذه العملية لنفسها.
( 28) بما أن وجود جيش التحرير الفلسطيني الرسمي مرتبط بوجود منظمة التحرير الفلسطينية كان رفض جيش التحرير الفلسطيني لأي خطة لإلغاء منظمة التحرير الفلسطينية حتمياً ولا جدال فيه.
(29) اتهمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لاحقاً عندما علقت اللجنة المركزية عضوية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يوم 12 سبتمبر، بأنها اتخذت خطوة بصورة أحادية (عمليات الاختطاف في سبتمبر) رغم حقيقة أنه في 6 مايو من عام 1970 تبنت اللجنة المركزية قراراً يمنع مثل هذه الأعمال ، وفي 15 سبتمبر أعيد قبول الجبهة الشعبية.
(30) قالت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في هذا الاجتماع : إن اجمالي ما التزمت به الدول العربية تجاه منظمة التحرير الفلسطينية بلغ نحو 13 مليون جنيه استرلينيني، حيث خصص حوالي أربعة ملايين منها لميزانية منظمة التحرير، وأما الملايين التسعة الباقية فقد رصدت للحفاظ على جيش التحرير الفلسطيني.
(31) ثمة تشابه كبير بين توصيات اللجنة والتوصيات التي كانت فتح قد اقترحتها، اللهم باستثناء تلك الرغبة التي أبدتها فتح بأن توكل قيادة القطاع إلى المنظمة الفدائية التي تتمتع بأكبر قوة في القطاع ، في الحقيقة وحين تطبيق هذا المبدأ سوف يتمخض الأمر عن تولي فتح القيادة في القطاعات كافة، لأنها كانت هي الأكبر على الدوام.
(32) ذكرت التقارير أن المجلس أنشأ أيضا لجنة فدائية أردنية لتتعامل بشكل أساسي مع تجمع سليمان النابلسي الوطني، ولجنة فدائية لبنانية، لتتعامل مع الأحزاب اللبنانية اليسارية.
(33) ثمة حذف هنا : كانت كل من الجمهورية العربية المتحدة وليبيا والجزائر والعراق والسودان والأردن وسوريا، قد مارست ضغطاً على عرفات وفتح، وكانوا جميعاً يريدون أن تمنح منظمة التحرير الفلسطينية، بهيئاتها الرسمية الحرية في إدارة شؤون الفلسطينيين المدنية والعسكرية، كما كانوا يريدون الحفاظ على عرفات بصفته قائداً، ذكرت التقارير أن السوفييت أيضا كانوا يدعمون هذه الأهداف ، وكان هناك تقرير عن أن السعودية وليبيا قد هددتا أيضا بقطع الدعم المالي لفتح إن لم يكن خطوة رسمية لتوحيد الحركة، وحتى بعد أن اتخذ هذا القرار، بين الليبيين بوضوح أنهم لن يستأنفوا مدّ يدّ العون للفدائيين، ما لم يتم اتخاذ المزيد من الخطوات باتجاه توحيد الحركة.
(34) "ثمة حذف هنا" عدلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من مطالبها إلى حد ما بعد تهديد عرفات وقادة آخرين باستخدام القوة ضد عناصرها.
(35 ) تم الإعلان يوم 2 يوليو عن خطوة إضافية ترمي إلى توحيد عمليات الفدائيين، إذ ستوقف كافة الجماعات اعتباراً من أول يوليو جمع التمويل بشكل منفرد ، وتشكل لجاناً مالية مشتركة في الأردن لجمع التمويل.
(36) اشترط الاتفاق عدم ظهور الفدائيين وهم مسلحون في الأماكن العامة، وألا يقوموا بمظاهرات في المدن، ولا يطلقوا النار في المناطق المأهولة بالسكان، وألا يستفزوا الجيش أو قوات الأمن، وألا يجروا مناورات بالذخيرة الحية في المناطق المأهولة بالسكان، وألا يحتفظوا بقواعد لهم في المدن والبلدات ، ولا يكدسوا الذخيرة والأسلحة الثقيلة في المدن والبلدات الكبرى.
(37) في تصريح له أدلى به يوم 13 يوليو، بيّن حبش أنه في حين أنه لم يكن يوافق موافقة تامة على ما توصلت إليه لجنة الدول الأربع من نتائج فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سوف تلتزم بمقررات اللجنة المركزية "بغض النظر عن وجهات نظرها الخاصة وتحفظاتها إزاء عدد من القضايا".
وأعرب حبش عن رغبته وعن تفاؤله بشأن توطيد العلاقات بين فصائل المقاومة ، وعن أمله ببناء علاقات حسنة سليمة بين فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
(38) وناشد القرار أيضا اللجنة المركزية بأن تتبنى كل خطوة في الأردن تبتغي "ضمان حماية المقاومة ضد العدوان "الإسرائيلي" وضد الخطط التي تحاك حالياً، والتي ترمي إلى تصفية المقاومة".
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت ـ متابعات الزيتونة ، نقلا عن موقع "قانون حرية المعلومات" على الانترنت
إعداد: قسم الترجمة في صحيفة الخليج الإماراتية (من 29/6/2007 حتى 20/7/2007)

المصدر :دراسات الشرق الأوسط

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 15-06-09, 04:04 PM

  رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي اساليب المخابرات الامريكية



 

اساليب المخابرات الامريكية



المقدمة.

أولت الولايات المتحدة الأمريكية اهتماما كبيرا بالوطن العربي وجعلته من اولويات استراتيجيتها نظرا لمورثه الحضاري والديني (مهد الإسلام والحضارات ومهبط الرسالات) ويحتوي على إمدادات الطاقة منابع النفط في العالم, ولموقعها الجيواستراتيجي والمتميز في العالم وتحكمها في ابرز واهم المضايق البحرية في العالم, كان يجب على أمريكا أن تولي اهتماما خاصا للوطن العربي لذا فقد عملت جاهده منذ خروجها منتصرة في الحرب العالمية الثانية على أن تتوغل في كل دوله عربية, مولية اهتمامها الأكبر نحو الدول العربية المهمة في أقطاب الصراع والتوازن الإقليمي والدولي وسباق الانتشار والتواجد في منطقة الخليج والشرق الأوسط ضمن مراحل الحرب الباردة, وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية(cia) مكنت الولايات المتحدة الأمريكية وصول اذرعها الأخطبوطية في دول الخليج العربي ومصر ولبنان وسوريا والأردن (كافة دول التماس مع الكيان الصهيوني) الحليف الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة, واستطاعت تقسيم الوطن العربي إلى رقع استراتيجية لأغراض بعيده المدى بين تفتيت وتقسيم للوطن العربي ضمن أبجديات الصراع العربي الصهيوني(بلاد الشام-بلاد الرافدين-الجزيرة العربية الخليج العربي-كتف التماس الأفريقي(مصر)-المغرب العربي الغني بثرواته) وهذا التقسيم يخضع لاعتبارات جيواستراتيجية وعسكرية, وبهذا تمكنت جميع اذرع الإخطبوط من الوصول إلى جميع الدول العربية( استراتيجية التواجد-الوصول) وخصوصا بعد الغزو الانكلوامريكي للعراق عام 2003بدعم صهيوني وتعاون عربي إقليمي لوجستي, وكما قال رئيس وزراء بريطانيا "هارولد ماكميلان" في الستينيات "أن العراق هو الجائزة الحقيقة فيما يتعلق بالاستراتيجية البريطانية في الشرق الأوسط".

نشأة وكالة الاستخبارات الامريكية.

يستعرض الباحث نشأة "وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية cia وفروعها ووسائل التجسس التي تستخدمها وتطور وولوجها إلى ألاماكن التي من المستحيل دخولها, وطالما سمعنا عن رواياتها ولم نتعمق عن ماهية هذا الجهاز الذي يجوب دول العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا ويتواجد في كل مكان على شكل هيئات ومؤسسات وواجهات رسمية مختلفة, تارة سياسيين وأخرى دبلوماسيين هيأت من العلماء ومنظومة شركات ورجال أعمال ووفود رياضية وفنية, وخلايا نائمة وأشخاص وجواسيس مأجورين يملئون بقع الأرض كجنود رخ في رقعة الشطرنج العالمية.

الاروقة المظلمة.

ما هذا الجهاز الكبير الذي روي عنه الكثير ونسمع أن فلان عميل لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أل"سي آي إيه" أو عميل للمخابرات الإنكليزية وكالة المخابرات البريطانية (gchq) وفروعها والكي جي بي المخابرات السوفيتية سابقا والمخابرات الروسية(fsb) لاحقا والمخابرات الألمانية(bnd) وغيرها, ونحن العرب نسمع بين الحين والأخر أسرار تؤكد بعد المواطن العربي عن ما ينسج في الأروقة المظلمة وخلف الكواليس وما يجري من اختراق فاضح لخصوصيتنا كدول وشعوب وإفراد والإباحية المطلقة التي تستخدمها هذه الأجهزة لتحقيق أغراضها الغير شرعيه وسط شلالات من الدماء الغزيرة التي تستنزف شعوبنا العربية وتنتهي بنا إلى مستقبل مجهول وأنفاق استراتيجية مظلمة, ليجعل من الأجنبي متحكما بنا ومسيطرا على مواردنا ومصدر قرارنا ويستثمر أموالنا لتدميرنا في ظل زمان سادت به ثورة المعلومات التي اخترقت كل شيء وحجبت على الشعوب العربية والإسلامية مما تشكل عنصر تفوق واضح في القدرات الالكترونية وتخل توازن ساحة الصراع وتحدد ملامح المراحل المقبلة على ضوء المعلومات التي تستقى من خلال المفاصل والواجهات والهيئات والمؤسسات والمواقع الدبلوماسية والآلاف الأفراد الذين يعملون في أجهزة المخابرات الأجنبية ومنهم عملاء منسوبين لامتنا وبمستويات مختلفة.

دور السفارات.

تؤدي السفارات الأمريكية دورا هاما في تسهيل مهام الوكالات (وكالة المخابرات ألمركزية الأمريكية(-nsa-fbi-cia), وتناط بهذه السفارات والقنصليات والممثليات مهام استخبارية ومهام المراقبة للحكومات وقادة الرأي وأنشطة المعارضة, ومد الجسور وإعداد التقارير ومراقبة الحركات الدينية بأنواعها, وتتابع تطورات التسليح واتجاهات كبار القادة والسعي للتواصل معهم من خلال الدورات العسكرية والتدريبية أو المناورات العسكرية(اختراق وتجنيد), لها أوكار وخلايا مخفية ونائمة تستخدم عند الحاجة لمرة واحدة مثل المناديل الورقية.

استراتيجية التعاون.

تستخدم المخابرات الأمريكية أساليب ووسائل تكنولوجية متطورة للتنصت والمراقبة والحصول على المعلومات, وتؤكد الإحصائيات العالمية الموثقة أن الولايات المتحدة الأمريكية تأتي على رأس الدول المنتجة للتقنيات المعلوماتية وبخاصة الأمنية يليها الكيان الصهيوني, ويعود التفوق الأمريكي في هذا المجال إلى استقطاب الكفاءات العلمية العربية والأجنبية وركائز الإبداع التقني على مستوى العالم ومن مختلف الجنسيات ومنحهم التسهيلات الإدارية والأموال والجنسية والامتيازات المعنوية وغيرها من المغانم الحياتية التي فشلت دولهم في تأمينها, وتمكنت من أنشاء ترسانة تقنية عالية, وساهمت وكالة المخابرات الأمريكية في دعم الكيان الصهيوني بشكل شامل في جميع حروبها وتظل أل "cia"تعمل في المنطقة لتحقيق مسعى الولايات المتحدة في وضع إمكانياتها المهولة في حماية الصهيونية(استراتيجية التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل) وفرض وجودها في الجسد العربي وتسويق لإستراتيجيتها .

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 15-06-09, 04:50 PM

  رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي النشأة



 

نشاه إدارة المخابرات المركزية الأمريكية.




كان في حوزة الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية عدد من التشكيلات والدوائر الاستخباراتية أوكلت إليها مهام مختلفة, وأكثر هذه التشكيلات أهمية إدارة المصالح ألاستراتيجية التي شغل مناصبها عدد من مدراء ووكلاء الاستخبارات المركزية مثل, دالاس, وهيلمس,وكيسي, وكبار موظفي "وكالة الاستخبارات الأمريكية"cia , وبعد تولي "هاري ترومان" سياسي أمريكي الرئاسة الثالثة والثلاثون للولايات المتحدة عام1945 ركز في بداية ولايته على تطوير الأعمال التجسسية ألاستراتيجية وتطوير دوائر استخبارات الجيش والأسطول البحري الحربي(البحرية الأمريكية) ووزارة الخارجية وكان ينطلق في تطلعاته في تطوير هذه الدوائر على خلفية تطور إمكانيات العاملين في هذه الدوائر على أعمال التجسس وقدرات التنسيق الكبيرة ما بين إدارات مخابرات الجيش وبقية الدوائر المرتبطة بوكالة المخابرات الامريكيه, والتطلع لإعادة التنظيم لكافة الهيئات الاستخبارية والمخابراتية وتطويرها بما يتلاءم مع طموحات الرئيس "ترومان" وضرورة امتلاك الولايات المتحدة جهاز مخابرات متطور وكبير بعيدا عن النفوذ البريطاني ويلائم هوس الهيمنة على العالم .

الرئيس ترومان وفرسان الدرع و الخنجر.

ساهم الرئيس "ترومان" بشكل فعال في تطوير وتنظيم فعاليات هذه الأجهزة وقد ادخل إلى المخابرات (مركز التنسيق) الذي يخضع للبيت الأبيض مباشرة وقدم لموظفي وقادة دوائر المخابرات المركزية (القبعات السوداء) والدروع والخناجر ومنحهم لقب وشعار (فرسان الدرع والخنجر) هذا ثقافة رئيس الولايات المتحدة منذ عام 1945 وحتى 1953 الدرع والخنجر وأسلحة قراصنة البحر حيث لم تكن هناك القاعدة والحرب على الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل وتهديد الجيران وغيرها من مبررات القتل واستنزاف القدرات العربية والإسلامية التي تجري ألان في مناطق مختلفة من العالم العربي والإسلامي, وفي ظل البنية الاستخبارية الجديدة بدأ الحصول على المعلومات السيالة يوميا وبشكل منسق من الخارج, وأصبح أول من يلتقي به "ترومان" صباحا في أول يوم عمله هو مدير المخابرات المركزية والتي كانت تسمى (مجموعة المخابرات المركزية) وبنفس الوقت يحضر معه رئيس لجنة رؤساء الأركان المتحدة, واستحدث ترومان منصب أو وظيفة جديدة المساعد الخاص لشؤون المخابرات المركزية, كما واستطاعت دوائر المخابرات المركزية الاستفادة من الخبرات الألمانية في هذا المجال, واستخدمت دوائر المخابرات وسائل كثير ومختلفة في تغطية عملهم ألمخابراتي, واستخدموا طاقم أجانب لهذا الغرض وكذلك دوائر دبلوماسية, وبطاقات صحفيين,ومنهم عملوا بصفة علماء وخبراء وأعضاء بعثات ورجال أعمال ونقابين ووفود رياضية وفنيه وغيرها من أساليب التغطية والتمويه والحصانة وعند صدور صحيفة "نيويورك تايمز" لأول مره في كانون الأول عام1946 كتب الجنرال "واندربيرغ" رسالة إلى مؤسسيها "سولتسبيرغ" تحدث فيها عن مجموعه المخابرات المركزية وعملها في تنسيق نشاط الحكومة المرتبط بجمع وتحليل المعلومات عن الدول الأجنبية التي تحتاجها الولايات المتحدة لضمان أمنها القومي وأعرب عن أمله في أن مؤسسي الصحيفة سيكونون جاهزين لتقديم المساعدة في تحقيق المهام والملقاة على عاتقهم واخبره انه سيرسل ممثله لشرح برنامج مجموعه المخابرات المركزية, ولم يتأخر "سولستبيرغ" في الإجابة فكتب إلى الجنرال "واندربيرغ" (يمنكم الاعتماد دائما على مساعدة كافة العاملين هنا في نيويورك تايمز) وطرح فكره مفادها إيجاد صيغه نظامية يمكن من خلالها إرسال كل الطلبات إليه مباشره وهنا طبعا سخرت المخابرات الأمريكية الأعلام الموجه ومنه المقروء كوسيلة لجمع المعلومات وهيكلة العقل والترويج, وأولت دوائر المخابرات الأمريكية اهتماما كبيرا للرسائل السرية لمراسلي صحيفة( نيويورك تايمز ) والتي كانوا يرسلونها عن طرق السفارات الأمريكية إلى محرريها مع تأشيرة( للإطلاع ) كلمه جفرية لضرورة الإطلاع على التقارير من وجهة نظر إستخبارتية لا إعلامية وفيها معلومات سرية هامه لم يكن ممكنا نشرها في الصحف عن الأزمات السياسية الوشيكة الوقوع والمرحلية والمستقبلية والقرارات السرية المرنة.

تجنيد الاعلام.

استمر هؤلاء المراسلين في إرسال وثائق تحليلية ذات طابع توجيهي, وهذه المعلومات وحسب تصنيفها لا تقدر بثمن ولم تقتصر مهام المراسلين على المعلومات السرية فحسب بل كلفوا بمهام الحصول على تقارير تحليلية ومعلوماتية مفصلة عن البلد أو البلدان التي تعتبر أهداف اهتمام للمخابرات ( الهدف) وتطور هذا التعاون والتوظيف للصحف والعاملين فيها إلى عمل مخابراتي منظم ودقيق شمل عدد كبير من مالكي الصحف والمحررين والقنوات الفضائية وجميع وسائل الإعلام المتنوعة وتغطيتها تحت اسم الصحافة الحرة, الصحافة المستقلة ومن خلاله تم استثمار أصحاب المصانع والعلماء وغيرهم ممن يحتاج تجنيده لعمل الوكالة, ومن الاولويات والتي تستحق الاهتمام في أمريكا هو امتلاك مخابرات قوية لبسط نفوذها بقوه لتنفيذ مخططاتهم وتطلعاتهم وهوس الهيمنة على العالم.



مجلس الأمن القومي الأمريكي.



وقع "ترومان" قانون الأمن القومي في 15 أيلول 1947 والذي خصصت فيه الماده108 لتأسيس إدارة المخابرات المركزية كما وصفها القانون, ولغرض تنسيق العمل الاستخباري للوزارات والمؤسسات الحكومية لصالح الأمن القومي الأمريكي كلفت الإدارة المركزية للمخابرات الأمريكية بقيادة مجلس الأمن القومي لتنفيذ المهام ألتاليه:



أ. استشارة مجلس الأمن القومي حول قضايا النشاط الاستخباري للوزارات والهيئات الحكومية التي لها علاقة بالأمن القومي.



ب. تقديم المقترحات إلى مجلس الأمن القومي لتنسيق النشاط الاستخباري المنتشر وفق أسبقيات المعالجة وأولويات التقدير.



ج. تحليل المعلومات الاستخباراتية ومقارنتها وتقدير أهميتها وتامين وصولها وانسيابيتها إلى دوائر ومؤسسات الحكومة ذات العلاقة.



د. تنفيذ الخدمات التنظيمية للمفاصل والدوائر الاستخبارية الموجودة والتي تعتبر مصالح عامه وبقرار من مجلس الأمن القومي تتخذ تركيزا أكثر.



ه‌. تنفيذ المهام والواجبات الأخرى المتعلقة بالتجسس والتي تهم الأمن القومي وهي من مهام مجلس الأمن القومي.



توسعت وكالة المخابرات الأمريكية وانتشرت وأصبحت هذه التحديدات بصلاحياتها غير محدودة, تدل الوقائع على أن إدارة المخابرات الأمريكية ومنذ بداية تأسيسها انتهجت القرصنة الدولية وكانت الحرب الدعائية والنفسية أحدى سماتها وهي مدخل للعمليات التخريبية والمشبوهة المتورطة بها وكالة المخابرات الأمريكية في كل بقعة من العالم, واتجهت إلى خصخصة الحرب وترويج فكرة التجنيد والمرتزقة وكما نعلم أن شركات الخدمات العسكرية الخاصة( المرتزقة) ترتبط بشكل مباشر بوزارة الخارجية الأمريكية وتعتبر ثاني قوة عسكرية على ارض العراق وفقا لتعدادها وواجباتها العسكرية والأمنية المناط بها ناهيك عن الصلاحية المطلقة التي تتمتع بها والتي تفوق صلاحية جيش الاحتلال النظامي وكعنصر توازن في الصراع المستعر والمستمر بين البنتاغون والخارجية على ارض العراق .

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 15-06-09, 04:52 PM

  رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الاذن الكبرى



 

أجهزة الأمن الأمريكية





جهاز الأمن القومي (nsa) الأذن الكبرى big ear)).



أطلقت الصحافة الأمريكية في السبعينيات هذا المصطلح على اخطر جهاز امني في أمريكا وأكثرها سرية المختص بالتنصت على جميع المحادثات والمخابرات والاتصالات الجارية في جميع الدول والمؤسسات, والآن أصبح ممكنا أن نطلق عليه الأذن الكبرى لان أصبح العالم الآن بلا أسرار في ظل التطور التكنولوجي الملفت للنظر في مجال التجسس وخصوصا الالكتروني, وهناك ثلاث أجهزة للمخابرات تقوم بعملية التنصت داخل الولايات المتحدة وخارجها لكن اكبر هذه الأجهزة في عملية التنصت هو (nsa) , تم تشكيل هذا الجهاز الأمني في24/10/1952 وشكله الرئيس "ترومان" دون علم الرأي العام الأمريكي ولا حتى الكونغرس وكانت تعليمات "ترومان" قيام هذا الجهاز بالتنصت على نطاق عالمي , ويتعاون هذا الجهاز مع وكالات وأجهزة أمنية مشابهة لها في إنكلترا-نيوزلندا-استراليا ضمن نظام ضخم يدعى "أيشلون-echelon" فان نشاطها ليقتصر على الأعداء بل يمتد إلى محادثات ومكالمات دول صديقة مثل فرنسا وايطاليا وغيرها من الدول العربية وليستثني الجهاز احد من التجسس حتى المواطنين الامريكين أنفسهم.



جهاز المباحث الفدرالية(fbi) .




يقوم هذا الجهاز بمهام داخل وخارج الولايات المتحدة بالتوافق مع الأجهزة الأمنية الأخرى( ناسا- سي آي إيه)ويقوم بإعمال مختلفة جمع الأدلة الجنائية وتحليل المعلومات, ومراقبة الأهداف, تتبع الشبكات والخلايا ,القبض على المطلوبين, جمع البيانات, تقييم الوثائق- الأمن الوقائي-الآمن الداخلي للمؤسسات والدوائر الأمريكية-قضايا الفساد-جرائم القتل السياسية وغيرها من الواجبات والمهام التي تكلف بها داخل وخارج الولايات المتحدة.



وكالة الاستخبارات المركزية (cia).



يرتبط بوزارة الخارجية الأمريكية تنظيميا وتنتشر مقراته وواجهاته في جميع أنحاء العالم وخصوصا في دول الاهتمام ومناطق التأثير, ومكلف بعدة مهام داخل الولايات المتحدة وخارجها ومنها مراقبة الحكومات وقادتها السياسيين, والمنظمات الإسلامية بكل توجهاتها, وفتح قنوات الاختراق إليها, أعداد تقارير مستمرة عن الأوضاع وتتبع التسليح والأنشطة النووية, توسيع قدرات شبكاتها وتجنيد مواطني هذه الدول للعمل معها ورفدهم بالمعلومات البصرية والمشاهدة وأحداث التأثير والفعل عند الحاجة, التجسس العلني والسري على المطارات والمعسكرات ومواقع ومنصات أطلاق الصواريخ والقواعد العسكرية, تحديد أماكن ومقرات المنظمات السياسية والمقاومة, التخطيط والتنفيذ لعمليات الاغتيال المهمة ذات الأسبقية(رؤساء-قادة سياسيين-قادة عسكريين-رجال دين- قادة حركات التحرر), قمع حركات التحرر والمعارضة والمقاومة بما يتلاءم مع مصالح الولايات المتحدة , توجيه المظاهرات والمسيرات المناوئة للسلطة السياسية وفق إرادة الولايات المتحدة ووسائل الضغط على تلك الدول,التخطيط والتعاون وتسهيل التنفيذ للانقلابات السياسية والعسكرية في دول مختلفة وفق لخارطة الصراع,إذكاء الحروب الأهلية والصراعات,التصفيات الجسدية والاعتقالات والخطف,تطبيق فنون التعذيب وانتزاع الاعترافات ألقسري, تسريب وثائق أمريكية لفضح عملائها الذين انتفت الحاجة لهم, إيصال عملائها بعد تدريبهم إلى مستويات رفيعة في مصدر القرار السياسي لدول عديدة منها , تسخير كل قدراتها الكبيرة في ترصين وتقوية الوجود الصهيوني على ارض العرب, السيطرة على القنوات الفضائية والحملات الدعائية المضادة واستدراج القيادات وتشويه الحقائق ودورها الرئيس والمحوري في فضيحة الأدلة المزيفة التي روجتها لشن الحرب على العراق(-أسلحة الدمار الشامل-علاقة العراق بالقاعدة-قدرات العراق العسكرية),دورها الرئيس والمحوري إثناء غزو العراق, دورها الكبير والمحوري بعد احتلال العراق,وغيرها من الأدوار الكبيرة والخطيرة التي تقوم بها "وكالة الاستخبارات المركزية "ciaعبر ومفاصلها وواجهاتها وجواسيسها وعملائها في كافه أنحاء العالم.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 15-06-09, 04:54 PM

  رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الاساليب



 

أساليب ووسائل تجسس "وكالة الاستخبارات المركزية "cia.




تتبع "وكالة الاستخبارات المركزية "cia عدة أساليب للحصول على المعلومات بواسطة التقدم التكنولوجي والمعلوماتية والتي تتفوق به على الكثير من الدول المتقدمة في هذا المجال إضافة إلى استخدامها أساليب "التجسس الفرويدي" وزرع أجهزة التنصت والتصوير, واستخدام الواجهات المختلفة والأشخاص للتجسس البصري المرئي, وتستخدم أيضا النساء والجنس وطورت أدائها باستخدامها الواسع للأقمار الصناعية التجسسية لمتابعة وتعقب الاتصالات-نظام تحديد المواقع-gbs, وتحليلها وتتجه إلى تطوير هذه القدرة بمشاريع جديدة وبقدرة أنفاق أكثر لتسيطر على حركة العالم وتجعله تحت المراقبة المستمرة لأربع وعشرون ساعة وبتفاصيل دقيقه .



الحشرة الالكترونية بر وميس ( البر غوث الالكتروني).



تستخدم "وكالة الاستخبارات المركزية "ciaفي التجسس على الدول ودخلت هذه الحشرة الالكترونية عالم الجاسوسية والمخابرات بقوته ودقته المتناهية وأثبتت نجاحا كبيرا في الحصول على المعلومات المطلوبة ونقلها بسرعة مذهلة, كما تستطيع هذه الحشرة التي يصعب اكتشافها الحصول على المعلومات لم تتمكن الأجهزة المخابراتية الوصول إليها كتحليل الحالة النفسية للأشخاص المطلوب التجسس عليهم وخاصة الرؤساء والشخصيات المهمة.



منذ أول اكتشاف لهذه الحشرة في ألمانيا عام 1997 وكان عبارة عن مرسل صغير حيث أشار إليه العالم الألماني (أيرش شميدت ابينوم) وأعلن أن استخدام مرسل بالغ الصغر يمكن تركيبه في أي كومبيوتر يستطيع أن يرسل ما هو موجود في هذه الكومبيوترات إلى الأقمار الصناعية خلال جزء من الثانية(سرعة الإرسال) وذلك بزراعته سواء في( وحدة المعالجة المركزية أو ما يطلق عليه لوحةcup-أو في أحدى الرقائق الموجودة في اللوحة), وقد تسلمت الموساد هذه التكنولوجيات المتقدمة المسماة "بروميس" من المخابرات الأمريكية التي قامت بدورها بزرعها في الكومبيوترات التي تباع إلى الدول العربية ومن ثم استطاع الكيان الصهيوني الإطلاع على محتويات هذه الكومبيوترات بتعاون الجهازين الاستخباريين, ونشر هذا الجاسوس الالكتروني له ثلاث أهداف هي:



أ‌. الإطلاع على أرشيف أجهزة الشرطة, الاستخبارات, الجيش, الدوائر المهمة.

ب‌. مراقبة المؤسسات المالية.

ت‌. متابعة البرامج النووية في العالم.



استخدمت وسائل أكثر تطور حيث جرى تزويد الكومبيوتر( بحشرة إلكترونيه)أو ما يسمى البرغوث الذكي وهو يقوم بسحب المعلومات والأسرار من أي مكان في العالم عن طريق محطات التقاط ومنها إلى الأقمار الصناعية وأخيرا إلى قواعد التحليل التابعة للمخابرات الأمريكية والموساد وأكد احد أعضاء مخابرات الجيش الأمريكي أن شركة( أورام تريد نج ).

التجسس الفرويدي.



استخدمت المخابرات الأمريكية أيضا علماء نفس وأخصائيين نفسيين لتحليل المعلومات الخام ومعرفة الحالة النفسية للزعماء والقادة والرؤساء ذوي المساس المباشر في الصراع العربي الصهيوني, وتتلخص هذه الطريقة جمع معلومات كاملة عن الشخصية من جميع جوانبها وأهمها النفسية كالتعصب الديني والإحساس الحاد بالكرامة والكراهية وتماسك قواهم العقلية في اتخاذ القرار ويتقمص دور هذا الزعيم أو القائد أو الرئيس احد عناصر المخابرات ( سي أي إيه) وفقا لتقارير الحالتين النفسية والصحية ويبدأ التفكير بدلا منه ويتخذ عدة قرارات تتبوئيه يجري اختيار أي منهما أكثر احتمالا وأحيانا تخيب هذه النبوءات وتسمى هذه الطريقة" التجسس الفرو يدي"


التجسس بالزرع .

تستخدم هذه الطريقة من قبل الأجهزة الأمنية والمخابراتية داخل الولايات المتحدة وخارجها وتتم بزرع أجهزة تنصت وأجهزة إلكترونية دقيقة وحساسة غير مرئية وبأنواع مختلفة يصعب اكتشافها في غرف الاجتماعات والمنام والأماكن المهمة وخصوصا التطور التكنولوجي بلغ مراحل متطورة من التحديث وقدرة التمويه والاختفاء لنقل المعلومات.



الواجهات.



تجري عمليات التجسس لصالح المخابرات الأمريكية (السي أي إيه) من خلال مراكز البحوث والدراسات التي تتخصص بعمل ظاهري هو الأبحاث العلمية الحقيقة "ويتم جمع المعلومات المهمة عن المجتمعات بهدف تشريحها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لمعرفة نقاط القوه والضعف واستغلالها لمصالحهم كترويج أفكار معينة أو تغيير سلوكيات وتقاليد وهذا يدخل ضمن أسلوب الغزو القافي والعقائدي التدريجي السهل وغسيل الدماغ وهيكلة العقول, وبنفس الوقت تستطيع هذه الواجهات من التأثير على القدرة الاقتصادية لذلك البد وخططها التنموية ومعدلات نموها الاقتصادي بشكل لا يشكل خطر على القرصنة التجارية الامريكيه, ومن المؤسسات الأمريكية كمراكز بحوث تعمل وفق هذا المنهج (مؤسسات-فورد-فونديش, وهيئةadومؤسسةebik) بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الموجودة في أمريكا وتقوم بتمويل مؤسسات في الدول العربية كالوكالة الأمريكية للتنمية التي تخضع للكونغرس الأمريكي, وتنفق ملايين الدولارات سنويا على برامج مبادرة الديمقراطية لتمويل وكالات استشارية وحلقات دراسية وأوراق بحثية لجمع المعلومات عن الأحزاب والانتخابات والاتحادات والنقابات العمالية, وتمارس هذه المؤسسات عملها عن طريق توظيف القيادات البيروقراطية لتكون أداة طيعة بيدها, وكذلك استغلال الجماعات وبعض الوزارات والمراكز السياسية المعروفة بميولها الغربية وكذلك الشخصيات الإعلامية والصحفية وطريقة توجيهها لصنع الحدث وترسيخه في عقول المتابعين والمتتبعين ومنها ترسيخ ثقافة الهزيمة في عقول الشعب العربي والسعي الحثيث لتحويل كل وسائل الرفض والحرية التي يمارسها الرفض الشعبي ومنها المقاومة إلى إرهاب وغيرها أن المسميات التي يروجها الأعلام المضلل لتسويق مشروع الولايات المتحدة والصهيونية وفرض استراتيجيتها على الرأي العام الشعبي العربي والإسلامي.

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 15-06-09, 04:57 PM

  رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي الاقمار الصناعية



 

التجسس بالأقمار الصناعية مشروعF.I.A.




تطور حرب المعلومات قدراتها من خلال التقنيات المتطورة لثورة المعلومات , وضمن مشاريع السيطرة على الفضاء وحرب المعلومات يجري تطوير مشاريع مختلفة منها "مشروع التجسس F.I.A" وتتلخص فكرة المشروع على أساس الربط اللحظي بين المعلومات التي تحصل عليها ووسائل التجسس البصري في وقت واحد و وذلك في عملية تجسس متكاملة تحقق متابعة الهدف أو الأهداف المطلوب التجسس عليها على الهواء مباشرة بما يشبه البث المباشر ولكن بشكل عكسي عبر نظامين متكاملين يعتمدان على مجموعة ضخمة من الأقمار الصناعية المنتشرة في الفضاء, ويعني انه حالة التقاط أجهزة التنصت السمعية لحادثة مثيرة أو محادثة يدخل في لائحة الكمبيوتر المبرمج لمتابعتها, فانه يتم في أن واحد متابعتها بواسطة أجهزة التجسس السمعي, ويسمح هذا المشروع بتتبع ما يجري من محادثات سرية أو غير سرية تقوم بها القيادات السياسية والعسكرية في الدول المعادية والصديقة على السواء, سواء أجريت هذه المحادثات بهواتف ثابتة أو نقالة أو بواسطة أجهزة لاسلكية عسكرية أو مدنية في أي مكان في العالم, مع أمكانية تصوير القائمين بهذه المحادثات في أماكن إجرائها لحظيا, وتفيد مصادر وكالة "كاليفورنيا للتكنلوجيا والتجارة" أن الأقمار الصناعية الجديدة ستكون اصغر حجما نحو الثلثين عن الأقمار الحالية الدائرة في مداراتها ويبلغ وزن الواحد منها15-20طنا وستتخذ أوضاعا ابعد في الفضاء مما يصعب مهمة رصدها بواسطة الأجهزة العادية, وستعمل بواسطة الأشعة البصرية المباشرة أو الأشعة تحت الحمراء في أحوال الطقس الرديئة أو بواسطة الموجات الكهربائية والرادار لتكوين صورة تفصيلية دقيقة تصل إلى حوالي 15سم, ناهيك عن وجود الأقمار الصناعية الجديدة في مدارات بعيدة سيسمح لها بتصوير الأهداف لمدة أطول ولمساحة أوسع تقدر بضعف ما تقوم به أقمار التجسس الحالية, وإرسال صور واضحة للأنشطة التي تجري على الأرض بسرعة تفوق السرعة الحالية بعشرين ضعفا, ويرجع ذلك لتزويد الأقمار الجديدة بتلسكوبات قوية للغاية وأجهزة رادار غاية في الحساسية حتى تكون قادرة على التقاط صور لأي مكان في العام نهارا وليلا وفي أحوال الرؤية الرديئة, وإرسال آلاف الصور للهدف أو الأهداف المطلوبة في التوقيت المحدد, وستقوم شركة "بوينج" المتواجدة في منطقة "السيجندو" بولاية "كاليفورنيا" بمعظم أبحاث وأعمال وتطوير هذا الجيل الجديد من الأقمار التجسسية وقد بدأت بالفعل في استقدام فنيين لهذا الغرض من شركة (لوكهيد مارتن )وهي التي قامت بتصنيع إعداد كثيرة من أقمار التجسس الحالية بالإضافة لشركات أخرى تعمل في مجال تكنولوجيا الفضاء والانترنيت وأعمال التنصت الهاتفية واللاسلكية بأنواعها.



طريقة تعقب وتسجيل المكالمات بواسطة (قاموس الكلمات).

يتساءل عدد كثير عن كيفية مراجعة ودراسة تقييم وتحليل آلاف الملايين من المكالمات والمحادثات الجارية كل ساعة في العالم نظرا لما يشاع بان الهواتف والمكالمات والرسائل مراقبة, وما حجم الكادر الذي يستطيع القيام بهذه المهمة ويمكن الإجابة عليها ببساطة, التكنولوجيات المتطورة الحديثة لها دور أساسيا بالتغلب على ترهل الكادر ومتابعة المكالمات من خلال "قاموس الكلمات" حيث يكون هناك مجموعة كلمات مهمة جنائيا أو سياسيا أو عسكريا مفروزة ضمن هذا القاموس, ولكل جهة نوعية كلمات يجري التعامل بها فمثلا أن كان الهدف المطلوب مراقبته إسلاميا فهناك معجم من الكلمات التي يتعامل بها الإسلاميون يجب مراقبتها فمثلا كلمة التحية السلام عليكم - إن شاء الله - مشاء الله وغيرها من كلمات التداول للمسلمين, وغيرها من الكلمات حسب نمط تعامل الهدف واتجاهه السياسي ونوع المهام المكلف بها سواء كان رسميا دولة أو شبه رسمية منظمات أو أفراد أشخاص, وهناك عقول إلكترونية ضخمه تقوم بفرز المكالمات التي ترد فيها هذه الكلمات التي سبق واشرنا أليها في معجم الكلمات ثم يتم تسليمها إلى الكادر الفني المتخصص, وقد قامت المخابرات الألمانية(BND) بتحديث نظام مماثل أطلقت عليه اسم(AUSTIN2) يستطيع التقاط الإشارات اللاسلكية في الهواء أي حتى وان كانت الأجهزة النقالة غير مستعمله للتحدث(مقفلة) وفرز الكلمات الواردة فيها حسب معجم الكلمات الواجب مراقبته, أما وكالة المخابرات الروسية (FSB) تعمل منذ مده على مشروع مماثل يدعى مشروع(SORM) وكذلك الصين يجري فيها نظام التتبع الالكتروني ويقوم بتتبع جميع المخابرات إلي تتم عبر الانترنيت ويعزز ذلك نظام تحديد الموقعGBS.



الأجهزة الصغيرة تنجز مهام كبيرة.

انتشرت عدة وسائل وأساليب للتجسس من خلال أجهزة متطورة صغر حجمها لغرض عدم لفت النظر إليها وسهولة إخفائها أو زرعها لتحقيق التنصت المطلوب أو التصوير , وتقوم هذه الأجهزة الصغيرة جدا مهام كبيرة لإدامة تمرير عمليات التجسس بشكل كبير ومن هذه الأجهزة



أ‌. الميكروفون الليزري .

يستعمل في عمليات التنصت على المكالمات الجارية في الغرف المغلقة آذ يتم توجيه أشعة ليزر إلى نافذة من نوافذ تلك الغرفة, ولا تقتصر فعالية هذا المايكروفون الليزر على تسجيل الحوار الدائر في الغرفة بل يستطيع اقتناص أي أشارة صادره من أي جهاز الكتروني في تلك الغرفة أي تخضع كامل الغرفة تحت عملية التنصت والتجسس.



ب‌. جهازTX .

بوجود هذا الجهاز لم تعد هناك ضرورة للمخاطرة وزرع جهاز إرسال صغير داخل هاتف يراد التنصت عليه لأنه يمكن بواسطة هذا الجهاز""TX الدخول إلى خط الهاتف الصغير من بعيد دون أن يشعر احد بذلك, كما يستطيع تحويل الهاتف الموجود في الغرفة إلى جهاز إرسال ينقل جميع المكالمات التي تجري داخلها حتى لو كان ذلك الهاتف مقفولا, فهذا الجهاز يستطيع تكبير وتضخيم الذبذبات الضعيفة التي يرسلها الهاتف في حالته الاعتيادية (في حالة عدم استعماله) فيسجل جميع المحادثات الجارية في الغرفة مع غلق الهاتف وعدم استعماله,ولكي يدخل هذا الجهاز إلى أي خط هاتف يكفي إدارة الرقم لذلك الهاتف وعندما يرد يعتذر بالرقم خطأ ويتم كل شيء



ج‌. الهواتف النقالة ضمن خطة المراقبة والتصنت.

انتشرت الهواتف الخلوية النقالة بعد عام 1990 كان الاعتقاد السائد يستحيل مراقبتها والتنصت عليها, إلا أن أحدى الشركات الألمانية وهي شركة(Rode&Schwarz) استطاعت تطوير نظام أطلقت عليه اسم(IMSI-Cather) وهو مختصر ل International Mobil Subscriber Identityاستطاعت من خلاله التغلب على الصعوبات في رصد واستمكان جميع الإشارات من هذه الهواتف وقلبها إلى مكالمات مسموعة, إضافة إلى قدرة تحديد وتعقب موقع الهاتف حتى وان كان مغلقا بالتماس الحراري مع البطارية الموجودة فيه وكذلك قدرة تعقب موقع المكالمة بدقه وفي موقعها.



د. النساء.

تستخدم دوائر المخابرات الأمريكية النساء في كافة أعمالها الداخلية والخارجية والتنظيمية بل وحتى المخابراتية والبوليسية والعسكرية, وتعدت ذلك ترشيحها لمناصب سياسية ورئاسية, ويلاحظ غالبية دوائر المخابرات في العالم تستخدم النساء والجنس كأساليب معتمدة في استقاء وجمع المعلومات والاختراق والاصطياد, وهذا الأسلوب اخذ بالتعامل به في غالبية أجهزة المخابرات في العالم حتى أن إسرائيل تستخدمه بما يسمى (بيت الملذات), وهو جهاز يعتمد على تصوير المستهدفين في أوضاع مخلة لغرض تجنيدهم عن طريق ابتزازهم بهذه الصور وغالبا ما يكون المستهدفين في بيت الملذات من العرب, أذن فاستخدام الجنس قاعدة عامة معروفه في عمل دوائر المخابرات.



أجهزة المخابرات الأخرى .

هنالك أجهزة مخابرات ضخمة في العالم ومنها وكالة المخابرات البريطانية (GCHQ) وقد استحدثت مشروع جديد للتنصت ونشرته مجلة للانترنيت في ألمانيا هذا الخبر وتناولته مجلة ابزرفر البريطانية المعروفة وقالت هذا المشروع يرمي للتنصت على جميع الاتصالات التي تتم بواسطة الانترنيت والهواتف النقالة والفاكسات والاسم المختصر لهذا المشروع الاستخباري الأوربي هو(98NNFOPOI) وينتظر أن تشترك الولايات المتحدة وكندا واستراليا في هذا المشروع, وسيتم البدء به بعد الحصول على الموافقات اللازمة من برلمانات هذه الدول(يقال هكذا), وطورت المخابرات الألمانية نظام اختراق المكالمات الجارية بالهاتف النقال واستطاعت من تحديد أماكن المتحدثين بها من خلال نظام التتبع الالكترونيGBS كما طورت جهازا الكترونيا تستطيع بواسطته استخدام المايكروفون الموجود في الهاتف النقال لكي ينقل جميع الأصوات والمحادثات الجارية حوله, وسرعان ما انتقل هذا النظام الالكتروني إلى وكالتي (CIA,NSA) الأمريكيتين, ومع تطور الانترنيت ظهرت وسائل اختراق مواكبة لها من خلال برامج المحادثة , واشهرها عالميا برنامج(ICQ) الذي يعمل بمجرد تشغيل الكومبيوتر وهذا البرنامج منتج من قبل شركه صهيونية اسمها (مرابي ليس) , وقبل مده اشترت هذا البرنامج شركة " اون لاين"(ONLINE) الامريكيه بمبلغ(300) مليون دولار, وهنالك أكثر من مائتي ألف شخص يستخدمون هذا البرنامج والذي يمكن تبادل الملفات وتكمن في هذا التوضيح سر البرنامج(إذا ما أرسل لك أي شخص يريد السيطرة على الكومبيوتر الخاص بك ملفا ما وتقوم باستلامه حتى يصبح كومبيوترك عبدا خاضعا له ومسيطرا عليه وهذا إضافة إلى ألاف القراصنة الذين يعملون في خدمة وكالة المخابرات الأجنبية في العالم أنها حرب المعلومات ووسائلها ونطاق تجسسها.

الخلاصة.

تبقى وستبقى المخابرات الأمريكية إخطبوطا له ملايين الأذرع, وفي كل زوايا وبقاع الأرض واستطاع هذا الجهاز من فرض هيمنته وسطوته على مصدر القرار الأمريكي في البيت الأبيض ويتحكم بقرارات الرئيس واعنف من مقررات وقوانين البنتاغون الكونغرس والخارجية, فهي صانعة "فورد ونيكسون وريغن وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن" وغيرهم وبنفس الوقت هي التي أخرجت "نيكسون" من البيت الأبيض بفضيحة "ووترغيت" وتدير اكبر وأضخم واخطر مشروع للتجسس على العالم بأسره وتبلغ كلفته25مليار دولار من اجل هوس قيادة العالم, وبنفس الوقت لننسى مشروع نشر شبكة الصواريخ بما يسمى المشروع الدفاعي الصاروخي الأمريكي ,NMDونشر شبكة تجسس عبر الأقمار الصناعية الصغيرة لتقوم بإعمال التنصت والتصوير الفضائي المتزامنة على جميع دول العالم وأطلق عليه هندسة صورة المستقبلF.I.A, وقد كشفت صحيفة "التايمزالبريطانية" في مقال للكاتب "بن ماكنتر" بتاريخ19/2/2001 عن بعض جوانب هذا المشروع نقلا عن صحيفة "لوس أنجلس تايمز"الأمريكية وأفادت أن الآلاف من العلماء الامريكين يعملون منذ بداية هذا العام بهدوء وسرية في بناء اكبر شبكة جديدة مترامية الإطراف من أقمار التجسس تمكن الولايات المتحدة الأمريكية من مراقبة كل أركان الكرة الأرضية بدقه بالغة على مدار اليوم, والذي يعد اكبر مشروع تجسس مخابراتي في تاريخ العالم الحديث على حد قول "لوس أنجلس تايمز" وهو ما أكده متحدث باسم "اتحاد العلماء الامريكين" وغيرها من الوسائل والطرق الخاصة بالاختراق والتنصت عن طريق الكومبيوتر والهواتف الثابتة والنقالة والتجسس الفرويدي والبرغوث الالكتروني, والكثير من الواجهات المخابراتية التي تتخذ إشكالا متنوعة مستندة على الحصانة الدبلوماسية وغيرها .

المراجع:

كتاب (وسط العاصفة) جورج تنت مدير وكالة المخابرات السابق
كتاب( أل (( CIAالكاتب أنيس الدغيدي
مقالات منشورة في صحيفة التايمز البريطانية- صحيفة لوس أنجلس تايمز الأمريكية

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 04-07-09, 09:51 AM

  رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
المنتصر
مشرف عام

الصورة الرمزية المنتصر

إحصائية العضو





المنتصر غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي المخابرات الامريكية وبطاقات التشبيس



 

المخابرات الأمريكية ترشي الأهالي لتحديد أهداف مزعومة لقصفها




بطاقات ( تشيبس).

رفضت وكالة المخابرات الأمريكية تسليم غيرها من الأجهزة الحكومية أية معلومات عن غاراتها بطائرات موجهة على شمال غرب باكستان، ورشاواها للمواطنين لتحديد أهداف مزعومة وإلقاء بطاقات "تشيبس" على بيوت يفترض أنها تؤوي عناصر من طالبان أو القاعدة، لتوجيه الطائرات لقصفها دون التحقق من صحة الشبهات. وفيما يفسر علي أنه إخفاء متعمد لعدد ضحايا غارات المخابرات الأمريكية والانتهاكات التي ترتكبها، أكد مصدر مطلع على المناقشات الدائرة في واشنطن بشأن "برنامج الغارات" هذا، أن أخصائيي المخابرات عجزوا عن الحصول على قائمة الأهداف العسكرية التي تقصفها الطائرات الموجهة دون قائد، وعواقبها الحقيقية من حيث عدد ضحاياها المدنيين ومن أتباع تنظيم القاعدة.

نسبة وتناسب.

وشرح المصدر، الذي أشترط عدم الكشف عن هويته نظرا للحساسية الشديدة التي تحيط بهذه القضية، أنهم (الأخصائيين) لم ينجحوا في الحصول على أية معلومة بشأن عواقب برنامج الغارات" في باكستان، ما جعل من المستحيل على الأجهزة والوكالات الحكومية الأخرى التحقق من نتائجها الحقيقية.
فقد دأب مسؤولون بإدارة الرئيس باراك أوباما على القول بأن هذه الغارات نجحت في قتل تسعة من 20 قائدا بتنظيم القاعدة، ولكنهم يرفضون تقديم أية بيانات عن عدد القتلى المدنيين.
لكن صحيفة "ذي نيوز" في لاهور، باكستان، نشرت في أبريل/ نيسان أرقاما حصلت عليها من مسؤولين باكستانيين، ومفادها أن عدد الضحايا الذين قتلتهم الغارات الأمريكية قد بلغ 687 مواطنا مدنيا و 14 من تنظيم القاعدة، أي بمعدل خمسة مدنيين مقابل كل قائد في القاعدة.

الطعن فى صحة البيانات الباكستانية.

وفي المقابل، نشر مركز "نيو أمريكان سيكيورتي" الموالي للمؤسسة العسكرية والمعروف بانتقاداته لإدارة أوباما حول برنامج الغارات في باكستان وإن كان لم طالب بوقفها، نشر في تقرير له أن المسؤولين الأمريكيين يطعنون في صحة البيانات الباكستانية، لكنهم يرفضون تقديم أية معلومات عنها.

التعريف الدقيق.

وفي مقابلة ، صرح ناثييل سي فيك كبير المسؤولين عن العمليات بمركز "نيو أمريكان سيكيورتي"، والمشارك في إعداد التقرير، أن المسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية يرددون في أحاديثهم الخاصة أن الغارات قتلت 300 محاربا من تنظيم القاعدة.
لكنهم يرفضون تقديم أية معلومات عن كيفية تحديد هوية قتلى القصف أو عدد المواطنين المدنيين الذين تقتلهم الغارات، وفقا لفيك، الذي شدد على ضرورة "وضع تعريف دقيق ومحدد (لمفهومهم) للأهداف ولمن ينتمي للقاعدة".

الاموال مقابل بطاقات ( تشيبس ).

ورددت وسائل إعلامية أن المخابرات الأمريكية تقدم الأموال لمواطنين باكستانيين مقابل إلقائهم بطاقات إلكترونية صغيرة (تشيبس) على الأماكن والبيوت التي يزعمون أنها تؤوي قادة بتنظيم القاعدة، بغية توجيه الطائرات لقصفها.
وأثارت هذه الممارسات العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت وكالة المخابرات وإدارة أوباما قد "عدلتا تعريفهما" لأتباع تنظيم القاعدة، بغية إخفاء الخروق والانتهاكات التي ترتكبها وتبرير استمرار عمليات القصف. وجاء دليل محدد على إغراء وكالة المخابرات الأمريكية مواطنين باكستانيين بأموال مقابل إلقاء الأجهزة الإلكترونية الصغيرة (تشبيس) على مقرات مفترضة لعناصر مزعومة من طالبان والقاعدة، وذلك على صورة تقرير بثه صحفيان من شبكة "إن بي سي" يوم 14 نيسان الأخير.
واستند التقرير إلى شريط "فيديو" تردد أن من تسجيل تنظيم طالبان، مع شاب باكستاني ، من شمال وزيرستان، يبلغ من العمر 19 عاما، تضمن اعترافاته التي أكد فيها: “لقد أعطوني 122 دولارا لإلقاء بطاقات "تشيبس" مغلفة في ورق سجائر، على بيوت طالبان والقاعدة. وقالوا لي أنني إذا فعلت ذلك جيدا، فسوف يعطونني آلاف الدولارات".
واستطرد الشاب قائلا "فكرت أنه هذا عمل سهل جدا وأن المال جيد جدا، فبدأت في إلقاء "تشيبس" هنا وهناك. كنت أعرف أن ناساً يموتون بسبب ما كنت أفعله، لكني كنت في حاجة للمال". ويعرض الشريط إعدام الشاب بالرصاص بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة.

مجرد دعاية ام حقيقة واقعة .

وعلى الرغم من ذلك، صرح مسؤول أمريكي لشبكة "إن بي سي" أن الشريط هو مجرد "دعاية متطرفة".
لكن تقريرا لصحيفة "غارديان" البريطانية في 31 أيار أشار إلى أن أهالي مقيمين بمنطقة وزيرستان، بمن فيهم تلميذ عٌرف باسم تاج محمد وزير، أكدوا أن رجال القبائل تلقوا أموالا مقابل إلقاء بطاقات "تشيبس" لمساعدة الطائرات الموجهة على القصف. فقد شرح المصدر المطلع بواشنطن في حديثه أن تقرير صحيفة "غارديان" ينطبق علي الأساليب التي أتبعتها وكالة المخابرات الأمريكية في الماضي في أفغانستان وغيرها، "فنحن نشتري المعلومات ... وندفع مقابل كل شيء".
وحذر من أن أسلوب جمع معلومات في خدمة غارات الطائرات الموجهة، لا يتضمن "أي ضمانات" على أن الأفراد المستهدفين بالقصف هم من أتباع تنظيم القاعدة أو التنظيمات المتعاملة معها.



المصدر: وكالة آي بي أس .

 

 


المنتصر

يقول احد القادة القدماء وهويخاطب جنوده . ( اذا لم تكونوا مستعدين للقتال من أجل ما تروه عزيزاً عليكم , فسوف يأخذه أحد ما عاجلا أو اَجلا , واذا كنتم تفضلوا السلام على الحرية فسوف تخسرونهما معاً , واذا كنتم تفضلوا الراحة والرخاء والسلام على العدل والحرية فسوف تخسروهما جميعا ) .

   

رد مع اقتباس

قديم 18-07-09, 07:33 PM

  رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي المخابرات الأمريكية تكشف فضائح الحرب الباردة



 

المخابرات الأمريكية تكشف فضائح الحرب الباردة


اللواء الدكتور- علي محمد رجب
مجلة كلية الملك خالد العسكرية


عرضت وكالة الاستخبارات المركزية (cia) على موقعها الإلكتروني وثائق تكشف ممارساتها المشبوهة خلال عقود الحرب الباردة، بما فيها من خططٍٍ للتجسس، ومؤامرات قتل، ومحاولات تهريب، وتجارب استخدامت فيها المخدرات، وتفاصيل مخططات اغتيال وعمليات تجسس محلية، وتسجيلات هاتفية سرية، وحوادث خطف، وإجراء تجارب واختبارات على بشر لتعديل سلوكهم، دون علمهم بذلك. وتضمّنت الوثائق التي رفع عنها الحظر، خطة لاستخدام عصابات المافيا لاغتيال الزعيم الكوبي (فيدل كاسترو)، كما تكشف الوثائق عن المدى الذي وصلت له الوكالة للتجسس على الصحفيين المنشقين، وعلى الاتحاد السوفيتي السابق.

وتندرج هذه الوثائق ضمن تقرير طالب بإعداده مدير الوكالة السابق سنة 1973م إبان فضيحة "ووترجيت"، وكانت التحقيقات الصحفية قد أشارت إلى ضلوع المخابرات الأمريكية في فضيحة التجسس على مكاتب الحزب الديموقراطي في فندق "ووترجيت"، وقد قادت هذه التحقيقات إلى استقالة الرئيس الأمريكي "ريتشارد نيكسون"، آنذاك، ورداً على هذا التحقيق، طالب المدير الأسبق للوكالة "جيمس شليزينجر" كبار المسؤولين عن العمليات بوضع تقرير عن كل العمليات الماضية والحاضرة، التي قد تتضارب مع القانون الذي يحكم هذه الوكالة، والذي يحظر عليها أن تقود عمليات تجسس داخل الولايات المتحدة.

مجوهرات العائلة

استخدام مسؤولو الوكالة مذكراتهم، لملء صفحات التقرير البالغ عددها (693) صفحة، والذي يكشف عن الممارسات غير القانونية التي وقعت بين الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وكان يشار إلى هذه الممارسات باسم (الهيكل العظمي)، ثم أطلق عليها اسم "مجوهرات العائلة"، فصارت تعرف بهذا الاسم منذ ذلك الوقت، ومعظم ما تضمنته هذه الوثائق من معلومات كان معروفاً، لكن الجديد الذي تقدمه يتعلق بالنطاق الذي تسلط عليه الضوء.

ويذكر أن أرشيف الأمن القومي الأمريكي - وهو هيئة بحوث مستقلة - قد نشر أوراقاً حصل عليها - وهي ذات صلة بالوثائق - اشتملت على تفاصيل محادثات حكومية، جرت عام 1975م، بخصوص انتهاكات الوكالة، حيث قامت بأشياء كان يتعين عليها عدم القيام بها، ومن بين تلك الأشياء التي قيل إنها تثير تساؤلات قانونية الأحداث والوقائع التالية:

*احتجاز منشق من الاتحاد السوفيتي أواسط ستينيات القرن العشرين.
*مخططات اغتيال لقادة وزعماء أجانب، بمن فيهم الزعيم الكوبي "فيدل كاسترو".
*تسجيل مكالمات هاتفية، وعمليات تجسس على الصحفيين.
*إجراء تجارب واختبارات لتغيير سلوك مواطنين أمريكيين، دون علمهم بذلك.
*التجسس على مجموعات منشقة بين عامي 1967م و 1971م.
*فتح رسائل مرسلة إلى الاتحاد السوفيتي السابق، أو واردة منه، بين عامي 1953م و 1973م، بالإضافة إلى الإطلاع على مضمون بريد مرسل إلى الصين، أو وارد منها، بين عامي 1969م و 1972م.

وتُظهر الوثائق أيضاً حجم القلق المتصاعد في أوساط إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق( فورد)، بشأن ما كان يطلق عليه (الهياكل العظمية) لوكالة (cia)، والتي كانت قد بدأت تطفو بشأنها تقارير في وسائل الإعلام. وكان (هنري كيسينجر) - وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي حينذاك - يقف ضد خطوة إجراء تحقيق بانتهاكات الوكالة، وضد حقيقة ما اعتبره إفشاء لأسرار الوكالة، ونُقل عن (كسينجر) قوله في هذا الشأن: "إن الاتهامات التي تظهر في وسائل الإعلام حول الوكالة أسوأ مما كانت عليه أيام مكارثي".

محاولة اغتيال "كاسترو" عام 1960م

جندت وكالة الاستخبارات الأمريكية (cia) عميلاً من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (fbi) السابقين، بهدف التقرب من اثنين من رجال العصابات المطلوبين، وإعطائهم أقراصاً مسمومة، بهدف تسميم الرئيس الكوبي (فيدل كاسترو) خلال السنة الأولى من تسلمه السلطة في كوبا. وقدمت الوكالة لرجلي العصابات (6) أقراص مسمومة، وحاولا طوال شهور عديدة وضعها في طعام (كاسترو)، ولكن من دون نجاح. على أن الوكالة أوقفت المحاولة بعد فشل عملية غزو كوبا في إبريل 1961م، والتي عرفت باسم عملية (خليج الخنازير)، وتمكنت من استعادة الأقراص الستة، بحسب ما أظهرت سجلاتها.

وقد وردت هذه المعلومات الجديدة عن محاولة اغتيال (كاسترو) بالسم بعد الكشف عن وثائق كانت مصنفة باعتبارها سرية، ومن المؤكد أن يلقى الكشف عن هذا المخطط لاغتيال (كاسترو) - والذي وضع في عام 1960م - عناية خاصة من قبل السلطات الشيوعية، بوصفه دليلاً أكيداً على ما درجت (هافانا) على التصريح به منذ سنوات طويلة بشأن نية الولايات المتحدة اغتيال الزعيم الكوبي، ويقول المسؤولون الشيوعيون في كوبا إنه قد جرت أكثر من (600) محاولة اغتيال موثقة ل (كاسترو) على مدى عقود.

وكان (كاسترو) قد زعم أن الرئيس الأمريكي (جورج بوش) "فوّّض وأمر" بقتله. وكانت صحيفة (غرانما)، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الكوبي، قد ذكرت في العدد الصادر في 24 يونيو 2007م "أنه بناء على أوامر من البيت الأبيض، فقد حاولت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية اغتيال (فيدل كاسترو)، وشخصيات وقيادات سابقة".

ووجدت أيضاً وثائق عديدة حول محاولات أخرى أعدتها الولايات المتحدة لاغتيال (كاسترو)، الذي وصل إلى الحكم في يناير عام 1959م، بعد الثورة التي نفذها ضد الدكتاتور (فولغينسيو باتيستا).

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 18-07-09, 07:37 PM

  رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

الأسلحة السرية للمخابرات الأمريكية

بتاريخ 4 يناير 2006م، وفي يوم من أيام الشتاء في واشنطن، استدعى الرئيس الأمريكي (جورج بوش) الملحقين الصحفيين في البيت الأبيض، وكّلفهم آنذاك أن ينقلوا إلى العالم كله رسالة تقول: "إن الولايات المتحدة لم تسمح ولن تسمح أبداً بأعمال التعذيب المزعومة التي قامت بها القوات المسلحة والأجهزة السرية للبلاد، وبخاصة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، للحصول على معلومات مفيدة ضد الإرهاب، والتي قد بدأت قبل خمس سنوات بعد التفجيرات التي استهدفت برجي التجارة العالمية في نيويورك، ووزارة الدفاع في واشنطن".

إن وكالة الاستخبارات المركزية قد طوّرت - منذ بداية فترة الحرب الباردة، التي سادت في العلاقات بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي منذ مطلع سنوات الخمسينيات في القرن الماضي - عدداً من (برامج البحث)، على أساس استخدام التعذيب الجسدي والعقلي، وصولاًًً إلى الأسلحة الكيماوية.

وكانت الوكالة قد موّلت في الخمسينيات مستوصفات أمريكية، قامت باستخدام كميات كبيرة من المخدرات لأشخاص أبرياء، يعانون من حالة إحباط نفسي، أو لمرضى عقليين، أو عرّضتهم لصدمات كهربائية، ومعاملات لا إنسانية أخرى، وكان الهدف من ذلك هو الحصول على معلومات حول (آلية تصرّف) أعداء الولايات المتحدة من الشيوعين آنذاك.

ويؤكد بعض المحللين على أنه جرى تجريب مواد قاتلة، مثل(الانثراكس)، على مستوى واسع على العدو، وأثناء الحرب الكورية في مطلع خمسينيات القرن الماضي، وعلى المساجين وأصحاب الآراء المناهضة، وكان وجود مثل هذه الأسلحة بالتحديد وراء تبرير الحرب ضد العراق في ربيع 2003م.
إن أشكال التعذيب والإذلال التي شهدها سجن (أبو غريب) وغيره في العراق، أو في عدد من بلدان أوروبا الشرقية نفسها، أو في معتقل (جوانتانامو)، ليست انحرافاً مرتبطاً بظروف استثنائية ولدتها الحرب ضد الإرهاب، وإنما هي بالأحرى سلوكيات لها جذورها، بل لها تعليماتها المحددة في كتاب دليل أعدته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

وقد لجأت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية إلى آلية متمثلة في (التحويل الاستثنائي) لمعتقليها إلى مراكز استجواب موجودة خارج إطار حماية العدالة الأمريكية. وقد جاء في تقرير يحمل عنوان: "التقنيات المحسنة للاستجواب"، أنه من المسموح اللجوء إلى الضرب على البطن في مستوى المعدة، وكذلك ترك الخاضع للاستجواب واقفًا لفترة طويلة، ولمدة قد تصل إلى (40) ساعة، وقدماه متسمرتان على الأرض.

ويؤكد بعض المراقبين على أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لجأت خلال عام 2006م إلى إبرام عقود مع العديد من الأطباء في بلدان مختلفة لحضور جلسات الاستجواب، التي حدد أشكالها دليلان صادران عن الوكالة، ويتم التذكير فيهما على أنه عندما يتم تحضير صالة الاستجواب ينبغي أولاً القيام بدراسة جيدة للإنشاءات الكهربائية كي تكون المحولات أو أجهزة تغيير قوة التيار الأخرى جاهزة في لحظة الشروع بالصدمات الكهربائية.
ويتم التحذير من إمكانية أن يؤدي الألم الجسدي الحاد إلى القيام باعترافات كاذبة، ولذلك، ينبغي حساب حدة الألم المثار بدقة، وبالتالي، فإنه من الأفضل حضور طبيب، ويمكن للمخدرات أن تكون فعالة من أجل التغلب على المقاومة التي لم تنجح التقنيات الأخرى في قهرها. ويجب أن تؤخذ بالحسبان شخصية الخاضع للاستجواب، وكمية الجرعة، ومدتها، والأشخاص الذين يسحقهم الإحساس بالعار، والإحساس بالذنب، قد يستجيبون بسهولة لإراحة ضمائرهم بواسطة المخدرات.

إن سجن (جوانتانامو) يعج بالسجناء الأفغان أو الباكستانيين، الذين جرى اعتقالهم من دون أسباب جدية، وهم في أغلب الأحيان رجال وشى بهم أشخاص يولون اهتماماً أكبر بالمكافأة المالية. ويؤكد المحامون المختصون بحقوق الإنسان أن 8% فقط من المعتقلين جرى تصنيفهم كأعضاء في تنظيم القاعدة، وأن أقل من نصفهم قاموا بأعمال معادية ضد الولايات المتحدة الأمريكية. لكن البيت الأبيض رفض القيام بأي تعليق حول ما يجري في معتقل جوانتانامو، أو في "المواقع السوداء" الأخرى، التي لا تتماشى مع إتفاقية الأمم المتحدة الموقعة عام 1984م، والتي تمنع اللجوء إلى التعذيب، والموقعة من قبل الولايات المتحدة، والتي تعرّف التعذيب بأنه: "القيام بأي عمل بدني أو معنوي يستهدف قصداً شخصاً ما من أجل الحصول منه أو من شخص آخر على معلومات أو اعترافات، ومعاقبته أو معاقبة شخص آخر لأعمال يظن باقترافها، أو ابتزازه والضغط عليه". كذلك، تمنع الاتفاقية إرسال المشبوهين إلى بلدان هناك أسبابٌ وجيهةٌ تدعو للاعتقاد بأنه سيتم تعذيبهم فيها.

وفي تقرير - أعدّه في نهاية يناير 2006م، المحامي المكلف من قبل المجلس الأوروبي للتحقيق في مسألة تحويل السجناء إلى المواقع السوداء - ذكر أن مائة شخص، على الأقل، طالتهم تلك العملية منذ عام 2004م، وقد جرى منع هذا المحامي من زيارة مواقع الاستجواب، ولذلك اكتفى في تقريره بالمعلومات التي أدلى بها شهود مستقلون.

تحويل الأسرى إلى حقول تجارب مرعبة

تكشف الوثائق التي نشرت في كتاب: "الأسلحة السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية" أن أطراف الحرب الباردة قد قطعوا الشوط كاملاً في تجهيز ترسانات هائلة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، على الرغم من إدراكهم للتأثير الوحشي لهذه الأسلحة، التي استخدمتها اليابان ضد المدنيين في الصين، واستخدمتها الولايات المتحدة في محاولة تقصير أمد الحرب الكورية، لكن المسلسل لا يتوقف عند هذا الحد، وإنما تكشف الوثائق كيف يتم تحول أسرى الحرب إلى حقل تجارب واختبارات مخيفة، بلا حدود.

ففي 17 سبتمبر 1996م، تقدم رجل متوسط العمر للمثول أمام لجنة من ممثلي الأمن القومي الأمريكي كي يدلي أمامهم بأغرب شهادة عن التجارب القاتلة التي أجريت على أسرى الحرب الأمريكيين أثناء الحرب الكورية، اسم ذلك الرجل هو (جان سينجا)، وكان الأمين العام السابق للحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي، والذي كان أيضاً مديراً للموظفين في وزارة الدفاع ببلاده، وكان قد ترك السلطات الأمريكية تنتظره ثلاث عشرة سنة كي تستمع إليه، أي إلى أن قرر الهرب إلى الغرب بعد أن أحس بأن اعتقاله قد اقترب بتهمة ارتكابه جرائم سياسية ضد الدولة. وبعد يومين فقط من هروبه، وصل إلى الولايات المتحدة ليحصل فوراً على الجنسية الأمريكية، وعلى وظيفة في أجهزة الاستخبارات.

لقد تحدث (جان سينجا) لمدة نصف ساعة أمام اللجنة الأمنية، وكان ما قاله يشكل أحد أكثر الوثائق إثارة للذهول حول الحرب الباردة. وكان مما قاله: "كنت تحت إمرة الروس عندما سمعت للمرة الأولى عن أسرى الحرب الأمريكيين والكوريين الجنوبيين الذين كان الأطباء السوفييت يستخدمونهم، ولن أزعم أنني أعرف مصير جميع سجناء الحرب المفقودين، لكنني أعرف ما حصل لعدد كبير منهم. اختصاراً أقول: إن المئات منهم جرى استخدامهم لإجراء تجارب عليهم في كوريا وفيتنام، وفي بداية الحرب الكورية تلقينا من موسكو تعليمات ببناء مستشفى عسكري في كوريا الشمالية، كان هدفه الرسمي هو معالجة جرحى الحرب، لكن ذلك لم يكن في الواقع سوى غطاء أو واجهة، حيث إن الهدف السري للغاية من بناء ذلك المستشفى كان إجراء تجارب على أسرى الحرب الأمريكيين والكوريين الجنوبيين، وكان الأطباء العسكريون يتدربون عليهم في ميدان معالجة الجروح الخطيرة، أو بتر الأعضاء، كما كان يتم استخدامهم من أجل تجريب آثار العناصر الكيميائية أو البيولوجية، أو تقدير آثار الإشعاعات الذرية".

وكان السوفييت يستخدمون الأسرى الأمريكيين أيضاً من أجل معرفة مدى قدرتهم على التحمل جسدياً ونفسياً، وكذلك لتجريب عدة أنواع من المخدرات التي تساعد على السيطرة الذهنية على الآخر، وكان على تشيكوسلوفاكيا أن تبنى أيضاً محرقة في كوريا الشمالية من أجل التخلص من الجثث بعد إجراء التجارب على أصحابها في حياتهم.

ولم يُستخدم الأمريكيون الكوريون الجنوبيون وحدهم كحقل تجارب بشرية، بل جرى أيضاً استخدام الآلاف من الأسرى السوفييت والتشيكوسلوفاكيين للغرض نفسه.

وكان الأمريكيون والكوريون الجنوبيون مهمين للمشروع السوفيتي، ذلك أنه كان من المهم فهم تأثير مختلف أنواع المخدرات والعناصر الكيميائية والبيولوجية والإشعاعات الذرية على عروق أخرى، وعلى بشر جرت تربيتهم بصورة مختلفة، وكان السوفييت يريدون أيضاً معرفة ما إذا كان هناك فرق - حسب البلد الأصلي - في قدرة الجنود على تحمّل وطأة حرب نووية ومتابعة القتال.

وكان السوفييت يفكرون جدياً بضرورة التحضير للحرب النووية، ولتطوير المخدرات والمنتجات الكيميائية، وكان ذلك يتطلب القيام بتجارب على بشر من جنسيات معادية مختلفة، وبما أن الولايات المتحدة كانت العدو الرئيس في ذلك الوقت، فإن أسرى الحرب الأمريكيين كانوا أكثر المطلوبين لإجراء التجارب عليهم.
وعند نهاية الحرب الكورية، كان هناك مئة فقط من سجناء الحرب لا يزالون بمثابة عناصر قابلة للاستخدام من جل إجراء اختبارات، ويعتقد أن الآخرين ماتوا أثناء التجارب، إذ لم توجد تقارير تدل على أنه لا يزال هناك أسرى مرضى على قيد الحياة بالمستشفى، وهذا باستثناء المئة الذين كانوا لا يزالون على قيد الحياة عند نهاية الحرب، وهؤلاء الباقون جرى تحويلهم على أربع دفعات إلى تشيكوسلوفاكيا أولاً لإجراء فحوصات طبية لهم، ثم تم إرسالهم إلى الاتحاد السوفيتي.

وأكد "جان سينجا" - الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي - وقوع الأمر نفسه في (فيتنام) و (لاوس) أثناء الحرب الفيتنامية، والفرق الوحيد هو أن تلك العمليات كانت أفضل تنظيماً، وبالتالي، أجريت التجارب على عدد أكبر من الأسرى الأمريكيين في (فيتنام) أو (لاوس) أو (الاتحاد السوفيتي) السابق، وكان يتم تنظيم عملية استلام أسرى الحرب عند استقدامهم، وتأمين أماكن لهم قبل تحويلهم إلى الاتحاد السوفيتي، حيث جرى نقلهم فيما بعد في حافلات طُليت نوافذها الزجاجية باللون الأسود، واقتيدوا إلى براغ، حيث حلوا في ثكنات عسكرية، أو مراكز أمنية أخرى، بانتظار ترحيلهم إلى الاتحاد السوفيتي السابق، وما بين عام 1961م وعام 1968م جرى نقل ما لا يقل عن (200) أسير حرب أمريكي عبر براغ إلى موسكو، وتلك العملية جرت في إطار السرية التامة، وكانت المعلومات الخاصة بها مصنفة على أنها أسرار دولة، أي أكثر من "سري للغاية"، ويعتقد أنه لم يكن في تشيكوسلوفاكيا كلها أكثر من (15) شخصاً يعرفون بنقل أسرى حرب أمريكيين إلى الاتحاد السوفيتي.


 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

قديم 18-07-09, 07:40 PM

  رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
الباسل
المديــر العـــام

الصورة الرمزية الباسل

إحصائية العضو





الباسل غير متواجد حالياً

رسالتي للجميع

افتراضي



 

سياسة "ورقة التوت"

بعد شهادة "جان سينجا" الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي، جاء دور الكولونيل الأمريكي المتقاعد "فيليب كورسو"، الذي كان مديراً لأجهزة الاستخبارات الأمريكية أثناء الحرب الكورية في القيادة الشرقية، وبعد تأكيده على أنه كان يعرف بوجود عدة قوافل من أسرى الحرب الأمريكيين في الحرب الكورية، الذين جرى تحويلهم إلى الاتحاد السوفيتي السابق، حيث مورست عليهم عمليات غسل دماغ، وارتكبت في حقهم أشنع الفظاعات، أضاف: "عند عودتي إلى الولايات المتحدة جرى تعييني في مجلس تنسيق عمليات البيت الأبيض، وفي مجلس الأمن القومي، حيث كان اهتمامي بجميع المشروعات الخاصة بأسرى الحرب الأمريكيين، وقد اكتشفت عندها أن السياسة الأمريكية منعت الانتصار في كوريا، وكانت تلك السياسة معادلة لحالة شك حقيقية، وقد صرفت جهودنا من أجل استعادة أسرانا من العدو، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي، وبعد سنوات، تحدثت عن ذلك الوضع مع وزير العدل في مكتبة، وقد شاطرني الرأي، وقد أسمينا تلك السياسة بسياسة (ورقة التوت)، وفي عام 1953م، كان هناك (500) أسير أمريكي بين مريض وجريح، على بعد (15) كيلومتراً من نقطة مبادلة السجناء، لكن لم تتم مبادلتهم أبداً".

ويضيف (فيليب كورسو) : "عندما كنت في الخدمة في القيادة الشرقية، تلقيت العديد من التقارير التي أكدت أنه جرى تحويل أسرى الحرب الأمريكيين إلى الاتحاد السوفيتي، وقد تنوعت مصادر تلك التقارير من أسرى حرب صينيين أو كوريين شماليين، وتقارير عملاء لنا، ومحاضر لوطنيين صينيين، ومن الهاربين والأسرى الأمريكيين الذين عادوا".

مخزون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية

أعدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تقارير حول المخزون الهائل الذي كان يمتلكه الاتحاد السوفيتي السابق في نهاية الحرب العالمية الثانية من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وخصوصاً في أوكرانيا، ومنطقة الأورال، والجمهوريات الإسلامية آنذاك. وقد أكدت تلك التقارير أن السوفييت كانوا قد كدسوها هناك، تحسباً لاحتمال نشوب نزاع مع الصين، وقد وجدت وثائق عديدة تعود لأجهزة الاستخبارات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت تتحدث بالتفصيل عن القدرات السوفيتية في مجال التسليح البيولوجي، وكانت أهم المختبرات السوفيتية موجودة على ضفاف نهر الفولجا. ويتحدث أحد تلك التقارير عن أنه كان يتم حقن الفئران بجراثيم الطاعون، ثم يتم قذفها بصناديق تتحطم عند ملامستها الأرض، وبذلك تتحرر الفئران لتشيع المرض على نطاق واسع.

وأكدت تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على أن الصين كانت قد كدست أيضاً كميات كبيرة من الأسلحة البيولوجية، وأطلقت برامجها في هذا الميدان منذ عام 1940م، بعد أن كانت طائرة يابانية قد ألقت كميات كبيرة من الأرز والقمح المحشوة بمادة (الانثراكس) السامة على مدينة صينية، وبعد عام فقط، كانت مدينة صينية أخرى قد عرفت المصير نفسه، ولكن هذه المرة بحبوب أرز وقمح مضمَّنة بجراثيم الطاعون، وكانت أعداد الضحايا كبيرة في الحالتين.

وأثناء الحرب العالمية الثانية، لقي الآلاف من الجنود الصينيين حتفهم بسبب جراثيم متنوعة ألقتها الطائرات المعادية، لكن لم ترد الصين على ذلك بالمثل أبداً. وعندما اندلعت الحرب الكورية كانت خشية واشنطن كبيرة بعد ذلك من أن تستخدم الصين الأسلحة البيولوجية تلك المرة، مع التأكيد على أنه قد جرى اختبار جراثيم تؤدي للإصابة بأربعة أمراض من أجل استخدامها ضد كوريا الشمالية من قبل الأمريكيين، وهي أمراض الجمرة الخبيثة (الانثراكس)، والحمى المالطية (المتموجة)، و (الحمى التلرية) نسبة إلى منطقة تلار في كاليفورنيا، حيث ظهر المرض للمرة الأولى، (وداء الببغاء) الذي يمكن أن يصيب الإنسان أيضاً.
وكان تقرير قد صدر عن اللجنة العلمية الدولية للتحقيق في الوقائع الخاصة بالأسلحة الجرثومية في كوريا والصين - وهو تقرير منشور عام 1952م، ويتألف من (700) صفحة - قد وصل إلى نتيجة مفادها أن السكان الصينيين والكوريين جرى استهدافهم بالفعل بأسلحة جرثومية. كما أن ذلك التقرير تضمن قائمة بالأسلحة التي جرى استخدامها ضد كوريا الشمالية، وكان من أكثر الأسلحة استخداماً أقلام تحوي حبراً ملوثاً بالجراثيم المسببة للأمراض، وأيضاً ريش مغطَّى (بالانثراكس) (جرثومة الجمرة الخبيثة)، وبراغيث، وقمل، وذباب، تحمل كلها جراثيم الطاعون، والحمى الصفراء.

لندن على الخط

كان العالم الأمريكي (فرانك ولسون) قد قام بعدة أسفار إلى بريطانيا كي يدرس النشاطات الخاصة بالتسلح البيولوجي مع الدكتور (وليام سارغان)، المسؤول البريطاني عن ذلك القطاع في إطار جهاز الاستخبارات الانجليزية (إم آي 6). وفي أحد أسفاره - بتاريخ 9 مايو 1950م - ذهب إلى قاعدة تابعة للقوات الجوية البريطانية، التي كان يستخدمها آنذاك عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات البريطاني للانطلاق إلى أوروبا.

ويروي أحد التقارير أن أحد الباحثين البريطانيين شرح ل (ولسون) أنه كان يحاول الحصول على سم رعاف من مرارة تمساح، وأنه كان ينبغي للحيوان أن يكون حياً كي يكون السم فعالاً، لذلك فكر هذا الباحث أن يسأل مخازن شهيرة في لندن، والتي رفعت شعار: (نبيع كل شيء)، عمَّا إذا كان بإمكانها أن تستورد تمساحاً له من أفريقيا، ولم يتم تنفيذ تلك الفكرة، إذ رفضها رؤساؤه بسبب ما تحمله من مخاطر، واقترح باحث آخر في مجال الكيمياء مشروع خلط نوع من الأسمنت، كان شائع الاستخدام في البناء بالاتحاد السوفيتي بمادة تجعله يتفسخ فيما بعد، وأطلع (ولسون) في بريطانيا على العديد من السموم المستخدمة من القواقع البحرية وغيرها.

وكان (ولسون) قد وصل إلى إنجلترا في مايو 1953م، حيث حصل على ترخيص يسمح له بزيارة المناطق البريطانية والفرنسية والأمريكية في برلين الغربية، والتي كان يهم بالذهاب إليها، وقد رأى هناك - في برلين - للمرة الأولى استخدام أحد اكتشافاته على المدانين بأن يكونوا حقولاً للتجارب، وواجه (ولسون)، للمرة الأولى، حقيقة ما كان يفعله، ولم يخف أنه حضر عملية قتل المدانين بالتجارب التي كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تستخدمهالتجاربها في ألمانيا، وكان يطرح على نفسه الكثير من الأسئلة، وكان بحاجة إلى من يطمئنه حيال رغبته للحديث مع رؤسائه المباشرين عما رآه. وكان (ولسون) هو النموذج الكلاسيكي للعالم المخبر الذي يرى للتو النتيجة النهائية لعمله.

وبعد إقلاع (ولسون) مباشرة إلى الولايات المتحدة من إحدى القواعد التابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية بالقرب من لندن، عمل الدكتور (سارغان) ما اعتبره واجبه، ونصح رؤساءه في الأجهزة السرية البريطانية بعدم السماح ل (ولسون) بالوصول إلى الأبحاث التي كانت تجري في مختلف المؤسسات السرية التي زارها سابقاً في بريطانيا، واعتبر (سارغان) أن (ولسون) قد أصبح شخصاً مؤهلاً للذهاب إلى وسائل الإعلام كي يكشف لها ما يجري، وأنه كان يعتبر ذلك واجباً وطنياً.

كان (سارغان) على دراية كاملة بأن التقرير الذي سوف يكتبه عن (فرانك ولسون) سوف يتم تحويله إلى رؤسائه في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وكان الأمريكيون والبريطانيون دائماً على درجة عالية من التلاحم حيال مثل هذا النوع من المشكلات.

وكان مما كتبه (سارغان) في ذلك التقرير، قوله: "إن (ولسون) كان مشوشاً بعمق مما رآه في أقبية وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في ألمانيا، وهناك عناصر مختلفة تدل على أنه لم يكن ينوي الاحتفاظ بسر ما قد رآه".

وقبل عدة أسابيع فقط من موت (فرانك ولسون) في 23 نوفمبر 1953م، كان الدكتور (ستانلي غوتليب) يركز أبحاث قسمه كلها حول مادة واحدة هي (ال. اس. دي)، وكان قد اكتشف أن جرعة صغيرة جداً من ذلك المخدر يمكن أن تعطي نتائج باهرة، إذ إن الذين يأخذونه يفقدون مفهوم الزمن والمكان الذي هم فيه، ويفقدون التمييز بين الخير والشر، أي إنهم يفقدون كوابحهم، ويكثرون من مزاعمهم، ويقولون بصوت عالٍ ما يجول في رؤوسهم، إن رجالاً أصحاء الجسد والعقل يصبحون مجانين مؤقتاً، وكان هناك رجل جرى خلط ما يشربه بقليل من هذه المادة، فتبدى له أنه يرى قوس قزح يخرج من الأرض، ووحوشاً تنبثق من الجدران، ثم سقط على الأرض وهو يصرخ ويقول: "إنني مستعد للاعتراف بأي شيء كي يتوقف ذلك".

هذه النتائج دفعت الدكتور (غوتليب) للتفكير بأنه قد ينبغي استخدام مادة (LSD)، في حالة (ولسون)، أي اعتباره (حقل تجارب)، إذ قد يمكن بذلك التعرف بسهولة أكبر على استعداداته، وقد جاء فى إحدى الوثائق أنه في مطلع نوفمبر 1953م، أخبروا (ولسون) أن عليه حضور ندوة مدتها ثلاثة أيام، حيث سيتم نقاش آخر التطورات التي وصل إليها مشروع الأسلحة السرية، وفي يوم 18 من ذلك الشهر، توجه إلى حيث سيتم عقد الندوة، وكان عدد الحضور حوالي اثني عشر شخصاً من المعنيين بالموضوع، وكان الجميع خبراء بالاغتيال.

وفي نهاية اليوم الأول، وعند العشاء أصر (غوتليب) - وهو خبير في عمليات الاغتيال - على أن يجلس (ولسون) بجانبه، وكان شديد اللطف معه، ثم عندما فرغوا من الطعام، دعاهم جميعاً لشرب كأس قبل الذهاب إلى النوم، وهكذا، عرف (غوتليب) النوع الذي يفضله (ولسون) ليعطيه في مساء اليوم التالي كأساً منه ممزوجاً بمادة (LSD)، وبعد عشرين دقيقة، أخذ (ولسون) يردد للجميع: "أنتم لستم سوى عصابة من الجواسيس، وينبغي علي أَلاَّ أوجه كلاماً لكم". ثم خرج وهو تحت تأثير المخدر وذهب إلى منزله، ولم يقل لزوجته عند وصوله سوى جملة واحدة، هي: "لقد كنت في عالم مختلف، وكنت مشوشاً جداً".

وفي اليوم التالي - وكان يوم أحد - أبدى (ولسون) مزاجاً أفضل، ودعته زوجته لحضور فيلم سينمائي، وكان عن رجل يناضل وحده ضد منظمة قوية، ولم يتفوه (ولسون) بكلمة واحدة عند العودة إلى المنزل، وذهب للنوم مباشرة، لينهض في صباح اليوم التالي مبكراً، ويغادر المنزل، وهو يقول لزوجته إن عليه الاهتمام بقرار حاسم، وعندما وصل إلى المكتب بادر رئيسه المباشر بقوله: "إما أن تطردونني أو أستقيل".

وفي أحد فنادق نيويورك، انتهت حياة (فرانك ولسون) ليلة 23 نوفمبر 1953م، وطويت القضية يومها على أساس أنه انتحر، إذ ألقى بنفسه من الطابق العاشر للفندق

المراجع:

- كتاب "الأسلحة السرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية"، تأليف :(غوردون توماس).
- موقع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على شبكة الإنترنت www.cnn.com.
-www.bbcarabic.com
- www.aljazeera.nnnet

 

 


الباسل

يتولى القادة العسكريون مهمة الدفاع عن الوطن ، ففي أوقات الحرب تقع على عاتقهم مسؤولية إحراز النصر المؤزر أو التسبب في الهزيمة ، وفي أوقات السلم يتحمّلون عبء إنجاز المهام العسكرية المختلفة ، ولذا يتعيّن على هؤلاء القادة تطوير الجوانب القيادية لديهم من خلال الانضباط والدراسة والتزوّد بالمعارف المختلفة بشكل منتظم ، واستغلال كافة الفرص المتاحة ، ولاسيما أن الحياة العسكرية اليومية حبلى بالفرص أمام القادة الذين يسعون لتطوير أنفسهم وتنمية مهاراتهم القيادية والفكرية

   

رد مع اقتباس

إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أجهزة, مجتمع, مختارات, وبطاقات, وثائق, وكالة, وكيف, الأمريكي.., الأمريكية, المخابرات, المدرسة, الإستخبارات, الامريكية, الامريكية؟, الاستخبارات, الباردة, التشبيس, الجواسيس, الحرب, اساليب, تجنيد, تكشف, يعمل؟, فضائح

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 

شبكـة الوان الويب لخدمات المـواقع